السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الموضوع الذي حدده الإخوان وهو: توجيهات لمن يريد أن يدرس القواعد الفقهية ، هو في الواقع موضوع واسع جدا ، ولكنني سأتكلم على جملة من توجيهات ، وستكون من التوجيهات الهامة لأن فيه توجيهات قد تكون يعني مكررة .
التوجيه الأول : هو أن القواعد الفقهية عندما ننظر إلى تكوينها يعني كيف تتكون لأنها هي ما كانت موجودة على شكل القواعد المدونة الآن والتي صيغت .
عندما ننظر إلى كيفية التكوين نجد أن من القواعد ما جاء النص عليه كما قال صلى الله عليه وسلم : [ لا ضرر ولا ضرار ])[1]( .
فقوله : [ لا ضرر ] نكرة في سياق النفي وهي عامة لكل ضرر ، لكن هذا الضرر من جهة الابتداء بمعنى أن الشخص لا يَضُرُّ ابتداء ؛ لا يَضُرُّ نفسه ولا يضُرُّ غيره فهي شاملة - هذه الكلمة شاملة - لجميع أنواع الضرر الابتدائي قلَّ أو كثُر ، جميع الفروع من الضرر الابتدائي كلها داخلة تحت هذا اللفظ .
والكلمة الثانية : [ ولا ضرار ] هذا أيضا نكرة في سياق النفي ، ومعنى هذا أنك عندما تريد أن تأخذ حقك ممن صدر منه عليك ضرر أو يبي )[2]( يقام عليه عقوبة من العقوبات ، هذه الكلمة شاملة لجميع الفروع التي يكون فيها اعتداء على أخذ الحق ، بصرف النظر عن كون أخذ الحق من فرد ولا تطبيق مثلا عقوبة من العقوبات ، ولهذا إذا ضممت إلى ذلك قوله تعالى : ﭽﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﭼالنحل: ١٢٦ ،ﭽﮬﮭﮮﮯﮰﭼالشورى: ٤٠، فلا تزيد على الحق الذي لك ، وإذا زدت على الحق الذي لك فهذه الزيادة هي المنفية في قوله صلى الله عليه وسلم :[ و لا ضرار ] فيشمل جميع أنواع الضرر اللي فيه تعدي على الحق الذي يكون لك .
ومثل حديث :[إنما الأعمال بالنيات ])[3]( إذا نظرت إلى هذا الحديث وجدت يعني كلام مختصر لكنه شامللجميع المقاصد التي تصدر من الشخص .
كلمة أعمال تشمل أربعة أمور:
* الأمر الأول: الأفعال في الجوارح في السمع وفي البصر وسائر جوارح البدن .
* والثاني: القول باللسان، فالله سماه فعلا في قوله تعالى في سورة الأنعام: ﭽﭵﭶﭷﭸﭼالأنعام: ١١٢فسمى القول فعلا .
*والعزم يعني الثالث: العزم المصمم ، ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : [إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قالوا : هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : لأنه كان حريصا على قتل أخيه ] )[4](.
حديث أيضا: [ من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ])[5]( هم بسيئة فتركها لوجه الله.
* والرابع هو الكف يعني كف الإنسان عن الشيء الذي يشرع له أن يقدم عليه، أو يشرع له أن يتركه، يعني كف، فعندما يرى الشخص شخصا يحترق أو وقع في ماء فغرق وكف عن إنقاذه فإنه يكون آثما.
بناء على ذلك فكلمة [ إنما الأعمال ] شملت جميع الأعمال بالأقسام الأربعة التي ذكرتها لكم.
وكلمة [ بالنيات ] هذه شملت جميع المقاصد التي تصدر من الإنسان ، يعني عمل مقرون بنية سيئة ولا حسنة ، ولهذا كانت النية في باب العبادات كانت شرطا في قصد الامتثال ، وشرطا في صحة العمل ؛ أن يكون العمل صحيحا ويقصد به وجه الله ، فهي الشرط للثواب من جهة ولصحة العمل من جهة أخرى .
و لابد أيضا من نية الدخول في العمل ، نية الدخول في الصلاة وكون هذه الصلاة لوجه الله ، لكن في غير العبادات تجدونها شرطا في الثواب على العمل ، لكن ليست شرطا لصحة العمل ، بمعنى أن الإنسان لو قال لشخص : بعتك هذه السيارة ، ثم بعد ذلك قال : والله صحيح أنا قلت لك إني بعتك هذه السيارة لكني ما نويت البيع ، أو طلق زوجته وقال : أنا صحيح تكلمت في الطلاق لكني ما نويت الطلاق ، فهي شرط في الثواب على العمل في باب العادات وليست شرطا في صحة العمل .
الغرض أن هذا هو الطريق الأول من الطرق التي تدل على القاعدة، يعني النص.
الطريق الثاني هو الاستنباط: يعني استنبطوا وصاغوا القاعدة لأن الدليل الذي ذكرت لكم في مسألة النية صاغ العلماء منها الأمور بمقاصدها، لكن نفس الدليل دال على هذا الشيء الدليل فيه كفاية.
في قوله تعالى : ﭽﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﭼالأنعام: ١٦٤استنبط العلماء من ذلك قاعدة وهي أنه لا يأخذ أحد بجريرة غيره ، مثل ما تشاهدون الآن الحوادث التي تذاع في وسائل الإعلام من جهة الجناية على شخص لا ذنب له ، يقتلونه من أجل أبيه أو من أجل أخيه أو من أجل ولده إلى غير ذلك .
الطريق الثالث : طريق الاستقراء : ومعنى ذلك أن العلماء يستقرؤون الأدلة التي تدل على معنى واحد ثم يصوغون من هذا الاستقراء قاعدة تتكون من مبتدأ وخبر فقط .
وطريق الاستقراء هذا هو طريق نافع لمن تأمله؛ لأنه مهم جدا وذلك أنك تتتبع الأدلة المشتركة في معنى واحد ثم تُكَونُ من هذا المعنى القاعدة الفقهية.
فيه أدلة كثيرة في القرآن وأدلة كثيرة في السنة على أن الأصل براءة الذمة ، هذا هو الأصل ولهذا يقول الله جل وعلا : ﭽﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﭼالإسراء: ١٥، عندما تُشغل الذمة بالصلاة أو بالصيام أو بالزكاة أو بغير ذلك كثير في الشريعة ، عندما تُشغل فالأصل إشغالها ، ولا يزول هذا الإشغال إلا بأداء ما شغلها ، ولهذا ترون أن الإنسان إذا فاتته الصلاة إذا فاته شيء من الصلاة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : [ ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ])[6]( وإذا فاتت الإنسان الصلاة كلها يقضيها ، وإذا نام عنها يقضيها ، وإذا نسيها يقضيها ، من هذين الأمرين يعني الأدلة التي كونت هذين الأمرين وهما :
- أن الأصل براءة الذمة.
- وأنها إذا شُغلت لا تبرأ إلا بأداء ما شغلها .
و الأدلة كثيرة من القرآن ومن السنة، صاغ العلماء من هذه الأدلة قاعدة جمعت جميع الفروع فقالوا: الأصل بقاء ما كان على ما كان.
فكلمة: ما كان من العدم، وكلمة ما كان من الوجود، فالأصل بقاء ما كان إذا كانت الكينونة العدم وهي براءة الذمة، أو الكينونة شغل الذمة.
فهذه جملة من مبتدأ وخبر فقط؛ الأصل هذا هو المبتدأ، بقاء ما كان على ما كان هذا هو الخبر.
عندما يحفظ الإنسان هذه القاعدة كل فرع من فروع هذين النوعين يرده إليها ، وكما أن هذا الأصل مستخدم بالنسبة للمكلفين فيما بينهم وفيما بين العبد وبين الله وفيما بين العبد وبين نفسه ، فكذلك هي تستعمل في أدلة التشريع ، لكن عندما تستعمل في أدلة التشريع يسمونها في علم الأصول الاستصحاب )[7](، فيقولون مثلا : الأصل في الأدلة عدم النسخ ، والأصل في العام بقاء العموم ، الأصل في الدليل عدم النسخ حتى يرد الناسخ ، والأصل في العام بقاؤه على العموم حتى يرد المخصص وهكذا .
هذه طرق ثلاثة كل طريق منها يستدل به على القاعدة يعني يُكَوَّنُ به القاعدة أو يكون هو قاعدة.
إذا نظرنا - يعني - إلى أمر آخر وهو التعليل الذي يذكر في القرآن ويذكر في السنة، إذا نظرنا إلى هذا وجدنا أدلة كثيرة مشتملة على التعليل.
العلماء نظروا في هذه الأدلة واستخلصوا منها قاعدة من العلل ، مثل قوله تعالى :ﭽﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﭼالمائدة: ٦وهذه أبلغ آية في القرآن تدل على نفي الحرج ، وفيه أدلة كثيرة مثل :ﭽﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﭼالبقرة: ٢٨٦،ﭽﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭼالأنعام: ١٥٢،ﭽﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼالبقرة: ٢٣٣يعني غرضي إنه في أدلة جاءت مُعَللة نصا ، العلماء يصوغون من هذه العلل ما هو من دلالة الدليل لا ، من العلة يصوغون قاعدة ، فصاغوا قاعدة متكونة من مبتدأ وخبر ، فقالوا :المشقة تجلب التيسير ، المشقة مبتدأ وتجلب فعل مضارع إلى آخره وهو الخبر .
هذه القاعدة ما يستطيع أي شخص يحصي فروعها في الشريعة ، فجميع الرُخَص تجدونها داخلة في هذه القاعدة ، وتجدون العزائم داخلة في هذه القاعدة من جهة أصلها وكميتها وكيفيتها وزمان أدائها ومكان أدائها ، هذه الأمور الخمسة ، هذا في العزائم غير الرخص .
فتجدون هذا المبتدأ والخبر اشتمل على جميع فروع الشريعة؛ إن نظرت إليها من جهة العزائم أو نظرت إليها من جهة الرخص ، فتقول : المشقة تجلب التيسير من جهة أصل أصل التشريع ، أو من جهة كمية المشروع ، أو كيفية المشروع ، أو مثلا الزمان الذي يؤدى فيه المشروع ، أو المكان الذي يؤدى فيه المشروع .
في الشرائع السابقة ما كان الشخص يصلي في أي مكان أدركته الصلاة إذا كان طاهرا، إنما يصلي في مسجده فقط، لا تصح صلاته إلا في مكان معين واحد.
في هذه الأمة [ جعلت ليَ الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل أدركته فليصلِّ ] )[8](.
فغرضي أنا أن هذا الطريق هو طريق أيضا يعني في تتبع العلل ما هو بتتبع لدلالة الدليل لا ، لأنه في تتبع لدلالة الدليل يعني ما يدل عليه الدليل ، وفيه تتبع للحكمة للعلة ، فهذا طريق من الطرق التي تُكَون منها القاعدة ، لكن هذا يحتاج إلى أشخاص عندهم قدرة عندهم إمكانية ينظرون في الأدلة ويستخرجون منها القواعد.
هذه طرق أربعة، وفيه طرق أخرى لكن هذه الطرق الأربعة هي من أوسع ما يكون بالنسبة لصياغة القواعد.
فيه طريق خامس بس إنه يحتاج إلى هذا الطريق الخامس هو استخراج القواعد عن طريق استنباط العلل ما هو النص على العلل لا ، استنباط العلل ، ولهذا تجدون أن هذا النوع ما يكون من القواعد المتفق عليها ، يكون فيها اختلاف ، فهذه طرق خمسة كل طريق منها طريق لإظهار القاعدة سواء كان مثلا من ناحية النص إلى آخره .
ولهذا الشخص عندما يقرأ القرآن وعندما يقرأ الأحاديث هو في أمس الحاجة إلى التأني والتكرار.
يقول بعض أصحاب الشافعي يقول: قرأت الرسالة للشافعي ستمائة مرة وفي كل مرة يتبين لي من العلم ما لم يتبين لي من قبل، وهذا يعطي طالب العلم أن كثرة تكرار الآية أو تكرار الحديث يعطيه فهما أكثر.
القاعدة الفقهية عندما ننظر إليها - يعني هذا توجيه ثاني - القاعدة الفقهية عندما ننظر إليها من جهة الاستفادة منها .
يقول بعض أصحاب أبي حنيفة: إن فقه أبي حنيفة ألف ألف مسألة ومائة ألف مسألة وزيادة.
هذه الفروع يصعب على الإنسان أن يحفظها، لكنك إذا حفظت القاعدة تماما استطعت أن تخرج عليها من الفروع الشيء الكثير ، إذا حفظت القاعدة وفهمتها تماما استطعت أن تخرج عليها ما لا يحصى من الفروع ، ما لا تحصيه أنت ، يعني كل فرع يأتي وتجد بأن طريقة التخريج أن الفرع الذي تخرجه على القاعدة لابد أن يكون مشتملا على المناط الموجود في القاعدة ؛ فالفرع يكون فيه نسبة من المناط الذي اشتملت عليه القاعدة وهذا المناط هو العنصر الأساسي لتكوين القاعدة ، مثل ما ذكرت لكم في قاعدة : المشقة تجلب التيسير .
فعندما تريد أن تُخَرِّج تخرج فرع، تبغي تعطيه حكم القاعدة يكون مشتملا على المناط الموجود في القاعدة، وهذا يعني قد يكون فيه سهولة، لكن الذي أصعب منه الحوادث ما تتناهى لماذا ؟ لأن هذه الشريعة من خصائصها الكمال ، بمعنى أنها مستوعبة لجميع ما يحتاج إليه الناس في أمور دينهم وفي أمور دنياهم وفي أمور آخرتهم ، لأن هذه الشريعة ما كُوّنَت من فروع هي مكونة من قواعد ، لكن الأدلة الموجودة فيها ترجع إلى هذه القواعد سواء كانت هذه القواعد من جهة الأصول ، أو من جهة قواعد الفقه ، أو من جهة قواعد مقاصد الشريعة ، لأن أصول الفقه هو عبارة عن الأدلة : الكتاب والسنة والإجماع والقياس و إلى آخره يعني تقريبا هي تسعة عشر دليل ، هذه أصول الفقه .
لكن قواعد الأصول هذه قواعد الأصول يعني متكونة من أصول الفقه ، و لو بالكلام فيها علشان أشرح لكم هذه النقطة ذي :
ففي أصول الفقه وقواعد الأصول وقواعد الفقه وقواعد المقاصد ، فعلى هذا الأساس الإنسان عندنا بالنظر إلى الحوادث تجدونها لا تحصى ، وصارت الشريعة كاملة لأن أي حادثة تحدث لابد من إرجاعها إلى قاعدتها ، لكن هذا الإرجاع يحتاج إلى أربع خطوات ، والخطوة الخامسة هي التي يعني تكون هي النتيجة .
فتنظر في الحادثة من جهة صورتها ، وتنظر إليها من جهة مناطها ثم تبحث عن القاعدة التي تشتمل على مناط هذا الفرع ، وتتأكد تنظر إلى القاعدة وتنظر إلى مناطها ثم بعد ذلك تعمل مقارنة بين الحادثة ومناطها وبين القاعدة ومناطها فإذا حصل التطابق بين الفرع بين صورة الفرع ومناطه وبين مدلول القاعدة تأتي النتيجة الخامسة وهي إعطاء هذا الفرع حكم القاعدة.
هذه هي الطريقة إلى رد الحوادث التي لا تحصى ردها إلى قواعدها، لابد من مراحل أربع وتأتي المرحلة الخامسة التي هي إعطاء الفرع حكم القاعدة.
فإذن هذه القواعد مستوعبة لجميع الفروع المستنبطة من القرآن ومن السنة ، ومستوعبة لجميع الحوادث التي تحدث كما ذكرت لكم قبل قليل سواء كانت من أمور الدنيا أو كانت من أمور الآخرة أو كانت من أمور الدين في الدنيا ، فلابد من هذا .
فيه الآن أمر آخر يعني توجيه ثالث : لأن هذا التوجيه زبدته كيف تستفيد من القواعد:
فيه يعني عندنا الآن مسألة التخريج ومسألة الرد ، عندما نريد إنا نحن هذا المجال بالتدرب - هذا توجيه ثالث - إذا نظرنا إلى شروح متون الفقه على مستوى جميع المذاهب ، وسواء كانت مثلا كتب المذهب الواحد أو الفقه المقارن سواء كان يعني فيه ما أنا داخل في تصنيف كتب الفقه ، لكن أنا غرضي هو شروح متون الفقه .
العلماء السابقون رحمهم الله تجد عندهم تطبيق دقيق في مسألة تخريج الفروع، وفي مسألة رد الفروع.
فتخريج الفروع كثير جدا من كتب القواعد المؤلفة في جميع المذاهب تجد القاعدة والأمثلة، الأمثلة هذه هو تخريج على القاعدة مثل قواعد ابن رجب ومثل قواعد الكرخي في المذهب الحنفي ، مثل الأشباه والنظائر للسيوطي والأشباه والنظائر لابن نجيم و.. كثير من كتب القواعد تجد أنه يذكر القاعدة ويخرج عليها ، والكمية المخرَّجَة تجدها تقل وتتوسط وتكثر.
المهم أن العلماء الذين سبقونا يعني سلكوا مسلك التخريج على القواعد ، والكتب موجودة وتُباع في السوق ، وهذا سهل لكن الشيء الذي يحتاج طالب العلم أن يتنبه له وقد يستفيد منه هو رد الفروع إلى القواعد ، يعني العلماء السابقون تجد جميع شروح الفقه بدون استثناء ، جميع شروح الفقه يعني كتب الفقه بدون استثناء في جميع المذاهب ، عندما يذكرون المسألة إن كانت مسألة خاصة في المذهب أو في خلاف داخل المذهب أو في ما يسمونه باصطلاح العلماء المعاصرين يسمونه الخلاف العالي يعني الخلاف بين المذاهب ، تجد أن الفرع أو الفرع إذا كان فيه خلاف وفيه قولين أو ثلاثة ولا .. تجد أن هذا الفرع أو هذا القول في هذا الفرع لابد له من مَدرَكٍ ، والمدارك التي يمكن أن يكون هذا الفرع أو هذا القول في هذا الفرع راجع إليه هي ستة - وأنا غرضي منها يعني ما هو أبين لكم الغرض الآخر - ، تجد أنهم يعللون بالدليل الخاص إذا كان هذا الفرع أو هذا القول في هذا الفرع يرجع إلى دليل معين ،مثلا يقول : لقوله تعالى أو لقوله صلى الله عليه وسلم ، وقد يكون الدليل عاما ما يكون خاصا ويكون هذا الفرع أو القول في هذا الفرع يكون في عموم الدليل ، فيكون الـمَدرَكُ هو دلالة هذا الدليل بحسب عمومه .
وقد يكون الدليل الإجماع هذا مذكور في كتب شروح المتون ، و قد يكون الدليل القياس الأصولي ؛ القياس الأصولي هو عبارة إلحاق فرع بأصل ؛ يعني صورة منصوص عليها وفرع تريد أن تُلحقَه بهذا الأصل يشتمل على العلة التي ذكرت في الأصل سواء كانت منصوصة أو كانت ..هذا كله ما هو محل الكلام لأنه ما ودي أدخل في هذا المجال هذا.
لكن غرضي أنا هو أنهم يعللون بالقياس فيعللون بالدليل الخاص، بالدليل العام، بالإجماع، بالقياس هذه أربعة.
قد يعللون بالقاعدة وهذا جزء من الغرض؛ يعللون بالقاعدة يقولون مثلا: لأن المشقة تجلب التيسير، لأن الأمور بمقاصدها، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، لأنه لا يُأخَذُ أحد بجريرة غيره..
فعندما يعللون بالقاعدة تجد أنهم ربطوا هذا الفرع أو القول في هذا الفرع جعلوه داخل في هذه القاعدة ، فردوا هذا الفرع أو القول في هذا الفرع ردوه إلى القاعدة وبَيَّنُوهَا ، فأنت عندما تقرأ لابد أن تتنبه إلى مسألة التعليل بالقواعد ، وفيه طلاب من طلاب الجامعات مثل الإسلامية وأم القرى وجامعة الإمام سلكوا هذا المسلك وهو استخراج القواعد سواء كانت فقهية أو أصولية أو قواعد مقاصد استخرجوها من شروح المتون وأخذوا فيها رسائل اللي ماجستير واللي دكتوراه كثير هذا موجود حتى يباع في السوق .
أنا غرضي أنك لابد أن تتنبه إلى الموجود من القواعد في شروح المتون ، وذلك أنهم يعللون بالقاعدة ، وأيضا قد يعللون بشيء ما هو من هذا ؛قد يعللون - يعني - ما يجدون قاعدة معينة من القواعد سواء كانت قاعدة أصلية أو قاعدة متفرعة عنها ما يجدون ، يلجؤون إلى ما يسمى بالمصالح المرسلة )[9]( يعللون بها ، والمصالح المرسلة هذه عبارة من جهة قواعد المقاصد - مقاصد الشريعة - ، ودائرتها واسعة ولكنها تحتاج إلى حكمة وإلى يعني قدرة من ناحية حسن رد الفروع إليها .
قاعدة الأمور بمقاصدها هذا من جهة النية ، لكن المصالح المرسلة لا هذه من ناحية يعني جلب المصالح ودرء المفاسد ، ومعلوم أن الشريعة كلها مبنية على جلب المصالح سواء مصالح دينية ولا دنيوية ولا أخروية ،كل الشريعة راجعة إلى جلب المصالح لنبي آدم .
فأنا أنصح الشخص عندما يقرأ في شرح متن من متون الفقه أن يتنبه إلى هذه الظاهرة وهي طريقة الشُّراح في الربط بين فروع المتن الذي يشرحونه وبين مداركه في الشريعة وقد ذكرت لكم المَدرَكَ الخاص والمَدرَك العام والإجماع والقياس و التقعيد ، سواء كان تقعيدا عاما أو كان تقعيدا خاصا ، وبعد ذلك المصالح المرسلة يعني هي مسألة قاعدة المصالح .
هذه هي الأمور التي اعتمد عليها العلماء رحمهم الله في رد الفروع إلى مدارِكِها، والذي يعنيك هو التنبه إلى رد الفرع إلى القواعد ورد الفرع إلى القواعد.
هذا التوجيه هو عبارة عن منهج المتقدمين في تخريج الفروع وفي رد الفروع إلى قواعدها، وقد يكون أيضا لأنه فيه ظاهرة في كتب الفقه وهذه الظاهرة هي الفقه يسمونه الفقه الافتراضي؛ بمعنى أنها أمور ما وقعت..)[10](.
المقصود من هذا هو التنبه إلى الاستفادة من الكتب كتب المتقدمين، لأنه في ظاهرة عند ناس لا أدري لأن المقاصد لا يعلمها إلى الله، كما كان بعض الحكماء يقول: الله أعلم بِكَ مِنكَ، وأنت أعلم بنفسك من غيرك .
فيه الآن يقولون : الكتب هذه كتب الفقه ما في حاجة إلى أن الناس يقرؤونها لأن الناس الآن تطوروا .. يجيبون كلام كثير ولا شك أن هذا إجرام على هذه الشريعة لأن الفقهاء الذين خدموا هذه الشريعة من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وكذا يعني القرون المفضلة ، وكذلك من جاء بعدهم كل أقوالهم يعني مسطرة في كتب الفقه ، فكيف مثلا يقال إن هذه لا حاجة إليها ، ثم الشخص إنه يقول هذه المقالة تجد بأنه ما يحسن يتوضأ ، يعني لو أَمَرتَه يتوضأ وراقبته وجدت أنه ما يحسن الوضوء ، ومع ذلك يتكلم في ها الأمور هذه .
هذا سائل يسأل يقول - يعني أنا انتهيت من هذه وترى التوجيهات كثيرة جدا، لكن ما ذكرته كما ذكرتُ في البداية إني أركز على الأشياء التي تكون أكثر فائدة ، ولا في توجيهات كثير ة.
* يقول هذا: ما منهج صاحب الفروق في كتابه وكيف يستفيد طالب العلم منه ؟
- كتاب الفروق هذا نادر في بابه منجهة أنه يشتمل على ما يزيد على خمسمائة قاعدة ، لكنه اعتنى بالفروق بين القواعد الأصولية والفروق بين القواعد الفقهية والفروق بين قواعد المقاصد والفروق بين قواعد السلوك ، وفيه أيضا فروق في العقائد .
وفيه كتاب ما أذكر اسمه أنا لكن فيه شخص رتب الفروق على حسب العلوم فجعل الفروق بين قواعد الأصول قسم، والفروق بين قواعد الفقه قسم وهكذا وموجود يباع في السوق.
منهجه رحمه الله أنه يصور القاعدتين مع ذكر الفرق بينهما ثم بعد ذلك إذا كان بينهما فرق يذكره، وإذا كان الفرق متوهم ولكن ما في فرق يذكره أيضا، ويذكر جملة من الفروع التي توضح هذا الفرق.
* هذا يقول : هل لك أن تعطينا سلم في قراءة كتب القواعد الفقهية للمبتدئ ؟
- الحكومة جزاها الله خير في المناهج الموجودة في الدراسات الإسلامية موجودة القواعد مرتية على حسب السنين في الكلية وفي المعهد العالي للقضاء موجود هذا .
وأما الشخص الذي يبغي يدرس على مفرده فأنا أنصحه أنه ما يدرس القواعد على مفرده إطلاقا ، وإنما يرتبط بعالم من العلماء الذين يتمكنون من تدريس القواعد ، ويتفق معه على الكتاب الذي يناسبه .
أما بعض الناس بوده يحصل العلم كله في زمن قليل، والإمام الشافعي يقول: أعط العلم كله يعطيك بعضه.
* هل ينبغي لمن أراد التفريع على قاعدة أن يعرف صحتها ؟
- ما في إشكال، لابد إنك تتأكد من القاعد.
* هذا يقول : ما الفرق بين المدرَك والقاعدة ؟
- المدرك أعم؛ لأن قد يكون المدرك قاعدة فقهية ولا)[11]( قاعدة أصولية ولا قاعدة مثلا من قواعد المقاصد ولا دليل معين ولا دليل عام ولا إلى آخره .
* هذا يقول :إني ذكرت أنا استخراج القواعد الفقهية بالاستنباط والاستقراء ، و ايش الفرق ؟
- الاستقراء يعني أنك تتبع الجزئيات فإذا فرضانا أن قاعدة اليقين لا يزول بالشك ، إذا فرضنا أن الأدلة التي تتكون منها هذه القاعدة إذا فرضنا أن الأدلة عشرون دليلا فلابد من جمع هذه الأدلة فلابد من جمع هذه الأدلة هذا الاستقراء.
لكن الاستنباط يعني تذكر المعنى الذي دلَّ عليه الدليل ولو كان دليلا واحدا.
* يقول : أريد توضيح كيف أن المشقة تجلب التيسير في الزمان ؟
- التيسير في الزمان: الآن أوقات الصلوات الخمس هل كل وقت للصلاة يساوى فعلها وإلا الوقت أوسع من الفعل ؟ آه ؟ أوسع .
طيب ،[ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ])[12]( لو ما يذكرها إلا بعد مثلا بعد ما يخرج الوقت ، فتجد فيه يسر من ناحية سعة الوقت ؛ الظهر من زوال الشمس إلى أن يكون ظل كل شيء مثله ووقت صلاة العصر المختار إلى [أن] يكون ظل كل شيء مثليه ، ووقت الضرورة إلى غروب الشمس ، والمغرب وقته تقريبا من غروب الشمس إلى غروب الشفق والعشاء إلى الفجر ،وقت الاختيار إلى منتصف الليل ، ووقت الضرورة إلى الفجر . هذا ما فيه سعة ما فيه يسر في الزمان ؟؟
كذلك من ناحية الإنسان إذا ما استطاع أنه يصوم في رمضان لمرض أو ما إلى ذلك ، إذا ما إن الله عافاه متى يصوم ؟ هذا فمسألة يسر الزمان موجود .
* .. يشترط في الشخص الموكل في ذبح الأضحية الامتناع عن أخذ شيء ؟
- لا العبرة بالموكِّلِ لا بالوكيل، العبرة في الموكِّل لا في الوكيل.
* وهذا يسأل : عن إنسان إذا حج وعليه دين ؟
- الله يتقبل منا ومنه .
* وهذا يسأل عن المبيت خارج منى ومزدلفة ؟
- المبيت بمنى واجب والمبيت بمزدلفة واجب .
* وهذا يقول : ما حكم من استدان ليحج ؟
- جزاه الله خير ، نسأل الله له القبول وأن يوفي دينه .
* هذا سؤال عام: ما حكم من استخرج تصريحا عمن طريق حملة وهو لم يذهب ؟
- يعني يبغي يبيعه، راح تتلصص حتى في أمور الدين ؟؟
* هذا سؤال يقول: هل يجوز للمرأة أن تكشف وجهها لخال زوجها ؟
- لا ، لأن زوجها لو طلقها ، تزوجها خال زوجها ، هذا ما يجوز لها .
* هذا يسأل عن يعني متون القواعد.
- متون القواعد كثيرة جدا، لكن أنا أنصح إن الشخص لا يحفظ القاعدة إلا بعد فهمها، لا يحفظ القاعدة ولا يحفظ القرآن لا يحفظ شيئا من السنة ولا... يعني يُقَدم الفهم على الحفظ.)[13](والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
)[1]( - أخرجه مالك في الموطأ:كتاب الأقضية ، باب القضاء في المرفق - حديث:1427 ، وابن ماجه : كتاب الأحكام باب من بنى في حقه ما يضر بجاره - حديث:2337 .
)[2]( - هكذا في الأصل المسموع ، ولم أرد تغيير مثل هذه الألفاظ في كثير من الأحوال أو كلها كي لا أتصرف في المادة العلمية .
)[3]( - أخرجه البخاري باب بدء الوحي الحديث : 1 ، وفي مواضع أخرى ، ومسلم :كتاب الإمارة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنية - حديث:3621 .
)[4]( - رواه البخاري : كتاب الإيمان ، باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فسماهم المؤمنين - حديث:31 ، ومسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما - حديث:5249 .
)[5]( - أخرجه البخاري : كتاب الرقاق ، باب من هم بحسنة أو بسيئة - حديث:6136 ، ومسلم :كتاب الإيمان
باب إذا هم العبد بحسنة كتبت - حديث:209 .
)[6]( - أخرجه الإمام أحمد : مسند أبي هريرة رضي الله عنه - حديث:7491 .
)[7]( - الاستصحاب لغة : طلب الصحبة ، وهي الملازمة .
وفي اصطلاح الأصوليين : استدامة إثبات ما كان ثابتا ، أو نفي ما كان منفيا . اهـ معالم أصل الفقه عن أهل السنة والجماعة للدكتور الجيزاني ص:210 ، ط: ابن الجوزي .
)[8]( - ابن ماجه : كتاب الطهارة وسننها ، أبواب التيمم - باب ما جاء في السبب ، حديث:564 ، وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع : 3099 ، و في صحيح سنن ابن ماجه : 573 .
)[9]( - والمصلحة المرسلة هي : ما لم يشهد الشرع لاعتباره ولا لإلغائه بدليل خاص ، وتسمى بالاستصلاح وبالمناسب المرسل . انظر روضة الناظر (1/413) ، ومذكرة الشنقيطي (168-169) ، والمصالح المرسلة للشنقيطي (15) . اهـ نقلا عن معالم أصول الفقه عند أهل السنة للدكتور الجيزاني ص: 235-236 .
)[10]( - توقف الشيخ عن الحديث بسبب الآذان .
)[11]( - أي : أو .
)[12]( - أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب قضاء الصلاة الفائتة - حديث:1132.
)[13]( - وللشيخ رحمه الله طريقه معروفة مشهورة نافعة في حفظ وفهم القرآن وهي منشورة على مواقع الانترنت ، وقد ذكرها الشيخ – رحمه الله- في كثير من دروسه . وهذا نصها كما وجدتها عبر أحد المواقع :
1- تحديد آيات القرآن بحسب موضوعها؛ فمثلاً الآيات الأولى من سورة البقرة تحدثت عن أصناف ثلاثة: صِنف المؤمنين، ثم صِنف الكافرين، ثم صِنف المنافقين، فمعرفة موضوع هذه الآيات وتحديدها وأين تنتهي، مما يُعين على فَهْم القرآن وحفظه، وتفسير ابن كثير في غالب أحواله يسير على هذا.
2- معرفة المفردات الواردة في الآيات، وذلك بالرجوع إلى الكتب المكتوبة في هذا الفن، وأشهرها كتاب "مفردات القرآن"؛ للراغب الأصفهاني.
3- معرفة تصريف الكلمة في أصلها، وإدراك هذا الفن بالرجوع إلى كتب الصرف، ككتاب "شذى العَرْف في معرفة فن الصرف"، ومن الكتب التفسيرية المهتمة بهذا كتاب ابن عاشور المسمَّى "التحرير والتنوير".
4- اشتقاق الكلمة، ومعرفة ذلك مما يعين على فَهْم المراد منها، وهذا في تفسير التحرير والتنوير أوضح من غيره، وكذا كتاب "البحر المحيط"؛ لأبي حَيَّان الأندلسي.
5- العلم بإعراب كلمات القرآن، وذلك بالرجوع إلى الكتب التي تناولت الموضوع، ومنها: "معرب القرآن".
6- البلاغة القرآنية الواردة في الآيات، والنظر في الكتب المهتمة بذلك، كتفسير "الكشاف"؛ للزمخشري - مع الحذر من اعتزاليَّاته - وكذا تفسير أبي السعود العمادي "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم".
7- معرفة سبب نزول الآيات والسور، فهذا مُعين جدًّا على فَهْم المراد من الآيات، وأوسع كتاب في ذلك هو "لُباب النقول في معرفة أسباب النزول"، وكذلك كتاب "أسباب النزول"؛ للواحدي.
8- معرفة الناسخ والمنسوخ، وممن توسَّع في الكتابة عنه ابن النحاس في كتابه "الناسخ والمنسوخ".
9- متشابه الآيات لفظًا، وضبط ذلك، وقد كتب فيها كثيرًا، ومنها الدليل إلى متشابه الآيات.
10- متشابه القرآن معنى، وفيه كتاب مطبوع اسمه "درة التنزيل وغرة التأويل".
11- معرفة معاني الجمل القرآنية على حسب علامات الوقف، وأحسن مَن تكلَّم فيه الطبري في تفسيره.
12- المعنى العام للآيات، وأكثر كتب التفسير تناولت ذلك، ومن الكتب المعاصرة كتاب "تيسير الكريم الرحمن"؛ للسعدي.
13- معرفة الأحكام الواردة في الآيات، ككتاب "أحكام القرآن"؛ لابن العربي، وهو مختصر مفيد، وأوسع منه كتاب "الجامع لأحكام القرآن"؛ للقُرْطبي.
14- الآيات التي ظاهرها التعارُض، أو ما يُسمَّى بمشكل القرآن، وأفضل مَن تكلَّم عن ذلك الشنقيطي في كتابه "أضواء البيان"، ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، ومن الكتب في ذلك "تأويل مُشْكل القرآن"؛ لابن قتيبة.
15- المناسبات بين السور وبين الآيات، وأجمع كتاب في ذلك كتاب "نظم الدُّرر في المناسبات بين الآيات والسور"؛ لبرهان الدين البقاعي.
16- تفسير القرآن على القواعد الأصولية، وقد ألَّف في ذلك الطوفي كتابًا أسماه "الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية". أهـ .
وثم التفريغ ولله الحمد والمنة .
أرجو من الإخوة القراء ممن له علاقة ببعض تلاميذ الشيخ الغديان رحمه الله أو أبنائه أن يوصل لهم هذا التفريغ عسى أن ينشر برا بالشيخ وأداء لبعض حقه علينا .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الموضوع الذي حدده الإخوان وهو: توجيهات لمن يريد أن يدرس القواعد الفقهية ، هو في الواقع موضوع واسع جدا ، ولكنني سأتكلم على جملة من توجيهات ، وستكون من التوجيهات الهامة لأن فيه توجيهات قد تكون يعني مكررة .
التوجيه الأول : هو أن القواعد الفقهية عندما ننظر إلى تكوينها يعني كيف تتكون لأنها هي ما كانت موجودة على شكل القواعد المدونة الآن والتي صيغت .
عندما ننظر إلى كيفية التكوين نجد أن من القواعد ما جاء النص عليه كما قال صلى الله عليه وسلم : [ لا ضرر ولا ضرار ])[1]( .
فقوله : [ لا ضرر ] نكرة في سياق النفي وهي عامة لكل ضرر ، لكن هذا الضرر من جهة الابتداء بمعنى أن الشخص لا يَضُرُّ ابتداء ؛ لا يَضُرُّ نفسه ولا يضُرُّ غيره فهي شاملة - هذه الكلمة شاملة - لجميع أنواع الضرر الابتدائي قلَّ أو كثُر ، جميع الفروع من الضرر الابتدائي كلها داخلة تحت هذا اللفظ .
والكلمة الثانية : [ ولا ضرار ] هذا أيضا نكرة في سياق النفي ، ومعنى هذا أنك عندما تريد أن تأخذ حقك ممن صدر منه عليك ضرر أو يبي )[2]( يقام عليه عقوبة من العقوبات ، هذه الكلمة شاملة لجميع الفروع التي يكون فيها اعتداء على أخذ الحق ، بصرف النظر عن كون أخذ الحق من فرد ولا تطبيق مثلا عقوبة من العقوبات ، ولهذا إذا ضممت إلى ذلك قوله تعالى : ﭽﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﭼالنحل: ١٢٦ ،ﭽﮬﮭﮮﮯﮰﭼالشورى: ٤٠، فلا تزيد على الحق الذي لك ، وإذا زدت على الحق الذي لك فهذه الزيادة هي المنفية في قوله صلى الله عليه وسلم :[ و لا ضرار ] فيشمل جميع أنواع الضرر اللي فيه تعدي على الحق الذي يكون لك .
ومثل حديث :[إنما الأعمال بالنيات ])[3]( إذا نظرت إلى هذا الحديث وجدت يعني كلام مختصر لكنه شامللجميع المقاصد التي تصدر من الشخص .
كلمة أعمال تشمل أربعة أمور:
* الأمر الأول: الأفعال في الجوارح في السمع وفي البصر وسائر جوارح البدن .
* والثاني: القول باللسان، فالله سماه فعلا في قوله تعالى في سورة الأنعام: ﭽﭵﭶﭷﭸﭼالأنعام: ١١٢فسمى القول فعلا .
*والعزم يعني الثالث: العزم المصمم ، ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : [إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قالوا : هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : لأنه كان حريصا على قتل أخيه ] )[4](.
حديث أيضا: [ من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ])[5]( هم بسيئة فتركها لوجه الله.
* والرابع هو الكف يعني كف الإنسان عن الشيء الذي يشرع له أن يقدم عليه، أو يشرع له أن يتركه، يعني كف، فعندما يرى الشخص شخصا يحترق أو وقع في ماء فغرق وكف عن إنقاذه فإنه يكون آثما.
بناء على ذلك فكلمة [ إنما الأعمال ] شملت جميع الأعمال بالأقسام الأربعة التي ذكرتها لكم.
وكلمة [ بالنيات ] هذه شملت جميع المقاصد التي تصدر من الإنسان ، يعني عمل مقرون بنية سيئة ولا حسنة ، ولهذا كانت النية في باب العبادات كانت شرطا في قصد الامتثال ، وشرطا في صحة العمل ؛ أن يكون العمل صحيحا ويقصد به وجه الله ، فهي الشرط للثواب من جهة ولصحة العمل من جهة أخرى .
و لابد أيضا من نية الدخول في العمل ، نية الدخول في الصلاة وكون هذه الصلاة لوجه الله ، لكن في غير العبادات تجدونها شرطا في الثواب على العمل ، لكن ليست شرطا لصحة العمل ، بمعنى أن الإنسان لو قال لشخص : بعتك هذه السيارة ، ثم بعد ذلك قال : والله صحيح أنا قلت لك إني بعتك هذه السيارة لكني ما نويت البيع ، أو طلق زوجته وقال : أنا صحيح تكلمت في الطلاق لكني ما نويت الطلاق ، فهي شرط في الثواب على العمل في باب العادات وليست شرطا في صحة العمل .
الغرض أن هذا هو الطريق الأول من الطرق التي تدل على القاعدة، يعني النص.
الطريق الثاني هو الاستنباط: يعني استنبطوا وصاغوا القاعدة لأن الدليل الذي ذكرت لكم في مسألة النية صاغ العلماء منها الأمور بمقاصدها، لكن نفس الدليل دال على هذا الشيء الدليل فيه كفاية.
في قوله تعالى : ﭽﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﭼالأنعام: ١٦٤استنبط العلماء من ذلك قاعدة وهي أنه لا يأخذ أحد بجريرة غيره ، مثل ما تشاهدون الآن الحوادث التي تذاع في وسائل الإعلام من جهة الجناية على شخص لا ذنب له ، يقتلونه من أجل أبيه أو من أجل أخيه أو من أجل ولده إلى غير ذلك .
الطريق الثالث : طريق الاستقراء : ومعنى ذلك أن العلماء يستقرؤون الأدلة التي تدل على معنى واحد ثم يصوغون من هذا الاستقراء قاعدة تتكون من مبتدأ وخبر فقط .
وطريق الاستقراء هذا هو طريق نافع لمن تأمله؛ لأنه مهم جدا وذلك أنك تتتبع الأدلة المشتركة في معنى واحد ثم تُكَونُ من هذا المعنى القاعدة الفقهية.
فيه أدلة كثيرة في القرآن وأدلة كثيرة في السنة على أن الأصل براءة الذمة ، هذا هو الأصل ولهذا يقول الله جل وعلا : ﭽﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﭼالإسراء: ١٥، عندما تُشغل الذمة بالصلاة أو بالصيام أو بالزكاة أو بغير ذلك كثير في الشريعة ، عندما تُشغل فالأصل إشغالها ، ولا يزول هذا الإشغال إلا بأداء ما شغلها ، ولهذا ترون أن الإنسان إذا فاتته الصلاة إذا فاته شيء من الصلاة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : [ ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ])[6]( وإذا فاتت الإنسان الصلاة كلها يقضيها ، وإذا نام عنها يقضيها ، وإذا نسيها يقضيها ، من هذين الأمرين يعني الأدلة التي كونت هذين الأمرين وهما :
- أن الأصل براءة الذمة.
- وأنها إذا شُغلت لا تبرأ إلا بأداء ما شغلها .
و الأدلة كثيرة من القرآن ومن السنة، صاغ العلماء من هذه الأدلة قاعدة جمعت جميع الفروع فقالوا: الأصل بقاء ما كان على ما كان.
فكلمة: ما كان من العدم، وكلمة ما كان من الوجود، فالأصل بقاء ما كان إذا كانت الكينونة العدم وهي براءة الذمة، أو الكينونة شغل الذمة.
فهذه جملة من مبتدأ وخبر فقط؛ الأصل هذا هو المبتدأ، بقاء ما كان على ما كان هذا هو الخبر.
عندما يحفظ الإنسان هذه القاعدة كل فرع من فروع هذين النوعين يرده إليها ، وكما أن هذا الأصل مستخدم بالنسبة للمكلفين فيما بينهم وفيما بين العبد وبين الله وفيما بين العبد وبين نفسه ، فكذلك هي تستعمل في أدلة التشريع ، لكن عندما تستعمل في أدلة التشريع يسمونها في علم الأصول الاستصحاب )[7](، فيقولون مثلا : الأصل في الأدلة عدم النسخ ، والأصل في العام بقاء العموم ، الأصل في الدليل عدم النسخ حتى يرد الناسخ ، والأصل في العام بقاؤه على العموم حتى يرد المخصص وهكذا .
هذه طرق ثلاثة كل طريق منها يستدل به على القاعدة يعني يُكَوَّنُ به القاعدة أو يكون هو قاعدة.
إذا نظرنا - يعني - إلى أمر آخر وهو التعليل الذي يذكر في القرآن ويذكر في السنة، إذا نظرنا إلى هذا وجدنا أدلة كثيرة مشتملة على التعليل.
العلماء نظروا في هذه الأدلة واستخلصوا منها قاعدة من العلل ، مثل قوله تعالى :ﭽﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﭼالمائدة: ٦وهذه أبلغ آية في القرآن تدل على نفي الحرج ، وفيه أدلة كثيرة مثل :ﭽﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﭼالبقرة: ٢٨٦،ﭽﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭼالأنعام: ١٥٢،ﭽﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼالبقرة: ٢٣٣يعني غرضي إنه في أدلة جاءت مُعَللة نصا ، العلماء يصوغون من هذه العلل ما هو من دلالة الدليل لا ، من العلة يصوغون قاعدة ، فصاغوا قاعدة متكونة من مبتدأ وخبر ، فقالوا :المشقة تجلب التيسير ، المشقة مبتدأ وتجلب فعل مضارع إلى آخره وهو الخبر .
هذه القاعدة ما يستطيع أي شخص يحصي فروعها في الشريعة ، فجميع الرُخَص تجدونها داخلة في هذه القاعدة ، وتجدون العزائم داخلة في هذه القاعدة من جهة أصلها وكميتها وكيفيتها وزمان أدائها ومكان أدائها ، هذه الأمور الخمسة ، هذا في العزائم غير الرخص .
فتجدون هذا المبتدأ والخبر اشتمل على جميع فروع الشريعة؛ إن نظرت إليها من جهة العزائم أو نظرت إليها من جهة الرخص ، فتقول : المشقة تجلب التيسير من جهة أصل أصل التشريع ، أو من جهة كمية المشروع ، أو كيفية المشروع ، أو مثلا الزمان الذي يؤدى فيه المشروع ، أو المكان الذي يؤدى فيه المشروع .
في الشرائع السابقة ما كان الشخص يصلي في أي مكان أدركته الصلاة إذا كان طاهرا، إنما يصلي في مسجده فقط، لا تصح صلاته إلا في مكان معين واحد.
في هذه الأمة [ جعلت ليَ الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل أدركته فليصلِّ ] )[8](.
فغرضي أنا أن هذا الطريق هو طريق أيضا يعني في تتبع العلل ما هو بتتبع لدلالة الدليل لا ، لأنه في تتبع لدلالة الدليل يعني ما يدل عليه الدليل ، وفيه تتبع للحكمة للعلة ، فهذا طريق من الطرق التي تُكَون منها القاعدة ، لكن هذا يحتاج إلى أشخاص عندهم قدرة عندهم إمكانية ينظرون في الأدلة ويستخرجون منها القواعد.
هذه طرق أربعة، وفيه طرق أخرى لكن هذه الطرق الأربعة هي من أوسع ما يكون بالنسبة لصياغة القواعد.
فيه طريق خامس بس إنه يحتاج إلى هذا الطريق الخامس هو استخراج القواعد عن طريق استنباط العلل ما هو النص على العلل لا ، استنباط العلل ، ولهذا تجدون أن هذا النوع ما يكون من القواعد المتفق عليها ، يكون فيها اختلاف ، فهذه طرق خمسة كل طريق منها طريق لإظهار القاعدة سواء كان مثلا من ناحية النص إلى آخره .
ولهذا الشخص عندما يقرأ القرآن وعندما يقرأ الأحاديث هو في أمس الحاجة إلى التأني والتكرار.
يقول بعض أصحاب الشافعي يقول: قرأت الرسالة للشافعي ستمائة مرة وفي كل مرة يتبين لي من العلم ما لم يتبين لي من قبل، وهذا يعطي طالب العلم أن كثرة تكرار الآية أو تكرار الحديث يعطيه فهما أكثر.
القاعدة الفقهية عندما ننظر إليها - يعني هذا توجيه ثاني - القاعدة الفقهية عندما ننظر إليها من جهة الاستفادة منها .
يقول بعض أصحاب أبي حنيفة: إن فقه أبي حنيفة ألف ألف مسألة ومائة ألف مسألة وزيادة.
هذه الفروع يصعب على الإنسان أن يحفظها، لكنك إذا حفظت القاعدة تماما استطعت أن تخرج عليها من الفروع الشيء الكثير ، إذا حفظت القاعدة وفهمتها تماما استطعت أن تخرج عليها ما لا يحصى من الفروع ، ما لا تحصيه أنت ، يعني كل فرع يأتي وتجد بأن طريقة التخريج أن الفرع الذي تخرجه على القاعدة لابد أن يكون مشتملا على المناط الموجود في القاعدة ؛ فالفرع يكون فيه نسبة من المناط الذي اشتملت عليه القاعدة وهذا المناط هو العنصر الأساسي لتكوين القاعدة ، مثل ما ذكرت لكم في قاعدة : المشقة تجلب التيسير .
فعندما تريد أن تُخَرِّج تخرج فرع، تبغي تعطيه حكم القاعدة يكون مشتملا على المناط الموجود في القاعدة، وهذا يعني قد يكون فيه سهولة، لكن الذي أصعب منه الحوادث ما تتناهى لماذا ؟ لأن هذه الشريعة من خصائصها الكمال ، بمعنى أنها مستوعبة لجميع ما يحتاج إليه الناس في أمور دينهم وفي أمور دنياهم وفي أمور آخرتهم ، لأن هذه الشريعة ما كُوّنَت من فروع هي مكونة من قواعد ، لكن الأدلة الموجودة فيها ترجع إلى هذه القواعد سواء كانت هذه القواعد من جهة الأصول ، أو من جهة قواعد الفقه ، أو من جهة قواعد مقاصد الشريعة ، لأن أصول الفقه هو عبارة عن الأدلة : الكتاب والسنة والإجماع والقياس و إلى آخره يعني تقريبا هي تسعة عشر دليل ، هذه أصول الفقه .
لكن قواعد الأصول هذه قواعد الأصول يعني متكونة من أصول الفقه ، و لو بالكلام فيها علشان أشرح لكم هذه النقطة ذي :
ففي أصول الفقه وقواعد الأصول وقواعد الفقه وقواعد المقاصد ، فعلى هذا الأساس الإنسان عندنا بالنظر إلى الحوادث تجدونها لا تحصى ، وصارت الشريعة كاملة لأن أي حادثة تحدث لابد من إرجاعها إلى قاعدتها ، لكن هذا الإرجاع يحتاج إلى أربع خطوات ، والخطوة الخامسة هي التي يعني تكون هي النتيجة .
فتنظر في الحادثة من جهة صورتها ، وتنظر إليها من جهة مناطها ثم تبحث عن القاعدة التي تشتمل على مناط هذا الفرع ، وتتأكد تنظر إلى القاعدة وتنظر إلى مناطها ثم بعد ذلك تعمل مقارنة بين الحادثة ومناطها وبين القاعدة ومناطها فإذا حصل التطابق بين الفرع بين صورة الفرع ومناطه وبين مدلول القاعدة تأتي النتيجة الخامسة وهي إعطاء هذا الفرع حكم القاعدة.
هذه هي الطريقة إلى رد الحوادث التي لا تحصى ردها إلى قواعدها، لابد من مراحل أربع وتأتي المرحلة الخامسة التي هي إعطاء الفرع حكم القاعدة.
فإذن هذه القواعد مستوعبة لجميع الفروع المستنبطة من القرآن ومن السنة ، ومستوعبة لجميع الحوادث التي تحدث كما ذكرت لكم قبل قليل سواء كانت من أمور الدنيا أو كانت من أمور الآخرة أو كانت من أمور الدين في الدنيا ، فلابد من هذا .
فيه الآن أمر آخر يعني توجيه ثالث : لأن هذا التوجيه زبدته كيف تستفيد من القواعد:
فيه يعني عندنا الآن مسألة التخريج ومسألة الرد ، عندما نريد إنا نحن هذا المجال بالتدرب - هذا توجيه ثالث - إذا نظرنا إلى شروح متون الفقه على مستوى جميع المذاهب ، وسواء كانت مثلا كتب المذهب الواحد أو الفقه المقارن سواء كان يعني فيه ما أنا داخل في تصنيف كتب الفقه ، لكن أنا غرضي هو شروح متون الفقه .
العلماء السابقون رحمهم الله تجد عندهم تطبيق دقيق في مسألة تخريج الفروع، وفي مسألة رد الفروع.
فتخريج الفروع كثير جدا من كتب القواعد المؤلفة في جميع المذاهب تجد القاعدة والأمثلة، الأمثلة هذه هو تخريج على القاعدة مثل قواعد ابن رجب ومثل قواعد الكرخي في المذهب الحنفي ، مثل الأشباه والنظائر للسيوطي والأشباه والنظائر لابن نجيم و.. كثير من كتب القواعد تجد أنه يذكر القاعدة ويخرج عليها ، والكمية المخرَّجَة تجدها تقل وتتوسط وتكثر.
المهم أن العلماء الذين سبقونا يعني سلكوا مسلك التخريج على القواعد ، والكتب موجودة وتُباع في السوق ، وهذا سهل لكن الشيء الذي يحتاج طالب العلم أن يتنبه له وقد يستفيد منه هو رد الفروع إلى القواعد ، يعني العلماء السابقون تجد جميع شروح الفقه بدون استثناء ، جميع شروح الفقه يعني كتب الفقه بدون استثناء في جميع المذاهب ، عندما يذكرون المسألة إن كانت مسألة خاصة في المذهب أو في خلاف داخل المذهب أو في ما يسمونه باصطلاح العلماء المعاصرين يسمونه الخلاف العالي يعني الخلاف بين المذاهب ، تجد أن الفرع أو الفرع إذا كان فيه خلاف وفيه قولين أو ثلاثة ولا .. تجد أن هذا الفرع أو هذا القول في هذا الفرع لابد له من مَدرَكٍ ، والمدارك التي يمكن أن يكون هذا الفرع أو هذا القول في هذا الفرع راجع إليه هي ستة - وأنا غرضي منها يعني ما هو أبين لكم الغرض الآخر - ، تجد أنهم يعللون بالدليل الخاص إذا كان هذا الفرع أو هذا القول في هذا الفرع يرجع إلى دليل معين ،مثلا يقول : لقوله تعالى أو لقوله صلى الله عليه وسلم ، وقد يكون الدليل عاما ما يكون خاصا ويكون هذا الفرع أو القول في هذا الفرع يكون في عموم الدليل ، فيكون الـمَدرَكُ هو دلالة هذا الدليل بحسب عمومه .
وقد يكون الدليل الإجماع هذا مذكور في كتب شروح المتون ، و قد يكون الدليل القياس الأصولي ؛ القياس الأصولي هو عبارة إلحاق فرع بأصل ؛ يعني صورة منصوص عليها وفرع تريد أن تُلحقَه بهذا الأصل يشتمل على العلة التي ذكرت في الأصل سواء كانت منصوصة أو كانت ..هذا كله ما هو محل الكلام لأنه ما ودي أدخل في هذا المجال هذا.
لكن غرضي أنا هو أنهم يعللون بالقياس فيعللون بالدليل الخاص، بالدليل العام، بالإجماع، بالقياس هذه أربعة.
قد يعللون بالقاعدة وهذا جزء من الغرض؛ يعللون بالقاعدة يقولون مثلا: لأن المشقة تجلب التيسير، لأن الأمور بمقاصدها، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، لأنه لا يُأخَذُ أحد بجريرة غيره..
فعندما يعللون بالقاعدة تجد أنهم ربطوا هذا الفرع أو القول في هذا الفرع جعلوه داخل في هذه القاعدة ، فردوا هذا الفرع أو القول في هذا الفرع ردوه إلى القاعدة وبَيَّنُوهَا ، فأنت عندما تقرأ لابد أن تتنبه إلى مسألة التعليل بالقواعد ، وفيه طلاب من طلاب الجامعات مثل الإسلامية وأم القرى وجامعة الإمام سلكوا هذا المسلك وهو استخراج القواعد سواء كانت فقهية أو أصولية أو قواعد مقاصد استخرجوها من شروح المتون وأخذوا فيها رسائل اللي ماجستير واللي دكتوراه كثير هذا موجود حتى يباع في السوق .
أنا غرضي أنك لابد أن تتنبه إلى الموجود من القواعد في شروح المتون ، وذلك أنهم يعللون بالقاعدة ، وأيضا قد يعللون بشيء ما هو من هذا ؛قد يعللون - يعني - ما يجدون قاعدة معينة من القواعد سواء كانت قاعدة أصلية أو قاعدة متفرعة عنها ما يجدون ، يلجؤون إلى ما يسمى بالمصالح المرسلة )[9]( يعللون بها ، والمصالح المرسلة هذه عبارة من جهة قواعد المقاصد - مقاصد الشريعة - ، ودائرتها واسعة ولكنها تحتاج إلى حكمة وإلى يعني قدرة من ناحية حسن رد الفروع إليها .
قاعدة الأمور بمقاصدها هذا من جهة النية ، لكن المصالح المرسلة لا هذه من ناحية يعني جلب المصالح ودرء المفاسد ، ومعلوم أن الشريعة كلها مبنية على جلب المصالح سواء مصالح دينية ولا دنيوية ولا أخروية ،كل الشريعة راجعة إلى جلب المصالح لنبي آدم .
فأنا أنصح الشخص عندما يقرأ في شرح متن من متون الفقه أن يتنبه إلى هذه الظاهرة وهي طريقة الشُّراح في الربط بين فروع المتن الذي يشرحونه وبين مداركه في الشريعة وقد ذكرت لكم المَدرَكَ الخاص والمَدرَك العام والإجماع والقياس و التقعيد ، سواء كان تقعيدا عاما أو كان تقعيدا خاصا ، وبعد ذلك المصالح المرسلة يعني هي مسألة قاعدة المصالح .
هذه هي الأمور التي اعتمد عليها العلماء رحمهم الله في رد الفروع إلى مدارِكِها، والذي يعنيك هو التنبه إلى رد الفرع إلى القواعد ورد الفرع إلى القواعد.
هذا التوجيه هو عبارة عن منهج المتقدمين في تخريج الفروع وفي رد الفروع إلى قواعدها، وقد يكون أيضا لأنه فيه ظاهرة في كتب الفقه وهذه الظاهرة هي الفقه يسمونه الفقه الافتراضي؛ بمعنى أنها أمور ما وقعت..)[10](.
المقصود من هذا هو التنبه إلى الاستفادة من الكتب كتب المتقدمين، لأنه في ظاهرة عند ناس لا أدري لأن المقاصد لا يعلمها إلى الله، كما كان بعض الحكماء يقول: الله أعلم بِكَ مِنكَ، وأنت أعلم بنفسك من غيرك .
فيه الآن يقولون : الكتب هذه كتب الفقه ما في حاجة إلى أن الناس يقرؤونها لأن الناس الآن تطوروا .. يجيبون كلام كثير ولا شك أن هذا إجرام على هذه الشريعة لأن الفقهاء الذين خدموا هذه الشريعة من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وكذا يعني القرون المفضلة ، وكذلك من جاء بعدهم كل أقوالهم يعني مسطرة في كتب الفقه ، فكيف مثلا يقال إن هذه لا حاجة إليها ، ثم الشخص إنه يقول هذه المقالة تجد بأنه ما يحسن يتوضأ ، يعني لو أَمَرتَه يتوضأ وراقبته وجدت أنه ما يحسن الوضوء ، ومع ذلك يتكلم في ها الأمور هذه .
الأسئلة :
* يقول هذا: ما منهج صاحب الفروق في كتابه وكيف يستفيد طالب العلم منه ؟
- كتاب الفروق هذا نادر في بابه منجهة أنه يشتمل على ما يزيد على خمسمائة قاعدة ، لكنه اعتنى بالفروق بين القواعد الأصولية والفروق بين القواعد الفقهية والفروق بين قواعد المقاصد والفروق بين قواعد السلوك ، وفيه أيضا فروق في العقائد .
وفيه كتاب ما أذكر اسمه أنا لكن فيه شخص رتب الفروق على حسب العلوم فجعل الفروق بين قواعد الأصول قسم، والفروق بين قواعد الفقه قسم وهكذا وموجود يباع في السوق.
منهجه رحمه الله أنه يصور القاعدتين مع ذكر الفرق بينهما ثم بعد ذلك إذا كان بينهما فرق يذكره، وإذا كان الفرق متوهم ولكن ما في فرق يذكره أيضا، ويذكر جملة من الفروع التي توضح هذا الفرق.
* هذا يقول : هل لك أن تعطينا سلم في قراءة كتب القواعد الفقهية للمبتدئ ؟
- الحكومة جزاها الله خير في المناهج الموجودة في الدراسات الإسلامية موجودة القواعد مرتية على حسب السنين في الكلية وفي المعهد العالي للقضاء موجود هذا .
وأما الشخص الذي يبغي يدرس على مفرده فأنا أنصحه أنه ما يدرس القواعد على مفرده إطلاقا ، وإنما يرتبط بعالم من العلماء الذين يتمكنون من تدريس القواعد ، ويتفق معه على الكتاب الذي يناسبه .
أما بعض الناس بوده يحصل العلم كله في زمن قليل، والإمام الشافعي يقول: أعط العلم كله يعطيك بعضه.
* هل ينبغي لمن أراد التفريع على قاعدة أن يعرف صحتها ؟
- ما في إشكال، لابد إنك تتأكد من القاعد.
* هذا يقول : ما الفرق بين المدرَك والقاعدة ؟
- المدرك أعم؛ لأن قد يكون المدرك قاعدة فقهية ولا)[11]( قاعدة أصولية ولا قاعدة مثلا من قواعد المقاصد ولا دليل معين ولا دليل عام ولا إلى آخره .
* هذا يقول :إني ذكرت أنا استخراج القواعد الفقهية بالاستنباط والاستقراء ، و ايش الفرق ؟
- الاستقراء يعني أنك تتبع الجزئيات فإذا فرضانا أن قاعدة اليقين لا يزول بالشك ، إذا فرضنا أن الأدلة التي تتكون منها هذه القاعدة إذا فرضنا أن الأدلة عشرون دليلا فلابد من جمع هذه الأدلة فلابد من جمع هذه الأدلة هذا الاستقراء.
لكن الاستنباط يعني تذكر المعنى الذي دلَّ عليه الدليل ولو كان دليلا واحدا.
* يقول : أريد توضيح كيف أن المشقة تجلب التيسير في الزمان ؟
- التيسير في الزمان: الآن أوقات الصلوات الخمس هل كل وقت للصلاة يساوى فعلها وإلا الوقت أوسع من الفعل ؟ آه ؟ أوسع .
طيب ،[ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ])[12]( لو ما يذكرها إلا بعد مثلا بعد ما يخرج الوقت ، فتجد فيه يسر من ناحية سعة الوقت ؛ الظهر من زوال الشمس إلى أن يكون ظل كل شيء مثله ووقت صلاة العصر المختار إلى [أن] يكون ظل كل شيء مثليه ، ووقت الضرورة إلى غروب الشمس ، والمغرب وقته تقريبا من غروب الشمس إلى غروب الشفق والعشاء إلى الفجر ،وقت الاختيار إلى منتصف الليل ، ووقت الضرورة إلى الفجر . هذا ما فيه سعة ما فيه يسر في الزمان ؟؟
كذلك من ناحية الإنسان إذا ما استطاع أنه يصوم في رمضان لمرض أو ما إلى ذلك ، إذا ما إن الله عافاه متى يصوم ؟ هذا فمسألة يسر الزمان موجود .
* .. يشترط في الشخص الموكل في ذبح الأضحية الامتناع عن أخذ شيء ؟
- لا العبرة بالموكِّلِ لا بالوكيل، العبرة في الموكِّل لا في الوكيل.
* وهذا يسأل : عن إنسان إذا حج وعليه دين ؟
- الله يتقبل منا ومنه .
* وهذا يسأل عن المبيت خارج منى ومزدلفة ؟
- المبيت بمنى واجب والمبيت بمزدلفة واجب .
* وهذا يقول : ما حكم من استدان ليحج ؟
- جزاه الله خير ، نسأل الله له القبول وأن يوفي دينه .
* هذا سؤال عام: ما حكم من استخرج تصريحا عمن طريق حملة وهو لم يذهب ؟
- يعني يبغي يبيعه، راح تتلصص حتى في أمور الدين ؟؟
* هذا سؤال يقول: هل يجوز للمرأة أن تكشف وجهها لخال زوجها ؟
- لا ، لأن زوجها لو طلقها ، تزوجها خال زوجها ، هذا ما يجوز لها .
* هذا يسأل عن يعني متون القواعد.
- متون القواعد كثيرة جدا، لكن أنا أنصح إن الشخص لا يحفظ القاعدة إلا بعد فهمها، لا يحفظ القاعدة ولا يحفظ القرآن لا يحفظ شيئا من السنة ولا... يعني يُقَدم الفهم على الحفظ.)[13](والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
)[1]( - أخرجه مالك في الموطأ:كتاب الأقضية ، باب القضاء في المرفق - حديث:1427 ، وابن ماجه : كتاب الأحكام باب من بنى في حقه ما يضر بجاره - حديث:2337 .
)[2]( - هكذا في الأصل المسموع ، ولم أرد تغيير مثل هذه الألفاظ في كثير من الأحوال أو كلها كي لا أتصرف في المادة العلمية .
)[3]( - أخرجه البخاري باب بدء الوحي الحديث : 1 ، وفي مواضع أخرى ، ومسلم :كتاب الإمارة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنية - حديث:3621 .
)[4]( - رواه البخاري : كتاب الإيمان ، باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فسماهم المؤمنين - حديث:31 ، ومسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما - حديث:5249 .
)[5]( - أخرجه البخاري : كتاب الرقاق ، باب من هم بحسنة أو بسيئة - حديث:6136 ، ومسلم :كتاب الإيمان
باب إذا هم العبد بحسنة كتبت - حديث:209 .
)[6]( - أخرجه الإمام أحمد : مسند أبي هريرة رضي الله عنه - حديث:7491 .
)[7]( - الاستصحاب لغة : طلب الصحبة ، وهي الملازمة .
وفي اصطلاح الأصوليين : استدامة إثبات ما كان ثابتا ، أو نفي ما كان منفيا . اهـ معالم أصل الفقه عن أهل السنة والجماعة للدكتور الجيزاني ص:210 ، ط: ابن الجوزي .
)[8]( - ابن ماجه : كتاب الطهارة وسننها ، أبواب التيمم - باب ما جاء في السبب ، حديث:564 ، وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع : 3099 ، و في صحيح سنن ابن ماجه : 573 .
)[9]( - والمصلحة المرسلة هي : ما لم يشهد الشرع لاعتباره ولا لإلغائه بدليل خاص ، وتسمى بالاستصلاح وبالمناسب المرسل . انظر روضة الناظر (1/413) ، ومذكرة الشنقيطي (168-169) ، والمصالح المرسلة للشنقيطي (15) . اهـ نقلا عن معالم أصول الفقه عند أهل السنة للدكتور الجيزاني ص: 235-236 .
)[10]( - توقف الشيخ عن الحديث بسبب الآذان .
)[11]( - أي : أو .
)[12]( - أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب قضاء الصلاة الفائتة - حديث:1132.
)[13]( - وللشيخ رحمه الله طريقه معروفة مشهورة نافعة في حفظ وفهم القرآن وهي منشورة على مواقع الانترنت ، وقد ذكرها الشيخ – رحمه الله- في كثير من دروسه . وهذا نصها كما وجدتها عبر أحد المواقع :
الطريقة المُثْلَى لفَهْم القرآن وحفظه:
2- معرفة المفردات الواردة في الآيات، وذلك بالرجوع إلى الكتب المكتوبة في هذا الفن، وأشهرها كتاب "مفردات القرآن"؛ للراغب الأصفهاني.
3- معرفة تصريف الكلمة في أصلها، وإدراك هذا الفن بالرجوع إلى كتب الصرف، ككتاب "شذى العَرْف في معرفة فن الصرف"، ومن الكتب التفسيرية المهتمة بهذا كتاب ابن عاشور المسمَّى "التحرير والتنوير".
4- اشتقاق الكلمة، ومعرفة ذلك مما يعين على فَهْم المراد منها، وهذا في تفسير التحرير والتنوير أوضح من غيره، وكذا كتاب "البحر المحيط"؛ لأبي حَيَّان الأندلسي.
5- العلم بإعراب كلمات القرآن، وذلك بالرجوع إلى الكتب التي تناولت الموضوع، ومنها: "معرب القرآن".
6- البلاغة القرآنية الواردة في الآيات، والنظر في الكتب المهتمة بذلك، كتفسير "الكشاف"؛ للزمخشري - مع الحذر من اعتزاليَّاته - وكذا تفسير أبي السعود العمادي "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم".
7- معرفة سبب نزول الآيات والسور، فهذا مُعين جدًّا على فَهْم المراد من الآيات، وأوسع كتاب في ذلك هو "لُباب النقول في معرفة أسباب النزول"، وكذلك كتاب "أسباب النزول"؛ للواحدي.
8- معرفة الناسخ والمنسوخ، وممن توسَّع في الكتابة عنه ابن النحاس في كتابه "الناسخ والمنسوخ".
9- متشابه الآيات لفظًا، وضبط ذلك، وقد كتب فيها كثيرًا، ومنها الدليل إلى متشابه الآيات.
10- متشابه القرآن معنى، وفيه كتاب مطبوع اسمه "درة التنزيل وغرة التأويل".
11- معرفة معاني الجمل القرآنية على حسب علامات الوقف، وأحسن مَن تكلَّم فيه الطبري في تفسيره.
12- المعنى العام للآيات، وأكثر كتب التفسير تناولت ذلك، ومن الكتب المعاصرة كتاب "تيسير الكريم الرحمن"؛ للسعدي.
13- معرفة الأحكام الواردة في الآيات، ككتاب "أحكام القرآن"؛ لابن العربي، وهو مختصر مفيد، وأوسع منه كتاب "الجامع لأحكام القرآن"؛ للقُرْطبي.
14- الآيات التي ظاهرها التعارُض، أو ما يُسمَّى بمشكل القرآن، وأفضل مَن تكلَّم عن ذلك الشنقيطي في كتابه "أضواء البيان"، ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، ومن الكتب في ذلك "تأويل مُشْكل القرآن"؛ لابن قتيبة.
15- المناسبات بين السور وبين الآيات، وأجمع كتاب في ذلك كتاب "نظم الدُّرر في المناسبات بين الآيات والسور"؛ لبرهان الدين البقاعي.
16- تفسير القرآن على القواعد الأصولية، وقد ألَّف في ذلك الطوفي كتابًا أسماه "الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية". أهـ .
وثم التفريغ ولله الحمد والمنة .
أرجو من الإخوة القراء ممن له علاقة ببعض تلاميذ الشيخ الغديان رحمه الله أو أبنائه أن يوصل لهم هذا التفريغ عسى أن ينشر برا بالشيخ وأداء لبعض حقه علينا .