زهر الروض المربع من الشرح الممتع على زاد المستقنع...(2)
صلاة الكسوف
الكسوف عرّفه الفقهاء بقولهم: ذهاب ضوء أحد النيرين أو بعضه. والحقيقة أنه لا يذهب، وإنما ينحجب، ولهذا نقول: التعبير الدقيق للكسوف: "انحجاب ضوء أحد النيرين" ، أي: الشمس أو القمر "بسبب غير معتاد" .
مسألة: هل من الأفضل أن يخبر الناس به قبل أن يقع؟ الجواب: لا شك أن إتيانه بغتة أشد وقعاً في النفوس، وإذا تحدث الناس عنه قبل وقوعه، وتروضت النفوس له، واستعدت له صار كأنه أمر طبيعي، كأنها صلاة عيد يجتمع الناس لها. ولهذا لا تجد في الإخبار به فائدة إطلاقاً بل هو إلى المضرة أقرب منه إلى الفائدة.
مسألة: إذا قال الفلكيون: إنه سيقع كسوف أو خسوف فلا نصلي حتى نراه رؤية عادية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم ذلك فصلوا" ، أما إذا منّ الله علينا بأن صار لا يرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي.
قوله: "تسن جماعة، وفرادى" ، أفادنا المؤلف بقوله: "تسن" أن صلاة الكسوف سنة ليست فرض عين، ولا فرض كفاية، وأن الناس لو تركوها لم يأثموا ، هذا وهو المشهور عند العلماء. وقال بعض أهل العلم: إنها واجبة . وهذا القول قوي جداً، ولا أرى أنه يسوغ أن يرى الناس كسوف الشمس أو القمر ثم لا يبالون به، كل في تجارته، كل في لهوه، كل في مزرعته، فهذا شيء يخشى أن تنزل بسببه العقوبة التي أنذرنا الله إياها بهذا الكسوف. فالقول بالوجوب أقوى من القول بالاستحباب. وإذا قلنا بالوجوب؛ الظاهر أنه على الكفاية.
وقوله: "جماعة وفرادى" ، أي: تسن جماعة، وتسن فرادى. أي: أن الجماعة ليست شرطاً لها، بل يسن للناس في البيوت أن يصلوها، ولكن لا شك أن اجتماع الناس أولى، بل الأفضل أن يصلوها في الجوامع.
قوله: "إذا كسف أحد النيرين" ، أي: تسن إذا كسف أحد النيرين وهما: الشمس والقمر.
قوله: "ركعتين يقرأ في الأولى جهراً" ، بيَّن المؤلف في هذه الجملة صفة صلاة الكسوف، وأنها تصلى ركعتين بلا زيادة، لكن هاتين الركعتين كل واحدة فيها ركوعان.
...قوله: "ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى" ، ومن هنا جاءت الغرابة في هذه الصلاة؛ لأن غيرها من الصلوات لا تقرأ الفاتحة بعد الركوع، بل الذي بعد الركوع هو السجود، أما هذه الصلاة فيقرأ الفاتحة، وسورة طويلة. لكن هل هي دون الأولى بكثير أو بقليل؟ الجواب: جاء في الحديث "دون الأولى" ، فينظر إلى هذا الدون. والظاهر: أنه ليس دونها بكثير، لكنه دون يتميّز به القيام الأول عن القيام الثاني.
قوله: "ثم يركع فيطيل، وهو دون الأول" ، ونقول هنا في قوله: "دون الأول" كما قلنا في القراءة.
قوله: "ثم يرفع" أي: ويسمع ويحمد.وظاهر كلام المؤلف: أنه في الرفع الذي يليه السجود لا يطيل القيام،بل يكون كالصلاة العادية، ولكن هذا الظاهر فيه نظر، والصحيح: أنه يطيل هذا القيام بحيث يكون قريباً من الركوع .
قوله: "ثم يسجد سجدتين طويلتين" ، أي: بقدر الركوع. وظاهر كلامه: أنه لا يطيل الجلوس بينهما. والصواب: أنه يطيل الجلوس بقدر السجود.
قوله: "ثم يصلي الثانية كالأولى، لكن دونها في كل ما يفعل" أي: من القراءة والركوع، والقيام بعده، والسجود، فالثانية تكون دون الأولى. ولكن هل معناه أن القيام الأول في الثانية كالقيام الثاني في الأولى، والقيام الثاني في الثانية دون ذلك، أو معناه: أن كل ركعة وركوع دون الذي قبله؟ الجواب: أن السنّة ليس فيها ما يدل لهذا ولا لهذا. فليس لدينا دليل واضح في هذه المسألة، لكن الذي يظهر - والله أعلم - أن كل قيام وركوع وسجود دون الذي قبله.
قوله: "ثم يتشهد ويسلم" ، أي: كغيرها من الصلوات، وبهذا انتهت هذه الصلاة.
وظاهر كلامه: أنه لا يشرع لها خطبة؛ لأنه لم يذكرها، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
وقال بعض العلماء: بل يشرع بعدها خطبتان. وقال بعض العلماء: يسنّ لها خطبة واحدة، وهذا مذهب الشافعي، وهو الصحيح.
· لو حصل كسوف ثم تلبدت السماء بالغيوم فهل نعمل بقول علماء الفلك بالنسبة لوقت التجلي؟ الجواب: نعمل بقولهم؛ لأنه ثبت بالتجارب أن قولهم منضبط.
· إذا لم يعلم بالكسوف إلا بعد زواله فلا يقضى.
· إذا شرع في صلاة الكسوف قبل دخول وقت الفريضة ثم دخل وقت الفريضة، فماذا يفعل؟ الجواب: إن ضاق وقت الفريضة وجب عليه التخفيف؛ ليصليها في الوقت، وإن اتسع الوقت فيستمر في صلاة الكسوف.
· إذا كسفت في آخر النهار، فلا يصلى الكسوف بناء على أنها سنّة، وأن ذوات الأسباب لا تفعل في وقت النهي وهذا هو المذهب. ولكن الصحيح في هذه المسألة: أنه يصلى للكسوف بعد العصر.
· إذا شرع في صلاة الكسوف بعد العصر ثم غابت كاسفة فإنه يتمها خفيفة؛ لأنها إذا غابت فهي كما لو تجلى.
· لو لم نعلم بكسوفها إلا حين غروبها فلا نصلي، ونعلل: بأن سلطانها قد ذهب، فنحن الآن في الليل لا في النهار، وهي آية النهار.
· لو طلع الفجر وخسف القمر قبل طلوع الشمس هل يصلى؟ الجواب: قد نقول: إن مفهوم قوله: "أو طلعت والقمر خاسف" إنها تصلى، ولكن المشهور من المذهب أنها لا تصلى بعد طلوع الفجر إذا خسف القمر؛ لأنه وقت نهي. والصحيح: أنها تصلى إن كان القمر لولا الكسوف لأضاء، أما إن كان النهار قد انتشر، ولم يبق إلا القليل على طلوعٍ الشمس فهنا قد ذهب سلطانه، والناس لا ينتفعون به، سواء كان كاسفاً أو مبدراً.
· يصلى لكل آية تخويف وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. وهو الراجح.
· فعلى القول بأنه يصلى لكل آية تخويف، فهل ذلك على سبيل الوجوب كالكسوف؟ الجواب: مقتضى القياس أن ذلك واجب، ولكن لا أظن أن ذلك يكون على سبيل الوجوب.
قوله: "وإن أتى" ، أي: المصلي.
قوله: "في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع أو خمس جاز" ، لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أنه صلى ثلاث ركوعات في ركعة واحدة"، أخرجه مسلم ، لكن هذه الرواية شاذة، ووجه شذوذها: أنها مخالفة لما اتفق عليه البخاري ومسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلى صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعان فقط" ، ومن المعلوم بالاتفاق أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصلِّ له إلا مرة واحدة فقط. وعلى هذا فالمحفوظ أنه صلّى في كل ركعة ركوعين، وما زاد على ذلك فهو شاذ؛ لأن الثقة مخالف فيها لمن هو أرجح.
مسائل
· ما بعد الركوع الأول هل هو ركن أو لا؟ يقول العلماء: إنه سنّة وليس ركناً، وبناء على ذلك لو صلاها كما تصلى صلاة النافلة، في كل ركعة ركوع فلا بأس؛ لأن ما زاد على الركوع الأول سنة.
· هل تدرك الركعة بالركوع الثاني؟ الجواب: لا تدرك به الركعة، وإنما تدرك الركعة بالركوع الأول، فعلى هذا لو دخل مسبوق مع الإِمام بعد أن رفع رأسه من الركوع الأول فإن هذه الركعة تعتبر قد فاتته فيقضيها. وقال بعض العلماء: إنه يعتد بها؛ لأنها ركوع. وفصل آخرون فقالوا: يعتد بها إن أتى الإمام بثلاث ركوعات؛ لأنه إذا أدرك الركوع الثاني وهي ثلاث ركوعات فقد أدرك معظم الركعة فيكون كمن أدركها كلها. والقول الصحيح الأول.
· لو انتهت الصلاة والكسوف باق، فهل تعاد الصلاة أو لا؟ وإذا قلنا بالإعادة فهل تعاد كسائر النوافل، أو كصلاة الكسوف؟
والجواب: في هذا ثلاثة أقوال للعلماء: القول الأول: أنها لا تعاد. (و) القول الثاني: أنها تعاد على صفتها. (و) القول الثالث: أنها تعاد على صفة النوافل الأخرى، أي: ركعتين. وأنا لم يترجح عندي شيء لكني أفعل الثاني، وهو: عدم الإعادة.
· يسن النداء لصلاة الكسوف، ويقال: "الصلاة جامعة" مرتين أو ثلاثاً. بحيث يعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا. وإذا قلنا بهذا فإنه يختلف بين الليل والنهار، ففي الليل قد يكون الناس نائمين يحتاجون لتكرار النداء، وفي النهار لا سيما مع هدوء الأصوات يمكن أن يكفيهم النداء مرتين أو ثلاثاً.ولا ينادى لغيرها من الصلوات بهذه الصيغة؛ لأن الصلوات الخمس ينادى لها بالأذان. وقال بعض العلماء؛ وهو المذهب: إنه ينادى للاستسقاء، والعيدين "الصلاة جامعة". لكن هذا القول ليس بصحيح، ولا يصح قياسهما على الكسوف .
أبو أسامة سمير الجزائري
بلعباس 16 محرم 1433
صلاة الكسوف
الكسوف عرّفه الفقهاء بقولهم: ذهاب ضوء أحد النيرين أو بعضه. والحقيقة أنه لا يذهب، وإنما ينحجب، ولهذا نقول: التعبير الدقيق للكسوف: "انحجاب ضوء أحد النيرين" ، أي: الشمس أو القمر "بسبب غير معتاد" .
مسألة: هل من الأفضل أن يخبر الناس به قبل أن يقع؟ الجواب: لا شك أن إتيانه بغتة أشد وقعاً في النفوس، وإذا تحدث الناس عنه قبل وقوعه، وتروضت النفوس له، واستعدت له صار كأنه أمر طبيعي، كأنها صلاة عيد يجتمع الناس لها. ولهذا لا تجد في الإخبار به فائدة إطلاقاً بل هو إلى المضرة أقرب منه إلى الفائدة.
مسألة: إذا قال الفلكيون: إنه سيقع كسوف أو خسوف فلا نصلي حتى نراه رؤية عادية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم ذلك فصلوا" ، أما إذا منّ الله علينا بأن صار لا يرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي.
قوله: "تسن جماعة، وفرادى" ، أفادنا المؤلف بقوله: "تسن" أن صلاة الكسوف سنة ليست فرض عين، ولا فرض كفاية، وأن الناس لو تركوها لم يأثموا ، هذا وهو المشهور عند العلماء. وقال بعض أهل العلم: إنها واجبة . وهذا القول قوي جداً، ولا أرى أنه يسوغ أن يرى الناس كسوف الشمس أو القمر ثم لا يبالون به، كل في تجارته، كل في لهوه، كل في مزرعته، فهذا شيء يخشى أن تنزل بسببه العقوبة التي أنذرنا الله إياها بهذا الكسوف. فالقول بالوجوب أقوى من القول بالاستحباب. وإذا قلنا بالوجوب؛ الظاهر أنه على الكفاية.
وقوله: "جماعة وفرادى" ، أي: تسن جماعة، وتسن فرادى. أي: أن الجماعة ليست شرطاً لها، بل يسن للناس في البيوت أن يصلوها، ولكن لا شك أن اجتماع الناس أولى، بل الأفضل أن يصلوها في الجوامع.
قوله: "إذا كسف أحد النيرين" ، أي: تسن إذا كسف أحد النيرين وهما: الشمس والقمر.
قوله: "ركعتين يقرأ في الأولى جهراً" ، بيَّن المؤلف في هذه الجملة صفة صلاة الكسوف، وأنها تصلى ركعتين بلا زيادة، لكن هاتين الركعتين كل واحدة فيها ركوعان.
...قوله: "ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى" ، ومن هنا جاءت الغرابة في هذه الصلاة؛ لأن غيرها من الصلوات لا تقرأ الفاتحة بعد الركوع، بل الذي بعد الركوع هو السجود، أما هذه الصلاة فيقرأ الفاتحة، وسورة طويلة. لكن هل هي دون الأولى بكثير أو بقليل؟ الجواب: جاء في الحديث "دون الأولى" ، فينظر إلى هذا الدون. والظاهر: أنه ليس دونها بكثير، لكنه دون يتميّز به القيام الأول عن القيام الثاني.
قوله: "ثم يركع فيطيل، وهو دون الأول" ، ونقول هنا في قوله: "دون الأول" كما قلنا في القراءة.
قوله: "ثم يرفع" أي: ويسمع ويحمد.وظاهر كلام المؤلف: أنه في الرفع الذي يليه السجود لا يطيل القيام،بل يكون كالصلاة العادية، ولكن هذا الظاهر فيه نظر، والصحيح: أنه يطيل هذا القيام بحيث يكون قريباً من الركوع .
قوله: "ثم يسجد سجدتين طويلتين" ، أي: بقدر الركوع. وظاهر كلامه: أنه لا يطيل الجلوس بينهما. والصواب: أنه يطيل الجلوس بقدر السجود.
قوله: "ثم يصلي الثانية كالأولى، لكن دونها في كل ما يفعل" أي: من القراءة والركوع، والقيام بعده، والسجود، فالثانية تكون دون الأولى. ولكن هل معناه أن القيام الأول في الثانية كالقيام الثاني في الأولى، والقيام الثاني في الثانية دون ذلك، أو معناه: أن كل ركعة وركوع دون الذي قبله؟ الجواب: أن السنّة ليس فيها ما يدل لهذا ولا لهذا. فليس لدينا دليل واضح في هذه المسألة، لكن الذي يظهر - والله أعلم - أن كل قيام وركوع وسجود دون الذي قبله.
قوله: "ثم يتشهد ويسلم" ، أي: كغيرها من الصلوات، وبهذا انتهت هذه الصلاة.
وظاهر كلامه: أنه لا يشرع لها خطبة؛ لأنه لم يذكرها، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
وقال بعض العلماء: بل يشرع بعدها خطبتان. وقال بعض العلماء: يسنّ لها خطبة واحدة، وهذا مذهب الشافعي، وهو الصحيح.
· لو حصل كسوف ثم تلبدت السماء بالغيوم فهل نعمل بقول علماء الفلك بالنسبة لوقت التجلي؟ الجواب: نعمل بقولهم؛ لأنه ثبت بالتجارب أن قولهم منضبط.
· إذا لم يعلم بالكسوف إلا بعد زواله فلا يقضى.
· إذا شرع في صلاة الكسوف قبل دخول وقت الفريضة ثم دخل وقت الفريضة، فماذا يفعل؟ الجواب: إن ضاق وقت الفريضة وجب عليه التخفيف؛ ليصليها في الوقت، وإن اتسع الوقت فيستمر في صلاة الكسوف.
· إذا كسفت في آخر النهار، فلا يصلى الكسوف بناء على أنها سنّة، وأن ذوات الأسباب لا تفعل في وقت النهي وهذا هو المذهب. ولكن الصحيح في هذه المسألة: أنه يصلى للكسوف بعد العصر.
· إذا شرع في صلاة الكسوف بعد العصر ثم غابت كاسفة فإنه يتمها خفيفة؛ لأنها إذا غابت فهي كما لو تجلى.
· لو لم نعلم بكسوفها إلا حين غروبها فلا نصلي، ونعلل: بأن سلطانها قد ذهب، فنحن الآن في الليل لا في النهار، وهي آية النهار.
· لو طلع الفجر وخسف القمر قبل طلوع الشمس هل يصلى؟ الجواب: قد نقول: إن مفهوم قوله: "أو طلعت والقمر خاسف" إنها تصلى، ولكن المشهور من المذهب أنها لا تصلى بعد طلوع الفجر إذا خسف القمر؛ لأنه وقت نهي. والصحيح: أنها تصلى إن كان القمر لولا الكسوف لأضاء، أما إن كان النهار قد انتشر، ولم يبق إلا القليل على طلوعٍ الشمس فهنا قد ذهب سلطانه، والناس لا ينتفعون به، سواء كان كاسفاً أو مبدراً.
· يصلى لكل آية تخويف وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. وهو الراجح.
· فعلى القول بأنه يصلى لكل آية تخويف، فهل ذلك على سبيل الوجوب كالكسوف؟ الجواب: مقتضى القياس أن ذلك واجب، ولكن لا أظن أن ذلك يكون على سبيل الوجوب.
قوله: "وإن أتى" ، أي: المصلي.
قوله: "في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع أو خمس جاز" ، لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أنه صلى ثلاث ركوعات في ركعة واحدة"، أخرجه مسلم ، لكن هذه الرواية شاذة، ووجه شذوذها: أنها مخالفة لما اتفق عليه البخاري ومسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلى صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعان فقط" ، ومن المعلوم بالاتفاق أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصلِّ له إلا مرة واحدة فقط. وعلى هذا فالمحفوظ أنه صلّى في كل ركعة ركوعين، وما زاد على ذلك فهو شاذ؛ لأن الثقة مخالف فيها لمن هو أرجح.
مسائل
· ما بعد الركوع الأول هل هو ركن أو لا؟ يقول العلماء: إنه سنّة وليس ركناً، وبناء على ذلك لو صلاها كما تصلى صلاة النافلة، في كل ركعة ركوع فلا بأس؛ لأن ما زاد على الركوع الأول سنة.
· هل تدرك الركعة بالركوع الثاني؟ الجواب: لا تدرك به الركعة، وإنما تدرك الركعة بالركوع الأول، فعلى هذا لو دخل مسبوق مع الإِمام بعد أن رفع رأسه من الركوع الأول فإن هذه الركعة تعتبر قد فاتته فيقضيها. وقال بعض العلماء: إنه يعتد بها؛ لأنها ركوع. وفصل آخرون فقالوا: يعتد بها إن أتى الإمام بثلاث ركوعات؛ لأنه إذا أدرك الركوع الثاني وهي ثلاث ركوعات فقد أدرك معظم الركعة فيكون كمن أدركها كلها. والقول الصحيح الأول.
· لو انتهت الصلاة والكسوف باق، فهل تعاد الصلاة أو لا؟ وإذا قلنا بالإعادة فهل تعاد كسائر النوافل، أو كصلاة الكسوف؟
والجواب: في هذا ثلاثة أقوال للعلماء: القول الأول: أنها لا تعاد. (و) القول الثاني: أنها تعاد على صفتها. (و) القول الثالث: أنها تعاد على صفة النوافل الأخرى، أي: ركعتين. وأنا لم يترجح عندي شيء لكني أفعل الثاني، وهو: عدم الإعادة.
· يسن النداء لصلاة الكسوف، ويقال: "الصلاة جامعة" مرتين أو ثلاثاً. بحيث يعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا. وإذا قلنا بهذا فإنه يختلف بين الليل والنهار، ففي الليل قد يكون الناس نائمين يحتاجون لتكرار النداء، وفي النهار لا سيما مع هدوء الأصوات يمكن أن يكفيهم النداء مرتين أو ثلاثاً.ولا ينادى لغيرها من الصلوات بهذه الصيغة؛ لأن الصلوات الخمس ينادى لها بالأذان. وقال بعض العلماء؛ وهو المذهب: إنه ينادى للاستسقاء، والعيدين "الصلاة جامعة". لكن هذا القول ليس بصحيح، ولا يصح قياسهما على الكسوف .
أبو أسامة سمير الجزائري
بلعباس 16 محرم 1433