بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ
إنَّ الحمدَ لله نَحمَدُهُ ونَسْتَعِـينُهُ ونَسْتَـغْفِرُهُ ، ونَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ أَنْـفُسِنا ومِنْ سَيِّـئاتِ أعْمالِنا ، مَنْ يَهدِه اللهُ فَـلَا مُضِلَّ لَه ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَه ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وأَشْهَدُ أَنَّ محمَّدًا عَـبْدُهُ ورَسُولُه صَلَّى الله علَيْه وعلَى آلِه وصَحْبِه وسَلَّمَ .
أَمَّـا بَـعْـدُ :
* ضَبْطُ عُنْوانِ الـمَتنِ :
هذَا الـمَـتنُ يُعْـرَفُ بِـ : ( لامِـيَّـةِ شَـيْخِ الإِسْلامِ ابْنِ تَـيْمِـيَـةَ رحمهُ الله ) .
أَمَّـا ( لامِيَّـة ) فلأَنَّـهُ قَصِيدةٌ علَى رَوِيِّ اللَّامِ .
وأمَّـا إِضَافَـتُه لِـشَيْخِ الإِسْلامِ رحمهُ اللهُ تعالَى فيأتي الكلامُ علَيْـها .
* مَوْضُوعُـهُ :
أبانَ النَّاظِمُ عنْ موْضُوعِ نَظْمِه بِقَوْلِـهِ :
يا سائِـلِـي عنْ مَذْهَبِـي وعَـقِـيدَتي .........................................
وهذَا العَطْفُ لَيْسَ منْ بابِ المغايَرةِ بلِ التَّرادُفِ أَوْ عَطْفِ الخاصِّ علَى العامِّ ، فكانَ مِنْ إِشَاراتِ النَّاظِمِ اللَّطيفةِ : العَلَاقةُ في جمعِه ـ في الاسْتِهلالِ ـ بينَ المذْهبِ وبيْنَ العَقِيدةِ وتَصْريحهِ في خاتِمةِ النَّظْمِ أَنَّ هذَا اعْتِقادُ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعةِ ؛ فإِنَّ المتبادَرَ منْ كلِمةِ ( المذْهبِ ) عِندَ أَكْثرِ النَّاسِ : المذْهبُ الفَرْعِيُّ أَوِ الفِقْهِيُّ كما يُوصَفُ ، فإِذَا عُطِفَتِ العَقيدةُ علَى المذْهبِ في بِدايَـةِ الكلامِ عنِ الاعْتِقادِ ثُمَّ أُكِّدَ بِأنَّ هذَا هُو اعْتِقادُ الأَئِمَّةِ أَصْحابِ المذَاهِبِ الفِقْهيَّـةِ المتَّبعةِ دَلَّ علَى أَنَّ هذَا ممَّا تشْملُهُ مَذَاهِبُهُمْ منْ غَيْرِ فَصْلٍ ؛ وهِيَ حجَّةٌ علَى مَنْ يَدِّعِي أَنَّهُ مِنْ أَتْباعِ الإِمامِ الفُلانِيِّ ثُمَّ يُخالِفُه في ما هُو مِنْ صَميمِ مَذْهَبِه وأَهمِّ ما يدخُلُ فيه .
* مَضْمُونُـهُ :
أ ـ نَصًّـا :
هُوَ عِبارةٌ عنْ رُؤُوسِ أَقْلامٍ في بابِ العَقيدةِ إِذَا حَفِظهُ الطَّالِبُ صَار عِندَهُ تَصَوُّرٌ أَوَّلِيٌّ لِـهذَا العِلْمِ وبَعْضِ ما يتَـناولُه .
ولَيْسَ كَالفِهْرِسِ أَيْضًا بلْ بيَّنَ الوَاجِبَ اعْتِقَادُهُ في كُلِّ مَسْألَةٍ ذَكرَها ، بِعِبارةٍ مختَصَرةٍ مُفِـيدةٍ .
وقدْ انْحصَرَ كلامُـهُ في ثَلاثَـةِ أَبْوابٍ منَ العَقِـيدةِ ولَـمْ يُـرَتِّـبْها ـ لا الأَبْوابَ ولا الأَفْرادَ تَحْتها ـ علَى التَّرتيبِ الـمعهودِ في مُصَنَّفاتِ هذَا البابِ ، ولا علَى حَسَبِ الأهَمِّـيَّـةِ ـ خِلَافًا لِـما قَالَهُ الشَّارِحُ المردَاوِيُّ في مُسْتَـهَلِّ شَرْحِه ـ ، وهاكَ كُلَّ بابٍ معَ ذِكرِ الأَفْرادِ الَّتي نَصَّ علَيْها فيه علَى تَرتيبِ النَّاظِمِ :
الـبَابُ الأَوَّلُ :
مذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّـةِ والجماعَةِ في الصَّحابةِ وآلِ البَـيْتِ وتناوَلَ فيه :
1 ـ حُبَّ جَميعِ الصَّحابةِ دُونَ اسْتِثْناءٍ رَدًّا علَى الرَّوافِضِ الأَشْرارِ .
2 ـ مَوَدَّةَ أهْلِ البَيْتِ رَدًّا علَى النَّواصِبِ الفُجَّارِ .
3 ـ في مَسْألَـةِ التَّفْضِيلِ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ تَفْضِيلِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ على سَائِـرِ الصَّحابةِ ، ومنهُ يُـتَطرَّقُ إلَى مسائِلِ التَّـفْضِيلِ عِندَ التَّوسُّعِ .
وهذَا البابُ في الحقيقةِ مُتَمِّمٌ لِبابِ الكلَامِ علَى ( شَـهادةِ أَنَّ محمَّـدًا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَـيْه وعلَى آلِه وسَلَّمَ ) .
الـبَابُ الـثَّانِي :
بَابُ الصِّفاتِ ، وهُوَ جُزْءٌ منَ الكلَامِ علَى ( شَهادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ) أَو التَّـوْحيدِ ، وتناوَلَ فيه منَ المسائِلِ :
1 ـ القَوْلَ في كلامِ الباري سُبْحانَهُ وتَعالَى .
2 ـ منهَجَ أَهْلِ السُّنَّـةِ والجماعةِ العامَّ في سَائِـرِ صِفاتِ البارِي سُبْحانهُ وتَعالَى مِنَ الإِثْباتِ والتَّنزيه وتَركِ الخَوْضِ في الكَيْـفِـيَّـةِ .
3 ـ القَوْلَ في رُؤْيَـةِ المؤْمِنِينَ ربَّهُمْ يَوْمَ القِيامةِ .
4 ـ القَوْلَ في صِفةِ النُّزُولِ .
وأَشَارَ في ثَنايَا ذلِكَ إِلَى عُمدةِ أَهْلِ السُّنَّـةِ في هذَا البابِ ( النَّـقْلُ ) ومنهَجِهمْ في الاسْتِدْلالِ ، وألْمحَ إِلَى منهَجِ أَهلِ الباطِلِ إِلْماحةً .
البابُ الـثَّالِثُ :
المعادُ وما يتعلَّقُ برُكنِ الإيمانِ بِاليَوْمِ الآخِرِ ، وهُوَ جُزْءٌ مِنَ بَابِ السَّمْعِيَّاتِ علَى حَدِّ تَقْسِيمِ بَعْضِ العُلَماءِ ، وتَناوَلَ فيه :
1 ـ الميزانَ .
2 ـ الحَوْضَ .
3 ـ الصِّراطَ .
4 ـ الجنَّـةَ والنَّارَ .
5 ـ البرزَخَ وفِتْـنةَ القَبْرِ .
فانْظُرُوا ما بَقِيَ بَعْدَ هذَا مِنَ الأَبْوابِ والمسائِلِ ! .
ب ـ إِشَارةً وإيـماءً :
وإِذَا اعْتُبِرَتْ بَعْضُ الإِشَاراتِ انفَتحَتْ أَبْوابٌ أُخُرَى رُبَّما أَمكنَ اسْتيعابُ أغْلَبِ جَوانِبِ العَقِيدةِ مِنْ خِلالِـها .
1 ـ منهَا ما قَصَدَ لَه المؤَلِّفُ عَيْـنًا ، مِثْلَ : إِشَارَتِه إِلَى أَنَّ النَّاجِي يَوْمَ القِيامةِ هُو الـمُوحِّدُ ؛ فلَوْ بُسِطَ مَعْنَى التَّوْحيـدِ عِندَ هذَا شَملَ جُزْءًا كبيرًا منَ العَقيدةِ بلْ شَملَ أَهَمَّ مبَاحِثه وأصْلَ أُصُولِه فما سِواهُ تبعٌ لَهُ .
2 ـ ومنَها ما جاءَ عَرَضًا ، مِثْلَ : إِشَارتِه إِلَى ( التَّوسُّلِ ) فَالكلامُ لَيْسَ فيه ابْـتِداءً لكنْ يُعرفُ من سِياقِه المشْرُوعُ وعلَيْه ما احْتُرِزَ بِه منَ الممنوعِ ، وهذَا بابٌ واسِعٌ وإنْ كانَ جُزءًا منْ بابِ تَوحيدِ العِبادةِ ؛ فقَدْ أَفْردَ لَه شَيخُ الإِسْلامِ مُصَنَّـفًا بِـرَأسِه ( قَاعدةٌ جَليلةٌ في التَّوسُّلِ والوَسِيلةِ ) ؛ فهذِه إِشَارةٌ تَفْتحُ بابًا واسِعًا .
ج ـ ومنَ الآدابِ :
1 ـ أنَّ منْ طَلَبَ الهدايَـةَ بِصِدْقٍ وإِخْلاصٍ وعَزْمٍ حَصَّلَها بِتَوْفيقِ اللهِ تعالَى .
2 ـ وأَنَّ الكلامَ في العَقيدةِ ينْـبَني علَى التَّحْقِيقِ الَّذي يطْمئِنُّ إِليْه القَلْبُ ولا يتزَعْزعُ ، وعَلَيـهِ :
3 ـ وأَنَّ صَاحِبَ العَقِيدةِ الصَّحيحَةِ والمنهَجِ الحقِّ لا ينْـثَني ولا يتبدَّلُ بلْ يَثْبُتُ ويَرسَخُ كالطَّوْدِ ، ولا يجِدُ غَضَاضَةً في التَّصْرِيحِ بِعقيدَتِه .
* وصفه الخارِجِيُّ أَوِ القالبُ :
هُو نَظْمٌ ، والفَرْقُ بينَ النَّظْمِ والنَّـثْرِ منْ حيثُ الشَّكلُ والمضْمُونُ معْلُومٌ ، لكِنْ أَذْكُرُ بَعْضَ ما يتعلَّقُ بِهذَا النَّظْمِ :
1 ـ وزْنُـهُ :
هُو مِنْ بَحْرِ الكاملِ التَّـامِّ ، و وزنُهُ :
مُتفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ .........مُتفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ
وهُو مُسْتقيمُ الوزْنِ في جَميعِ أَبْياتِه لا يُوجدُ في شَيْءٍ منها كَسْرٌ ، وكذلِكَ لَيْسَ فيه منَ الضَّرائِرِ إلَّا مَواضِعَ مَعْدُودةً منْ غَيْرِ الثَّقيلِ أَوِ المسْتَهْجَنِ .
2 ـ رَوِيُّـهُ :
اللَّامُ كما سَبقَ ( يَسْألُ ، يتبدَّلُ ، أَتوَسَّلُ .. الخ ) ، وهيَ منَ الحرُوفِ الَّتي يكْثُرُ اسْتِعْمالُها رَوِيًّـا .
والرَّوِيُّ هُو : الحَرْفُ الَّذي يَـقِفُ علَيْـهِ البَـيْتُ أَيْ يُقْطعُ بِه ، ولا يُعْتَـبَرُ فيه الـمَدُّ ( يَسْأَلُوا ) أَوِ الإِطْلاقُ ( يَسْألُ = لُو ) ، والخلافُ فيه ـ هلْ هُو القافِـيَةُ أَو جُزْءٌ مِنْها ؟ ـ في كُتبِ العَرُوضِ والقافِـيَـةِ .
وغَنيٌّ عنِ القَوْلِ أَنَّ الوَزْنَ يَجِبُ أنْ يُوَحَّدَ في القَصيدةِ كُلِّها فلا يُنتَقَلُ مِنْ بَحرٍ إِلَى آخَرَ بِحالٍ ولا حتَّى بِارْتكابِ مخالَفَةٍ أَوْ عيبٍ أَوْ ضَرُورةٍ ! .
وكذلِكَ تَوْحيدُ الرَّوِيِّ وحركتِه أَيْضًا ، واخْتِلافُ الرَّوِيِّ وُجِدَ قَليلًا لكنَّهُ اعْتُبِرَ منَ عُيُوبِ القافِيَـةِ ،ويُسَمَّى عندهُمْ : الإِقْواءَ أَوِ الإِصْرافَ ـ علَى نَوعَيْنِ ـ ، واخْتِلافُ حركتِه عيبٌ يُسَمَّى : الإِكفاءَ أَوِ الإِجازة ( أوِ الإِجارةَ ) علَى نَوْعَيْنِ أَيْضًا .
وهُما منَ العيُوبِ المسْتَقْبحةِ ، وتأتي فائِدةُ هذَا التَّفْصِيلِ في التَّعْليقِ علَى الأَبياتِ .
3 ـ أَلْـفَاظُـهُ :
سَهْلَةٌ سَلِسَةٌ ، ولَيْسَ فيها شَيْءٌ مِنَ الغَريبِ الَّذي يُحْتاجُ إِلَى شَرْحهِ .
4 ـ عدَدُ أَبْـيَاتِـه :
سِتَّـةَ عَشَرَ بَيْـتًا ، وقَدْ سَقَطَ مِنْ بَعْضِ الطَّبعاتِ بيْتٌ وزِيـدَ في بَعْضِها بَيْتٌ لَيْسَ منهُ ، يُشَارُ إِلَيْه في التَّعليقِ علَى النَّظْمِ إِنْ شَاءَ اللهُ .
وإلَى لِقَاء معَ الدُّفْعةِ الثَّانية إِنْ شَاءَ اللهُ تعالَى .