قال شيخ الإسلام الإمام المجدّد محمد بن عبد الوهّاب التميمي رحمه الله :
[ باب ما جاء في الرياء ]
و قول الله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَ لَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }
و عن أبي هريرة مرفوعا : قال الله تعالى : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته و شركه " [ رواه مسلم ]
و عن أبي سعيد مرفوعا : " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟
قالوا : بلى يا رسول الله
قال: الشّرك الخفي : يقوم الرّجل فيصلّي فيزين صلاته ، لما يرى من نظر رجل " [ رواه أحمد ]
فيه مسائل : الأولى : تفسير آية الكهف
الثانية : الأمر العظيم في رد العمل الصالح إذا دخله شيء لغير الله
الثالثة : ذكر السبب الموجب لذلك و هو كمال الغنى
الرابعة : أن من الأسباب أنه خير الشركاء
الخامسة : خوف النبي صلى الله عليه و سلم على أصحابه من الرّياء
السادسة : أنه فسر ذلك بأن المرء يصلي لله ، لكن يزينها لما يرى من نظر رجل إليه
[ باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا ]
و قول الله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَ هُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَ بَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
و في الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة ، إن أعطي رضي ، و إن لم يعط سخط ، تعس و انتكس ، و إذا شيك فلا انتقش ، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعث رأسه ، مغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، و إن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، و إن شفع لم يشفّع "
فيه مسائل : الأولى : إرادة الإنسان الدنيا بعمل الآخرة
الثانية : تفسير آية هود
الثالثة : تسمية الإنسان المسلم عبد الدينار و الدرهم و الخميصة
الرابعة : تفسير ذلك بأنه إن أعطي رضي و إن لم يعط سخط
الخامسة : قوله : " تعس و انتكس "
السّادسة : قوله : " و إذا شيك فلا انتقش "
السّابعة : الثناء على المجاهد الموصوف بتلك الصّفات
الشّرح :
قال الشيخ الإمام عبد الرحمن بن ناصر السّعدي رحمه الله :
" باب ما جاء في الرياء ، ثم قال باب من الشّرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا :
اعلم أن الإخلاص لله أساس الدين ، و روح التوحيد و العبادة ، و هو أن يقصد العبد بعمله كله وجه الله و ثوابه و فضله ، فيقوم بأصول الإيمان الستة و شرائع الإسلام الخمس ، و حقائق الإيمان التي هي الإحسان ، و بحقوق الله ، و حقوق عباده ، مكمّلًا لها قاصدًا بها وجه الله و الدّار الآخرة ، لا يُريد بذلك رياءً و لا سُمعةً و لا رِياسَةً و لا دُنيا، و بذلك يتمّ إيمانه و توحيده
و من أعظم ما ينافي هذا مراءاة النّاس و العمل لأجل مدحهم و تعظيمهم ، أو العمل لأجل الدنيا ، فهذا يقدح في الإخلاص و التّوحيد ،
و اعلم أن الرّياء فيه تفصيل :
- فإن كان الحامل للعبد على العمل قصد مراءاة الناس ، و استمر على هذا القصد الفاسد ، فعمله حابط و هو شرك أصغر ، و يخشى أن يتذرع به إلى الشّرك الأكبر ،
- و إن كان الحامل للعبد على العمل إرادة وجه الله مع إرادة مراءاة الناس ، و لم يقلع عن الرياء بعمله ، فظاهر النصوص أيضا بطلان هذا العمل ،
- و إن كان الحامل للعبد على العمل وجه الله وحده ، و لكن عرض له الرياء في أثناء عمله ، فإن دفعه و خلص إخلاصه لله لم يضره ، و إن ساكنه و اطمأن إليه نقص العمل ، و حصل لصاحبه من ضعف الإيمان و الإخلاص بحسب ما قام في قلبه من الرّياء ، و تقاوم العمل لله و ما خالطه من شائبة الرياء .
و الرّياء آفة عظيمة ، و يحتاج إلى علاج شديد ، و تمرين النّفس على الإخلاص ، و مجاهدتها في مدافعة خواطر الرّياء و الأغراض الضّارّة ، و الإستعانة بالله على دفعها لعلّ الله يخلص إيمان العبد و يحقّق توحيده .
و أمّا العمل لأجل الدنيا و تحصيل أغراضها :
- فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا القصد ، و لم يكن له إرادة لوجه الله و الدار الآخرة ، فهذا ليس له في الآخرة من نصيب ، و هذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن ، فإنّ المؤمن و لو كان ضعيف الإيمان ، لا بُدّ أن يريد الله و الدّار الآخرة ،
- و أما من عمل العمل لوجه الله و لأجل الدّنيا ، و القصدان متساويان أو متقاربان فهذا و إن كان مؤمنا فإنه ناقص الإيمان و التوحيد و الإخلاص ، و عمله ناقص لفقده كمال الإخلاص ،
- و أما من عمل لله وحده و أخلص في عمله إخلاصا تاما و لكنه يأخذ على عمله جعلا و معلوما يستعين به على العمل و الدين ، كالجعالات التي تُجعل على أعمال الخبر، و كالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق ، و كالأوقاف التي تُجعل على المساجد و المدارس و الوظائف الدّينية لمن يقوم بها ، فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد و توحيده لكونه لم يرد بعمله الدنيا ، و إنما أراد الدين و قصد أن يكون ما حصل له معينًا له على قيام الدين ،
و لهذا جعل الله في الأموال الشرعيّة كالزّكوات و أموال الفيء و غيرها جزءًا كبيرًا لمن يقوم بالوظائف الدّينية و الدّنيوية النّافعة ، كما قد عرف تفاصيل ذلك ،
فهذا التّفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن و يوجب لك أن تنزّل الأمور منازلها و الله أعلم "
[ القول السديد شرح كتاب التّوحيد للإمام السّعدي رحمه الله تعالى ]
[ باب ما جاء في الرياء ]
و قول الله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَ لَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }
و عن أبي هريرة مرفوعا : قال الله تعالى : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته و شركه " [ رواه مسلم ]
و عن أبي سعيد مرفوعا : " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟
قالوا : بلى يا رسول الله
قال: الشّرك الخفي : يقوم الرّجل فيصلّي فيزين صلاته ، لما يرى من نظر رجل " [ رواه أحمد ]
فيه مسائل : الأولى : تفسير آية الكهف
الثانية : الأمر العظيم في رد العمل الصالح إذا دخله شيء لغير الله
الثالثة : ذكر السبب الموجب لذلك و هو كمال الغنى
الرابعة : أن من الأسباب أنه خير الشركاء
الخامسة : خوف النبي صلى الله عليه و سلم على أصحابه من الرّياء
السادسة : أنه فسر ذلك بأن المرء يصلي لله ، لكن يزينها لما يرى من نظر رجل إليه
[ باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا ]
و قول الله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَ هُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَ حَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَ بَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
و في الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة ، إن أعطي رضي ، و إن لم يعط سخط ، تعس و انتكس ، و إذا شيك فلا انتقش ، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعث رأسه ، مغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، و إن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، و إن شفع لم يشفّع "
فيه مسائل : الأولى : إرادة الإنسان الدنيا بعمل الآخرة
الثانية : تفسير آية هود
الثالثة : تسمية الإنسان المسلم عبد الدينار و الدرهم و الخميصة
الرابعة : تفسير ذلك بأنه إن أعطي رضي و إن لم يعط سخط
الخامسة : قوله : " تعس و انتكس "
السّادسة : قوله : " و إذا شيك فلا انتقش "
السّابعة : الثناء على المجاهد الموصوف بتلك الصّفات
الشّرح :
قال الشيخ الإمام عبد الرحمن بن ناصر السّعدي رحمه الله :
" باب ما جاء في الرياء ، ثم قال باب من الشّرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا :
اعلم أن الإخلاص لله أساس الدين ، و روح التوحيد و العبادة ، و هو أن يقصد العبد بعمله كله وجه الله و ثوابه و فضله ، فيقوم بأصول الإيمان الستة و شرائع الإسلام الخمس ، و حقائق الإيمان التي هي الإحسان ، و بحقوق الله ، و حقوق عباده ، مكمّلًا لها قاصدًا بها وجه الله و الدّار الآخرة ، لا يُريد بذلك رياءً و لا سُمعةً و لا رِياسَةً و لا دُنيا، و بذلك يتمّ إيمانه و توحيده
و من أعظم ما ينافي هذا مراءاة النّاس و العمل لأجل مدحهم و تعظيمهم ، أو العمل لأجل الدنيا ، فهذا يقدح في الإخلاص و التّوحيد ،
و اعلم أن الرّياء فيه تفصيل :
- فإن كان الحامل للعبد على العمل قصد مراءاة الناس ، و استمر على هذا القصد الفاسد ، فعمله حابط و هو شرك أصغر ، و يخشى أن يتذرع به إلى الشّرك الأكبر ،
- و إن كان الحامل للعبد على العمل إرادة وجه الله مع إرادة مراءاة الناس ، و لم يقلع عن الرياء بعمله ، فظاهر النصوص أيضا بطلان هذا العمل ،
- و إن كان الحامل للعبد على العمل وجه الله وحده ، و لكن عرض له الرياء في أثناء عمله ، فإن دفعه و خلص إخلاصه لله لم يضره ، و إن ساكنه و اطمأن إليه نقص العمل ، و حصل لصاحبه من ضعف الإيمان و الإخلاص بحسب ما قام في قلبه من الرّياء ، و تقاوم العمل لله و ما خالطه من شائبة الرياء .
و الرّياء آفة عظيمة ، و يحتاج إلى علاج شديد ، و تمرين النّفس على الإخلاص ، و مجاهدتها في مدافعة خواطر الرّياء و الأغراض الضّارّة ، و الإستعانة بالله على دفعها لعلّ الله يخلص إيمان العبد و يحقّق توحيده .
و أمّا العمل لأجل الدنيا و تحصيل أغراضها :
- فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا القصد ، و لم يكن له إرادة لوجه الله و الدار الآخرة ، فهذا ليس له في الآخرة من نصيب ، و هذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن ، فإنّ المؤمن و لو كان ضعيف الإيمان ، لا بُدّ أن يريد الله و الدّار الآخرة ،
- و أما من عمل العمل لوجه الله و لأجل الدّنيا ، و القصدان متساويان أو متقاربان فهذا و إن كان مؤمنا فإنه ناقص الإيمان و التوحيد و الإخلاص ، و عمله ناقص لفقده كمال الإخلاص ،
- و أما من عمل لله وحده و أخلص في عمله إخلاصا تاما و لكنه يأخذ على عمله جعلا و معلوما يستعين به على العمل و الدين ، كالجعالات التي تُجعل على أعمال الخبر، و كالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق ، و كالأوقاف التي تُجعل على المساجد و المدارس و الوظائف الدّينية لمن يقوم بها ، فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد و توحيده لكونه لم يرد بعمله الدنيا ، و إنما أراد الدين و قصد أن يكون ما حصل له معينًا له على قيام الدين ،
و لهذا جعل الله في الأموال الشرعيّة كالزّكوات و أموال الفيء و غيرها جزءًا كبيرًا لمن يقوم بالوظائف الدّينية و الدّنيوية النّافعة ، كما قد عرف تفاصيل ذلك ،
فهذا التّفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن و يوجب لك أن تنزّل الأمور منازلها و الله أعلم "
[ القول السديد شرح كتاب التّوحيد للإمام السّعدي رحمه الله تعالى ]