في حكم الجمع بين الجمعة والعصر
الفتوى رقم: 1088
السـؤال:
هل يجوز الجمعُ بين صلاتَيِ الجمعةِ والعصرِ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، أمّا بعد:
فالأصلُ في الصّلاةِ وجوبُ أدائِها في وقتِها المحدَّدِ لها شرعًا؛ لقولِه تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النّساء: 103]، ولأنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم عندما سُئل عن أفضلِ الأعمالِ وأحبِّها إلى اللهِ قال: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»(١)، وقد «أجمع المسلمون على أنّ الصّلواتِ الخمسَ مؤقَّتةٌ بمواقيتَ معلومةٍ محدودةٍ»(٢)، غيرَ أنّه ثبتتْ في السّنّةِ النّبويّةِ نصوصٌ حديثيّةٌ مرخِّصةٌ لأهلِ الأعذارِ في الجمعِ بين الظّهرِ والعصرِ، والمغربِ والعشاءِ دفعًا للحرجِ في السّفَرِ والحضَرِ، ولم يَرِدْ دليلٌ شرعيٌّ يُجيز جمْعَ العصرِ إلى الجمعةِ مطلقًا: لا تقديمًا ولا تأخيرًا، لا في سفرٍ ولا في حضَرٍ، لذلك منعه أكثرُ أهلِ العلمِ مقرِّرين أنّ مَن صلّى الجمعةَ مِن أهلِ الأعذارِ يجب عليه أنْ يصلِّيَ العصرَ في وقتِها، خلافًا لمن أجاز الجمعَ وهو مذهبُ بعضِ السّلفِ، ومذهبُ الجمهورِ أصحُّ وأقوى ما لم يدخلِ المسافرُ الضّاربُ في الأرضِ مع إمامِ بلدةٍ مرّ عليها الجمعةَ بنيّةِ الظّهرِ قصرًا، فإنّه -والحالُ هذه- يَسَعُه دون غيرِه أن يجمعَ معها العصرَ ليُتابِعَ سفرَه؛ لعدمِ وجوبِ الجمعةِ عليه في سفرِه مِن جهةٍ، ولأنّه جمعٌ بين الظّهرِ والعصرِ من جهةٍ أخرى.
أمّا مَن عداه ممّن صلّى الجمعةَ فليس له أن يجمعَ إليها العصرَ مطلقًا: تقديمًا أو تأخيرًا؛ لعدمِ ثبوتِ ترخيصٍ سنّيٍّ يقضي بجوازِه، والمعلومُ أنّ الأصلَ في العباداتِ التّوقيفُ؛ فلا يُشرَعُ منها إلاّ ما ثبت تشريعًا.
هذا، والجمعةُ ليستْ بدلاً عنِ الظّهرِ حتّى تأخذَ حكمَ المُبْدَلِ منه، وإلحاقُ الجمعةِ بالظّهرِ قياسٌ مع ظهورِ الفارقِ؛ ذلك لأنّ الجمعةَ صلاةٌ منفرِدةٌ ومستقلّةٌ، لها خصائصُ تميّزها عنِ الظّهرِ من وجوهٍ كثيرةٍ، وكذا عن سائرِ الصّلواتِ الأخرى، سواء في شروطِها أو أركانِها أو هيئتِها أو ثوابِها وفي يومِها وما يُشْرَع قبلها وبعدها، لذلك لا تُجْمَع الجمعةُ مع أيِّ صلاةٍ قبلها كالفجرِ، ولا صلاةٍ بعدها كالعصرِ.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: 14 من صفر 1432ﻫ
الموافق ﻟ: 18 جـانفي 2011م
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
١- متفق عليه: أخرجه البخاري في «مواقيت الصلاة»، باب فضل الصلاة لوقتها رقم (527)، ومسلم في «الإيمان» رقم (85) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
٢- «المغني» لابن قدامة (1/370).
الفتوى رقم: 1088
السـؤال:
هل يجوز الجمعُ بين صلاتَيِ الجمعةِ والعصرِ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، أمّا بعد:
فالأصلُ في الصّلاةِ وجوبُ أدائِها في وقتِها المحدَّدِ لها شرعًا؛ لقولِه تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النّساء: 103]، ولأنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم عندما سُئل عن أفضلِ الأعمالِ وأحبِّها إلى اللهِ قال: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»(١)، وقد «أجمع المسلمون على أنّ الصّلواتِ الخمسَ مؤقَّتةٌ بمواقيتَ معلومةٍ محدودةٍ»(٢)، غيرَ أنّه ثبتتْ في السّنّةِ النّبويّةِ نصوصٌ حديثيّةٌ مرخِّصةٌ لأهلِ الأعذارِ في الجمعِ بين الظّهرِ والعصرِ، والمغربِ والعشاءِ دفعًا للحرجِ في السّفَرِ والحضَرِ، ولم يَرِدْ دليلٌ شرعيٌّ يُجيز جمْعَ العصرِ إلى الجمعةِ مطلقًا: لا تقديمًا ولا تأخيرًا، لا في سفرٍ ولا في حضَرٍ، لذلك منعه أكثرُ أهلِ العلمِ مقرِّرين أنّ مَن صلّى الجمعةَ مِن أهلِ الأعذارِ يجب عليه أنْ يصلِّيَ العصرَ في وقتِها، خلافًا لمن أجاز الجمعَ وهو مذهبُ بعضِ السّلفِ، ومذهبُ الجمهورِ أصحُّ وأقوى ما لم يدخلِ المسافرُ الضّاربُ في الأرضِ مع إمامِ بلدةٍ مرّ عليها الجمعةَ بنيّةِ الظّهرِ قصرًا، فإنّه -والحالُ هذه- يَسَعُه دون غيرِه أن يجمعَ معها العصرَ ليُتابِعَ سفرَه؛ لعدمِ وجوبِ الجمعةِ عليه في سفرِه مِن جهةٍ، ولأنّه جمعٌ بين الظّهرِ والعصرِ من جهةٍ أخرى.
أمّا مَن عداه ممّن صلّى الجمعةَ فليس له أن يجمعَ إليها العصرَ مطلقًا: تقديمًا أو تأخيرًا؛ لعدمِ ثبوتِ ترخيصٍ سنّيٍّ يقضي بجوازِه، والمعلومُ أنّ الأصلَ في العباداتِ التّوقيفُ؛ فلا يُشرَعُ منها إلاّ ما ثبت تشريعًا.
هذا، والجمعةُ ليستْ بدلاً عنِ الظّهرِ حتّى تأخذَ حكمَ المُبْدَلِ منه، وإلحاقُ الجمعةِ بالظّهرِ قياسٌ مع ظهورِ الفارقِ؛ ذلك لأنّ الجمعةَ صلاةٌ منفرِدةٌ ومستقلّةٌ، لها خصائصُ تميّزها عنِ الظّهرِ من وجوهٍ كثيرةٍ، وكذا عن سائرِ الصّلواتِ الأخرى، سواء في شروطِها أو أركانِها أو هيئتِها أو ثوابِها وفي يومِها وما يُشْرَع قبلها وبعدها، لذلك لا تُجْمَع الجمعةُ مع أيِّ صلاةٍ قبلها كالفجرِ، ولا صلاةٍ بعدها كالعصرِ.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: 14 من صفر 1432ﻫ
الموافق ﻟ: 18 جـانفي 2011م
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
١- متفق عليه: أخرجه البخاري في «مواقيت الصلاة»، باب فضل الصلاة لوقتها رقم (527)، ومسلم في «الإيمان» رقم (85) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
٢- «المغني» لابن قدامة (1/370).
تعليق