الحمد لله والصلاو السلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وسلم، اما بعد
فقد كتب اخونا الفاضل أبو اسامة سمير الجزائري مقالا في منتديات البيضاء بعنوان (القول البديع في جواز إفراد السبت بالصوم من غير حرج ولا تشنيع ) وقد تعقبت على مقاله هناك لكن نشرا للفائدة رايت نشر التعقيب هنا، فقلت هناك :
حديث النهي عن صيام السبت صحيح فقد جاء في علل الامام الدارقطني 4059 :((وسئل عن حديث عبد الله بن بسر ، عن عمته الصماء ، قالت :نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم السبت ، وقال : إن لم يجد أحدكم إلا عودا أخضر فليفطر عليه فقال : يرويه معاوية بن صالح ، عن ابن عبد الله بن بسر ، عن أبيه ، عن عمته الصماء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال الامام أحمد ( 6 / 368 369 ) : ثنا الحكم بن نافع قال : ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدي عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء به . قال الالباني في ارواء الغليل:( وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات فإن إسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها) .
وقد تابع ابنَ نافع ضمرةُ بن ربيعة عن إسماعيل بن عياش به .
أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 317 )
ومما يؤيد هذا الوجه أن الليث بن سعد رواه عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بسر عن أبيه عن عمته الصماء . أخرجه البيهقي واشار الدارقطني الى رواية معاوية بن صالح هذه كما تقدم.
والصماء هي اخت عبد الله بن بسر فاعلال هذا الحديث بالاضطراب لا يصح البتة مع كل هذه المرجحات للوجه الاول من الوجوه التي ذكرها الامام الدارقطني.
فليس كل اختلاف في السند أو المتن يُعَدُّ علة قادحة عند العلماء، بل يشترط لذلك أن تتساوى وجوه الاضطراب بحيث لا يمكن ترجيح وجه على آخر، وهذا غير متحقق هنا.
ومن تأمل صنيع ائمة العلل يدرك هذا الأمر ولو هذا لما سلم لنا الا نزر يسير من السنة .
على انه يمكن ان يقال ان هذا الاضطراب ان صحت تسميته بهذا هو في اسم صحابي وهذا لا يضر لان الصحابة كلهم عدول.
يقول شيخ الاسلام بن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم :((ولا يقال: يحمل النهي على إفراده، لأن لفظه: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أن الحديث عم صومه على كل وجه، وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثني فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره. بخلاف يوم الجمعة، فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده)).
ومما يدل على صحة حديث النهي عن صيام يوم السبت انه صح عن راويه عبد الله بن بسر انه كان يفتي به بل كان بعض الصحابة يحيل اليه في هذه المسألة.
يقول النسائي في السنن الكبرى
2772 - أنبأ أحمد بن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم قال حدثا معاوية بن يحيى أبو مطيع قال حدثني أرطأة قال سمعت أبا عامر قال : سمعت ثوبان مولى النبي صلى الله صلى الله عليه و سلم وسئل عن صيام يوم السبت فقال سلوا عبد الله بن بشر قيل فقال :((صيام السبت لا لك ولا عليك )).
قلت :واسناده صحيح فهذا الاثر يقطع الشك باليقين ويجعل حجة من ضعف حديث النهي عن صيام السبت أضعف من بيت العنكبوت.
اما عن الجمع بين حديث النهي عن صيام يوم السبت وبين حديث جويرية
فيقول العلامة الالباني رحمه الله :
((وقد كان بعض المناقشين عارض حديث السبت بحديث الجمعة هذا ، فتأملت في ذلك ، فبدا ليأن لا تعارض والحمد لله ، وذلك بأن نقول
:من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه ان يصوم السبت وهذا فرض عليه لينجوا من اثم مخالفته الافراد ليوم الجمعة فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت " الا فيما افترض عليكم " (الصحيحة 2/ص732ـ735)
وان كان الالباني قيده بالغافل عن التحريم لكن الظاهر انه لا يصح هذا التقييد لما جاء في حديث جويرية وامثاله اطلاق هذا الامر.
واما ما ورد في من نصوص المقال فهي نصوص عامة خصصها حديث النهي عن صيام السبت كما خصص النهي عن صيام يوم العيد صيام داود وبعضها هي من فعل الرسول الله عليه وسلم والقول مقدم على الفعل عند التعارض والحاظر مقدم على المبيح.
وكذلك يقال ان حديث النهي عن صيام السبت ناقل عن اصل بمعنى أنه من البديهي ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهى عن صيام السبت بداية الامر ثم نهى عنه فهذا ناسخ للاباحة ولم يثبت عندنا ان النهي نسخ ايضا.
يقول شيخ الاسلام :"إذا تعارض نصان ناقل وباق على الاستصحاب فالناقل هو الراجح .مجموع الفتاوى (25 /224)
ويقول ابن حزم في المحلى (7/520) :(نعم والاصل إباحة الشرب على كل حال من قيام وقعود.
وأختم بكلمة طيبة للعلامة المحقق ابن القيم رحمه الله تعالى لها مساس كبير بما نحن فيه قال : في [ إعلام الموقعين ) ( 3 / 464 - 465 ) :
( وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنا من كان ويهجرون فاعل ذلك وينكرون على من يضرب له الأمثال ولا يسوغون غير الانقياد له صلى الله عليه و سلم والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان
فقد كتب اخونا الفاضل أبو اسامة سمير الجزائري مقالا في منتديات البيضاء بعنوان (القول البديع في جواز إفراد السبت بالصوم من غير حرج ولا تشنيع ) وقد تعقبت على مقاله هناك لكن نشرا للفائدة رايت نشر التعقيب هنا، فقلت هناك :
حديث النهي عن صيام السبت صحيح فقد جاء في علل الامام الدارقطني 4059 :((وسئل عن حديث عبد الله بن بسر ، عن عمته الصماء ، قالت :نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم السبت ، وقال : إن لم يجد أحدكم إلا عودا أخضر فليفطر عليه فقال : يرويه معاوية بن صالح ، عن ابن عبد الله بن بسر ، عن أبيه ، عن عمته الصماء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه خالد بن معدان ، واختلف عن ثور , عنه ؛
فرواه يحيى بن نصر بن حاجب ، وعباد بن صهيب ، وسفيان بن حبيب ، وأبو عاصم ، وقرة بن عبد الرحمن ، وأصبغ بن زيد ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الله بن بسر ، عن أخته الصماء ؛
وخالفهم عيسى بن يونس ؛
فرواه عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن ابن بسر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل : عن أخته.
ورواه لقمان بن عامر ، واختلف عنه ؛
فحدث به عنه الزبيدي ، واختلف عنه ؛ فرواه إسماعيل بن عياش ، عن الزبيدي ، عن لقمان بن عامر ، عن عبد الله بن بسر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل عن أخته ،فرواه يحيى بن نصر بن حاجب ، وعباد بن صهيب ، وسفيان بن حبيب ، وأبو عاصم ، وقرة بن عبد الرحمن ، وأصبغ بن زيد ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الله بن بسر ، عن أخته الصماء ؛
وخالفهم عيسى بن يونس ؛
فرواه عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن ابن بسر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل : عن أخته.
ورواه لقمان بن عامر ، واختلف عنه ؛
وكذلك رواه حسان بن نوح الحمصي ، عن عبد الله بن بسر أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
والصحيح عن ابن بسر ، عن أخته ، وقال بعض أهل العلم من أهل حمص : إن أخت عبد الله بن بسر الصماء اسمها بهيمة )).وهذا الذي رجحه الدارقطني رجحه الالباني في ارواء الغليل ومما يرجح هذه الرواية ان الامام ابا زرعة الدمشقي قال قال لى دحيم :(( أهل بيت أربعة صحبوا النبى صلى الله عليه وسلم : بسر ، و ابناه : عبد الله و عطيه ، و ابنته أختهما الصماء)) . (من تهذيب الكمال)
ولم يتفرد ثور بن يزيد بالحديث بل توبع على روايتهفقال الامام أحمد ( 6 / 368 369 ) : ثنا الحكم بن نافع قال : ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدي عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء به . قال الالباني في ارواء الغليل:( وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات فإن إسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها) .
وقد تابع ابنَ نافع ضمرةُ بن ربيعة عن إسماعيل بن عياش به .
أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 317 )
ومما يؤيد هذا الوجه أن الليث بن سعد رواه عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بسر عن أبيه عن عمته الصماء . أخرجه البيهقي واشار الدارقطني الى رواية معاوية بن صالح هذه كما تقدم.
والصماء هي اخت عبد الله بن بسر فاعلال هذا الحديث بالاضطراب لا يصح البتة مع كل هذه المرجحات للوجه الاول من الوجوه التي ذكرها الامام الدارقطني.
فليس كل اختلاف في السند أو المتن يُعَدُّ علة قادحة عند العلماء، بل يشترط لذلك أن تتساوى وجوه الاضطراب بحيث لا يمكن ترجيح وجه على آخر، وهذا غير متحقق هنا.
ومن تأمل صنيع ائمة العلل يدرك هذا الأمر ولو هذا لما سلم لنا الا نزر يسير من السنة .
على انه يمكن ان يقال ان هذا الاضطراب ان صحت تسميته بهذا هو في اسم صحابي وهذا لا يضر لان الصحابة كلهم عدول.
يقول شيخ الاسلام بن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم :((ولا يقال: يحمل النهي على إفراده، لأن لفظه: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أن الحديث عم صومه على كل وجه، وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثني فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره. بخلاف يوم الجمعة، فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده)).
ومما يدل على صحة حديث النهي عن صيام يوم السبت انه صح عن راويه عبد الله بن بسر انه كان يفتي به بل كان بعض الصحابة يحيل اليه في هذه المسألة.
يقول النسائي في السنن الكبرى
2772 - أنبأ أحمد بن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم قال حدثا معاوية بن يحيى أبو مطيع قال حدثني أرطأة قال سمعت أبا عامر قال : سمعت ثوبان مولى النبي صلى الله صلى الله عليه و سلم وسئل عن صيام يوم السبت فقال سلوا عبد الله بن بشر قيل فقال :((صيام السبت لا لك ولا عليك )).
قلت :واسناده صحيح فهذا الاثر يقطع الشك باليقين ويجعل حجة من ضعف حديث النهي عن صيام السبت أضعف من بيت العنكبوت.
اما عن الجمع بين حديث النهي عن صيام يوم السبت وبين حديث جويرية
فيقول العلامة الالباني رحمه الله :
((وقد كان بعض المناقشين عارض حديث السبت بحديث الجمعة هذا ، فتأملت في ذلك ، فبدا ليأن لا تعارض والحمد لله ، وذلك بأن نقول
:من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه ان يصوم السبت وهذا فرض عليه لينجوا من اثم مخالفته الافراد ليوم الجمعة فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت " الا فيما افترض عليكم " (الصحيحة 2/ص732ـ735)
وان كان الالباني قيده بالغافل عن التحريم لكن الظاهر انه لا يصح هذا التقييد لما جاء في حديث جويرية وامثاله اطلاق هذا الامر.
واما ما ورد في من نصوص المقال فهي نصوص عامة خصصها حديث النهي عن صيام السبت كما خصص النهي عن صيام يوم العيد صيام داود وبعضها هي من فعل الرسول الله عليه وسلم والقول مقدم على الفعل عند التعارض والحاظر مقدم على المبيح.
وكذلك يقال ان حديث النهي عن صيام السبت ناقل عن اصل بمعنى أنه من البديهي ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهى عن صيام السبت بداية الامر ثم نهى عنه فهذا ناسخ للاباحة ولم يثبت عندنا ان النهي نسخ ايضا.
يقول شيخ الاسلام :"إذا تعارض نصان ناقل وباق على الاستصحاب فالناقل هو الراجح .مجموع الفتاوى (25 /224)
ويقول ابن حزم في المحلى (7/520) :(نعم والاصل إباحة الشرب على كل حال من قيام وقعود.
واتكاء.
واضطجاع فلما صح نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائما كان ذلك بلا شك ناسخا للاباحة المتقدمة ومحال مقطوع أن يعود المنسوخ ناسخا ثم لا يبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إذا كنا لا ندري ما يجب علينا ممالا يجب وكان يكون الدين غير موثوق به ومعاذ الله من هذا * وأقل ما في هذا على أصول المخالفين أن لا يترك اليقين للظنون وهم على يقين من نسخ الاباحة السالفة ولم يأت في الاكل نهى إلا عن أنس من قوله))
واضطجاع فلما صح نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائما كان ذلك بلا شك ناسخا للاباحة المتقدمة ومحال مقطوع أن يعود المنسوخ ناسخا ثم لا يبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إذا كنا لا ندري ما يجب علينا ممالا يجب وكان يكون الدين غير موثوق به ومعاذ الله من هذا * وأقل ما في هذا على أصول المخالفين أن لا يترك اليقين للظنون وهم على يقين من نسخ الاباحة السالفة ولم يأت في الاكل نهى إلا عن أنس من قوله))
وأختم بكلمة طيبة للعلامة المحقق ابن القيم رحمه الله تعالى لها مساس كبير بما نحن فيه قال : في [ إعلام الموقعين ) ( 3 / 464 - 465 ) :
( وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنا من كان ويهجرون فاعل ذلك وينكرون على من يضرب له الأمثال ولا يسوغون غير الانقياد له صلى الله عليه و سلم والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان
بل كانوا عاملين بقوله تعالى : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وبقوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما وبقوله تعالى : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون وأمثالها فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم : ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال كذا وكذا يقول : من قال هذا ؟ دفعا في صدر الحديث ويجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل وأنه لا يحل له دفع سنن رسول الله صلى الله عليه و سلم بمثل هذا الجهل وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة . والله المستعان )
تعليق