بسم الله الرّحمان الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين ، محمّد عبد الله ورسوله أمّا بعد:
فهذه فوائد من شرح "كتاب الاعتقاد للقاضي ابن أبي يعلى"
للشيخ إبراهيم بن عامر الرّحيلي ـ حفظه الله تعالى ـ
للشيخ إبراهيم بن عامر الرّحيلي ـ حفظه الله تعالى ـ
******
[الفوائد من الشّريط الأوّل ]
الفائدة الأولى
نصيحة لطلّاب العلم
أصول دراسة عقيدة أهل السّنّة والجماعة
أصول دراسة عقيدة أهل السّنّة والجماعة
وإنّ مـمّا ينبغي لطلاب العلم العناية به هو دراسة هذه العقيدة وهذه الدّراسة لا تكون صحيحة مؤدّية لغرضها في إزالة الشّبه إلا إذا كانت مبنية على أصول..
فمن هذه الأصول :
فمن هذه الأصول :
أن تكون الدّراسة لعقيدة أهل السنّة والجماعة مبناها على الدليل الصحيح والفهم السليم
فإنّ هذه العقيدة مستمَدّة من كتاب الله ومن سنّة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وما ذكر أهل العلم شيئا من مفردات عقيدتهم وعقيدة أهل السّنّة إلا والدّليل دالّ عليه من كتاب الله ومن سنّة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ .
الأمر الثاني: أن تؤخذ هذه العقيدة من مصادرهابعد كتاب الله وبعد سنّة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من كتب السّلف، الذين فهموا الدليل الصّحيح وبيّنوه وشرحوه ووضّحوه ، ونحن نحتاج إلى كلام السّلف لأنّا نقصر عن فهمهم، وإلا فكتاب الله وسنّة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ هما كافيان لبيان الحقّ ،لكن لـمّا ضعف الناس احتاجوا إلى كلام أهل العلم وإلى كلام السّلف ،فينبغي لطلاب العلم أن يرجعوا إلى تلك المصادر القديمة ،وإلى كتب السّلف ،ويتنبّهوا إلى دقّة عبارتهم في وصف عقيدة أهل السّنّة والجماعة ، وتجنبّهم كل ما يفضي إلى الخطأ ،وإلى وهم قد لا يريده المتكلّم ، ولكنّه يوهم وهذا ما حصل لبعض المتأخّرين أنّ المتكلّم قد يريد الحقّ لكنّه لا يوَفَّق للتعبير عنه .
الأصل الثالث : وهو متعلّق بهذا الأصلفينبغي أن تُفهم العقيدة فهما صحيحا ،ثمّ من تحدّث عنها وكتب فيها ينبغي أن يكون تعبيره صحيحا، وذلك أنّ بعض الكلام الذي جاء في كلام المتأخرين،وبعض العبارات الذين وصفوا بها عقيدة أهل السّنّة بعضها لا يؤدي ما أراد المتكلم وقد ينشأ الجهل بأصل المسألة أو ينشأ الجهل بمدلول اللفظ، ولهذا تجنّب السّلف الألفاظ المجملة والكلمات التي أحدثها المتكلّمون ،فكرهوا الألفاظ المجملة كالجسم والعَرَض والحدّ، وكرهوا الحديث في مسألة اللفظ بالقرآن بالنفي أو الإثبات وهكذا كل الألفاظ المجملة .
من الأصول التي يجب أن تراعى في دراسة عقيدة أهل السّنّة أنّ أهل السّنّة كانوا يذكرون الحقّ الذي دلّت عليه الأدلّة من الكتاب و السّنّة ،ويذكرون في مقابله الرّد على الباطل الذي أحدثه النّاس ،ومن درس عقيدة أهل السّنّة وجدها متضمنة لهذين الأمرين، فكان السّلف يذكرون الإيمان ويقولون : (نؤمن بما أخبر عنه النّبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشرّه ).
فلمّا أحدث المرجئة ما أحدثوا من القول بأنّ الإيمان هو التصديق قالوا : (الإيمان اعتقاد وقول وعمل) فردّوا بهذه المقالة البدعة التي نشأت في هذا المقام . ولمّا أحدث المعطّلة والمشبّهة ما أحدثوا في الصّفات قالوا : (نؤمن بأسماء الله وصفاته من غير تحريف ولا تعطيل،ومن غير تكييف ولا تمثيل) وأرادوا بالعبارات الأخيرة الردّ على الشّبه التي أُحدثت في هذا الباب . وكذلك لما تكلّموا في القدر وأثبتوا الإيمان بالقدر وأحدث أهل البدع ما أحدثوا فقالوا: (ونؤمن بأنّ الله خلق العباد وأعمالَهم ) فنصّوا في مقابل قولهم : (خلقهم و أعمالهم) في الرّدّ على القدرية القائلين بأنّ أعمال العباد مخلوقة لهم ، وقالوا في مقابل هذا : (يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء، يهدي من يشاء فضلا ويضلّ من يشاء عدلا) وهذا في مقابل من أنكر أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يهدي ويضلّ ،ثمّ نصّوا في مقابل قول الجبريّة : (أنّ العباد مجبورون على أعمالهم) أثبتوا المشيئة للعبد فقالوا : (لله مشيئة وللعبد مشيئة )﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير:29]
ومن تأمّل أقوال أهل العلم في وصف عقيدة أهل السّنّة وجدها متضمنة لهذا وهذا ، وهذا مما يدلّ على أنّه ينبغي للمصنّفين في عقيدة أهل السّنّة وفي وصفها، أن يذكروا الحقّ في مقابل الباطل الذي أحدثه النّاس وألصقوه بعقيدة أهل السّنّة .
فلمّا أحدث المرجئة ما أحدثوا من القول بأنّ الإيمان هو التصديق قالوا : (الإيمان اعتقاد وقول وعمل) فردّوا بهذه المقالة البدعة التي نشأت في هذا المقام . ولمّا أحدث المعطّلة والمشبّهة ما أحدثوا في الصّفات قالوا : (نؤمن بأسماء الله وصفاته من غير تحريف ولا تعطيل،ومن غير تكييف ولا تمثيل) وأرادوا بالعبارات الأخيرة الردّ على الشّبه التي أُحدثت في هذا الباب . وكذلك لما تكلّموا في القدر وأثبتوا الإيمان بالقدر وأحدث أهل البدع ما أحدثوا فقالوا: (ونؤمن بأنّ الله خلق العباد وأعمالَهم ) فنصّوا في مقابل قولهم : (خلقهم و أعمالهم) في الرّدّ على القدرية القائلين بأنّ أعمال العباد مخلوقة لهم ، وقالوا في مقابل هذا : (يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء، يهدي من يشاء فضلا ويضلّ من يشاء عدلا) وهذا في مقابل من أنكر أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يهدي ويضلّ ،ثمّ نصّوا في مقابل قول الجبريّة : (أنّ العباد مجبورون على أعمالهم) أثبتوا المشيئة للعبد فقالوا : (لله مشيئة وللعبد مشيئة )﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير:29]
ومن تأمّل أقوال أهل العلم في وصف عقيدة أهل السّنّة وجدها متضمنة لهذا وهذا ، وهذا مما يدلّ على أنّه ينبغي للمصنّفين في عقيدة أهل السّنّة وفي وصفها، أن يذكروا الحقّ في مقابل الباطل الذي أحدثه النّاس وألصقوه بعقيدة أهل السّنّة .
كما أنّ من الأصول المقرّرة في هذا الباب هو التّجرّد التّام لنصرة الحقّ ولعقيدة أهل السّنّة وألّا تأخذ المدرّس ولا الباحث ولا المحقّق ،لا تأخذه لومة لائم في السّكوت عن الحقّ بل ينبغي أن يصدع بالحقّ .
وأنا دائما أذكّر بأصلين عظيمين، عليهما سلف الأمّة ومن وفّقه الله ممّن سلك طريقهم:
فالأصل الأوّل:هو التجرّد لنصرة الحقّ وبيان الحقّ للنّاس ،وألا يُكتم الحقّ على النّاس.
والأصل الثاني:هو حفظ مقام أهل العلم ومعرفة قدرهم ومنزلتهم.
والأصل الثاني:هو حفظ مقام أهل العلم ومعرفة قدرهم ومنزلتهم.
وهذا لا يتعارض مع هذا ،فعندما يُنبّه على خطأ صدر من عالم أو زلّة ، فهذا لا يعني انتقاص ذلك العالم ،واحترامنا لذلك العالم لا يعني السكوت عن أخطائه، ومن توهّم أنّ أحد هذين الأصلين يخلّ [1] بالآخر فلابد أن يسكت عن بعض الأخطاء وهذا هدم للأصل الأول .
أو يشنّع على بعض المخطئين وهذا هدم للأصل الثاني .
أو يشنّع على بعض المخطئين وهذا هدم للأصل الثاني .
ولهذا لا يخطر ببال طالب علم أنّه إذا ما نبّه على خطأ أنّه ينتقص ذلك المتكلّم ،وإنّما هو من النّصح له ، ومعلوم أنّ من أعظم النّصح أن يُنبّه النّاس على خطأ صدر من عالم ، وهذا فيه نصرة للحقّ وإبراء لذمّة ذلك العالم ،ويوم القيامة سيحمد أولئك العلماء لمن نبّه على أخطائهم هذا التنبيه ،لأنّه بسببه يرتفع خطؤهم في النّاس ،وتحصل السّلامة من ذلك الخطأ ،ومعلوم أنّ أهل النصح والإخلاص ممّن صنّف في هذا الباب وفي غيره من أبواب أهل العلم كانوا ينصّون في مقدّمات كتبهم على الدّعاء لمن وجد خطأ في الكتاب فأصلحه، وهذا دليل على حبّهم لأن تصلح أخطاؤهم وأن يرفع ،وأن ينبّه الناس على الخطأ، وهذا خلاف ما عليه بعض المتأخرين ممّن نقص فهمهم فظنّوا أنّ التّنبيه على الخطأ ملازم لتنقّص العالم .
وهذا الأصل إن لم يُحفظ فإنه لابد أن يطرأ على أفهام النّاس وعلى كلام النّاس ما يطرأ عليه من الخطأ، فإذا سكت العلماء عن الأخطاء ضلّ النّاس وانتشرت الأخطاء وكثرت البدع ،وإذا تنقّصنا العلماء بأخطائهم هدمنا أصلا آخر فتجرّأ النّاس على العلماء ولم يعرفوا لهم قدرا .
وهذا الأصل إن لم يُحفظ فإنه لابد أن يطرأ على أفهام النّاس وعلى كلام النّاس ما يطرأ عليه من الخطأ، فإذا سكت العلماء عن الأخطاء ضلّ النّاس وانتشرت الأخطاء وكثرت البدع ،وإذا تنقّصنا العلماء بأخطائهم هدمنا أصلا آخر فتجرّأ النّاس على العلماء ولم يعرفوا لهم قدرا .
هذه بعض المسائل والأمور التي ينبغي أن يُعتنـى بها حتى يحصل لطالب العلم الترسّخ في عقيدة أهل السّنّة والجماعة ،وأن يسلك طريق السّلف وأهل العلم من بعدهم،الذين هم على هذه العقيدة .
يتبع بإذن الله تعالى ...
ـــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــ
[1]ـ هكذا أحسبها ، والله أعلم .
تعليق