إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) .
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .
أما بعد :
هذه الفوائد منتقاة من سلسلة شرح القواعد الفقهية الخمس الكبرى لفضيلة الدكتور محمد بن عمر سالم بازمول - حفظه الله - وهي : الأمور بمقاصدها - اليقين لا يزول بالشك - الضرر يزال - المشقة تجلب التيسير - العادة محكمة ، وهي عبارة عن خمسة أشرطة :
فوائد الشريط الأول
( الأمور بمقاصدها )
( الأمور بمقاصدها )
1- وصف " الكبرى " تمييزاً لهذه القواعد الفقهية عن القواعد الفقهية العامة .
2- من محاسن هذه الشريعة الإسلامية أن جعل الله - عز وجل - لها معالم يستطيع المسلم المتفقه في دين الله - عز وجل - إذا ما ضبط هذه المعالم أن يحصر جزئيات وفروع كثيرة من جهة معرفة حكمها وما يتعلق بها .
3- قد استنبط العلماء هذه المعاني وتنبها لها فوجدوا أن جميع الفقه الإسلامي يدور على خمس قواعد إذا ضبطها طالب العلم وحفظها وأتقنها وأحسن تطبيقها أمكنه الكلام والفهم في جميع مسائل الفقه ولا ينقص عليه بعد ذلك إلا الشيء اليسير .
4- القواعد الخمسة هي : الأمور بمقاصدها - اليقين لا يزول بالشك - الضرر يزال - المشقة تجلب التيسير - العادة محكمة .
5- القاعدة في اللغة : هي الأس و الأصل والأساس .
قال الله تعالى : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( البقرة - 127)
6- القاعدة في اصطلاح التدوين : هي الأمر الكلي الذي يندرج تحته جزئيات كثيرة .
7- الفقه في اللغة : هو الفهم .
8- لا يصح أن تقول عن الأمر الذي لا يحتاج إلى فهم أنك فقهته مثل فقهت أن السماء فوقي والأرض تحتي لأن هذا الأمر معلوم ( بديهي ) لا يحتاج إلى فهم .
9- الفهم : هو العملية العقلية التي يحصل منها استنباط شيء من شيء .
10 - الفقه في اصطلاح التدوين : هو العلم بالأحكام الشرعية المكتسب ( المتعلق بأفعال المكلفين ) أو ( العملية ) من أدلتها التفصيلية .
11- لفظ " الشرعية " : خرج به العلم بالأمور الأخرى غير الشرعية .
12- لفظ " الأحكام " : خرج به الأمور الشرعية التي لا يتعلق بها هذه الأحكام الخمسة التي هي الواجب والمستحب والحلال والحرام والمباح ففصلنا بذلك علم الفقه عن علم العقيدة لأن علم العقيدة لا يطلق عليه معرفة الحلال والحرام .
13- لفظ " المكتسب " : يعني أن هذا العلم علم مكتسب .
14- خرج به علم الله عن أن يكون مكتسباً .
15- بعضهم يستبدل جملة " المتعلق بأفعال المكلفين " بكلمة " العملية " لبيان أن موضوع هذا العلم هو أفعال المكلفين وأعمالهم وما يتعلق بهم .
16- " من أدلتها التفصيلية " : لبيان أن هذا العلم تعرض هذه الأحكام من مصادر شرعية هي هذه الأدلة التفصيلية .
17 - لفظ " التفصيلية " : خرج به علم أصول الفقه عن علم الفقه فإن أصول الفقه تعرف الحكم العام الدال على الوجوب عموماً ولكن في الفقه تحتاج إلى معرفة أفراد المسائل كل مسألة بدليلها .
18- يقول العلماء إذا كان العلم مركب من كلمتين وأردنا تعريفه نبدأ أولاً بتعريف كل كلمة على حدة ثم نأتي بعد ذلك على بتعريف الكلمتين بعد إضافة إحداهما إلى الأخرى .
19- القواعد الفقهية : هي الأمر الكلي الذي يندرج تحته جملة كثيرة من المسائل الجزئية المتعلقة بالأمور العملية في أبواب متعددة من أبواب الفقه .
20- الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي :
أ- قال العلماء : الضابط الفقهي هو كالقاعدة ولكن الفرق بينه وبين القاعدة أن " القاعدة الفقهية " تعطيك أحكام مسائل جزئية كثيرة في أبواب متعددة بينما " الضابط الفقهي " يعطيك أحكام مسائل كثيرة ولكن في باب واحد .
مثال للقاعدة الفقهية : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ " تدخل في الطهارة والصلاة والحج والبيع والنكاح والطلاق وفي أبواب كثيرة .
مثال للضابط الفقهي : " لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ " لأنه يتعلق في باب السهو .
ب- " القاعدة الفقهية " تجتمع عليها كل المذاهب الفقهية ولكن " الضابط الفقهي " يختلف من مذهب إلى مذهب بعبارة أخرى أن " الضابط الفقهي " يغلب عليه سمت المذهب بينما القاعدة فلا .
21- الفرق بين " علم القواعد الفقهية " و " علم أصول الفقه " :
أ- " أصول الفقه " : علم يعتمد في أصله على الدلالات من جهة التراكيب اللغوية بينما " القواعد الفقهية " يعتمد على ما دلت عليه النصوص الشرعية .
ب- " أصول الفقه " : هيئتك هيئة استنباط بينما " القاعدة الفقهية " هيئتك هيئة من وضع عبارة كلية تجمع مسائل كثيرة فأنت لا تبين أحكام جزئية ولكن تجمع مسائل جزئية كثيرة مثل استقراء أدلة كثيرة فتولد عندك أن " المشقة تجلب التيسير " .
22- كتبت كتب كثيرة في علم القواعد الفقهية ومن أشهر الكتب كتاب " القواعد الفقهية لابن رجب " ولكن غلبت عليه سمت الضوابط الفقهية ومنها كتاب " الأشباه والنظائر للسيوطي " ( شافعي ) وكتاب " الأشباه والنظائر لابن نجيم " ( حنفي ) و كتاب " إعلام الموقعين لابن قيم الجوزية " وكتاب " القواعد الفقهية للعلائي " وكتاب " القواعد الفقهية لابن السبكي " وللشيخ السعدي و الشيخ أحمد الزرقا ووالده الشيخ محمد الزرقا وهناك رسالة عبارة عن محاضرة للشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان تكلم فيها عن القواعد الفقهية الخمسة .
23- معنى " الأمور بمقاصدها " : كل قول أو عمل يصدر منك إنما يحكم عليه من خلال النية والقصد .
24- أدلة القاعدة " الأمور بقاصدها " :
* قال الله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) ( اليبنة - 5 ) .
* وقوله تعالى : ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) ( البقرة - 225) .
* قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ " .
* جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " .
25- النية : هي الإرادة وبعض أهل العلم يقول النية أخص من الإرادة قد تقول : نويت ولكن لا تقول : فلان نوى وتقول : أردت وأراد فلان فهو أمر تنبئ به عن نفسك لا تستطيع أن تنبئ به عن غيرك إذن النية معناها أخص .
26- النية تطلق عند العلماء على معنيين :
أ- قصد العبادة : ( لتمييز بين العبادات ) .
ب- قصد المعبود : ( الإخلاص ) .
27- في كلام السلف تطلق النية والقصد بمعنى قصد المعبود ( الإخلاص ) وهذا نبه عليه ابن رجب في كتاب له اسمه " كلمة الإخلاص " وشرحه " جامع العلوم والحكم " لحديث : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ " .
28- قاعدة : المحرم لذاته أحل للضرورة والمحرم لغيره أحل للحاجة :
تطبيقاتها :
أ- المحرم لغيره أبيح للحاجة : مثال : بيع السلف ، بيع العرايا ، السفر إلى بلاد الكفار .
ب- المحرم لذاته أبيح للضرورة : مثال : أكل لحم الخنزير .
29- الضروريات : هي ما يتوقف عليها حفظ النفس أو الدين أو العقل أو العرض أو المال ( هذه هي الضرورة التي تبيح فعل المحرم لذاته ) .
30- الحاجيات : هي ما يتوقف عليها عيش الإنسان العيش الملائم ( تحتاج إلى بيت تسكن فيه ولكن ليس فيلا ) .
31- الناس كثيرا ما يخلطون بين الضروريات والحاجيات أو بين الكماليات والحاجيات .
يتبع إن شاء الله ... الشريط الثاني ( اليقين لا يزول بالشك )