بسم الله الرحمن الرحيم
السنة في ذبح الإمام الأضحية في المصلى
(من السنن المهجورة)
نسخة مزيدة
السنة في ذبح الإمام الأضحية في المصلى
(من السنن المهجورة)
نسخة مزيدة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد جاء في السنة عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينحر أو يذبح بالمصلى).
أخرجه البخاري.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ثم نزل فدعا بكبشين فذبحهما).
أخرجه الترمذي في ((جامعه)).
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح؛ وصححه الألباني.
بوب البخاري في صحيحه: (باب النحر والذبح يوم النحر بالمصلى) وبوب أبو داود: (باب الإمام يذبح بالمصلى) وكذلك بوب النسائي في ((سنن الصغرى)) (ذبح الإمام أضحيته بالمصلى) وبوب في ((السنن الكبرى)) (ذبح الإمام أضحيته في المصلى)
وقال الترمذي:.
وقول ابن عمر رضي الله عنهما (كان) فيه إشارة إلى التكرار.
قال العلامة ابن بطال رحمه الله في ((شرح صحيح البخاري)): ((السنة، والله أعلم، بالذبح في المصلى لئلا يُتقدم الإمام بالذبح، ولما كانت أفعال العيدين والجماعات إلى الإمام وجب أن يكون متقدمًا في ذلك والناس له تبع.
ولهذا قال مالك: لا يذبح أحد حتى يذبح الإمام)) اهـ.
وقال العلامة ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)): ((ومن العلماء من يستحب ذلك للإمام، منهم مالك. وقال: لا نرى ذلك على غيره.
وفيه: إشارة إلى أن غيره لا يتأكد في حقه ذلك كالإمام.
وقال سفيان: للإمام أن يحضر أضحيته عند المصلى؛ ليذبح حين يفرغ من الصَّلاة والخطبة؛ لئلا يذبح أحد قبله. قالَ: وذلك من الأمر المعروف)) اهـ.
وقال العلامة ابن الملقن رحمه الله في ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)): ((الذبح بالمصلى بمعنيين:
أحدهما: الإعلام بذبح الإمام ليترتب عليه ذبح الناس، ووقته سلف.
وهو المشهور من قول مالك. وقال أبو حنيفة: من ذبح بعد الصلاة قبل الإمام أجزأه، دليلنا قوله: فأمر - صلى الله عليه وسلم - من كان نحو قبله أن يعيد بنحو آخر، ولا تنحروا حَتَّى ينحر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا المعنى يختص بالإمام.
الثاني: أن الأضحية من القرب العامة، وإظهارها أفضل؛ لأن فيه إحياء لسنتها)) اهـ.
وقال الكشميري رحمه الله في ((فيض الباري على صحيح البخاري)): ((وكذلك الأضحية مُسْتَحَبَّة في المُصَلَّى)) اهـ.
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((شرحه على صحيح البخاري)): ((هذا فيه دليل على أنه ينبغي للإمام أن يذبح في المصلى ، لكن لا مكان الصلاة ، لأن مكان الصلاة مسجد و لا يجوز أن يلوث بالدم النجس و لكن بالقرب منه ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج بأضحيته إلى الخارج و يذبحها.
ثم قال:
المهم أن السنة للإمام أن تكون أضحيته في المصلى)) اهـ.
أما ما جاء في الرواية السابقة (كان ينحر أو يذبح) فيوضحها ما أخرجه النسائي في ((السنن)) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحر يوم الأضحى بالمدينة، قال: وقد كان إذا لم ينحر يذبح بالمصلى) وهذا الحديث صححه الألباني.
قال العلامة ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)): ((فهذه الرواية يجمع بها بين سائر الروايات، وأنه كان إذا نحر ما ينحر نحره بالمدينة، فإن ذبح الغنم ذبحها بالمصلى.
وعلى هذا، فتكون رواية البخاري الصحيحة لحديث ابن عمر: ((كان يذبح - أو ينحر - بالمصلى)) - بالشك)) اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)): ((قال الزين بن المنير عطف الذبح على النحر في الترجمة وإن كان حديث الباب ورد بأو المقتضية للتردد إشارة إلى أنه لا يمتنع أن يجمع يوم النحر بين نسكين أحدهما مما ينحر والآخر مما يذبح وليفهم اشتراكهما في الحكم انتهى ويحتمل أن يكون أشار إلى أنه ورد في بعض طرقه بواو الجمع كما سيأتي في كتاب الأضاحي)) اهـ.
تنبيه:
وبعض أهل العلم لا يرى أن الذبح في المصلى خاص بالإمام، وأنه يشرع للمأموم أن يضحي في المصلى، ويستدل بفعل ابن عمر رضي الله عنهما.
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يذبح أضحيته بالمصلى)، وكان ابن عمر يفعله.
أخرجه أبو داود في ((السنن)).
قال الإمام أحمد رحمه الله كما في ((فتح الباري)) لابن رجب: هو منكر.
وقال الإمام الألباني رحمه الله في ((صحيح أبي داود)) (رقم ٢٨١١): حسن صحيح دون الموقوف.
فإذا كان عمدة الباب فعل ابن عمر رضي الله عنهما لا يصح، فيقتصر في السنة على فعل الإمام فقط، وهو من السن التي هجرها كثير من الأئمة.
قال الشيخ الفاضل علي بن مختار الرملي حفظه الله في ((فضل رب البرية في شرح الدرر البهية)): ((قال المؤلف [الشوكاني] رحمه الله: (والذَّبْحُ في المُصلَّى أفضَلُ)
الصحيح أن هذا خاص بالإمام فقط ...
ثم قال:
ولم يذكر أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك معه إنما ذكر أن الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا قول الإمام مالك رحمه الله، جعل من السنة أن يذبح الإمام فقط في المصلى وليس الجميع. وهو الحق إن شاء الله)) اهـ.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍️ كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 22 ذي القعدة سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 25 يوليو سنة 2019 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 22 ذي القعدة سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 25 يوليو سنة 2019 ف