تويت
حلق الرأس على ضربين إما أن يكون عبادة، أو يكون عادة :
فإن كان عبادة فهو على أربعة أنواع :
النوع الأول : أن يكون واجبا أو مستحبا : وهذا يكون في أربعة مواضع فقط ( الحج، والعمرة ([2])، وحلق رأس الصبي في اليوم السابع لولادته ([3])، والكافر إذا أسلم ([4]) ) .
النوع الثاني : محرم وله صور منها :
1- حلق الشعر عند المصيبة كموت قريب ونحوه . ([5])
2- حلق الرأس على سبيل التشبه بالكفار أو الفساق . ([6])
النوع الثالث : بدعة ومن صوره : حلق الرأس علي سبيل التعبد والتدين في غير المواضع الأربعة السابقة . ([7])
والنوع الرابع : شرك :
ويكون عند حلق الرأس قربة لغير الله سبحانه وتعالى كما يفعله الجهلة من الناس يحلقون شعور أبنائهم عند الأضرحة لنذرهم ذلك أو كما يفعله الصوفية من حلق شعورهم لشيوخهم قربة لهم .
وإن كان عادة فإما أن يكون لحاجة أو لغير حاجة :
النوع الأول أن يكون لحاجة : كدفع مرض أو أذى فهو جائز بل قد يستحب لدفع الضرر قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : حلق الرأس للحاجة مثل أن يحلقه للتداوي فهذا أيضا جائز بالكتاب والسنة والإجماع؛ فإن الله رخص للمحرم الذي لا يجوز له حلق رأسه أن يحلقه إذا كان به أذى .. اهـ ([8])
الثاني أن يكون لغير حاجة : فهذا مما اختلف العلماء فيه :
فذهب بعضهم إلى كراهيته وبدعيته كما قاله المالكيّة فقد جاء في الفواكه الدّواني أنّ حلق شعر الرّأس بدعة غير محرّمة، وصرّح ابن العربيّ من المالكيّة بأنّ الشّعر على الرّأس زينة، وحلقه بدعة، وقال القرطبيّ : كره مالك حلق الرّأس لغير المتحلّل؛ وهو إحدى الروايتين عن أحمد .
ودليلهم :
1ـ أنه من علامة أهل البدع كالخوارج .
2ـ ولأنّه صلى الله عليه وسلم لم يحلق رأسه إلاّ في التّحلّل من الإحرام .
والقول الثاني أنه مباح بل صرح الطحاوي من الحنفية أنه سنة ونسب ذلك إلى العلماء الثلاثة كما جاء في رد المحتار وذهب الحنفيّة إلى أنّ السّنّة في شعر الرّأس بالنّسبة للرّجل إمّا الفرق أو الحلق، وذهب الشافعية إلى الإباحة للتنظيف وأحمد في الرواية الأخرى الإباحة والأفضل تركه .
ودليلهم :
1ـ " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى آل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بعد موت جعفر بثلاث ودعى بالحلاق فأمره أن يحلق رؤوس بنيه " . ([9])
2ـ " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأي طفلا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فقال : احلقوه كله أو اتركوه كله " . ([10])
قال النووي رحمه الله : وهذا صريح في إباحة حلق الرأس لا يحتمل تأويلا . اهـ شرح مسلم
3ـ ولأنه نهى صلى الله عليه وسلم عن القزع فدل على جواز حلق الجميع . ([11])
والأصل إباحة الحلق إن كان عادة بغير حاجة ودليل هذا الأصل الأحاديث الماضية ولا فرق بين صغير وكبير في الأحكام إلا بدليل يفرق بينهم ولا دليل في هذه المسألة .
وأما عن عدم حلق النبي صلى الله عليه وسلم لشعره فلأن قومه اعتادوا هذا الأمر وبهذا يكون الأفضل في المسألة موافقة عادة بلده ما لم تخالف الشريعة .
وراجع غير مأمور مجموع فتاوى شيخ الإسلام والموسوعة الكويتية
كتبه أبو صفية
حسام بن أحمد بن عبد الحكيم بن أحمد السوهاجي
([1]) جاء في الموسوعة الكويتية " الحلق في اللّغة : إزالة الشّعر يقال حلق رأسه أي : أزال شعره ومن معانيه أيضاً : الحلقوم وهو مساغ الطّعام والشّراب في المريء ولا يخرج استعمال الفقهاء لكلمة الحلق عن هذين المعنيين .
([2]) والدليل قوله تعالى " .. لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ .. " سورة الفتح 27 .
([3]) والدليل ما جاء عن سمرة ابن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى " رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة وقال : " يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة " رواه الترمذي وصححه الألباني في الجامع .
([4]) فعن قتادة أبي هشام قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : " يا قتادة اغتسل بماء وسدر، واحلق عنك شعر الكفر " رواه الطبراني وحسنه الألباني .
وعن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد أسلمت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ألق عنك شعر الكفر " رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني .
([5]) فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة " رواه مسلم .
والحالقة هي : التي تحلق شعرها عند المصيبة، والصالقة : التي ترفع صوتها بالويل والثبور ونحوه والشاقة : التي تشق ثيابها .
([6]) فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود وصححه الألباني .
([7]) كجعل حلق الرأس شعارا للصالحين أو من تمام التوبة كما فعلت الخوارج وقد قال صلى الله عليه وسلم في صفة الخوارج ( سيماهم التحليق ) رواه البخاري ومسلم وفي لفظ " سيماهم التحليق والتسبيد " رواه أبوداود وابن ماجة وصححه الألباني، قال أبو داود : التسبيد استئصال الشعر؛ وقال القرطبي : قوله ( سيماهم التحليق : أي جعل ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا، وشعارا ليعرفوا به ... ) .
([8]) مجموع الفتاوى 12/117.
([9]) رواه أبو داود وصححه الألباني .
([10]) رواه أبو داود وصححه الألباني .
([11]) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع " رواه أحمد وأبوداود والنسائي وصححه الألباني .
والقزع أن يحلق رأس الصبي فيترك بعض شعره .