حسن البيان في هل للعيد خطبة أم خطبتان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا بحث مختصر في مسألة "هل للعيد خطبة أم خطبتان" جمعت مباحثه من الشبكة وألفت بينها راجيا من الله التوفيق والقبول وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
أبو أسامة سمير الجزائري
ذهب جمهور أهل العلم من أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم إلى أن الإمام يخطب في العيد خطبتين يجلس بينهما كصلاة الجمعة تماماً، قال الإمام الشافعي: "... أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن عبد الله، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس" ( الأم 1/23).
وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم منهم ابن حزم في المحلى(3/293).
ولم يوجد مع طول البحث من قال بأن خطبة العيد خطبة واحدة لا من أهل العلم المتقدمين ولا فقهاء المذاهب
وبالنظر إلى كلام الفقهاء وأهل العلم يتبين أنهم قاسوها على الجمعة وذكروا أدلة في ثبوتها نظر:
فاستدلوا بما رواه ابن ماجه من طريق إسماعيل بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال: خرج الرسول صلى الله عليه وسلم يوم فطر وأضحى قائماً ثم قعد قعدة ثم قام.
وإسماعيل بن مسلم مجمع على ضعفه وكذا ما رواه البزار في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص وكان يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد (2/203): "وفي إسناده من لم أعرفه"
وقال النووي في الخلاصة: ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي شارحاً قول أبي القاسم الخرقي: "فإذا سلم خطب بهم خطبتين يجلس بينهما"، وجملته أن خطبتي العيدين بعد الصلاة، لا نعلم فيه خلافاً بين المسلمين ... .
وقال الإمام النووي: "فإذا فرغ الإمام من صلاة العيد صعد المنبر وأقبل على الناس بوجهه، وسلم، وهل يجلس قبل الخطبة؟ وجهان، الصحيح المنصوص يجلس كخطبة الجمعة ثم يخطب خطبتين أركانهما كأركانهما في الجمعة ويقوم فيهما ويجلس بينهما كالجمعة"
(روضة الطالبين 1/580).
وقال الكاساني الحنفي: "وكيفية الخطبة في العيدين كهي في الجمعة، فيخطب خطبتين يجلس بينهما جلسة خفيفة..."
(بدائع الصنائع 1/619)
وقال الشيخ أحمد الدردير المالكي عند حديثه عن صلاة العيد: "ونُدِبَ خطبتان لها كالجمعة أي كخطبتها في الصفة..."
(الشرح الكبير 1/400 )
وقد جرى العمل على هذا عند المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم على أن يخطب الخطيب خطبتين في العيد، وهذا ما تناقله أهل العلم قديماً، ولا خلاف فيه بين السلف كما بيّن ذلك الشيخ ابن حزم الظاهري حيث قال: "فإذا سلم الإمام قام فخطب الناس خطبتين، يجلس بينهما، فإذا أتمهما افترق الناس... كل هذا لا خلاف فيه"
(المحلى 3/293)
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "وقوله: (خطبتين) هذا ما مشى عليه الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان، لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر (أنه كان يخطب خطبتين)، ومن نظر في السنة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهنّ، فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه لا يصح، لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهنّ لعدم وصول الخطبة إليهنّ وهذا احتمال"
(الشرح الممتع 5/191-192 )
- وقال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ما نصه: "العلماء ألحقوا العيد بالجمعة في الخطبتين فلا ينبغي العدول عن هذا".
- وقال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز أيضاً: "خطبة العيد خطبتان، وأثر عبيد الله مرسل فهو ضعيف؛ لكن يتأيد عند الجمهور بأنها مثل الجمعة فألحقوها بها، وتتابع العلماء على ذلك" .
- وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هل للعيد خطبة أم خطبتان؟ فأجاب: "المشهور عند الفقهاء أن خطبة العيد اثنتان لحديث ضعيف ورد في هذا، لكن في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، وأرجو أن الأمر في هذا واسع" (مجموع فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين 16/24 ).
وخلاصة الأمر أن الذي يظهر أن في العيد خطبتان، وأن هذا من العمل المتوارث، وقد عمل به فقهاء الأمة على مر العصور والأيام فلا ينبغي تركه.
أبو أسامة سمير الجزائري
بلعباس
28 رمضان 1432
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا بحث مختصر في مسألة "هل للعيد خطبة أم خطبتان" جمعت مباحثه من الشبكة وألفت بينها راجيا من الله التوفيق والقبول وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
أبو أسامة سمير الجزائري
ذهب جمهور أهل العلم من أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم إلى أن الإمام يخطب في العيد خطبتين يجلس بينهما كصلاة الجمعة تماماً، قال الإمام الشافعي: "... أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن عبد الله، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس" ( الأم 1/23).
وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم منهم ابن حزم في المحلى(3/293).
ولم يوجد مع طول البحث من قال بأن خطبة العيد خطبة واحدة لا من أهل العلم المتقدمين ولا فقهاء المذاهب
وبالنظر إلى كلام الفقهاء وأهل العلم يتبين أنهم قاسوها على الجمعة وذكروا أدلة في ثبوتها نظر:
فاستدلوا بما رواه ابن ماجه من طريق إسماعيل بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال: خرج الرسول صلى الله عليه وسلم يوم فطر وأضحى قائماً ثم قعد قعدة ثم قام.
وإسماعيل بن مسلم مجمع على ضعفه وكذا ما رواه البزار في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص وكان يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد (2/203): "وفي إسناده من لم أعرفه"
وقال النووي في الخلاصة: ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي شارحاً قول أبي القاسم الخرقي: "فإذا سلم خطب بهم خطبتين يجلس بينهما"، وجملته أن خطبتي العيدين بعد الصلاة، لا نعلم فيه خلافاً بين المسلمين ... .
وقال الإمام النووي: "فإذا فرغ الإمام من صلاة العيد صعد المنبر وأقبل على الناس بوجهه، وسلم، وهل يجلس قبل الخطبة؟ وجهان، الصحيح المنصوص يجلس كخطبة الجمعة ثم يخطب خطبتين أركانهما كأركانهما في الجمعة ويقوم فيهما ويجلس بينهما كالجمعة"
(روضة الطالبين 1/580).
وقال الكاساني الحنفي: "وكيفية الخطبة في العيدين كهي في الجمعة، فيخطب خطبتين يجلس بينهما جلسة خفيفة..."
(بدائع الصنائع 1/619)
وقال الشيخ أحمد الدردير المالكي عند حديثه عن صلاة العيد: "ونُدِبَ خطبتان لها كالجمعة أي كخطبتها في الصفة..."
(الشرح الكبير 1/400 )
وقد جرى العمل على هذا عند المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم على أن يخطب الخطيب خطبتين في العيد، وهذا ما تناقله أهل العلم قديماً، ولا خلاف فيه بين السلف كما بيّن ذلك الشيخ ابن حزم الظاهري حيث قال: "فإذا سلم الإمام قام فخطب الناس خطبتين، يجلس بينهما، فإذا أتمهما افترق الناس... كل هذا لا خلاف فيه"
(المحلى 3/293)
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "وقوله: (خطبتين) هذا ما مشى عليه الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان، لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر (أنه كان يخطب خطبتين)، ومن نظر في السنة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهنّ، فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه لا يصح، لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهنّ لعدم وصول الخطبة إليهنّ وهذا احتمال"
(الشرح الممتع 5/191-192 )
- وقال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ما نصه: "العلماء ألحقوا العيد بالجمعة في الخطبتين فلا ينبغي العدول عن هذا".
- وقال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز أيضاً: "خطبة العيد خطبتان، وأثر عبيد الله مرسل فهو ضعيف؛ لكن يتأيد عند الجمهور بأنها مثل الجمعة فألحقوها بها، وتتابع العلماء على ذلك" .
- وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هل للعيد خطبة أم خطبتان؟ فأجاب: "المشهور عند الفقهاء أن خطبة العيد اثنتان لحديث ضعيف ورد في هذا، لكن في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، وأرجو أن الأمر في هذا واسع" (مجموع فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين 16/24 ).
وخلاصة الأمر أن الذي يظهر أن في العيد خطبتان، وأن هذا من العمل المتوارث، وقد عمل به فقهاء الأمة على مر العصور والأيام فلا ينبغي تركه.
أبو أسامة سمير الجزائري
بلعباس
28 رمضان 1432
تعليق