إذا أُذِّن للفجر حال قيامك في الصلاة، فهل توتر صلاتك بركعة أم تشفعها مراعاة لطلوع الفجر؟
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين أما بعد
فهذه المسألة كانت تدور في ذهني قديمًا، وكثيرًا ما كانت تُشكل عليَّ، فهل إذا كنت تصلي وردك من الليل ثم أُذِّن للفجر حال قيامك فهل تُكمل صلاتك وترًا أم شفعًا؟، فإنَّ المقرر في السنة أنَّه إذا فات الإنسان قيام الليل فإنَّه يقضيه في النهار شفعًا لا وترًا ، ثم وقفت قبل سنة ونصف تقريبًا على آثار صحيحة عن بعض الصحابة جلَّت لي الصواب في هذه المسألة ، فأحببت أن أفيد إخواني بها باختصار شديد لضيق الوقت وانشغال الذهن، ولكن أحاول في هذه الأوقات إكثار المشاركات لننشغل بالعلم عن الفتن والله المستعان.
1- قال ابن المنذر-رحمه الله- في الأوسط: وحدثنا أبو أحمد قال : أخبرنا محاضر ، قال : ثنا عاصم ، عن لاحق ، عن ابن عمر قال : يوما ما أوترت حتى أصبحت" [قال زكريا غلام باكستاني: حسن]
2- وقال عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه:عن معمر عن عبدالكريم الجزري عن عطاء أنَّ بن عباس أوتر بعد طلوع الفجر " [وأخرجه من طريقه ابن المنذر]
3- وقال مالك كما في موطأه -رواية يحي الليثي- :عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن مسعود :قال ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر"
4- وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ ، قَالَ : سُئِلَ عَبْدُ اللهِ عَنِ الْوِتْرِ بَعْدَ الأَذَانِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَبَعْدَ الإِقَامَةِ. "[ وهو في الطبراني الكبير بإسقاط "عن أبيه" وأبوه ثقة أخرج له الستة]
5- وقال ابن المنذر في الأوسط: حدثنا يحيى بن محمد قال : ثنا الحجبي قال : ثنا أبو عوانة ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن الأسود بن يزيد ، عن عائشة أنها قالت : « ما أوتر إلا بين الأذان والإقامة ، وما يؤذنون حتى يصبحوا » [ وأبي إسحاق هو السبيعي مدلس ولكن له طريق أخرى "الباكستاني"]
وقال ابن المنذر في الأوسط بعد هذا الأثر عن عائشة-رضي الله عنها وعن أبيها-:
وكان مالك ، والشافعي ، وأحمد يقولون : « يوتر ما لم يصل الصبح » ، وحكي عن سفيان الثوري أنه قال : « إن أوترت بعد طلوع الفجر فلا بأس » ، وهكذا قال الأوزاعي ا.هـ
ثم ذكر من قال بخلافه وتفاصيل متعددة لكن هذا ما تنصره آثار الصحابة الصحيحة -رضوان الله عليهم- .
وهناك ما يؤيد هذا القول من النظر الصحيح:
فكنت قد سألت شيخنا حسن بن نور -وفقه الله- عن هذه المسألة فقال: يوتر لأنَّ صلاة الليل كلها كالصلاة الواحدة فكونه وقع آخرها في خارج وقتها لا يضر، كصلاة الفريضة إن وقع بعضها في الوقت وبعضها خارج الوقت فهي أداء لا قضاء.
قلت: وهو كلام حسن صحيح.
وأذكر أنًّ الشيخ الوادعي -رحمه الله- قد بوَّب على هذا في الجامع الصحيح، وقد استفدت في الجملة من كتاب "ما صح من آثار الصحابة في الفقه" لزكريا غلام باكستاني فجزاه الله خيرًا.
تعليق