إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

هل يصح تسمية الأحكام الشرعية بالتكليفية؟ وما هو موقف ابن تيمية وابن القيم من ذلك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل يصح تسمية الأحكام الشرعية بالتكليفية؟ وما هو موقف ابن تيمية وابن القيم من ذلك

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبد الذي اصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.
    أما بعد:

    فقد شاع عند الأصوليين تسمية الأحكام الشرعية بالتكليفية، وفسروا التكليف بأنه إلزام بما فيه مشقة وكلفة. ووصفوا الأحكام الشرعية بذلك.
    وهذا الإطلاق يعد من المزالق الدقيقة في علم أصول الفقه

    فإن في هذه التسمية وهذا الإطلاق نظرا من عدة وجوه:

    الوجه الأول: أن القول بأن الأحكام الشرعية لابد فيها من الكلفة والمشقة حتى يثاب عليها هو مبني على عقيدة المعتزلة في التحسين والتقبيح العقلي، حيث قالوا: إن العقل يقضي بأن العبد لا يثاب إلا على فيه مشقة وكلفة، وما خلا عن المشقة والكلفة فلا ثواب فيه، فاشترطوا المشقة في التكاليف الشرعية، وزعموا أن العقل يحكم بذلك.
    وهذا باطل؛ فالعقل عند أهل السنة والجماعة لا مدخل له في إثبات الثواب والعقاب أو نفيهما، على ما هو مفصل في الكلام على مسألة التحسين والتقبيح العقليين.

    الوجه الثاني: أن هذه التسمية مبنية على القول بأن الأحكام الشرعية مشتملة على المشقة والكلفة، وهذا الإطلاق والتعميم ليس بصحيح لأن الأحكام الشرعية منها ما لا مشقة فيه، بل هو لذة، كما قال على الصلاة والسلام: (( وفي بضع أحدكم صدقة )) رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
    وبعض الأحكام الشرعية قد يقال أن فيها تكليفا ومشقة بالنظر إلى ذات الفعل وأدائه، ولكن هذه المشقة والكلفة تذهب وتزول وتتلاشى بمقابل ما يكون في قلب المؤمن من لذة وأنس بالعبادة وسرور وفرح بطاعة الله، وهذا طبعا لمن زرقه الله حلاوة الإيمان، فالأحكام والتكاليف الشرعية عند هذا الصنف هي لذة ونعيم لا مشقة وكلفة.

    الوجه الثالث: أن المشقة الواقعة في بعض التكاليف ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي واقعة تبعا، ولا يجوز للمكلف أن يقصد المشقة في العبادة. والشرع لم يأت بالمشقة على العباد بل بالتخفيف عليهم ونفي الحرج، وفي هذه التسمية إيهاما بعكس ذلك. يوضحه:

    الوجه الرابع: أن المشقة والكلفة في الأحكام الشرعية جاء نفيها في النصوص، كما قال تعالى: (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) فالله عز وجل لم يكلفنا إلا ما هو في وسعنا، والوسع هو ما لا حرج فيه ولا مشقة.

    الوجه الخامس: أن الشارع لم يسم الأحكام الشرعية بالتكليفية، وهذه التسمية ليست شرعية ولم ترد في النصوص بل الوارد أن الله تعالى سمى شرعه: روحا، ووحيا، وهدى، ونورا، ونحو ذلك.

    وهذا المعنى قد قرره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمهما الله.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى 1/25:

    (( وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ :
    أَحَدُهُمَا : عَلَى أَنَّ نَفْسَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَعِبَادَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَإِجْلَالَهُ هُوَ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ وَقُوتُهُ وَصَلَاحُهُ وَقِوَامُهُ كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ ، وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ ؛ لَا كَمَا يَقُولُ مَنْ يَعْتَقِدُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِمْ : أَنَّ عِبَادَتَهُ تَكْلِيفٌ وَمَشَقَّةٌ . وَخِلَافُ مَقْصُودِ الْقَلْبِ لِمُجَرَّدِ الِامْتِحَانِ وَالِاخْتِبَارِ ؛ أَوْ لِأَجْلِ التَّعْوِيضِ بِالْأُجْرَةِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُمْ ؛
    فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا هُوَ عَلَى خِلَافِ هَوَى النَّفْسِ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَأْجُرُ الْعَبْدَ عَلَى الْأَعْمَالِ الْمَأْمُورِ بِهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ } الْآيَةَ ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ : { أَجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ } - فَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْأَوَّلَ بِالْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ ، وَإِنَّمَا وَقَعَ ضِمْنًا وَتَبَعًا لِأَسْبَابِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا ، وَهَذَا يُفَسَّرُ فِي مَوْضِعِهِ.
    وَلِهَذَا لَمْ يَجِئْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ السَّلَفِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ أَنَّهُ تَكْلِيفٌ كَمَا يُطْلِقُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ ؛ وَإِنَّمَا جَاءَ ذِكْرُ التَّكْلِيفِ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ ؛ كَقَوْلِهِ : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } .{ لَا تُكَلَّفُ إلَّا نَفْسَكَ } { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا مَا آتَاهَا } أَيْ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْأَمْرِ تَكْلِيفٌ ؛ فَلَا يُكَلَّفُ إلَّا قَدْرَ الْوُسْعِ ، لا أَنَّهُ يُسَمِّي جَمِيعَ الشَّرِيعَةِ تَكْلِيفًا ، مَعَ أَنَّ غَالِبَهَا قُرَّةُ الْعُيُونِ وَسُرُورُ الْقُلُوبِ ؛ وَلَذَّاتُ الْأَرْوَاحِ وَكَمَالُ النَّعِيمِ )). انتهى.

    وقال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان 1/31-32:

    (( ... لا كما يقوله من قل نصيبه من التحقيق والعرفان وبخس حظه من الإحسان : إن عبادته وذكره وشكره تكليف ومشقة لمجرد الابتلاء والامتحان أو لأجل مجرد التعويض بالثواب المنفصل كالمعاوضة بالأثمان أو لمجرد رياضة النفس وتهذيبها ليرتفع عن درجة البهيم من الحيوان كما هي مقالات من بخس حظه من معرفة الرحمن وقل نصيبه من ذوق حقائق الإيمان وفرح بما عنده من زبد الأفكار وزبالة الأذهان.
    بل عبادته ومعرفته وتوحيده وشكره قرة عين الإنسان وأفضل لذة للروح والقلب والجنان وأطيب نعيم ناله من كان أهلا لهذا الشان والله المستعان وعليه التكلان

    وليس المقصود بالعبادات والأوامر المشقة والكلفة بالقصد الأول وإن وقع ذلك ضمنا وتبعا في بعضها لأسباب اقتضته لابد منها هي من لوازم هذه النشأة

    فأوامراه سبحانه وحقه الذي أوجبه على عباده وشرائعه التي شرعها لهم هي قرة العيون ولذة القلوب ونعيم الأرواح وسرورها وبها شفاؤها وسعادتها وفلاحها وكمالها في معاشها ومعادها بل لا سرور لها ولا فرح ولا لذة ولا نعيم في الحقيقة إلا بذلك كما قال تعالى : { يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } ...

    فإن قيل : فقد وقع تسمية ذلك تكليفا في القرآن كقوله : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} ، وقوله :{ لا نكلف نفسا إلا وسعها} .

    قيل : نعم إنما جاء ذلك في جانب النفي ولم يسم سبحانه أوامره ووصاياه وشرائعه تكليفا قط بل سماها روحا ونورا وشفاء وهدى ورحمة وحياة وعهدا ووصية ونحو ذلك )) انتهى

    وبالرغم من ظهور هذه الأوجه والانتقادات المذكورة آنفا، إلا أنه يمكن أن تعد هذه التسمية اصطلاحا محضا، فلا مانع من إطلاقها بهذا الاعتبار لكن مع مراعات منـزع هذا الإطلاق، والتنبيه على مأخذه وأصله وأنه ليس على إطلاقه والله أعلم.

    ملاحظة: النصوص نقلتها من المكتبة الشاملة، ومن يقف على نصوص أخرى لأهل العلم المتقدمين والمعاصرين فليذكرها ولا يبخل بها، بارك الله فيكم.

  • #2
    بالنسبة لأصول الفقه ذكر علماء أهل السنة أن هناك نوعين من الأحكام الشرعية وصنفوها صنفان وهي : الأحكام التكليفية و الاحكام الوضعية، وكان هذا بعد النظر والاستقراء، ويبقى هذا فقط اصطلاح للتمييز بين نوعين من الاحكام. ولا مشاحة في الاصطلاح مالم يصادم شيئا من الشريعة.
    والاحكام التكليفية : هو ما اقتضاه خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين من طلب أو تخيير أو وضع.
    وقد قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في شرحه لرسالة الأصول من علم الأصول ص49: التكليف .. معناه: ليس هو المشق على الانسان، لكنه الذي يتعلق بفعل المكلفين، سواء كان مباحا أو واجبا أو محرما أو مكروها.اهـ
    فسمية بالتكليفية لتعلقها بأفعال المكلف، وان كان في الاحكام نوع من الكلفة والمشقة.
    وهذه المشقة اذا بلغت ما لا يطاق ترفع شرعا على المكلف. والشريعة جاءت برفع الحرج

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي الكريم على نقلك المسدد، وإثرائك للموضوع
      المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الله محمد كري المغربي مشاهدة المشاركة
      ويبقى هذا فقط اصطلاح للتمييز بين نوعين من الاحكام. ولا مشاحة في الاصطلاح مالم يصادم شيئا من الشريعة.
      نعم لابد من هذا القيد: مالم يصادم شيئا من الشريعة.
      ولكن هذا الإطلاق كما ترى موهم، وعمومه يصادم شيئا من الشريعة كما سبق في الأوجه الخمسة، ولذا عندما يُجرى هذا الاصطلاح فالواجب هو التنبيه على ذلك كما فعل العلامة النحرير ابن عثيمين رحمه الله في كلامه الذي نقلته
      التكليف .. معناه: ليس هو المشق على الانسان، لكنه الذي يتعلق بفعل المكلفين، سواء كان مباحا أو واجبا أو محرما أو مكروها

      فهذا استدراك خفي ولطيف من الشيخ رحمه على التقرير المشهور عند الأصوليين أن التكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة.
      وهؤلاء لم يسموا هذه الأحكام الخمسة بالطلبية مثلا أو الخطابية، مع كونها طلبا وخطابا للمكلفين، وإنما سموها تكليفية، وألبسوها هذا اللباس، ليمرروا باطلهم ومعتقدهم الفاسد.
      ولمعرفة منشأ هذا القول ومراد أصحابه به وتقريراتهم له أنقل لكم كلام الشيخ محمد عبد القادر العروسي حفظه الله الذي عرض فيه أقوال المعتزلة في هذه المسألة فقال في كتابه الفريد في بابه ( المسائل المشتركة بين أصول الدين وأصول الفقه ص86-90):
      (( وإطلاق لفظ التكاليف على جميع الأحكام الشرعية، قول مستحدث، وأول من استعمل هذا الإطلاق المعتزلة، إذ أن من أصولهم أن الثواب والعقاب لا يترتب إلا على عمل فيه مشقة وكلفة، بل متى لم يكن الفعل شاقاً لم يستحق صاحبه الثواب أصلاً، ولهذا جعلوا الأحكام كلها من باب التكاليف،
      حتى اضطر بعضهم كالكعبي أن جعل المباح من قبيل الواجب،
      ولما رأى بعضهم ممن وافق المعتزلة على هذه التسمية أن المباح يتساوى فيه الفعل والترك، وليس فيه طلب جازم تحايل أن يدخله في التكاليف والمشقات.
      وذكر الباقلاني في التقريب عن المعتزلة أنهم جعلوا للمأمور به أوصافاً تستند إلى أصولهم في الديانات. منها: أن يكون المأمور به شاقاً على المكلف.
      وما نسبه الباقلاني إليهم صحيح فإنهم يصرحون بأن المضرة والمشقة يقتضيان وجوب الفعل، ويستدلون بأن ما يشتهيه الإنسان لا يجب عليه، ويجب عليه ما يضر ويشق، فصارت المضرة عندهم جهة لوجوب الفعل على المكلف، وينكرون أن تكون المشقة مسقطة للوجوب أو مؤثرة فيه بالتخفيف.
      فيقول القاضي عبد الجبار: فقد ثبت في العبادات أن المشقة إذا كان فيها أكثر فهي أدخل في الوجوب، فكيف يقال: إن من حق المشقة أن تخرج الفعل عن الوجوب!
      ورتب المعتزلة على هذا القول إن الشريعة كلها مشقات، وأن الأجر يتفاوت بتفاوت تحمل المشقة.
      ولهذا لم يجعل بعض المعتزلة الإباحة حكماً شرعياً، لأنها عبارة عن انتفاء الحرج عن الفعل. والتكليف طلب ما فيه كلفة، ولا كلفة في المباح.
      وعقد القاضي عبد الجبار في كتابة الموسوم بالمغني فصلاً بوبه بقوله: (( فصل في أنه لا يحسن منه سبحانه أن يكلف من المحسنات إلا الندب والواجب )) ثم قال في هذا الفضل: (( فإما المباح الذي لا صفة له زائدة على حسنه فلا يجوز أن يدخل تحت التكليف، لأنه لا يستحق بفعله المدح ولا الثواب على وجه )) ا.هـ.
      وتعميم هذه التسمية على جميع الأحكام خطأ مخالف للواقع، فإن من الناس من تكون أداء الأمانة وبر الوالدين، وإكرام الضيف أعمالاً ترتاح إليها نفسه وينشرح لها قلبه، فكيف يطلق عليها في حقه أنها تكاليف؟ ومن الناس من يرى الصدق والعفة والصلاة، مما يطمئن لفعله القلب وتسكن النفس، فكيف يكون ما هو غذاء للنفس كمحبة الله سبحانه وعبادته بامتثال أمره واجتناب نهيه مشقة وتكليف؟
      قال ابن تيمية: ولهذا لم يجئ في الكتاب والسنة إطلاق القول على الإيمان والعمل الصالح: أنه تكليف، كما يطلق ذلك كثير من المتكلمة والمتفقهة، وإنما جاء ذكر التكليف في موضع النفي، كقوله سبحانه: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}{ لا تكلف إلا نفسك} {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} أي وإن وقع في الأمر تكليف، فلا يكلف إلا قدر الوسع، لا أنه يسمي جميع الشريعة تكليفا، مع أن غالبها قرة العيون، وسرور القلوب، ولذات الأرواح، وكمال النعيم. ا.هـ.
      وأما أصل الفعل فقد ورد استعماله عن الصحابة فيما يأمر به الله سبحانه وينهى عنه فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لله ما في السماوات وما في الأرض... } الآية اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله، ثم جثوا على الركب، وقالوا: يا رسول الله: كلفنا من الأعمال ما نطيق... الحديث
      وهذا يدل على جواز قول من يقول كلفنا الله كذا، أو أن الله سبحانه كلفنا بكذا، فيما كان سبيله كذلك مما يشتد على النفس.
      وأما إطلاق هذا اللفظ على كل أحكام الله سبحانه وتسميتها بأنها تكاليف – فهذا لا يعرف استعماله إلا عن طريق الاشتقاق، والحكم على أن شرع الله تعالى كله مشقات لا يمكن أن يعرف عن طريق المواضعة اللغوية، ولا عن طريق الاشتقاق، وإنما سبيل معرفته الدلالات السمعية،
      والدلالات السمعية، واستعمال الشرع مخالف لذلك، فإنه سبحانه سماها نوراً وهداية وأحكاماً.
      فظهر أن الاصطلاح على تسمية شرع الله سبحانه ومنهاجه تكاليف لا يصح لأمرين:
      الأول: عدم التسليم بصحة هذا الإطلاق، وهو أن الأحكام كلها مشقات، فإن أوامر الله وشرعه ليست لكلها مشقات كما سبق بيان ذلك. وهذا الإطلاق مخالف لما نفاه الله سبحانه من الحرج والضيق عن هذا الدين.
      ثانيا: عدم التسليم بصحة إطلاق هذه التسمية على جميع الأحكام، فإن الله سبحانه سماها أحكاماً وشرعة ومنهاجاً ونوراً ووصفها سبحانه بأنها رحمة ويسر وتيسير.
      وقد ذكرنا أن عامة الأصوليين استشكلوا تسمية المباح تكليفاً مع وجود طائفة من الأحكام لا تشق على النفس ولا تضر بل تلائم النفس وتقبل عليها، ولا تنافي التخيير كالمندوب والمكروه والمباح، فكيف يطلق عليها حينئذ اسم التكاليف؟ واعتذروا عن ذلك – بأن مجرد العلم بأن المخاطب يطالب بدخوله تحت هذا الطلب فهو تكليف.
      قال ابن عقيل – وهو متأثر بنزعة الاعتزال: فإن قيل : ليس ينضبط الحد بما ذكرتم فإن إفطار العبد، من أيام التشريق والطيب والاغتسال وأخذ الزينة من اللباس للجمع والأعياد، وإزالة الأنجاس، هذه كلها من جملة تكاليف الشرع، وهي مساعدة للطبع وملائمة للنفس، فبطل أن يكون تكليف الشرع مأخوذاً من الكلفة والمشقة – قيل: لا مخرج، لأن كل من أخرج الأمر والنهي عن معناه المطلق إلى دخول تحت رسم الشرع فإنه تكليف – حتى أنه يحسن أن يقول العربي: كنت بنية الصوم فكلفني صديقي الإفطار، وكنت على شعث السفر فكلفني دخول الحمام. فإلزام الرسم تكليف وإن وافق الطبع.
      وهذا القول من ابن عقيل مخالف للصواب؛ لأنه أراد أن يأخذ من الاشتقاق اللغوي للدلالة على أن عامة أحكام الشرع مشقات، وقد سبق أن بينا آنفاً أنه لا يصح أن نحكم على جملة أحكام الشرع بكونها مشقات بناء على المواضعة اللغوية إذ لا سبيل إلى معرفة ذلك إلا بطريق الخبر عن المعصوم.
      والمقصود أن الإشكال الوارد على المباح هل هو تكليف ؟ منشؤه الخطأ في تعميم لفظة التكاليف على جميع الأحكام الشرعية، وإذا علمنا أن كثيراً من الفروض والواجبات فضلاً عن المباحات ليست تكاليف ولا مشقات بل هي راحة وروح وهداية ونور تقبل إليها النفوس المؤمنة وتستأنس بها فلا معنى لهذا الإشكال. والحمد لله رب العالمين ))
      انتهى النقل من المسائل المشتركة مع حذف الإحالات التي في حواشي الكتاب.

      والحاصل أن الكلام على هذه المسألة له فرعان:
      الأول: هل الأحكام الشرعية تكاليف ومشقات؟ وفيما سبق بيان كاف لذلك إن شاء الله
      والثاني: حكم استخدام هذا الاصطلاح: (الأحكام التكليفية).
      ولأن هذا الاصطلاح قد درج عليه الأصوليون، فيمكن أن يبقى كما هو – مجرد اصطلاح وتسمية – لكن بشرط أن ينبه على أول من قال به، مع بيان المعنى الذي أراده منه وأنه موهم وباطل في عمومه، وبيان أصله العقدي الذي بني عليه، ونشأ منه.
      وذلك بأن يقال هذا المصطلح أول من استعمله هم المعتزلة، وأرادوا به أن التكاليف هي إلزام بما فيه مشقة وكلفة ولابد، ووصفوا جميع الأحكام الشرعية بالمقشات، وأصلهم في ذلك عقدي، وهو التحسين والتقبيح العقليين.

      ولا أقل – عند استعمال هذا الاصطلاح - من نفي المعنى الباطل المتوهم عند إطلاقه كما فعل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه للمبتدئين في هذا العلم.

      ولأن النار في هذه المسألة تحت الرماد، فينبغي على الأصوليين من أهل السنة والجماعة أن يحموا جناب العقيدة ويصونوا معتقدهم من الخلل، وأن يتفطنوا لدسائس القوم ويكشفوها لا أن يمرروها.
      وبالله التوفيق.

      تعليق

      يعمل...
      X