الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام علي من لانبي بعده ، وبعد :
فيقول الإمام ابن عثيمين في كتابه ( الشرح الممتع علي زاد المستقنع ) المجلد الأول ص 54 مانصه : ( والصَّحيح أن الماء قسمان فقط : طَهُور ونجس. فما تغيَّر بنجاسة فهو نجس، وما لم يتغيَّر بنجاسة فهو طَهُور، وأن الطَّاهر قسم لا وجود له في الشَّريعة، وهذا اختيار شيخ الإِسلام . والدَّليل على هذا عدم الدَّليل؛ إذ لو كان قسم الطَّاهر موجوداً في الشَّرع لكان أمراً معلوماً مفهوماً تأتي به الأحاديث بيِّنةً واضحةً؛ لأنه ليس بالأمر الهيِّن إذ يترتَّب عليه إِمَّا أن يتطهَّر بماء، أو يتيمَّم. فالنَّاس يحتاجون إِليه كحاجتهم إلى العِلْم بنواقض الوُضُوء وما أشبه ذلك من الأمور التي تتوافر الدَّواعي على نقلها لو كانت ثابتة ).
وترجيحه هذا يلزم منه شيئان :
الأول : أن اشتباه الطهور بالطاهر غير ممكن .
والثاني : أن اشتباه الطهور بالنجس غير ممكن .
وقد قال الشيخ ـ رحمه الله ـ باللازم الأول ؛ وهو أن اشتباه الطهور بالطاهر غير ممكن ؛ كما جاء في ص 63 مانصه :
( قوله: «وإِن اشتَبَه بطَاهر تَوَضّأ منهمَا وُضُوءاً واحداً، مِنْ هذا غَرْفَةٌ، ومن هذا غَرفةٌ، وصَلَّى صلاةً واحدةً» ، هذه المسألة لا تَرِدُ على ما صحَّحناه؛ لعدم وجود الطَّاهر غير المطهِّر على القول الصَّحيح، لكن تَرِدُ على المذهب ) اهــ .
ولكنه ـ رحمه الله ـ لم يقل باللازم الثاني ؛ وهو أن اشتباه الطهور بالنجس غير ممكن ؛ كما جاء في ص 64 مانصه :
( قوله: «وإِن اشتبه طَهور بنجس حَرُمَ استعْمَالُهُمَا» ، يعني: إِن اشتبه ماء طهور بماء نجس حرم استعْمَالُهُمَا، لأن اجتناب النَّجس واجب، ولا يتمُّ إِلا باجتنابهما، وما لا يتمُّ الواجب إِلا به فهو واجب، وهذا دليل نظري.
وربما يُستدلُّ عليه بأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الرَّجُل يرمي صيداً فيقع في الماء: «إن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكلْ، فإِنك لا تدري، الماءُ قَتَله أم سهمُك؟ » .
وقال: «إذا وجدت مع كلبك كلباً غيره فلا تأكل، فإِنَّك لا تدري أيُّهما قتله» ؟.
فأمر باجتنابه، لأنّه لا يُدرى هل هو من الحلال أم الحرام؟
قوله: «ولم يتحرَّ» ، أي: لا ينظر أيُّهما الطَّهور من النَّجس، وعلى هذا فيتجنَّبُهُما حتى ولو مع وجود قرائن، هذا المشهور من المذهب.
وقال الشَّافعي رحمه الله: يتحرَّى . وهو الصَّواب، وهوالقول الثَّاني في المذهب ؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسألة الشكِّ في الصَّلاة: «وإذا شَكَّ أحدُكُم في صلاته فليتحرَّ الصَّوابَ ثم ليَبْنِ عليه» ، فهذا دليل أثريٌّ في ثبوت التَّحرِّي في المشتبهات.
والدَّليل النَّظري: أنَّ من القواعد المقرَّرة عند أهل العلم أنَّه إذا تعذَّر اليقين رُجع إِلى غلبة الظنِّ، وهنا تعذَّر اليقينُ فنرجع إِلى غلبة الظنِّ وهو التحرِّي. هذا إن كان هناك قرائن تدلُّ على أن هذا هو الطَّهور وهذا هو النَّجس، لأن المحلَّ حينئذ قابل للتحرِّي بسبب القرائن، وأما إذا لم يكن هناك قرائن؛ مثل أن يكون الإِناءان سواء في النَّوع واللون فهل يمكن التَّحرِّي؟
قال بعض العلماء: إِذا اطمأنت نفسُه إِلى أحدهما أخذ به ، وقاسوه على ما إِذا اشتبهت القِبْلة على الإِنسان؛ ونظر إلى الأدلَّة فلم يجد شيئاً، فقالوا: يصلِّي إِلى الجهة التي تطمئنُّ إِليها نفسُه. فهنا أيضاً يستعمل ما اطمأنت إِليه نفسه، ولا شكَّ أن استعمال أحد الماءين في هذه الحال فيه شيء من الضَّعف؛ لكنَّه خير من العدول إلى التيمُّم ) اهــ .
فكما ترون ؛ الشيخ ـ رحمه الله ـ يري أن اشتباه الطهور بالنجس ممكن ، وقوله هذا أشكل علي ؛ لأننا اذا قلنا : إن الماء لاينجس إلا بتغيره بالنجاسة ، فإنه لايتصور اشتباه الطهور بالنجس .
وقد قال الشيخ العلامة عبد الله البسام ـ رحمه الله ـ ؛ في حاشيته علي كتاب ( شرح عمدة الطالب ) المجلد الأول ص 43 مانصه : ( وعلي القول الراجح من أن الماء لاينجس إلا بتغيره بالنجاسة ، فإنه لايتصور اشتباه الطهور بالنجس ، ومثل ذلك مايأتي من اشتباه الطهور بالطاهر ، فإنه ـ علي القول الراجح ـ لايتصور هذا الاشتباه مادام أننا اعتبرنا الماء نوعين : طهور ونجس فقط ، وأنه لايوجد قسم ثالث يسمي طاهرا غير مطهر ) اهــ .
وطلبي هو: من الذي حجته أقوي فيما يظهر لكم؟
فيقول الإمام ابن عثيمين في كتابه ( الشرح الممتع علي زاد المستقنع ) المجلد الأول ص 54 مانصه : ( والصَّحيح أن الماء قسمان فقط : طَهُور ونجس. فما تغيَّر بنجاسة فهو نجس، وما لم يتغيَّر بنجاسة فهو طَهُور، وأن الطَّاهر قسم لا وجود له في الشَّريعة، وهذا اختيار شيخ الإِسلام . والدَّليل على هذا عدم الدَّليل؛ إذ لو كان قسم الطَّاهر موجوداً في الشَّرع لكان أمراً معلوماً مفهوماً تأتي به الأحاديث بيِّنةً واضحةً؛ لأنه ليس بالأمر الهيِّن إذ يترتَّب عليه إِمَّا أن يتطهَّر بماء، أو يتيمَّم. فالنَّاس يحتاجون إِليه كحاجتهم إلى العِلْم بنواقض الوُضُوء وما أشبه ذلك من الأمور التي تتوافر الدَّواعي على نقلها لو كانت ثابتة ).
وترجيحه هذا يلزم منه شيئان :
الأول : أن اشتباه الطهور بالطاهر غير ممكن .
والثاني : أن اشتباه الطهور بالنجس غير ممكن .
وقد قال الشيخ ـ رحمه الله ـ باللازم الأول ؛ وهو أن اشتباه الطهور بالطاهر غير ممكن ؛ كما جاء في ص 63 مانصه :
( قوله: «وإِن اشتَبَه بطَاهر تَوَضّأ منهمَا وُضُوءاً واحداً، مِنْ هذا غَرْفَةٌ، ومن هذا غَرفةٌ، وصَلَّى صلاةً واحدةً» ، هذه المسألة لا تَرِدُ على ما صحَّحناه؛ لعدم وجود الطَّاهر غير المطهِّر على القول الصَّحيح، لكن تَرِدُ على المذهب ) اهــ .
ولكنه ـ رحمه الله ـ لم يقل باللازم الثاني ؛ وهو أن اشتباه الطهور بالنجس غير ممكن ؛ كما جاء في ص 64 مانصه :
( قوله: «وإِن اشتبه طَهور بنجس حَرُمَ استعْمَالُهُمَا» ، يعني: إِن اشتبه ماء طهور بماء نجس حرم استعْمَالُهُمَا، لأن اجتناب النَّجس واجب، ولا يتمُّ إِلا باجتنابهما، وما لا يتمُّ الواجب إِلا به فهو واجب، وهذا دليل نظري.
وربما يُستدلُّ عليه بأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الرَّجُل يرمي صيداً فيقع في الماء: «إن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكلْ، فإِنك لا تدري، الماءُ قَتَله أم سهمُك؟ » .
وقال: «إذا وجدت مع كلبك كلباً غيره فلا تأكل، فإِنَّك لا تدري أيُّهما قتله» ؟.
فأمر باجتنابه، لأنّه لا يُدرى هل هو من الحلال أم الحرام؟
قوله: «ولم يتحرَّ» ، أي: لا ينظر أيُّهما الطَّهور من النَّجس، وعلى هذا فيتجنَّبُهُما حتى ولو مع وجود قرائن، هذا المشهور من المذهب.
وقال الشَّافعي رحمه الله: يتحرَّى . وهو الصَّواب، وهوالقول الثَّاني في المذهب ؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسألة الشكِّ في الصَّلاة: «وإذا شَكَّ أحدُكُم في صلاته فليتحرَّ الصَّوابَ ثم ليَبْنِ عليه» ، فهذا دليل أثريٌّ في ثبوت التَّحرِّي في المشتبهات.
والدَّليل النَّظري: أنَّ من القواعد المقرَّرة عند أهل العلم أنَّه إذا تعذَّر اليقين رُجع إِلى غلبة الظنِّ، وهنا تعذَّر اليقينُ فنرجع إِلى غلبة الظنِّ وهو التحرِّي. هذا إن كان هناك قرائن تدلُّ على أن هذا هو الطَّهور وهذا هو النَّجس، لأن المحلَّ حينئذ قابل للتحرِّي بسبب القرائن، وأما إذا لم يكن هناك قرائن؛ مثل أن يكون الإِناءان سواء في النَّوع واللون فهل يمكن التَّحرِّي؟
قال بعض العلماء: إِذا اطمأنت نفسُه إِلى أحدهما أخذ به ، وقاسوه على ما إِذا اشتبهت القِبْلة على الإِنسان؛ ونظر إلى الأدلَّة فلم يجد شيئاً، فقالوا: يصلِّي إِلى الجهة التي تطمئنُّ إِليها نفسُه. فهنا أيضاً يستعمل ما اطمأنت إِليه نفسه، ولا شكَّ أن استعمال أحد الماءين في هذه الحال فيه شيء من الضَّعف؛ لكنَّه خير من العدول إلى التيمُّم ) اهــ .
فكما ترون ؛ الشيخ ـ رحمه الله ـ يري أن اشتباه الطهور بالنجس ممكن ، وقوله هذا أشكل علي ؛ لأننا اذا قلنا : إن الماء لاينجس إلا بتغيره بالنجاسة ، فإنه لايتصور اشتباه الطهور بالنجس .
وقد قال الشيخ العلامة عبد الله البسام ـ رحمه الله ـ ؛ في حاشيته علي كتاب ( شرح عمدة الطالب ) المجلد الأول ص 43 مانصه : ( وعلي القول الراجح من أن الماء لاينجس إلا بتغيره بالنجاسة ، فإنه لايتصور اشتباه الطهور بالنجس ، ومثل ذلك مايأتي من اشتباه الطهور بالطاهر ، فإنه ـ علي القول الراجح ـ لايتصور هذا الاشتباه مادام أننا اعتبرنا الماء نوعين : طهور ونجس فقط ، وأنه لايوجد قسم ثالث يسمي طاهرا غير مطهر ) اهــ .
وطلبي هو: من الذي حجته أقوي فيما يظهر لكم؟
تعليق