د العقائد الإسلامية من الآيات
القرآنية والأحاديث النبوية
اِفْتِـتِاحٌ
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٍ وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ
قَوَاعِدُ الإِسْلاَمِ
-بَيَانُ قَوَاعِدِ الإِسْلاَمِ الخَمْسِ مِنَ الآيَاتِ القُرْآنِيَةِ وَالأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ-
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ"
الكَلاَمُ عَلىَ القَاعِدَةِ الأُولىَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:
أَوَّلاً: لاَ نَجَاةَ لِأَحَدٍ عِنْدَ اللهِ تَعَالىَ إِلاَّ بِالدُّخُولِ فِي الإِسْلاَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالىَ: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾آية 85 من سورة آل عمران،ولقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾جزء من آية 132 من سورة البقرة،
ثَانِيًا: الإِسْلاَمُ هُوَ دِينُ اللهِ الذِي أَرْسَلَ بِهِ جَمِيعَ رُسُلِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾ ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالىَ: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ آية 67 من سورة آل عمران) ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالىَ: ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ﴾ (- جزء من آية 44 من سورة المائدة) وَلِقَوْلِهِ تَعَالىَ: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ( آية 111-112 من سورة البقرة).
ثَالِثًا: وَمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هُوَ الإِسْلاَمُ الَّذِي لاَنَجَاةَ لِأَحَدٍ إِلاَّ بِالدُّخُولِ فِيهِلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾آية 20 من سورة آل عمران
رَابِعًا: لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ الإِسْلاَمَ إِلاَّ بِالِإيمَانِ بِالنَّبِيِّ صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ﴾آية 170 من سورة لبقرة، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيـِّي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾آية 158 من سورة الأعرف
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَ لاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ"رَوَاهُ مُسْلِمٌعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
خَامِسًا: الدُّخُولُ فِي الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ بِشَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِلِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍلَمَّا بَعَثَهُ لِلْيَمَنِ «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلىَ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ وَأَنِّي رَسُولُ الله، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خمَْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِياَّكَ وَكَرَائِمَأََمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ
سَادِسًا: أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى المُكَلَّفِ مِنْ مُسْلِمٍ بَلَغَ، أَوْ كَافِرٍ يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي الإِسْلاَمِ: أَنْ يَعْلَمَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، لِحَدِيثِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ المُتَقَدِّمِ، وَلِحَدِيثِ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ
«لََمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍوَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَمِّ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ؟! فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدَانِ عَلَيْهتِلْكَ المَقَالَةَ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ
سَابِعًا: لاَ يَكْفِي النُّطْقُ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ إِذَا كَانَ النَّاطِقُ بِهِمَا لاَ يَفْهَمُ أَصْلَ مَعْنَاهُمَالِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَيُؤْمِنُوا بِي، وَبِمَا جِئْتُ بِهِ
ثَامِنًا: وَيَكْفِي لِلدُّخُولِ فِي الإِسْلاَمِ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنَاهُمَا، لِحَدِيثِ بَنِي جَذِيمَةَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِإِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَقُلْتُِوَاللهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلاَ يَقْتُلُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ لَهُ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌمَرَّتَيْنِ»رَوَاهُ البُخَارِيُّ
تاسِعًا: وَلاَ يَكْفِي النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَفَهْمُ مَعْنَاهُمَا إِلاَّ مَعَ التَّصْدِيقِ التَّامِّ وَالاِعْتِقَادِ الجَازِمِ بِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ﴾جزء آية 19 من سورةمحمّد.، وَلِقَوْلِه تَعَالَى: ﴿إِذَا جَاءكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ واللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾الآية: 1 من «سورة المنافقون».
عَاشِرًا: مَنْ حَصَلَ لَهُ اليَقِينُ بِإِخْبَارِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَفَاهُ ذَلِكَ اليَقِينُ لِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ أَنَسُرَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَل فَأَنَاخَهُ فِي المَسْجِدِ، ثمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ فَقُلْنَا : هَذَا الرَّجُلُ الأَبْيَضُ المُتَّكِىءُ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: ابْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَبْتُكَ». فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي المَسْأَلَةِ، فَلاَ تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ. فَقَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ، فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ تَعَالَى، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ تَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍرَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا
الحَادِي عَشَرَ: يَجِبُ عَلَى المُؤْمِنِ مَعَ تَصْدِيقِهِ وَجَزْمِهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي آيَاتِ اللهِ، وَيَسْتَعْمِلَ عَقْلَهُ لِلْفَهْمِ، كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الوَاجِبَاتِ فِي الإِسْلاَمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَـٰوَاتِ وَالأَرْضِ﴾، ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾جزء من آية 101 من سورة «يونس».، ﴿فَلْينَظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾آية 5 من سورة «الطارق».، ﴿أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ؟ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ؟ وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ؟ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ؟﴾آية 17، 18، 19، 20 من سورة «الغاشية».
الثَّانِي عَشَرَ: النَّظَرُ الوَاجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ هُوَ: النَّظَرُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا القُرْآنُ، كَمَا فِي الآيَاتِ المُتَقَدِّمَةِلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾جزء من آية 6 من سورة التوبة.
الثَالِثُ عَشَرَ:مَنْ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى إِزَالَتِهَا بِالنَّظَرِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِسُؤَالِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ،﴾جزء من آية 23 من سورة البقرة وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ﴾جزء من آية 94 من سورة يونس.، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾جزء من آية 43 من سورة النحل، وآية 7 من سورة الأنبياء
الرَّابِعَ عَشَرَ: مَنْ وَرَدَتْ عَلَى قَلْبِه خَطَرَاتٌ، مِنْ دُوْنِ شُبْهَةٍ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِمَّا يَنـزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾آية 36 من سورة فصلت، وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ»، وَمِنْ طَرِيقٍ آخَرَ: «فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ»
بيـانُ معنى الإسلام
السَّادِس عَشَرَ: الإِسْلاَمُ الَّذِي سُمِّيَ بِهِ الدِّينُ مَعْنَاهُ الاِنْقِيَادُ للهِ تَعَالَى ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالإِخْلاَصُ لَهُ فِيهِمَالِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾آية 125 من سورة النساء، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾آية 112 من سورة البقرة، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾جزء من آية 20 من سورة آل عمران
السَّابِع عَشَرَ:الدِّينُ كُلُّهُ اِنْقِيَادٌ للهِ وَإِخْلاَصٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ إِسْلاَمًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾آية 5 من سورة البينة
الثَّامِن عَشَرَ:وَيِجِيءُ الإِسْلاَمُ فِي لِسَانِ الشَّرْعِأَيْضًا بِمَعْنَى الأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ الدَّالَّةِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ عَلَى الانْقِيَادِ وَالإِذْعَانِ المَبْنِيَّةِ عَلَى التَّصْدِيقِ التَّامِّ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ سُؤَالِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ: «يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرِنِي عَنِ الإِسْلاَمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً، قَالَ جِبْرِيلُ: صَدَقْتَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
التَّاسِع عَشَرَ: وَيَجِيءُ الإِسْلاَمُ بِمَعْنَى الاسْتِسْلاَمِ فِي الظَّاهِرِ دُونَ إِيمَانٍ فِي القَلْبِ، وَهَذَا لاَ يَنْفَعُ صَاحِبَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾جزء من آية 14 من سورة الحجرات.، وَلِحَدِيثِ سَعْدٍ«أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا-وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ- قَالَ: فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَالَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَوْ مُسْلِمًا؟ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَالَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَوْ مُسْلِمًا؟ فَسَكَتُّ قليلاً ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَالَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَوْ مُسْلِمًا؟ إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ
تعليق