إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

هل يجوز الزيادة على إحدى عشر ركعة في التراويح؟ ومسائل أخرى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [جمع] هل يجوز الزيادة على إحدى عشر ركعة في التراويح؟ ومسائل أخرى

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم؛

    (يا أيّها الّذِين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاتِهِ ولا تموتنّ إِلّا وأنْتمْ مسْلِمون)[ آل عمران:102]

    (يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذِي خلقكمْ مِنْ نفْسٍ واحِدةٍ وخلق مِنْها زوْجها وبثّ مِنْهما رِجالًا كثِيرًا ونِساءً واتّقوا اللّه الّذِي تساءلون بِهِ والْأرْحام إِنّ اللّه كان عليْكمْ رقِيبًا)[ النساء:1]

    (يا أيّها الّذِين آمنوا اتّقوا اللّه وقولوا قوْلًا سدِيدًا (70) يصْلِحْ لكمْ أعْمالكمْ ويغْفِرْ لكمْ ذنوبكمْ ومنْ يطِعِ اللّه ورسوله فقدْ فاز فوْزًا عظِيمً)[ الأحزاب:70 - 71]

    ألا وإن أصدق الحديث كلام الله تعالى ، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم؛ ، وشر الأمر محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة
    أما بعد :


    فإن مسألة الزيادة على إحدى عشرة ركعة في صلاة التراويح مما شغلت العلماء وطلبة العلم وقد أسيل فيها حبرا ليس بالقليل.

    وفي جمعي هذا لا أدعي أني سآتي بالجديد أو أني سأفصل في المسألة معاذ الله، ولكن حسبي أني أريد مدارسة هذه المسألة والجمع من هنا ومن هناك.

    وإن شاء الله سأذكر الأحاديث والآثار التي في الباب وأقوم بتخريجها ونقل من صححها إذا وجد:

    إن من الأمر المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد على احدى عشر ركعة أو ثلاثة عشر ركعة ومصداق ذلك ما رواه البخاري في كتاب التراويح باب فضل من قام رمضان قال:

    حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ: سَأَلَ عَائِشَةَ رضى الله عنها كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِى رَمَضَانَ وَلاَ فِى غَيْرِهَا عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ قَالَ: يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى.
    وهذا حديث متفق عليه رواه الإمام مسلم في صحيحه من طريق يحيى بن يحيى عن مالك به ورواه كذلك البخاري من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي وعبد الله بن مسلمة كلاهما عن مالك به ورواه الإمام مالك في موطئه رواية يحيى بن يحيى وغيره من الروايات في كتاب الصلاة باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر، وغيرهم كثير ومدار الحديث عن النجم إمام دار الهجرة مالك بن أنس الأصبحي.

    وفسرت الركعتين التي فوق الإحدى عشر براتبة العشاء حيث روى مسلم في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه قال:
    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ جَمِيعًا عَنْ هُشَيْمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُصَلِّىَ افْتَتَحَ صَلاَتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. ولا يوجد دليل صريح على ذلك.

    جاء عند أبي داود بإسناد صحيح في كتاب الصلاة باب في صلاة الليل قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ [المصري، ثقة ثبت] وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِىُّ [ثقة ثبت] قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ [ ابن وهب القرشي، ثقة حافظ] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ [ الحضرمي، وثقه الأئمة من رجال مسلم] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَيْسٍ [ثقة] قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضى الله عنها: بِكَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ قَالَتْ: كَانَ يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ وَثَلاَثٍ وَسِتٍّ وَثَلاَثٍ وَثَمَانٍ وَثَلاَثٍ وَعَشْرٍ وَثَلاَثٍ وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ وَلاَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
    وللحديث شاهد عند البخاري في كتاب التهجد باب المداومة على ركعتي الفجر قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: صَلَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا وَرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا أَبَدًا.

    وجاء عند البخاري في كتاب الأذان باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما قال:
    حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ فَأَخَذَنِى فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ: عَمْرٌو فَحَدَّثْتُ بِهِ بُكَيْرًا فَقَالَ حَدَّثَنِى كُرَيْبٌ بِذَلِكَ. ورواه مسلم كذلك وغيره
    وفي رواية أخرى عند البخاري في كتاب الوتر باب ما جاء في الوتر من طريق مالك بن أنس: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ.

    فيتبين فيما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد على الثلاثة عشر ركعة والكثير من الناس يقفون عند عدد الركعات فقط ولا يعتنون بوصف تلك الركعات وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم مع أنها معروفة عندهم ومشهورة.
    وهذا حذيفة بن اليمان يصف لنا كم كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل قال:
    وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ
    ح
    وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ
    ح
    وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الأَحْنَفِ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ:
    صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّى بِهَا فِى رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّىَ الْعَظِيمِ فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ قَامَ طَوِيلاً قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ سُبْحَانَ رَبِّىَ الأَعْلَى فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ
    قَالَ: وَفِى حَدِيثِ جَرِيرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ

    فهذه كانت صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحابة ثلاثة أيام، كما جاء في صحيح البخاري في كتاب صلاة التراويح باب فضل من قام رمضان قال:
    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِى الْمَسْجِدِ وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ مَكَانُكُمْ وَلَكِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ.
    وقال السبكي في شرح المنهاج: اعلم أنه لم يُنقل كم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليالي، هل هو عشرون أو أقل؟ نقلا عن رسالة السيوطي (المصابيح في صلاة التراويح ص19)

    وجاءت صفة هذه الصلاة في حديث عند أبي داود في سننه في كتاب شهر رمضان باب في قيام شهر رمضان قال:
    حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى هِنْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِىَ سَبْعٌ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاَحُ قَالَ: قُلْتُ مَا الْفَلاَحُ قَالَ السُّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ
    فهكذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحابته في هذه الثلاث أيام:
    اليوم الأول: حتى ذهب ثلث الليل.
    اليوم الثاني: حتى ذهب شطر الليل والشطر النصف.
    اليوم الثالث: كل الليل.
    فلو قدرنا أن العشاء على الساعة التاسعة ليلا وطلوع الفجر الصادق على الخامسة صباحا، فستكون المدة 8 ساعات،
    فيكون ثلث الليل 8 ساعات / 3 = (8*60=480) / 3 = 160 د = 2 ساعة و40 دقيقة.
    ويكون شطر الليل أو نصف الليل 8 ساعات / 2 = 4 ساعات.
    ويكون كل الليل قبيل الفجر الصادق بقليل ...

    وجاء في موطا الإمام مالك في كتاب الصلاة باب ما جاء في قيام رمضان: وَحَدَّثَنِى عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّيْرِىَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً قَالَ وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِىِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِى فُرُوعِ الْفَجْرِ.
    وكذلم روى في كتاب الصلاة باب ما جاء في قيام رمضان: وَحَدَّثَنِى عَنْ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِى رَمَضَانَ قَالَ وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فِى ثَمَانِى رَكَعَاتٍ فَإِذَا قَامَ بِهَا فِى اثْنَتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ.

    نعم من كانت صلاته احدى هذه الصفات فله الحق أن لا يزيد على إحدى عشرة ركعة وهو متبع للسنة في الوصف والكم = الوصف طولها والكم عدد ركعاتها.
    أما من المصلي الذي يتبع المساجد التي يصلى فيها بالثمن الواحد (ولا أتكلم على ما ألزم به الأئمة هذا العام من أجل الجائحة فهذه حالة خاصة)، ويتهرب بل وينزعج ويطعن فيمن يطول الصلاة مع أن الصلاة تكاد تكون فوق الساعة بقليل فقط، فاين نحن من ثلث الليل ومن نصف وكله، إنا لله وإنا إليه راجعون، نعم هنالك من المصلين من كان مقصدهم طيب ونيتهم حسنة وما فعل ذلك تكاسلا ولا تقصيرا، ولكن ظنا منهم واجنهادا أن تلك هي السنة وذلك هو الأفضل.
    فمن ظن أن الاقتصار على احدى عشرة ركعة قصيرة أنه طبق السنة فهو ظن غير صحيح، وقد حرم نفسه من الأجر الوفير...
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (272/22): والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين فإن كان فيهم احتمال لطول القيام فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين.

    وردت آيات كثيرة في كتاب الله تعالى تبين فضل المتهجدين، الذين يقضون معظم ليلهم بالسجود والركوع والقيام وتلاوة القرآن طلبا للثواب وخوفا من العقاب، كما ترغب في الاستزادة من هذا الفضل، مع بيانها لتفاوت المتهجدين في الحصول على أجر التهجد وذلك بحسب طول الوقت الذي يقضيه المتهجد، وفيها استحباب إطالة التهجد وتلاوة القرآن وإطالة القنوت.

    قال تعالى:
    (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) [الإنسان:26].
    (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) [الزمر: 9].
    (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الفرقان: 64].
    (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)) [المزمل: 1-4].
    (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ) [الإسراء: 79].
    (لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) [آل عمران: 113].

    ففضل طول التهجد يمكن تحقيقه بأحد أمرين:
    إما
    - بطول القيام والركوع والسجود مع قلة الركعات،
    وإما
    - بكثرة الركعات مع تخفيفها.

    جاء في السنة ما يدل على تفضيل طول القيام والركوع والسجود:
    وذلك فيما رواه مسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب أفضل الصلاة طول القنوت: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفْضَلُ الصَّلاَةِ طُولُ الْقُنُوتِ.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (71/23): فالنبي صلى الله عليه وسلم بين أن طول القنوت أفضل الصلاة وهو يتناول القنوت في حال السجود وحال القيام... وأن تطويل الصلاة قياما وركوعا وسجودا أولى من تكثيرها قياما وركوعا وسجودا؛ لأن طول القنوت يحصل بتطويلها لا بتكثيرها.
    عدد صلاة التراويح دراسة نقدية ... ص 15-16.

    وهنا مسألة:
    ما هي أحسن صفة قيام الليل:
    والجواب بالنسبة لليلة القدر أو العشر الأواخر فإن إحياء كل الليل هو الأحسن أما عن سائر الأيام1 فكما جاء في الحديث أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ والحديث رواه البخاري في صحيحه في كتاب التهجد باب من نام عند السحر قال:
    حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضى الله عنهما: أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا.

    فتكون المدة والتوقيت كالتالي: الليل فيه 8 ساعات = ينام (نصف الليل) 4 ساعات ويقوم ثلث الليل 2 ساعة و40 دقيقة وينام سدسه 1 ساعة و20 دقيقة، ولو جمعت الكل يعطيك ثمانية ساعات.
    ومن الصفات أن يقوم أول الليل وآخره.
    وكذلك أن يقوم آخر الليل فقط.
    وكذلك أن يقوم أول الليل فقط.

    وهنا تتفرع مسألة أخرى وهي كون المسلم قد يصلي جماعة في المسجد صلاة التراويح ثم يصلي بعدها وهو ما يسمى بالتعقيب، قال الخطابي في غريب الحديث: التعقيب أن يصلي عقب التراويح وبوب المروزي في كتابه قيام الليل بقوله باب التعقيب وهو رجوع الناس إلى المسجد بعد انصرافهم، فإن للإمام أحمد روايتان عنه:

    الأولى: الكراهة.
    الثانية: الجواز.
    قال ابن قدامة في المغني (607/2-60: فصل : فأما التعقيب ، وهو أن يصلي بعد التراويح نافلة أخرى جماعة ، أو يصلي التراويح في جماعة أخرى .
    فعن أحمد: أنه لا بأس به؛ لأن أنس بن مالك قال: ما يرجعون إلا لخير يرجونه، أو لشر يحذرونه2. وكان لا يرى به بأسا.
    وقال ابن رجب في فتح الباري (175/9):
    واختلفت الرواية عن أحمد في التعقيب في رمضان، وهو: أن يقوموا في جماعة في المسجد، ثم يخرجون منه، ثم يعودون إليه فيصلون جماعة في آخر الليل.
    وبهذا فسره أبو بكر عبد العزيز بن جعفر وغيره من أصحابنا. فنقل المروذي وغيره، عنه: لا بأس به، وقد روي عن أنس فيه.
    ونقل عنه ابن الحكم، قالَ: أكرهه، أنس يروى عنه أنه كرهه، ويروى عن أبي مجلز وغيره أنهم كرهوه، ولكن يؤخرون القيام إلى آخر الليل، كما قال عمر.
    قال أبو بكر عبد العزيز: قول محمد بن الحكم قول له قديم، والعمل على ما روى الجماعة، أنه لا بأس به. انتهى.

    وكره ذلك الحسن وقتادة وسعيد بن جبير كما في مصنف ابن أبي شيبة، وسفيان الثوري كما نقل عنه ابن رجب في فتح الباري.

    وأجاز الشيخ العثيمين ذلك كما في الشرح الممتع (4/ 67-6​.

    وهنا مسألة:
    أن التعقيبة تتعارض مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم المروي في البخاري ومسلم في صحيحيهما قال البخاري في كتاب الوتر باب ليجعل آخر صلاته وترا: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا.

    لكن جاء في جامع الترمذي وسنن ابن ماجه ومسند أحمد ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر، قال الترمذي في جامعه كتاب لاصلاة باب ما جاء لا وتران في ليلة: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ [العبدي، ثقة حافظ] حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ [التميمي، ثقة] عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مُوسَى الْمَرَئِىِّ [صدوق يدلس] عَنِ الْحَسَنِ قة] عَنْ أُمِّهِ [خيرة مولاة أم سلمة، صدوق حسن الحديث روى لها مسلم] عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَبُو عِيسَى وَقَدْ رُوِىَ نَحْوُ هَذَا عَنْ أَبِى أُمَامَةَ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
    رواه ابن ماجه بنفس السند وأحمد عن حماد به، وزاد ابن ماجه خَفِيفَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ وأحمد زاد وَهُوَ جَالِسٌ يَقْرَأُ فِيهِمَا إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ
    قال الدارقطني بعد رواية الحديث في سننه هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.

    قال ابن حزم في المحلى(415/3) المسألة رقم291 " والوتر أخر الليل أفضل، ومن أوتر أوله فحسن، والصلاة بعد الوتر جائزة، ولايعيد وتراً أخر، ولا يشفع بركعة".
    وقال النووي في "المجموع" (3/512): "إذا أوتر ثم أراد أن يصلي نافلة أم غيرها في الليل جاز بلا كراهة ولا يعيد الوتر، ودليله حديث عائشة رضي الله عنها وقد سئلت عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : " كنَّا نعدُّ له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا في الثامنة فيذكر الله ويمجده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويمجده ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد" رواه مسلم، وهو بعض حديث طويل، وهذا الحديث محمول على أنه صلى الله عليه وسلم صلى الركعتين بعد الوتر بياناً لجواز الصلاة بعد الوتر".
    وجاء في تحفة المحتاج (229/2): "ويستحب أن لا يتعمد صلاةً بعده، وأما حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالسًا، ففعله لبيان الجواز، والذي واظب عليه وأمر به جعل أخر صلاة الليل وترًا".
    وكونك تصلي في المسجد وتوتر مع الإمام ثم تذهب للبيت وتصلي ما شاء الله أن تصلي هذا الذي أشير إليه حيث لا يوجد تعمد.
    وكذلك من خاف أن لا يقوم في الليل وأوتر، ثم قدر الله أنه فطن ونشط للصلاة فليصل.
    وجواز الصلاة بعد الوتر هو مذهب أكثر العلماء من الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، وهو المشهور عند الشافعيّة، وقال به الأزواعيّ، والنخعيّ، وعلقمة، وهو ما رُوي عن أبي بكر الصّديق، وسعد، وعمّار، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم (
    صحيح فقه السنة 386/1) بتصرف.
    وقال الشيخ بن باز: لا بأس بالصلاة بعد الوتر. (https://binbaz.org.sa/fatwas/18056/ح...ة-الوتر).


    وهنا مسألتان اشار إليهما ابن حزم في كلامه السابق بقوله (ولايعيد وتراً أخر، ولا يشفع بركعة)،
    الأولى: نقض الوتر:
    وهو أن يصلي مع الإمام التراويح ويوتر معه ثم إذا أراد الصلاة افتتح صلاته بركعة حتى ينقض وتره الذي صلاة مع الإمام فتصبح شفعا ثم يصلي ما شاء الله أن يصلي وبعدها يختم صلاته بوتر آخر،
    وهذا مذهب ابن عمر واشتهر عنه، وهو مذهب عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم وبه قال أحمد في رواية قدمه في الحاوي؟، والشافعي في رواية، وهو
    وخالف في ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكان يصلي بعد الوتر مثنى مثنى ولا يعيد الوتر(كما عند المروزي في كتاب الوتر)، وخالف ذلك عمار بن ياسر، وعن ابن عباس في الذي يوتر ثم يريد أن يصلي، قال: يصلي مثنى مثنى، وأبي هريرة قال: إِذَا صَلَّيْتُ الْعِشَاءَ صَلَّيْتُ بَعْدَهَا خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أَنَامُ، فَإِنْ قُمْتُ صَلَّيْتُ مَثْنَى مَثْنَى، وَإِنْ أَصْبَحْتُ أَصْبَحْتُ عَلَى وِتْرٍ (كما عند المروزي في كتاب الوتر، وغيرهم مما ذكرهم)،
    وعائذ بن عمرو صحابي شهد بيعة الرضوان، وعائشة رضي الله عنها وكانت تقول: أوتران في ليلة؟!، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي في المشهور عنه، والمشهور من مذهب أحمد
    وطلق بن علي الحنفي رضي الله عنه فقد روى أبو داود في سننه في كتاب الوتر باب في نقض الوتر قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ [بن مسرهد الأسدي، ثقة حافظ] حَدَّثَنَا مُلاَزِمُ بْنُ عَمْرٍو [الحنفي، ثقة] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ [السميعي، ثقة] عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ [الحنفي، صدوق] قَالَ: زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِىٍّ فِى يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأَمْسَى عِنْدَنَا وَأَفْطَرَ ثُمَّ قَامَ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا بَقِىَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلاً فَقَالَ: أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ وِتْرَانِ فِى لَيْلَةٍ.
    والحديث رواه الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِى الَّذِى يُوتِرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ثُمَّ يَقُومُ مِنْ آخِرِهِ فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُمْ نَقْضَ الْوِتْرِ وَقَالُوا يُضِيفُ إِلَيْهَا رَكْعَةً وَيُصَلِّى مَا بَدَا لَهُ ثُمَّ يُوتِرُ فِى آخِرِ صَلاَتِهِ لأَنَّهُ لاَ وِتْرَانِ فِى لَيْلَةٍ وَهُوَ الَّذِى ذَهَبَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ إِذَا أَوْتَرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يُصَلِّى مَا بَدَا لَهُ وَلاَ يَنْقُضُ وِتْرَهُ وَيَدَعُ وِتْرَهُ عَلَى مَا كَانَ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِىِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِىِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَحْمَدَ وَهَذَا أَصَحُّ لأَنَّهُ قَدْ رُوِىَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَلَّى بَعْدَ الْوِتْرِ.

    تنبيه مهم:
    أرأيت لو صليت الظهر وسلمت ثم قلت أزيد ركعة للظهر أكانت لتفسد ظهرك وتبطل، الجواب: لا، خلافا لمن صلى الظهر بخمس ركعات متصلة.
    فطريقة نقض الوتر هذه هي في حقيقة الأمر هي صلاة وتر ثلاث مرات، فالسلام من الصلاة يمنع من استدامتها.

    ولنقض الوتر وتر طريقة أخرى وهي:
    وهي أنه يصلى التراويح مع الإمام ويوتر معه ولما يسلم الإمام يقوم ويزيد ركعة وهكذا يكون صلى شفعا وليس وترا، وبعد ذلك يصلى ما شاء الله أن يصلي ثم يوتر، وقد أجاز هذه الصفة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى كما في مجموع فتاويه (160/14).
    وهذا فعل مخالف للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في كتاب الأذان باب إقامة الصف من تمام الصلاة قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِى الصَّلاَةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلاَةِ. متفق عليه.
    فهذا الحديث يوجب متابعة الإمام في الصلاة كلها والسلام جزء من الصلاة.

    وروى البخاري كذلك في صحيحه في كتاب الأذان باب يسلم حين يسلم الإمام قال: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ.
    أما الزيادة على الصلاة فتكون للمتم كما جاء ذلك في صحيح البخاري في كتاب الأذان باب قول الرجل فاتتنا الصلاة قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ قَالَ فَلاَ تَفْعَلُوا إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا.
    وكذلك ما رواه أبو داود في سننه في كتاب صلاة المسافر باب متى يتم المسافر قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ح وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ وَهَذَا لَفْظُهُ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِىَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لاَ يُصَلِّى إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ.
    وغيرها من الحالات كم يصلي العشاء وراء من يصلي التراويح وهكذا.

    قال ابن مفلح في المبدع (24/2): وقال القاضي: إن لم يوتر معه لم يدخل في وتره؛ لئلا يزيد على ما اقتضته تحريمة الإمام.


    فيتحصل مما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد على إحدى عشر أو ثلاثة عشر ركعة، وكيف كانت صفة صلاتها، ويجوز الصلاة بعد الوتر بفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

    وهنا نأتي لمسألة الزيادة على هذا العدد بغض النظر قبل الوتر أو بعده، وعمدة من يزيد فوق الإحدى عشر ركعة ما رواه البخاي في صحيحه في كتاب الوتر باب ما جاء في الوتر قال:
    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِىَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى.
    قال ابن حرج: وقد تبين من الجواب، أن السؤال وقع عن عددها أوعن الفصل والوصل. (فتح الباري 478/2).
    وقال الشيخ العثيمين (
    الشرح الممتع على زاد المستقنع 4/73): «وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال: «مثنى مثنى» ولم يحدد بعدد، ومن المعلوم أن الذي سأله عن صلاة الليل، لا يعلم العدد؛ لأن من لا يعلم الكيفية، فجهله بالعدد من باب أولى.

    وما جاء في البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر قال: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُصَلِّى كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِى يُصَلُّونَ لاَ أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّى بِلَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ مَا شَاءَ غَيْرَ أَنْ لاَ تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا.

    وجاء في موطأ الإمام مالك في كتاب الصلاة باب ما جاء في قيام رمضان: وَحَدَّثَنِى عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ [الأسدي مولى آل الزبير بن العوام، ثقة] أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِى زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِى رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً، مرسل رواته ثقات،يزيد بن رومان من صغار التابعين فروايته عن عمر رضي الله عنه مرسلة.

    وجاء في مسند ابن الجعد ص1009 برقم 2926: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ [محمد بن أبي ذئب العامري، ثقة فقيه فاضل] عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ [يزيد بن عبد الله بن خصيفة ابن أخي السائب، ثقة احتج به البخاري ومسلم] عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ [صحابي صغير] قَالَ: كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً ، وَإِنْ كَانُوا لَيَقْرَءُونَ بِالْمِئِينَ مِنَ الْقُرْآنِ.
    والحديث صححه النووي في الخلاصة ووافقه الزيلعي في نصب الراية وابن العراقي في طرح التثريب والعيني في عمدة القاري والسيوطي في المصابيح في صلاة الرتاويح وعلي القاري في شرح الموطأ.

    وجاء في مصنف عبد الرزاق (83/4): 7871- عبد الرزاق [عبد الرزاق بن همام الصنعاني صاحب المصنف، ثقة حافظ] عَنِ الأَسْلَمِيِّ [محمد بن فليح الأسلمي، صدوق يهم] عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ [الدوسي المدني، صدوق حسن الحديث] عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ [صحابي صغير] قَالَ: كُنَّا نَنْصَرِفُ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، وَقَدْ دَنَا فُرُوعُ الْفَجْرِ، وَكَانَ الْقِيَامُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ ثَلاَثَةً وَعِشْرِينَ رَكْعَةً.

    أما ما جاء من رواية الإمام مالك ويحيى القطان وغيرهما عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد في الموطأ وفي "مصنف ابن أبي شيبة بلفظ :(إحدى عشرة ركعة) فهو محمول على أنه كان في بداية الأمر، ثم خُفِّفَ بعدُ على الناس، فزاد عمر الركعات إلى عشرين ليخفف على الناس القراءة في القيام.

    قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (154/2): " إلا أنه يحتمل أن يكون القيام في أول ما عمل به عمر بإحدى عشرة ركعة ، ثم خفف عليهم طول القيام ، ونقلهم إلى إحدى وعشرين ركعة ، يخففون فيها القراءة ويزيدون في الركوع والسجود ، إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوهم ، والله أعلم " انتهى.

    وكذلك ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب التراويح باب فضل من قام رمضان قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِى خِلاَفَةِ أَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ رضى الله عنهما

    قال الترمذي في جامعه: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِى قِيَامِ رَمَضَانَ فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنْ يُصَلِّىَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً مَعَ الْوِتْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا رُوِىَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِىٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِىِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِىِّ وَقَالَ الشَّافِعِىُّ: وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَقَالَ أَحْمَدُ: رُوِىَ فِى هَذَا أَلْوَانٌ وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَىْءٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: بَلْ نَخْتَارُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً عَلَى مَا رُوِىَ عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَاخْتَارَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الصَّلاَةَ مَعَ الإِمَامِ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ وَاخْتَارَ الشَّافِعِىُّ أَنْ يُصَلِّىَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ إِذَا كَانَ قَارِئًا وَفِى الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ.

    قال ابنُ عبد البَرِّ في الاستذكار (244/5): (وقد أجمَع العلماءُ على أنْ لا حدَّ ولا شيءَ مُقدَّرًا في صلاة الليل، وأنَّها نافلة؛ فمَن شاء أطال فيها القيام وقلَّت ركعاته، ومَن شاء أكثر الركوع والسجود). وقال أيضًا في نفس المصدر (236/5): (أكثرُ الآثار على أنَّ صلاته كانت إحدى عشرةَ ركعةً، وقد رُوي ثلاث عشرة ركعة، واحتجَّ العلماء على أنَّ صلاة الليل ليس فيها حدٌّ محدود، والصلاة خيرُ موضوع، فمَن شاء استقلَّ ومَن شاء استكثر)، وقال كذلك(157/5): "وروي عشرون ركعة عن علي وشتير بن شكل وابن أبي مليكة والحارث الهمداني وأبي البختري وهو قول جمهور العلماء وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء، وهو الصحيح عن أبي بن كعب، من غير خلاف من الصحابة، وقال عطاء: أدركت الناس وهم يصلون ثلاثا وعشرين ركعة بالوتر " انتهى.

    قال القاضي عياض في إكمال المعلم (82/3): (ولا خلافَ أنه ليس فى ذلك حدٌّ لا يُزاد عليه ولا يُنقص منه، وأنَّ صلاة الليل من الفضائل والرغائب، التي كلَّما زِيد فيها زِيد فى الأجر والفضل، وإنما الخلافُ في فِعل النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما اختاره لنفْسه).


    قال العراقي في طرح التثريب (43/3): (قد اتفق العلماء على أنه ليس له حدٌّ محصور).

    يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (112/23) : "ويشبه ذلك من بعض الوجوه تنازع العلماء في مقدار القيام في رمضان فإنه قد ثبت أن أُبَىَّ بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة فى قيام رمضان ، ويوتر بثلاث ، فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة؛ لأنه أقامه بين المهاجرين والانصار ولم ينكره منكر ، واستحب آخرون تسعة وثلاثين ركعة ، بناء على أنه عمل أهل المدينة القديم.
    وقال طائفة : قد ثبت في الصحيح عن عائشة {أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة} واضطرب قوم في هذا الأصل لما ظنوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين . والصواب أن ذلك جميعه حسن كما قد نص على ذلك الإمام أحمد رضي الله عنه وأنه لا يتوقت في قيام رمضان عدد فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها عددا وحينئذ فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره. فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل القيام بالليل حتى إنه قد ثبت عنه في الصحيح من حديث حذيفة {أنه كان يقرأ في الركعة بالبقرة والنساء وآل عمران فكان طول القيام يغني عن تكثير الركعات}. وأبي بن كعب لما قام بهم وهم جماعة واحدة لم يمكن أن يطيل بهم القيام فكثر الركعات ليكون ذلك عوضا عن طول القيام وجعلوا ذلك ضعف عدد ركعاته فإنه كان يقوم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ثم بعد ذلك كان الناس بالمدينة ضعفوا عن طول القيام فكثروا الركعات حتى بلغت تسعا وثلاثين. " انتهى

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى (343/5): والتراويح إن صلاها كمذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد: عشرين ركعة أو: كمذهب مالك ستا وثلاثين، أو ثلاث عشرة، أو إحدى عشرة فقد أحسن، كما نص عليه الإمام أحمد لعدم التوقيف فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره.



    قال الشيخ العثيمين في الشرح الممتع (53/4): وهنا نقول: لا ينبغي لنا أن نغلو أو نفرط، فبعض الناس يغلو من حيث التزام السنة في العدد، فيقول: لا تجوز الزيادة على العدد الذي جاءت به السنَّة، وينكر أشدَّ النكير على من زاد على ذلك، ويقول: إنه آثم عاصٍ.
    وهذا لا شك أنه خطأ، وكيف يكون آثماً عاصياً وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى، ولم يحدد بعدد، ومن المعلوم أن الذي سأله عن صلاة الليل لا يعلم العدد؛ لأن من لا يعلم الكيفية فجهله بالعدد من باب أولى، وهو ليس ممن خدم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نقول إنه يعلم ما يحدث داخل بيته، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن له كيفية الصلاة دون أن يحدد له بعدد: عُلم أن الأمر في هذا واسع، وأن للإنسان أن يصلِّيَ مائة ركعة ويوتر بواحدة.
    وأما قوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" فهذا ليس على عمومه حتى عند هؤلاء، ولهذا لا يوجبون على الإنسان أن يوتر مرة بخمس، ومرة بسبع، ومرة بتسع، ولو أخذنا بالعموم لقلنا يجب أن توتر مرة بخمس، ومرة بسبع، ومرة بتسع سرداً، وإنما المراد: صلوا كما رأيتموني أصلي في الكيفية، أما في العدد فلا إلا ما ثبت النص بتحديده.
    وعلى كلٍّ ينبغي للإنسان أن لا يشدد على الناس في أمر واسع، حتى إنا رأينا من الإخوة الذين يشددون في هذا مَن يبدِّعون الأئمة الذين يزيدون على إحدى عشرة، ويخرجون من المسجد فيفوتهم الأجر الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم "من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة " رواه الترمذي (806) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (646)، وقد يجلسون إذا صلوا عشر ركعات فتنقطع الصفوف بجلوسهم، وربما يتحدثون أحياناً فيشوشون على المصلين.
    ونحن لا نشك بأنهم يريدون الخير، وأنهم مجتهدون، لكن ليس كل مجتهدٍ يكون مصيباً.
    والطرف الثاني: عكس هؤلاء، أنكروا على من اقتصر على إحدى عشرة ركعة إنكاراً عظيماً، وقالوا: خرجتَ عن الإجماع قال تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ، فكل من قبلك لا يعرفون إلا ثلاثاً وعشرين ركعة، ثم يشدِّدون في النكير، وهذا أيضاً خطأ.



    -----------------------
    1 - بل لا يُسنُّ قيامُ اللَّيلِ كلِّه على الدوامِ في جميعِ اللَّيالي؛ نصَّ على ذلك:
    المالكيَّة (
    حاشية العدوي (1/ 289)،الذخيرة للقرافي (2/ 407)، حاشية الصاوي(1 /527)
    والشافعيَّة
    (المجموع للنووي (4 /45،44)، البيان للعمراني (2/282)
    والحنابلة(
    كشاف القناع للبهوتي (1 /437)، الفروع لابن مفلح (2 /392)).
    وقال الشيخ العثيمين في مجموع فتاويه (285/14): (إذا كان يُديم ذلك ويقوم اللَّيل كله فهو مخالفٌ للسُّنة؛ لِمَا ثبت في الصَّحيحين من حديث النَّفر الثلاثة الذين أتوا يسألون عن عمَل النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما أُخبروا بذلك، فكأنَّهم تقالُّوا العمل، فقال أحدهم: أنا أقوم ولا أنام، فأنكَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك وقال: «... وأقوم وأنام، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني»، وهذا يدلُّ أن قيام الليل كلِّه دائمًا خلافُ السنَّة. وكذلك عندما أُخبِر النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "أنا أصوم أبدًا وأقوم أبدًا"، فمَنعَه من ذلك. وأمَّا قيام بعض الليالي فقد جاءت به السُّنة، كما ورد أنَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «كان إذا دخلتِ العشرُ الأواخر من رمضان أحيا الليل»).

    2 - رواه ابن أبي شيبة قال: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ [بن العوام الكلابي، ثقة مضطرب الحديث عن سعيد بن أبي عروبة قاله أحمد ] عَنْ سَعِيدٍ [بن أبي عروبة العدوي، ثقة حافظ اختلط بأخرة] عَنْ قَتَادَةَ [بن دعامة السدوسي، ثقة ثبت مشهور بالتدليس] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِنَّمَا يَرْجِعُونَ إِلَى خَيْرٍ يَرْجُونَهُ، وَيَبْرَءُونَ مِنْ شَرٍّ يَخَافُونَهُ.
    فيظهر أن الأثر ضعيف من أجل أن عباد روى عن سعيد بعد اختلاطه، مع عنعنة قتادة.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 12-May-2021, 07:05 PM.
يعمل...
X