الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة
الجواب:
" الجهر بالذكر بعد الصلوات المكتوبة سنة ، دل عليها ما رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وكنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته ) . ورواه الإمام أحمد وأبو داود . وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا قضى الصلاة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..) الحديث . ولا يُسمع القول إلا إذا جهر به القائل .
وقد اختار الجهر بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة من السلف والخلف ، لحديثي ابن عباس ، والمغيرة رضي الله عنهم . والجهر عام في كل ذكر مشروع بعد الصلاة سواء كان تهليلا ، أو تسبيحا ، أو تكبيرا ، أو تحميدا لعموم حديث ابن عباس ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم التفريق بين التهليل وغيره بل جاء في حديث ابن عباس أنهم يعرفون انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير ، وبهذا يُعرف الرد على من قال لا جهر في التسبيح والتحميد والتكبير .
وأما من قال : إن الجهر بذلك بدعة ، فقد أخطأ فكيف يكون الشيء المعهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بدعة ؟! قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله : ( ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وتقريره ، وكان الصحابة يفعلون ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد تعليمهم إياه ، ويقرهم على ذلك فعلموه بتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم ، وعملوا وأقرهم على ذلك العمل بعد العلم به ولم ينكره عليهم ) .
وأما احتجاج منكر الجهر بقوله تعالى : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ) .
فنقول له : إن الذي أمر أن يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة هو الذي كان يجهر بالذكر خلف المكتوبة ، فهل هذا المحتج أعلم بمراد الله من رسوله ، أو يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم المراد ولكن خالفه ، ثم إن الآية في ذكر أول النهار وآخره ( بالغدو والآصال ) وليست في الذكر المشروع خلف الصلوات ، وقد حمل ابن كثير في تفسيره الجهر على الجهر البليغ . وأما احتجاج منكر الجهر أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم ...) الحديث .
فإن الذي قال : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم ) هو الذي كان يجهر بالذكر خلف الصلوات المكتوبة ، فهذا له محل ، وذاك له محل ، وتمام المتابعة أن تستعمل النصوص كل منها في محله .
ثم إن السياق في قوله : ( أربعوا على أنفسكم ) يدل على أنهم كانوا يرفعون رفعا بليغا يشق عليهم ويتكلفونه ، ولهذا قال : ( أربعوا على أنفسكم ) . أي : ارفقوا بها ولا تجهدوها ، وليس في الجهر بالذكر بعد الصلاة مشقة ولا إجهاد .
أما من قال : إن في ذلك تشويشا .
فيقال له : إن أردت أنه يشوش على من لم يكن له عادة بذلك ، فإن المؤمن إذا تبين له أن هذا هو السنة زال عنه التشويش ، وإن أردت أنه يشوش على المصلين ، فإن المصلين إن لم يكن فيهم مسبوق يقضي ما فاته فلن يشوش عليهم رفع الصوت كما هو الواقع ، لأنهم مشتركون فيه ، وإن كان فيهم مسبوق يقضي ، فإن كان قريبا منك بحيث تشوش عليه فلا تجهر الجهر الذي يشوش عليه لئلا تلبس عليه صلاته ، وإن كان بعيدا منك فلن يحصل عليه تشوش بجهرك .
وبما ذكرنا يتبين أن السنة رفع الصوت بالذكر خلف الصلوات المكتوبة ، وأنه لا معارض لذلك لا بنص صحيح ولا بنظر صريح " انتهى .
وقال أيضا : " لأن الأصوات إذا اختلطت تداخل بعضها في بعض فارتفع التشويش ، كما تشاهد الآن في يوم الجمعة الناس يقرأون كلهم القرآن يجهرون به ويأتي المصلي ويصلي ولا يحدث له تشويش ".
وقال رحمه الله : " فالمهم أن القول الراجح : أنه يسن الذكر أدبار الصلوات على الوجه المشروع ، وأنه يسن الجهر به أيضا - أعني رفع الصوت - ولا يكون رفعا مزعجا فإن هذا لا ينبغي ، ولهذا لما رفع الناس أصواتهم بالذكر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في قفولهم من خيبر قال : ( أيها الناس ، أربعوا على أنفسكم ) ، فالمقصود بالرفع ، الرفع الذي لا يكون فيه مشقة وإزعاج " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (13/247، 261).
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة
الجواب:
" الجهر بالذكر بعد الصلوات المكتوبة سنة ، دل عليها ما رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وكنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته ) . ورواه الإمام أحمد وأبو داود . وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا قضى الصلاة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..) الحديث . ولا يُسمع القول إلا إذا جهر به القائل .
وقد اختار الجهر بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة من السلف والخلف ، لحديثي ابن عباس ، والمغيرة رضي الله عنهم . والجهر عام في كل ذكر مشروع بعد الصلاة سواء كان تهليلا ، أو تسبيحا ، أو تكبيرا ، أو تحميدا لعموم حديث ابن عباس ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم التفريق بين التهليل وغيره بل جاء في حديث ابن عباس أنهم يعرفون انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير ، وبهذا يُعرف الرد على من قال لا جهر في التسبيح والتحميد والتكبير .
وأما من قال : إن الجهر بذلك بدعة ، فقد أخطأ فكيف يكون الشيء المعهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بدعة ؟! قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله : ( ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وتقريره ، وكان الصحابة يفعلون ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد تعليمهم إياه ، ويقرهم على ذلك فعلموه بتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم ، وعملوا وأقرهم على ذلك العمل بعد العلم به ولم ينكره عليهم ) .
وأما احتجاج منكر الجهر بقوله تعالى : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ) .
فنقول له : إن الذي أمر أن يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة هو الذي كان يجهر بالذكر خلف المكتوبة ، فهل هذا المحتج أعلم بمراد الله من رسوله ، أو يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم المراد ولكن خالفه ، ثم إن الآية في ذكر أول النهار وآخره ( بالغدو والآصال ) وليست في الذكر المشروع خلف الصلوات ، وقد حمل ابن كثير في تفسيره الجهر على الجهر البليغ . وأما احتجاج منكر الجهر أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم ...) الحديث .
فإن الذي قال : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم ) هو الذي كان يجهر بالذكر خلف الصلوات المكتوبة ، فهذا له محل ، وذاك له محل ، وتمام المتابعة أن تستعمل النصوص كل منها في محله .
ثم إن السياق في قوله : ( أربعوا على أنفسكم ) يدل على أنهم كانوا يرفعون رفعا بليغا يشق عليهم ويتكلفونه ، ولهذا قال : ( أربعوا على أنفسكم ) . أي : ارفقوا بها ولا تجهدوها ، وليس في الجهر بالذكر بعد الصلاة مشقة ولا إجهاد .
أما من قال : إن في ذلك تشويشا .
فيقال له : إن أردت أنه يشوش على من لم يكن له عادة بذلك ، فإن المؤمن إذا تبين له أن هذا هو السنة زال عنه التشويش ، وإن أردت أنه يشوش على المصلين ، فإن المصلين إن لم يكن فيهم مسبوق يقضي ما فاته فلن يشوش عليهم رفع الصوت كما هو الواقع ، لأنهم مشتركون فيه ، وإن كان فيهم مسبوق يقضي ، فإن كان قريبا منك بحيث تشوش عليه فلا تجهر الجهر الذي يشوش عليه لئلا تلبس عليه صلاته ، وإن كان بعيدا منك فلن يحصل عليه تشوش بجهرك .
وبما ذكرنا يتبين أن السنة رفع الصوت بالذكر خلف الصلوات المكتوبة ، وأنه لا معارض لذلك لا بنص صحيح ولا بنظر صريح " انتهى .
وقال أيضا : " لأن الأصوات إذا اختلطت تداخل بعضها في بعض فارتفع التشويش ، كما تشاهد الآن في يوم الجمعة الناس يقرأون كلهم القرآن يجهرون به ويأتي المصلي ويصلي ولا يحدث له تشويش ".
وقال رحمه الله : " فالمهم أن القول الراجح : أنه يسن الذكر أدبار الصلوات على الوجه المشروع ، وأنه يسن الجهر به أيضا - أعني رفع الصوت - ولا يكون رفعا مزعجا فإن هذا لا ينبغي ، ولهذا لما رفع الناس أصواتهم بالذكر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في قفولهم من خيبر قال : ( أيها الناس ، أربعوا على أنفسكم ) ، فالمقصود بالرفع ، الرفع الذي لا يكون فيه مشقة وإزعاج " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (13/247، 261).