بسم الله الرحمن الرحيم
التعريف بكتاب "العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
ـ عنوان الكتاب:
عرفت هذه الرسالة بـ"العقيدة الواسطية"، نسبة للسائل وهو رضي الدين الدين الواسطي ـ كما سيأتي ـ.
تنبيه مهم: قال الشيخ المحقق محب الدين الخطيب ـ رحمه الله ـ: "وشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ قلما كان يسمي مؤلفاته؛ وإنما كان يؤلفها بسرعة عجيبة، معتمدا على ذاكرته التي لا نظير لها قي حفظ النصوص من متون السنة ومصادرها وأقوال الأئمة وأحداث التاريخ، ثم يتلقف العلماء من تلاميذه وغيرهم تلك المؤلفات، وتنتشر حالا في الأقطار الإسلامية، فيسميها الناس بأي اسم يدل على موضوعها، وقد تتعدد أسماء الكتاب الواحد من مؤلفاته لهذا السبب"([1]).
2 ـ سبب تأليف الكتاب:
وعن سبب كتابته لها يقول ـ رحمه الله ـ: "كان سبب كتابتها أنه قدم عليّ من أرض وَاسِط([2])بعضُ قُضاة نواحيها، شيخٌ يقال له: رَضِيّ الدّين الواسطي، من أصحاب الشافعي، قدم علينا حاجًّا، وكان من أهل الخير والدّين، وشكا ما الناس فيه بتلك البلاد، وفي دولة التَّتَر مِن غلبة الجهل والظلم، ودروس الدّين والعلم، وسألني أن أكتب له عقيدة، تكون عمدة له ولأهل بيته، فاستعفيت من ذلك، وقلت: قد كتب النّاس عقائد متعددة؛ فخذ بعض عقائد أئمة السّنّة. فألحَّ في السؤال، وقال: ما أحبّ إلا عقيدة تكتبها أنت؛ فكتبت له هذه العقيدة، وأنا قاعد بعد العصر، وقد انتشرت بها نسخ كثيرة في مصر، والعراق، وغيرهما"([3]).
3 ـ موضوع الكتاب:
من أهم الكتب التي بينت بوضوح عقيدة أهل السنة والجماعة: "العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، وهي رسالة على وجازتها واختصارها قد اعتنى بها العلماء؛ لأنها اشتملت على أصول عقائد أهل السنة والجماعة بخلاصة وافية.
ويمكن حصرها فيما يلي:
أولا: العقيدة العامة في الله ـ عز وجل ـ، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
ثانيا: مسائل الإمامة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والكلام في ما يتصل بذلك من الكلام في الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
ثالثا: الكلام في أخلاق أهل السنة والجماعة.
فهذه هي الأمور الثلاثة التي أَصَّلَ فيها شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في هذه الرسالة العظيمة.
وأحسن شرح لهذه العقيدة ما نثره شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في كتبه وفصَّله وبيَّنه من أصول هذا الاعتقاد، وكذلك ما ذكره تلميذه العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ([4]).
4 ـ أهمية الكتاب:
من مزايا هذه الرسالة:
ـ أنه ـ رحمه الله ـ قد فهم ما قاله الأئمة قبله، فصاغه بصياغةٍ تجمع أقوالهم بأدلتها وبيان معانيها.
ـ أنه ـ رحمه الله ـ قد بلغ في فهم نصوص الكتاب والسنة المبلغ والدرجة التي شهد له بها أهل عصره ومن تلاهم، واطلع على كلام الصحابة، وكلام التابعين، ومن تبعهم في تفسير معاني نصوص الكتاب والسنة، ولهذا كلام شيخ الإسلام في بيان معاني الكتاب والسنة يعدّ أحسن كلامٍ للعلماء المتأخرين.
ـ أنه ـ رحمه الله ـ استحضر حين كتابتها أقوال أهل البدع والمخالفين وحججهم، ومعلومٌ أن من كان على هذه الدرجة العظيمة من الاستحضار أن كلامه يكون منبئًا عن ما يكون فصلاً في هذه المسائل.
ـ أنه ـ رحمه الله ـ أوضح فيها كثيرًا من المجملات التي ربما كانت في كلام السلف، فقد تجد في كلام المتقدمين من أهل القرون المفضلة كلاماً في الاعتقاد ربما أُجْمِلَ في مواضع وَفُصِّلَ في مواضع، فشيخ الإسلام يستحضر هذا وذاك، ويذكر الكلام المجمل والمفصَّل كُلٌّ في مكانه ويوضّح ذلك.
فمن فهم كلام شيخ الإسلام في كتبه، ثم رجع إلى كتب السلف فإنّه يفهمها فهمًا مصيبًا إن شاء الله، وأما من ترك التفقه في كتب شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ فربما زلَّ في فهمه لبعض كلام السلف وكلام الأئمة، لأن بعضهم ربما وقع في كلامه إجمال، أو رعاية لحال السائل، أو نحو ذلك من الأسباب التي لا يمكن التفصيل.
5 ـ شروح الكتاب:
لأهمية هذه الرسالة فقد اعتنى بها الكثير من أهل العلم قديما وحديثا، وأذكر بعضا منها:
1- "التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة" للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ) رحمه الله تعالى، وعليها منتخبات من تقارير سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى، طبعت باعتناء وتخريج الشيخ علي الحلبي سنة (1409هـ) نشر دار ابن القيم للنشر والتوزيع بالدمام.
2- "المنحة الإلهية في شرح العقيدة الواسطية" للشيخ عبد الرحمن بن مصطفى الغرابي، طبع في مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر سنة (1383هـ).
3- "الأجوبة المفيدة على أسئلة العقيدة" للشيخ عبد الرحمن بن حمد الجطيلي (ت: 1406هـ) رحمه الله تعالى، وهو شرح على طريقة السؤال والجواب تحلّ بعض الألفاظ والمعاني وتقرّبها لأذهان الناشئين من طبلة العلم.
4- "التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية" للشيخ العلامة عبد العزيز بن ناصر الرشيد (ت: 1408هـ) رحمه الله تعالى، كتبه بناء على طلب بعض طلبة المعهد العلمي، وغالب استمداده من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمهما الله تعالى، وهو من أفضل الشروح، وقد طبع في مصر والرياض.
5- "الثمار الشهية في شرح الواسطية" للعلامة الشيخ محمد خليل هراس (ت: 1415هـ) رحمه الله تعالى، راجعه الأستاذ الكبير الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله تعالى، وهو شرح مختصر واضح، طبع في مطبعة الإمام بمصر دون تاريخ، كما نشرته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كما طبع بتصحيح وتعليق فضيلة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري رحمه الله تعالى، طبعته ونشرته الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عدة مرات، كما طبع باعتناء وتخريج الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف ويليه ملحق الواسطية بقلمه، وقد تضمن أهم مسائل العقيدة التي لم يتطرق لها شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية، وكذلك شارحها الشيخ محمد خليل هراس، وهذه الطبعة تتميز بإضافة تعليقات الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عليها.
6- "الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية" للشيخ زيد بن عبد العزيز بن فياض (ت: 1416هـ) رحمه الله تعالى، وهو شرح مطول، وهو أول شرح طبع لهذه العقيدة سنة (1377هـ) في الرياض.
7- تعليقات للشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع، طبعت عدة مرات منها سنة (1415هـ) باعتناء أشرف بن عبد المقصود، وضمّنها تعليقات لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله.
8- "شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية" للشيخ العلامة محمد الصالح العثيمين رحمه الله، خرّج أحاديثه واعتنى به الشيخ سعد بن فواز الصميل، نشر دار ابن الجوزي بالدمام سنة (1415هـ)، وهذه الطبعة راجعها المؤلف رحمه الله، وهي المعتمدة.
9- "مذكرة على العقيدة الواسطية" للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (ت: 1421هـ)، وهو عبارة عن مذكرة للمهم من مقرر السنة الثانية الثانوية في المعاهد العلمية في التوحيد، نشرتها دار الوطن للنشر في الرياض سنة (1412هـ).
10- "الكواشف الجلية عن معاني الواسطية" للشيخ عبد العزيز المحمد السلمان حفظه الله، وهو شرح مطول حول فيه الأسئلة والأجوبة الأصولية السابقة إلى شرح بناء على طلب أحد الإخوان، وقد طبع عدة مرات.
11- "الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية" للشيخ عبد العزيز المحمد السلمان حفظه الله، وضعه للطلاب لما كان يُدرّس في معهد إمام الدعوة بالرياض، طبع عدة مرات.
12- "مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية" للشيخ عبد العزيز المحمد السلمان حفظه الله، اختصر فيه الكتاب السابق بناء على طلب بعض الإخوان، طبع عدة مرات.
13- "الأسئلة النجدية على العقيدة الواسطية" للشيخ محمد بن علي بن سليمان الروق، اعتنى به سليمان بن عجلان بن إبراهيم العجلان، نشر دار ابن خزيمة بالرياض سنة (1420هـ).
14- "شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية" لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله، وهو شرح متوسط جمعه مؤلفه من بعض الشروح السابقة وغيرها، طبع عدة مرات.
15- "التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية" للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله، اعتنى به وأشرف عليه علي بن حسين أبو لوز، نشر دار الوطن للنشر بالرياض الطبعة الأولى سنة (1419هـ) في مجلدين.
16- "التعليقات المفيدة على العقيدة الواسطية" تعليق وتخريج عبد الله بن عبد الرحمن علي الشريف، نشرته دار طيبة في الرياض الطبعة الأولى سنة (1404هـ).
6 ـ نظم الكتاب:
نظمها الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عدوان أحد علماء الوشم (ت: 1179هـ) رحمه الله تعالى، على رَوِيِّ وقَافِيَةِ نظمِ ابنِ عَبد القَوِيّ، وهي في الأسماء والصفات على نهج السلف الصالح، وهو نظم حسن عذب، من بحر الطويل، إلاّ أنّ الناظم ممن شَرِق بالدعوة الإصلاحية التي قام بها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، ولولا ذلك لاشتهر نظمه المذكور، عفا الله عنا وعنه.
كتبه أبو عبد الله حسن بن داود بوقليل ـ عفا الله عنه ـ.
-----------------------------
([1]) انظر تحقيقه لـ"المنتقى" للإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ (ص 19).
([2]) مدينة واسط: بلدة أنشأها الحجاج بن يوسف الثقفي سنة أربع وثلاثين، عامل الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، في موضع جنوبي العراق، يتوسط بين الكوفة والبصرة، وسميت واسطا لتوسطها. "تاريخ واسط" لبحشل (ص 22).
([3]) "المجموع": (3/ 164).
([4]) جمع بعضها الدكتور خالد بن عبد الله المصلح، وطبع آخر مرة باعتناء الدكتور سعد بن فواز الصميل في مجلدين، نشر دار ابن الجوزي.