إضاءات وتأملات ونقول في (إثبات) و (ضبط) قول من قال: بجواز إحداث قول بعد إجماع ظني مستنبط (إحداث قول ثالث) أو ظني صريح (عدم العلم بالمخالف) [تأمل لمفهوم فقه فهم السلف]
تنبيه: هذه المسألة مقتطفة من نقاش حول مسألة فقهية، فرأيت إفرادها لعل بعض إخواننا يزيد البحث إثراء
[هذه القضية وإن كانت مبنيَّة على جواز إحداث قول ثالث، ولست ممن يمنع مطلقًا بل يجوز إحداث قول ثالث إذا كانت دلالة النص الشرعي أقوى من دلالة الإجماع الظني الصريح أو الضمني كما هو في صورتنا[1]، فحينها يترجح لنا أنَّ هناك من قال بهذا القول لكن لم يصلنا قوله، ولكن هذه المسألة دقيقة لابد فيها من النظر الدقيق للنصوص الشرعية وقوة دلالتها، وكذا إلى قوة هذا الإجماع الضمني المستفاد، فالإجماع الضمني المستفاد من مسألة مشهورة وقع فيها النزاع قديمًا -في زمن وقوع الإجماع الضمني المُدَّعى- وكثرة الكتابة فيها وإنكار العلماء على بعضهم أو نحو هذا - قوي جدًا، فقولنا الآن في مسألة من هذا القبيل: دلالة النص أقوى ولعل هناك قائلا بقولى-الذي أزعم أنه ظاهر النص- ولم يبلغنا قوله بعيد جدًا، خاصة مع اهتمام العلماء بهذه المسألة وتقييدها ولو كان هناك قولٌ آخر لسارعوا بتسطيره بل لتندروا به، وبالعكس كلما كانت المسألة نادرة، أو لم يكثر كلام العلماء فيها بل ربما تجد إشارة إليها عند ابن المنذر أو ابن جرير وهكذا فهنا: دعوى الإجماع الضمني تضعف لكن يُنظر هل دلالة النص أقوى منه أم لا؟، لكن لوِ ادعى مُدعٍ بأنَّ ظاهر النص أقوى، فحينها يُقبل قوله إما إقرارًا أو تسليمًا باتساع رقعة الاجتهاد فيها، وكذا لا يُغفل عن قوة الحديث إن كان هو المستند الشرعي للقول الجديد، فلا يأتِ آتٍ إلى حديث حسن لغيره-عنده- ضعفه عامة الحفاظ وأعلوه، ثم يأتي هو يحسنه ثم هو يدعي أنَّ ظاهره يخالف كلَّ الأقوال التي قالها العلماء في مسألة مشهورة، متداولة في كتبهم، فهذا مما يؤكد إمَّا على وَهن الحديث ، أو سوء فهمه لظاهر هذا الحديث -بزعمه-، أو صحة فهمه لكن خفاء الصارف، وكل هذا مما يدعوه إلى التأني التام في إحداث قول ثالث أو رابع، ولذا فكثيرًا ما أجد بعض طلبة العلم أو ممن يلقب: بـ ( الشيخ) وربما (الفاضل) قد يرجح قولًا ويجزم بمسألة مَّا، وينسب بقية الأقوال إلى البطلان ومخالفة الدليل الصريح الصحيح، وإذا فتشت، تجد هذا الـ (شيخ)(الفاضل) في غاية أمره مقلدًا للألباني أو غيره من علماء الحديث في تحسين ذلك الحديث، ولو سُئل الألباني-رحمه الله- أو ذلك العالم لم يدَّع دعواه، لأنَّه يعلم أنَّ حكمه في تحسين هذا الحديث ظني، وأنَّه مثلًا من أدنى دراجات الحسن لغيره..الخ، فيكون الحكم المبني من ذلك العالم متزنًا بخلاف هذا المُدعي للعلم أو الـمُتعجل، شاهدي أنَّ هذه المسألة حقيقة حريَّة بالبحث، وترك الإفراط والتفريط، سواء في ترك دلالات النصوص الشرعية بدعوى الإجماعات الظنية الصريحة أو الضمنيَّة، أو إحداث أقوال جديدة ومخالفة الإجماعات الظنية سواء الصريحة أو الضمنية بحجة التمسك بنصوص إما ضعيفة أو قريبة التحسين، أو بعيدة الدلالة ومحتملة التأويل احتمالا ظاهرا في مقابل ذلك الإجماع، ولا أزعم أنَّ لديَّ ميزانًا حساسًا يقضي بالجواز في صورة دون أخرى، لكن من المسائل ما قد تتفق الغالبية على قوة النص وضعف الإجماع، والعكس كذلك، وهناك مسائل تتجاذبها الأنظار ويختلف فيها النظار، وهذا يقع حتى في المسائل الخلافية من حيث إنَّ بعض العلماء يرى ضعف القول الأخر بل بطلانه بخلاف آخر يرى له وجهًا وحظًا من الأدلة، ومن أشهر المسائل في عصرنا : تغطية الوجه والكفين، وكفر تارك الصلاةن فمن علمائنا من يرى بطلان أحد القولين، ومنهم من يرى قوة أدلة الطرفين مع ترجح أحدهما، ومنهم من توقف، وفي كلتا الصورتين قد يكون السبب هو اتساع العلم وعمق التأصيل، فربما وجد أنَّ أحد القولين يلزم منه اللوازم الباطلة وترده القواعد العامة للشريعة، مع أنَّ الناظر لأول وهلة قد يغتر بقوة بعض الدلالات، وبالعكس قد يرى أنَّ له من الأدلة الخفية والإشارات ما تدفعه لاحتمال الخلاف فيها.
ثم إنَّ من العلم ما لا يضبطه إلا التقوى والديانة، وأذكر أخًا فاضلًا حاورني في مسالة متعلقة بالمصالح المرسلة، وكان يبحث عن كتاب أو رسالة ناقشت باستفاضة شروط وضوابط المصلحة المرسلة، حيث إنَّه يرى أنَّ هذا الباب وَلج منه المبتدعة وأباحوا واخترعوا ما منعه الشرع، ونهى عنه ، فأحلته على بعض البحوث التي أعلمها، ، ثم قلت له: إنَّ من دقيق المسائل ما لا يمكن ضبطه لكن هي التقوى، والورع، والله أعلم بقلب كل إنسان، ويعلم ما يحركه هل هو الهوى؟ أو طلب الحق؟
وأضرب هاهنا مثالاً على تأني العلماء في إحداث بعض الأقوال التي لم تنقل صراحة عمَّن سبق فمثلًا:
تأني العلامة الألباني-رحمه الله- في القول ببدعية إطالة اللحية بعد القبضة، فقد ذكر في نقاشه مع الحويني بواسطة الهاتف، أنَّ ظل لسنوات –ذكر عددا لا أذكره الآن- والأدلة والقواعد أمامه ظاهرة في دلالتها على هذا القول، لكن لم يكن قد اطمئن لتمام صحة الدلالة.
وهذا والله من عظيم الورع، والتقوى، والفقه التام.
تأني العلامة الألباني-رحمه الله- في القول ببدعية إطالة اللحية بعد القبضة، فقد ذكر في نقاشه مع الحويني بواسطة الهاتف، أنَّ ظل لسنوات –ذكر عددا لا أذكره الآن- والأدلة والقواعد أمامه ظاهرة في دلالتها على هذا القول، لكن لم يكن قد اطمئن لتمام صحة الدلالة.
وهذا والله من عظيم الورع، والتقوى، والفقه التام.
ولست هنا في مقام مناقشة القائلين بعدم جواز إحداث قول ثالث مطلقًا باسم اتباع السلف، وذهبوا يحشدون الآثار والأقول التي تنصر قولهم، أو ظنوا أنها كذلك[2]، فأولئك حقيقة لم يتأمَّلوا المسألة، وظنوا أنَّ الذي يُحدث قولًا يزعم أنَّه وُفق ولم يُوفق السلف، وهذا لا يقوله جاهل فضلًا عن عالم، ولكن هؤلاء يقولون، قد قيل ولم ينقل إلينا، ولا أعلم دليلًا صريحًا صحيحًا يدل على أنَّ الله قد حفظ على هذه الأمة كل أقوال الصحابة والتابعين والعلماء من بعدهم في الفقه وأصوله، ثم بعد ذلك ضمن وصولها لكل عالم بحيث إن لم يعلم أحدًا دل ذلك على أنَّ أحدًا لم يقله به، وما يؤلم حقيقة أنَّ أولئك القوم ذهبوا يردون بل يلوون نصوص العلماء كابن القيم وابن تيميَّة في هذه المسألة، مع صراحتها، وسأقتصر على موضع واحد لكل منهما، فتأملهما ثم قل لي بربك! هل يصح أن ينسب هذان الإمامان إلى من ينكر هذا القول.
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة[3]:
وتعارض الدلالتين يقع في الدليل الواحد فيكون له وجهان، ثم قد يتبين رجحان المعارض فيصير إلى الراجح، وقد لا يتبين له الرجحان فيتوقف، وقد يترك الحديث لظنه انعقاد الإجماع على خلافه إذ لم يبلغه الخلاف، ويكون إنما معه عدم العلم بالمخالف لا العلم بوجود المخالف.
وهذا العذر لم يكن أحد من الأئمة، والسلف يصير إليه وإنما لهج به المتأخرون، وقد أنكره أشد الإنكار الشافعي والإمام أحمد وقال الشافعي: مالا يعلم فيه خلاف لا يقال له إجماع هذا لفظه، وأما الإمام أحمد فقال: من ادعى الإجماع فقد كذب وما يدريه لعل الناس اختلفوا وقد كتبت نصوصه ونصوص الشافعي في غير هذا الموضع ولا خلاف بين الأئمة أنَّه إذا صح الحديث عن رسول الله لم يكن عدم العلم بالقائل به مسوغا لمخالفته فإنه دليل موجب للاتباع وعدم العلم بالمخالف لا يصلح أن يكون معارضا فلا يجوز ترك الدليل له.
وإذا تأملت هذا الموضع وجدت كثيرًا من أعيان العلماء قد صاروا إلى أقوال متمسكهم فيها عدم العلم بالمخالف مع قيام الأدلة الظاهرة على خلاف تلك الأقوال وعذرهم رضي الله عنهم أنهم لم يكن لأحد منهم أن يبتدئ قولا لم يعلم به قائلا مع علمه بأن الناس قد قالوا خلافه فيتركب من هذا العلم وعدم ذلك العلم الإمساك عن اتباع ذلك الدليل
وها هنا انقسم العلماء ثلاثة أقسام:
فقسم أخذوا بما بلغهم من أقوال أهل العلم وقالوا: لا يجوز لنا أن نخالفهم ونقول قولا لم نسبق إليه وهؤلاء معذورون قبل وصول الخلاف إليهم فأما من وصل إليه الخلاف وعلم بذلك القول قائلا فما أدري ما عذره عند الله في مخالفته صريح الدليل
وقسم توقفوا وعلقوا القول فقالوا: إنْ كان في المسألة إجماع فهو أحق ما اتبع، وإلا فالقول فيها كيت وكيت، وهو موجب الدليل، ولو علم هؤلاء قائلا به لصرحوا بموافقته فإذا علم به قائل فالذي ينبغي ولا يجوز غيره أن يضاف ذلك القول إليهم لأنهم إنما تركوه لظنهم أنه لا قائل به وأنه لو كان به قائل لصاروا إليه فإذا ظهر به قائل لم يجز أن يضاف إليهم غيره إلا على الوجه المذكور وهذه الطريقة أسلم
وقسم ثالث اتبعوا موجب الدليل وصاروا إليه ولم يقدموا عليه قول من ليس قوله حجة ثم انقسم هؤلاء قسمين:
فطائفة علمت أنه يستحيل أن تجمع الأمة على خلاف هذا الدليل وعلمت أنه لا بد أن يكون في الأمة من قال بموجبه وإن لم يبلغهم قوله فما كل ما قاله كل واحد من أهل العلم وصل إلى كل واحد من المجتهدين، وهذا لا يدعيه عاقل، ولا يدعي في أحد وقد نص الشافعي على مثل ذلك فذكر البيهقي عنه في المدخل أنه قال له بعض من ناظره فهل تجد لرسول الله سنة ثابتة متصلة خالفها الكل؟ قلت: لا لم أجدها قط كما وجدت المرسل.
وطائفة قالت: يجوز أن لا يتقدم به قائل ولكن لا يلزم انعقاد الإجماع على خلافه إذ لعل تلك النازلة تكون قد نزلت فأفتى فيها بعض العلماء أو كثير منهم أو أكثرهم بذلك القول، ولم يستفت فيها الباقون ولم تبلغهم فحفظ فيها قول طائفة من أهل العلم ولم يحفظ لغيرهم فيها قول، والذين حفظ قولهم فيها ليسوا كل الأمة فيحرم مخالفتهم ، قالوا: فنحن في مخالفتنا لمن ليس قوله حجة أعذر منكم في مخالفتكم لمن قوله حجة فإن كنتم معذورين في مخالفة الدليل لقول من بلغتكم أقوالهم مع أنهم ليسوا كل الأمة فنحن في مخالفتهم لقيام الدليل أعذر عند الله ورسوله منكم وهذا كما تراه لا يمكن دفعه إلا بمكابرة أو إجماع متيقن معلوم لا شك فيه[4] وبالله التوفيق ا.هــ
وتعارض الدلالتين يقع في الدليل الواحد فيكون له وجهان، ثم قد يتبين رجحان المعارض فيصير إلى الراجح، وقد لا يتبين له الرجحان فيتوقف، وقد يترك الحديث لظنه انعقاد الإجماع على خلافه إذ لم يبلغه الخلاف، ويكون إنما معه عدم العلم بالمخالف لا العلم بوجود المخالف.
وهذا العذر لم يكن أحد من الأئمة، والسلف يصير إليه وإنما لهج به المتأخرون، وقد أنكره أشد الإنكار الشافعي والإمام أحمد وقال الشافعي: مالا يعلم فيه خلاف لا يقال له إجماع هذا لفظه، وأما الإمام أحمد فقال: من ادعى الإجماع فقد كذب وما يدريه لعل الناس اختلفوا وقد كتبت نصوصه ونصوص الشافعي في غير هذا الموضع ولا خلاف بين الأئمة أنَّه إذا صح الحديث عن رسول الله لم يكن عدم العلم بالقائل به مسوغا لمخالفته فإنه دليل موجب للاتباع وعدم العلم بالمخالف لا يصلح أن يكون معارضا فلا يجوز ترك الدليل له.
وإذا تأملت هذا الموضع وجدت كثيرًا من أعيان العلماء قد صاروا إلى أقوال متمسكهم فيها عدم العلم بالمخالف مع قيام الأدلة الظاهرة على خلاف تلك الأقوال وعذرهم رضي الله عنهم أنهم لم يكن لأحد منهم أن يبتدئ قولا لم يعلم به قائلا مع علمه بأن الناس قد قالوا خلافه فيتركب من هذا العلم وعدم ذلك العلم الإمساك عن اتباع ذلك الدليل
وها هنا انقسم العلماء ثلاثة أقسام:
فقسم أخذوا بما بلغهم من أقوال أهل العلم وقالوا: لا يجوز لنا أن نخالفهم ونقول قولا لم نسبق إليه وهؤلاء معذورون قبل وصول الخلاف إليهم فأما من وصل إليه الخلاف وعلم بذلك القول قائلا فما أدري ما عذره عند الله في مخالفته صريح الدليل
وقسم توقفوا وعلقوا القول فقالوا: إنْ كان في المسألة إجماع فهو أحق ما اتبع، وإلا فالقول فيها كيت وكيت، وهو موجب الدليل، ولو علم هؤلاء قائلا به لصرحوا بموافقته فإذا علم به قائل فالذي ينبغي ولا يجوز غيره أن يضاف ذلك القول إليهم لأنهم إنما تركوه لظنهم أنه لا قائل به وأنه لو كان به قائل لصاروا إليه فإذا ظهر به قائل لم يجز أن يضاف إليهم غيره إلا على الوجه المذكور وهذه الطريقة أسلم
وقسم ثالث اتبعوا موجب الدليل وصاروا إليه ولم يقدموا عليه قول من ليس قوله حجة ثم انقسم هؤلاء قسمين:
فطائفة علمت أنه يستحيل أن تجمع الأمة على خلاف هذا الدليل وعلمت أنه لا بد أن يكون في الأمة من قال بموجبه وإن لم يبلغهم قوله فما كل ما قاله كل واحد من أهل العلم وصل إلى كل واحد من المجتهدين، وهذا لا يدعيه عاقل، ولا يدعي في أحد وقد نص الشافعي على مثل ذلك فذكر البيهقي عنه في المدخل أنه قال له بعض من ناظره فهل تجد لرسول الله سنة ثابتة متصلة خالفها الكل؟ قلت: لا لم أجدها قط كما وجدت المرسل.
وطائفة قالت: يجوز أن لا يتقدم به قائل ولكن لا يلزم انعقاد الإجماع على خلافه إذ لعل تلك النازلة تكون قد نزلت فأفتى فيها بعض العلماء أو كثير منهم أو أكثرهم بذلك القول، ولم يستفت فيها الباقون ولم تبلغهم فحفظ فيها قول طائفة من أهل العلم ولم يحفظ لغيرهم فيها قول، والذين حفظ قولهم فيها ليسوا كل الأمة فيحرم مخالفتهم ، قالوا: فنحن في مخالفتنا لمن ليس قوله حجة أعذر منكم في مخالفتكم لمن قوله حجة فإن كنتم معذورين في مخالفة الدليل لقول من بلغتكم أقوالهم مع أنهم ليسوا كل الأمة فنحن في مخالفتهم لقيام الدليل أعذر عند الله ورسوله منكم وهذا كما تراه لا يمكن دفعه إلا بمكابرة أو إجماع متيقن معلوم لا شك فيه[4] وبالله التوفيق ا.هــ
قال ابن تيميَّة –رحمه الله- في مجموع الفتوى مج19:
وَالْإِجْمَاعُ نَوْعَانِ : قَطْعِيٌّ . فَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يُعْلَمَ إجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ . وَأَمَّا الظَّنِّيُّ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ الإقراري والاستقرائي : بِأَنْ يَسْتَقْرِئَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَجِدُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، أَوْ يَشْتَهِرُ الْقَوْلُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا يَعْلَمُ أَحَدًا أَنْكَرَهُ فَهَذَا الْإِجْمَاعُ وَإِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ النُّصُوصُ الْمَعْلُومَةُ بِهِ، لِأَنَّ هَذَا حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ لَا يَجْزِمُ الْإِنْسَانُ بِصِحَّتِهَا ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ وَحَيْثُ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ فَالْإِجْمَاعُ قَطْعِيٌّ . وَأَمَّا إذَا كَانَ يَظُنُّ عَدَمَهُ وَلَا يَقْطَعُ بِهِ فَهُوَ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ وَالظَّنِّيُّ لَا يُدْفَعُ بِهِ النَّصُّ الْمَعْلُومُ لَكِنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَيُقَدَّمُ عَلَى مَا هُوَ دُونَهُ بِالظَّنِّ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الظَّنُّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَمَتَى كَانَ ظَنُّهُ لِدَلَالَةِ النَّصِّ أَقْوَى مِنْ ظَنِّهِ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ قَدَّمَ دَلَالَةَ النَّصِّ وَمَتَى كَانَ ظَنُّهُ لِلْإِجْمَاعِ أَقْوَى قَدَّمَ هَذَا وَالْمُصِيبُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحِدٌ .
وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِلَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ فُرُوعٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ صِحَّتُهُ فَهَذَا يُوجِبُ لَهُ أَنْ لَا يَظُنَّ الْإِجْمَاعَ، إنْ لَمْ يَظُنَّ بُطْلَانَ ذَلِكَ النَّقْلِ وَإِلَّا فَمَتَى جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ نَاقِلُ النِّزَاعِ صَادِقًا وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا يَبْقَى شَاكًّا فِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ وَمَعَ الشَّكِّ لَا يَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ وَلَا ظَنٌّ بِالْإِجْمَاعِوَلَا تُدْفَعُ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ بِهَذَا الْمُشْتَبَهِ،مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فَلَا يَكُونُ قَطُّ إجْمَاعٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ مَعَ مُعَارَضَتِهِ لِنَصٍّ آخَرَ لَا مُخَالِفَ لَهُ وَلَا يَكُونُ قَطُّ نَصٌّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَلَيْسَ فِي الْأُمَّةِ قَائِلٌ بِهِ بَلْ قَدْ يَخْفَى الْقَائِلُ بِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : كُلُّ حَدِيثٍ فِي كِتَابِي قَدْ عَمِلَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا حَدِيثَيْنِ : حَدِيثَ الْجَمْعِ ؛ وَقَتْلِ الشَّارِبِ . وَمَعَ هَذَا فَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ قَدْ عَمِلَ بِهِ طَائِفَةٌ وَحَدِيثُ الْجَمْعِ قَدْ عَمِلَ بِهِ أَحْمَد وَغَيْرُهُ .
وَلَكِنْ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ نَصٌّ وَلَمْ يَعْلَمْ قَائِلًا بِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي : أَجْمَعَ عَلَى نَقِيضِهِ أَمْ لَا ؟ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَأَى دَلِيلًا عَارَضَهُ آخَرُ وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَعْلَمْ رُجْحَانَ أَحَدِهِمَا فَهَذَا يَقِفُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ رُجْحَانُ هَذَا أَوْ هَذَا فَلَا يَقُولُ قَوْلًا بِلَا عِلْمٍ وَلَا يَتَّبِعُ نَصًّا ..–[سقط في الأصل]- مَعَ ظَنِّ نَسْخِهِ وَعَدَمِ نَسْخِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ لِمَا عَارَضَهُ عِنْدَهُ مِنْ نَصٍّ آخَرَ أَوْ ظَنِّ إجْمَاعٍ، وَلَا عَامًّا ظَنُّ تَخْصِيصِهِ وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ نَفْيُ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ وَإِلَّا وُقِفَ . وَأَيْضًا فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِي خِلَافِ النَّصِّ إنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ ثُبُوتُ الْإِجْمَاعِ أَوْ يَكُونُ مَعَهُ نَصٌّ آخَرُ يُنْسَخُ الْأَوَّلُ وَمَا يَظُنُّهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ مَعَهُ . وَأَكْثَرُ مَسَائِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّتِي يَحْتَجُّونَ فِيهَا بِالْعَمَلِ يَكُونُ مَعَهُمْ فِيهَا نَصٌّ فَالنَّصُّ الَّذِي مَعَهُ الْعَمَلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ كَتَقْدِيمِ حَدِيثِ عُثْمَانَ : { لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ } عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .
وَأَمَّا رَدُّ النَّصِّ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ فَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي مُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ : هَلْ يَكْفُرُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ .
وَالتَّحْقِيقُ : أَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَعْلُومَ يَكْفُرُ مُخَالِفُهُ كَمَا يَكْفُرُ مُخَالِفُ النَّصِّ بِتَرْكِهِ لَكِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ ثُبُوتَ النَّصِّ بِهِ . وَأَمَّا الْعِلْمُ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ فِي مَسْأَلَةٍ لَا نَصَّ فِيهَا فَهَذَا لَا يَقَعُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَعْلُومِ فَيَمْتَنِعُ تَكْفِيرُهُ . وَحِينَئِذٍ فَالْإِجْمَاعُ مَعَ النَّصِّ دَلِيلَانِ كَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
وَتَنَازَعُوا فِي الْإِجْمَاعِ : هَلْ هُوَ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ أَوْ ظَنِّيَّةٌ ؟ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ قَطْعِيَّهُ قَطْعِيٌّ وَظَنِّيَّهُ ظَنِّيٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ كلامه نور الله ضريحه وسقاه من الحوض المورود.
وَالْإِجْمَاعُ نَوْعَانِ : قَطْعِيٌّ . فَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يُعْلَمَ إجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ . وَأَمَّا الظَّنِّيُّ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ الإقراري والاستقرائي : بِأَنْ يَسْتَقْرِئَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَجِدُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، أَوْ يَشْتَهِرُ الْقَوْلُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا يَعْلَمُ أَحَدًا أَنْكَرَهُ فَهَذَا الْإِجْمَاعُ وَإِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ النُّصُوصُ الْمَعْلُومَةُ بِهِ، لِأَنَّ هَذَا حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ لَا يَجْزِمُ الْإِنْسَانُ بِصِحَّتِهَا ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ وَحَيْثُ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ فَالْإِجْمَاعُ قَطْعِيٌّ . وَأَمَّا إذَا كَانَ يَظُنُّ عَدَمَهُ وَلَا يَقْطَعُ بِهِ فَهُوَ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ وَالظَّنِّيُّ لَا يُدْفَعُ بِهِ النَّصُّ الْمَعْلُومُ لَكِنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَيُقَدَّمُ عَلَى مَا هُوَ دُونَهُ بِالظَّنِّ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الظَّنُّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَمَتَى كَانَ ظَنُّهُ لِدَلَالَةِ النَّصِّ أَقْوَى مِنْ ظَنِّهِ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ قَدَّمَ دَلَالَةَ النَّصِّ وَمَتَى كَانَ ظَنُّهُ لِلْإِجْمَاعِ أَقْوَى قَدَّمَ هَذَا وَالْمُصِيبُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحِدٌ .
وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِلَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ فُرُوعٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ صِحَّتُهُ فَهَذَا يُوجِبُ لَهُ أَنْ لَا يَظُنَّ الْإِجْمَاعَ، إنْ لَمْ يَظُنَّ بُطْلَانَ ذَلِكَ النَّقْلِ وَإِلَّا فَمَتَى جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ نَاقِلُ النِّزَاعِ صَادِقًا وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا يَبْقَى شَاكًّا فِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ وَمَعَ الشَّكِّ لَا يَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ وَلَا ظَنٌّ بِالْإِجْمَاعِوَلَا تُدْفَعُ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ بِهَذَا الْمُشْتَبَهِ،مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فَلَا يَكُونُ قَطُّ إجْمَاعٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ مَعَ مُعَارَضَتِهِ لِنَصٍّ آخَرَ لَا مُخَالِفَ لَهُ وَلَا يَكُونُ قَطُّ نَصٌّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَلَيْسَ فِي الْأُمَّةِ قَائِلٌ بِهِ بَلْ قَدْ يَخْفَى الْقَائِلُ بِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : كُلُّ حَدِيثٍ فِي كِتَابِي قَدْ عَمِلَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا حَدِيثَيْنِ : حَدِيثَ الْجَمْعِ ؛ وَقَتْلِ الشَّارِبِ . وَمَعَ هَذَا فَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ قَدْ عَمِلَ بِهِ طَائِفَةٌ وَحَدِيثُ الْجَمْعِ قَدْ عَمِلَ بِهِ أَحْمَد وَغَيْرُهُ .
وَلَكِنْ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ نَصٌّ وَلَمْ يَعْلَمْ قَائِلًا بِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي : أَجْمَعَ عَلَى نَقِيضِهِ أَمْ لَا ؟ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَأَى دَلِيلًا عَارَضَهُ آخَرُ وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَعْلَمْ رُجْحَانَ أَحَدِهِمَا فَهَذَا يَقِفُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ رُجْحَانُ هَذَا أَوْ هَذَا فَلَا يَقُولُ قَوْلًا بِلَا عِلْمٍ وَلَا يَتَّبِعُ نَصًّا ..–[سقط في الأصل]- مَعَ ظَنِّ نَسْخِهِ وَعَدَمِ نَسْخِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ لِمَا عَارَضَهُ عِنْدَهُ مِنْ نَصٍّ آخَرَ أَوْ ظَنِّ إجْمَاعٍ، وَلَا عَامًّا ظَنُّ تَخْصِيصِهِ وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ نَفْيُ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ وَإِلَّا وُقِفَ . وَأَيْضًا فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِي خِلَافِ النَّصِّ إنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ ثُبُوتُ الْإِجْمَاعِ أَوْ يَكُونُ مَعَهُ نَصٌّ آخَرُ يُنْسَخُ الْأَوَّلُ وَمَا يَظُنُّهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ مَعَهُ . وَأَكْثَرُ مَسَائِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّتِي يَحْتَجُّونَ فِيهَا بِالْعَمَلِ يَكُونُ مَعَهُمْ فِيهَا نَصٌّ فَالنَّصُّ الَّذِي مَعَهُ الْعَمَلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ كَتَقْدِيمِ حَدِيثِ عُثْمَانَ : { لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ } عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .
وَأَمَّا رَدُّ النَّصِّ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ فَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي مُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ : هَلْ يَكْفُرُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ .
وَالتَّحْقِيقُ : أَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَعْلُومَ يَكْفُرُ مُخَالِفُهُ كَمَا يَكْفُرُ مُخَالِفُ النَّصِّ بِتَرْكِهِ لَكِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ ثُبُوتَ النَّصِّ بِهِ . وَأَمَّا الْعِلْمُ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ فِي مَسْأَلَةٍ لَا نَصَّ فِيهَا فَهَذَا لَا يَقَعُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَعْلُومِ فَيَمْتَنِعُ تَكْفِيرُهُ . وَحِينَئِذٍ فَالْإِجْمَاعُ مَعَ النَّصِّ دَلِيلَانِ كَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
وَتَنَازَعُوا فِي الْإِجْمَاعِ : هَلْ هُوَ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ أَوْ ظَنِّيَّةٌ ؟ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ قَطْعِيَّهُ قَطْعِيٌّ وَظَنِّيَّهُ ظَنِّيٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ كلامه نور الله ضريحه وسقاه من الحوض المورود.
وكلام الإمامين صريحٌ واضح، وكلام الأخير صريح في إعمال الفكر والنظر في قوة دلالة الطرفين وثبوتهما، ولا يحتاج إلى مزيد تعليق.
وإلى هنا ينتهي بي المطاف في هذه الإضاءة التي أرجو أن:
- تُوسع مَدارك بعضهم.
- وتُلطف عبارة بعض مَن ينكر على إخوانه هذا القول.
- وتزجر بعض من يجترئ على الفقه ويُحدث من الأقوال ما لا يسنده عقل ولا نقلٌ.
- وتُهدئ بعض مَن يَتعجل بالقطع مع ورود الاحتمالات وقرب الدلالات.
- تُوسع مَدارك بعضهم.
- وتُلطف عبارة بعض مَن ينكر على إخوانه هذا القول.
- وتزجر بعض من يجترئ على الفقه ويُحدث من الأقوال ما لا يسنده عقل ولا نقلٌ.
- وتُهدئ بعض مَن يَتعجل بالقطع مع ورود الاحتمالات وقرب الدلالات.
فهي دعوة للتأني والتأمل قبل النطق بالحكم، وأقلها فليكن الحكم على استحياء، على وزن: هذا أقرب، هذا أولى،..الخ.
والله تعالى أعلى وأعلم، والحمدلله رب العالمين.
والله تعالى أعلى وأعلم، والحمدلله رب العالمين.
الهامش:
[1] بل قد أشار أبوالعباس ابن تيميَّة في الفتاوى، وابن القيِّم في إعلام الموقعين والصواعق المرسلة، إلى أنَّ دلالة النص الشرعي قد تُقدَّم أحيانًا على الإجماع الظني الصريح وهو "عدم العلم بالمخالف"، فمن أجاز هذا ومنع من إحداث قول ثالث فهو مضطرب ولم يتصور المسألة، بل جواز إحداث قول ثالث أولى فالإجماع المكتسب فيها ضمني، أُخذ من عدم علمنا بمن قال بخلاف هذين القولين أو الثالثة.الخ، بخلاف الإجماع الصريح كأن يقول بعض العلماء: ولا أعلم لهم مخالفا، ونحو هذه العبارات.
[2] ولا أقول: إنَّ المسألة إجماعية بلِ الخلاف واقع فيها، وإن عامة من منع فقد خالف مذهبه في مواطن، فكم من الأقوال الفقهية، نجد فيها قولا لصحابي أو قولان وهكذا، ثم نجد للتابعين أقوالًا أخرى بخلاف ما نُقل لنا عن الصحابة، وهكذا بالمثل في طبقة أتباع التابعين مع طبقة التابعين..الخ، ولا نسمع من يقول ردوا أقوال التابعين أو أتباع الأتباع لأنَّ من قبلهم لم يعرف عنهم هذا القول ولم يُذكر في مصنف عبدالرزاق أو ابن أبي شيبة أو سنن البيهقي أو في كتب ابن جرير..الخ، وأكبر شاهد على هذا ما قرره كثيرٌ من محققي السنة من اعتبار قول ابن حزم –رحمه الله- في الإجماع والخلاف، رغم تأخره عن زمن الأئمة الأربعة، وللمزيد ينظر رسالة الشويعر في خصوص اعتبار ابن حزم في الخلاف، وقد نقل الشيخ الشثري أو الغفيص-وفقه الله - أنه سأل العلامة ابن باز -رحمه الله- في بعض الأقوال التي خالف فيها ابن حزم-رحمه الله- كالقول بالوجوب في مسائل ومَن قبله من العلماء يذهبون إلى الاستحباب، والنص يعضده؟ فقال: نقول بقول ابن حزم وظاهر النصوص.
[3] وقدمت ابن القيم-رحمه الله- على ابن تيميَّة –رحمه الله- لأنَّ كلام الأول في خصوص الإجماع الضمني الظني، وكلام ابن تيمية في الإجماع الصريح الظني، وإن كان هو يشمله وزيادة لكن الأول ألصق بمسألتنا.
[4] وهو الإجماع المعلوم من الدين بالضوررة إما لدى العامة والخاصة كوجوب الصلاة، أو عند الخاصة كحرمة الجمع بين البنت وعمتها أو خالتها، والكفر يقع بإنكار الأول دون الثاني، فقد يدَّعي العلم من ليس من أهله فلا يكفر بمخالفة الثاني لكن يفسق، وقد أشار إلى القسمين الخطيب في الفقيه والمتفقه، وكذا ألمح إليه ابن تيمية-رحم الله الجميع-.
تعليق