حُكمُ النّية في الصِيام
للشيخ صالح الفوزان
-حفظه الله تعالى-
للشيخ صالح الفوزان
-حفظه الله تعالى-
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ... وبعد : -
اعلموا أن النية في الصوم لا بد منها وهي شرط لصحته ، كما أنها شرط لصحة كل العبادات لقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . . وبها تتميز العبادات عن العادات ، فإن كان الصوم واجبًا فلا بد أن ينويه من الليل ويعين نوعية الصوم الذي يريده لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) وذلك بأن يعتقد عند بداية الصوم أنه يصوم من رمضان أو من قضائه أو أنه يصوم نذر أو كفارة . ووقت النية لهذا الصوم الواجب بأنواعه من الليل سواء كان من أوله أو وسطه أو آخره ، لما روى الدارقطني بإسناده عن عمرة عن عائشة مرفوعًا : من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له وقال : إسناده كلهم ثقات .
وعن ابن عمر عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له - وفي لفظ : - من لم يجمع - أي يعزم - الصيام من الليل فلا صيام له ولأن جميع النهار يجب فيه الصوم ، فإذا فات جزء من النهار لم توجد فيه النية لم يصح صوم جميع اليوم لأن النية لا تنعطف على الماضي .
والنية في جميع العبادات محلها القلب ولا يجوز التلفظ بها ، لأن ذلك لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه أنهم كانوا يقولون : نويت أن أصوم ، نويت أن أصلي وغير ذلك فالتلفظ بها بدعة محدثة ، ويكفي في النية الأكل والشرب بنية الصوم .
قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله : هو حين يتعشى يتعشى عشاء من يريد الصوم ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان ، وقال أيضًا كل من علم أن غدًا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى صومه وهو فعل عامة المسلمين . . انتهى .
وأما صوم النفل فإنه يصح بنية من النهار بشرط أن لا يوجد مناف للصوم فيما بين طلوع الفجر ونيته من أكل وغيره ، لقول عائشة رضي الله عنها : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم من شيء فقلنا لا ، قال فإني إذًا صائم رواه الجماعة إلا البخاري . فدل طلبه للأكل على أنه لم يكن نوى الصيام قبل ذلك ، ودل قوله : ( فإني إذًا صائم ) على ابتداء النية من النهار ، فدل على صحة نية الصوم من النهار فيكون ذلك مخصصًا لحديث من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له وما ورد بمعناه بأن ذلك خاص بالفرض دون النفل ، وذلك بشرط أن لا يفعل قبل النية وما يفطره اقتصارًا على مقتضى الدليل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما النفل فيجزئ بنية من النهار كما دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إني إذًا صائم ) والتطوع أوسع من الفرض ، كما أن الصلاة المكتوبة يجب فيها من الأركان كالقيام والاستقرار على الفرض ، بخلاف النفل فإنه يصح على الراحلة ومن الماشي . ما لا يجب في التطوع توسيعًا من الله على عباده طرق التطوع ، فإن أنواع التطوعات دائمًا أوسع من أنواع المفروضات وهذا أوسط الأقوال . . انتهى .
وصحة نية التطوع من النهار مروية عن جماعة من الصحابة منهم معاذ وابن مسعود وحذيفة ، وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وغيرهم ... والله أعلم .
والحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه .
منقول من موقع الشيخ رعاه الله
تعليق