بسم الله الرحمن الرحيم
التماوت في الركوع
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
ففي الركوع تماوت يحسن للمصلي أن يتنبه له.
وأول صور التماوت في الركوع ترك رفع اليدين عند تكبيرة الانتقال للركوع، والسنة جاءت بهذا الرفع وهو متواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام.
عن ابن عمر رضي الله عنهما : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع).
متفق عليه
وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا رفع رأسه من الركوع) فقال: ((سمع الله لمن حمده)) فعل مثل ذلك.
أخرجه مسلم.
ومن صور التماوت مد اليدين نحو الأرض ثم وضعهما على الركبتين، والسنة أن يضع يديه مباشرة نحو الركبتين.
ومن صور التماوت حال الركوع من يركع وهو جالس على الكرسي وفي استطاعته الركوع بدون استخدام الكرسي.
قال العلامة ابن باز رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه)): ((ومن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من الركوع، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود)) اهـ.
فمن ترك الركوع مع الاستطاعة وأومأ وهو جالس أخل بركن من أركان الصلاة، يقال لمثل هذا: ارجع فصل فإنك لم تصل.
ومن صور التماوت وضع اليدين فوق الركبتين، وهناك من نزل بهما تحت الركبتين، والسنة بين السيئتين، أن تكونا على الركبتين.
عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وأبو داود في ((السنن)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن حبان في ((صحيحه)) والطبراني في ((الكبير)) والبغوي في ((شرح السنة)) والبيهقي في ((الكبرى)) و((معرفة السنن والآثار)) وصححه الألباني.
ومن صور التماوت ترك القبض باليدين على الركبتين، والاكتفاء بالوضع.
عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره).
أخرجه البخاري.
وفي رواية بلفظ: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما).
أخرجها الترمذي في ((الجامع)) وأبو داود في ((السنن)) وابن حبان في ((صحيحه)) صححه الألباني.
ومن مخالفات المصلين على الكراسي في الركوع من يستند على مساند الكرسي ويجره هذا إلى وضع يديه على فخذيه، والمشروع أن يقبض بيديه على ركبتيه.
ومن صور التماوت ضم الأصابع عند وضع اليدين على الركبتين والسنة التفريج بينها.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم للثقفي: ((فإذا قمت إلى الصلاة، فركعت، فضع يديك على ركبتيك، وفرج بين أصابعك)).
أخرجه الصنعاني في ((المصنف)) وابن حبان في ((صحيحه)) والطبراني في ((الكبير)) وحسنه الألباني.
وعن وائل بن حجر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع فرج أصابعه).
أخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) وابن حبان في ((صحيحه)) والدارقطني في ((السنن)) والطبراني في ((الكبير)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) وصححه الألباني.
ومن صور التماوت تقريب المرفقين من الجنبين والسنة المباعدة والمجافاة بينهم.
عن وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيه: (ووضع يده اليمنى على اليسرى قال: وزاد فيه شعبة مرة أخرى: فلما كان في الركوع وضع يديه على ركبتيه، وجافى في الركوع).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وفي رواية عنده (وخوى في ركوعه).
خوَّى يعني: باعد مرفقيه عن جنبيه.
قال العلامة الألباني رحمه الله في ((أصل صفة الصلاة)) : ((أخرجه كله أحمد (4/316 و 319) من طريق شعبة عن عاصم بن كُلَيب قال: سمعت أبي يحدث عنه.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم)) اهـ.
وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه).
أخرجه الترمذي في ((الجامع)) وأبو داود في ((السنن)) وابن حبان في ((صحيحه)) صححه الألباني.
قال العلامة الترمذي رحمه الله في ((الجامع)) : ((وهو الذي اختاره أهل العلم؛ أن يُجافيَ الرجل يديه عن جنبيه في الركوع والسجود)) اهـ.
وقال العلامة النووي رحمه الله في ((المجموع شرح المهذب)) : ((والحكمة في استحباب مجافاة الرجل مرفقيه عن جنبيه في الركوع والسجود أنها أكمل في هيئة الصلاة وصورتها ولا أعلم في استحبابها خلافا لأحد من العلماء)) اهـ.
ومن التماوت المصلين على الكراسي وضع اليدين – الساعد والمرفق – على الفخذين، والسنة التجافي في الركوع.
ومن التماوت في الركوع النزول بالظهر عن مستوى الاعتدال وعلى العكس العلو به والسنة الاعتدال ببسط الظهر ومده حتى لو صب عليه الماء لاستقر.
عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: (أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره).
أخرجه البخاري.
قال العلامة ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)) : ((قال: هصر ظهره: أي ثناه ثنياً شديداً في استواءٍ من رقبته ومتن ظهره لا يقوسه، ولا يتحادب فيه والطمأنينة: مصدر. والاطمأنينة: المرة الواحدة منه)) اهـ.
وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، ((فكان إذا ركع سوى ظهره، حتى لو صب عليه الماء لاستقر)).
أخرجه ابن ماجه في ((السنن)) والطبراني في ((الكبير)) وابن قانع في ((معجم الصحابة)) وابن حبان في ((صحيحه)) وصححه الألباني.
وفي حديث رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك ومكن لركوعك)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وأبو داود في ((السنن)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن حبان في ((صحيحه)) والطبراني في ((الكبير)) والبغوي في ((شرح السنة)) والبيهقي في ((الكبرى)) و((معرفة السنن والآثار)) وصححه الألباني.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع بسط ظهره وإذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة فتفاج).
أخرجه السراج في ((المسند)) ومن طريقه البيهقي في ((الكبرى)) وصحح إسناده الألباني.
ومن صور التماوت النزول بالرأس عن مستوى الاعتدال وعلى العكس الارتفاع به عن مستوى اعتدال الظهر، والسنة الاعتدال بالرأس بأن يجعله مساويًا لظهره.
عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع اعتدل، فلم ينصب رأسه، ولم يقنعه).
أخرجه النسائي في ((السنن)) والبزار في ((المسند)) وصححه الألباني.
وفي رواية عند أبي داود وصححها الألباني بلفظ: (ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع).
ومن صور التماوت عند الرفع من الركوع لا يستتم قائمًا، وهذه المخالفة توجب بطلان الصلاة، ويقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، لأن الاعتدال عند الرفع من الركوع ركن والإخلال بالركن يفسد الصلاة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا)).
متفق عليه.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((الصلاة)) (ص: 270-271) : ((وتأمل أمره بالطمأنينة في الركوع والاعتدال في الرفع منه؛ فإنه لا يكفي مجرد الطمأنينة في ركن الرفع حتى تعتدل قائمًا، فيجمع بين الطمأنينة والاعتدال)) اهـ.
وعن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك ومكن لركوعك، فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وأبو داود في ((السنن)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن حبان في ((صحيحه)) والطبراني في ((الكبير)) والبغوي في ((شرح السنة)) والبيهقي في ((الكبرى)) و((معرفة السنن والآثار)) وصححه الألباني.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((الصلاة)) (ص: 279) : ((وقوله: ((فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها)) صريح في وجوب الرفع، والاعتدال منه، والطمأنينة فيه)) اهـ.
ومن صور التماوت عند الرفع من الركوع ترك رفع اليدين، وقد صح الرفع وهو متواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام.
عن ابن عمر رضي الله عنهما : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع).
متفق عليه.
ومن التماوت عند المصلين على الكراسي، بعد الرفع من الركوع يترك يديه على ركبتيه أو على فخذيه وهو جالس، وعليه الاعتدال بهما على ما مشي عليه من قولي أهل العلم القبض بعد الركوع أو السدل؛ وأما أن يترك اليدين على الركبتين أو الفخذين فهذا خطأ ظاهر ينبغ التنبه له.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍ كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة السبت 28 ذي الحجة سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 7 أغسطس سنة 2021 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة السبت 28 ذي الحجة سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 7 أغسطس سنة 2021 ف
تعليق