المسألة الثانية
وهي ابتداء السلام في المكاتبة بالنكرة واختتامها بالمعرفة فابتداؤها بالنكرة كما تقدم في ابتداء السلام النطقي بها سواء فإن المكاتبة قائمة مقام النطق وأما تعريفه في آخر المكاتبة ففيه ثلاث فوائد :
أحدها أن السلام الأول قد وقع الأنس بينهما به وهو مؤذن بسلامه عليه خصوصا فكأنه قال سلام مني عليك كما تقدم وهذا أيضا من فوائد تنكر السلام الإبتدائي للإيذان بأنه سلام مخصوص من المسلم فلما استقر ذلك وعلم في صدر الكتاب كان الأحسن أن يسلم عليه سلاما وهو أعم من الأول لئلا يبقى تكرارا محضا بل يأتي بلفظ يجمع سلامه وسلام غيره فيكون قد جمع له بين السلامين الخاص منه والعام منه ومن غيره ولهذه الفائدة استحسنوا أن يكون قول الكاتب وفلان يقرئك السلام وفلان في آخر المكاتبة بعد والسلام عليك لهذا الغرض
الفائدة الثانية أنه قد تقدم أن السلام المعرف اسم من أسماء الله وقد افتتح الكاتب رسالته بذكر الله فناسب أن يختمها باسم من أسمائه وهو السلام ليكون اسمه تعالى في أول الكتاب وآخره وهذه فائدة بديعة
الفائدة الثالثة بديعة جدا وهي جواب السؤال التاسع بعد هذا وهي أن دخول الواو العاطفة في قول الكاتب والسلام عليكم ورحمة الله فيها وجهان :
أحدهما قول ابن قتيبة أنها عطف على السلام المبدوء به فكأنه قال والسلام المتقدم عليكم
والقول الثاني إنها لعطف فصول الكتاب بعضه على بعض فهي عطف لجملة السلام على ما قبلها من الجمل كما تدخل الواو في تضاعيف الفصول وهذا أحسن من قول ابن قتيبة لوجوه
-منها أن الكلام بين السلامين قد طال فعطف آخره بعد طوله على أوله قبيح غير مفهوم من السياق الوجه -
-الثاني أنه إذا حمله على ذلك كان السلام الثاني هو الأول بعينه فلم يفد فائدة متجددة وفي ذلك شح بسلام متجدد وإخلال بمقاصد المتكاتبين من تعداد الجمل والفصول واقتضاء كل جمله لفائدة غير الفائدة المتقدمة حتى أن قارىء الكتاب كلما قرأ جمله منها لفائدة غير الفائدة المتقدمة تطلعت نوازع قلبه إلى استفادة ما بعدها فإذا كررت له فائدة واحدة مرتين سئمتها نفسه فكان اللائق بهذا المقصود أن يجدد له سلاما غير الأول يسره به كما سره بالأول وهو السلام العام الشامل
ولما فرغ الكاتب من فصول كتابه وختمها أتى بالواو العاطفة مع السلام المعرف فقال والسلام عليكم أي وبعد هذا كله السلام عليكم وقد تقدم أن السلام إذا انبنى على اسم مجرور قبله وكان سلام رد لا ابتداء فإنه يكون معرفا نحو وعليك السلام ولما كان سلام المكاتب هاهنا ليس بسلام رد قدم السلام على المجرور فقال والسلام عليكم وأتى باللام لتفيد تجديد سلام آخر والله تعالى أعلم
وهذه فصاحة غريبة وحكمة سلفية موروثة عن سلف الأمة وعن الصحابة في مكاتباتهم وهكذا كانوا يكتبون إلى نبيهم صلوات الله وسلامه عليه.
من كتاب بدائع الفوائد الجزء 2 صفحة 384-385
وهي ابتداء السلام في المكاتبة بالنكرة واختتامها بالمعرفة فابتداؤها بالنكرة كما تقدم في ابتداء السلام النطقي بها سواء فإن المكاتبة قائمة مقام النطق وأما تعريفه في آخر المكاتبة ففيه ثلاث فوائد :
أحدها أن السلام الأول قد وقع الأنس بينهما به وهو مؤذن بسلامه عليه خصوصا فكأنه قال سلام مني عليك كما تقدم وهذا أيضا من فوائد تنكر السلام الإبتدائي للإيذان بأنه سلام مخصوص من المسلم فلما استقر ذلك وعلم في صدر الكتاب كان الأحسن أن يسلم عليه سلاما وهو أعم من الأول لئلا يبقى تكرارا محضا بل يأتي بلفظ يجمع سلامه وسلام غيره فيكون قد جمع له بين السلامين الخاص منه والعام منه ومن غيره ولهذه الفائدة استحسنوا أن يكون قول الكاتب وفلان يقرئك السلام وفلان في آخر المكاتبة بعد والسلام عليك لهذا الغرض
الفائدة الثانية أنه قد تقدم أن السلام المعرف اسم من أسماء الله وقد افتتح الكاتب رسالته بذكر الله فناسب أن يختمها باسم من أسمائه وهو السلام ليكون اسمه تعالى في أول الكتاب وآخره وهذه فائدة بديعة
الفائدة الثالثة بديعة جدا وهي جواب السؤال التاسع بعد هذا وهي أن دخول الواو العاطفة في قول الكاتب والسلام عليكم ورحمة الله فيها وجهان :
أحدهما قول ابن قتيبة أنها عطف على السلام المبدوء به فكأنه قال والسلام المتقدم عليكم
والقول الثاني إنها لعطف فصول الكتاب بعضه على بعض فهي عطف لجملة السلام على ما قبلها من الجمل كما تدخل الواو في تضاعيف الفصول وهذا أحسن من قول ابن قتيبة لوجوه
-منها أن الكلام بين السلامين قد طال فعطف آخره بعد طوله على أوله قبيح غير مفهوم من السياق الوجه -
-الثاني أنه إذا حمله على ذلك كان السلام الثاني هو الأول بعينه فلم يفد فائدة متجددة وفي ذلك شح بسلام متجدد وإخلال بمقاصد المتكاتبين من تعداد الجمل والفصول واقتضاء كل جمله لفائدة غير الفائدة المتقدمة حتى أن قارىء الكتاب كلما قرأ جمله منها لفائدة غير الفائدة المتقدمة تطلعت نوازع قلبه إلى استفادة ما بعدها فإذا كررت له فائدة واحدة مرتين سئمتها نفسه فكان اللائق بهذا المقصود أن يجدد له سلاما غير الأول يسره به كما سره بالأول وهو السلام العام الشامل
ولما فرغ الكاتب من فصول كتابه وختمها أتى بالواو العاطفة مع السلام المعرف فقال والسلام عليكم أي وبعد هذا كله السلام عليكم وقد تقدم أن السلام إذا انبنى على اسم مجرور قبله وكان سلام رد لا ابتداء فإنه يكون معرفا نحو وعليك السلام ولما كان سلام المكاتب هاهنا ليس بسلام رد قدم السلام على المجرور فقال والسلام عليكم وأتى باللام لتفيد تجديد سلام آخر والله تعالى أعلم
وهذه فصاحة غريبة وحكمة سلفية موروثة عن سلف الأمة وعن الصحابة في مكاتباتهم وهكذا كانوا يكتبون إلى نبيهم صلوات الله وسلامه عليه.
من كتاب بدائع الفوائد الجزء 2 صفحة 384-385
تعليق