إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء


    إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء
    مبحث خاص بتقرير العلماء للإجماع عن طريق ألفاظهم الصريحة
    في أكثر من ثلاثين نصا خاصا بالإجماع
    ومعزز بملخص لمستند الإجماع المتمثل في أصرح الأدلة

    إعداد : محمد بن خليفة الرَّبَاح

    إنّ الحمد لله ، نحمَدُه ونستعينه ونستغفره ، ونعُوذ بالله مِن شُرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا ، مَن يَهده الله فلا مُضِل له ومَن يُضلل فلا هادي له وأشْهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ مُحمّدا عبده ورسوله أما بعد :

    فإنّ مما اتفق عليه كافّة العقلاء ولا يشِذّ عنه إلا جاحد ، أنّ العُلُو والرِّفعة والفوقية بأنواعها ( معنوية وذاتية ) هي من صفات الكمال لا النقص بل وعلى هذا فَطَر الله عباده
    لا يمكن أن يُوجَد عاقل ينشأ على فِطرته ويقول بخلاف هذا
    ولم يكن يَتصوّر أحد أنه سيظهر مِن بيننا مَن ينكر هذا الكمال ويصف علو الذات بالنقص
    وهذا الكمال في هذه الصفة الذي يقره العقل ولا يرفضه قد جاء تقريره في كثير من نصوص الشرع منسوبا لرب العالمين حتى أن بعض فضلاء أهل العلم قد نص على أنها أكثر من ألف نص .
    ولا شك أنها كثيرة جدا ومتوافرة
    فهذا الاعتقاد الذي نصت عليه النصوص الكثيرة المتواترة من أن الله
    الخالق كائن فوق سماواته وعلى عرشه دون أن ينازعه في ذلك أحد هو


    من أبرز صفاته الدالة على ألوهيته وربوبيته .
    فعلوه بذاته صورة من صُوَر السيادة ، والعزة ، والجلال ، والمجد ، والملك ، والعظمة ، والقهر لمن سواه ، والجبروت ، والكبرياء ، والقوة والقدرة ، والهيمنة ، والمفارقة لكافة المخلوقات ، وهذا من أدل ما يستدل به على الربوبية والألوهية
    إنّ علوه بذاته هو من أظهر وأوضح صور الكمال والجلال
    إنّ عقْلا يرفض كل هذا الجانب من الكمال لهو عاطل لا يلتفت إليه
    وبفضل الله فإضافة إلى توافر الأدلة الشرعية النصية على ذلك العلو فكذلك أقوال علماء الإسلام من أهل السنة لا تكاد تحصى ، حتى أن أقوالهم التي نقلت الإجماع وحدها قد بلغت العشرات ناهيك عن غيرها التي تقرر أقوال جماعات منهم وأفراد
    والحمد لله فكما أن النصوص واضحة صريحة فكذلك أقوال العلماء ومن فضل الله على أهل الصدق أهلِ السنة والجماعة أتباع السلف الصالح أنهم سلكوا في تقرير هذه العقيدة مَسْلك الوضوح والبساطة بعيدا عن التعقيد والغمغمة والغموض والتكلف والتنطع الذي هو ديدن غيرهم من المتلاعبين ممن يبغونها عوجا كما هو حال طوائف أهل البدع
    فإذا قرأ أحدنا قوله تعالى : ( ءاأمنتم من في السماء أن يخسف


    بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ) قال مُسَلّما مؤمنا : الله الخالق كائن في السماء كما أخبر عن نفسه
    وإذا قرأ قوله : ( بل رفعه الله إليه ) وقوله ( ورافعك إلي )
    قال مقرا مُسَلّما : رفع الله عيسى من الأرض إليه حيث هو فوق
    وإذا قرأ قوله : ( يخافون ربهم من فوقهم )
    قال : يخافون ربهم كونه موجودا فوقهم
    وإذا قرأ قوله : ( الرحمن على العرش استوى )
    قال : هو كائن فوق عرشه عال عليه
    وإذا قرأ قوله صلى الله عليه وسلم عن عروج روح المؤمن الطيبة إلى آخر سماء عندما قال : ( حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله )
    قال هذا السني المتبع للسلف : نعم هو موجود فوق آخر سماء
    أو قرأ قوله صلى الله عليه وسلم للجارية : ( أين الله )
    قال محترما نبيه :
    نعم يجوز السؤال عن الله أين هو موجود ، لا كحال من يسيء الأدب مع نبيه ويقول لا يجوز هذا السؤال ويتكلف ليبرر سوء أدبه مع أكرم الخلق وليسوغ تكذيبه للنبي الكريم
    وإذا قرأ بقية الحديث وإقراره صلى الله عليه وسلم لجواب الجارية بأن


    الله ( في السماء )
    قال : نعم هذا هو جواب ذلك السؤال بأنه موجود فوق السماء
    أو قرأ قوله صلى الله عليه وسلم : ( ربنا الله الذي في السماء ، تقدس اسمك )
    قال نعم ربنا كائن فوق السماء
    أو قرأ قوله صلى الله عليه وسلم عن التي تأبى زوجها : ( إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها )
    قال : نعم ، الله الذي يُلتمس رضاه ويُخاف من سخطه هو فوق السماء
    أو قرأ قوله : ( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء )
    قال : نعم هو أمين ربه الذي فوق السماء

    وبمثل هذه الأجوبة السهلة الواضحة المستقاة من النصوص بألفاظ موجزة والتي ملؤها التصديق والتسليم كان السلف يجيبون

    فعن أبي زرعة الرازي الإمام الحافظ شيخ مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحد أشهر أئمة السلف وأرفعهم :
    لما سئل عن تفسير قوله : (الرحمن على العرش استوى ) قال :


    تفسيره كما يُقرأ ، هو على العرش وعلمه في كل مكان ; ومن قال غير هذا فعليه لعنة الله .
    رواه الحافظ الهروي في ذم الكلام بإسناد ثابت ،فيه جد الحافظ القراب قد روى عنه جمع من الحفاظ وكان معروفا وباقي رجاله أئمة حفاظ

    وعن يزيد بن هارون الإمام الجليل شيخ الإمام أحمد قال :
    " من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يَقرّ في قلوب العامة فهو جهمي "
    ذكره البخاري في خلق أفعال العباد وأسنده ابن أبي حاتم في الرد على الجهمية وعبد الله بن أحمد في السنة وابن بطة في الإبانة من طريقين وإسناده صحيح
    وقال بنان بن أحمد :
    كنا عند القعنبي رحمه الله فسمع رجلا من الجهمية يقول الرحمن على العرش استوى فقال القعنبي :
    من لا يوقن أن الرحمن على العرش استوى كما يقر في قلوب العامة فهو جهمي " ا.هـ
    نقله الذهبي في العلو
    فبالله عليكم هل بعد هذا الوضوح من وضوح ؟ وهل بعد هذا البيان


    من بيان ؟ وهل من بساطة ويسر بعد هذا ؟
    هاهم أئمة السلف يصرحون ويبينون أن المعنى الظاهر المتبادر إلى فهم كل قارئ لهذه النصوص هو الذي يجب إثباته والإيمان به ، وما سواه فهو تحريف .
    وكل هذه الأجوبة الإيمانية عن معاني كلٍّ مِن هذه النصوص هي أجوبة قائمة على التصديق والتسليم بما جاء به الوحي ، ودافعها الصدق في طلب مراد الله ومراد رسوله ، ويزينها أدب التعامل مع أخبار الله ويميزها السلامة من آفات التكلف والتنطع والمراوغة والسفسطة الزائفة
    وهذا هو دأب السلف مع كل نصوص الصفات يمرونها كما جاءت ، إذ هي جاءت ألفاظا ذات معاني ، و لم تأت ألفاظا صماء كما يزعم أهل البدع
    1

  • #2
    إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

    كما أن نصوص الصفات كلها والتي بلغت الآلاف ، بشاهدة جمع من الأشاعرة عندما قالوا بأنها بلغت مبلغا عظيما في العدد ، فهي لم تأت كلُّها على خلاف ظاهرها ولا جلها ولا كثير منها كما يزعم الأشاعرة
    فحمل هذا الكم على خلاف الظاهر وخلاف المتبادر إلى الفهم يصادم وضوح الدين ويسره ، ويناقض بيان القرآن ووظيفته وكونه مصدر هداية ونور ، ويعارض مكانة السنة ومهمتها وكونها محجة بيضاء


    ومصدر إيضاح وتبيين .
    فالوحي إنما نزل للهداية وليكون سبيل نجاة للعبد ، ولم ينزل لتضليل الناس وتتويههم ! فيقرر معاني باطلة ويطلب منهم الإيمان بضدها !
    وعليه فما ينادي به طوائف التعطيل من الأشاعرة وغيرهم من دعوى ضرورة إلغاء ظواهر هذه النصوص ، ومن الإشتغال بتأويلها هو منهج باطل وطريق منحرف ، إذ حقيقته تحريف للنصوص وتكذيب بالوحي وإن أُلبس شعار التنزيه ودفع التشبيه .
    فكل مبطل محرّف على وجه هذه الدنيا مهما كان باطله فإنه يستحيل أن يدعو الناس إلى مذهب يعترف فيه بأنه محرَّف ومكذوب ولو كان باطله يصيح بالضلال وإنما لابد من أن يستخدم الشعارات
    وعليه فلن تغرنا هذه الشعارات الوهمية التي ينادي بها نفاة الصفات كالتنزيه ونفي التشبيه والتي حقيقتها عندهم الرفض والرد والإلغاء والتكذيب لنصوص الوحي .
    وكفى بالتأويل أنه باتفاق أولئك الأشاعرة أنه لا يقود إلا إلى ظن عار عن اليقين لا يخالف في هذا أشعري بصير بمذهبه .
    وصدق تعالى إذ يقول : ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى )
    وهكذا جل أهل الباطل إنما أوقعهم في الضلال هو ذلك القدر من


    الظن الذي يُشعِرهم بأنهم على الحق ويُعتّم عليهم بحسب حجمه جانب
    الهوى الكامن في قلوبهم ويخفي عنهم الشعور به .
    وهكذا امتزاج الظن بالهوى يساعد الشيطان على قيادة صاحبه إلى العناد والتعصب بإبرازه دائما لجانب الظن وإخفاء جانب الهوى وهذا هو مصداق الآية
    ونجيب هؤلاء الذين يدعوننا لرفض وردِّ ما جاءت به نصوص الصفات من دلالات ظاهرة بما يلي :
    ـ نقول لهم إنكم في حقيقة الأمر تدعوننا لمخالفة المفهوم الواضح للنص واتباع ما تمليه عليكم عقولكم من مفاهيم تحت ما سميتموه زورا بالتأويل وهذا غاية في الاستخفاف بالغير
    ـ إنكم مجمعون يا معشر الأشاعرة على أن ما دلت عليه هذه النصوص من دلالات ظاهرة وواضحة في إثبات الصفات ـ ونقول بها نحن ـ هي دلالات تحتملها النصوص في الأصل بصورة ظنية قوية ، وبشكل راجح وغالب بالنظر إلى الأصل في هذا النوع من الدلالات ، لكنكم تركتموها لدعواكم أن هناك قرائن دفعتكم لترك ذلك الظن الراجح من حيث أصله إلى الظن المرجوح من حيث أصله ولأن عقولكم استحالت الأخذ بالراجح .
    وعليه فباعترافكم جميعا أن ما ذهبنا إليه من الأخذ بالظواهر وإثبات


    الصفات على المعاني الظاهرة هو مذهب تحتمله النصوص في نفسها لأنه
    مستمد منها وبشكل راجح وغالب أصالة
    وعندها نقول لكم كيف نترك هذا الظن الغالب الذي يشهد له الأصل والذي هو مستمد من النص بالإجماع بيننا وبينكم إلى ظن أضعف منه أصالة باعترافكم و غير متفق على احتمال النص له ، لأنه عندنا أن النص لا يحتمله كما هو الحال في أكثر تطبيقاتكم ، فأغلب تأويلاتكم لا تحتملها النصوص لقرينة فيها إما من سياق أو نحوه بل فيها ما ينقضه النص نفسه وليس هذا محل بسط الأمثله فمحله في مبحث آخر
    ـ إضافة إلى ما سبق فتأويل النصوص إلى ما يخالف ظاهرها هو مذهب محدث مبتدع ومخالف لما كان عليه صحابة رسول الله والتابعون وتابعوهم بإحسان ، فقد أجمع السلف الصالح على ترك التأويل باعتراف أكثر الأشاعرة
    فإن السلف قبل ظهور من يتكلم في نصوص الصفات ويخوض فيها كانوا لا يقفون من نصوص الصفات موقفا خاصا يتميز عن بقية النصوص بشيء ، وإنما كانوا يعاملون النصوص كلها معاملة واحدة فيأخذون بكل معنى ظاهر وواضح من النص سواء في أبواب الفقه أو أبواب العقيدة والصفات ، وواقع هذه النصوص أكبر دليل .
    وكذلك كانوا لا يحرصون على طرح مبدإ معين عن طريق عبارات


    معينة يخص هذه النصوص كما هو الحال بعدها ، وإنما كانوا يتعاملون
    معها كغيرها من النصوص
    بدليل خلو عهد الصحابة كبارهم وصغارهم وكذا عهد كبار التابعين من إظهار موقف يخص تلك النصوص بشيء ، وهذا باعتراف جل الأشاعرة
    ثم عندما ظهر من يتكلم في الصفات كالجعد بن درهم في آخر القرن الأول ومطلع القرن الثاني وتبعه جهم ، فعندها بدأ السلف يرفعون شعارات تقعيدية يسدون بها باب الخوض الذي أصبح غير مأمون بسب البدع المنتشرة كشعار ( أمروها كما جاءت ) و ( تفسيرها قراءتها ) ونحو هذا من العبارات كما ورد عن مكحول والشعبي والزهري
    و ـ تنزلا ـ على قول بعض الأشاعرة أن صبيغا الذي أدبه عمر وكان يتكلم في القرآن ويضرب بعضه ببعض إنما كان يتكلم في الصفات ، على التسليم بهذا
    فالسلف لم يتكلموا بمثل ما تكلموا به حتى عند ظهور نواة الخوض في الصفات في ذلك الوقت المبكر حتى ظهر ذلك على يد جماعة كالجعد وجهم وأتباعهما وأصبح منتشرا
    ولم تشتهر هذه الشعارات ( أمروها كما جاءت ) ( تفسيرها قراءتها )


    عن السلف حتى عند ظهور الجعد ، وإنما كان نواتها على يدي مكحول
    والشعبي والزهري ونحوهم في ذلك الوقت ثم بدأ هذا الشعار يشتهر باشتهار الكلام في هذا الباب
    فمقالة السلف ( أمروها كما جاءت ) ونحوها من الشعارات الناهية عن الخوض وعن التعمق في التفسير إنما كانت أو اشتهرت بعد اشتهار الخوض في باب الصفات وبعد ظهور من يجادل في معانيها ويفسرها تفسيرا محدثا مخالفا لظاهرها
    والخلاف بين حالهم بعد الشعار وقبله أن إعمال الظاهر الذي كان يُسمح به سابقا بإطلاق ولو من قبيل دلالة اللازم دون تخوف من المحاذير باعتبار أنه لا يسبب في تبادل الحجاج وتجدد الشبه من قبل المخالف ، باعتباره غير موجود ، أصبح مسموحا به في نطاق أضيق سدا لباب التوسع الذي يزيد من طرح الشبهات والجدل والخوض المنافي لقضايا هذا الباب لطروء مذهب مخالف يقوم على الجدل ونشر الشبهات
    وهذا أمر لا يخالف فيه ذو دراية بذلك الواقع .
    فالذي ينسِب لابن عباس أو ابن عمر أو لكبار التابعين أنهم كانوا يبثون مثل هذه الشعارات فليس معه فيما أعلم إلا الدعاوى العارية عن المستند


    ومن هذا تعلم أن عامة الأشاعرة قد حرفوا الواقع ليبرروا مذهبهم
    المحدث في التأويل وذلك عندما زعموا أن السلف كانوا ينادون بهذه الشعارات من أول أمرهم قبل ظهور الخوض في هذا الباب مدعين أن التأويل حل مشروع وإنما تركه السلف لعدم الحاجة إليه لعدم ظهور الكلام في الصفات على عهدهم
    فالعجب من إلقاء الدعاوى زورا وبهتانا !!
    هؤلاء حرفوا الواقع تحريفا ظاهرا وذلك :
    ـ عندما ألغوا بسياسة التجاهل مرحلة ما قبل شعارات النهي عن الخوض ليكتموا على الناس هذه المرحلة التي تدل على معاملة نصوص الصفات كغيرها من عامة النصوص دون فرق
    وهذه مرحلة لا ينكرها إلا جاحد وما أكثرهم أصلحهم الله
    ـ وأيضاعندما زعموا أن شعار ( أمروها كما جاءت ) كان هو أول حال السلف مع الصفات وأول مرحلة في هذا الباب ليكتموا المرحلة السابقة ، بينما هو المرحلة الثانية .
    ـ وأيضا عندما زعموا أن هذا الشعار إنما رُفع قبل ظهور الخوض في هذا الباب
    بينما رُفع بعد ظهوره بل وانتشاره ، وقارِن إن أردت أن تستبين بين من اشتهرت عنهم شعارات السلف من أئمتنا وبين الجعد وأتباعه من


    حيث الزمن وستعرف تزامنهما
    ـ وأيضا عندما زعموا أن داعي التأويل وسببه إنما قام بعد انقضاء عهد السلف وأنه لو أدركه السلف لاحتاجوا للتأويل كما احتاج إليه الأشاعرة ولأَوّلوا
    و هذا تحريف وتزوير للواقع حتى يبرروا لأنفسهم مخالفة السلف فيما أحدثوه من التأويل
    فإنه مما لا خلاف فيه أنه قد انتشر الكلام في الصفات على وجه التفصيل من منطلق عقلي ، وكثر الخوض في هذه المسائل منذ مطلع القرن الثاني وبدايته على يد الجعد بن درهم الذي قتل في حدود سنة 120 هـ تقريبا وتلميذه الجهم ، وقيل تكلم قَبلهما بيان بن سمعان كما ذكر ابن الأثير ، ثم انتشرت بدعة الخوض بالنفي
    وفي المقابل أيضا لا خلاف أنه منذ النصف الأول للقرن الثاني بل والغالب قبلها أنه قد انتشر الكلام في الصفات على وجه التمثيل والتشبيه ممن اشتغلوا بالتجسيم كمقاتل بن سليمان وهشام بن سالم الجواليقي وداود الجواربي ثم هشام بن الحكم الرافضي وعامة الشيعة الأوائل وجماعة من الصوفية ، وأيضا أوائل الخوارج وحتى وقت ظهور الكرامية في مطلع القرن الثالث
    ومع ظهور هذين الاتجاهين وكثرة الخوض في الصفات من قِبلهما


    وانتشار ذلك لم يقابل السلف هذا بالتأويل قط ولم يقولوا به
    بل وما انصرم القرن الثاني حتى بلغ الأمر غايته ، وما خبر المريسي وأتباعه عنكم ببعيد ، وحفص الفرد وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ويحيى بن صالح الوحاظي .
    بل قد نُسب إلى التجهم بعض الشيوخ كمحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة كما اتهمه الإمام البخاري في خلق أفعال العباد
    وكذا إسماعيل بن علية وبشر بن السري وكل هذا في آخر القرن الثاني أما مطلع القرن الثالث فلا يخفى ما جرى فيه من الفتنة لأئمة السنة وظهور هذه البدعة على يد بعض الأمراء وغيرهم
    ولم يقل السلف مع كل هذا بالتأويل وما أولوا بل كانوا يثبتون الصفات ويجرونها على ظاهرها ويمرونها كما جاءت
    فمن العيب وغير اللائق أن يلجأ أصحاب التأويل من الأشاعرة إلى تحريف الواقع وتزويره عندما يدّعون بأن سبب ظهور التأويل ( والذي هو الخوض في الصفات بالتجسيم وبالتعرض للنصوص تفصيلا ) بأنه لم يكن موجودا في عهد السلف .
    بينما عاش السلف قرابة القرن ونصف ـ قد تنقص قليلا ـ ( وهي نصف الحقبة التي عاشوها ) وهم يعانون من بدعة الخوض في الصفات بالنفي ثم بالتمثيل والتشبيه


    ومع هذا لم يقولوا بالتأويل ، بل حاربوه وأنكروه على المعتزلة والجهمية
    باعتبارهما كانا يؤولان النصوص ، وهل أخذ الأشاعرة التأويل إلا عنهما ؟!
    وكم من التأويلات التي يقول بها الأشاعرة هي بعينها تأويلات المعتزلة باعتراف جماعة من الأشاعرة وما أكثرها ، ناهيك عن التي هي من نوع تأويلهم .
    وهل يستطيع أن ينكر الأشاعرة كون المعتزلة والجهمية كانوا يؤولون الصفات وكان السلف ينكرون عليهم التأويل ؟!
    إذاً فليبين لنا الأشاعرة مالذي كان ينكره السلف على المعتزلة والجهمية ؟ ومالذي كان يقول به هذان الفريقان على الأقل في حق نصوص القرآن التي لم يجحد ثبوتها أحد ؟
    هل كان المعتزلة والجهمية يثبتون الصفات التي جاء بها القرآن كالمحبة والكلام والغضب والسمع والبصر والعلو واليدين ونحوها من عامة الصفات القرآنية ؟
    الكل يعلم أنهم كانوا يؤولونها جحدا لمعاني النصوص وكان السلف ينكرون عليهم التأويل .
    والإمام أحمد في رواية المرّوذي : سئل عن عبد الله التيمي فقال : صدوق لكن حكي عنه أنه ذكر حديث الضحك ، فقال : مثل الزرع


    ، وهذا كلام الجهمية " .
    وهذا تأويل لصفة الضحك وأنكره أحمد والأشاعرة يؤولونها بل عين هذا التأويل هو بعينه قال به أشاعرة .
    وأمثال هذا في كلام أحمد وغيره كثير .
    وفي المسند ذكر الإمام أحمد حديث : " لا شخص أغير من الله " ثم ذكر قول الإمام عبيد الله القواريري شيخ أحمد عندما قال :
    " ليس حديث أشد على الجهمية من هذا الحديث قوله : لا شخص أحب إليه مدحة من الله عز وجل " ا.هـ
    وهذا الحديث نفسه يصدق عليه أنه من أشد النصوص على الأشاعرة
    وكذا الفضيل بن عياض قال عن الجهمية الذين ينكرون نزول الله نزولا حقيقيا ، ويجحدون أنه نوع قرب إلى السماء الدنيا ، تماما كما تنكر الأشاعرة فقال :
    " إذا قال لك جهمي أنا أكفر برب يزول عن مكانه فقل أنا أومن برب يفعل ما يشاء "
    ففهْمُ الجهمية لحديث النزول موافق لفهم الأشاعرة
    ذكره البخاري في خلق أفعال العباد وأسنده اللالكائي وابن بطة
    وبقريب من معناه روى البيهقي عن إسحاق بن راهويه.
    وسبق عن يزيد بن هارون شيخ أحمد والإمام الكبير المعروف وكذا عن


    الإمام القعنبي تلميذ مالك كليهما على أن أن تأويل الاستواء هو من
    عقيدة الجهمية ، وأنكرا هذا التأويل والأشاعرة نفسهم يؤولون الاستواء ، وأشباه هذا كثير في كلام السلف
    وهذا الإمام أبو داود السجستاني صاحب السنن يعقد بابا في الجهمية وبابا في الرد عليهم ، وذكر فيهما على وجازتهما صفة العلو والفوقية وصفة اليد واليمين وصفة النزول منكرا على الجهمية ردهم هذه الصفات وهم يؤولون كل ما ثبت من أدلة هذه الصفات ، كآيات الفوقية وآيات اليد وآية اليمين ، وكان السلف ومنهم أبوداود ينكرون عليهم هذا التأويل بمثل هذه الردود .
    والإمام الترمذي عندما قال في سننه :
    " وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز و جل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد ههنا القوة وقال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد "
    تأمل قوله " فتأولت الجهمية " وعنى تأويل اليد
    وقد بين الترمذي قبل هذا الكلام مباينة أهل السنة للجهمية في هذا وكلامه صريح في نسبة التأويل لهم وإنكار السلف عليهم ذلك


    وكذلك الإمام ابن ماجة في كتابه السنن قد عقد بابا بعنوان :
    ( فيما أنكرت الجهمية ) وملأه بالصفات نفسها التي تنكرها الأشاعرة كالضحك والغضب واليدين واليمين والفوقية وغيرها ونسب للجهمية إنكارها ؟
    فالجهمية يؤولون كل آيات الغضب وهي خمس عشرة آية وآيات اليدين واليمين والفوقية ، والسلف ينكرون عليهم التأويل وذلك في هذه الأبواب التي عقدوها للرد عليهم
    وهذا أبوعوانة في مسنده يبوب للرد على الجهمية فيقول :
    مُبْتَدَأُ أَبْوَابٍ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ ، وَبَيَانِ أَنَّ الْجَنَّةَ مَخْلُوقَةٌ ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم دخلها ، وأنها فوق السموات والأرض ، وأن السدرة المنتهي فوقها ، وأن الله فوقها ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم انتهى إليها ، وأنه دنا من رب العزة ورب العزة دنا منه قاب قوسين أو أدني ، وأن ما غشي السدرة من الألوان كان من نوره تبارك وتعالى "
    ثم ذكر جملة من الصفات كالضحك والنزول والنور والوجه واليد والقدم يبين أن الجهمية كانت تؤولها وينكر ذلك عليهم .
    وهذا الإمام ابن خزيمة يقول عنهم :
    " فَاللَّهُ جَلَّ وَعَلا أَثْبَتَ فِي آيٍ مِنْ كِتَابِهِ أَنَّ لَهُ نَفْسًا وَكَذَلِكَ قَدْ بَيَّنَ


    عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ لَهُ نَفْسًا كَمَا أَثْبَتَ النَّفْسَ فِي
    كِتَابِهِ وَكَفَرَتُ الْجَهْمِيَّةُ بِهَذِهِ الآيِ وَهَذِهِ السُّنَنِ وَزَعَمَ بَعْضُ جَهَلَتِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَضَافَ النَّفْسَ إِلَيْهِ عَلَى مَعْنَى إِضَافَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهِ وَزَعَمَ أَنَّ نَفْسَهُ غَيْرُهُ كَمَا أَنَّ خَلْقَهُ غَيْرُهُ وَهَذَا لا يَتَوَهَّمُهُ ذُو لُبٍّ وَعِلْمٍ فَضْلا عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ " ا.هـ
    ولم تَكْفر الجهمية بتلك الآية بمعنى أنكرت أنها من القرآن وإنما بمعنى تأولته على خلاف معناها
    وقال العلامة ابن رجب في كتابه فتح الباري :
    " وكان السلف ينسبون تأويل هذه الآيات والأحاديث الصحيحة إلى الجهمية ؛ لأن جهماً وأصحابه أول من أشتهر عنهم أن الله تعالى منزه عما دلت عليه هذه النصوص بأدلة العقول التي سموها أدلة قطعية هي المحكمات ، وجعلوا ألفاظ الكتاب والسنة هي المتشابهات فعرضوا ما فيها على تلك الخيالات ، فقبلوا ما دلت على ثبوته بزعمهم ، وردوا مادلت على نفيه بزعمهم ، ووافقهم على ذلك سائر طوائف أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم .
    وزعموا أن ظاهر ما يدل عليه الكتاب والسنة تشبيه وتجسيم وضلال ، واشتقوا من ذلك لمن آمن بما أنزل الله على رسوله اسماء ما أنزل الله بها من سلطان ، بل هي افتراء على الله ، ينفرون بها عن الإيمان بالله


    ورسوله .
    وزعموا أن ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك - مع كثرته وانتشاره - من باب التوسع والتجوز ، وأنه يحمل على مجازات اللغة المستبعدة ، وهذا من أعظم أبواب القدح في الشريعة المحكمة المطهرة، وهو من جنس حمل الباطنية نصوص الإخبار عن الغيوب كالمعاد والجنةوالنار على التوسع والمجاز دون الحقيقة ، وحملهم نصوص الامروالنهي على مثل ذلك ،وهذا كله مروق عن دين الإسلام " ا.هـ 2

    تعليق


    • #3
      إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

      وهكذا فكل تأويلات الجهمية والمعتزلة للصفات كان السلف ينكرونها عليهم وأكثرها مشتركة بينهم وبين الأشاعرة ، كتأويل صفة الوجه بالذات وتأويل اليد بالقدرة أو القوة أو النعمة ، وكتأويل الاستواء بالاستيلاء وكتأويل الضحك والمحبة والنور وغيرها
      وسأبين في فرصة لاحقة بالنقول الموثقة تأويلات الأشاعرة هذه وغيرها وكيف أنها نفسها أنكرها السلف على المعتزلة والجهمية وباعتراف جماعة من الأشاعرة .
      فالسلف كانوا ينكرون التأويل قطعا وأدلة إنكارهم والله أكثر من أن تحصر .
      فهل مع هذا يكون صادقا من يزعم أن السلف تركوا التأويل لعدم
      وجود سببه ولو وجد السبب لقالوا بالتأويل ؟!!
      إنه العناد والتعصب للمذهب وما هذا بحال أهل الأمانة .
      ومنه تعلم أن هذه الدعوى منافية للصدق وقائمة على تزوير الواقع ولا حول ولا قوة إلا بالله .
      أم يظن الأشاعرة أن إنكار المعتزلة والجهمية للصفات كان إنكار جحد
      للنصوص القرآنية وغيرها ؟!
      فهذا ما لا يدعيه صادق أو من شم رائحة العلم بهذه المسائل ، إذ نصوص القرآن مليئة بذكر الصفات بشهادة عامة الأشاعرة وما جحدت الجهمية ولا المعتزلة تلك الآيات من أصلها وإنما جحدت معانيها تأويلا كحال الأشاعرة تماما .
      فإنكار المعتزلة والجهمية للصفات باتفاق هو إنكار تأويل وهذا هو الذي حذر منه السلف واشتد نكيرهم عليه .
      مع أنني أنبه إلى اضطراب الأشاعرة في هذه الدعوى .
      فبين معترف بحدوث التأويل وعدم وروده عن السلف وهم الأكثر وبين مدّع أنه مأثور عنهم معترف بقِلّته ، وبين متجاهل زاعم أنه كان أحد قوليهم وهم قلة
      والجميع على اضطرابهم متورطون في تحريف الواقع السابق ، وهكذا كل طائفة تخالف الحق فلا يمكن أن تتفق أبدا .
      ولم أر طائفة يكثر اختلافها واضطرابها وتناقضها كالأشاعرة ، وبسط
      هذا له محله .
      وأنبه إلى أن هؤلاء مع ما هم واقعون فيه من مخالفة معاني القرآن والسنة نفسها بما ذهبوا إليه مما أسموه تأويلا ومع مخالفتهم ومشاقتهم لسبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وتابعيهم الذين كانوا نابذين
      للتأويل بل ومنكرين له عندما وقع من أهل البدع .
      فهم بتأويلهم هذا قد وقعوا في تحريف القرآن والسنة تحت هذا الستار (التأويل) مستغلين ما يسمونه بالمجاز موهمين أنه لأجل دفع التشبيه ، الذي لا يوجد في الحقيقة إلا في عقولهم لا في القرآن والسنة .
      ودليل أنهم يستخدمون التنزيه ونفي التشبيه كمطية وغلاف وشعار ليغطوا به تكذيبهم بالنصوص ، أنهم لم يكتفوا برد النصوص الظاهرة التي لها دلالة الظاهر فقط بل كذبوا بالنصوص المحكمة التي لها دلالة النص الذي لا يقبل التأويل ، تحت نفس الستار ، في خطوة مفضوحة لدى كل من علم شيئا من أصول العلم بل وكل من رزق سلامة الفهم
      وهذا اعتراف بعدم قبول جملة من نصوص الصفات للتأويل من أحد أكبر أئمتهم وهو الفخر الرازي
      حيث قال عند تعداده للأوجه الموجبة لترك الاستدلال بأخبار الآحاد فقال :


      " إن الأخبار المذكورة في باب التشبيه [ يقصد باب الصفات ] بلغت
      مبلغاً كثيراً في العدد ، وبلغت مبلغاً عظيماً في تقوية التشبيه ، وإثبات
      أن إله العالم يجري مجرى إنسان كبير الجثة عظيم الأعضاء ! وخرجت عن أن تكون قابلة للتأويل " ا.هـ
      المطالب العالية له 9/213
      فمع سوء تصويره لما دلت عليه الأحاديث النبوية الشريفة الكريمة ومع ما اشتمل عليه كلامه مما لا يليق بالله العزيز الكريم مما أمْلَتْه عليه وساوسه ، فهو قد اعترف بأن كثيرا من تلك النصوص لا تقبل التأويل ، والعاقل يعلم أن اعترافا كهذا لا يصدر من خصم إلا والأمر لا يحتمل الإنكار .
      فما أدري ما هو جواب معطلة الأشاعرة عن اشتغال أئمتهم بتأويل كل النصوص وكثير منها لا يقبل التأويل بشهادة هذا الإمام الأشعري ؟!
      وتأمل وصْف الرازي لمعاني النصوص وفهمه لها فهو جد مهم لأنه يشخّص لك السبب الذي دفعهم لتعطيل الصفات ألا وهو فهمهم التشبيه فقط من تلك النصوص ، ولا أدل على هذا من صريح قوله عن النصوص النبوية : " بلغت مبلغا عظيما في تقوية التشبيه " ثم ما صور به دلالتها على صفات الله من قوله : ( إنسان كبير الجثة عظيم الأعضاء )


      بل سجل جماعة من الأشاعرة اعترافا مشابها عندما قرروا أن الأنسب
      في خطابات القرآن والسنة للعامة والأقرب الى اصطلاحهم والأليق
      بدعوتهم إلى الحق ما يكون ظاهرا في التشبيه
      وبعضهم يصور أن القران آياته طافحة بالتجسيم
      حاشا كتاب الله من سوء الأدب وسوء الظن وسوء الفهم .
      فبالله عليكم هل أحاديث النبي الكريم في صفات الله كذلك ؟
      أين وجد هؤلاء أن النبي في حديث صحيح عنه وصف ربه وجعله إنسانا فضلا عن أحاديث كثيرة كما زعم ؟
      هذا هو ظن هؤلاء في سنة نبيهم زاعمين أنها تدل على التشبيه والتجسيم ويجهرون بهذا بكل جرأة !
      فهل يوثق بعقولٍ كهذا تسيء الظن بأحاديث نبيها ؟
      هذا والله أكبر دليل على عطَل عقولهم وعلى أن نفيهم للصفات وتعطيلهم لها عن الله إنما نتج من سوء فهمها ابتداء فلما شبهوا احتاجوا أن يعطلوا وهذا باعتراف كبرائهم .
      ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين )
      ولتعلم شدة عناد هذه الطائفة وجحودها للحقائق ومكرها بأهل الحق أنهم دائما يتهمون أهل السنة بأنهم هم الذين جاؤا بالتشبيه وألصقوه بالنصوص لينفروا منهم الناس ثم ينبزونهم بالتشبيه والتجسيم ويظهرون التباكي على النصوص بينما هم يعتقدون أن النصوص نفسها هي التي
      جاءت بعظيم التشبيه ، فتأمل هذا المكر !!
      والذي ذكره الرازي من اتهام النصوص بالتشبيه ودلالتها على
      التجسيم الإنساني هو الذي يعشعش في عقول عامة الأشاعرة لكنهم
      قل أن يصرحوا أو يعترفوا .
      ومن أدلة هذا تجرؤ بعضهم وصف كلام الله وكلام رسوله بأن ظواهرها باطلة وضلال وكفر !!!
      كما في قول أحمد الصاوي الأشعري عندما قال :
      " فإن العلماء ذكروا أن من أصول الكفر الأخذ بظواهر الكتاب والسنة اهـ
      وقال : " لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر " اهـ
      و قال السنوسي في "شرح الكبرى" :
      " وأما من زعم أن الطريق إلى معرفة الحق هو الكتاب والسنة, ويحرم ما سواهما؛ فالرد عليه أن حجتهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي, وأيضاً فقد وقعت فيهما ظواهر من اعتقدها على ظاهرها كفر عند جماعة وابتدع " ا.هـ
      فتأمل منزلة الكتاب والسنة عند هؤلاء
      وقد انتدب علامة قطر أحمد بن حجر آل بوطامي فصنف مصنفاً في الرد عليهم أسماه " تنزيه السنة والقرآن عن أن يكونا من أصول الضلال والكفران " طبعته دار الصميعي كما أفاده الأخ الفاضل والباحث المتميز ( فيصل ) العضو المتميز بملتقى أهل الحديث
      وقال العالم الأشعري يوسف الدجوي :
      " يتمسك كثير من الناس بظواهر الآيات وهو غلط فاحش يؤدي إلى الكفر "
      مجموع مؤلفات وفتاوي الدجوي " ( 1/387 )
      ومثله قول عليش المالكي :
      ( إن كثيراً من القرآن والأحاديث ما ظاهره صريح الكفر ، ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) ا.هـ
      أيّ ضلال بعد هذا أن تتهم نصوص الكتاب والسنة وتُبرّأ في المقابل عقول أصحاب علم المنطق والكلام المستمد من فلسفة اليونان
      ودليل العمى وتعطل العقول الذي أصاب عامة هؤلاء المعطلة أن القول بأن نصوص القرآن والسنة تدل في ظاهرها على الضلال والتشبيه والكفر لا يعتبرونه ذما وقدحا في القرآن والسنة .
      فبالله عليكم هل يُعتبَر عاقلا مَن يَرى أن هذا الكلام لا يحمل ذما وقدحا في القرآن الكريم والسنة النبوية ؟!
      هذا أكبر دليل على تعطل عقولهم وعدم صلاحيتها في هذا الباب


      يقول الإمام الأمين الشنقيطي تعليقا على كلام الصاوي :
      " والحق الذي لا شك فيه أن هذا القول لا يقوله عالم ، ولا متعلم ، لأن ظواهر الكتاب والسنة هي نور الله الذي أنزله على رسوله
      ليستضاء به في أرضه وتقام به حدوده ، وتنفذ به أوامره ، وينصف به بين عباده في أرضه .
      والنصوص القطعية التي لا احتمال فيها قليلة جداً لا يكاد يوجد منها إلا أمثلة قليلة جداً ...
      والغالب الذي هو الأكثر هو كون نصوص الكتاب والسنة ظواهر .
      وقد أجمع جميع المسلمين على أن العمل بالظاهر واجب حتى يرد دليل شرعي صارف عنه ، إلى المحتمل المرجوح ، وعلى هذا كل من تكلم في الأصول .
      فتنفير الناس وإبعادها عن كتاب الله ، وسنة رسوله ، بدعوى أن الأخذ بظواهرهما من أصول الكفر هو من أشنع الباطل وأعظمه كما ترى " ا.هـ
      وطبعا المراد بظواهر النصوص ( اتفاقا ) هي المعاني الواضحة للنصوص المتبادرة إلى الذهن عند قراءتها .
      ونحن أهل السنة أتباع السلف نقول عن ظواهر القرآن والسنة المشتملة على ذكر صفات الله كالسمع والبصر والرحمة والنور والفرح واليدين والوجه والعلو ونحوها من الصفات نقول بأنها على ظاهرها المشتهر في اللغة المعروف عند عامة العرب ، وهي صفات حقيقية وليست مجازية ولكنها تليق بالله الذي ليس كمثله شيء فهي لا تماثل
      صفات المخلوق ولا تشابهها
      غير أنها تشترك في أصل المعنى فقط كالسمع فهو عند الخالق والمخلوق إدراك وتمييز للأصوات إدراكا وتمييزا حقيقيا
      لكنهما يختلفان في الكيفية وحقيقة الصفة ، فسمع الله أكمل وهو يشمل الأصوات وإن بعدت أو ضعفت أما سمع المخلوق فهو قاصر لا يدرك إلا ما قرب ووضح .
      وهكذا كل الصفات لا نتجنب شيئا مما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ، فنثبت ( دون تردد ) ما جاء به النص على المعنى الذي يدل عليه ظاهره .
      مع اعتقادنا أنه على ما يليق بكماله تعالى ، دون مماثلة أو مشابهة للمخلوق .
      وكما أنه موجود وحي وله علم وسمع وبصر وإرادة وهذا باتفاق مع الأشاعرة ، ولم يكن مُشْكلا عندهم أن المخلوق كذلك موجود حي وله علم وسمع وبصر وذات ، ولم يدفعهم هذا إلى تنزيه الله عن هذه الصفات ، ولا اعتبارها أعراضا كما تلزمهم المعتزلة ، ولا إلى توهم التشبيه بإثباتها لأن النافي لهذا التوهم عندنا جميعا هو أنها في حق الخالق على وجه الكمال منزهة عن المشابهة وفي حق المخلوق على وجه النقص ، فوجود الله ليس كوجود المخلوق وشتان ، وحياة الله ليست كحياة المخلوق وسمع الله ليس كسمع المخلوق ...
      وكذلك لله غضب حقيقي ليس كغضب المخلوق وفرح حقيقي ليس
      كفرح المخلوق وعلو حقيقي ليس كعلو المخلوق ووجه حقيقي ليس كوجه المخلوق ...
      ومن زعم أنه يلزم التشبيه من إثبات اليدين والغضب والفرح والعلو والوجه ونحوها مع كون النصوص نطقت بها فقد ناقض نفسه وفرق بين الصفات دون دليل .
      فكلها قد جاءت بها النصوص وكلها يتصف المخلوق بها كما أن الخالق يتصف بها على فرق بينهما في حقائقها .
      فلماذا هذه في إثباتها تشبيه وتلك لا يلزم من إثباتها التشبيه أهي المزاجية أم الهوى أم السفسطة المكسوة والمغلفة بغلاف العقل غشا وخداعا ؟
      وإنكار هذا التفريق قد درج عليه العلماء ولم نستنتجه من عندنا ، ولا أتى به ابن تيمية من كيسه كما يصوره خصومه افتراء وزورا فهذا الإمام الأشعري يقول في الإبانة :
      فقالوا : اليد إذا لم تكن نعمة في الشاهد لم تكن إلا جارحة .
      قيل لهم : إن عملتم على الشاهد وقضيتم به على الله عز وجل فذلك لم نجد حياً من الخلق ، إلا جسماً لحماً ودماً ، فاقضوا بذلك على الله عز وجل .
      وإلا فأنتم لقولكم متأولون ولاعتلالكم ناقضون .
      وإن أثبتم حياً لا كالأحياء منا .
      فلم أنكرتم أن تكون اليدان اللتان أخبر الله عز وجل عنهما ، يدين ليستا نعمتين لا جارحتين ولا كالأيدي؟ " ا.هـ

      وقال الإمام مرعي الحنبلي في أقاويل الثقات :
      " وقال بعض المحققين من الشافعية :
      والذي شرح الله صدري في حال المتكلمين الذين أولوا الإستواء بالإستيلاء والنزول بنزول الأمر واليدين بالنعمتين والقدرتين أنهم ما فهموا في صفات الرب إلا ما يليق بالمخلوقين فما فهموا عن الله تعالى استواء يليق به ولا نزولا يليق به ولا يدين تليق بعظمته بلا تكييف ولا تشبيه فلذلك حرفوا الكلم عن مواضعه وعطلوا ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله .
      قال : ولا ريب أنا نحن وهم متفقون على إثبات صفة الحياة والسمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة والكلام لله تعالى ونحن قطعا لا نعقل من الحياة والسمع والبصر والعلم إلا أعراضا تقوم بجوارحنا فكما يقولون حياته تعالى وعلمه وسمعه وبصره ليست بأعراض بل هي صفات كما تليق به لا كما تليق بنا فمثل ذلك بعينه فوقيته واستواؤه ونزوله ونحو ذلك فكل ذلك ثابت معلوم غير مكيف بحركة أو انتقال يليق بالمخلوق بل كما يليق بعظمته وجلاله فإن صفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت غير معقولة من حيث التكييف والتحديد ولا فرق بين الإستواء والنزول والسمع والبصر الكل ورد في النص فإن قالوا في الإستواء والنزول شبهتم فنقول لهم في السمع والبصر شبهتم ووصفتم ربكم بالعرض فإن قالوا لا عرض بل كما يليق به تعالى قلنا والإستواء والنزول كما يليق به تعالى .
      قال : فجميع ما يلزموننا به في الإستواء والنزول واليد والوجه والقدم والضحك والتعجب من التشبيه نلزمهم به في الحياة والسمع والبصر والعلم فكما لا يجعلونها أعراضا كذلك نحن لا نجعلها جوارح ولا ما يوصف به المخلوق .
      وليس من الإنصاف أن يفهموا في الإستواء والنزول والوجه واليد صفات المخلوقين فيحتاجوا إلى التأويل والتحريف ولا يفهموا ذلك في الصفات السبع ، وحيث نزهوا ربهم في الصفات السبع مع إثباتها فكذلك يقال في غيرها
      فإن صفات الرب كلها جاءت في موضع واحد وهو الكتاب والسنة ، فإذا أثبتنا تلك بلا تأويل وأولنا هذه وحرفناها كنا كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض وفي هذا بلاغ وكفاية " ا.هـ
      وبنحوه قال الإمام ابن خزيمة بل جمع كبير من أهل العلم .
      وقال ابن خزيمة أيضا :
      " فإن كان علماء الآثار الذين يصفون الله بما وصف به نفسه وبما جاء وعلى لسان نبيه مشبهة على ما يزعم الجهمية المعطلة فكل أهل القبلة إذا قرؤا كتاب الله فآمنوا به بإقرار باللسان وتصديق بالقلب وسموا الله بهذه الأسامي التي خبر الله بها أنها له أسامي وسموا هؤلاء المخلوقين بهذه الأسامي التي سماهم الله بها هم مشبهة
      فعود مقالتهم هذه توجب أن على أهل التوحيد الكفر بالقرآن وترك الإيمان به وتكذيب القرآن بالقلوب والإنكار بالألسن
      فأقذر بهذا من مذهب وأقبح بهذه الوجوه عندهم عليهم لعائن الله وعلى من ينكر جميع ما وصف الله به نفسه في محكم تنزيله والكفر بجميع ما ثبت عن نبينا المصطفى بنقل أهل العدالة موصولا إليه في صفات الخالق جل وعلا " ا.هـ 3

      تعليق


      • #4
        إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء



        وما سبق من الإلزام بتوحيد الموقف من الصفات جار على القاعدة المشهورة عند أهل السنة :
        القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر .

        ذكر هذه القاعدة جماعة من أهل العلم أذكر منهم الإمام الخطيب البغدادي والإمام الخطابي وإن خالف في بعض تطبيقاته والإمام إسماعيل التيمي الأصبهاني ثم جاء وشرحها أتم شرح الإمام الفحل ابن تيمية وهي مأخوذة عن السلف من خلال إلزاماتهم للمعطلة لكن بغير هذه الصيغة .
        والأقوى في حق الأشاعرة القاعدة الأخرى :
        القول في الصفات كالقول في الذات .

        فكما أنه تعالى له ذات متصفة بصفات وتُرى ويُنظر إليها باتفاقنا نحن وأكثر الأشاعرة ، ولا يستلزم ذلك عندنا ولا عندهم تشبيهه بالأجسام فكذلك له يدان ووجه على الحقيقة ولا يستلزم ذلك تشبيهه بالأجسام والأيدي والأوجه .
        وكما أنه لا توجد ذات في المشاهد إلا ولها جسم يشابهها أو يماثلها
        مصداقا لقوله تعالى : ( ومن كل شيء خلقنا زوجين ) ولا توجد ذات عند كافة العقلاء إلا وهي جسم ، ومع هذا اتفقنا جميعا على أن لله ذاتا ليست كالذوات واتفقنا أنه لا يلزم أن تشابه الأجسام
        واتفقنا على أن من قال : لا نعقل ذاتا إلا وهي جسم ومشابه للأجسام أنه مخطئ إن استلزم هذا في ذات الله ، وقلنا جميعا : هذا في حق المخلوق أما الخالق فليس كمثله شيء ، واتفقنا أن خطأه كامن في حكمه على الله بناء على المشاهد .
        فكذلك ـ ولا فرق ـ نقول : لله يدان ووجه على الحقيقة ، ليست كالأيدي والأوجه ولا يستلزم كونها على الحقيقة أن تشابه الأيدي والأوجه ، وإن كنا لا نعلم أيدي وأوجها في المشاهَد إلا وهي متشابهة وتوصف بأنها جوارح ، فكونه في المشاهَد كذلك فإنه لا يلزم أن يكون في الخالق ، فالخالق ليس كمثله شيء ، ومن استلزم المشابهة فخطؤه كامن في حُكمه على الله بناء على المشاهَد .
        وأي فرق هذا الذي جعل الأشاعرة لا يستلزمون في الذات ما استلزموه في اليد والوجه ؟
        أليس الله ( ليس كمثله شيء ) لا في ذاته ولا في أسمائه ولا صفاته ؟
        كيف عقلتم مع انتفاء المثلية ومع اعتقاد أن الله أحد لا نظير له أنه يلزم في حقه ما هو مشاهد في المخلوق ؟
        مع أنكم لم تعقلوا هذا في الذات ، وأثبتُّم لله ذاتا ؟


        وهذا إلزام ألزمهم به أهل العلم ووالله لا يمكنهم رده إلا مكابرة وعنادا وسفسطة ومراوغة .

        والدليل على عجزهم عن الجواب أن أحد كبار الأشاعرة بل كبيرهم الرازي ليفِرّ من هذا الإلزام خالف الإجماع وأتى بما لم يسبق إليه وبما يدل على العجز ، ويكفيك من شر سماعه .
        فقد ذهب إلى أن قوله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) إنما هو خاص بالذات أما صفاته تعالى كالعلم والقدرة فلا تدخل في الآية وهي مماثلة لصفات المخلوق .
        قال الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب :
        " ويمكن إيراد هذه الحجة على وجه آخر فيقال إما أن يكون المراد لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَى ْء في ماهيات الذات أو أن يكون المراد ليس كمثله في الصفات شيء والثاني باطل ... فثبت أن المراد بالمماثلة المساواة في حقيقة الذات فيكون المعنى أن شيئاً من الذوات لا يساوي الله تعالى في الذاتية " ا.هـ
        وهذا فهم أصحاب المقصات ، الذين لا يفهمون النصوص إلا قصا وتقطيعا وحذفا وتحريفا ! فأين قوله تعالى معها مباشرة ( وهو السميع البصير ) فالآية بإجماع العلماء تنفي مثلية الذات والصفات ، بل تنفي مثلية الصفات بالمنطوق ، فبأي عين شوهد المفهوم وحجب المنطوق إنه العجز عن الجواب الذي دفع هؤلاء إلى التعلق بالمفاهيم المبتورة .
        وبغض النظر عن المثلية التي يعنيها الرازي فهذا لا يسوّغ القص والقطع والحذف والتحريف
        فالآية صريحة في نفي المثلية عن الله ذات وصفات وعلى هذا أجمع العلماء
        والمثلية المنفية في الآية واحدة وهي نفسها نفيت عن الذات وعن الصفات
        فليس من سبيل لتسويغ القص والتحريف .
        وأتمنى من إخواننا أن يستفيدوا من مثل هذه الخروقات للإجماع التي تكشف حقيقة القوم :
        ـ من جهة عدم انضباطهم بما عليه علماء أهل السنة .
        ـ ومن جهة ما يعكسه هذا الخرق من عجز عن التفريق بين ما يستلزمه إثبات الذات وما تستلزمه صفة اليد والوجه ونحوها
        ثم ذهب الرازي يضيف إلى هذا القص والتحريف كلاما لا يشك من أوتي عقلا أنه غاية في الضعف ليس هذا محل نقده والذي يدل على انعدام جواب علمي للأشاعرة على ما سبق اعتراف أحد كبارهم وهو الآمدي بأن الإيمان بالظواهر في نصوص الصفات وإثبات الصفات على ضوء معانيها الظاهرة لا يستلزم ـ عقلا ـ التشبيه بل من الجائز أن يكون إعمالها صحيحا مع اعتقاد بأنها ليست على نحو صفاتنا .
        واعتراف الخصم في مسألة يدل على شعوره بانعدام الحجة فيما اعترف فيه وهو الواقع هنا
        ففي غاية المرام له يقول :
        " فإن قيل بأن ما دلت عليه هذه الظواهر من المدلولات وأثبتناه بها من الصفات ليست على نحو صفاتنا ولا على ما نتخيل من أحوال ذواتنا بل مخالفة لصفاتنا كما ان ذاته مخالفة لذواتنا وهذا مما لا يقود إلى التشبيه ولا يسوق إلى التجسيم
        فهذا وإن كان في نفسه جائزا لكن القول باثباته من جملة الصفات يستدعى دليلا قطعيا وهذه الظواهر وإن أمكن حملها على مثل هذه المدلولات فقد أمكن حملها على غيرها أيضا ومع تعارض الاحتمالات وتعدد المدلولات فلا قطع وما لا قطع عليه من الصفات لا يصح إثباته للذات " ا.هـ
        فالآمدي وإن لم يرجح الأخذ بالمعاني الظاهرة لنصوص الصفات إلا أنه يراه أمرا جائزا في نفسه ، وممكنا كإمكانية نفي تلك المعاني ، ولا يرى حسب هذا الاعتراف مانعا عقليا ولا شرعيا من إعمال هذه الظواهر المقررة للصفات إلا أن إثباتها لم يأت من طريق قطعي
        فالمانع فقط بنص كلامه هو عدم وجود دليل قطعي يثبت تلك الصفات التي جاءت بها الظواهر ، وهذا ينفي أن يكون هناك دليل قطعي يمنع من
        قبول وإثبات تلك الصفات
        فهذا اعتراف ثمين من أشعري كبير يبدد جحود وعناد الأشاعرة بما فيهم الآمدي نفسه
        فلطالما لهجوا بأن العقل يحيل ويمنع من وصف الله بتلك الصفات حقيقة والتي جاءت بها ظواهر النصوص كالفوقية والغضب والفرح واليدين والوجه والضحك
        كل هذه الصفات ونحوها على حقيقتها قد لهج الأشاعرة بأن العقل يحيلها والقواطع العقلية تمنع من صحة اتصاف الله بها وأن القواطع الشرعية والعقلية تقضي بأنها صريحة في التشبيه
        ما هو جوابهم إن قلنا لهم :
        إن كان العقل الأشعري قد اعترف بخلاف زعمكم وجوز ما منعتموه ونقض ما نسجتموه وأبطل ما صدعتم به رؤوس الناس وأقر ما قرره غيركم من عقليات تُناقض ما تلهجون به ، فلماذا هذه المصادرة ولماذا تجحدون وتزعمون عنادا أن العقل إنما قد أتى بأصولكم المتناقضة ؟
        هؤلاء حصل لهم أشبه بما يعرف بغسيل المخ عن طريق تضخيم هاجس الخوف من التشبيه
        وتحت ستار نفي التشبيه وتنزيه الله وفي انعدام ضابط لهذا النفي دخل عليهم ما عطل عقولهم
        وقد كان سلفهم الأوائل الجهمية الخلص قد ضربوا أظهر صور العطل
        العقلي باسم نفي التشبيه وتحت ستار التنزيه من التشبيه فقالوا :
        لا نقول عن الله بأنه موجود ، لأننا إن قلنا إنه موجود نكون شبهناه بالموجودات ، ثم قالوا وكذلك لا نقول معدوم حتى لا نشبهه بالمعدومات ، فاستقروا على وصفه بأنه لا موجود ولا معدوم
        وكل هذا باسم نفي التشبيه وتنزيه الله ولا يوجد كفر أعظم من هذا الكفر
        وهكذا كل أقوال الجهمية والتي أخذها منهم المعتزلة
        فكل ما نفاه المعتزلة هو تحت ستار نفي التشبيه
        ولذلك اتهم جماعة منهم بعض الأنبياء واتهم آخرون الصحابة بالتشبيه كما اتهم الشهرستاني الأشعري جماعة من السلف بالتشبيه وهكذا عامة الأشاعرة يتهمون كل من أخذ بالقرآن والسنة في إثبات الصفات بأنه مشبه بل ومجسم
        ولسذاجتهم يريدون منا أن نترك نصوص القرآن والسنة ونصدقهم بأنها لا تصلح لأخذ عقيدة الصفات ، ونأخذ بما يملوه علينا هم من اعتقاد وهذا هو قمة الاستخفاف
        ومن أدل ما يوضح ما عليه هؤلاء أهل التعطيل والتحريف من الانحراف أنهم يتعاملون مع الأدلة الشرعية وأقوال العلماء بمبدإ مسبق قبل العلم بها ولا الوقوف عليها .
        على أن كل ما سيمر بهم مما يخالف عقيدتهم فهو مؤول ومردود ولا بد من إنكار معناه ، فإن لم يكن مجال فلابد من إنكار صحته ، فإن كان قول عالم معتبر عاملوه كذلك ، فإن لم يجدوا لذلك سبيلا اتهموا العالم بالتجسيم والتشبيه وهكذا .
        وهذا المبدأ سلطوه على عدد من النقول يعسر حسرها تقدر بالمئات ما بين نص شرعي وقول عالم
        فهل يتصور عاقل أن أمثال هؤلاء يتعاملون مع الدين والوحي باستجابة واتباع وإيمان أو مع أقوال العلماء باسترشاد واستفادة ؟
        هؤلاء يسيرون على مبدإ : ما نريد إلا ما نريد
        ولا حول ولا قوة إلا بالله .

        ومما ينبغي بيانه قبل مباشرة البحث أن خلاصة أقوال الطوائف في مسألة العلو ثلاثة أقوال :
        قال الإمام الذهبي مبينا هذا :
        " أ ـ مقالة السلف وأئمة السنة بل والصحابة والله ورسوله والمؤمنين: أن الله في السماء وأن الله على العرش وأن الله فوق سمواته ، وحجتهم على ذلك النصوص والآثار.
        ب ـ ومقاله الجهمية أنه في جميع الأمكنة..
        ج ـ ومقال متأخري المتكلمين أن الله ليس في السماء ولا على العرش ولا على السماوات ولا في الأرض ولا داخل العالم ولا خارج العالم ولا هو بائن عن خلقه ولا متصل بهم " ا.هـ

        وقال :
        " ـ والله فوق عرشه كما أجمع عليه الصدر الأول ونقله عنهم الأئمة وقالوا ذلك رادين على الجهمية
        ـ القائلين بأنه في كل مكان محتجين بقوله ( وهو معكم ) فهذان القولان هما اللذان كانا في زمن التابعين وتابعيهم ...
        ـ فأما القول الثالث المتولد بآخرة بأنه تعالى ليس في الأمكنة ولا خارجاً عنها ، ولا فوق العرش ، ولا هو بمتصل ولا بمنفصل عنهم ، ولا ذاته المقدسة متميزة ولا بائنة عن مخلوقاته ، ولا في الجهات ولا خارجاً عن الجهات ولا ولا فهذا شيء لا يعقل ولا يفهم مع ما فيه من مخالفة الآيات والأخبار)) العلو (1/596)


        فالقول الأول وهو اعتقاد أن الله فوق سماواته وعلى عرشه هو قول أهل السنة من الصحابة فمن بعدهم وهو أول الأقوال ظهورا كيف لا وهو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وعليه أجمع كافة أهل
        الحق كما سيأتي بيانه مفصلا .
        أما القول الثاني وهو اعتقاد أن الله في كل مكان فهو قول حدث في مطلع القرن الثاني على يد الجهمية وهو مصادم لمئات النصوص ولإجماع الأمة قبل حدوث هذا القول .
        وأما القول الثالث وهو اعتقاد أن الله غير موجود داخل هذا العالم ولا موجود خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا في أي جهة من الجهات ، فهو قول محدث ولم يكن معروفا قبل المائة الثالثة ، سوى ما نقله الإمام الأشعري في المقالات عن المعتزلة من أن الله لا يوجد في أي مكان ومرادهم في أي جهة .
        والقول بأنه لا ...ولا ...ولا ... أقبح وصف لأنه يصف الله بالعدم فما لا يوجد في أي جهة لا فوق ولا ..ولا ..ولا ..فهو عدم ، وإن لم يكن هذا وصف العدم فليس هناك عدم .
        فهو على هذا تشبيه لله بالمعدومات بل بالممتنعات وهي أخص من العدم فسلب الأضداد من سمات الممتنعات ( موجود ، وليس موجودا في أي جهة )وهذا الاعتقاد إنما تبناه الأشاعرة وخاصة متأخروهم ، وهو قولهم الذين لا يقبلون سواه .
        ومن أدلة جحودهم وعنادهم أنهم يجعلون قولهم هذا المتناقض
        والمستقبح عقلا وفطرة يجعلونه معقولا بل من القواطع العقلية ، أما ما جاء به القرآن والسنة من إثبات الفوقية فهو يعارض العقل والقواطع العقلية بزعمهم !!
        وهذا هراء يغني سوقه وإيراده عن فضحه وكشفه .
        ويؤكده اعتراف جماعة منهم كالغزالي وهو من كبرائهم عندما قال في إلجام العوام عن علم الكلام عن هذا الاعتقاد :
        " هذا لو ذكره لنفر الناس عن قبوله ، ولبادروا بالإنكار وقالوا هذا عين المحال ، ووقعوا في التعطيل ، ولا خير في المبالغة في تنزيه يُنتج التعطيل في حق الكافة إلا الأقلين ، وقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم داعياً للخلق إلى سعادة الآخرة رحمة للعالمين ، كيف ينطق بما فيه هلاك الأكثرين...وأما إثبات موجود في الاعتقاد على ما ذكرناه- اي : لا هو داخل العالمولا خارجه ولا متصل ولا منفصل من المبالغة في التنزيه شديد جداً بل لا يقبله واحد من الألف لا سيما الأمة الأمية "
        إلجام العوام عن علم الكلام ص56-57 ( نقلا )
        ونقل أحد الأشاعرة عن العز بن عبد السلام وعزاه للقواعد ص


        (201) وفيه :
        " من جملة العقائد التي لا تستطيع العامة فهمها هو أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا منفصل عن العالم ولا متصل به "

        والجدير بالذكر أن عامة الأشاعرة يؤولون كل النصوص الدالة على العلو ويحملونها في أغلب تأويلاتهم على علو المرتبة مع اشتمال كثير
        من تلك النصوص على اختصاصه تعالى بهذا النوع من العلو ومع هذا يحملونها على علو المرتبة في أكثر تأويلاتهم ثم نجدهم يشبهون الخلق بالله في هذه الصفة ، ولطالما حرفوا النصوص تحت ستار نفي التشبيه لكنهم يكيفون شعار التشبيه على أهوائهم
        فها هو الأشعري الغالي السبكي يمنح هذه الصفة لأحد الأشاعرة وهو الجويني عندما قال عنه بالصريح في مقام الدفاع عن أخطائه الحديثية حيث قال في طبقاته :
        " ولم يوجب ذلك عندنا الغض منه ولا إنزاله عن مرتبته الصاعدة فوق آفاق السماء "
        فرجاء يا أشاعرة بينوا لنا هل يجوز التشبيه في صفة العلو على ضوء المعنى الذي ذهبتم إليه من علو المرتبة ؟!
        أم إذا كان تشبيها يخص تشبيه علماءكم بالله فيجوز وأما علماء غيركم فلهم اللعنة وله سوء الدار كما تنضح بهذا كتبكم وخاصة كتب السبكي وستأتي أمثلة ؟!!
        أم أن التشبيه جائز للأشاعرة حرام على غيرهم ؟!

        وأما عقيدة أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح فأبدؤها باعترافات لبعض الأشاعرة ثم أشرع بذكر المقصود من هذا الكتاب وهو تقرير إجماع العلماء على هذه العقيدة

        قال الإمام القرطبي الأشعري في تفسيره :
        " وقد كان السلف الأُوَل رضي اللّه عنهم لا يقولون بنفي الجهة ، ولا ينطقون بذلك ، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها للّه ، كما نطق كتابه ، وأخبرت به رسله ، ولم ينكر أحدٌ من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته وإنما جهلوا كيفية الإستواء، فإنه لا تعلم حقيقته كما قال مالك: الاستواء معلوم يعني في اللغة، والكيف مجهول والسؤال عن هذا بدعة " ا.هـ

        فهذا اعتراف ثمين من أشعري معروف
        وكذلك القاضي عياض وهو أشعري اعترف أن جماعة من المحدثين والفقهاء قالوا بإثبات الجهة كما نقله النووي في شرح مسلم ( باب تحريم الكلام في الصلاة )
        وكذا اعترف بهذا الزبيدي في شرحه لإحياء علوم الدين ، وغيرهم ممن
        لم أتقصد حصرهم
        أما إجماع العلماء من أهل السنة على أن الله موجود فوق السماوات على عرشه فهو بيت القصيد في هذا المبحث وإليك ما وقفت عليه من أقوال العلماء المقررة للإجماع وفقني الله وإياك
        يتبع

        تعليق


        • #5
          إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

          تقريرُ العلماءِ الإجماعَ بأن الله على عرشه


          1ـ الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله .

          قال أبو العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبدالله الفارسي الاصطخري : قال أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل :
          " هذه مذاهب أهل العلم ، وأصحاب الأثر ، وأهل السنة المتمسكين بعروقها ، المعروفين بها ، المقتدى بهم فيها ، من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، وأدركتُ من أدركتُ من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها ، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ، فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق
          فكان قولهم ... "
          إلى أن قال :
          " الله تعالى على العرش ، فوق السماء السابعة العليا ، ويعلم


          ذلك كله ، وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان " ا.هـ (1)
          وقوله : " وهو بائن ..." دليل على أن الفوقية المثبتة فوقية حقيقية
          وقوله : " من لدن ... إلى يومنا هذا " صريح في الإجماع فثبت المراد
          ....................................
          (1) رواه في طبقات الحنابلة (1/29) أبو الحسين محمد بن الحسين بن خلف الفراء وابن عساكر في تاريخ دمشق (32/175) والذهبي في السير (11/302) بأسانيدهم من طريقين عن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن يعقوب بن زوزان حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله الفارسي الإصطخري قال قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فذكر الرسالة
          ومحمد بن إبراهيم قال عنه في الإكمال :
          " له رحلة في الحديث، وحديثه منتشر، كتب بالعراق والشام ومصر "
          وقال الذهبي عنه : " الحافظ العالم الرحال "
          وفي تبصير المنتبه وصفه بالحافظ .
          فالإسناد صحيح عن الاصطخري وهو من تلاميذ أحمد المعروفين وإن لم يكن من مشاهيرهم وله ترجمة في طبقات الحنابلة وفي مناقب أحمد لابن الجوزي وفي المنهج الأحمد وله عدة روايات عن أحمد كما ذكر ابن أبي يعلى
          والذي يشهد لصحة هذا الكلام عن أحمد أن المنقول من اعتقاد علو الله على العرش هو ثابت عن أحمد بالتواتر كما سيأتي
          وممن اعتمد هذه الرسالة الإمام الحافظ ابن عساكر فقد أسندها كما سبق
          وذكر أنها جزء في الاعتقاد ولم ينتقد شيئا منها بل نقل طرفا من الرسالة معتمدا عليه كما في (21/310)
          وذكرها مثبتا لها ابن ناصرالدين في الرد الوافر ، وأيضا احتج بها أبو يعلى في إبطال التأويلات إضافة لابنه أبي الحسين ، وكذلك العلامة ابن القيم
          والإمام ابن تيمية فإنه وإن نقل عن الرسالة في الاقتضاء محتاطا بقوله إن صحت ، فقد اعتمد النقل عنها في الصارم المسلول مثبتا ما اشتملت عليه
          ولا أعلم في حدود علمي المتواضع أحدا ضعفها من المتقدمين غير الذهبي الذي استنكر عبارتين في هذه الرسالة وشكك في صحتها كلها مخالفا بهذا من سبقه ممن اعتمدها وممن هم أعلم بأحمد ومصنفاته من الذهبي
          وأنا أدعوا القارئ الكريم للإنصاف فالمنهجية التي تصحَّح الكتب أو تضعَّف بناء عليها ينبغي أن تكون ثابتة لا تتغير بتغير الغرض وبتغير مادة الكتاب فإن كان الكتاب يحوي ما يؤيد مذهبه قَبِلَه واعتمده ولو لم يوجد له إسناد ولو ..ولو ..
          وإن كان يحوي ما يضاد مذهبه تكلف التشكيك في صحته ولو بإنكار ما هو ثابت كما فعل بعضهم بإنكاره لكتاب الإبانة للأشعري وإنكار السنة لعبد الله بن أحمد وإنكار الرد على الجهمية للإمام أحمد وإنكار شرح السنة للبربهاري وإنكار رسالة الاستواء للجويني التي رجع فيها عن التأويل وأنكره ومنعه ورجع فيها عن عقيدته في كلام الله
          بل وإنكار كل مقالة تخالف أهواءهم بصور لاتمت إلى العلم بصلة !!
          وكشْف هذا بالأدلة الظاهرة له محله قريبا إن يسر الله
          بل بلغ بهم الهوى أنهم عندما لا يجدون مجالا لإنكار الكتاب أو المقالة يلجؤون
          إلى الطعن في الأئمة بالتجسيم والتشبيه كما فعل بعضهم بالطعن في بعض
          التابعين وأتباع التابعين
          وطعن بعضهم في عقيدة حماد بن سلمة الإمام الكبير وفي الإمام حرب الكرماني والإمام الدارمي المتفق في عصرهم على سلامتهم من البدع بل بلغ ببعضهم الأمر إلى الغمز في إمام السنة أحمد بن حنبل حيث زعم بأنه عنده غلو في إنكار التأويل وهذا صدر من أحد كبار الأشاعرة
          والبعض الآخر لا يستطيع الغمز لكنه يقول أحمد ليس بحجة ولا يلزمنا الأخذ بقوله في الصفات متجاهلين بل كاتمين أن أقوال أحمد في الصفات هي عين مذهب السلف فيوهمون أن أحمد مخالف للسلف فيما جاء عنه مما هو معارض لعقيدتهم مما لا يملكون تأويله
          أما ما يجدون إلى تأويله سبيلا ولو إيهاما فإياك أن تطمع منهم فيه بإنصاف
          والذي سبق نقله عن رسالة الاصطخري في تقرير علو رب العالمين وفوقيته على عرشه قد ثبت في عقيدة الإمام أحمد ثبوتا لا قِبَل للأشاعرة برده ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا
          فانظر عن اعتقاد أحمد لفوقية الله على عرشه فوق سماواته رواية الخلال عن عبد الله بن أحمد عن أبيه به ، ورواية ابنه عبد الله كما في الرد على الجهمية ص (37) (39) ورواية حنبل عنه عند اللالكائي (3/402) ورواية

          تعليق


          • #6
            إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

            ورواية الأثرم سماعا عن محمد بن إبراهيم القيسي سماعا عن أحمد كما في الطبقات
            نفسها ( 1 / 267 ) وأيضا رواية تلميذه يوسف بن موسى بن راشد عنه عند
            الأثرم سماعا عن محمد بن إبراهيم القيسي سماعا عن أحمد كما في الطبقات
            نفسها ( 1 / 267 ) وأيضا رواية تلميذه يوسف بن موسى بن راشد عنه عند
            اللالكائي (3/401) وفي الطبقات أيضا ( 1 / 421 ) وعند ابن قدامة في إثبات صفة العلو ص (116) ورواية عبد الملك الميموني عند الخلال
            ورواية المروذي كما في اجتماع الجيوش الإسلامية ص201 وله رواية أخرى في الطبقات لا يحضرني موضعها
            فاعتقاد أحمد لعلو الله على عرشه فوق السماء ثابت عنه ثبوتا قطعيا
            (2) نقله عن كتاب ابنِ أبي حاتم الذهبيُّ في العلو ص 158 وابنُ القيم في اجتماع الجيوش ص 215 وإسناده عند ابن أبي حاتم صحيح غاية
            ورواه البخاري في خلق أفعال العباد ص 31 بلفظ مقارب جدا
            وعزاه شيخ الإسلام في درء التعارض أيضا لعبد الله بن أحمد في السنة

            تعليق


            • #7
              إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

              الإمام الحافظ سعيد بن عامر الضبعي ت 208 هـ .
              نقل عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية له عن سعيد ابن عامر الضبعي أنه ذكر الجهمية ، فقال :
              هم شر قولا من اليهود والنصارى قد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله عزوجل على العرش وقالوا هم ليس على شيء ا.هـ
              نقله عن كتاب ابنِ أبي حاتم الذهبيُّ في العلو ص 158 وابنُ القيم في اجتماع الجيوش ص 215 وإسناده عند ابن أبي حاتم صحيح غاية
              ورواه البخاري في خلق أفعال العباد ص 31 بلفظ مقارب جدا
              وعزاه شيخ الإسلام في درء التعارض أيضا لعبد الله بن أحمد في السنة
              فقوله : " وقالوا هم ليس على شيء " صريح في أن العلو المذكور على العرش علو حقيقي ، وذِكره لاجتماع المسلمين صريح في الإجماع

              3ـ الإمام الكبير إسحاق بن راهويه ت 238 هـ

              قال الخلال في كتاب السنّة :
              أخبرنا أبو بكر المروذي حدثنا محمد بن الصباح النيسابوري، حدثنا سليمان بن داود الخفاف قال: قال إسحاق بن راهويه :
              قال اللّه عز وجل: " الرحمن على العرش استوى "
              إجماعُ أهل العلم أنه فوق العرش استوى ، ويعلم كل شيء أسفل الأرض السابعة " ا.هـ (3)
              (3)ساقه لنا من كتاب الخلال ثلاثة من أئمة الدين :
              الإمام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (6/260) وبيان تلبيس الجهمية (2/161) ، والإمام ابن القيم في اجتماع الجيوش الاسلامية ص (226) والإمام الذهبي في العلو ص (179) وفي سير أعلام النبلاء (11/370)
              والخفاف إمام صدوق معروف من أخص تلاميذ إسحاق ومن تلاميذ الإمام أحمد انظر الجرح والتعديل (4/115) والثقات لابن حبان
              ومحمد بن الصباح هو ابن الخياط النيسابوري روى عنه جماعة وله ترجمة في تاريخ الاسلام للذهبي وله رواية في كتاب الإمام أبي الفضل المقرئ " أحاديث في ذم الكلام "
              واعتقاد إسحاق نفسه لفوقية الله ثابت أيضا من رواية حرب الكرماني عند الخلال ومن رواية السراج في اجتماع الجيوش ص (226ـ227) والعلو ص (177)
              قال الذهبي بعد نقله :
              " اسمع ويحك إلى هذا الإمام كيف نقل الإجماع على هذه المسألة كما
              نقله في زمانه قتيبة " ا.هـ
              وتأمل قوله على سبيل دفع التوهم : ( ويعلم كل شيء أسفل ...) فهو يبين بوضوح أن المراد العلو بالذات وإلا لما كان قوله ( ويعلم .. أسفل ... ) ما كان له وجه مناسبة للسياق.
              وتقريره الإجماع ظاهر

              4ـ الإمام علي بن المديني شيخ البخاري شيخ الإسلام ت 234 هـ

              قال البخاري: علي بن المديني سيد المسلمين .
              قيل له: ما قول الجماعة في الاعتقاد ؟ قال : يثبتون الكلام والرؤية
              ويقولون: إن الله تعالى على العرش استوى. ا.هـ
              وفي رواية الحسن بن محمد بن الحارث :
              سمعت علي بن المديني يقول :
              " أهل الجماعة يؤمنون بالرؤية وبالكلام، وأن اللّه فوق السموات على العرش استوى " (4) .
              (4) نقله اين القيم في اجتماع الجيوش ص (234ـ235) والذهبي في كتاب العلو ص (175) وغيرهما
              وقوله : " قول الجماعة " معناه الذي اجتمع عليه أهل السنة وهو من عبارات الإجماع كما في كتب الفقه وأصوله

              ذكره الفوقية في سياق الكلام والرؤية ظاهر في أنها فوقية حقيقية ، وقوله : " أهل الجماعة " صريح في الإجماع كما هي عادة العلماء من هذه العبارة
              5 ـ الإمام قتيبة بن سعيد الثقفي شيخ خراسانت 240 هـ

              قال أبو أحمد الحاكم وأبو بكر النقاش المفسر واللفظ له حدثنا أبو العباس السراج قال سمعت قتيبة بن سعيد يقول :
              "هذا قول الأئمة في الإسلام والسنة والجماعة نعرف ربنا في
              السماء السابعة على عرشه كما قال جل جلاله الرحمن على العرش استوى ا.هـ
              قال الامام الذهبي معلقا :
              " فهذا قتيبة في إمامته وصدقه قد نقل الإجماع على المسألة وقد لقي مالكا والليث وحماد بن زيد والكبار وعمّر دهرا وازدحم الحفاظ على بابه " (5)
              (5) إسناده غاية في الصحة وانظر العلو للذهبي (174) والصواعق لابن القيم (4/1294)
              ونقله عن النقاش الإمامُ ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية ص (2/3
              وهو صحيح لاغبار عليه

              فبالله عليكم هل يقول منصف إن سياق كلام قتيبة يفهم منه أنه يريد علو المرتبة لا الذات
              فوالله إن حمله على علو المرتبة لتحريف صريح لا يصدر ممن شم رائحة الإنصاف
              6ـ 7 الإمام أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ت 264 هـ والإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ت 277 هـ
              قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين رحمهما الله عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك، فقالا:
              " أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازاً، وعراقاً، ومصراً، وشاماً،
              ويمناً، وكان من مذهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف
              نفسه بلا كيف، أحاط بكل شيء علماً" (6)
              (6) أخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1/176-179)
              = وقد ذكر الاعتقاد بتمامه ، والنص المذكور هنا تجده في (ص177).
              وكذا ذكره مسندا الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/84) وأورده في العلو (ص137-13 وقد ساقه بأسانيد ثلاثة، وأخرجه في العرش 2/257 رقم 228 ، وكذا ابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص125، برقم110)،
              قال الألباني في مختصر العلو (ص204-205): (قلت: هذا صحيح ثابت عن أبي زرعة وأبي حاتم رحمة الله عليهما...) إلى أن قال: (ورسالة بن أبي حاتم محفوظة في المجموع (11) في الظاهرية في آخر كتاب (زهد الثمانية من التابعين). وقد طبعت هذه الرسالة كما ذكر الشيخ محمد التميمي ضمن " روائع التراث " تحقيق محمد عزيز شمس، انظر (ص19-26).
              وانظر " الآثار المروية في صفة المعية " لشيخنا الفاضل محمد بن خليفة التميمي حفظه الله
              وعن كلام الإمامين قال الإمام ابن قدامة في آخر كتابه إثبات صفة العلو :
              " فقد وضح الحق في هذه المسالة بحمد الله تعالى ، من الحجج القاطعه من الآيات الباهرة والأخبار المتواترة وإجماع الصحابة ، كما ذكروه في أشعارهم ومنثور كلامهم ، من قول أئمتهم وعامتهم ، وروايتهم للسنة في ذلك قائلين لها مؤمنين بها مصدقين بما فيها ، لم ينكر ذلك منهم منكر ، ولا اعترض منهم عليه معترض ، ثم بعدهم عصرا بعد عصر ، حتى قال الإمامان أبو زرعه وأبو حاتم هذا ما أدركنا عليه العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا ولم يخالف في ذلك غير مبتدع غال أو مفتون ضال " ا.هـ


              فقولهم بائن من خلقه ، وبلا كيف ، صريح في أن المراد هو ظاهر العبارة علو الذات
              8 ـ الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله ت 280 هـ

              قال في كتابه الذي رد به على بشر المريسي :
              " وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه فوق سماواته " (
              ( انظر كتابه الرد على بشر المريسي (1/340)
              وكرر نقل الإجماع أيضا في (1/22
              ونقله عنه كثير من أئمة السنة مستدلين به
              أما عن إمامته فهي محل اتفاق ، قال الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات :
              " محدث هراة، وأحد الأعلام. رحل وطوف، ولقي الكبار، وأخذ علم الحديث عن ابن حنبل، وابن المديني، وإسحاق بن راهويه، وابن معين، وأخذ الأدب عن ابن الأعرابي، والفقه عن البويطي. وتقدم في هذه العلوم وله الرد على الجهمية، والرد على بشر المريسي وكان جذعاً في أعين المبتدعين. وهو الذي قام على محمد بن كرام وطرده عن هراة فيما قيل ا.هـ
              وقال أبو الفضل بن إسحاق وهو يعقوب القراب يقول :
              " ما رأينا مثل عثمان بن سعيد ولا رأى عثمان مثل نفسه أخذ الأدب عن ابن الأعرابي والفقه على أبي يعقوب البويطي والحديث عن يحيى بن معين وعلي بن المديني وتقدم في هذه العلوم رحمة الله عليه
              قال أبو داود السجستاني وسئل عن عثمان بن سعيد الدارمي ؟ فقال:
              منه تعلمنا الحديث.
              قال يعقوب بن إسحاق الهروي القراب :
              ما رأينا مثل عثمان بن سعيد، ولا رأى عثمان مثل نفسه
              وسئل أبو زرعة الرازي عن عثمان بن سعيد ؟ فقال : ذاك رزق
              حسن التصنيف .
              وهذا ثناء من أبي زرعة على كتب الدارمي التي يغمز فيها أصحابُ البدع
              وقال أبو الفضل الجارودي :
              كان عثمان إماما يقتدي به في حياته وبعد مماته .وقد قال الخليلي في الإرشاد
              (3/877) : " أبو عمرو عثمان بن سعيد الدارمي كبير المحل عالم بهذا الشأن يقارن
              بالبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم )) إلى أن قال (( وسمعت أبو عبد الله بن محمد الحافظ يقول كان عثمان بن سعيد ثقة متفقاً عليه "
              وقال الدارمي
              والأحاديث عن رسول الله وعن أصحابه والتابعين ومن بعدهم في هذا أكثر من أن يحصيها كتابنا هذا غير أنا قد اختصرنا من ذلك ما يستدل به أولوا الألباب أن الأمة كلها والأمم السالفة قبلها لم يكونوا يشكون في معرفة الله تعالى أنه فوق السماء بائن من خلقه غير هذه العصابة الزائغة عن الحق المخالفة للكتاب وأثارات العلم كلها حتى لقد عرف ذلك كثير من كفار الأمم وفراعنتهم قال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى غافر : 36 – 37


              9ـ الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني ت 280 هـ
              قال حرب في مسائله :
              هذه مذاهب أهل العلم و أصحاب الأثر و أهل السنة المتمسكين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي إلى يومنا هذا و أدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز و الشام و غيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة و سبيل الحق


              قال : و هو مذهب أحمد و إسحاق بن إبراهيم و عبد الله بن مخلد و عبد الله بن الزبير الحميدي و سعيد بن منصور و غيرهم كمن جالسنا و أخذنا عنهم العلم و كان من قولهم ...
              إلى أن قال :
              " و بين الأرض العليا و السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام و بين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام و الماء فوق السماء العليا السابعة و عرش الرحمن عز و جل فوق الماء و الله عز و جل على العرش و الكرسي موضع قدميه و هو يعلم ما في السماوات و الأرضين و ما بينهما و ما تحت الثرى " ا.هـ
              فهذا السياق بهذا الترتيب لا يحتمل إلا علو الذات فسبحان واهب العقول
              قال ابن القيم في اجتماع الجيوش :
              " وحكاه إجماعاً لأهل السنة من سائر أهل الأمصار ا.هـ (9)
              (9) عن مسائل حرب نفسها ، نقله ابن القيم في حادي الأرواح ص 288 وفي اجتماع الجيوش مختصرا ص (234) وهو نقل عزيز .

              10ـ الإمام الحافظ حماد بن هناد البوشنجي .

              قال الإمام حماد بن هناد وهو أحد أئمة الحديث :
              " هذا ما رأينا عليه أهل الأمصار وما دلت عليه مذاهبهم فيه ، وإيضاح مناهج العلماء وطرق الفقهاء ، وصفة السنة وأهلها أن الله فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وعلمه وقدرته وسلطانه
              بكل مكان " ا.هـ (10)
              (10) نقله الذهبي في العلو ص(151) وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص (242)

              11ـ الإمام أبو الحسن الأشعري ت 323 هـ

              ذكر في رسالته إلى أهل الثغر فقال ص 205 :
              " فلنذكر الآن ما أجمعوا عليه من الأصول : باب ذكر ما أجمع عليه
              السلف من الأصول التي نبهوا بالأدلة عليها وأمروا في وقت النبي بها
              إلى أن قال : " الإجماع التاسع " ثم ذكر فيه قوله :
              " وأنه تعالى فوق سمواته على عرشه دون أرضه وقد دل على ذلك
              بقوله أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض وقال إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ، وقال الرحمن على العرش استوى وليس استواؤهعلى العرش استيلاء كما قال أهل القدر لأنه عز و جل لم يزل مستوليا على كل شيء " ا.هـ
              وقال في المقالات :
              " جملة ما عليه اهل الحديث والسنة ...
              أن الله سبحانه على عرشه كما قال الرحمن على العرش استوى "
              وقرر العلو في الإبانة أتم تقرير .

              12ـ الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري ت 360 هـ

              قال في كتابه " الشريعة " :
              " الذي يذهب إليه أهل العلم ، أن الله عز وجل على عرشه، فوق سمواته، وعلمه محيط بكل شيء ، قد أحاط علمه بجميع ما خلق في السموات العلى، وبجميع ما في سبع أراضين ، يرفع إليه أعمال العباد.
              فإن قال قائل : إيش يكون معنى قوله ( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ
              هُوَ رَابِعُهُمْ ) الآية التي احتجوا بها ؟.
              قيل له : عِلْمُه ، والله عز وجل على عرشه ، وعلمه محيط بهم ، كذا فسره أهل العلم ، والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم ، وهو على عرشه ، فهذا قول المسلمين " ا.هـ (12)
              (12) في كتاب الشريعة له (3/1076)

              سبحان الله السياق واضح وصريح في علو الذات فنفى معية الذات وأثبت معية العلم ، ثم أخبر عن ذاته ليؤكد عدم معية الذات لخلقه بأنه فوق عرشه
              وقوله : " فهذا قول المسلمين " صريح في الإجماع

              13ـ الإمام الملقب بمالك الصغير أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي ت 386 هـ

              قال في كتابه الجامع في السنن والآداب :
              " فصل : فيما اجتمعت عليه الأمة من أمور الديانة ومن السنن التي خلافها بدعة وضلالة أن اللّه سبحانه وتعالى اسمه له الأسماء الحسنى والصفات العلى، لم يزل بجميع صفاته وهو سبحانه موصوف بأن له
              علماً وقدرة وإرادة ومشيئة أحاط علماً بجميع ما بدا قبل كونه ... إلى أن قال :
              " ويحب التوابين، ويسخط على من كفر به، ويغضب فلا يقوم شيء لغضبه، وأنه فوق سمواته على عرشه دون أرضه " ا.هـ (13)
              (13) الجامع في السنن لابن أبي زيد ص 107 ـ 117
              وما حكاه ابن أبي زيد هنا قرره في عقيدته في الرسالة كما في ص (11)
              وفيها قال :
              " وإنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو بكل مكان بعلمه "
              وقال أيضا في مختصر المدونة كما نقله ابن القيم عنه :
              " وأنه تعالى فوق عرشه بذاته فوق سبع سماوات دون أرضه "
              قال الذهبي عنه في سير أعلام النبلاء :
              " قلت : وكان رحمه الله على طريقة السلف في الأصول، لا يدري الكلام، ولا يتأول، فنسأل الله التوفيق " ا.هـ

              وقوله : " دون أرضه " قيد دال على فوقية الذات

              14ـ الإمام أبو عبد الله ابن بطة العكبري ت 387 هـ
              (14) الإبانة (ا/136) تتمة الرد على الجهمية ونقله العلامة ابن قدامة في كتابه إثبات العلو .

              قال الإمام ابن بطة شيخ الحنابلة في كتاب الإبانة له :
              " باب الإيمان بأن الله على عرشه بائن من خلقه وعلمه محيط بخلقه :
              أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين أن الله على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه " ا.هـ
              وقوله : " بائن ... " قرينة صريحة على أن الفوقية ذاتية

              15ـ الإمام أبو أحمد بن الحسن الحداد الأصبهاني الشافعي
              (15) نقله ابن القيم في اجتماع الجيوش ص 175 .

              قال رحمه الله :
              " الذي يجب على العبد اعتقاده ويلزمه في ظاهره وباطنه اعتماده ما دلَّ عليه كتاب اللّه تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإجماِع الصدر الأول من علماء السلف، وأئمتهم الذين هم أعلام الدين، وقدوة منْ بعدهم من المسلمين، وذلك أن يعتقد العبد ...
              إلى أن قال : " وأنه سبحانه مستو على عرشه وفوق جميع خلقه كما أخبر في كتابه وعلى ألسنة رسله صلى الله عليه وسلم من غير تشبيه ولا تعطيل. ولا تحريف ولا تأويل " ا.هـ

              ولو كان مراده علو الرتبة لما قال : من غير تشبيه ...الخ ولما غاير فخص العرش بالاستواء والخلق بالفوقية في سياق واحد

              16ـ الإمام معمر بن أحمد الأصبهاني رحمه اللّه تعالى ت 418 هـ

              قال في رسالته :
              " أحببت أن أوصي أصحابي بوصية من السنّة، وموعظة من الحكمة، وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر، وأهل المعرفة والتصوف من المتقدمين والمتأخرين "
              قال فيها : " وإن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل ، والاستواء معقول ، والكيف مجهول " ا.هـ (16)
              (16) نقله ابن القيم في اجتماع الجيوش ص 276 والذهبي في العلو 244

              وكذا قوله بلا كيف بيان جلي يثبت أنه العلو الحقيقي التام ذاتا وصفات وإلا ما علاقة نفي الكيف بعلو المرتبة والمنزلة ؟!!












              تعليق


              • #8
                إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

                17ـ الإمام أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي المالكي ت 429 هـ
                قال الإمام الطلمنكي في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول":
                "وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) ونحو ذلك من القرآن أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء" ا.هـ (17)
                17) من كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول" نقله الإمام القرطبي في كتابه الأسنى ، ونقله أيضا ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل ( 6/250-251) ، والذهبي في العلو (264) وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 142.
                كلهم نقلوه من كتابه

                وقوله بذاته قاطع لدابر التحريف الذي لهج به أهل التعطيل ولا يحتاج إلى شرح وكذا سياقه

                18ـ الإمام أبو نعيم الأصبهاني -صاحب "الحلية"- ت 430 هـ
                (1 من كتابه محجة الواثقين نقله مرعي الحنبلي في أقاويل الثقات ص 90 ، ومن رسالته في العقيدة نقله الذهبي في العلو له ص243 وكذا نقله غيره

                قال في كتابه " محجة الواثقين " كما نقل مرعي الحنبلي في أقاويل الثقات ص 90 :
                " وأجمعوا أن الله فوق سماواته عال على عرشه مستو عليه لا مستول عليه كما تقول الجهمية " ا.هـ

                وفي عقيدة له, في أولها:
                " طريقتنا طريقة المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة .
                قال: فمما اعتقدوه: أنّ الأحاديث التي ثبتت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في العرش واستواء الله يقولون بها, ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه، وأن الله بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، لا يحل فيهم, ولا يمتزج بهم، وهو مستو على عرشه في سمائه دون أرضه وخلقه " ا.هـ
                لو أراد علو المرتبة لما احتاج أن يقول من غير تكييف ولا أن يقول بائن من خلقه ولا أن يقول دون أرضه وخلقه فمراده ظاهر وواضح لكن أهل التعطيل قد جرى في دمائهم تحريف الكلام حتى أصبح قاعدة ضرورية لا تستنكرها قلوبهم

                19ـ الإمام أبو نصر الوائلي السجزي ت444 هـ
                (19) عن كتابه الإبانة نقله الذهبي في العلو 248 ، وابن القيم في اجتماع الجيوش .

                فإنه قال في كتابه الإبانة :
                " وأئمتنا كالثوري ومالك والحماد وابن عيينة وابن المبارك والفضيل وأحمد وإسحاق متفقون على أن الله فوق العرش بذاته وأن علمه بكل مكان " ا.هـ
                وقوله : بذاته كافٍ في أنه علو الذات

                20ـالإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ت 449 هـ
                (20) من رسالته في السنة نقله الذهبي في العلو ( 247 )

                قال الإمام أبو عثمان إسماعيل الصابوني في رسالته في السنة :
                " ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله فوق سبع سمواته على عرشه كما نطق به كتابه ، وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا أن الله على عرشه وعرشه فوق سمواته " ا.هـ

                وقوله : " وعرشه فوق سماواته " بيان وتوضيح لا يناسب معنى علو المرتبة ويدل على أنه يتكلم عن العلو الحقيقي كما هو ظاهر الجملة

                21ـ الإمام الحافظ أبو عمرو ابن عبد البر رحمه الله (463 هـ)
                (21) قاله في التمهيد شرح الموطأ (7/138-139)
                وكلامه الآخر أيضا في التمهيد (7/129) والاستذكار (7/337)

                قال رحمه الله :
                " وأما احتجاجهم بقوله عز وجل ( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ ) الآية ، فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية ، لأن علماء الصحابة والتابعين الذين
                حملت عنهم التأويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية :
                هو على العرش ، وعلمه في كل مكان ، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله " ا.هـ
                وقال في الاستذكار :
                " وأما قوله في هذا الحديث للجارية : أين الله ، فعلى ذلك جماعة أهل السنة وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه ( الرحمن على العرش استوى ) طه 5 وان الله عز و جل في السماء وعلمه في كل مكان وهو ظاهر القران في قوله عز و جل ( ءامنتم من في السماء أن يخسف بكم الارض فإذا هي تمور ) الملك 16 وبقوله عز و جل ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) فاطر 10 وقوله ( تعرج الملائكة والروح إليه ) المعارج 4 ومثل هذا كثير في القران " ا.هـ
                وقال الحافظ ابن عبد البر أيضا :
                " ... وفيه دليل على أن الله عز و جل في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم إن الله عز و جل في كل مكان وليس على العرش والدليل على صحة ما قالوه أهل الحق في ذلك قول الله عز و جل الرحمن على العرش استوى ... "

                22ـ الإمام أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني ت 471 هـ
                (22) نقله ابن القيم في اجتماع الجيوش ص (197)
                والزنجاني قال عنه ابن عساكر في تاريخ دمشق : " الحافظ شيخ الحرم الشريف "
                وقال عنه السبكي : " الشيخ الحافظ الزاهد الورع "
                وقال السبكي : " قال أبو الحسن محمد بن أبي طالب الكرجي سألت محمد بن طاهر عن أفضل من رأى فقال سعد الزنجاني وعبد الله بن محمد الأنصاري "
                وقال السبكي : " قال ابن طاهر وسمعت هياج بن عبيد إمام الحرمين ومفتيه يقول يوم لا أرى فيه سعد بن علي لا أعتد أني عملت خيرا "

                وهو إمام في السنّة له قصيدة معروفة أولها :
                تمَسّكْ بحبْل اللَّهِ واتَّبع الأثَرَ ... ودَعْ عَنكَ رأياً لا يلائمه خبَر
                وقال في شرح هذه القصيدة :
                " وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى: " سبِّح اسْمَ ربِّك الأعلى " سورة الأعلى آية 1. وأن لله علو الغلبة، والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو، لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل، فثبت بذلك أن للّه علو الذات، وعلوالصفات، وعلو القهر والغلبة " ا.هـ
                23 ـ الإمام إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني ت 537 هـ
                (23) الحجة في بيان المحجة (2/117) ، ونلحظ أن عبارة التيمي هي نفسها عبارة الزنجاني أخذها عنه ، ولأن التيمي ذكرها متبنيا لها اعتبرناه نقلا آخر للإجماع ، فهو إمام وقرر الإجماع ولكن بعبارة غيره

                قال في كتابه الحجة في بيان المحجة :
                " وقد أجمع المسلمون أن الله هو العلي الأعلى ونطق بذلك القرآن في
                قوله : ( سبح اسم ربك الأعلى ) وزعموا أن ذلك بمعنى علو الغلبة لا علو الذات وعند المسلمين أن الله عز وجل علو الغلبة والعلو من سائر وجوه العلو لأن العلو صفة مدح فثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو


                24ـ أبو الوليد أحمد بن محمد بن رشد الحفيد ت 595 هـ
                (24) في كتابه الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة ص (60)
                ونقله عنه غير واحد

                قال في كتابه مناهج الأدلة عن صفة العلو :
                " وأما هذه الصفة ، فلم يزل أهل الشريعة أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة ، ثم تبعهم على نفيها متأخرو الأشعرية كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله ، فظواهر الشرع كلها تقتضي إثباتها لله تعالى مثل قوله سبحانه: " الرحمن على العرش استوى " سورة طه آية 5 ،
                وقوله تعالى: " وَسِعَ كُرسيُّه السّموات والأرْض " سورة البقرة آية 255، وقوله تعالى: " ويَحْمِلُ عَرْشَ ربِّك فَوقَهُم يومئذ ثمانية " سورة الحاقة آية 17، وقوله تعالى: " يُدَبِّرُ الأمْرَ من السماء إلى الأرْض ثمّ يعْرِجُ إليْه " سورة السجدة آية 5، وقوله تعالى: " تَعْرجُ الملائِكَةُ والرّوحُ إليْه " سورة المعارج آية 4، وقوله تعالى: " أأمِنْتُم مَنْ فيالسماء " سورة الملك آية 16... إلى غير ذلك من الآيات التي: إن سُلّط التأويلُ عليها عاد الشرع كلُّه متاولاً " ا.هـ (26)



                25ـ الإمام موفق الدين أبو محمد بن قدامة المقدسي ت 626 هـ
                (25) في كتابه "إثبات صفة العلو" ج1/ص41 ، وفي ذم التأويل له ص45ـ46

                قال في كتابه "إثبات صفة العلو" :
                " أما بعد فإن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء ووصفه بذلك رسوله محمد خاتم الانبياء وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابه الاتقياء والأئمة من الفقهاء وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين " ا.هـ
                وقال في ذم التأويل :
                " ثم قد ثبت بكتاب الله والمتواتر عن رسول الله وإجماع السلف أن الله تعالى في السماء على عرشه " ا.هـ


                26ـ الإمام علي بن محمد بن القطان الفاسي ت 628 هـ
                (26) كتابه الإقناع في مسائل الإجماع

                قال الإمام أبو الحسن بن القطان :
                "وأجمعوا أنه تعالىفوق سماواته" ا.هـ (2

                27 ـ الإمام أحمد بن محمد المظفري المختار الرازي ت 631 هـ
                (27) عن كتابه فرع الصفات نقله ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص (306 )

                قال في كتابه " فرع الصفات في تقريع نفاة الصفات " قال فيه بعد حكاية مذاهب الناس :
                " وقالت الحنابلة وأصحاب الظواهر والسلف من أهل الحديث: أن اللّه على العرش " ثم قال : " أما حجة المثبتين فمن حيث الكتاب
                والسنّة وإجماع الصحابة والمعقول " ا.هـ (29)


                28 ـ الإمام أبو عمرو عثمان بن أبي الحسن بن الحسين السهروردي
                (2 نقله ابن القيم اجتماع الجيوش ص 183 ـ184

                ذكر في كتاب له في أصول السنة فكان مما قال :
                " وَدعاني إلى جمع هذا المختصر في اعتقاد السنة على مذهب الشافعي وأصحاب الحديث، إذ هم أمراء العلم، وأئمة الإسلام ..
                ثم ساق الكلام في الصفات إلى أن قال :
                " فصل :
                من صفاته تبارك وتعالى فوقيته واستواؤه على عرشه بذاته، كما وصف نفسه في كتابه ، وعلى لسان رسوله لله صلى الله عليه وسلم بلا كيف
                ودليله :
                قوله تعالى : " الرَّحْمنُ عَلى العَرْش اسْتَوَى " سورة طه آية 5.
                وقوله تعالى: " ثمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْش الرَّحْمنُ " سورة الفرقان آية 59.وقوله تعالى في خمس مواضع: " ثم استوى على العرش " سورة
                الحديد آية 59.وقوله تعالى: في قصة عيسى عليه السلام: " ورافِعُكَ إليَّ " سورة آل عمران آية 55.وساق آيات العلو ثم قال :
                وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا في أن الله سبحانه مستو على عرشه، وعرشه فوق سبع سمواته(30).


                29ـ الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي ت 671 هـ
                (29) انظر تفسيره (7/219ـ220) ، وأيضا الأسنى في شرح الأسماء الحسنى ص 229 ، والغريب أن القرطبي مع نقله للإجماع واعترافه به وشرحه له شرحا سليما فهو يقوله على سبيل الاعتراف فقط وإلا فهو يذهب إلى تأويل النصوص المرفوعة فسبحان الله

                قال الإمام القرطبي في تفسيره :
                " وقد كان السلف الأول رضي اللّه عنهم لا يقولون بنفي الجهة ، ولا ينطقون بذلك ، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها للّه ، كما نطق كتابه ، وأخبرت به رسله ، ولم ينكر أحدٌ من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته وإنما جهلوا كيفية الإستواء، فإنه لا تعلم حقيقته كما قال مالك: الاستواء معلوم يعني في اللغة، والكيف مجهول والسؤال عن هذا بدعة " ا.هـ

                وما أظن أنه بقي مجال للإنكار والعناد بعد هذا التصريح الذي اعترف فيه إمام أشعري باتفاق السلف كافة على إثبات العلو والاستواء الحقيقي ذاتا وصفات
                والعاقل يعلم أن إماما بمنزلة القرطبي في الفهم يعترف بقول وينسبه لكافة السلف الذين هم أشرف الطوائف مع أنه لا يقول به هو ولا تقول به طائفته بل ويصادم مذهبهم مصادمة تامة لا يكون عادة إلا

                والأدلة على ذلك دامغة ومفحمة .
                وفي الأسنى له :
                " وقال جميع الفضلاء الأخيار: إن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه. هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات " ا.هـ (31)

                30ـ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ت (728 هـ)
                (30) مجموع الفتاوى (1/132) ضمن العقيدة الواسطية

                يقول رحمه الله :
                "... وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به في كتابه ، وتواتر عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سمواته على عرشه ، عليٌّ على خلقه "(32)

                31 ـ الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت (748 هـ)

                صنف الإمام الذهبي كتاب " العلو للعلي الغفار " في إثبات علو الله على عرشه ، وأنه مع خلقه بعلمه ، وساق فيه الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم إلى قريب من زمانه، وحكى الإجماع عن كثير منهم على أن الله تعالى فوق عرشه
                ومما قاله في كتابه خاتما به الكتاب :
                " والله فوق عرشه كما أجمع عليه الصدر الأول ونقله عنهم الأئمة وقالوا ذلك رادين على الجهمية " ا. هـ

                32 - الإمام شمس الدين ابن القيم رحمه الله ت (751 هـ)

                صنف الإمام ابن القيم كتابه " اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية " لبيان مسألة علو الله على عرشه ، فساق الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه ، وحكى الإجماع عن كثير منهم ، بل حكاه بنفسه مرارا وأقر الإجماع إقرارا صريحا أكثر من مرة بعد نقله له
                ومن ذلك ما حكاه من اتفاق الصحابة كلهم على ذلك ص (127)

                وفي الصواعق المرسلة قال في 2/132-136
                " الوجه الثاني عشر : أن الإجماع منعقدٌ على أن الله سبحانه استوى على عرشه حقيقة لا مجازاً "
                وقال في نونيته :
                هذا وخامس عشرها الإجماع من .. رسل الإله الواحد المنان
                فالمرسلون جميعهم مع كتبهم .. قد صرحوا بالفوق للرحمن
                وحكى لنا إجماعهم شيخ الورى .. والدين عبد القادر الجيلاني
                33ـ العلامة صديق حسن خان رحمه الله ت (1307 هـ)

                قال رحمه الله :
                " وهذا كتاب الله من أوله إلى آخره ، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا كلام الصحابة والتابعين ، وسائر الأئمة ، قد دل ذلك بما هو نص أو ظاهرٌ، في أن الله سبحانه فوق العرش ، فوق السموات، استوى على عرشه، بائن من خلقه " ا.هـ
                33ـ العلامة صديق حسن خان رحمه الله ت (1307 هـ)
                (33) في كتابه " قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر " لصدّيق حسن خان رحمه الله ص (50) .

                قال رحمه الله :
                " وهذا كتاب الله من أوله إلى آخره ، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا كلام الصحابة والتابعين ، وسائر الأئمة ، قد دل ذلك بما هو نص أو ظاهرٌ، في أن الله سبحانه فوق العرش ، فوق السموات، استوى على عرشه، بائن من خلقه " ا.هـ

                تعليق


                • #9
                  إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

                  اتفاق الأئمة الأربعة على فوقية الله وتأكيد الإجماع :

                  34ـ الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت ت150 هـ
                  (34) هو في الفقه الأبسط ص46 , ونقله ابن قدامة في العلو ص116 , وابن أبي العز في شرح الطحاوية ص301 والذهبي في العلو ص101-102 , ونقل نحو هذا اللفظ شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 5/48 , وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص139 ,

                  نقله عنه الطحاوي في عقيدته المشهورة حيث قال :
                  " هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين...
                  إلى أن قال :
                  " وهو مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل شيء وفوقه " ا.هـ

                  وروى شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري في كتابه: الفاروق، بسنده إلى مطيع البلخي :
                  أنه سأل أبا حنيفة عمن قال : لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض ؟
                  فقال : قد كفر ؛ لأن الله يقول : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(6)
                  وعرشه فوق سبع سماوات،
                  قلت: فإن قال: إنه على العرش، ولكن يقول: لا أدري العرش في السماء أم في الأرض ؟
                  قال: هو كافر، لأنه أنكر أنه في السماء، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر.
                  وزاد غيره: لأن الله في أعلى عليين، وهو يدعى من أعلى، لا من أسفل. انتهى.
                  قال العلامة ابن أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية :
                  " ولا يلتفت إلى من أنكر ذلك ممن ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة، فقد انتسب إليه طوائف معتزلة وغيرهم، مخالفون له في كثير من اعتقاداته. وقد ينتسب إلى مالك والشافعي وأحمد من يخالفهم في بعض اعتقاداتهم. وقصة أبي يوسف في استتابتة بشر المريسي، لما أنكر أن يكون الله عز وجل فوق العرش - مشهورة، رواها عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره "
                  ا.هـ
                  35ـ الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة ت 179 هـ
                  (35) رواه أبو دواد في مسائل أحمد ص 263وعبد الله بن أحمد في السنة ( 1/173ـ174) والآجري واللالكائي وابن عبد البر ، وسنده صحيح

                  عن عبد الله بن نافع الصائغ قال :
                  " قال مالك : الله في السماء وعلمه في كلمكان " .(37)
                  وصح عن الشافعي أنه نقل عن أئمة السنة وسمى منهم مالكا قولهم " بأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء " وسيأتي
                  وروى مالك في الموطإ حديث الجارية التي سألها النبي أين الله فقالت في
                  السماء ، فحكم النبي بإيمانها بناء على هذه الشهادة
                  وعدة أحاديث ظاهرها العلو
                  وكان يروي الموطأ لأكثر من أربعين عاما ولا نقل عنه واحد من تلاميذه أنه أول هذه الروايات
                  قال العلامة ابن العربي :
                  " ولا يفوتكم ما وصيتكم به مراراً من أن مذهب مالكالمعول عليه ما
                  في موطئه ، أقرأَه عمرَه كله، فما قال لصاحب أو أجاب بهسائلاً لا يعارض ما أقرأه ليله ونهاره عمره كله ، ورواه عنه ألف رجل أو
                  يزيدون "
                  ولو كان يؤولها لقال بذلك
                  بل كثير من أئمة المالكية الأوائل يثبتون هذا الاعتقاد عن مالك
                  قالإمام المالكيةفيوقته ، وجامعمذهب مالك، وشارح أقواله، الذي كان يعرف بمالك الصغيرابن أبي زيد القيرواني في كتابه الجامع ص137-149 ما نصه:
                  " وأنهفوق سماواته على عرشه دونأرضه...
                  إلى أن قال :
                  وكل ما قدمنا ذكره فهو قول أهل السنة وأئمة السنةفي الفقه
                  والحديث على ما بيناه، وكله قول مالك فمنهمنصوص من قوله ومنه معلوم من مذهبه "ا.هـ

                  وقال تلميذ ابن أبي زيد العلامة الفقيه أبو بكر محمد بن موهب المالكي في شرحهلرسالة شيخه الإمام أبي محمد بن أبي زيد المالكي:
                  " أما قوله إنه فوق عرشه المجيد بذاته ، فمعنى فوق وعلى عند جميع العرب واحدوفي الكتاب والسنة تصديق ذلك وهو قوله تعالى ثم
                  استوى على العرش وقال "الرحمن علىالعرش استوى" وقال "يخافون ربهم من فوقهم" وساق حديث الجارية والمعراج إلى سدرةالمنتهى...

                  إلى أن قال: وقد تأتي لفظة في ، في لغةالعرب بمعنى فوق كقوله "فأمشوا في مناكبها" و "في جذوع النخل" و "أأمنتم من فيالسماء "،
                  قال أهل التأويل يريد فوقه وهو قولمالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي أنالله في السماء"يعني فوقها وعليها فلذلك قال الشيخ أبو محمد إنه فوقعرشه ثم بين أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيفوهو في كل مكان بعلمه لا بذاته .. "
                  نقله الذهبي في العلو باختصار وهو في بيان التلبيسلابن تيميه
                  بتمامه1/175-179
                  ونقل عقيدة العلو عن مالك الإماموالحافظ الكبير أبو عمر الطلمنكي المالكي ، ونقلها عن مالك مكي القرطبي خطيب قرطبة فى كتاب التفسير الذي جمعه من كلام مالك كما في القاعدة المراكشية وكذا ابن عبد البر في التمهيد (7/13
                  ونقلها أيضا عن مالك غير هؤلاء ممن لا يحصى عددهم مثل أحمد ابن حنبل وابنه عبد الله والأثرم والخلال والآجري وابن بطة واللالكائي
                  بنقلهم رواية تلميذه ابن نافع الصائغ الصحيحة ، فهو الذي لازَمَ مالكا أربعين سنة ، وهو الذي خلفهفي مجلسه بعد ابن كنانة .
                  قال محمد بن سعد في الطبقات :
                  " كان قد لزم مالك بن أنس لزوما شديدا لا يقدم عليه أحدا، وهو
                  دون مَعن"
                  وهو الذي سمع منه سحنون وكبار أتباع أصحاب مالكوالذي سماعه مقرون بسماع أشهب في العتبية وقيللمالك من لهذا الأمر بعدك؟ قال لابن نافع.
                  وقد عده ابن معين من الأثبات في مالك وقال عنه ابن سعد " لزم مالكا لزوما شديدا " وقال أحمد "كان أعلم الناس برأي مالك وحديثه " وقال أبوداود " كان عبدالله عالما بمالك " وقال أحمد بن صالح " أعلم الناس بمالك وحديثه " فروايات الصائغ عن مالك صحيحة خلافا لرواياته عن غير مالك فهي في أدنى الحسن لشيء في حفظه
                  فقد صح عنه أنهقال كما سبق:
                  قال مالك : " الله في السماء وعلمه في كل مكان "
                  ويؤكد هذا الأثرُ المشهور عنه : " الاستواء غير مجهول والكيف غير
                  معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة "
                  قال الإمام أبوبكر بن العربي :
                  " وذهب مالك رحمه الله أن كل حديث منها ـ أي أحاديث الصفات ـ معلوم المعنى ولذلك قال للذي سأله : الاستواء معلوم والكيفية مجهولة " ا.هـ عارضة الأحوذي (3/166)
                  والمعنى المعلوم للاستواء على العرش باتفاق أهل اللغة وأهل التفسير من السلف هو العلو والارتفاع
                  والذي يؤكد نسبة هذا الاعتقاد لمالك قول عامة تلاميذه به كالشافعي وعبد الرحمن ابن مهدي وابن الماجشون وكأصبغ والقعنبي وقتيبة بن سعيد ووكيع وهشام بن عبيد الله الرازي وعدة كلهم على اعتقاد أن الله عال على خلقه علوا حقيقيا فوق سماواته فوق عرشه وكلامهم موثق ثابت

                  ـ 36 الإمام محمد بن إدريس الشافعي ت 204 هـ

                  قال الإمام ابن الإمام ، عبدُ الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه الرد على الجهمية :
                  حدثنا أبو شعيب وأبو ثور، عن أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى قال :
                  " القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث
                  الذين رأيتهم ، وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما :
                  الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وأنّ الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وأن اللّه تعالى ينزل إلى

                  سماء الدنيا كيف شاء " ا.هـ (36)
                  (36) عن كتاب الرد على الجهمية لابن أبي حاتم نقله ابن القيم في اجتماع الجيوش ص (165) وإسناده صحيح غاية

                  وكلامه واضح المعنى فقوله : "يقرب ..." وقوله : " ينزل ..." في سياق توضيحه لمعنى العلو الذي أثبته يدل دلالة قاطعة على أنه يتكلم عن العلو التام الحقيقي ( علو الذات والصفات )
                  وعندما تكلم في الأم عن فضل يوم الجمعة (1/240) استدل بحديث
                  جاء فيه :
                  " وهو [ أي الجمعة ] اليوم الذى استوى فيه ربك تبارك اسمه على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة "
                  واستدلاله به حجة في اعتقاده له بغض النظر عن حكمنا نحن على الحديث بالصحة أو الضعف
                  وقال الشافعي في الرسالة :
                  " فلو آمن عبد به ولم يؤمن برسوله لم يقع عليه اسم كمال الايمان أبدا حتى يؤمن برسوله معه وهكذا سن رسوله في كل من امتحنه للايمان أخبرنا مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم قال : " أتيت رسول الله بجارية فقلت يا رسول على رقبة أفأعتقها فقال

                  لها رسول الله أين الله فقالت في السماء فقال ومن أنا قالت أنت رسول الله قال فأعتقها " ا.هـ
                  فاعتبر الشافعي بصريح كلامه أن جواب الجارية ومنه قولها عن الله " في السماء " هو كمال الإيمان
                  وصح عن الشافعي ـ كما ذكر ابن القيم ـ أنه قال :
                  " خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حق قضاها الله في سمائه "
                  فكل ما تقدم عن الشافعي دال على اعتقاده فوقية الله على خلقه وعلوه الحقيقي عليهم
                  ـ الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ت 241 هـ

                  سبق نقل كلامه وعزو أقواله بالتفصيل عند التعليق رقم (1)

                  تعليق


                  • #10
                    إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

                    تأكيد الإجماع بالنقل عن عامة أهل الحديث والسنة :

                    قال الإمام زكريا بن يحيى الساجي إمام أهل البصرة رحمه اللّه تعالى:
                    " القول في السنة التي رأيت عليها أصحابنا أهل الحديث الذين لقيناهم : أن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء " ا.هـ
                    نقله ابن القيم في اجتماع الجيوش ص ( 245ـ246 ) والذهبي في العلو ، ص (205)

                    وقال الإمام أبوبكر الإسماعيلي رحمه الله :
                    " اعلموا رحمنا الله وإياكم أن مذهب أهل الحديث أهل السنة والجماعة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقبول ما نطق به كتاب الله تعالى،
                    وصحت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
                    ويعتقدون أن الله تعالى مدعو بأسمائه الحسنى وموصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم ...
                    وأنه عز وجل استوى على العرش، بلا كيف، فإن الله تعالى انتهى من ذلك إلى أنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه "
                    ذكره في كتابه الإعتقاد له ص 2 ورواه عنه الأصبهاني في الحجة في


                    بيان المحجة (1/247)

                    وقال الإمام أبوعبد اللّه محمد بن أبي نعيس المالكي المشهور بابن أبي زمنين رحمه اللّه تعالى في كتابه الذي صنفه في أصول السنة :
                    " باب الإيمان بالعرش:
                    ومن قول أهل السنة أن اللّه عز وجل خلق العرش، واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء، كما أخبر عن نفسه في قوله عز وجل: " الرحْمنُ عَلى العَرْش اسْتَوى " سورة طه آية 5 " ا.هـ
                    في كتابه أصول السنة ( رياض الجنة ) ص (8

                    وسبق ما نقله الإمام الأشعري عن أهل الحديث في كتابه المقالات
                    والأقوال عن أهل العلم كثيرة تنسب عقيدة علو الله إلى أهل السنة وإلى أهل الحديث وأصحاب الحديث بعامة ولو دعت الحاجة لجمعها لاحقا سأفعل بإذن الله .
                    ومن أبرز الآثار التي تنقل هذه العقيدة عن جمع معتبر من أهل العلم قول الأوزاعي رحمه الله تعالى :
                    قال أبو عبد الله الحاكم أخبرني محمد بن علي الجوهري ببغداد حدثنا


                    إبراهيم بن الهيثم حدثنا محمد بن كثير المصيصي قال: سمعت الأوزاعي يقول: كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله تعالى ذكره فوق عرشه ونؤمن بما وردت به السنة.
                    قال ابن القيم بعد ما ساقه :
                    وهذا الأثر يدخل في حكاية مذهبه ومذهب التابعين
                    وهو في الأسماء والصفات للبيهقي ص 408
                    وساقه الحافظ في الفتح (13/406) وقال عن سنده جيد

                    يضاف إلى ما تقدم نقله أقوال كثيرة تؤكد الإجماع قد ثبتت عن العشرات من أهل العلم المعتبرين ، من التابعين فمن دونهم ، يقررون فيها علو الله حقيقة على خلقه وفوقيته على عرشه ، واجتمع لدي منهم والله أكثر من خمسين إماما ، وإن يسر الله في طبعة لاحقة سأسوق أسماءهم وجلهم من أئمة السلف ، وربما إن تيسر أنقل ألفاظهم أيضا .
                    وهذا بذاته دال على الإجماع إذ هذا الكم عندما يقررون مسألة ولا يوجد من يخالفهم يكون ذلك إجماعا ، فكيف ومعهم النقل عن الأئمة الأربعة وعامة أئمة الحديث ؟
                    كيف والإجماع قد نص عليه وقرره أكثر من ثلاثين إماما ؟
                    هو إجماع يُدوّي لكنه الصمم .

                    تعليق


                    • #11
                      إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء



                      اتفاق السلف وأهل السنة على أن فوقية الله على عرشه فوقية حقيقية وهي فوقية الذات .

                      سبق نقل عبارات الإجماع الصريحة الجلية التي تنص على إجماع السلف من الصحابة والتابعين وتابع التابعين بأن الله الرب فوق سماواته مستو على عرشه

                      والآن أؤكد لك أن عباراتِهم السابقة هي على حقيقتها بأن الله بكماله ذاتا وصفاتٍ على عرشه وفوق سماواته .

                      قال الإمام المزني رحمه الله في شرح السنة ص (75) :
                      " فلا شبيه له ولا عديل السميع البصير العليم الخبير المنيع الرفيع عال على عرشه في مجده بذاته وهو دان بعلمه من خلقه أحاط علمه بالأمور وأنفذ في خلقه سابق المقدور وهو الجواد الغفور { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " ا.هـ



                      ـ وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي :
                      " ولكنه [ القرآن ] كلام الله وصفة من صفاته خرج منه كما شاء أن يخرج والله بكلامه وعلمه وقدرته وسلطانه وجميع صفاته غير مخلوق وهو بكماله على عرشه " ا.هـ
                      وقال في هذا الكتاب :
                      " علمه بهم محيط، وبصره فيهم نافذ، وهو بكماله فوق عرشه " ا.هـ
                      بكماله يعني ذاتا وصفاتٍ

                      ـ وقال الإمام محمد بن عثمان بن أبي شيبة المتوفى سنة 297 هـ في كتابه العرش ص 51 :
                      " ثم تواترت الأخبار أن الله تعالى خلق العرش فاستوى عليهبذاته ثم خلق الأرض والسماوات فصار من الأرض إلى السماء ومن السماء إلى العرش فهو فوق السماوات وفوق العرشبذاته متخلصا من خلقه بائنا منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه " ا.هـ

                      ـ وقال الحارث بن أسد المحاسبي رحمه اللّه في كتابه فهم القرآن :
                      " وأما قوله "على العرش استوى" "وهو القاهر فوق عباده" و "أأمنتم من في السماء" "وإذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً" فهذه وغيرها مثل


                      قوله "إليه يصعد الكلم " وقوله "ثم يعرج إليه في يوم"
                      فهذا مقطع يوجب أنه فوق العرش ، فوق الأشياء ، منزه عن الدخول في خلقه لا يخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أن ذاته بنفسه فوق عباده لأنه قال: " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض " يعني فوق العرش ، والعرش على السماء ا.هـ
                      انظر فهم القرآن له ص 346

                      ـ وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف في كتابه الذي سماه " اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات " قال :
                      " ونعتقد : أن الله عز وجل له عرش وهو على عرشه فوق سبع سمواته بكل أسمائه وصفاته ; كما قال : ( الرحمن على العرش استوى ) "

                      نقله من كتابه ابن القيم في الاجتماع ص 277 وابن تيمية في الحموية
                      فتأمل قوله : بكل أسمائه وصفاته

                      ـ وقال العلامة ابن أبي زيد القيرواني في رسالته ص (11) :
                      " وهو العليم الخبير، المدبّر القدير السميع البصير العلي الكبير، وإنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو بكل مكان بعلمه "


                      ونقله من رسالته كثير من المالكية
                      وقال ابن أبي زيد في مختصر المدونة :
                      " وأنه تعالى فوق عرشه بذاته فوق سبع سمواته دون أرضه "
                      نقله من المختصر ابن القيم ص (156)

                      ـ والقاضي عبد الوهاب إمام المالكية بالعراق رحمه اللّه تعالى صرح بأن الله سبحانه استوى على عرشه بذاته
                      نقله عنه القرطبي في الأسنى شرح الأسماء الحسنى (ق 225) وأبو بكر الحضرمي في رسالته التي سماها بالإيماء إلى مسألة الاستواء وابن القيم في اجتماع الجيوش 164 ونقله شيخ الإسلام عنه في غير موضع من كتبه

                      ـ وقال الإمام أبو عمر الطلمنكي في كتابه في الأصول :
                      " أجمع المسلمون من أهل السنة على أن اللّه استوى على عرشه بذاته.
                      وقال في هذا الكتاب أيضاً: أجمع أهل السنة على أنه تعالى استوى على عرشه على الحقيقة لا على المجاز... ثم ساق بسنده عن مالك قوله: اللّه في السماء وعلمه في كل مكان.
                      ثم قال في هذا الكتاب :


                      وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى: " وهُوَ مَعَكُم أيْنَما كُنْتُم " سورة الحديد آية 4. ونحو ذلك من القرآن بأن ذلك علمه، وأن اللّه فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء " ا.هـ

                      ـ وقال الإمام أبو بكر بن محمد بن موهب المالكي في شرح الرسالة :
                      " وأما قوله: إنه فوق عرشه المجيد بذاته فإن معنى فوق وعلا عند جميع العرب واحد، وفي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تصديق ذلك... ثم ساق الآيات في إثبات العلو وحديث الجارية
                      إلى أن قال :
                      وهو قول مالك مما فهمه عن جماعة ممن أدرك من التابعين، مما فهموه عن الصحابة رضي الله عنهم، مما فهموه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله في السماء بمعنى فوقها وعليها، فلذلك قال الشيخ أبو محمد: إنه فوق عرشه المجيد بذاته، ثم بيّن أن علوه على عرشه إِنما هو بذاته لأنه بائن عن جميع خلقه بلا كيف، وهو في كل مكان من الأمكنة المخلوقة بعلمه لا بذاته،
                      قال: وكذلك بيّن أيضاً أنه على الحقيقة بقوله عز وجل: " ومَنْ أصْدَقُ مِنَ اللهِ قيلاً " سورة النساء آية 122. فلما رأى المنصفون إفراد ذكره


                      بالاستواء على عرشه بعد خلق سمواته وأرضه وتخصيصه بصفة الاستواء، علموا أن الاستواء هنا غير الاستيلاء ونحوه، فأقروا بصفة الاستواء على عرشه، وأنه على الحقيقة لا على المجاز لأنه الصادق في قيله، ووقفوا عن تكييف ذلك وتمثيله، إذ ليس كمثله شيء من الأشياء.
                      نقله عن شرحه للرسالة ابن القيم في اجتماع الجيوش 156 والذهبي في العلو 264

                      ـ والإمام يحيى بن عمار السجزي رحمه اللّه تعالى قال في رسالته التي في السنة :
                      " بل نقول هو بذاته على العرش، وعلمه محيط بكل شيء، وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء، وهو معنى قول اللّه تعالى: " وهو معكم " .
                      قال ابن القيم : " ورسالته موجودة مشهورة "
                      نقله عن يحيى الإمام التيمي في الحجة في بيان المحجة ج2/ص109 وابن القيم في اجتماع الجيوش ص (279)

                      قال الإمام الثعلبي في تفسيره المسمى بالكشف والبيان :


                      " وتعلقت الجهمية والمعتزلة بهذه الآية ، استدلوا منها على إن الله بكل مكان قالوا لمّا قال ) وَهُوَ مَعَهُمْ ( ثبت إنه بكل مكان لأنه قد اثبت كونه معهم وقال لهم حق قوله وهو معهم إنه يعلم ما يقولون ولا يخفى عليه فعلهم لأنه العالم بما يظهره الخلق وبما يستره ، وليس في وله وهو معهم ما يوجب انه بكل مكان لأنه قال ) أأمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ ( ولم يرد قوله انه في السماء يَعني غير الذات لأن القول : أنّ زيداً في موضع كذا من غير أن يعتد بذكر فعل أو شيء من الأشياء لايكون إلاّ بالذات ، وقال تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب ) وقال : ) يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ( فأخبر أنه ( يرفع ) الأشياء من السماء ولا يجوز أن يكون معهم بذاته ثم يدبر الأمر من السماء وإليه يصعد الكلم الطيب " ا.هـ

                      ولم يثبت الثعلبي على هذا القول لكن هذا الكلام منه يمثل اعترافا مهما

                      ـ وقال الإمام أبو نصر السجزي :
                      " وأئمتنا كالثوري. ومالك. وابن عيينة. وحماد بن زيد. والفضيل وأحمد. وإسحاق متفقون على أن اللّه فوق العرش بذاته، وأن علمه بكل مكان " ا.هـ


                      وسبق عزوه

                      ـ وقال الإمام أبو عمرو عثمان بن أبي الحسن بن الحسين السهروردي الفقيه المحدث من أئمة أصحاب الشافعي، من أقران البيهقي وأبي عثمان الصابوني وطبقتهما في كتاب له في أصول الدين :
                      " وَدعاني إلى جمع هذا المختصر في اعتقاد السنة على مذهب الشافعي وأصحاب الحديث، إذ هم أمراء العلم، وأئمة الإسلام قول النبي صلى الله عليه وسلم تكون البدع في آخر الزمان محنة، فإذا كان كذلك فمن كان عنده علم فليظهره، فإن: كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم "
                      ثم ساق الكلام في الصفات إلى أن قال:
                      " فصل :
                      من صفاته تبارك وتعالى فوقيته واستواؤه على عرشه بذاته، كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله لله صلى الله عليه وسلم بلا كيف.
                      ودليله قوله تعالى: " الرَّحْمنُ عَلى العَرْش اسْتَوَى " سورة طه " ا.هـ
                      وساق آيات العلو
                      نقله من كتابه ابن القيم في الاجتماع


                      ـ وقال الإمام الكبير أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن مت الأنصاري الهروي صاحب كتاب ذم الكلام وأهله وكتاب منازل السائرين ، في كتاب الصفات له :
                      " باب إثبات إستواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه من الكتاب والسنة ...
                      فساق حجته من الآيات والحديث ثم قال :
                      " وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش بنفسه وهو ينظر كيف تعملون " ا.هـ

                      ـ وقال الحسين بن أحمد الأشعري المتكلم صاحب الجامع الكبير، والصغير في أصول الدين، قال في جامعه الصغير :
                      " فإن قيل: ما الدليل على أن اللّه تعالى على العرش بذاته؟ قلنا: قوله تعالى: " ثمّ اسْتَوى على العَرْش الرّحمن " سورة الفرقان " ا.هـ
                      نقله ابن القيم في الاجتماع ص (303)

                      ـ أيضا إمام الشافعية في وقته سعد بن علي الزنجاني صرّح بفوقية بالذات وهو إمام في السنة له قصيدة معروفة أولها :
                      تمَسّكْ بحبْل اللَّهِ واتَّبِع الأثَرَ ... ودَعْ عَنكَ رأياً لا يلائمه خبَر


                      وقال في شرح هذه القصيدة:
                      " والصواب عند أهل الحق أن الله تعالى خلق السموات والأرض، وكان عرشه على الماء مخلوقاً قبل خلق السموات والأرض، ثم استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض على ما ورد به النص، ونطق به القرآن، وليس معنى استوائه أنه مَلَكه واستولى عليه، لأنه كان مستولياً عليه قبل ذلك، ... ولكنه مستو بذاتهعلى عرشه بلا كيف كما أخبر عن نفسه.
                      وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى: " سبِّح اسْمَ ربِّك الأعلى " سورة الأعلى آية 1. وأن لله علو الغلبة، والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو، لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل، فثبت بذلك أن للّه علو الذات، وعلو الصفات، وعلو القهر والغلبة " ا.هـ
                      نقله الإمام التيمي في كتابه الحجة وتقدم عزوه

                      ـ وقال الإمام عبد القادر الجيلاني في الغنية له :
                      " وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} ، {يُدَبِّرُ
                      الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ


                      سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} ، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال إنه في السماء على العرش كما قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ...
                      وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل ... وأنه استواء الذات على العرش، وكونه سبحانه وتعالى على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف" ا.هـ
                      الغنية له ص 54 ـ 57 طبعة الحلبي ونقله عن الجيلاني جمع من أهل العلم
                      وقال في كتابه تحفة المتقين وسبيل العارفين في باب اختلاف المذاهب في صفات اللّه عز وجل :
                      " واللّه تعالى بذاته على العرش علمه محيط بكل مكان "
                      نقله من كتابه الإمام ابن القيم في الاجتماع

                      ـ وقال العلامة أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي في عقيدته الشهيرة أولها
                      محاسن جسمي بدلت بالمعائب ... وشيب فَوْدي شوب وصل الحبائب
                      وأفضل زاد للمعاد عقيدة ... على منهج في الصدق والصبر لاجب عقيدة أصحاب الحديث فقد سمت ... بأرباب دين الله أسنى المراتب
                      عقائدهم أن الإله بذاته ... على عرشه مع علمه بالغوائب


                      وأن استواء الرب يعقل كونه ... ويجهل فيه الكيف جهل الشهارب وهذه القصيدة طويلة أزيد من مائتي بيت
                      وكان ناظمها الكرجي من كبار الفقهاء الشافعية مات سنة إثنين وثلاثين وخمسمائة
                      وعلى هذه القصيدة مكتوب بخط العلامة تقي الدين ابن الصلاح :
                      " هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث " ا.هـ

                      وتُسمى عروس القصائد وشموس العقائد
                      قال ابن السمعاني :
                      "وله قصيدة بائية في السنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف تزيد على مائتي بيت قرأتها عليه في داره بالكرج " ا.هـ
                      ونقلها من خط ابن الصلاح الإمام الذهبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وفيها البيت الذي هو محل الشاهد والقصيدة مشهورة
                      والإمام ابن الصلاح ثقة كبير وحافظ معروف وعليه فمن الوهاء المخجل ما ذهب إليه الأشعري المتعصب ابن السبكي من التشكيك في صحة القصيدة بسبب مخالفتها للمذهب الأشعري ولم يلتفت إلى كونها نقلها قبله بمائة عام الإمام ابن الصلاح معتمدا لها مثبتا ، فقاتل الله التعصب البغيض ، فهل كل ما خالف عقيدة الأشعري يصح لنا


                      التشكيك في صحته ؟ إذًا لخصوم الأشاعرة أن يشككوا في كل ما يخالف عقائدهم على ضوء مبدء التعصب نفسه وهذا في حقيقته خراب للعلم والتراث العلمي ما بعده خراب

                      ـ وقال الإمام إسماعيل التيمي الأصبهاني في كتابه الحجة في بيان المحجة ج2/ص117 والذي ضمّنه عقيدة أهل السنة :
                      " وعند المسلمين أن لله عز وجل علو الغلبة والعلو من سائر وجوه العلو لأن العلو صفة مدح فثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة " ا.هـ

                      ـ وأيضا حسّان السنّة في وقته قال عنه ابن القيم :
                      " المتفق على قبوله، والذي سار شعره مسيرة الشمس في الآفاق، واتفق على قبوله الخاصُّ والعامُّ أيّ اتفاق، ولم يزل ينشد في المجامع العظام ولا ينكر عليه أحد من أهل الإسلام: يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور الصرصري الأنصاري، الإمام في اللغة والسنّة والزهد والتصوف "
                      قال يحيى بن يوسف الأنصاري الصرصري ت656 هـ
                      " ومذهبُه في الاستواء كمالكٍ ... وكالسلف الأبرار أهل التفضلِ
                      ومستوياً بالذات من فوق عرشه ولا تقل استولى، فمَن قال يبطلِ


                      فذلك زنديقٌ يقابل قسوة لذي خطْلٍ راوي لعيب معطلِ
                      نقله ابن القيم في اجتماع الجيوش ص (316)

                      تعليق


                      • #12
                        إجماع العلماء بأن الله على عرشه فوق السماء

                        ـ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
                        " وأما هذه الكلمة استوى حقيقة فهذه قد ذكر غير واحد من علماء الطوائف المالكية وغير المالكية أنه أجمع عليها أهل السنة والجماعة وما أنكر ذلك أحد من سلف الأمة ولا أئمتها ، بل ما علمت عالما أنكر ذلك فكيف أترك ما أجمع عليه أهل السنة ولم ينكره أحد من العلماء
                        وأشرت بذلك إلى أمور منها ما ذكره الإمام أبو عمر الطلمنكي وهو أحد أئمة المالكية قبل الباجي وابن عبدالبر وهذه الطبقة قال وأجمع المسلمون من أهل السنة أن معنى وهو معكم أينما كنتم ونحو ذلك من القرآن أن ذلك علمه وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء 3/260

                        ـ وقال ابن القيم في الصواعق المرسلة :
                        " ومنه قول أهل السنة استوى على عرشه بذاته أي ذاته فوق العرش عالية عليه "



                        ـ وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي في شرحه للظحاوية :
                        " ومن سمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام السلف، وجد منه في إثبات الفوقية ما لا ينحصر ...
                        ولو لم يتصف سبحانه بفوقية الذات ، مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم ، لكان متصفا بضد ذلك ، لأن القابل للشيء لا يخلو منه أو من ضده ، وضد الفوقية السفول ، وهو مذموم على الإطلاق ، لأنه مستقر إبليس وأتباعه وجنوده "
                        وقال :
                        " التصريح بالفوقية مقرونا بأداة"من"المعينة للفوقية بالذات، كقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} "
                        وقال الإمام ابن أبي العز :
                        " فله سبحانه وتعالى فوقية القهر ، وفوقية القدر ، وفوقية الذات ومن أثبت البعض ونفى البعض فقد تنقص ، وعلوه تعالى مطلق من كل الوجوه " ا.هـ

                        ـ وقال العلامة قاسم بن عيسى بْنُ نَاجِي عن قول ابن أبي زيد بفوقية الذات :
                        " لَيْسَ هَذَا مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ إطْلَاقِ السَّلَفِ الصَّالِحِ


                        وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
                        كما في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني

                        ـ وقال الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني في الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار ج2/ص607 :
                        " - فصل
                        قد ذكرنا في أول الكتاب أن عند أصحاب الحديث والسنة أن الله سبحانه بذاته بائن عن خلقه على العرش استوى " ا.هـ

                        ـ وكذا أطلق هذه اللفظة العلامة أحمد بن ثابت الطرقي الحافظ والمفتي عبد العزيز القحيطي وطائفة
                        ونقله ابن القيم عن عبد العزيز القحيطي وأحمد بن ثابت الطرقي
                        وعزاه مرعي الحنبلي إلى الطبري
                        وكذا نقله الإمام أبو بكر محمد بن الحسن المصري القيرواني المتكلم صاحب رسالة الإيماء إلى مسألة الإستواء فساق فيها قول أبي جعفر محمد بن جرير ... كما نقله القرطبي
                        ففي كتابه الأسنى ج2/122-123 نقل القرطبي قول أبو بكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني المالكي في رسالته الإيماء إلى مسألة


                        الإستواء قال :
                        " .. السادس قول الطبري وابن أبي زيد والقاضي عبد الوهاب وجماعة من شيوخ الحديث والفقه وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر رضي الله عنه [يعني الباقلاني] وأبي الحسن [يعني الأشعري شيخ المذهب] وحكاه عنه أعني عن القاضي أبي بكر[الباقلاني] القاضي عبد الوهاب نصاً وهو أنه مستو على العرش بذاته وأطلقوا في بعض الأماكن "فوق عرشه" ...
                        إلى أن قال :
                        قلت-القائل القرطبي-: هذا قول القاضي أبو بكر [يعني الباقلاني] في كتابه تمهيد الأوائل له. وقد ذكرناه ، وقاله الأستاذ أبو بكر بن فورك في شرح أوائل الأدلة ، وهو قول ابن عبد البر والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين والخطابي في كتاب شعار الدين وقد تقدم ذلك" انتهى

                        فكل الأئمة الذين سبق نقل أقوالهم ، قرروا أن استواء الله على عرشه وعلوه فوق السماء هو علو حقيقي بالذات
                        وهذا منهم رحمهم الله توضيح لما دلت عليه مئات النصوص ولا أقول عشرات ، التي أخبرت عن علو الله وفوقيته
                        ولهذا اشتملت بعض هذه الأقوال التوضيحية على نقل الإجماع كما في


                        كلام الإمام الطلمنكي والإمام الزنجاني والإمام التيمي الأصبهاني والقرطبي
                        فكلهم نقلوا إجماع السلف أو أهل السنة على أن العلو على ظاهره وحقيقته علو الذات والصفات .
                        وبعضها اشتمل على نقله عن أهل الحديث وأئمة السنة كما في نقل الإمام أبي نصر السجزي والإمام عثمان السهروردي والإمام محمد بن عبد الملك الكرجي وابن القيم والعمراني
                        وبعضها بيّن توافر الأدلة وكثرتها الدالة على ذلك كما في كلام الإمام ابن أبي شيبة والأنصاري الهروي
                        ولذلك لا نجد خلافا بين السلف ولا من سار على منوالهم في الإيمان بهذا العلو الحقيقي ولا في التعبير عنه بهذه العبارات الصريحة وأنه فوق بذاته واستوى بذاته ونحوها ، ولا أدل على هذا من ورود هذا التعبير عن عشرات الأئمة سبق بعضهم حتى نقل نخبة منهم الإجماع عليه
                        لأن هذا المعنى هو صريح أقوال السلف
                        وعبارات عامة السلف دالة على ذلك :
                        ( علا وارتفع ، صعد إلى ، بائن من خلقه في فوقيته ، فوق السماوات دون أرضه ، ثم استوى ، استوى كيف شاء ، هو فوق عرشه وعلمه في كل مكان ، وتخصيص الاستواء بالعرش ، وتقرير العلو


                        جوابا عمن سأل بأين )
                        فكل هذه القيود دالة على المراد
                        إلى غير هذه المعاني الواضحة التي تدل على علو تام للذات والصفات .
                        مع أن الأمر لا يحتاج إلى كل هذا التوضيح إذ المراد ظاهر من مئات النصوص ، ويكفي في اعتباره مجرد قولهم :
                        ( الله في السماء ، أو على عرشه أو فوق سماواته ، أو فوق عرشه ، أو هو فوق ، أو عال على خلقه )
                        إذ المعنى في كل هذه العبارات أن الله الذي نعبده هو نفسه دون استثناء شيء منه ، متصفٌ بتلك الفوقية ، إذ القاعدة تقول :
                        ( كل خبر عن الله أو وصف له فالأصل أنه يشمل ذاته وصفاته )
                        وهذه القاعدة المهمة ذكرها بالمعنى غير واحد من أهل العلم منهم ابن القيم رحمه الله وعزاها شيخ الإسلام لأحمد بن حنبل
                        قال العلامة ابن القيم رحمه الله في مختصر الصواعق (2/267) وذلك عند كلامه عن حديث النزول :
                        " والمخبر عنه هو مسمى هذا الاسم العظيم ...فقوله تعالى : ( الله خالق كل شيء ) هو خبر عن ذات الرب تعالى فلا يحتاج المخبر أن يقول : خالق كل شيء بذاته ، وقوله : ( الله ربكم ) قد علم أن الخبر عن نفس ذاته ، وقوله : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) وكذلك جميع


                        ما أخبر الله به عن نفسه إنما هو خبر عن ذاته لا يجوز أن يخص من ذلك إخبار ... لم يحتج أن يقول إنه بذاته فعل وخلق واستوى ، فإن الخبر عن مسمى اسمه وذاته ، وهذا حقيقة الكلام ولا ينصرف إلى غير ذلك إلا بقرينة ظاهرة تزيل اللبس وتعين المراد
                        فلا حاجة بنا أن نقول : استوى على العرش بذاته ، وينزل إلى السماء بذاته ، كما لا يحتاج أن نقول خلق بذاته وقدر بذاته وسمع وتكلم بذاته وإنما قال أئمة السنة ذلك إبطالا لقول المعطلة " ا.هـ
                        وكذا العلامة محمد خليل هراس قرر القاعدة السابقة
                        فالتعبير بذاته تعبير صحيح في نفسه بإطلاق ، ولكن عند وجود من يعطل حقيقة الصفة يكون بالإضافة إلى صحته تعبيرا مناسبا أيضا
                        وقد تكرر إطلاق العلو عن الله دون تقييد فيمتنع حمله على شيء من صفاته دون ذاته
                        كيف لا وقد بلغت في مسألتنا هذه ا النصوص المئات وأقر إطلاقَ العلو فيها السلفُ في مئات من عباراتهم
                        حتى قال عنها العلامة ابن تيمية رحمه الله مبينا كثرتها :
                        " ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين وألوفا "
                        وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي :
                        " وكلام السلف في إثبات صفة العلو كثير جدا "


                        حتى ألف في إثبات هذه الصفة جمع من العلماء كالحافظ أبو منصور عبد الله بن محمد بن الوليد ألف كتاب " إثبات العلو " والحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة كتاب " العرش " له والحافظ ابن قدامة المقدسي كتاب " إثبات صفة العلو " والحافظ الذهبي كتاب " العلو للعلي الغفار " والحافظ ابن القيم كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية وغيرهم إضافة لعامة كتب الاعتقاد المليئة بالنصوص
                        والعجيب أن نجد منتسبين إلى فرق مخالفة لمذهب السلف ينفون كل هذا عن السلف متعامين عن مئات النصوص ومئات الأقوال وعشرات المجلدات المليئة بالأقوال وصدق الشاعر عندما قال :
                        قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
                        وينكر الفم طعم الماء من سقم
                        وهذه مشكلة عويصة مع هؤلاء فهم من حيث الفهم إنْ أَحْسنّا الظن بقصدهم قد فقدوا الغدد العقلية إن صح التعبير التي تُستخدم للتمييز في هذا الباب أو الخلايا الخاصة بهذه القضايا بحيث اختل عندهم تماما الميزان
                        وسبب هذه المشكلة تلاعب الشيطان بهذا الصنف من المعاندين فهو قد سقاهم من كأس الجحود والعناد والاستكبار والاستماتة على الباطل وعلى الضلال لدرجة أنه أفقدهم التمييز بين الصريح من النصوص


                        القطعي الدلالة من غيره وذلك عندما تسلسل بهم في تحريف القرآن والسنة تحت ستار التأويل حتى جعلهم يحرفون أقوال العلماء الصارخة بالحق بصورة تحريفا قبيحا مستنكرا يدل إما على خلل بالغ في العقل أو عناد مستحكم

                        فالخلاصة أن عبارات العلماء التي سبقت صريحة في إثبات العلو الحقيقي التام ، وهذا المعنى لا اختلاف فيه كما سبق
                        ولكن قد تجد من المتأخرين من أهل السنة وهم قلة ، تجد من يوافق على معاني هذه العبارات وأن الفوقية إنما بالذات لكنه يفضل ترك التعبير بالذات كما هو الحال عند الإمام الذهبي فهو قد قال بعد نقله لكلام ابن أبي زيد القيرواني الذي عبر فيه ابن أبي زيد بفوقية ذاته تعالى قال الذهبي :
                        " وإنما أراد ابن أبي زيد وغيره التفرقة بين كونه تعالى معنا وبين كونه تعالى فوق العرش فهو كما قال ، ومعنا بالعلم وأنه على العرش كما أعلمنا حيث يقول الرحمن على العرش استوى وقد تلفظ بالكلمة المذكورة جماعة من العلماء كما قدمناه وبلا ريب أن فضول الكلام تركه من حسن الإسلام " ا.هـ
                        وموافقة الذهبي لمعنى علو الذات ظاهر كما هو صريح قوله : " فهو


                        كما قال "
                        لكنه يفضِّل رحمه الله ترك التعبير به ، لا على أنه خطأ في نفسه كما هو صريح إقراره ، ولكن لأنه تعبير لم يرد بصورة لفظية صريحة في النصوص المرفوعة ولأن بعض المتأخرين لم يقبله فهو لهذا يريد تعبيرا لا يعترض عليه أحد حتى أنه أحيانا قد يظهر انزعاجا شديدا من هذا التعبير
                        وهذا رأي الذهبي رحمه الله
                        لكن يكفي في الدلالة على أن استخدام التعبير بعلو الذات أهم الآن وأنسب يكفيه ما تقدم في أقوال عشرات الأئمة وبعضها تذكر الإجماع وكلهم يرى الحاجة إلى ذلك اللفظ لبيان المعنى المراد .
                        فإذا أضفنا إلى هذا ما ذكره ابن القيم من وجود مناسبة لاستخدام اللفظ وهي تعطيل أهل البدع للعلو الحقيقي ونفيهم لعلو الله تأكد صحة ما ذكرت .
                        فإذا أضفنا إلى هذا عشرات النصوص بل المئات التي تثبت علو الله ويظهر من سياقاتها بشكل واضح أنهم يريدون العلو التام الحقيقي وسبق شرح بعضها لم يبق مجال للتردد بأن ذلك التعبير لا غبار عليه إلا عند من حُجبت عقولهم بغبار الأهواء والوساوس والشكوك والشبهات نسأل الله السلامة والعافية


                        والذهبي بفضل الله ليس منهم لأنه يوافق على صحة المعنى وإنما يفضل ترك اللفظ

                        تعليق

                        يعمل...
                        X