مَنْظُومَةٌ فِي حُكْمِ الإقَامَةِ بِدَارِ الْكُفْرِ
لِلشيخ سُلَيْمَانَ بْنِ سَحْمَانَ
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
وَقالَ أَيْضًا عَفا اللهُ عَنْهُ جَوابًا أَرْسَلَهُ إلى الشَّيْخِ أَحْمَدَبْنِ عِيسَى، وَهُوَ إذْ ذَاكَ فِي مَكَّةَ المُشَرَّفَةِ نازِلاً بها يَسْأَلُهُهَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُقِيمَ بِدارِ الْكُفْرِ وَهُوَ لا يَقْدِرُ عَلَىإظْهارِ دِينِهِ أَمْ لا يَجُوزُ ذَلِكَ؟
فَإنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُفَما صِفَةُ إظْهارِ الدِّينِ المُبِيحِ لِلإقامَةِ؟
وَهَذا السُّؤالُ يَعْرِضُ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَقامَ بَيْنَ ظَهْرانَي المُشْرِكِينَ مِنْ غَيْرِإظْهارٍ لِلدِّينِ الَّذِي هُوَ مِلَّةُ إبْراهِيمَ الخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلامُ :
سُؤَالٌ فَهَلْ مُفْتٍ مِنَ الْقَوْمِ يَنْظِــــــمُ *** جَوَابًا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ وَيرْقُمُ([1])
بِمَا شَاءَ مِنْ نَثْرٍ وَنَظْمٍ مُنَضَّـــــــــدٍ *** يُبَيِّنُ مَا وَجْهُ الدَّلِيلِ وَيُفْهِـــــمُ([2])
وَلَكِنْ بِقَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَمَـــــــــا *** قَالَهُ الزَّاكِي النَّبِيُّ الْمُكـــــــــــــَرَّمُ
أَهَلْ جَائِزٌ فِي الدِّينِ أَنْ يَمْكُثَ الْفَتَى *** بِدَارٍ بِهَا الْكُفَّارُ حَلُّوا وَخَيَّمـُوا([3])
وَأَحْكَامُهُمْ تَجْرِي عَلَى مَنْ بِسَفْحِهَا *** وَمَا مِنْهُمُ مَنْ يُسْتَهَانُ وَيُهْضَــــمُ
وَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ الْعَظِيمُ عَلَى الْفَتـــَى *** يُهَاجِرَ عَنْ أَرْضٍ بِهَا الْكُفْرُ مُظْلِمُ
سِوَى مَنْ لَهُ اسْتَثْنَى الإلَهُ لِضَعْفــِهِ *** وَحِيلَتِهِ أَوْ لَيْسَ بِالسُّبْلِ يَعْلَـــــــمُ
فَبِاللهِ مَا حُكْمُ الْمُقِيمِ بِدَارِهِـــــــــــمْ *** وَمَا صِفَةُ الإظْهَارِ لِلدِّينِ فِيهِــــــمُ
أَمِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَقًّا أَبِنْ لِـــــــــــــــنَا *** بِتَوْضِيحِ مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ أَقـــــْوَمُ
فَهَذَا مَحَطُّ الرَّحْلِ إنْ كُنْتَ مُقْدِمــــاً *** وَمَدْحَضَةُ الأَقْدَامِ إنْ كُنْتَ تُقْـدِمُ ([4])
أَمِ الْمَرْءُ يَكْفِيهِ الصَّلاةُ وَصَوْمُـــــهُ *** وَإظْهَارُهُ فِي الصَّحْبِ إنِّي لَمُسْلِـمُ
وأُبْغِضُ أَهْلَ الْكُفْرِ لَكِنْ أَخَافُهُــــــمْ *** فَلَسْتُ أُرِيهِمْ مَا يُسِيءُ وَيُؤْلِــــــمُ
وَلَيْسَ بَشَرْطٍ أَنْ أُصَرِّحَ عِنْدَهُـــــمْ *** بِتَكْفِيرِهِمْ جَهْرًا وَلا أَتَكَلّـــــــــــــَمُ
وَكَيْفَ وَأَمْوَالِي لَدَيْهِمْ وَعِنْدَهُــــــمْ *** مَعَاشِي وَأَوْطَانِي فَكَيْفَ التَّقـــــَدُّمُ
إذَا لَمْ أُوَافِقْهُمْ وَرَبِّيَ عَالـــــــــــــِمٌ *** بِمَا يَنْطَوِي قَلْبِي عَلَيْهِ وَيَكْتـــــــُمُ
مِنَ الْحُبِّ لِلإسْلامِ وَالدِّينِ وَالْهُـدَى *** وَبُغْضِي لأهْلِ الْكُفْرِ وَاللهُ يَعْلـــــَمُ
فَإنْ كَانَ هَذَا الْحُبُّ وَالْبُغْضُ كَافِيًا *** وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْعَدَاوَةِ فِيهِــــــــمُ
فَمَا وَجْهُ هَذَا مِنْ كِتَابٍ وَسُنَّـــــــةٍ *** أَجِيبُوا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ وَأَفْهِمُوا
انتَهَتْ بِحَمْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
([1]) يرقم : يكتب .
([2]) منضَّد : منسق , مؤتلف مسوَّى .
([3]) خيَّموا : أقاموا.
([4]) مدحضة : مزلقة .