لا يثبت في الهوي إلى السجود حديث، وخلاصة القول : جواز الأمرين ، وإنما الخلاف في الأفضل.
قال الشيخ أبو عبدالباري عبدالحميد العربي الجزائري:
قلت وبالله التوفيق : هذا ما كنت أتبناه في بداية مشواري في طلب العلم وهو استحباب النزول على اليدين حين الهوي إلى السجود
وأبيتالقول بالوجوب وإن قال به ابن حزم الظاهري ، فأنا لا أخذ بقول ابن حزم حتى يوافق من سبقه من السلف ، أما حين التفرد فلا أعبأ بقوله البتة، قلت: ذهبت إلى هذا الحكم تقليدا مني للعلامة الألباني في تصحيحه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وترجيحه الرفع في حديث ابن عمر رضي الله عنه وبعد ما عدت إلى الحديثين المذكورين وتتبعت طرقهما وقول أهل الصنعة من المتقدمين فيهما تبين لي خلاف ما ذهب إليه العلامة الألباني رحمه الله. وأنّه لا يصح في باب الهوي إلى السجود حديث يصلح للاحتجاج والله الموفق. ودونك خلاصة ما وصلت إليه بإيجاز وباختصار.
أولا: حدبث عبدالله بن عمر رضي الله عنه :(أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) (1).لا يصح مرفوعا.
ثانيا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا :(إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) (2).منكر.
1-أخرجه الدارقطني (ص :131) ، والحاكم (1/336،رقم 824، ط: مقبل بن هادي) ، والبيهقي (2/100)، والحازمي في الاعتبار (ص: 54)من طرق عن عبدالعزيز بن محمد الدراوردي عن عبيدالله بن عمر عن نافع عنه رضي الله عنه.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (2/77) : وهو كما قالا.قلت: ماذهب إليه الأئمة الثلاثة غير صحيح : فعبدالعزيز بن محمد الدراوردي أبو محمد المدني إذا روى عن عبيدالله أتى بالمناكير.
قال أبو زرعة كما في الجرح والتعديل (رقم:1833): سيء الحفظ فربما حدّث من حفظه الشيء فيخطىء.
قال النسائي كما قال المزي في تهذيب الكمال (18/194): عبدالعزيز الدراوردي ليس بالقوي.
وقال كذلك: ليس به بأس، وحديثه عن عبيدالله بن عمر منكر .
وقال الإمام أحمد رحمه الله: ما حدّث عن عبيدالله بن عمر ، فهو عن عبدالله بن عمر وقال كذلك عبدالعزيز الدراوردي عنده من عبيدالله مناكير .
انظر سؤالات أبي داود (ص:222)، والجرح والتعديل (5/395) .
إذن فحديث عبدالعزيز الدراوردي بهذا اللفظ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم منكر.
زد على ذلك أنه قد خالفه أيوب عن نافع عن ابن عمر فأوقفه وهو المحفوظ كما قال البيهقي.
2-أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/139، رقم:41، وأبوداود (رقم 836، ط:عوامة ) وابن حزم في المحلى (128-129/4)، والنسائي (1/554، رقم:190، باب أول ما يصل الأرض من الإنسان في سجوده) ، والدارمي (1/303) ، والطحاوي في مشكل الآثار (65-66/1) ،وفي الشرح (1/149) والدارقطني (131) ، والبيهقي (2/99-100) ، وأحمد (2/381) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: ثنا محمد بن عبدالله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا.
قال الإمام البخاري في محمد بن الحسن كما في التاريخ الكبير: ولا يتابع عليه، لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟.
قال الترمذي في الجامع (1/307، باب رقم 58،ط: بشار عواد): حديث أبي هريرة رضي الله عنه غريب، لانعرفه من حديث أبي الزناد الأعرج إلا من هذا الوجه.
وقال حمزة الكناني كما في فتح الباري لابن رجب (5/90 ، دار ابن الجوزي): هو منكر ، قال ابن رجب: لايثبت.
قلت محمد بن عبدالله بن حسن لا يقبل منه تفرده عن أبي الزناد عبدالله بن ذكوان القرشي أبو عبدالرحمن المدني.
فإنّ أبا الزناد كان سفيان يسميه أمير المؤمنين في الحديث. وقد روى عنه جمهور غفير .
فأين مالك بن أنس من هذا الحديث، وأين عبيدالله بن عمر ، ويونس بن يزيد الأيلي، وهشام بن عروة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وزائدة بن قدامة، وسليمان الأعمش، ومحمد بن إسحاق، وسليمان بن أبي سليمان الشيباني، وشعيب بن أبي حمزة الأموي، وصالح بن كيسان، وأين ابناه عبدالرحمن، وأبوالقاسم بن أبي الزناد، وأين موسى بن عقبة بن أبي عياش ، وغيرهم كثير. ولهذا كام منهج الإمام أحمد رحمه الله في نقده للأحاديث أنّ الصدوق أو الثقة إذا تفرد عن المكثر كصاحبنا أبي الزناد أو الزهري فإنه يحكم عليه بالنكارة ، وللفائدة انظر العلل له والمنتخب من العلل للخلال.
إذا فحديث أبي هريرة رضي الله عنه بهذا اللفظ منكر على اصطلاح الإمام أحمد رحمه الله.
قلت كذلك: لقد جاء عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأسانيد صحيحة كما عند عبدالرزاق أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه على ابن عبدالله، وهذا يضعف قول الأوزاعي أدركت...
ولهذا قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (22/449) حين سئل هل يلتقى الساجد الأرض بركبتيه قبل يديه أو بيديه قبل ركبتيه فأجاب: أما الصلاة بكليهما فجائزة باتفاق العلماء ، إن شاء المصلي يضع ركبتيه قبل يديه ، وإن شاء وضع يديه ثم ركبتيه ، وصلاته صحيحة في الحالتين باتفاق العلماء، ولكن تنازعوا في الأفضل.اهـ والله تعالى أعلم .
من كتاب وقفات منهجية في الذب عن السلفية للشيخ عبدالحميد العربي الجزائري
نقله أخوكم نجيب الجزائري
قال الشيخ أبو عبدالباري عبدالحميد العربي الجزائري:
قلت وبالله التوفيق : هذا ما كنت أتبناه في بداية مشواري في طلب العلم وهو استحباب النزول على اليدين حين الهوي إلى السجود
وأبيتالقول بالوجوب وإن قال به ابن حزم الظاهري ، فأنا لا أخذ بقول ابن حزم حتى يوافق من سبقه من السلف ، أما حين التفرد فلا أعبأ بقوله البتة، قلت: ذهبت إلى هذا الحكم تقليدا مني للعلامة الألباني في تصحيحه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وترجيحه الرفع في حديث ابن عمر رضي الله عنه وبعد ما عدت إلى الحديثين المذكورين وتتبعت طرقهما وقول أهل الصنعة من المتقدمين فيهما تبين لي خلاف ما ذهب إليه العلامة الألباني رحمه الله. وأنّه لا يصح في باب الهوي إلى السجود حديث يصلح للاحتجاج والله الموفق. ودونك خلاصة ما وصلت إليه بإيجاز وباختصار.
أولا: حدبث عبدالله بن عمر رضي الله عنه :(أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) (1).لا يصح مرفوعا.
ثانيا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا :(إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) (2).منكر.
1-أخرجه الدارقطني (ص :131) ، والحاكم (1/336،رقم 824، ط: مقبل بن هادي) ، والبيهقي (2/100)، والحازمي في الاعتبار (ص: 54)من طرق عن عبدالعزيز بن محمد الدراوردي عن عبيدالله بن عمر عن نافع عنه رضي الله عنه.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وقال الألباني رحمه الله في الإرواء (2/77) : وهو كما قالا.قلت: ماذهب إليه الأئمة الثلاثة غير صحيح : فعبدالعزيز بن محمد الدراوردي أبو محمد المدني إذا روى عن عبيدالله أتى بالمناكير.
قال أبو زرعة كما في الجرح والتعديل (رقم:1833): سيء الحفظ فربما حدّث من حفظه الشيء فيخطىء.
قال النسائي كما قال المزي في تهذيب الكمال (18/194): عبدالعزيز الدراوردي ليس بالقوي.
وقال كذلك: ليس به بأس، وحديثه عن عبيدالله بن عمر منكر .
وقال الإمام أحمد رحمه الله: ما حدّث عن عبيدالله بن عمر ، فهو عن عبدالله بن عمر وقال كذلك عبدالعزيز الدراوردي عنده من عبيدالله مناكير .
انظر سؤالات أبي داود (ص:222)، والجرح والتعديل (5/395) .
إذن فحديث عبدالعزيز الدراوردي بهذا اللفظ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم منكر.
زد على ذلك أنه قد خالفه أيوب عن نافع عن ابن عمر فأوقفه وهو المحفوظ كما قال البيهقي.
2-أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/139، رقم:41، وأبوداود (رقم 836، ط:عوامة ) وابن حزم في المحلى (128-129/4)، والنسائي (1/554، رقم:190، باب أول ما يصل الأرض من الإنسان في سجوده) ، والدارمي (1/303) ، والطحاوي في مشكل الآثار (65-66/1) ،وفي الشرح (1/149) والدارقطني (131) ، والبيهقي (2/99-100) ، وأحمد (2/381) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: ثنا محمد بن عبدالله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا.
قال الإمام البخاري في محمد بن الحسن كما في التاريخ الكبير: ولا يتابع عليه، لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟.
قال الترمذي في الجامع (1/307، باب رقم 58،ط: بشار عواد): حديث أبي هريرة رضي الله عنه غريب، لانعرفه من حديث أبي الزناد الأعرج إلا من هذا الوجه.
وقال حمزة الكناني كما في فتح الباري لابن رجب (5/90 ، دار ابن الجوزي): هو منكر ، قال ابن رجب: لايثبت.
قلت محمد بن عبدالله بن حسن لا يقبل منه تفرده عن أبي الزناد عبدالله بن ذكوان القرشي أبو عبدالرحمن المدني.
فإنّ أبا الزناد كان سفيان يسميه أمير المؤمنين في الحديث. وقد روى عنه جمهور غفير .
فأين مالك بن أنس من هذا الحديث، وأين عبيدالله بن عمر ، ويونس بن يزيد الأيلي، وهشام بن عروة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وزائدة بن قدامة، وسليمان الأعمش، ومحمد بن إسحاق، وسليمان بن أبي سليمان الشيباني، وشعيب بن أبي حمزة الأموي، وصالح بن كيسان، وأين ابناه عبدالرحمن، وأبوالقاسم بن أبي الزناد، وأين موسى بن عقبة بن أبي عياش ، وغيرهم كثير. ولهذا كام منهج الإمام أحمد رحمه الله في نقده للأحاديث أنّ الصدوق أو الثقة إذا تفرد عن المكثر كصاحبنا أبي الزناد أو الزهري فإنه يحكم عليه بالنكارة ، وللفائدة انظر العلل له والمنتخب من العلل للخلال.
إذا فحديث أبي هريرة رضي الله عنه بهذا اللفظ منكر على اصطلاح الإمام أحمد رحمه الله.
قلت كذلك: لقد جاء عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأسانيد صحيحة كما عند عبدالرزاق أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه على ابن عبدالله، وهذا يضعف قول الأوزاعي أدركت...
ولهذا قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (22/449) حين سئل هل يلتقى الساجد الأرض بركبتيه قبل يديه أو بيديه قبل ركبتيه فأجاب: أما الصلاة بكليهما فجائزة باتفاق العلماء ، إن شاء المصلي يضع ركبتيه قبل يديه ، وإن شاء وضع يديه ثم ركبتيه ، وصلاته صحيحة في الحالتين باتفاق العلماء، ولكن تنازعوا في الأفضل.اهـ والله تعالى أعلم .
من كتاب وقفات منهجية في الذب عن السلفية للشيخ عبدالحميد العربي الجزائري
نقله أخوكم نجيب الجزائري