إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

مناظرة في الصفات بين أبي إسحاق بن شَاقْلا وأبي سليمان الدمشقي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مناظرة في الصفات بين أبي إسحاق بن شَاقْلا وأبي سليمان الدمشقي

    ـ مناظرة في الصفات بين أبي إسحاق بن شَاقْلا وأبي سليمان الدمشقي.
    قال القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى: قرأت بخط الوالد السعيد قال: نقلت من خط أبي بكر بن شاقلا قال: أخبرنا أبو إسحاق بن شاقلا ـ قراءة عليه ـ قال: قلت لأبي سليمان الدمشقي: بلغنا أنك حكيت فضيلة الرسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج، وقوله في الخبر: ((وضع يده بين كتفي، فوجدت بردها...)) وذكر الحديث.
    فقال لي: هذا إيمان ونيّة، لأنّه أريد مني روايته، وله عندي معنى غير الظاهر. قال: وأنا لا أقول مسّه.
    فقلت له: وكذا تقول في آدم لما خلقه بيده؟ قال: كذا أقول: إنّ الله عزوجل لا يمس الأشياء.
    فقلت له: سوّيت بين آدم وسواه، فأسقطت فضيلته، وقد قال الله تعالى: { قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، قلت له: هذا رويته لأنه أريد منك ـ على رغمك ـ وله عندك معنى غير ظاهره، وإلاّ سلمت الأحاديث التي جاءت في الصفات، ويكون لها معاني غير ظاهرها، أو تردّ جميعها؟.
    فقال لي: مثل أي شيء؟.
    فقلت له: مثل الأصابع، والساق، والرجل، والسمع والبصر، وجميع الصفات التي جاءت في الأخبار الصحاح، حتى إذا سلمتها كلمناك على ما ادّعيته من معانيها التي هي غير ظاهرها.
    فقال لي منكراً لقولي: مَن يقول رِجْل؟.
    فقلت: أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: مَن عن أبي هريرة؟.
    فقلت: همّام.فقال: من عن همام؟.
    فقلت: معمر.فقال: مَن عن معمر؟.
    فقلت: عبد الرزاق. فقال لي: مَن عن عبد الرزاق؟.
    فقلت له: أحمد بن حنبل. فقال لي: عبد الرزاق كان رافضياً.
    فقلت له: من ذكر هذا عن عبد الرزاق؟ فقال لي: يحيى بن معين.
    فقلت له: هذا تخرّص على يحيى، إنّما قال يحيى: كان يتشيع، ولم يقل رافضياً.
    فقال لي: الأعرج عن أبي هريرة: بخلاف ما قاله همّام.
    قلت له: كيف؟ قال: لأنّ الأعرج قال (يضع قدمه).
    فقلت له: ليس هذا ضد ما رواه همام، وإنما قال هذا (قدم) وقال هذا (رجل) وكلاهما واحد.ويحتمل أن يكون أبو هريرة سمع من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين.وحدّث به أبو هريرة مرتين،. فسمع الأعرج منه في إحدى المرتين ذكر (القدم) وسمع منه همام ذكر (الرجل).
    فقال لي: همام غلط.فقلت له: هذا قول من لا يدري. ثم قال لي: والأصابع في حديث ابن مسعود، تقول به؟.
    فقلت له: حديث ابن مسعود صحيح من جهة النقل، رواه الناس، ورواه الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله.
    فقال لي: هذا قاله اليهودي.
    فقلت له: لم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله، قد ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقوله. فأنكر أن يكون هذا اللفظ مروياً من أخبار ابن مسعود.
    فقلت له: بلى، هذا رواه منصور والأعمش جميعاً عن إبراهيم عن أبي عُبَيدة: أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا محمد، إنّ الله عزوجل يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والخلائق على إصبع، والشجر على إصبع ـ وروى: والثرى على إصبع ـ ثم يقول: أنا الملك.فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، تصديقاً لما قال الحبر)).هكذا رواه الثوري وفُضَيل بن عياض.(رواه البخاري ومسلم وزاد في حديث جرير تصديقا له تعجبا لما قال)
    فقال لي: قد نزل القرآن بالتكذيب، لا بالتصديق، قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.
    فقلت له: قد نزل القرآن بالتصديق، لا بالتكذيب، بدلالة قوله تعالى في سياق الآية: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}، ثم نزّه نفسه عزوجل عمّا يشرك به من كذّب بصفاته، فقال: { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وقوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، لا يمنع من إثبات الأصابع صفة له، كما ثبتت صفاته التي لا أختلف أنا وأنت فيها، ومع هذا: فما قدروا الله حق قدره، كذلك أيضا نثبت الأصابع صفة لذاته تبارك وتعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، فلما رأى ما لزمه قال: هذا ظن من ابن مسعود، أخطأ فيه.
    فقلت له: هذا قول من يروم هدم الإسلام، والطعن على الشرع، لأن من زعم أن ابن مسعود ظن ولم يستيقن، فحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم على ظنّه، فقد جعل إلى هدم الإسلام مقالته هذه، بأن يتجاهل أهل الزيغ، فيتهجموا على كل خبر جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يوافق مذهبهم فيسقطونه، بأن يقولوا: هذا ظن من الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لا فرق بين ابن مسعود وسائر الصحابة رضى الله عنهم، وهذا ضد ما أجمع عليه المسلمون.
    وقد أكذب القرآن مقالة هذا القائل في الآية التي شهد فيها لابن مسعود بالصدق في جملة الصحابة.
    ثم قلت له: و(الأصابع) قد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أصحابه، منهم أنس بن مالك، في حديث الأعمش عن أبي سفيان عن أنس رضى الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك.قال: قلنا يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله عزوجل، يقلّبها)).
    ثم قال لي: تروي حديث أبي هريرة ((خلق آدم على صورته)) ويومئ إلى أنه مخلوق على صورة آدم.
    فقلت له: قال أحمد بن حنبل: من قال إن آدم خلقه الله عزوجل على صورة آدم: فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه؟.
    فقال لي: قد جاء الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق آدم على صورة آدم))، فقلت له: هذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
    فقال لي: بلى قد جاء في الحديث ((طوله ستون ذراعاً))، على أنه آدم.
    فقلت له: قد ورد هذا، وليس هو الذي ادّعيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنّك قلت عن النبي صلى الله عليه وسلم((إنّ الله خلق آدم على صورة آدم))، ثم استدللت بقوله ((ستون ذراعاً))، على أنه آدم، وهذا خبر جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين: فأبو الزناد عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق آدم على صورته)).وروى جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقبّحوا الوجوه، فإنّ الله خلق آدم على صورة الرحمن))، قال أبو إسحاق: وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بن راهويه، أنّه صحيح مرفوع.
    وأمّا أحمد بن حنبل فذكر أن الثوري أوقفه على ابن عمر، فكلاهما الحجّة فيه على من خالفه، فإن كان رفعه صحيحا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد سقط العذر، وإن كان ابن عمر القائل له، فقد اندحض بقول ابن عمر تأويل من حمل قوله ((على صورته)).
    قال أبو إسحاق: وهذا لم يجر بيني وبينه، وإنما بيّنته لأصحابي ليفهموه.

  • #2
    ثم قلت له: قوله (خلق آدم على صورته)، لا يُتأوّل لآدم على صورة آدم، لما قاله أحمد: ((وأي صورة كانت لآدم قبل خلقه))، فقد فسد تأويلك من هذا الوجه، وفسد أيضاً بقول ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق آدم على صورة الرحمن تبارك وتعالى)).
    وأما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم: ((طوله ستون ذراعاً))، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة، فكان قوله: ((خلق آدم على صورته)) فتمّ الكلام، ثم قال ((طوله ستون ذراعاً)) إخبارا عن آدم بذلك، على حديث الثوري عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله عزوجل خلق آدم على صورته)) ذكرت بدلالة حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وما ذكرته عن أحمد.
    فقال لي جوابا عن حديث أنس: ((إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها)): إنما هما نعمتان.
    فقلت له: هذا الخبر، يقول ((إن الإصبعين نعمتان))؟ واليدين صفة للذات.ولم يتقدمك بهذا أحد إلاّ عبد الله بن كلاّب القطان، الذي انتحلت مذهبه، ولا عبرة في التسليم للأصابع، والتأويل لها على ما ذكرت: إن القلوب بين نعمتين من نعم الله عزوجل.
    ثم قال لي: وهذا مثل روايتكم عن ابن مسعود في قوله عزوجل: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم:42] إن الله عزوجل يكشف عن ساقه يوم القيامة.
    فقلت له: هذا رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم،.فأنكره عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هذا من كلام ابن مسعود، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: (الشدة).
    فقلت له: إنما نذكر ما جاء عن الصحابة إذا لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    فقال لي: تحفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
    قلت: نعم، هذا رواه المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله عن مسروق بن الأجدع حدثنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم، وينزل الله عزوجل في ظُلل من الغمام ـ وذكر الحديث بطوله ـ وقال فيه: ((فيأتيهم الله تبارك وتعالى فيقول لهم: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟ فيقولون: لنا إله.فيقول: هل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون: نعم، بيننا وبينه علامة، إن رأيناها عرفناه. قال: فيقول: ما هي؟، فيقولون: يكشف عن ساقه.قال: فعند ذلك يكشف عن ساقه، قال: فيخرّ كل من كان بظهره طبق، ويبقى قوم ظهورهم كأنها صياصي البقر، يريدون السجود فلا يستطيعون، {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم:43]، في حديث فيه طول، وقد روي أيضا من طريق أبي سعيد الخدري رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    فقال: أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري؟.
    فقلت له: هذا في صحيح البخاري، فليس من شرطه أبو هارون العبدي، لضعفه عنده، وعند أئمة أهل العلم، ولم يحضرني إسناده في وقت كلامي له.
    وأخرجته من صحيح البخاري كما ذكرته: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد المقرىء ـ يعرف بالنقّاش ـ قال: حدثنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا آدم قال: حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكشف ربنا تبارك وتعالى عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد له في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقاً واحداً)).
    ثم قال لي: وتقول بحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((رأيت ربي))
    فقلت له: رواه حمّاد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    فقال لي: حمّاد بن سلمة ضعيف.فقلت: من ضعّفه؟ فقال لي: يحيى القطّان.
    فقلت له: هذا تخرّص على يحيى، لم يقل يحيى هذا، وإلاّ فمن حدّثك؟ فلم يقل مَن حدّثه.
    وقال لي: أيما أثبت عندك، حّماد بن سلمة أو سماك؟ قلت: حمّاد بن سلمة أثبت، وسماك مضطرب الحديث.
    فنازعني في هذا، والذي أجبته به: بأنَّ حمّاد بن سلمة ثقة، وسماك مضطرب الحديث، وهو جواب أحمد فيهما، ولم أدر ما أراد بسماك.وخرجنا من ذلك ولم أسأله.
    ثم قلت له: هذه الأحاديث تلقاها العلماء بالقبول، فليس لأحد أن يمنعها، ولا يتأوّلها ولا يسقطها، لأنَّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان لها معنى عنده غير ظاهرها لبيّنه، ولكان الصحابة ـ حين سمعوا ذلك من الرسول الله صلى الله عليه وسلم ـ سألوه عن معنى غير ظاهرها، فلمّا سكتوا وجب علينا أن نسكت حيث سكتوا، ونقبل طوعاً ما قبلوا.
    فقال لي: أنتم المشبّهة.
    فقلت: حاشا لله، المشبّه الذي يقول: وجه كوجهي، ويد كيدي، فأمّا نحن فنقول: له وجه كما أثبت لنفسه وجها، وله يد كما أثبت لنفسه يداً، و{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ، ومن قال هذا فقد سلم.
    ثم قلت له: أنت مذهبك أنَّ كلام الله عزوجل ليس بأمر ولا نهي، ولا متشابه، ولا ناسخ ولا منسوخ، ولا كلامه مسموع، لأنَّ عندك: الله عزوجل لا يتكلم بصوت، وأنَّ موسى لم يسمع كلام الله عزوجل بسمعه، وإنما خلق الله عزوجل في موسى فَهْمًا فَهِمَ به، فلمّا رأى ما عليه في هذا من الشناعة قال: فلعلّي أخالف ابن الكلاّب القطان في هذه المسألة من سائر مذهبه.
    ثم قلت له: ومن خالف الأخبار التي نقلها العدل عن العدل موصولة بلا قطع في سندها، ولا جرح في ناقليها، وتجرّأ على ردّها، فقد تهجّم على رد الإسلام، لأنَّ الإسلام وأحكامه منقولة إلينا بمثل ما ذكرت.
    فقال لي: الأخبار لا توجب عندي عِلْمًا.
    فقلت له: يلزمك على قود مقالتك: أنّك لو سمعت أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير وسعدا وسعيدا وعبد الرحمن بن عوف وأبا عبيدة بن الجراح يقولون: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا، أنّك لا تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ذلك شيئا، لقولهم (سمعنا). فلم ينكر من ذلك شيئا غير الشناعة.
    ثم قال لي: أخبار الآحاد في الصفات اغسلها، وهي عندي والتراب سواء، ولا أقول منها إلاّ بما قام في العقل تصديقه.
    قلت له: فَلِمَ أتعبت نفسك في كتبها، وسعيت إلى الشيوخ فيها، وأنصبت نفسك وأتعبتها، وأسهرت ليلك بما لا تدين الله عزوجل به، ولا تزداد به عِلْمًا؟.فأجابني بأن قال: كتبته حتى أُتَمِّمَ به الأبواب، إذا أردتُ تخريجها.
    فقلت له: تخرج للمسلمين ما لا تدين به؟ فقال: نعم، لأعرفه.
    فقلت له: تعني المسلمين على قود مقالتك، والحق في غير ما ذكرت؟.ثم قلت له: خرقت الإجماع، لأنَّ الأمَّة بأسرها اتفقت على نقلها، ولم يكن نقل ذلك عبثا ولا لعباً، ولو كان نقلهم لها كترك نقلهم لها، لكانوا عابثين، وحاشا لله من ذلك، ومن كانت هذه مقالته فقد دخل تحت الوعيد في قوله عزوجل: { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
    ولما كانت أخبار الآحاد في الصفات لا توجب عملاً، دلّ على أنها موجبة للعلم، فسقط بهذا ما ادعاه من لم ينتفع بعلمه، ويتهجّم على إسقاط كلام الرسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه، برأيه وظنّه.
    ثم ذكرت حساب الكفار، فقال لي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الكافر ليحاسب حتى يقول: أرحني حتى ولو إلى النار))(ضعفه الألباني فيسلسلة الضعيفة) ، فهلا قلت به؟.
    فقلت له: ليس يحل ما روي صحيحا أو سقيما أن نقول به، وإنما تعبدنا بالصحيح دون السقيم، والصحيح معلوم عند أهل النقل بعدالة ناقليه متصلاً إلى المخبر عنه، والسقيم معلوم بجرح ناقليه، وهذا الخبر الذي رويته، رواه إبراهيم بن مهاجر بن مسمار ـ يعني وهو متروك الحديث ضعيف عند أهل العلم ـ وليس مثل هذا مما تقوم به الحجة.
    فقال لي: فأي شيء معك في أنهم لا يحاسبون؟.
    فقلت له: إن شئت من كتاب الله، وإن شئت من سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن شئت من قول صحابته رضى الله عنهم.
    فقال لي منكرا لقولي في الصحابة: من قال هذا؟.
    فقلت: نعم، قرأت على أبي عيسى يحيى بن محمد بن سهل الخصيب العكبري ـ بعكبرا ـ قال: حدثنا محمد بن صالح بن ذريح العكبري، قال: حدثنا محمد بن هناد ابن السري قال: حدثنا معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((من حوسب دخل الجنة))، يقول الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ . فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا.وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} ، ويقول للآخرين ـ يعني الكفار ـ { فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ .فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ .
    .يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}.
    فقال لي: قد سمعت هذا الحديث من أبي علي الصواف قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الخالق قال: حدثنا أبو الحسين عبد الوهاب الورّاق عن أبي معاوية الضرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، بمثل معناه يعني ((من حوسب دخل الجنة)) فقال لي: هو المسلم المحترم.
    فقلت له: جمعت بين ما فرّق الله عزوجل، لأنّ الله عزوجل يقول: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ .مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} ، قال أبو إسحاق: وكان عندنا أن أبا سليمان يقول: إنّ الكافر والمؤمن يحاسبان،.فعلى قوله: إنّ المؤمن لا يحاسب، وإنّ الكافر يحاسب، وهذه عصبية للكافر، خرج بها عن جملة أهل العلم.
    قلت له: أنت تتكلم على المسلمين، فتحشو أسماعهم بكلام الكلبي الكذّاب، فيما يخبر عن مراد الله تعالى عن الأمم الخالية، التي لم يشاهدها، فلا يكون عندك هذيان، ثم تجيء إلى مثل حديث إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله ـ حديث الخبر ـ فتقول: هذا هذيان، وهذا قول مَن تقلّده، خرج عندي من الدين، وسلك غير طريق المسلمين.
    وهذا ما جرى بيننا إلاّ ما أخللت به، فلم أتيقن حفظه، والله سبحانه الموفق لإدراك الصواب. [طبقات الحنابلة:2/128-138].
    المصدر كتاب الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى

    للشيخ عبد المحسن العباد_حفظه الله_

    تعليق

    يعمل...
    X