بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى، وخليله المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى ، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن من المهم لطالب العلم أن يهتم بتدوين الفوائد التي تمر به, سواء أكانت خلاصات, أم فوائد في غير مظانها, أم ترجيحات, أم تعريفات, أم قواعد, أم ضوابط... إلى غير ذلك.
ويحسُن به أن يحرص في جمعه للفوائد على الأمور الآتية:
1. أن يكون معه دفتر صغير يحمله معه أينما ذهب, يدون فيه ما يمر عليه من ذلك, لأنه قد تأتي الفائدة في أي وقت, فينبغي عليك أن تكون مستعداً لتدوينها.
2. أن يكتب الفوائد بشكل مرتب ـ لكي لا تتداخل مع بعضها ـ وبخط واضح ـ لكي لا يجد عناءً في قراءتها ـ وبقلم حبر ـ لكي يبقى الخط وقتاً أطول ولا يمتحى ـ .
3. أن يرقم الفوائد, ثم يعمل فهرساً لها؛ لكي يتمكن من إيجادها بسهولة, أو يجعل في جهاز الكمبيوتر ملفات ينقل فيها الفوائد بحيث يجعل كل ملف مختصاً بعلم؛ فيجعل ملفاً للفوائد العقدية, وآخر للفوائد الفقهية, وآخر للفوائد الحديثية... وهلم جراً.
4. أن يعنون الفوائد بقدر المستطاع, لكي يستطيع إيجادها بسهولة من دون أن يحتاج لقراءة نصوص الفوائد.
5. أن يراجعها باستمرار لكي ترسخ في ذهنك.
6. أن يجعل أرشيفاً يضع فيه الفوائد التي قد حفظها حفظاً متيناً؛ لكي لا تكثر عليه الفوائد فيتكاسل عن مراجعتها, وفي نفس الوقت لا تضيع منه الفوائد التي قد حفظها.
7. أن يكتب بجانب كل فائدةٍ المصدرَ الذي نقله منها؛ حتى لا يصعب عليه البحث عن مصدرها إذا أراد تفاصيلها, أو إذا أراد نقلها لغيره معزوة إلى مصادرها.
وهذه الأمور تختلف من شخص لآخر, فكلُّ له طريقته في ذلك.
قال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: ((وينبغي لطالب العلم أن يقيد ما علمه, خصوصاً القواعد والضوابط والمسائل النادرة؛ لئلا تفوته, فكثيراً ما يستحضر الإنسان مسألة نادرة ليست قريبة يدركها الإنسان بأدنى تأمل, ثم يعتمد على حفظه ويقول: هذه إن شاء الله لا أنساها, فينساها سريعاً.
فقيّد المسائل ـ خصوصاً النادرة أو القواعد أو الضوابط ـ حتى يكون لديك رصيد.
وقد قيل: (قيدوا العلم بالكتابة)
وقيل:
العلم صيد والكتابة قَيْدُه ** قَيِّدْ صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة ** وتتركها بين الخلائق طالقة)) اهـ كلامه
وقد كنت دونت العديد من الفوائد ورتبتها بحسب مواضيعها, وهأنا أضعها بين أيديكم لعلكم تستفيدون منها.
وأرجو ألا تنسوني من دعواتكم
فوائد في علم أصول الفقه
نفي الكمال ونفي الصحة
الفائدة: وقال ابن حجر الظاهر أن مجموع الأحاديث تحدث منها قوة فتدل على أن له أصلا وهذه الصيغة أعني قوله: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" - إن كان النفي فيها متوجها إلى الذات كما هو الحقيقة دل ذلك على انتفاء الوضوء بانتفاء التسمية والمراد انتفاء الذات الشرعية.
وإن كان متوجها إلي الصحة كما هو المجاز الأقرب إلي الحقيقة لأن نفي الصحة يستلزم نفي الذات دل على عدم صحة وضوء من لم يسم.
وإن كان متوجها إلي الكمال الذي هو أبعد المجازين من الحقيقة لأنه لا يدل على نفي الذات ولا على نفي صحتها دل ذلك على صحة الوضوء لكن لا على جهة الكمال.
فالواجب الحمل على المعنى الحقيقي فإن قامت قرينة تصرف عنه وجب الحمل على المجاز القريب من الذات وهو الصحة فإن وجدت قرينة تدل على الصحة كان النفي متوجها إلي الكمال.
فاعرف هذا واستعمله فيما يرد عليك تنتفع به.
الشيخ: الشوكاني.
المصدر: السيل الجرار.
________________________________________
الفائدة: تأخير البَيَان عن وقت الحاجة في مقام البلاغ لا يجوز.
الشيخ: العثيمين.
المصدر: الشرح الممتع.
________________________________________
الفائدة: دلالة الدليل على كل معناه تسمى مطابقة وعلى بعضه تضمن وعلى ما يستلزمه من الخارج يسمى التزاماً وتقدم موضحاً.
الشيخ: عبد العزيز السلمان.
المصدر: الأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية.
________________________________________
الفائدة: الاسم العام قد يندرج فيه أنواع , منها الاسم العام؛ لأن الإسلام هو الدين فجمع هذه الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان؛ فالإسلام منه الإسلام، وهذا مهم في فهم الشريعة بعامة؛ لأن من الألفاظ ما يكون القسم هو اللفظ ذاته، يعني: أحد الأقسام هو اللفظ ذاته، وله نظائر. إذا وجد هذا، فالاسم العام غير الاسم الخاص.
ولهذا نقول: الاسم العام للإسلام يشمل الإسلام والإيمان والإحسان، وليس هو الاسم الخاص إذا جاء مع الإيمان ومع الإحسان؛ لهذا لم يلحظ هذا الأمر طائفة من أهل العلم، فجعلوا الإسلام والإيمان واحدا، ولم يفرقوا بين الإسلام والإيمان حتى عزا بعضهم هذا القول لجمهور السلف، وهذا ليس بصحيح، فإن السلف فرقوا ما بين الإسلام والإيمان إذا كان هذا في مورد وهذا في مورد، إذا كان الإسلام والإيمان في مورد واحد.
وأما إذا كان الإسلام في مورد والإيمان في مورد، يعني: هذا في سياق وهذا في سياق، هذا في حديث وهذا في حديث، فالإسلام يشمل الدين جميعًا، والإيمان يشمل الدين جميعًا، فإذًا هذا الحديث فيه بيان الإسلام بمراتبه الثلاث.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الأربعين النووية.
________________________________________
الفائدة: المعنى اللغوي أوسع من المعنى الشرعي الاصطلاحي.
الشيخ: محمد أمان الجامي.
المصدر: شرح ثلاثة الأصول.
________________________________________
الفائدة: ما الفرق بين الحاجة وبين الضرورة ؟ إذا كنت ظمآن ترغب في شرب الماء ولكن لو لم تشرب لا يلحقك ضرر هذه تسمى حاجة ، وأما إذا كنت مضطراً إلى شرب الماء بحيث لو لم تشرب يلحقك الضرر والهلاك يجب إن تشرب وكذلك في أكل الميتة وفي مسألة الاستعانة بالكفار كذلك ، إن كانت المسألة مسالة اضطرار كأن خفت على نفسك ودينك ومقدساتك وبلدك وأمتك ما لم تستعن بعد الله بالكافر وتطلب منه المساعدة في مثل هذا الاضطرار ، الاستعانة بهم واجبة وفي دون الاضطرار عند الحاجة العادية الاستعانة بهم جائزة.
الشيخ: محمد أمان الجامي.
المصدر: شرح ثلاثة الأصول.
________________________________________
الفائدة: وفرق بين النص وبين الظاهر ، الظاهر ما يحتمل معنيين ، والنص مالا يحتمل إلا معنى واحداً.
الشيخ: محمد أمان.
المصدر: شرح ثلاثة الأصول.
________________________________________
الفائدة: لا يلزم في إثبات الحكم أن يكون الدليل صريحا في الدلالة عليه ، بل يكفي الظاهر إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه .
الشيخ: العثيمين.
المصدر: أحكام الأضحية والذكاة.
________________________________________
الفائدة: .........لأن ليس فيه إلا مجرد الفعل، والفعل المجرد عند العلماء لا يدل على الوجوب إنما يدل على الاستحباب.
ويعنون بالفعل المجرد: الفعل الذي يأتي من الرسول لا يقع بياناً لمجمل من آية أو حديث آخر.
الشيخ: محمد بازمول.
المصدر: التأصيل في طلب العلم.
________________________________________
الفائدة: فالسُّنَّة في لسان الشَّارع هي: الطريقة التي شرعها الرَّسولُ عليه الصَّلاة والسَّلام، سواء كانت واجبة يُعاقب تاركها أم لا.
الشيخ: العثيمين.
المصدر: الشرح الممتع.
________________________________________
مبحث عصمة الأنبياء
الفائدة: قال الإمام الشنقيطي:
الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لم يَقع منهم ما يزري بمراتبهم العَلِّية، ومناصبهم السامِيَة. ولا يستوجب خطأ منهم ولا نقصاً فيهم صَلوات الله وسلامه عليهم، ولو فَرَضْنا أنه وقع منهم بعض الذنوب لأِنهم يتداركون ما وقع منهم بالتوبة، والإخلاص، وصِدق الإنابة إلى الله حتى ينالوا بذلك أعلى درجاتهم فتكون بذلك درجاتهم أعلى من درجة من لم يرتكب شيئاً من ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
إلى أن قال: وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة؛ فللناس فيه نزاع: هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع؟ ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها؟ أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها؟ أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط؟ وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أو لا؟
والقول الذي عليه جمهور الناس -وهو الموافق للآثار المنقولة من السلف- إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا.
وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال، أو أنها ممن عظمت عليه النعمة أقبح، أو أنها توجب التغيير، أو نحو ذلك من الحجج العقلية... فهذا إنما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع، وإلا؛ فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه؛ كما قال بعض السلف: كان داود عليه السلام بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة".
إلى أن قال: "وبهذا يظهر جواب شبهة من يقول: إن الله لا يبعث نبيا إلا من كان معصوما قبل النبوة! كما يقول ذلك طائفة من الرافضة وغيرهم، وكذلك من قال: إنه لا يبعث نبيا إلا من كان مؤمنا قبل النبوة! فإن هؤلاء توهموا أن الذنوب تكون خفضا وإن تاب التائب منها، وهذا منشأ غلطهم؛ فمن ظن أن صاحب الذنوب مع التوبة النصوح يكون ناقصا؛ فهو غالط غلطا عظيما؛ فإن الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منها شيء أصلا، لكن؛ إن قدم التوبة؛ لم يلحقه شيء، وإن أخر التوبة؛ فقد يلحقه ما بين الذنوب والتوبة من الذم والعقاب ما يناسب حاله.
والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه كانوا لا يؤخرون التوبة، بل يسارعون إليها ويسابقون إليها، لا يؤخرون ولا يصرون على الذنب، بل هم معصومون من ذلك، ومن أخر ذلك زمنا قليلا؛ كفر الله ذلك بما يبتليه به؛ كما فعل بذي النون صلى الله عليه وسلم، هذا على المشهور أن إلقاءه كان بعد النبوة، وأما من قال: إن إلقاءه كان قبل النبوة؛ فلا يحتاج إلى هذا.
والتائب من الكفر والذنوب قد يكون أفضل ممن لم يقع في الكفر والذنوب، وإذا كان قد يكون أفضل؛ فالأفضل أحق بالنبوة ممن ليس قبله في الفضيلة.
وإذا عرف أن الاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية، وهذا الكمال إنما يحصل بالتوبة والاستغفار، ولا بد لكل عبد من التوبة، وهي واجبة على الأولين والآخرين.
وقال أيضا: "والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم؛ يقولون: إنهم معصومون من الإقرار عليها، وحينئذ؛ فما وصفوهم إلا بما فيه كمالهم؛ فإن الأعمال بالخواتيم، وقول المخالف يلزم عليه كون النبي لا يتوب إلى الله".
الخلاصة:
عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منها ما هو مجمع عليه بداية ونهاية، ومنها ما هو مختلف فيه بداية لا نهاية... وبيان ذلك:
1. أجمعوا على عصمتهم فيما يخبرون عن الله تعالى وفي تبليغ رسالاته؛ لأن هذه العصمة هي التي يحصل بها مقصود الرسالة والنبوة.
2. واختلفوا في عصمتهم من المعاصي:
وقال الجمهور بجواز وقوع الصغائر منهم بدليل ما ورد في القرآن والأخبار، لكنهم لا يصرون عليها، فيتوبون منها ويرجعون عنها؛ كما مر تفصيله، فيكونون معصومين من الإصرار عليها، ويكون الاقتداء بهم في التوبة منها.
الشيخ: صالح الفوزان, محمد الأمين الشنقيطي.
المصدر: عقيدة التوحيد, أضواء البيان.
________________________________________
الفائدة: المندوبات تقضى، ويختلف ما قضاؤه له وقت، ومنها ما قضاؤه موسع، وأُمثِّل بالصلاة، الصلاة المندوبة مثل قيام الليل مثلا، فإنه إذا كان له ورد من ليله يصلي خمس ركعات أو سبع ركعات، وفاته تلك الليلة، فإنه يقضيه من صباحه ما بين طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى ما قبل الزوال؛ يعني دخول وقت النهي قبل الزوال يقضيه في هذا الوقت، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا فاته ورده من الليل قضاه صبيحة تلك الليلة اثنتي عشرة ركعة»، وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما فاتته سنة الظهر قضاها بعد العصر ونحو ذلك، فجنس المندوبات تقضى؛ لكن هناك تفصيل في بعض المندوبات.
ولهذا لا أقول كل مندوب يقضى، ولكن لكل نوع منها يحتاج إلى تفصيل، ولكن نعلم جنس المندوبات تقضى هذا صحيح، مثل واحد أراد أن يتصدق وفاتته الصدقة يقضي ذلك، واحد فاتته صلاة العيد يقضي ذلك، وفيه أشياء كثيرة.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: التحريم نستفيده من ألفاظ في الشرع منها الحظر، الحرمة، النهي بلا تفعل، النفي في بعض الحالات يكون أشد النهي، مثل ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18] هذا نفي أو نهي؟ نفي، لأنه قال (فَلَا تَدْعُوا) بإثبات الواو، لو كان نهيا لصارت (فلا تدعُ مع الله أحدا)، إلا إن كانت هذه الواو واو الجماعة فهي محتملة (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) تحتمل إذا كانت واو الجماعة النهي والنفي.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: الإباحة تستفاد من ألفاظ منها التخيير –إذا خُيِّر استفدنا الإباحة- أو أن يترك الحكم على حكمه السابق، أن يترك الشيء على ما كان عليه؛ ولم يبين فيه لا وجوب ولا التحريم ولا استحباب ولا كراهة، فنستفيد من هذا الإباحة.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: الواجب الكفائي هناك تعريف مشهور له وهو ما إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، لكن هذا فيه نظر، والأحسن منه أن يقال الواجب الكفائي هو ما خوطب المكلفون بمجموعهم بأدائه لا بكل فرد بعينه.
المقصود من الواجب الكفائي أن يحدث الفعل دون نظر إلى فاعله، وأما الواجب العيني فالمقصود إحداث الفعل من الفاعل المعين، وهذا فرق مهم يمكن أن تضبط به مسائل الواجب الكفائي، الواجب الكفائي في الشرع مقصود منه إيقاع الفعل دون نظر إلى من فعل، بخلاف الواجب العيني؛ الواجب العيني المقصود منه إيقاع الفعل مع اعتبار النظر إلى من فعل؛ لأنه واجب تعين على واحد بعينه.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: أولا: الواجب له عدة عبارات، عدة ألفاظ يستفاد الوجوب منها.
أولا كُتِبَ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ﴾[البقرة:183] هذه يستفاد منها الوجوب.
فُرِضَ.
لَزِمَ، يَلْزَمُ «ومن لزمته بنت مخاض» الحديث، لَزِمَ يعني من لزمته؛ وجبت عليه.
ومنها صيغة الأمر افْعَل مجردة من اللام، أو باللام؛ لِتَفْعَل مثل قوله تعالى ﴿ثُمَّ لِيَقْضُوا﴾ لام الأمر ﴿لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾[الحج:29].
ومنها من الصيغ التي نستفد منها الوجوب أنْ يُعبَّر عن العبادة الواجبة ببعض أجزائها، مثل قوله تعالى ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء:78]، يستدل العلماء بهذه الآية على أن القراءة واجبة وفرض، القراءة في الصلاة، من أين جاء الاستنباط؟ أنّ الوجوب يستفاد من التعبير عن العبادة ببعض أجزائها، هوأراد الصلاة ولكنه قال (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) يعني صلاة الفجر (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) فعبّر عن الصلاة ببعض أجزائها، فدل على أن هذا الجزء له حكم الأصل وهو الوجوب.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: الإجماع لا ينعقد إذا خالف من أهل الحل والعقد واحد، وهذا هو الصحيح المشهور، وخالف فيه بعض أصحاب الأصول.
الشيخ: النووي.
المصدر: شرح صحيح مسلم.
________________________________________
الفائدة: الاجتهاد لغة: بذل الجهد لإدراك أمر شاق.
واصطلاحاً: بذل الجهد لإدراك حكم شرعي.
والاجتهاد له شروط, منها:
1- أن يَعلمَ من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده, كآيات الأحكام وأحاديثها.
2- أن يعرف ما يتعلق بصحة الحديث وضعفه, كمعرفة الإسناد ورجاله وغير ذلك.
3- أن يعرف الناسخ والمنسوخ ومواقع الإجماع؛ حتى لا يحكم بمنسوخ أو مخالف للإجماع.
4- أن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص أو تقييد أو نحوه؛ حتى لا يحكم بما يخالف ذلك.
5- أن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ, كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين ونحو ذلك؛ ليحكم بما تقتضيه تلك الدلالات.
6- أن يكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها.
والاجتهاد يتجزأ, فيكون في باب واحد من أبواب العلم، أو في مسألة من مسائله.
والمهم أن المجتهد يلزمه أن يبذل جهده في معرفة الحق ثم يحكم بما يظهر له, فإن أصاب؛ فله أجران: أجر على اجتهاده, وأجر على إصابة الحق؛ لأن في إصابة الحق إظهاراً له وعملاً به.
وإن أخطأ؛ فله أجر واحد, والخطأ مغفور له؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
وإن لم يظهر له الحكم؛ وجب عليه التوقف, وجاز التقليد حينئذ؛ للضرورة؛ لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}. ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"إن التقليد بمنزلة أكل الميتة, فإذا استطاع أن يستخرج الدليل بنفسه فلا يحل له التقليد". وقال ابن القيم -رحمه الله- في "النونية":
العلم معرفة الهدى بدليله ^^^ ما ذاك والتقليد يستويان
والتقليد يكون في موضعين:
الأول: أن يكون المقلد عامياً لا يستطيع معرفة الحكم بنفسه, ففرضه التقليد؛ لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}, ويقلد أفضلَ مَن يجده علماً وورعاً، فإن تساوى عنده اثنان خُيِّر بينهما.
الثاني: أن يقع للمجتهد حادثة تقتضي الفورية ولا يتمكن من النظر فيها, فيجوز له التقليد حينئذ.
والتقليد نوعان:
عام وخاص.
فالعام: أن يلتزم مذهباً معيناً يأخذ برخصه وعزائمه في جميع أمور دينه، وقد اختلف العلماء فيه:
فمنهم من حكى وجوبَه لتعذر الاجتهاد في المتأخرين.
ومنهم من حكى تحريمه لما فيه من الالتزام المطلق لاتِّباع غيرِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : "إن في القول بوجوب طاعة غير النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل أمره ونهيه هو خلاف الإجماع, وجوازُه فيه ما فيه".
والخاص: أن يأخذ بقول معين في قضية معينة, فهذا جائز إذا عجز عن معرفة الحق بالاجتهاد -سواء عجز عجزاً حقيقياً، أو استطاع ذلك مع المشقة العظيمة-.
الشيخ: العثيمين.
المصدر: شرح الأصول الستة.
________________________________________
الفائدة: إذا كان هناك اختلاف في القيود في مسألة ما؛ يقيَّد في نصٍّ بقيد وفي آخر بقيد آخر؛ بقي النص على عمومه.
الشيخ: الشثري.
المصدر: برنامج تيسير الفقه.
________________________________________
الفائدة: في قوله –صلى الله عليه وسلم-: (إذا ولغ الكلب...) الكلب مفرد معرف بأل الجنسية, فيفيد العموم.
الشيخ: الشثري.
المصدر: برنامج تيسير الفقه.
________________________________________
الفائدة: إذا تكلمت إجابةً فلا ينبغي تنزيلها على واقع في ذهن المستمع، بل نؤصل التأصيل الشرعي، والتنزيل ليس مرادا؛ لأنّ التأصيل شيء والتنزيل شيء آخر.
التأصيل له قواعده، والتنزيل له أحكامه.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: الهجر.
الحمد لله رب العالمين ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى، وخليله المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى ، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن من المهم لطالب العلم أن يهتم بتدوين الفوائد التي تمر به, سواء أكانت خلاصات, أم فوائد في غير مظانها, أم ترجيحات, أم تعريفات, أم قواعد, أم ضوابط... إلى غير ذلك.
ويحسُن به أن يحرص في جمعه للفوائد على الأمور الآتية:
1. أن يكون معه دفتر صغير يحمله معه أينما ذهب, يدون فيه ما يمر عليه من ذلك, لأنه قد تأتي الفائدة في أي وقت, فينبغي عليك أن تكون مستعداً لتدوينها.
2. أن يكتب الفوائد بشكل مرتب ـ لكي لا تتداخل مع بعضها ـ وبخط واضح ـ لكي لا يجد عناءً في قراءتها ـ وبقلم حبر ـ لكي يبقى الخط وقتاً أطول ولا يمتحى ـ .
3. أن يرقم الفوائد, ثم يعمل فهرساً لها؛ لكي يتمكن من إيجادها بسهولة, أو يجعل في جهاز الكمبيوتر ملفات ينقل فيها الفوائد بحيث يجعل كل ملف مختصاً بعلم؛ فيجعل ملفاً للفوائد العقدية, وآخر للفوائد الفقهية, وآخر للفوائد الحديثية... وهلم جراً.
4. أن يعنون الفوائد بقدر المستطاع, لكي يستطيع إيجادها بسهولة من دون أن يحتاج لقراءة نصوص الفوائد.
5. أن يراجعها باستمرار لكي ترسخ في ذهنك.
6. أن يجعل أرشيفاً يضع فيه الفوائد التي قد حفظها حفظاً متيناً؛ لكي لا تكثر عليه الفوائد فيتكاسل عن مراجعتها, وفي نفس الوقت لا تضيع منه الفوائد التي قد حفظها.
7. أن يكتب بجانب كل فائدةٍ المصدرَ الذي نقله منها؛ حتى لا يصعب عليه البحث عن مصدرها إذا أراد تفاصيلها, أو إذا أراد نقلها لغيره معزوة إلى مصادرها.
وهذه الأمور تختلف من شخص لآخر, فكلُّ له طريقته في ذلك.
قال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: ((وينبغي لطالب العلم أن يقيد ما علمه, خصوصاً القواعد والضوابط والمسائل النادرة؛ لئلا تفوته, فكثيراً ما يستحضر الإنسان مسألة نادرة ليست قريبة يدركها الإنسان بأدنى تأمل, ثم يعتمد على حفظه ويقول: هذه إن شاء الله لا أنساها, فينساها سريعاً.
فقيّد المسائل ـ خصوصاً النادرة أو القواعد أو الضوابط ـ حتى يكون لديك رصيد.
وقد قيل: (قيدوا العلم بالكتابة)
وقيل:
العلم صيد والكتابة قَيْدُه ** قَيِّدْ صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة ** وتتركها بين الخلائق طالقة)) اهـ كلامه
وقد كنت دونت العديد من الفوائد ورتبتها بحسب مواضيعها, وهأنا أضعها بين أيديكم لعلكم تستفيدون منها.
وأرجو ألا تنسوني من دعواتكم
فوائد في علم أصول الفقه
نفي الكمال ونفي الصحة
الفائدة: وقال ابن حجر الظاهر أن مجموع الأحاديث تحدث منها قوة فتدل على أن له أصلا وهذه الصيغة أعني قوله: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" - إن كان النفي فيها متوجها إلى الذات كما هو الحقيقة دل ذلك على انتفاء الوضوء بانتفاء التسمية والمراد انتفاء الذات الشرعية.
وإن كان متوجها إلي الصحة كما هو المجاز الأقرب إلي الحقيقة لأن نفي الصحة يستلزم نفي الذات دل على عدم صحة وضوء من لم يسم.
وإن كان متوجها إلي الكمال الذي هو أبعد المجازين من الحقيقة لأنه لا يدل على نفي الذات ولا على نفي صحتها دل ذلك على صحة الوضوء لكن لا على جهة الكمال.
فالواجب الحمل على المعنى الحقيقي فإن قامت قرينة تصرف عنه وجب الحمل على المجاز القريب من الذات وهو الصحة فإن وجدت قرينة تدل على الصحة كان النفي متوجها إلي الكمال.
فاعرف هذا واستعمله فيما يرد عليك تنتفع به.
الشيخ: الشوكاني.
المصدر: السيل الجرار.
________________________________________
الفائدة: تأخير البَيَان عن وقت الحاجة في مقام البلاغ لا يجوز.
الشيخ: العثيمين.
المصدر: الشرح الممتع.
________________________________________
الفائدة: دلالة الدليل على كل معناه تسمى مطابقة وعلى بعضه تضمن وعلى ما يستلزمه من الخارج يسمى التزاماً وتقدم موضحاً.
الشيخ: عبد العزيز السلمان.
المصدر: الأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية.
________________________________________
الفائدة: الاسم العام قد يندرج فيه أنواع , منها الاسم العام؛ لأن الإسلام هو الدين فجمع هذه الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان؛ فالإسلام منه الإسلام، وهذا مهم في فهم الشريعة بعامة؛ لأن من الألفاظ ما يكون القسم هو اللفظ ذاته، يعني: أحد الأقسام هو اللفظ ذاته، وله نظائر. إذا وجد هذا، فالاسم العام غير الاسم الخاص.
ولهذا نقول: الاسم العام للإسلام يشمل الإسلام والإيمان والإحسان، وليس هو الاسم الخاص إذا جاء مع الإيمان ومع الإحسان؛ لهذا لم يلحظ هذا الأمر طائفة من أهل العلم، فجعلوا الإسلام والإيمان واحدا، ولم يفرقوا بين الإسلام والإيمان حتى عزا بعضهم هذا القول لجمهور السلف، وهذا ليس بصحيح، فإن السلف فرقوا ما بين الإسلام والإيمان إذا كان هذا في مورد وهذا في مورد، إذا كان الإسلام والإيمان في مورد واحد.
وأما إذا كان الإسلام في مورد والإيمان في مورد، يعني: هذا في سياق وهذا في سياق، هذا في حديث وهذا في حديث، فالإسلام يشمل الدين جميعًا، والإيمان يشمل الدين جميعًا، فإذًا هذا الحديث فيه بيان الإسلام بمراتبه الثلاث.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الأربعين النووية.
________________________________________
الفائدة: المعنى اللغوي أوسع من المعنى الشرعي الاصطلاحي.
الشيخ: محمد أمان الجامي.
المصدر: شرح ثلاثة الأصول.
________________________________________
الفائدة: ما الفرق بين الحاجة وبين الضرورة ؟ إذا كنت ظمآن ترغب في شرب الماء ولكن لو لم تشرب لا يلحقك ضرر هذه تسمى حاجة ، وأما إذا كنت مضطراً إلى شرب الماء بحيث لو لم تشرب يلحقك الضرر والهلاك يجب إن تشرب وكذلك في أكل الميتة وفي مسألة الاستعانة بالكفار كذلك ، إن كانت المسألة مسالة اضطرار كأن خفت على نفسك ودينك ومقدساتك وبلدك وأمتك ما لم تستعن بعد الله بالكافر وتطلب منه المساعدة في مثل هذا الاضطرار ، الاستعانة بهم واجبة وفي دون الاضطرار عند الحاجة العادية الاستعانة بهم جائزة.
الشيخ: محمد أمان الجامي.
المصدر: شرح ثلاثة الأصول.
________________________________________
الفائدة: وفرق بين النص وبين الظاهر ، الظاهر ما يحتمل معنيين ، والنص مالا يحتمل إلا معنى واحداً.
الشيخ: محمد أمان.
المصدر: شرح ثلاثة الأصول.
________________________________________
الفائدة: لا يلزم في إثبات الحكم أن يكون الدليل صريحا في الدلالة عليه ، بل يكفي الظاهر إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه .
الشيخ: العثيمين.
المصدر: أحكام الأضحية والذكاة.
________________________________________
الفائدة: .........لأن ليس فيه إلا مجرد الفعل، والفعل المجرد عند العلماء لا يدل على الوجوب إنما يدل على الاستحباب.
ويعنون بالفعل المجرد: الفعل الذي يأتي من الرسول لا يقع بياناً لمجمل من آية أو حديث آخر.
الشيخ: محمد بازمول.
المصدر: التأصيل في طلب العلم.
________________________________________
الفائدة: فالسُّنَّة في لسان الشَّارع هي: الطريقة التي شرعها الرَّسولُ عليه الصَّلاة والسَّلام، سواء كانت واجبة يُعاقب تاركها أم لا.
الشيخ: العثيمين.
المصدر: الشرح الممتع.
________________________________________
مبحث عصمة الأنبياء
الفائدة: قال الإمام الشنقيطي:
الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لم يَقع منهم ما يزري بمراتبهم العَلِّية، ومناصبهم السامِيَة. ولا يستوجب خطأ منهم ولا نقصاً فيهم صَلوات الله وسلامه عليهم، ولو فَرَضْنا أنه وقع منهم بعض الذنوب لأِنهم يتداركون ما وقع منهم بالتوبة، والإخلاص، وصِدق الإنابة إلى الله حتى ينالوا بذلك أعلى درجاتهم فتكون بذلك درجاتهم أعلى من درجة من لم يرتكب شيئاً من ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
إلى أن قال: وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة؛ فللناس فيه نزاع: هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع؟ ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها؟ أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها؟ أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط؟ وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أو لا؟
والقول الذي عليه جمهور الناس -وهو الموافق للآثار المنقولة من السلف- إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا.
وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال، أو أنها ممن عظمت عليه النعمة أقبح، أو أنها توجب التغيير، أو نحو ذلك من الحجج العقلية... فهذا إنما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع، وإلا؛ فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه؛ كما قال بعض السلف: كان داود عليه السلام بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة".
إلى أن قال: "وبهذا يظهر جواب شبهة من يقول: إن الله لا يبعث نبيا إلا من كان معصوما قبل النبوة! كما يقول ذلك طائفة من الرافضة وغيرهم، وكذلك من قال: إنه لا يبعث نبيا إلا من كان مؤمنا قبل النبوة! فإن هؤلاء توهموا أن الذنوب تكون خفضا وإن تاب التائب منها، وهذا منشأ غلطهم؛ فمن ظن أن صاحب الذنوب مع التوبة النصوح يكون ناقصا؛ فهو غالط غلطا عظيما؛ فإن الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منها شيء أصلا، لكن؛ إن قدم التوبة؛ لم يلحقه شيء، وإن أخر التوبة؛ فقد يلحقه ما بين الذنوب والتوبة من الذم والعقاب ما يناسب حاله.
والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه كانوا لا يؤخرون التوبة، بل يسارعون إليها ويسابقون إليها، لا يؤخرون ولا يصرون على الذنب، بل هم معصومون من ذلك، ومن أخر ذلك زمنا قليلا؛ كفر الله ذلك بما يبتليه به؛ كما فعل بذي النون صلى الله عليه وسلم، هذا على المشهور أن إلقاءه كان بعد النبوة، وأما من قال: إن إلقاءه كان قبل النبوة؛ فلا يحتاج إلى هذا.
والتائب من الكفر والذنوب قد يكون أفضل ممن لم يقع في الكفر والذنوب، وإذا كان قد يكون أفضل؛ فالأفضل أحق بالنبوة ممن ليس قبله في الفضيلة.
وإذا عرف أن الاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية، وهذا الكمال إنما يحصل بالتوبة والاستغفار، ولا بد لكل عبد من التوبة، وهي واجبة على الأولين والآخرين.
وقال أيضا: "والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم؛ يقولون: إنهم معصومون من الإقرار عليها، وحينئذ؛ فما وصفوهم إلا بما فيه كمالهم؛ فإن الأعمال بالخواتيم، وقول المخالف يلزم عليه كون النبي لا يتوب إلى الله".
الخلاصة:
عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منها ما هو مجمع عليه بداية ونهاية، ومنها ما هو مختلف فيه بداية لا نهاية... وبيان ذلك:
1. أجمعوا على عصمتهم فيما يخبرون عن الله تعالى وفي تبليغ رسالاته؛ لأن هذه العصمة هي التي يحصل بها مقصود الرسالة والنبوة.
2. واختلفوا في عصمتهم من المعاصي:
وقال الجمهور بجواز وقوع الصغائر منهم بدليل ما ورد في القرآن والأخبار، لكنهم لا يصرون عليها، فيتوبون منها ويرجعون عنها؛ كما مر تفصيله، فيكونون معصومين من الإصرار عليها، ويكون الاقتداء بهم في التوبة منها.
الشيخ: صالح الفوزان, محمد الأمين الشنقيطي.
المصدر: عقيدة التوحيد, أضواء البيان.
________________________________________
الفائدة: المندوبات تقضى، ويختلف ما قضاؤه له وقت، ومنها ما قضاؤه موسع، وأُمثِّل بالصلاة، الصلاة المندوبة مثل قيام الليل مثلا، فإنه إذا كان له ورد من ليله يصلي خمس ركعات أو سبع ركعات، وفاته تلك الليلة، فإنه يقضيه من صباحه ما بين طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى ما قبل الزوال؛ يعني دخول وقت النهي قبل الزوال يقضيه في هذا الوقت، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا فاته ورده من الليل قضاه صبيحة تلك الليلة اثنتي عشرة ركعة»، وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما فاتته سنة الظهر قضاها بعد العصر ونحو ذلك، فجنس المندوبات تقضى؛ لكن هناك تفصيل في بعض المندوبات.
ولهذا لا أقول كل مندوب يقضى، ولكن لكل نوع منها يحتاج إلى تفصيل، ولكن نعلم جنس المندوبات تقضى هذا صحيح، مثل واحد أراد أن يتصدق وفاتته الصدقة يقضي ذلك، واحد فاتته صلاة العيد يقضي ذلك، وفيه أشياء كثيرة.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: التحريم نستفيده من ألفاظ في الشرع منها الحظر، الحرمة، النهي بلا تفعل، النفي في بعض الحالات يكون أشد النهي، مثل ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18] هذا نفي أو نهي؟ نفي، لأنه قال (فَلَا تَدْعُوا) بإثبات الواو، لو كان نهيا لصارت (فلا تدعُ مع الله أحدا)، إلا إن كانت هذه الواو واو الجماعة فهي محتملة (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) تحتمل إذا كانت واو الجماعة النهي والنفي.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: الإباحة تستفاد من ألفاظ منها التخيير –إذا خُيِّر استفدنا الإباحة- أو أن يترك الحكم على حكمه السابق، أن يترك الشيء على ما كان عليه؛ ولم يبين فيه لا وجوب ولا التحريم ولا استحباب ولا كراهة، فنستفيد من هذا الإباحة.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: الواجب الكفائي هناك تعريف مشهور له وهو ما إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، لكن هذا فيه نظر، والأحسن منه أن يقال الواجب الكفائي هو ما خوطب المكلفون بمجموعهم بأدائه لا بكل فرد بعينه.
المقصود من الواجب الكفائي أن يحدث الفعل دون نظر إلى فاعله، وأما الواجب العيني فالمقصود إحداث الفعل من الفاعل المعين، وهذا فرق مهم يمكن أن تضبط به مسائل الواجب الكفائي، الواجب الكفائي في الشرع مقصود منه إيقاع الفعل دون نظر إلى من فعل، بخلاف الواجب العيني؛ الواجب العيني المقصود منه إيقاع الفعل مع اعتبار النظر إلى من فعل؛ لأنه واجب تعين على واحد بعينه.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: أولا: الواجب له عدة عبارات، عدة ألفاظ يستفاد الوجوب منها.
أولا كُتِبَ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ﴾[البقرة:183] هذه يستفاد منها الوجوب.
فُرِضَ.
لَزِمَ، يَلْزَمُ «ومن لزمته بنت مخاض» الحديث، لَزِمَ يعني من لزمته؛ وجبت عليه.
ومنها صيغة الأمر افْعَل مجردة من اللام، أو باللام؛ لِتَفْعَل مثل قوله تعالى ﴿ثُمَّ لِيَقْضُوا﴾ لام الأمر ﴿لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾[الحج:29].
ومنها من الصيغ التي نستفد منها الوجوب أنْ يُعبَّر عن العبادة الواجبة ببعض أجزائها، مثل قوله تعالى ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء:78]، يستدل العلماء بهذه الآية على أن القراءة واجبة وفرض، القراءة في الصلاة، من أين جاء الاستنباط؟ أنّ الوجوب يستفاد من التعبير عن العبادة ببعض أجزائها، هوأراد الصلاة ولكنه قال (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) يعني صلاة الفجر (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) فعبّر عن الصلاة ببعض أجزائها، فدل على أن هذا الجزء له حكم الأصل وهو الوجوب.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: شرح الورقات.
________________________________________
الفائدة: الإجماع لا ينعقد إذا خالف من أهل الحل والعقد واحد، وهذا هو الصحيح المشهور، وخالف فيه بعض أصحاب الأصول.
الشيخ: النووي.
المصدر: شرح صحيح مسلم.
________________________________________
الفائدة: الاجتهاد لغة: بذل الجهد لإدراك أمر شاق.
واصطلاحاً: بذل الجهد لإدراك حكم شرعي.
والاجتهاد له شروط, منها:
1- أن يَعلمَ من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده, كآيات الأحكام وأحاديثها.
2- أن يعرف ما يتعلق بصحة الحديث وضعفه, كمعرفة الإسناد ورجاله وغير ذلك.
3- أن يعرف الناسخ والمنسوخ ومواقع الإجماع؛ حتى لا يحكم بمنسوخ أو مخالف للإجماع.
4- أن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص أو تقييد أو نحوه؛ حتى لا يحكم بما يخالف ذلك.
5- أن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ, كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين ونحو ذلك؛ ليحكم بما تقتضيه تلك الدلالات.
6- أن يكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها.
والاجتهاد يتجزأ, فيكون في باب واحد من أبواب العلم، أو في مسألة من مسائله.
والمهم أن المجتهد يلزمه أن يبذل جهده في معرفة الحق ثم يحكم بما يظهر له, فإن أصاب؛ فله أجران: أجر على اجتهاده, وأجر على إصابة الحق؛ لأن في إصابة الحق إظهاراً له وعملاً به.
وإن أخطأ؛ فله أجر واحد, والخطأ مغفور له؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
وإن لم يظهر له الحكم؛ وجب عليه التوقف, وجاز التقليد حينئذ؛ للضرورة؛ لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}. ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"إن التقليد بمنزلة أكل الميتة, فإذا استطاع أن يستخرج الدليل بنفسه فلا يحل له التقليد". وقال ابن القيم -رحمه الله- في "النونية":
العلم معرفة الهدى بدليله ^^^ ما ذاك والتقليد يستويان
والتقليد يكون في موضعين:
الأول: أن يكون المقلد عامياً لا يستطيع معرفة الحكم بنفسه, ففرضه التقليد؛ لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}, ويقلد أفضلَ مَن يجده علماً وورعاً، فإن تساوى عنده اثنان خُيِّر بينهما.
الثاني: أن يقع للمجتهد حادثة تقتضي الفورية ولا يتمكن من النظر فيها, فيجوز له التقليد حينئذ.
والتقليد نوعان:
عام وخاص.
فالعام: أن يلتزم مذهباً معيناً يأخذ برخصه وعزائمه في جميع أمور دينه، وقد اختلف العلماء فيه:
فمنهم من حكى وجوبَه لتعذر الاجتهاد في المتأخرين.
ومنهم من حكى تحريمه لما فيه من الالتزام المطلق لاتِّباع غيرِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : "إن في القول بوجوب طاعة غير النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل أمره ونهيه هو خلاف الإجماع, وجوازُه فيه ما فيه".
والخاص: أن يأخذ بقول معين في قضية معينة, فهذا جائز إذا عجز عن معرفة الحق بالاجتهاد -سواء عجز عجزاً حقيقياً، أو استطاع ذلك مع المشقة العظيمة-.
الشيخ: العثيمين.
المصدر: شرح الأصول الستة.
________________________________________
الفائدة: إذا كان هناك اختلاف في القيود في مسألة ما؛ يقيَّد في نصٍّ بقيد وفي آخر بقيد آخر؛ بقي النص على عمومه.
الشيخ: الشثري.
المصدر: برنامج تيسير الفقه.
________________________________________
الفائدة: في قوله –صلى الله عليه وسلم-: (إذا ولغ الكلب...) الكلب مفرد معرف بأل الجنسية, فيفيد العموم.
الشيخ: الشثري.
المصدر: برنامج تيسير الفقه.
________________________________________
الفائدة: إذا تكلمت إجابةً فلا ينبغي تنزيلها على واقع في ذهن المستمع، بل نؤصل التأصيل الشرعي، والتنزيل ليس مرادا؛ لأنّ التأصيل شيء والتنزيل شيء آخر.
التأصيل له قواعده، والتنزيل له أحكامه.
الشيخ: صالح آل الشيخ.
المصدر: الهجر.
تعليق