ثبت في صحيح البخاري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني)، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أن من دعاء إبراهيم الخليل على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أنه قال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ [إبراهيم:35-36]، فإبراهيم الخليل الذي فارق الناس من أجل الله، وسماه الله أمة وحده، ووقف كالجبل الأشم صامداً لا يتزعزع أمام أبيه وقومه، وكسر الأصنام بنفسه، وبقي وحده، وفارق الناس جميعاً، كان يخاف على نفسه وعلى بنيه من عبادة الأصنام! قال الله عنه وهو يدعو الله: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ [إبراهيم:35]، وهو إبراهيم الخليل الذي بعثه الله أمة وحده، وسماه الله حنيفاً فقال: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:120]، وقوله: (حنيفاً)، أي: مائلاً عن الشرك إلى التوحيد ( ولم يك من المشركين )، وفارق الناس ووقف صامداً كالجبل العظيم أمام عباد الأصنام والأوثان، وكسرها كلها، ووضع الفأس على الصنم الكبير، وصبر حتى ألقوه في النار ليحرقوه، ومع ذلك يقول: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ [إبراهيم:35-36]، فإذا كان إبراهيم الخليل يخاف الشرك على نفسه وبنيه الأنبياء فما حالنا؟! وقد رزقه الله إسحاق وإسماعيل، وهما نبيان كريمان، وإسحاق رزقه الله يعقوب، وهو نبي، ويعقوب رزقه الله يوسف، وهو نبي، فهي سلالة أنبياء؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل). فإذا كان إبراهيم الخليل يخاف هذا الأمر، وهو الذي قال الله عنه لنبيه: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:123]، فكيف بالواحد منا لا يخاف؟! ولهذا قال إبراهيم التيمي تعليقاً على هذه الآية: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟! إذا كان إبراهيم الخليل يخاف من عبادة الأصنام ويقول: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ [إبراهيم:35-36]، فمن يأمن البلاء بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟! وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية )؛ لأن الصحابة الذين عرفوا الشرك وخبروه، وذاقوا مرارته لا يقعون فيه، بخلاف من نشأ في الإسلام ولم يعرف الشرك، فقد يقع فيه ويظن أنه توحيد، مثل ما حصل لعباد القبور، فتجد أحدهم يطوف بالقبر، ويدعوه من غير الله، وينذر له، فإذا قلت له: إن هذا شرك، قال: ليس هذا شركاً، بل هذه محبة للصالحين، وتوسل بهم. بخلاف الصحابة الذين كانوا على الشرك قبل الإسلام ثم هداهم الله إلى الإسلام، فقد عرفوا الشرك وخبروه وذاقوا مرارته، فلا يقعون فيه، لكن من نشأ في الإسلام وهو لا يعرف الجاهلية ولا الشرك قد يقع فيه وهو لا يشعر. ومن هنا يتبين فضل الصحابة على أبنائهم فمن بعدهم، فهم عرفوا الشر ثم عرفوا الخير، فذاقوا مرارة الشرك وخبروه وعرفوه، فلا يقعون فيه، بخلاف من بعدهم؛ فإن من نشأ في الإسلام ولم يعرف الجاهلية ولا الشرك وأنواعه قد يقع فيه ويظن أنه توحيد. فجدير بالإنسان أن يخاف الشرك على نفسه، وحقيقة الخوف من الشرك توجب للعبد الابتهال إلى الله، والتضرع إليه، وصدق الالتجاء إليه، وسؤاله أن يجنبه الشرك، والبحث عن الشرك ووسائله وذرائعه المفضية إليه حتى يحذرها ولا يقع فيها، هذه حقيقة الخوف من الشرك.
( عبد العزيز بن عبد الله الراجحي)
الشرك هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، هذا هو الشرك الأكبر، فمن سوى غير الله بالله في الربوبية أو الأسماء والصفات أو الألوهية فقد أشرك. أما الشرك الأصغر فهو كل ما ورد تسميته من الذنوب شركاً ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر. ومن الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر ما يأتي: أولاً: الشرك الأكبر لا يغفره الله يوم القيامة، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]، ويخرج فاعله من ملة الإسلام، قال الله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217]، ويحبط جميع الأعمال؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217] ولا يغفره الله إلا بالتوبة منه، فمن مات عليه فهو غير مغفور له بنص القرآن إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]. ويخلد صاحبه في النار إذا مات عليه، قال الله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]. أما الشرك الأصغر فإنه لا يغفر في أصح قولي العلماء؛ لدخوله في عموم قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]، وقال بعض العلماء: يكون فاعله تحت المشيئة، كالكبيرة. ثانياً: يحبط العمل الذي فارنه فقط ولا يحبط جميع الأعمال. ثالثاً: لا يخرج من ملة الإسلام. رابعاً: لا يخلد صاحبه في النار، بل يدخل تحت الموازنة بين الحسنات والسيئات، فإن رجحت الحسنات فإنه لا يعذب به، وإن رجحت السيئات عذب به.
ولخطورة الشرك وإيقاع صاحبه في النار أردت أن أضع هنا كل أنواع الشرك ليكون على علم بها كل المسلمين ليجتنبوها إن شاء الله
( عبد العزيز بن عبد الله الراجحي)
الشرك هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، هذا هو الشرك الأكبر، فمن سوى غير الله بالله في الربوبية أو الأسماء والصفات أو الألوهية فقد أشرك. أما الشرك الأصغر فهو كل ما ورد تسميته من الذنوب شركاً ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر. ومن الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر ما يأتي: أولاً: الشرك الأكبر لا يغفره الله يوم القيامة، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]، ويخرج فاعله من ملة الإسلام، قال الله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217]، ويحبط جميع الأعمال؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217] ولا يغفره الله إلا بالتوبة منه، فمن مات عليه فهو غير مغفور له بنص القرآن إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]. ويخلد صاحبه في النار إذا مات عليه، قال الله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]. أما الشرك الأصغر فإنه لا يغفر في أصح قولي العلماء؛ لدخوله في عموم قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]، وقال بعض العلماء: يكون فاعله تحت المشيئة، كالكبيرة. ثانياً: يحبط العمل الذي فارنه فقط ولا يحبط جميع الأعمال. ثالثاً: لا يخرج من ملة الإسلام. رابعاً: لا يخلد صاحبه في النار، بل يدخل تحت الموازنة بين الحسنات والسيئات، فإن رجحت الحسنات فإنه لا يعذب به، وإن رجحت السيئات عذب به.
ولخطورة الشرك وإيقاع صاحبه في النار أردت أن أضع هنا كل أنواع الشرك ليكون على علم بها كل المسلمين ليجتنبوها إن شاء الله
تعليق