القنوت في الوتر وما المقصود به
جاء في لسان العرب مادة ( قنت ) ما نصه بتصرف يسير :
قنت : القنوت الإمساك عن الكلام وقيل الدعاء في الصلاة .
و القنوت الخشوع والإقرار بالعبودية والقيام بالطاعة التي ليس معها معصية وقيل القيام وزعم ثعلب أنه الأصل وقيل إطالة القيام وفي التنزيل العزيز وقوموا قانتين قال زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام فأمسكنا عن الكلام فالقنوت هاهنا الإمساك عن الكلام في الصلاة .
وروي عن النبي صلى الله وعليه وسلم أنه قنت شهرا في صلاة الصبح بعد الركوع ، يدعو على رعل وذكوان وقال أبو عبيد أصل القنوت في أشياء فمنها القيام وبهذا جاءت الأحاديث في قنوت الصلاة لأنه إنما يدعو قائما وأبين من ذلك حديث جابر قال سئل النبي صلى الله وعليه وسلمأي الصلاة أفضل قال : ( طول القنوت ) يريد طول القيام ، ويقال للمصلي قانت ، وفي الحديث ( مثل المجاهد في سبيل الله ، كمثل القانت الصائم ) أي المصلي وفي الحديث ( تفكر ساعة خير من قنوت ليلة ) وقد تكرر ذكره في الحديث ويرد بمعان متعددة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام وطول القيام والسكوت فيصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه .
وقال ابن الأنباري : القنوت على أربعة أقسام الصلاة وطول القيام ، وإقامة الطاعة والسكوت ، و القنوت الطاعة هذا هو الأصل ، ومنه قوله تعالى ، و القانتين ، و القانتات ثم سمي القيام في الصلاة قنوتا ، ومنه قنوت الوتر و قنت يقنتهأطاعه ، وقوله تعالى { كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} أي مطيعون ، و القانت المطيع ، و القانت الذاكر لله تعالى كما قال عزوجل {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }
وقيل القانت العابد والقانت في قوله عز وجل{ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين َ}
وقال الجصاص في أحكام القرآن الجزء الأول :
وأما قوله عز وجل : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }فإنه قد قيل في معنى القنوت في أصل اللغة إنه الدوام على الشيء . وروي عن السلف فيه أقاويل , روي عن ابنعباس ، والحسن ، وعطاء والشعبي : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } ( مطيعين ) وقال نافع عن ابن عمر قال : القنوت طول القيام ) وقرأ {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أفضل الصلاة طول القنوت ) يعني القيام .
وقال مجاهد : ( القنوت السكوت والقنوت الطاعة ) . ولما كان أصل القنوت الدوام على الشيء جاز أن يسمى مديم الطاعة قانتا , وكذلك من أطال القيام والقراءة والدعاء في الصلاة أو أطال الخشوع والسكوت , كل هؤلاء فاعلوا القنوت . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم ( قنت شهراً يدعو فيه على حي من أحياء العرب ) والمراد به : أطال قيام الدعاء . وقد روى الحارث بن شبل عن أبي عمرو الشيباني قال : ( كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }فأمرنا بالسكوت ) فاقتضى ذلك النهي عن الكلام في الصلاة .
وقال ابن العربي في أحكام القرآن الجزء الأول :
{ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }اعلموا وفقكم الله تعالى أن القنوت يرد على معان , أمهاتها أربع :
الأول : الطاعة قاله ابن عباس .
الثاني :القيام قاله ابن عمر , وقرأ : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصلاة طول القنوت ) .
الثالث : إنه السكوت قاله مجاهد . وفي الصحيح قال زيد : " كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }فأمرنا بالسكوت " .
الرابع : أن القنوت الخشوع . وهذه المعاني كلها يصح أن يكون جميعها مرادا ; لأنه لا تنافر فيه إلا القيام فإنه يبعد أن يكون معنى الآية : وقوموا لله قائمين , إلا على تكلف . وقد صلى ابن عباس الصبح وقنت فيها , فلما فرغ منها قال : هذه هي الصلاة الوسطى وقرأ الآية إلى قوله تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }والصحيح رواية زيد بن أرقم ; لأنها نص ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يلتفت إلى محتمل سواها .
إذاً : القنوت يرد بمعان متعددة كالطاعة ، والخشوع ، والصلاة ، والدعاء والعبادة والقيام ، وطول القيام ، والسكوت ، فيصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه ، والذي يهمنا هنا أن القنوت في الوتر المقصود به الدعاء .
مقتبس من كتاب أقوال أهل العلم في مسألة قنوت الوتر.
ابو الهيثم أمير المعسكري
جاء في لسان العرب مادة ( قنت ) ما نصه بتصرف يسير :
قنت : القنوت الإمساك عن الكلام وقيل الدعاء في الصلاة .
و القنوت الخشوع والإقرار بالعبودية والقيام بالطاعة التي ليس معها معصية وقيل القيام وزعم ثعلب أنه الأصل وقيل إطالة القيام وفي التنزيل العزيز وقوموا قانتين قال زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام فأمسكنا عن الكلام فالقنوت هاهنا الإمساك عن الكلام في الصلاة .
وروي عن النبي صلى الله وعليه وسلم أنه قنت شهرا في صلاة الصبح بعد الركوع ، يدعو على رعل وذكوان وقال أبو عبيد أصل القنوت في أشياء فمنها القيام وبهذا جاءت الأحاديث في قنوت الصلاة لأنه إنما يدعو قائما وأبين من ذلك حديث جابر قال سئل النبي صلى الله وعليه وسلمأي الصلاة أفضل قال : ( طول القنوت ) يريد طول القيام ، ويقال للمصلي قانت ، وفي الحديث ( مثل المجاهد في سبيل الله ، كمثل القانت الصائم ) أي المصلي وفي الحديث ( تفكر ساعة خير من قنوت ليلة ) وقد تكرر ذكره في الحديث ويرد بمعان متعددة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام وطول القيام والسكوت فيصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه .
وقال ابن الأنباري : القنوت على أربعة أقسام الصلاة وطول القيام ، وإقامة الطاعة والسكوت ، و القنوت الطاعة هذا هو الأصل ، ومنه قوله تعالى ، و القانتين ، و القانتات ثم سمي القيام في الصلاة قنوتا ، ومنه قنوت الوتر و قنت يقنتهأطاعه ، وقوله تعالى { كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} أي مطيعون ، و القانت المطيع ، و القانت الذاكر لله تعالى كما قال عزوجل {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }
وقيل القانت العابد والقانت في قوله عز وجل{ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين َ}
وقال الجصاص في أحكام القرآن الجزء الأول :
وأما قوله عز وجل : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }فإنه قد قيل في معنى القنوت في أصل اللغة إنه الدوام على الشيء . وروي عن السلف فيه أقاويل , روي عن ابنعباس ، والحسن ، وعطاء والشعبي : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } ( مطيعين ) وقال نافع عن ابن عمر قال : القنوت طول القيام ) وقرأ {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أفضل الصلاة طول القنوت ) يعني القيام .
وقال مجاهد : ( القنوت السكوت والقنوت الطاعة ) . ولما كان أصل القنوت الدوام على الشيء جاز أن يسمى مديم الطاعة قانتا , وكذلك من أطال القيام والقراءة والدعاء في الصلاة أو أطال الخشوع والسكوت , كل هؤلاء فاعلوا القنوت . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم ( قنت شهراً يدعو فيه على حي من أحياء العرب ) والمراد به : أطال قيام الدعاء . وقد روى الحارث بن شبل عن أبي عمرو الشيباني قال : ( كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }فأمرنا بالسكوت ) فاقتضى ذلك النهي عن الكلام في الصلاة .
وقال ابن العربي في أحكام القرآن الجزء الأول :
{ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }اعلموا وفقكم الله تعالى أن القنوت يرد على معان , أمهاتها أربع :
الأول : الطاعة قاله ابن عباس .
الثاني :القيام قاله ابن عمر , وقرأ : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصلاة طول القنوت ) .
الثالث : إنه السكوت قاله مجاهد . وفي الصحيح قال زيد : " كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }فأمرنا بالسكوت " .
الرابع : أن القنوت الخشوع . وهذه المعاني كلها يصح أن يكون جميعها مرادا ; لأنه لا تنافر فيه إلا القيام فإنه يبعد أن يكون معنى الآية : وقوموا لله قائمين , إلا على تكلف . وقد صلى ابن عباس الصبح وقنت فيها , فلما فرغ منها قال : هذه هي الصلاة الوسطى وقرأ الآية إلى قوله تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }والصحيح رواية زيد بن أرقم ; لأنها نص ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يلتفت إلى محتمل سواها .
إذاً : القنوت يرد بمعان متعددة كالطاعة ، والخشوع ، والصلاة ، والدعاء والعبادة والقيام ، وطول القيام ، والسكوت ، فيصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه ، والذي يهمنا هنا أن القنوت في الوتر المقصود به الدعاء .
مقتبس من كتاب أقوال أهل العلم في مسألة قنوت الوتر.
ابو الهيثم أمير المعسكري