السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حاشية كتاب التوحيد
ص -1-
تأليف: شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب قدس الله روحه
بقلم الفقير إلى ربه: عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي رحمه الله تعالى 1312 - 1392 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة مؤلف المتن: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
هو الإمام العلامة الرباني، محيي السنة مجدد الدعوة، وحيد الزمان، بقية أكابر السلف، أبو علي شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة الحنظلي التميمي. ولد سنة 1115 هـ. في بلدة العيينة من أرض نجد، وقرأ القرآن قبل بلوغه العشر.
وكان حاد الفهم سريع الإدراك، يتعجب أهله من فطنته وذكائه، أخذ عن والده وغيره، ثم رحل للتزود من طلب العلم، فأتى البصرة والحجاز مرارا والأحساء وغيرها، وتضلع عن علماء تلك الأقطار، ومنهم: محمد حياة السندي المدني، والشيخ إسماعيل العجلوني، وعلي أفندي الداغستاني، والشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني، وغيرهم وأجازوه، وتنور وظهر له ما كان الناس عليه من الجهل بالتوحيد، وما وقعوا فيه من عبادة غير الله، وحج ووقف بالملتزم، وسأل الله أن يظهر هذا الدين بعد أن عفا بدعوته، وأن يرزقه القبول من الناس.
وقصد المدينة المنورة وحضر عند علمائها، وارتحل يريد الشام، وحصل له عائق لما اقتضته الحكمة الإلهية من ظهور هذا الدين في البلاد النجدية، فرجع إليها وقدم على والده في بلدة حريملاء، ودعا إلى السنة المحمدية، ثم ارتحل إلى العيينة، وأزال ما في الجبيلة وتلك الجهات من القباب والمساجد المبنية على قبور الصحابة وغيرها، ثم قدم الدرعية، وتلقاه الإمام محمد بن سعود وبادره بالقبول، فشمر في الدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة
ص -1-
تأليف: شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب قدس الله روحه
بقلم الفقير إلى ربه: عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي رحمه الله تعالى 1312 - 1392 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة مؤلف المتن: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
هو الإمام العلامة الرباني، محيي السنة مجدد الدعوة، وحيد الزمان، بقية أكابر السلف، أبو علي شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة الحنظلي التميمي. ولد سنة 1115 هـ. في بلدة العيينة من أرض نجد، وقرأ القرآن قبل بلوغه العشر.
وكان حاد الفهم سريع الإدراك، يتعجب أهله من فطنته وذكائه، أخذ عن والده وغيره، ثم رحل للتزود من طلب العلم، فأتى البصرة والحجاز مرارا والأحساء وغيرها، وتضلع عن علماء تلك الأقطار، ومنهم: محمد حياة السندي المدني، والشيخ إسماعيل العجلوني، وعلي أفندي الداغستاني، والشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني، وغيرهم وأجازوه، وتنور وظهر له ما كان الناس عليه من الجهل بالتوحيد، وما وقعوا فيه من عبادة غير الله، وحج ووقف بالملتزم، وسأل الله أن يظهر هذا الدين بعد أن عفا بدعوته، وأن يرزقه القبول من الناس.
وقصد المدينة المنورة وحضر عند علمائها، وارتحل يريد الشام، وحصل له عائق لما اقتضته الحكمة الإلهية من ظهور هذا الدين في البلاد النجدية، فرجع إليها وقدم على والده في بلدة حريملاء، ودعا إلى السنة المحمدية، ثم ارتحل إلى العيينة، وأزال ما في الجبيلة وتلك الجهات من القباب والمساجد المبنية على قبور الصحابة وغيرها، ثم قدم الدرعية، وتلقاه الإمام محمد بن سعود وبادره بالقبول، فشمر في الدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة
ص -2- وسائر شرائع الإسلام، والنهي عن الشرك بالله وسائر المحرمات، وأقام الله به علم الجهاد، وأدحض به شبه أهل الشرك والعناد، وجد الإمام في نصرته، وألبّ عليهم رؤساء العربان والبلدان، واستصرخوا عليهم بأهل نجران وأهل الحجاز وغيرهم فثبتهم الله ونصرهم على قلة منهم، وانتشر التوحيد، وعمرت به نجد بعد خرابها، واجتمعت بعد افتراقها، وكان لهم الغلبة والظهور.
وبالجملة فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، افتخرت به نجد على سائر الأمصار، وزها عصره على سائر الأعصار، وشهد له أهل عصره ومن بعدهم بالعلم وتجديد الدين، وتواتر الثناء عليه عن فضلائهم وأكابرهم.
قال العلامة الشيخ محمد بن علي الشوكاني قاضي صنعاء:
لقد أشرقت نجد بنور ضيائهوقام مقامات الهدى بالدلائل
فما هو إلا قائم في زمانهمقام نبي في إماتة باطل
وقال الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني:
وقد جاءت الأخبار عنه بأنهيعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي
وينشر جهرا ما طوى كل جاهلومبتدع منه فوافق ما عندي
ويعمر أركان الشريعة هادمامشاهد ضل الناس فيها عن الرشد
وقال الشيخ ملا عمران نزيل لنجة:
فأتاهم الشيخ المشار إليه بالنصح المبين وبالكلام الجيد
يدعوهمو لله أن لا يعبدواإلا المهيمن ذا الجلال السرمدي
لا يشركوا ملكا ولا من مرسلكلا ولا من صالح أو سيد
وقال عالم الأحساء الشيخ حسين بن غنام:
لقد رفع المولى به رتبة الهدىبوقت به يعلى الضلال ويرفع
سقاه نمير الفهم مولاه فارتوى وعام بتيار المعارف يقطع
وبالجملة فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، افتخرت به نجد على سائر الأمصار، وزها عصره على سائر الأعصار، وشهد له أهل عصره ومن بعدهم بالعلم وتجديد الدين، وتواتر الثناء عليه عن فضلائهم وأكابرهم.
قال العلامة الشيخ محمد بن علي الشوكاني قاضي صنعاء:
لقد أشرقت نجد بنور ضيائهوقام مقامات الهدى بالدلائل
فما هو إلا قائم في زمانهمقام نبي في إماتة باطل
وقال الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني:
وقد جاءت الأخبار عنه بأنهيعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي
وينشر جهرا ما طوى كل جاهلومبتدع منه فوافق ما عندي
ويعمر أركان الشريعة هادمامشاهد ضل الناس فيها عن الرشد
وقال الشيخ ملا عمران نزيل لنجة:
فأتاهم الشيخ المشار إليه بالنصح المبين وبالكلام الجيد
يدعوهمو لله أن لا يعبدواإلا المهيمن ذا الجلال السرمدي
لا يشركوا ملكا ولا من مرسلكلا ولا من صالح أو سيد
وقال عالم الأحساء الشيخ حسين بن غنام:
لقد رفع المولى به رتبة الهدىبوقت به يعلى الضلال ويرفع
سقاه نمير الفهم مولاه فارتوى وعام بتيار المعارف يقطع
ص -3- فأحيا به التوحيد بعد اندراسه وأوهى به من مطلع الشرك مهيع
سما ذروة المجد التي ما ارتقى لها سواه ولا حاذى فناها سميدع
وشمر في منهاج سنة أحمد يشيد ويحمي ما تعفى ويرفع
وقال الشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي: (( ولما امتلأ وطابه من الآثار وعلم السنة، وبرع في مذهب أحمد أخذ ينصر الحق ويحارب البدع، ويقاوم ما أدخله الجاهلون في هذا الدين الحنيفي والشريعة السمحاء، ولم يزل مثابرا على الدعوة حتى توفاه الله )).
وقال في الفكر السامي: (( أصبح ابن عبد الوهاب ذا شهرة طبقت العالم الإسلامي وغيره، معدودا من الزعماء المؤسسين للمذاهب الكبرى )) ا هـ.
بل شهد له الموافق والمخالف أنه المصلح الأكبر، وكان -رحمه الله- مع قيامه بأعباء الدعوة ومجاهدة المشبهين والمبطلين متبتلا في العبادة كثير الإفادة غزير الاستفادة، رحل إليه في طلب العلم من جميع النواحي، ومجالسه مشهورة بالتدريس، معمورة بالفقهاء في جميع فنون العلم.
وصنف مصنفات شهيرة سارت في الآفاق، منها: كتاب كشف الشبهات، وكتاب أصول الإيمان، وفضائل الإسلام، وفضائل القرآن، وكتاب السيرة المختصرة، والسيرة المطولة، وكتاب مجموع الحديث، ومختصر الشرح الكبير والإنصاف، ومختصر الصواعق، وفتح الباري، والهدي، والعقل والنقل، وكتاب الإيمان، وله رسائل ونصائح وأجوبة، وله الاستنباط من كتاب الله ما يقصر عنه الفحول الأفاضل، وهذا الكتاب في التوحيد وما يجب من حق الله على العبيد، الذي لم يعلم له نظير في الوجود.
قال فيه الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله:
قد ألف الشيخ في التوحيد مختصرايكفي أخا اللب إيضاحا وتبيانا
فيه البيان لتوحيد الإله بماقد يفعل العبد للطاعات إيمانا
سما ذروة المجد التي ما ارتقى لها سواه ولا حاذى فناها سميدع
وشمر في منهاج سنة أحمد يشيد ويحمي ما تعفى ويرفع
وقال الشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي: (( ولما امتلأ وطابه من الآثار وعلم السنة، وبرع في مذهب أحمد أخذ ينصر الحق ويحارب البدع، ويقاوم ما أدخله الجاهلون في هذا الدين الحنيفي والشريعة السمحاء، ولم يزل مثابرا على الدعوة حتى توفاه الله )).
وقال في الفكر السامي: (( أصبح ابن عبد الوهاب ذا شهرة طبقت العالم الإسلامي وغيره، معدودا من الزعماء المؤسسين للمذاهب الكبرى )) ا هـ.
بل شهد له الموافق والمخالف أنه المصلح الأكبر، وكان -رحمه الله- مع قيامه بأعباء الدعوة ومجاهدة المشبهين والمبطلين متبتلا في العبادة كثير الإفادة غزير الاستفادة، رحل إليه في طلب العلم من جميع النواحي، ومجالسه مشهورة بالتدريس، معمورة بالفقهاء في جميع فنون العلم.
وصنف مصنفات شهيرة سارت في الآفاق، منها: كتاب كشف الشبهات، وكتاب أصول الإيمان، وفضائل الإسلام، وفضائل القرآن، وكتاب السيرة المختصرة، والسيرة المطولة، وكتاب مجموع الحديث، ومختصر الشرح الكبير والإنصاف، ومختصر الصواعق، وفتح الباري، والهدي، والعقل والنقل، وكتاب الإيمان، وله رسائل ونصائح وأجوبة، وله الاستنباط من كتاب الله ما يقصر عنه الفحول الأفاضل، وهذا الكتاب في التوحيد وما يجب من حق الله على العبيد، الذي لم يعلم له نظير في الوجود.
قال فيه الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله:
قد ألف الشيخ في التوحيد مختصرايكفي أخا اللب إيضاحا وتبيانا
فيه البيان لتوحيد الإله بماقد يفعل العبد للطاعات إيمانا
ص -4- حبا وخوفا وتعظيما له ورجاوخشية منه للرحمن إذعانا
وغير ذلك مما كان يفعلهلله من طاعة سرا وإعلانا
وفيه توحيدنا رب العباد بماقد يفعل الله إحكاما وإتقانا
وفيه توحيدنا الرحمن أن لهصفات مجد وأسماء لمولانا
وفيه تبيان إشراك يناقضهبل ما ينافيه من كفران من خانا
أو كان يقدح في التوحيد من بدعشنعاء أحدثها من كان فتانا
أو المعاصي التي تزري بفاعلهامما ينقص توحيدا وإيمانا
فساق أنواع توحيد الإله كماقد كان يعرفه من كان يقظانا
وساق فيه الذي قد كان ينقصهلتعرف الحق بالأضداد إمعانا
مضمنا كل باب من تراجمهمن النصوص أحاديثا وقرآنا
الشيخ ضمنه ما يطمئن لهقلب الموحد إيضاحا وتبيانا
فاشدد يديك بهذا الأصل معتصمايورثك فيما سواه الله عرفانا
وانظر بقلبك في مبنى تراجمهتلقى هنالك للتحقيق عنوانا
وللمسائل فانظر تلقها حكمايزداد منهن أهل العلم إتقانا
وقل جزى الله شيخ المسلمين كماقد شاد للملة السمحاء أركانا
وقال الشيخ أحمد بن مشرف رحمه الله تعالى:
وألف في التوحيد أوجز نبذةبها قد هدى الرحمن للحق من هدى
نصوصا من القرآن تشفي من العمىوكل حديث للأئمة مسند
ومن استقرأه علم ذلك.
أخذ عنه العلم عدة من العلماء الأجلاء من بنيه وبنيهم، وغيرهم من علماء الدرعية وسائر النواحي. وممن تأهل منهم أبناؤه: الشيخ عبد الله وحسين وعلي. وحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ حمد بن ناصر بن معمر، والشيخ عبد العزيز الحصين .
ص -5- والشيخ سعيد بن حجي، والشيخ محمد بن سويلم، والشيخ محمد بن سلطان وغيرهم ممن ولي القضاء، وممن لم يله الخلق الكثير.
توفي -رحمه الله- وأسكنه الفردوس الأعلى سنة 1206 هـ، وكان يوما مشهودا، وحصل بموته الخطب الجليل والفادح العظيم، ورثاه جماعة من العلماء ذكرنا منها طرفا في مجموع الرسائل. ومن أراد الاطلاع على حقيقة حاله وما منحه الله وما جرى له وعليه، فعليه بروضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب، للشيخ حسين بن غنام رحمهما الله تعالى.
وغير ذلك مما كان يفعلهلله من طاعة سرا وإعلانا
وفيه توحيدنا رب العباد بماقد يفعل الله إحكاما وإتقانا
وفيه توحيدنا الرحمن أن لهصفات مجد وأسماء لمولانا
وفيه تبيان إشراك يناقضهبل ما ينافيه من كفران من خانا
أو كان يقدح في التوحيد من بدعشنعاء أحدثها من كان فتانا
أو المعاصي التي تزري بفاعلهامما ينقص توحيدا وإيمانا
فساق أنواع توحيد الإله كماقد كان يعرفه من كان يقظانا
وساق فيه الذي قد كان ينقصهلتعرف الحق بالأضداد إمعانا
مضمنا كل باب من تراجمهمن النصوص أحاديثا وقرآنا
الشيخ ضمنه ما يطمئن لهقلب الموحد إيضاحا وتبيانا
فاشدد يديك بهذا الأصل معتصمايورثك فيما سواه الله عرفانا
وانظر بقلبك في مبنى تراجمهتلقى هنالك للتحقيق عنوانا
وللمسائل فانظر تلقها حكمايزداد منهن أهل العلم إتقانا
وقل جزى الله شيخ المسلمين كماقد شاد للملة السمحاء أركانا
وقال الشيخ أحمد بن مشرف رحمه الله تعالى:
وألف في التوحيد أوجز نبذةبها قد هدى الرحمن للحق من هدى
نصوصا من القرآن تشفي من العمىوكل حديث للأئمة مسند
ومن استقرأه علم ذلك.
أخذ عنه العلم عدة من العلماء الأجلاء من بنيه وبنيهم، وغيرهم من علماء الدرعية وسائر النواحي. وممن تأهل منهم أبناؤه: الشيخ عبد الله وحسين وعلي. وحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ حمد بن ناصر بن معمر، والشيخ عبد العزيز الحصين .
ص -5- والشيخ سعيد بن حجي، والشيخ محمد بن سويلم، والشيخ محمد بن سلطان وغيرهم ممن ولي القضاء، وممن لم يله الخلق الكثير.
توفي -رحمه الله- وأسكنه الفردوس الأعلى سنة 1206 هـ، وكان يوما مشهودا، وحصل بموته الخطب الجليل والفادح العظيم، ورثاه جماعة من العلماء ذكرنا منها طرفا في مجموع الرسائل. ومن أراد الاطلاع على حقيقة حاله وما منحه الله وما جرى له وعليه، فعليه بروضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب، للشيخ حسين بن غنام رحمهما الله تعالى.
ص -7- بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، قيوم السماوات والأرضين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بتوحيد رب العالمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن (كتاب التوحيد) الذي ألفه شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب، ليس له نظير في الوجود، قد وضح فيه التوحيد الذي أوجبه الله على عباده وخلقهم لأجله، ولأجله أرسل رسله، وأنزل كتبه، وذكر ما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع، وما يقرب من ذلك أو يوصل إليه، فصار بديعا في معناه لم يسبق إليه، علما للموحدين وحجة على الملحدين، واشتهر أي اشتهار، وعكف عليه الطلبة، وصار الغالب يحفظه عن ظهر قلب، وعم النفع به، وتصدى لشرحه والتعليق عليه جماعة من الجهابذة النبلاء، وأول من تصدى لشرحه وأجاد حفيده الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله، ثم هذبه وكمله حفيده أيضا الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وأبرزا فيهما من البيان ما ينبغي أن يرجع إليه، وعلق عليه أيضا الشيخ عبد الرحمن حاشية مفيدة، وعلق عليه تلميذه الشيخ حمد بن عتيق، وتلميذه الشيخ عبد الله أبا بطين وغيرهم، ولشدة الاعتناء بهذا السفر الجليل تطفلت عليه بوضع حاشية مختصرة منتخبة مما أبرزوه وغيره، تسهيلا للطالب، متوخيا فيها ما يلقيه أشياخنا الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف، والشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق، والشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف وغيرهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الحمد لله رب العالمين، قيوم السماوات والأرضين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بتوحيد رب العالمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن (كتاب التوحيد) الذي ألفه شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب، ليس له نظير في الوجود، قد وضح فيه التوحيد الذي أوجبه الله على عباده وخلقهم لأجله، ولأجله أرسل رسله، وأنزل كتبه، وذكر ما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع، وما يقرب من ذلك أو يوصل إليه، فصار بديعا في معناه لم يسبق إليه، علما للموحدين وحجة على الملحدين، واشتهر أي اشتهار، وعكف عليه الطلبة، وصار الغالب يحفظه عن ظهر قلب، وعم النفع به، وتصدى لشرحه والتعليق عليه جماعة من الجهابذة النبلاء، وأول من تصدى لشرحه وأجاد حفيده الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله، ثم هذبه وكمله حفيده أيضا الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وأبرزا فيهما من البيان ما ينبغي أن يرجع إليه، وعلق عليه أيضا الشيخ عبد الرحمن حاشية مفيدة، وعلق عليه تلميذه الشيخ حمد بن عتيق، وتلميذه الشيخ عبد الله أبا بطين وغيرهم، ولشدة الاعتناء بهذا السفر الجليل تطفلت عليه بوضع حاشية مختصرة منتخبة مما أبرزوه وغيره، تسهيلا للطالب، متوخيا فيها ما يلقيه أشياخنا الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف، والشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق، والشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف وغيرهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ص -12- بسم الله الرحمن الرحيم (1)
.................................................. ..................
(1) ابتدأ بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز، وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكاتباته، وعملا بحديث: " كل أمر ذي بال "1 أي حال وشأن يهتم به شرعا " لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع "2 وفي رواية "أبتر" أي ناقص البركة. وهو وإن تم حسا لم يتم معنى وحقيقة; ولم يفتتح المصنف كتابه بخطبة تنبئ عن مقصوده مفتتحة بالحمد والشهادة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم . ولعله حمد وتشهد نطقا عند وضع الكتاب، واقتصر على البسملة؛ لأنها من أبلغ الثناء والذكر، وللخبر، وكان صلى الله عليه وسلم يقتصر عليها في مراسلاته، فكأنه أجراه مجرى الرسائل إلى أهل العلم، لينتفعوا بما فيه تعلما وتعليما. وقال حفيده: (( وقع لي نسخة بخطه -رحمه الله- بدأ فيها بالبسملة، وثنى بالحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم )) .
والحمد ذكر محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه، ومعنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هو الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم والعناية به. وإظهار شرفه وفضله وحرمته.
وعلى هذا فالابتداء بالبسملة حقيقي وبالحمدلة نسبي إضافي، أي بالنسبة إلى ما بعد الحمد يكون مبدوءا به. والباء متعلقة بمحذوف، اختير كونه فعلا خاصا متأخرا، لئلا يتقدم فيه غير ذكر الله ( وليصح الابتداء في كل قول وعمل; ولأن الحذف أبلغ فلا حاجة إلى النطق بالفعل لدلالة الحال على أن كل قول أو فعل فإنما هو باسم الله.
والتقدير بسم الله أؤلف حال كوني مستعينا بذكره متبركا به. و "الاسم" مشتق من السمو وهو الارتفاع، أو الوسم وهو العلامة؛ لأن كل ما سمي فقد نوه باسمه ووسم، و"الله" علم على =
وعلى هذا فالابتداء بالبسملة حقيقي وبالحمدلة نسبي إضافي، أي بالنسبة إلى ما بعد الحمد يكون مبدوءا به. والباء متعلقة بمحذوف، اختير كونه فعلا خاصا متأخرا، لئلا يتقدم فيه غير ذكر الله ( وليصح الابتداء في كل قول وعمل; ولأن الحذف أبلغ فلا حاجة إلى النطق بالفعل لدلالة الحال على أن كل قول أو فعل فإنما هو باسم الله.
والتقدير بسم الله أؤلف حال كوني مستعينا بذكره متبركا به. و "الاسم" مشتق من السمو وهو الارتفاع، أو الوسم وهو العلامة؛ لأن كل ما سمي فقد نوه باسمه ووسم، و"الله" علم على =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أبو داود : الأدب (4840) , وابن ماجه : النكاح (1894).
2 البخاري : اللباس (5951) , ومسلم : اللباس والزينة (210 , والنسائي : الزينة (5361) , وأحمد (2/20 ,2/55).
ص -13- .................................................. ...........................................
= ربنا تبارك وتعالى، وهو أعرف المعارف الجامع لمعاني الأسماء الحسنى، وهو مشتق بمعنى أنه دال على صفة له. وأصله "الإله" حذفت الهمزة وأدغمت اللام في اللام فقيل "الله"، ومعناء ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين. و "الرحمن" رحمان الدنيا والآخرة. و "الرحيم" رحمة خاصة بالمؤمنين. و "الرحمن" دال على الصفة القائمة به. و "الرحيم" دال على تعلقها بالمرحوم.
ص -11- كتاب التوحيد(1)
.................................................. ..................
(1)كتاب: مصدر كتب يكتب كتابا وكتابة وكتبا، ومدار المادة على الجمع، ومنه تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، والكتيبة لجماعة الخيل. والكتابة بالقلم لاجتماع الحروف والكلمات، والمراد به هنا المكتوب، أي هذا مكتوب جامع لخصائص التوحيد وحقوقه ومكملاته، وما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر. أو البدع القادحة في التوحيد، أو المعاصي المنقصة للتوحيد، وبيان الوسائل والذرائع الموصلة إلى الشرك والمقربة منه بالبراهين القاطعة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة.
والتوحيد: مصدر وحّده يوحّده توحيدا، جعله واحدا أي فردا، ووحّده قال: إنه واحد أحد، أو قال لا إله إلا الله. والواحد والأحد وصف اسم الباري تعالى لاختصاصه بالأحدية.
وأقسام التوحيد ثلاثة :
(الأول) توحيد الربوبية. وهو العلم والإقرار بأن الله رب كل شيء وخالقه ومليكه، والمدبر لأمور خلقه جميعهم.
(والثاني) توحيد الأسماء والصفات. وهو أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال ونعوت الجلال، من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.
(والثالث) توحيد الإلهية. وهو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، ويتعلق بأعمال العبد وأقواله الظاهرة والباطنة، خلاف ما زعمه المتكلمة والصوفية وغيرهم من أن المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية، وأنهم إذا أثبتوا ذلك فقد أثبتوا غاية التوحيد، وأن من أقر بما يستحقه –سبحانه- من الصفات، ونزهه عن كل ما نزه عنه، وأقر أنه –سبحانه- خالق كل شيء فهو الموحّد، =
1 أبو داود : الأدب (4840) , وابن ماجه : النكاح (1894).
2 البخاري : اللباس (5951) , ومسلم : اللباس والزينة (210 , والنسائي : الزينة (5361) , وأحمد (2/20 ,2/55).
ص -13- .................................................. ...........................................
= ربنا تبارك وتعالى، وهو أعرف المعارف الجامع لمعاني الأسماء الحسنى، وهو مشتق بمعنى أنه دال على صفة له. وأصله "الإله" حذفت الهمزة وأدغمت اللام في اللام فقيل "الله"، ومعناء ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين. و "الرحمن" رحمان الدنيا والآخرة. و "الرحيم" رحمة خاصة بالمؤمنين. و "الرحمن" دال على الصفة القائمة به. و "الرحيم" دال على تعلقها بالمرحوم.
ص -11- كتاب التوحيد(1)
.................................................. ..................
(1)كتاب: مصدر كتب يكتب كتابا وكتابة وكتبا، ومدار المادة على الجمع، ومنه تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، والكتيبة لجماعة الخيل. والكتابة بالقلم لاجتماع الحروف والكلمات، والمراد به هنا المكتوب، أي هذا مكتوب جامع لخصائص التوحيد وحقوقه ومكملاته، وما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر. أو البدع القادحة في التوحيد، أو المعاصي المنقصة للتوحيد، وبيان الوسائل والذرائع الموصلة إلى الشرك والمقربة منه بالبراهين القاطعة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة.
والتوحيد: مصدر وحّده يوحّده توحيدا، جعله واحدا أي فردا، ووحّده قال: إنه واحد أحد، أو قال لا إله إلا الله. والواحد والأحد وصف اسم الباري تعالى لاختصاصه بالأحدية.
وأقسام التوحيد ثلاثة :
(الأول) توحيد الربوبية. وهو العلم والإقرار بأن الله رب كل شيء وخالقه ومليكه، والمدبر لأمور خلقه جميعهم.
(والثاني) توحيد الأسماء والصفات. وهو أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال ونعوت الجلال، من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.
(والثالث) توحيد الإلهية. وهو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، ويتعلق بأعمال العبد وأقواله الظاهرة والباطنة، خلاف ما زعمه المتكلمة والصوفية وغيرهم من أن المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية، وأنهم إذا أثبتوا ذلك فقد أثبتوا غاية التوحيد، وأن من أقر بما يستحقه –سبحانه- من الصفات، ونزهه عن كل ما نزه عنه، وأقر أنه –سبحانه- خالق كل شيء فهو الموحّد، =
ص -12- قول الله تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّّ لِيَعْبُدُونِ} (1) .
.................................................. ..................
= بل لا يكون موحدا حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده، ويقر أنه وحده هو الإله المستحق للعبادة; ويلتزم بعبادته وحده لا شريك له. وأقسام التوحيد الثلاثة متلازمة، كل نوع منها لا ينفك عن الآخر، فمتى أتى بنوع منها ولم يأت بالآخر لم يكن موحدا. والقسم الثالث هو مقصود المصنف
-رحمه الله تعالى- بتصنيف هذا الكتاب، وإن كان قد ضمنه النوعين الآخرين؛ لأن هذا النوع هو أول دعوة الرسل أن:{ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } 1، ولعموم البلوى في زمانه بعبادة القبور والأشجار وغيرها، ودعوة الأنبياء والأولياء والصالحين وغيرهم، فمن أجل ذلك صرف العناية في بيان ذلك.
وإن شئت قلت كما قال ابن القيم وغيره: التوحيد نوعان: توحيد في المعرفة والإثبات، وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات. وتوحيد في الطلب والقصد، وهو توحيد الإلهية والعبادة. وبهذا التوحيد ولأجله أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد، بل كل آية متضمنة للتوحيد شاهدة به داعية إليه؛ فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله، وهو التوحيد العلمي الخبري.
وإما دعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وخلع ما يعبد دونه وهو الإرادي الطلبي. وإما أمر ونهي، وهو حقوق التوحيد ومكملاته. وإما خبر عن أهل التوحيد وجزائهم وأهل الشرك وجزائهم، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي الشرك وأهله وجزائهم، وركنا التوحيد الصدق والإخلاص.
قال ابن القيم:
والصدق والإخلاص ركنا ذلك التوحيد كالركنين للبنيان
وحقيقة الإخلاص توحيد المر اد فلا يزاحمه مراد ثان
(1) قول بالجر عطف على التوحيد، ويجوز الرفع على الابتداء. والعبادة لغة: التذلل والانقياد. وشرعا: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأعراف آية : 59.
.................................................. ..................
= بل لا يكون موحدا حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده، ويقر أنه وحده هو الإله المستحق للعبادة; ويلتزم بعبادته وحده لا شريك له. وأقسام التوحيد الثلاثة متلازمة، كل نوع منها لا ينفك عن الآخر، فمتى أتى بنوع منها ولم يأت بالآخر لم يكن موحدا. والقسم الثالث هو مقصود المصنف
-رحمه الله تعالى- بتصنيف هذا الكتاب، وإن كان قد ضمنه النوعين الآخرين؛ لأن هذا النوع هو أول دعوة الرسل أن:{ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } 1، ولعموم البلوى في زمانه بعبادة القبور والأشجار وغيرها، ودعوة الأنبياء والأولياء والصالحين وغيرهم، فمن أجل ذلك صرف العناية في بيان ذلك.
وإن شئت قلت كما قال ابن القيم وغيره: التوحيد نوعان: توحيد في المعرفة والإثبات، وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات. وتوحيد في الطلب والقصد، وهو توحيد الإلهية والعبادة. وبهذا التوحيد ولأجله أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد، بل كل آية متضمنة للتوحيد شاهدة به داعية إليه؛ فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله، وهو التوحيد العلمي الخبري.
وإما دعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وخلع ما يعبد دونه وهو الإرادي الطلبي. وإما أمر ونهي، وهو حقوق التوحيد ومكملاته. وإما خبر عن أهل التوحيد وجزائهم وأهل الشرك وجزائهم، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي الشرك وأهله وجزائهم، وركنا التوحيد الصدق والإخلاص.
قال ابن القيم:
والصدق والإخلاص ركنا ذلك التوحيد كالركنين للبنيان
وحقيقة الإخلاص توحيد المر اد فلا يزاحمه مراد ثان
(1) قول بالجر عطف على التوحيد، ويجوز الرفع على الابتداء. والعبادة لغة: التذلل والانقياد. وشرعا: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأعراف آية : 59.
ص -13- وقوله: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } 1 (1)
.................................................. ..................
= الظاهرة والباطنة.
(وما خلقت) أي ما خلق الله الثقلين الجن والإنس إلا لحكمة عظيمة، وهي عبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه. ففعل الأول وهو خلقهم ليفعلوا هم الثاني وهو عبادته، لا ليفعل هو سبحانه بهم الثاني فيجبرهم على العبادة; فإن من سبقت عليه الشقاوة لم يرد سبحانه وقوع العبادة منه، لما له في ذلك من الحكمة.
وقال بعض السلف: إلا لآمرهم وأنهاهم. واختاره الزجاج والشيخ وغرهما; قال تعالى: { أَيَحْسَبُ الأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً}2 لا يؤمر ولا ينهى. وقال: (اعبدوا ربكم) أي اتقوه، فقد أمرهم بما خلقوا له وأرسل الرسل بذلك، وكلما وردت العبادة في القرآن فمعناها توحيد الله بجميع أنواع العبادة. وسميت وظائف الشرع عبادات؛ لأنهم يفعلونها خاضعين لله فيكونون من أهل رضاه. قال تعالى: { مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} 3 أخبر أنه سبحانه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، وفي الآية بيان عظم شأن التوحيد؛ إذ كان الخلق كلهم لم يخلقوا إلا له.
(1) الطاغوت: مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، وكل من تعدى حده بأي نوع من الطغيان فهو طاغوت، ويكون واحدا وجمعا، ويؤنث ويذكر، وللسلف فيه تفاسير لا تنافي بينها، وكلها ترجع إلى ما قال ابن القيم: (( الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع )) ا هـ.
وأخبر تعالى أنه بعث في كل طائفة وقرن وجيل من الناس رسولا منذ حدث الشرك في قوم نوح إلى أن ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، يأمرهم (أن اعبدوا الله) أي وحدوا الله بالعبادة، (واجتنبوا) اتركوا وفارقوا عبادة ما سواه. ولهذا خلقت الخليقة وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب، و (اجتنبوا) أبلغ من اتركوا، =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النحل آية : 36.
2 سورة القيامة آية : 36.
3 سورة الذاريات آية : 57.
.................................................. ..................
= الظاهرة والباطنة.
(وما خلقت) أي ما خلق الله الثقلين الجن والإنس إلا لحكمة عظيمة، وهي عبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه. ففعل الأول وهو خلقهم ليفعلوا هم الثاني وهو عبادته، لا ليفعل هو سبحانه بهم الثاني فيجبرهم على العبادة; فإن من سبقت عليه الشقاوة لم يرد سبحانه وقوع العبادة منه، لما له في ذلك من الحكمة.
وقال بعض السلف: إلا لآمرهم وأنهاهم. واختاره الزجاج والشيخ وغرهما; قال تعالى: { أَيَحْسَبُ الأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً}2 لا يؤمر ولا ينهى. وقال: (اعبدوا ربكم) أي اتقوه، فقد أمرهم بما خلقوا له وأرسل الرسل بذلك، وكلما وردت العبادة في القرآن فمعناها توحيد الله بجميع أنواع العبادة. وسميت وظائف الشرع عبادات؛ لأنهم يفعلونها خاضعين لله فيكونون من أهل رضاه. قال تعالى: { مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} 3 أخبر أنه سبحانه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، وفي الآية بيان عظم شأن التوحيد؛ إذ كان الخلق كلهم لم يخلقوا إلا له.
(1) الطاغوت: مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، وكل من تعدى حده بأي نوع من الطغيان فهو طاغوت، ويكون واحدا وجمعا، ويؤنث ويذكر، وللسلف فيه تفاسير لا تنافي بينها، وكلها ترجع إلى ما قال ابن القيم: (( الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع )) ا هـ.
وأخبر تعالى أنه بعث في كل طائفة وقرن وجيل من الناس رسولا منذ حدث الشرك في قوم نوح إلى أن ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، يأمرهم (أن اعبدوا الله) أي وحدوا الله بالعبادة، (واجتنبوا) اتركوا وفارقوا عبادة ما سواه. ولهذا خلقت الخليقة وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب، و (اجتنبوا) أبلغ من اتركوا، =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النحل آية : 36.
2 سورة القيامة آية : 36.
3 سورة الذاريات آية : 57.
ص -14- وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } 1 (1) الآية (2)
.................................................. ..................
= فإن اتركوا لعدم الفعل، واجتنبوا تقتضي ذلك وتقتضي المباعدة والمجانبة، وهذه الآية هي معنى لا إله إلا الله فإنها تضمنت النفي والإثبات، كما تضمنته لا إله إلا الله، ففي قوله: (اعبدوا الله) الإثبات، وقوله: (اجتنبوا الطاغوت) النفي. وهذه طريقة القرآن يقرن النفي بالإثبات، فينفي ما سوى الله، ويثبت عبادة الله وحده، والنفي المحض ليس بتوحيد وكذلك الإثبات بدون النفي، فلا يكون التوحيد إلا متضمنا للنفي والإثبات، وهذا هو حقيقة التوحيد، ففيها بيان عظم شأن التوحيد، وإقامة الحجة على العباد، ومعنى لا إله إلا الله. قال المصنف: (( وفيه الحكمة في إرسال الرسل، وأن الرسالة عمت كل أمة، وأن دين الأنبياء واحد )) .
(1) أي أمر ووصى وأوجب على ألسن رسله أن يعبد وحده دون ما سواه، والمراد بالقضاء هنا القضاء الشرعي الديني، فإن القضاء ينقسم إلى قسمين كوني قدري، وشرعي ديني، واشتملت هذه الآيات على جملة الشرائع، وابتدئت بالتوحيد فدل على أنه أوجب الواجبات؛ إذ لا يبتدأ إلا بالأهم فالأهم، وختمت بالنهي عن الشرك، فدل على أنه أعظم المحرمات، وفيها معنى لا إله إلا الله، فإن قوله: (ألا تعبدوا) هو معنى لا إله، وقوله: (إلا إياه) هو معنى إلا الله.
(2) أي وقضى أن تحسنوا بالوالدين إحسانا، كما قضى بعبادته وحده لا شريك له كقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } 2، وعطف حقهما على حقه دليل على تأكد حقهما، وأنه أؤكد الحقوق بعد الله، وأكده أيضا بالمصدر المؤكد لما فرضه من حقهما؛ لأن الله جعلهما سببا لخروجك من العدم، ولم يخص نوعا من أنواع الإحسان ليعم جميع أنواعه، وتواترت السنة ببر الوالدين وتحريم عقوقهما.: { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } 3 أي لا تسمعهما قولا سيئاً حتى =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الإسراء آية : 23.
2 سورة لقمان آية : 14.
3 سورة الإسراء آية : 23.
.................................................. ..................
= فإن اتركوا لعدم الفعل، واجتنبوا تقتضي ذلك وتقتضي المباعدة والمجانبة، وهذه الآية هي معنى لا إله إلا الله فإنها تضمنت النفي والإثبات، كما تضمنته لا إله إلا الله، ففي قوله: (اعبدوا الله) الإثبات، وقوله: (اجتنبوا الطاغوت) النفي. وهذه طريقة القرآن يقرن النفي بالإثبات، فينفي ما سوى الله، ويثبت عبادة الله وحده، والنفي المحض ليس بتوحيد وكذلك الإثبات بدون النفي، فلا يكون التوحيد إلا متضمنا للنفي والإثبات، وهذا هو حقيقة التوحيد، ففيها بيان عظم شأن التوحيد، وإقامة الحجة على العباد، ومعنى لا إله إلا الله. قال المصنف: (( وفيه الحكمة في إرسال الرسل، وأن الرسالة عمت كل أمة، وأن دين الأنبياء واحد )) .
(1) أي أمر ووصى وأوجب على ألسن رسله أن يعبد وحده دون ما سواه، والمراد بالقضاء هنا القضاء الشرعي الديني، فإن القضاء ينقسم إلى قسمين كوني قدري، وشرعي ديني، واشتملت هذه الآيات على جملة الشرائع، وابتدئت بالتوحيد فدل على أنه أوجب الواجبات؛ إذ لا يبتدأ إلا بالأهم فالأهم، وختمت بالنهي عن الشرك، فدل على أنه أعظم المحرمات، وفيها معنى لا إله إلا الله، فإن قوله: (ألا تعبدوا) هو معنى لا إله، وقوله: (إلا إياه) هو معنى إلا الله.
(2) أي وقضى أن تحسنوا بالوالدين إحسانا، كما قضى بعبادته وحده لا شريك له كقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } 2، وعطف حقهما على حقه دليل على تأكد حقهما، وأنه أؤكد الحقوق بعد الله، وأكده أيضا بالمصدر المؤكد لما فرضه من حقهما؛ لأن الله جعلهما سببا لخروجك من العدم، ولم يخص نوعا من أنواع الإحسان ليعم جميع أنواعه، وتواترت السنة ببر الوالدين وتحريم عقوقهما.: { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } 3 أي لا تسمعهما قولا سيئاً حتى =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الإسراء آية : 23.
2 سورة لقمان آية : 14.
3 سورة الإسراء آية : 23.
ص -15- وقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } 1 الآية. (1) وقوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } 2 (2).
.................................................. ..................
= ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، تنبيها بما هو فوق ذلك من القول السيء، والفعل السيئ (ولا تنهرهما) أي لا يصدر إليهما منك قول قبيح: { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} 3 لينا طيبا بأدب وتوقير.: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ } 4 أي تواضع لهما: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا } 5 أي في كبرهما وعند وفاتهما: { كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } 6 أي كما رحماني في تربيتهما لي في صغري أو لتربيتهما. وقوله: "الآية" أي إلى آخر الآية، أو اقرأ الآية.
(1) يأمر سبحانه عباده بعبادته وحده لا شريك له؛ فإنه الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه، وهو المستحق منهم أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا، وقرن الأمر بالعبادة التي فرضها بالنهي عن الشرك الذي حرمه، فدلت على أن اجتناب الشرك شرط في صحة العبادة. والشرك تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله. و (شيئا) نكرة في سياق النهي فتعم الشرك قليله وكثيره. وتسمى هذه الآية آية الحقوق العشرة؛ وذلك لأنها تضمنت عشرة حقوق. وابتدأت بالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، فدلت على أن التوحيد هو أوجب الواجبات، وأن الشرك أعظم المحرمات. وفيها تفسير التوحيد، وأنه عبادة الله وحده وترك الشرك وهذا وجه مطابقتها للترجمة قاله حفيد المصنف، وفي بعض النسخ المعتمدة تقديمها على آية الأنعام فقدمتها لمناسبة كلام ابن مسعود.
(2) أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله: (تعالوا) أي هلموا وأقبلوا (أتل) أي أقص عليكم وأخبركم بـ : {مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } 7 حقا لا تخرصا ولا ظنا، بل وحيا منه وأمرا من عنده،: {أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } 8 كأن في الكلام =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النساء آية : 36.
2 سورة الأنعام آية : 151.
3 سورة الإسراء آية : 23.
4 سورة الإسراء آية : 24.
5 سورة الإسراء آية : 24.
6 سورة الإسراء آية : 24.
7 سورة الأنعام آية : 151.
8 سورة الأنعام آية : 151.
.................................................. ..................
= ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، تنبيها بما هو فوق ذلك من القول السيء، والفعل السيئ (ولا تنهرهما) أي لا يصدر إليهما منك قول قبيح: { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} 3 لينا طيبا بأدب وتوقير.: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ } 4 أي تواضع لهما: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا } 5 أي في كبرهما وعند وفاتهما: { كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } 6 أي كما رحماني في تربيتهما لي في صغري أو لتربيتهما. وقوله: "الآية" أي إلى آخر الآية، أو اقرأ الآية.
(1) يأمر سبحانه عباده بعبادته وحده لا شريك له؛ فإنه الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه، وهو المستحق منهم أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا، وقرن الأمر بالعبادة التي فرضها بالنهي عن الشرك الذي حرمه، فدلت على أن اجتناب الشرك شرط في صحة العبادة. والشرك تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله. و (شيئا) نكرة في سياق النهي فتعم الشرك قليله وكثيره. وتسمى هذه الآية آية الحقوق العشرة؛ وذلك لأنها تضمنت عشرة حقوق. وابتدأت بالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، فدلت على أن التوحيد هو أوجب الواجبات، وأن الشرك أعظم المحرمات. وفيها تفسير التوحيد، وأنه عبادة الله وحده وترك الشرك وهذا وجه مطابقتها للترجمة قاله حفيد المصنف، وفي بعض النسخ المعتمدة تقديمها على آية الأنعام فقدمتها لمناسبة كلام ابن مسعود.
(2) أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله: (تعالوا) أي هلموا وأقبلوا (أتل) أي أقص عليكم وأخبركم بـ : {مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } 7 حقا لا تخرصا ولا ظنا، بل وحيا منه وأمرا من عنده،: {أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } 8 كأن في الكلام =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النساء آية : 36.
2 سورة الأنعام آية : 151.
3 سورة الإسراء آية : 23.
4 سورة الإسراء آية : 24.
5 سورة الإسراء آية : 24.
6 سورة الإسراء آية : 24.
7 سورة الأنعام آية : 151.
8 سورة الأنعام آية : 151.
ص -16- .................................................. ...........................................
= محذوفا تقديره: وصاكم ألا تشركوا به شيئا. فيكون المعنى حرم عليكم ما وصاكم بتركه من الإشراك به، ولهذا إذا سئل الصحابة -رضي الله عنهم- عما يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يقول: " اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا "1 وذكر سبحانه في هذه الآية جملا من المحرمات، وابتدأها بالنهي عن الشرك، والنهي عنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، فدل على أن التوحيد أوجب الواجبات. وأن الشرك أعظم المحرمات، وهذا وجه مطابقتها للترجمة (وبالوالدين إحسانا) قال القرطبي: (( الإحسان إلى الوالدين برهما، وحفظهما وصيانتهما، وامتثال أمرهما، وإزالة الرق عنهما، وترك السلطنة عليهما )). و (إحسانا) نصب على المصدرية، أي أحسنوا بالوالدين إحسانا.: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } 2 أي لا تئدوا بناتكم خشية العيلة والفقر فإني رازقهم وإياكم، أي لا تخافوا من الفقر بسبب رزقهم فهو على الله، وخص الأولاد لأن قتلهم يجمع بين القتل وقطيعة الرحم. فالعناية بالنهي عنه آكد، وكان قتل البنات شائعا فيهم. وربما قتلوا بعض الذكور خشية الافتقار، فنهاهم الله عن ذلك.: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } 3 نهي عام عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي. (وظهر وبطن) حالان تستوفيان أقسام ما جعلتا له من الأشياء.: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ } 4 قتلها (إلا بالحق)، وهذا مما نص على النهي عنه تأكيدا، وإلا فهو داخل في النهي عن الفواحش. (ذلكم وصاكم به) إشارة إلى هذه المحرمات التي أولها النهي عن الشرك، والوصية الأمر المؤكد المقرر، وسميت وصية الميت وصية؛ لأنه يعهدها لمن بعده ليتمسكوا بها. (لعلكم تعقلون) لعل للتعليل أن الله وصانا بهذه الوصايا وأمرنا بها، وأكد علينا فيها لنعقلها ونعمل بها.: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } 5 نهي عام عن القرب الذي يعم وجوه التصرف إلا ما يحسن، والسعي في نمائه. (حتى يبلغ أشده) أي الرشد وزوال السفه مع البلوغ: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ } 6 أمر بإقامة العدل في الأخذ =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مسلم : الإيمان (1 , وأحمد (3/22).
2 سورة الأنعام آية : 151.
3 سورة الأنعام آية : 151.
4 سورة الأنعام آية : 151.
5 سورة الأنعام آية : 152.
6 سورة الأنعام آية : 152.
= محذوفا تقديره: وصاكم ألا تشركوا به شيئا. فيكون المعنى حرم عليكم ما وصاكم بتركه من الإشراك به، ولهذا إذا سئل الصحابة -رضي الله عنهم- عما يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يقول: " اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا "1 وذكر سبحانه في هذه الآية جملا من المحرمات، وابتدأها بالنهي عن الشرك، والنهي عنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، فدل على أن التوحيد أوجب الواجبات. وأن الشرك أعظم المحرمات، وهذا وجه مطابقتها للترجمة (وبالوالدين إحسانا) قال القرطبي: (( الإحسان إلى الوالدين برهما، وحفظهما وصيانتهما، وامتثال أمرهما، وإزالة الرق عنهما، وترك السلطنة عليهما )). و (إحسانا) نصب على المصدرية، أي أحسنوا بالوالدين إحسانا.: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } 2 أي لا تئدوا بناتكم خشية العيلة والفقر فإني رازقهم وإياكم، أي لا تخافوا من الفقر بسبب رزقهم فهو على الله، وخص الأولاد لأن قتلهم يجمع بين القتل وقطيعة الرحم. فالعناية بالنهي عنه آكد، وكان قتل البنات شائعا فيهم. وربما قتلوا بعض الذكور خشية الافتقار، فنهاهم الله عن ذلك.: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } 3 نهي عام عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي. (وظهر وبطن) حالان تستوفيان أقسام ما جعلتا له من الأشياء.: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ } 4 قتلها (إلا بالحق)، وهذا مما نص على النهي عنه تأكيدا، وإلا فهو داخل في النهي عن الفواحش. (ذلكم وصاكم به) إشارة إلى هذه المحرمات التي أولها النهي عن الشرك، والوصية الأمر المؤكد المقرر، وسميت وصية الميت وصية؛ لأنه يعهدها لمن بعده ليتمسكوا بها. (لعلكم تعقلون) لعل للتعليل أن الله وصانا بهذه الوصايا وأمرنا بها، وأكد علينا فيها لنعقلها ونعمل بها.: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } 5 نهي عام عن القرب الذي يعم وجوه التصرف إلا ما يحسن، والسعي في نمائه. (حتى يبلغ أشده) أي الرشد وزوال السفه مع البلوغ: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ } 6 أمر بإقامة العدل في الأخذ =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مسلم : الإيمان (1 , وأحمد (3/22).
2 سورة الأنعام آية : 151.
3 سورة الأنعام آية : 151.
4 سورة الأنعام آية : 151.
5 سورة الأنعام آية : 152.
6 سورة الأنعام آية : 152.
ص -17- .................................................. ...........................................
= والإعطاء.: {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} 1 أي من اجتهد في أداء الحق وأخذه فإن أخطأ بعد استفراغ الوسع وبذله الجهد فلا حرج عليه.: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} 2 أمر بالعدل في القول والفعل على القريب والبعيد، فلا يميل إلى الحبيب والقريب.: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 3. (وبعهد الله أوفوا) أي وبوصية الله التي وصاكم بها فأوفوا، بأن تطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} 4 تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه.: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} 5 أي الذي أوصيكم به في هاتين الآيتين المشتملتين على ترك المنهيات وأعظمها الشرك، وفعل الواجبات وأعظمها التوحيد. صراطا مستقيما واضحا سهلا واسعا (فاتبعوه) وهذه آية عظيمة عطفها على ما تقدم. و (أن) في موضع نصب أي: أتل (أن هذا صراطي) أي طريقي ومسلكي وشريعتي (مستقيما) قيما.
والصراط: الطريق الذي هو دين الإسلام، وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلا إليه، وهو شريعة الله لا اعوجاج فيه، ولا طريق إليه سواه، وقد جمع ثلاثة أمور: السهولة والسعة والقرب، فهو أقرب الطرق إلى الله وأوسعها وأسهلها، ولو اجتمع أهل الأرض وأضعاف أضعافهم لوسعهم، بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله، وجعله موصلا لعباده إليه، وهو إفراده بالعبودية، وإفراد رسله بالطاعة. فأمر باتباعه ونهايته الجنة، وتشعبت منه طرق فمن سلك الجادة منها نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار. (ولا تتبعوا السبل) البدع والشبهات، {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} 6 أي تميل وتشتت بكم هذه الطرق المختلفة المضلة عن دينه وطريقه الذي ارتضاه لعباده. وهذه الآيات قيل: إنها المحكمات المذكورة في قوله: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} 7 .
وروى الإمام أحمد وغيره عن ابن مسعود قال " خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًا بيده ثم قال "هذا سبيل الله مستقيما"، ثم خطّ خطوطا عن يمينه وشماله، ثم =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأنعام آية : 152.
2 سورة الأنعام آية : 152.
3 سورة المائدة آية : 8.
4 سورة الأنعام آية : 152.
5 سورة الأنعام آية : 153.
6 سورة الأنعام آية : 153.
7 سورة آل عمران آية : 7.
= والإعطاء.: {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} 1 أي من اجتهد في أداء الحق وأخذه فإن أخطأ بعد استفراغ الوسع وبذله الجهد فلا حرج عليه.: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} 2 أمر بالعدل في القول والفعل على القريب والبعيد، فلا يميل إلى الحبيب والقريب.: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 3. (وبعهد الله أوفوا) أي وبوصية الله التي وصاكم بها فأوفوا، بأن تطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} 4 تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه.: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} 5 أي الذي أوصيكم به في هاتين الآيتين المشتملتين على ترك المنهيات وأعظمها الشرك، وفعل الواجبات وأعظمها التوحيد. صراطا مستقيما واضحا سهلا واسعا (فاتبعوه) وهذه آية عظيمة عطفها على ما تقدم. و (أن) في موضع نصب أي: أتل (أن هذا صراطي) أي طريقي ومسلكي وشريعتي (مستقيما) قيما.
والصراط: الطريق الذي هو دين الإسلام، وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلا إليه، وهو شريعة الله لا اعوجاج فيه، ولا طريق إليه سواه، وقد جمع ثلاثة أمور: السهولة والسعة والقرب، فهو أقرب الطرق إلى الله وأوسعها وأسهلها، ولو اجتمع أهل الأرض وأضعاف أضعافهم لوسعهم، بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله، وجعله موصلا لعباده إليه، وهو إفراده بالعبودية، وإفراد رسله بالطاعة. فأمر باتباعه ونهايته الجنة، وتشعبت منه طرق فمن سلك الجادة منها نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار. (ولا تتبعوا السبل) البدع والشبهات، {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} 6 أي تميل وتشتت بكم هذه الطرق المختلفة المضلة عن دينه وطريقه الذي ارتضاه لعباده. وهذه الآيات قيل: إنها المحكمات المذكورة في قوله: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} 7 .
وروى الإمام أحمد وغيره عن ابن مسعود قال " خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًا بيده ثم قال "هذا سبيل الله مستقيما"، ثم خطّ خطوطا عن يمينه وشماله، ثم =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأنعام آية : 152.
2 سورة الأنعام آية : 152.
3 سورة المائدة آية : 8.
4 سورة الأنعام آية : 152.
5 سورة الأنعام آية : 153.
6 سورة الأنعام آية : 153.
7 سورة آل عمران آية : 7.
ص -18- قال ابن مسعود رضي الله عنه (1): " من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمة (2) فليقرأ قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}1 إلى قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}2 " الآية (3) .
.................................................. ..................
= قال: "وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}"3، وذكر أولا (تعقلون) ثم (تذكرون) ثم (تتقون)؛ لأنهم إذا عقلوا تذكروا، فإذا تذكروا خافوا، وكأن المصنف قال: كتاب التوحيد الذي هو الحكمة في إيجاد الثقلين كما في الآية الأولى، والذي هو الحكمة في إرسال الرسل كما في الآية الثانية، والذي هو أوجب الواجبات كما في الآية الثالثة والرابعة والخامسة، والذي ضده هو الشرك أعظم المحرمات كما في الآية الخامسة، والذي هو حق الرب على العباد الذي افترضه عليهم، ولا يقبل منهم سواه كما يأتي في حديث معاذ بن جبل، والذي حقيقته وتفسيره عبادة الله وحده لا شريك له كما في الآية الرابعة وحديث معاذ.
(1) هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن صحابي جليل، من السابقين الأولين، ومن كبار علماء الصحابة، شهد بدرا وما بعدها، ولازم النبي صلى الله عليه وسلم وكان صاحب نعليه، وحدث عنه كثيرا، وأمّره عمر على الكوفة ومات سنة 32 هـ. وأثره هذا رواه الترمذي وغيره وحسنه.
(2) بفتح التاء وكسرها، والخاتم حلقة ذات فص من غيرها. وحقيقة الختم الاستيثاق.
(3) أي من أراد أن ينظر إلى الوصية التي كأنها كتبت وختم عليها فلم تغير ولم تبدل، فليقرأ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} 4 الآيات الثلاث؛ لأن كل آية =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأنعام آية : 151.
2 سورة الأنعام آية : 153.
3 ابن ماجه : المقدمة (11) , وأحمد (3/397).
4 سورة الأنعام آية : 151.
.................................................. ..................
= قال: "وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}"3، وذكر أولا (تعقلون) ثم (تذكرون) ثم (تتقون)؛ لأنهم إذا عقلوا تذكروا، فإذا تذكروا خافوا، وكأن المصنف قال: كتاب التوحيد الذي هو الحكمة في إيجاد الثقلين كما في الآية الأولى، والذي هو الحكمة في إرسال الرسل كما في الآية الثانية، والذي هو أوجب الواجبات كما في الآية الثالثة والرابعة والخامسة، والذي ضده هو الشرك أعظم المحرمات كما في الآية الخامسة، والذي هو حق الرب على العباد الذي افترضه عليهم، ولا يقبل منهم سواه كما يأتي في حديث معاذ بن جبل، والذي حقيقته وتفسيره عبادة الله وحده لا شريك له كما في الآية الرابعة وحديث معاذ.
(1) هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن صحابي جليل، من السابقين الأولين، ومن كبار علماء الصحابة، شهد بدرا وما بعدها، ولازم النبي صلى الله عليه وسلم وكان صاحب نعليه، وحدث عنه كثيرا، وأمّره عمر على الكوفة ومات سنة 32 هـ. وأثره هذا رواه الترمذي وغيره وحسنه.
(2) بفتح التاء وكسرها، والخاتم حلقة ذات فص من غيرها. وحقيقة الختم الاستيثاق.
(3) أي من أراد أن ينظر إلى الوصية التي كأنها كتبت وختم عليها فلم تغير ولم تبدل، فليقرأ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} 4 الآيات الثلاث؛ لأن كل آية =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأنعام آية : 151.
2 سورة الأنعام آية : 153.
3 ابن ماجه : المقدمة (11) , وأحمد (3/397).
4 سورة الأنعام آية : 151.
ص -19- وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه (1) قال: " كنت رديف
.................................................. ..................
= منها ختمت بقوله: (ذلكم وصاكم به)، فالرسول صلى الله عليه وسلم لو وصى لم يوص إلا بما وصى به الله تعالى، فصارت وصية الله تعالى، ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم بالمعنى; ولذلك شبهها بالكتاب الذي كتب ثم ختم فلم يزد فيه ولم ينقص. وليس المراد أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبها وختم عليها، وإنما هذه الآيات كأنها وصية ختمها الرسول صلى الله عليه وسلم فلا حاجة بنا أن يوصي، فإن الله قد وصى بما في هذه الآيات؛ لأن فيها ما يكفي عن توصية الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: " ائتوئي بكتاب أكتب لكم فيه شيئا لا تضلوا بعدي "، وذلك في أثناء مرضه صلى الله عليه وسلم ، فحيل بينهم وبين أن يكتب، وكثر اللغط. فقال: "اخرجوا عني". فقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: " إن الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين أن يكتب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الوصية " فذكرهم ابن مسعود رضي الله عنه أن عندهم من القرآن ما يكفيهم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو وصى لم يوص إلا بما في كتاب الله.
وفي صحيح مسلم: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله "1. وروى الحاكم وصححه عن عبادة مرفوعا: " أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث "، ثم تلا {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ..} 2 حتى فرغ من الآيات الثلاث. ثم قال: " من أوفى بهن فأجره على الله، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله، إن شاء أخذه وإن شاء عفا عنه " .
(1) ابن عمرو بن أوس بن كعب بن عمرو الخزرجي الأنصاري، أبو عبد الرحمن صحابي جليل مشهور من أعيان الصحابة كان إليه المنتهى في العلم والأحكام والقرآن، قال -عليه السلام-: " يحشر أمام العلماء برتوة "3 أي بخطوة أو رمية سهم، شهد بدرا وما بعدها، واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على أهل مكة يوم الفتح يعلمهم دينهم، تم بعثه إلى اليمن قاضيا معلما، مات بالشام في طاعون عمواس سنة 18 هـ، وله 38.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الترمذي : المناقب (378.
2 سورة الأنعام آية : 151.
3 أحمد (1/17).
.................................................. ..................
= منها ختمت بقوله: (ذلكم وصاكم به)، فالرسول صلى الله عليه وسلم لو وصى لم يوص إلا بما وصى به الله تعالى، فصارت وصية الله تعالى، ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم بالمعنى; ولذلك شبهها بالكتاب الذي كتب ثم ختم فلم يزد فيه ولم ينقص. وليس المراد أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبها وختم عليها، وإنما هذه الآيات كأنها وصية ختمها الرسول صلى الله عليه وسلم فلا حاجة بنا أن يوصي، فإن الله قد وصى بما في هذه الآيات؛ لأن فيها ما يكفي عن توصية الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: " ائتوئي بكتاب أكتب لكم فيه شيئا لا تضلوا بعدي "، وذلك في أثناء مرضه صلى الله عليه وسلم ، فحيل بينهم وبين أن يكتب، وكثر اللغط. فقال: "اخرجوا عني". فقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: " إن الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين أن يكتب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الوصية " فذكرهم ابن مسعود رضي الله عنه أن عندهم من القرآن ما يكفيهم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو وصى لم يوص إلا بما في كتاب الله.
وفي صحيح مسلم: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله "1. وروى الحاكم وصححه عن عبادة مرفوعا: " أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث "، ثم تلا {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ..} 2 حتى فرغ من الآيات الثلاث. ثم قال: " من أوفى بهن فأجره على الله، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله، إن شاء أخذه وإن شاء عفا عنه " .
(1) ابن عمرو بن أوس بن كعب بن عمرو الخزرجي الأنصاري، أبو عبد الرحمن صحابي جليل مشهور من أعيان الصحابة كان إليه المنتهى في العلم والأحكام والقرآن، قال -عليه السلام-: " يحشر أمام العلماء برتوة "3 أي بخطوة أو رمية سهم، شهد بدرا وما بعدها، واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على أهل مكة يوم الفتح يعلمهم دينهم، تم بعثه إلى اليمن قاضيا معلما، مات بالشام في طاعون عمواس سنة 18 هـ، وله 38.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الترمذي : المناقب (378.
2 سورة الأنعام آية : 151.
3 أحمد (1/17).
ص -20- النبي صلى الله عليه وسلم على حمار (1) فقال لي: " يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، (2) وما حق العباد على الله؟ (3) قلت: الله ورسوله أعلم (4) .
.................................................. ..................
(1) وفي رواية: اسمه عفير، أهداه إليه المقوقس صاحب مصر. والرديف هو الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة، وفيه تواضعه صلى الله عليه وسلم لركوب الحمار والإرداف عليه، خلافا لما عليه أهل الكبر.
(2) أخرج السؤال بصيغة الاستفهام؛ ليكون أوقع في النفس، وأبلغ في فهم المتعلم، وحق الله على العباد هو ما يستحقه عليهم من عبادته وحده. قال ابن القيم:
حق الإله عبادة بالأمر لابهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير إشراك به شيئا هماسببا النجاة فحبذا السببان
(3) ليس على الله حق واجب بالعقل كما تزعمه المعتزلة، لكن هو سبحانه كتب ذلك على نفسه تفضلا وإحسانا، فهو متحقق لا محالة؛ لأنه قد وعدهم ذلك جزاء لهم على توحيده،: {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} 1، كتب على نفسه الرحمة، وأوجب على نفسه الحق، لم يوجبه عليه مخلوق. قال شيخ الإسلام: كون المطيع يستحق الجزاء هو استحقاق إنعام وفضل، ليس هو استحقاق مقابلة، كما يستحق المخلوق على المخلوق:
ما للعباد عليه حق واجبكلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله أو نعموافبفضله وهو الكريم الواسع
(4) فيه حسن الأدب من المتعلم، وأنه ينبغي لمن سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم. قال ابن مسعود: " من كان عنده علم فليقل به، وإلا فليقل: الله أعلم " .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الروم آية : 6.
.................................................. ..................
(1) وفي رواية: اسمه عفير، أهداه إليه المقوقس صاحب مصر. والرديف هو الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة، وفيه تواضعه صلى الله عليه وسلم لركوب الحمار والإرداف عليه، خلافا لما عليه أهل الكبر.
(2) أخرج السؤال بصيغة الاستفهام؛ ليكون أوقع في النفس، وأبلغ في فهم المتعلم، وحق الله على العباد هو ما يستحقه عليهم من عبادته وحده. قال ابن القيم:
حق الإله عبادة بالأمر لابهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير إشراك به شيئا هماسببا النجاة فحبذا السببان
(3) ليس على الله حق واجب بالعقل كما تزعمه المعتزلة، لكن هو سبحانه كتب ذلك على نفسه تفضلا وإحسانا، فهو متحقق لا محالة؛ لأنه قد وعدهم ذلك جزاء لهم على توحيده،: {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} 1، كتب على نفسه الرحمة، وأوجب على نفسه الحق، لم يوجبه عليه مخلوق. قال شيخ الإسلام: كون المطيع يستحق الجزاء هو استحقاق إنعام وفضل، ليس هو استحقاق مقابلة، كما يستحق المخلوق على المخلوق:
ما للعباد عليه حق واجبكلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله أو نعموافبفضله وهو الكريم الواسع
(4) فيه حسن الأدب من المتعلم، وأنه ينبغي لمن سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم. قال ابن مسعود: " من كان عنده علم فليقل به، وإلا فليقل: الله أعلم " .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الروم آية : 6.
ص -21- قال: " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا(1)، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا(2). قلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس (3)؟
.................................................. ..................
(1) أي يوحدوه بالعبادة ويفردوه، ويتجردوا من الشرك قليله وكثيره صغيره وكبيره، ومن لم يتجرد من الشرك لم يكن آتيا بعبادة الله وحده. بل هو مشرك قد جعل لله ندا في عبادته.
وأصل العبادة التذلل والخضوع، قال الشيخ: (( العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة الرسل )). وعرفها ابن القيم فقال:
وعبادة الرحمن غاية حبهمع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائرما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالأمر أمر رسولهلا بالهوى والنفس والشيطان
قال المصنف: (( وفيه أن العبادة هي التوحيد لأن الخصومة فيه )) .
(2) أي ألا يعذب من يعبده ولا يشرك به شيئا، والعذاب كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه، من العذب وهو المنع، فسمي عذابا لأنه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله. قال الحافظ: اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم; إذ من كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذب الله (، ومن كذب الله فهو مشرك. وفي رواية: " ما من أحد يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار "1.
(3) يعني بفضل التوحيد، وفضل من تمسك به عند الله، ففيه فضل التوحيد وعظم شأنه، وأنه حق الرب الذي أحقه وافترضه على عباده، ولا يقبل منهم سواه، وعظم شأن أهله، وهو ألا يعذبهم. وفيه تفسير التوحيد وأنه عبادة الله وحده وترك الشرك به. وفيه استحباب بشارة المسلم بما يسره. وفيه ما كان عليه الصحابة من الاستبشار بمثل هذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري : العلم (12 , ومسلم : الإيمان (32).
.................................................. ..................
(1) أي يوحدوه بالعبادة ويفردوه، ويتجردوا من الشرك قليله وكثيره صغيره وكبيره، ومن لم يتجرد من الشرك لم يكن آتيا بعبادة الله وحده. بل هو مشرك قد جعل لله ندا في عبادته.
وأصل العبادة التذلل والخضوع، قال الشيخ: (( العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة الرسل )). وعرفها ابن القيم فقال:
وعبادة الرحمن غاية حبهمع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائرما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالأمر أمر رسولهلا بالهوى والنفس والشيطان
قال المصنف: (( وفيه أن العبادة هي التوحيد لأن الخصومة فيه )) .
(2) أي ألا يعذب من يعبده ولا يشرك به شيئا، والعذاب كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه، من العذب وهو المنع، فسمي عذابا لأنه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله. قال الحافظ: اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم; إذ من كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذب الله (، ومن كذب الله فهو مشرك. وفي رواية: " ما من أحد يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار "1.
(3) يعني بفضل التوحيد، وفضل من تمسك به عند الله، ففيه فضل التوحيد وعظم شأنه، وأنه حق الرب الذي أحقه وافترضه على عباده، ولا يقبل منهم سواه، وعظم شأن أهله، وهو ألا يعذبهم. وفيه تفسير التوحيد وأنه عبادة الله وحده وترك الشرك به. وفيه استحباب بشارة المسلم بما يسره. وفيه ما كان عليه الصحابة من الاستبشار بمثل هذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري : العلم (12 , ومسلم : الإيمان (32).
ص -22- قال: لا تبشرهم فيتكلوا "1 (1) أخرجاه في الصحيحين (2).
.................................................. ..................
(1) وفي رواية: " إني أخاف أن يتكلوا " أي يعتمدوا على ذلك، فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة اعتمادا على ما يتبادر من ظاهر الحديث. وفي رواية: فأخبر بها معاذ عند موته تأثما أي تحرجا من الإثم. قال أبو المظفر: ((لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة. فأما الأكياس فإذا سمعوا بمثل هذا زادوا في الطاعة فلا وجه لكتمانها عنهم)) .
قال المصنف: وفيه جواز كتمان العلم للمصلحة، والخوف من الاتكال على سعة رحمة الله. وسئل عن معنى هذا الحديث، ومعنى " لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله "2 فقال: معنى حديث معاذ عند السلف على ظاهره، وهو من الأمور التي يقولون: أمرّوها كما جاءت، يعني نصوص الوعد والوعيد، وقوله: " لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله " على ظاهره، وهو أن الله لو يستوفي حقه من عبده لم يدخل أحد الجنة، ولكن كما قال: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} 3 .
(2) أي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما اللّذين هما أصح الكتب المصنفة. والبخاري هو الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي، الحافظ الكبير صاحب الصحيح والتاريخ والأدب المفرد وغير ذلك. روى عن أحمد والحميدي وابن المديني وطبقتهم، وعنه مسلم والنسائي والترمذي وغيرهم، ولد سنة 194 هـ، وتوفي سنة 256 هـ.
و مسلم هو ابن الحجاج بن مسلم أبو الحسين القشيري النيسابوري، صاحب الصحيح والعلل والوحدان وغير ذلك، روى عن أحمد وابن معين وابن أبي شيبة والبخاري وطبقتهم، وعنه الترمذي وخلق. ولد سنة 204، وتوفي بنيسابور سنة 261 هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري : الجهاد والسير (2856) , ومسلم : الإيمان (30) , والترمذي : الإيمان (2643) , وابن ماجه : الزهد (4296) , وأحمد (3/260 ,5/228 ,5/229 ,5/230 ,5/234 ,5/236 ,5/238 ,5/242).
2 البخاري : الإيمان (4 , ومسلم : الإيمان (64) , والترمذي : البر والصلة (1983) والإيمان (2634 ,2635) , والنسائي : تحريم الدم (4105 ,4106 ,4108 ,4109 ,4110 ,4111 ,4112 ,4113) , وابن ماجه : المقدمة (69) والفتن (3939) , وأحمد (1/385 ,1/411 ,1/417 ,1/433 ,1/439 ,1/446 ,1/454 ,1/460(.
3 سورة الزمر آية : 35.
.................................................. ..................
(1) وفي رواية: " إني أخاف أن يتكلوا " أي يعتمدوا على ذلك، فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة اعتمادا على ما يتبادر من ظاهر الحديث. وفي رواية: فأخبر بها معاذ عند موته تأثما أي تحرجا من الإثم. قال أبو المظفر: ((لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة. فأما الأكياس فإذا سمعوا بمثل هذا زادوا في الطاعة فلا وجه لكتمانها عنهم)) .
قال المصنف: وفيه جواز كتمان العلم للمصلحة، والخوف من الاتكال على سعة رحمة الله. وسئل عن معنى هذا الحديث، ومعنى " لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله "2 فقال: معنى حديث معاذ عند السلف على ظاهره، وهو من الأمور التي يقولون: أمرّوها كما جاءت، يعني نصوص الوعد والوعيد، وقوله: " لا يدخل أحد منكم الجنة بعمله " على ظاهره، وهو أن الله لو يستوفي حقه من عبده لم يدخل أحد الجنة، ولكن كما قال: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} 3 .
(2) أي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما اللّذين هما أصح الكتب المصنفة. والبخاري هو الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي، الحافظ الكبير صاحب الصحيح والتاريخ والأدب المفرد وغير ذلك. روى عن أحمد والحميدي وابن المديني وطبقتهم، وعنه مسلم والنسائي والترمذي وغيرهم، ولد سنة 194 هـ، وتوفي سنة 256 هـ.
و مسلم هو ابن الحجاج بن مسلم أبو الحسين القشيري النيسابوري، صاحب الصحيح والعلل والوحدان وغير ذلك، روى عن أحمد وابن معين وابن أبي شيبة والبخاري وطبقتهم، وعنه الترمذي وخلق. ولد سنة 204، وتوفي بنيسابور سنة 261 هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري : الجهاد والسير (2856) , ومسلم : الإيمان (30) , والترمذي : الإيمان (2643) , وابن ماجه : الزهد (4296) , وأحمد (3/260 ,5/228 ,5/229 ,5/230 ,5/234 ,5/236 ,5/238 ,5/242).
2 البخاري : الإيمان (4 , ومسلم : الإيمان (64) , والترمذي : البر والصلة (1983) والإيمان (2634 ,2635) , والنسائي : تحريم الدم (4105 ,4106 ,4108 ,4109 ,4110 ,4111 ,4112 ,4113) , وابن ماجه : المقدمة (69) والفتن (3939) , وأحمد (1/385 ,1/411 ,1/417 ,1/433 ,1/439 ,1/446 ,1/454 ,1/460(.
3 سورة الزمر آية : 35.
تعليق