قال الشيخ محمد بن بازمول حفظه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد
فيسعدني في هذه الليلة ليلة الأربعاء في العشرين من شهر ذي الحجة من ألف وأربعمائة وسبعة وعشرين أن ألتقي بإخواني طلاب العلم من المغرب من بلدة أغادير لكي أتحدث في محاضرة سريعة إن شاء الله عن السلفية وأهم قواعدها وضوابطها وقد رأيت أن تكون هذه المحاضرة في أربعة عناصر
العنصر الأول في معنى السلفية
العنصر الثاني في فضل السلفية وحكم من أخذ بها
العنصر الثالث ذكر بعض أتباعها وأئمتها
العنصر الرابع قواعد عامة وضوابط تتعلق بالسلفية
فأقول مستعينا بالله معنى السلفية : السلفية مأخوذة من السلف الصالح والمراد بالسلف الصحابة عليهم رضوان الله والتابعين وأتباعهم ومعنى السلفية هي الأخذ بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهم الدين على طريقتهم إذن نقول معنى السلفية الأخذ لما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهم الدين على طريقتهم هذه هي السلفية وهذا التعريف مأخوذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل من هي يا رسول الله قال من كان على ما أنا عليه وأصحابي وجاء في الحديث الآخر من حديث العرباض ابن سارية لما قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور
فمن هذا الحديث ومن الحديث الذي قلبه جاء تعريف السلفية إذا معناها الأخذ بما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهم الدين على طريقتهم رضوان الله عليهم هذه هي السلفية ولذلك نستطيع أن نقول أن السلفية تمثل الإسلام الصحيح والإسلام المصفى والإسلام الذي هو طريقة أهل السنة والجماعة والذي هو طريقة السلف الصالح والذي هو لا اسم له إلا ذلك لما تسمع الرجل يقول أنا على طريقة أهل السنة والجماعة أو يقول أنا مسلم إسلام سالم من البدع أو حينما يقول أنا على طريقة أهل الحديث فهو يعني أن منهجه مبني على الأخذ بما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهم الدين على طريقتهم هذه هي السلفية وهذا معناها
أما العنصر الثاني وهو فضلها وحكم من الأخذ بها : أقول إذا تبين أن السلفية هي الإسلام الصحيح وهي ما عليه أهل السنة والجماعة وهي طريقة أهل الحديث إذا نقول من فضل السلفية أن من أخذها وسار عليها سار على الإسلام الصحيح وسلم من طرق أهل الابتداع ومن طرق أهل الافتراق وطرق أهل الاختلاف وكان إسلامه على طريقة صحيحة هي ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن فضل هذه الطريقة أنها تمتثل ما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم به فقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث السابق ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور
فمن فضلها أنها امتثال لأمر الرسول كما تقدم وفي الحديث الآخر كما قال تركت فيكم ما إن أخذتم فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض هذا الحديث الذي علقه الإمام مالك في الموطأ وأخرجه الحاكم وغيره وهو حديث حسن أقول هذا الحديث يفيد أن من فضل إتباع طريقة السلف الصالح السلامة من الضلال والغنيمة من الهداية على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ومن فضلها أن فيها السلامة من النار فقد جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن عن ابن مسعود رضي الله عنه خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم خط على جانب الخط خطوطا قصيرة وأشار إلى الخط الطويل المستقيم وقال « هذا سبيل الله وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل ، فتفرق بكم عن سبيله
فمن فضل السلفية أنها طريق النار من النار وأن من لم يسلكها داخل تحت قول الرسول صلى الله عليه وسلم كلها في النار إلا واحدة ومعلوم أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم كلها في النار أن هذا من نصوص الوعيد أي هذا عذاب هؤلاء الذين لم يسيروا في فهم الدين على كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ,أصحابه فهذا عذابهم وهم في مشيئة الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم ما لم يأتوا بالشرك كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
ومن فضل السلفية ما جاء في قوله سبحانه وتعالى وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا فإن من يشاقق الرسول يعني يمشي في الإسلام على غير طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى غير سبيل المؤمنين الذي يصدق أول ما يصدق على صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن من يشاقق الرسول ويخالف سبيل المؤمنين فإنه يكون معرضا لدخول جهنم وساءت مصيرا ومن النصوص السابقة تعلمون ما هو حكم الأخذ بالسلفية إذا حكمها هو الوجوب فلا يصح لمسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لا يصح منه إسلامه إسلاما صحيحا سالما من البدع إلا باتباع طريقة السلف الصالح فإذا خالف طريقة السلف الصالح فهو من أهل الابتداع ومن أهل التطرف وداخل في الوعيد السابق فالأخذ بالسلفية واجب على المسلم إذا أراد أن يكون على طريقة أهل السنة والجماعة على طريقة الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خالفها ومن حاربها حتى يأتي أمر الله كما جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ظاهرة لا يضرها من خالفها حتى يأتي أمر الله
ومن خالف طريقة السلفية فهو آثم ومبتدع بأسلوب أو بطريقة في الإسلام طريقة مبتدعة لا تمثل الإسلام الصحيح الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
أما بالنسبة لأتباع هذه السلفية وأئمتها فإنني أقول أتباع السلفية أول من يذكر فيهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التابعين لهم بإحسان من أئمة التابعين ثم أتباعهم كالأئمة الأربعة كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري وغيرهم من أئمة الدين الأئمة المشهود لهم بالفضل وهكذا من بعدهم ومن بعدهم ممن عرفوا بأنهم على طريقة أهل السنة والجماعة وعلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجميع أهل الحديث الذين شعارهم طريقة أهل الحديث هم أهل السنة وهم أتباع هذه الطريقة ، الطريقة السلفية التي تتميز بهذا الأمر وهو باتباعها منهج السلف الصالح وتمسكها به وأخذها به
أما العنصر الرابع فهو بذكر أصول عامة وضوابط تتعلق بالسلفية
فأقول أول هذه الأصول عند السلفية أنهم يعتقدون أن الدين يقوم على أصلين الأصل الأول أن لا نعبد إلا الله والأصل الثاني أن لا نعبد الله إلا بما شرع فهم يعتقدون أن الدين يقوم على هذين الأصلين وهما معنى لا إله إلا الله محمدا رسول الله معنى شهادة التوحيد لا إله إلا الله أي لا نعبد إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أي لا نتبع ولا سبيل لنا بأخذ الدين إلا بما جاءنا الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام ، هذا الأصل الأول عند السلفيين وهذا الأصل الأول ينبني فيه عندهم لا مصدر لهم للتلقي إلا عن طريق الوحي ، فهم ليسوا كالصوفية يقولون حدثني قلبي عن ربي فإن بعض الصوفية يعير أهل السنة والجماعة يقول علمكم ميت عن ميت أما علمنا فهو عن الحي الذي لا يموت حدثني قلبي عن ربي فنقول هكذا هم الصوفية وهم في ذلك مخالفون لأهل السنة والجماعة أما أهل السنة والجماعة السلفية فإن مصدر التلقي عندهم هو الوحي قال الله قال رسوله قال الصحابة
العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة ليس خلف فيه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين قول الرسول وبين قول فقيه
فالعلم قال الله قال رسوله وقال الصحابة كلام الصحابة ليس بوحي ولكن لما شاهدوا الوحي وفهموا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وشهدوا ملابسات الحوادث التي نزلت فيها الآيات وجاءت بها الأحاديث كان لأغلب كلامهم حكم الرفع فنقول قول الصحابة الذي له حكم الرفع يحتج به لأنه من باب الوحي وما كان منهم على سبيل الاجتهاد فاجتهاده مقدم على اجتهادنا كما قال أبو حنيفة رضي الله عنه : ما جاء عن الله فعلى الرأس والعين وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين وما جاء عن الصحابة فعلى الرأس والعين وما جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال
وهذا الذي قاله أبو حنيفة رضي الله عنه هو منهج السلف الصالح ومنهج الأئمة جميعا أئمة الدين الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد والإمام الثوري والإمام الأوزاعي والإمام ابن عيينة وغيرهم من أئمة السلفية وأئمة الدين أيضا يترتب على هذا الأصل أن البدعة مذمومة عندهم ومحاربة لأن لا سبيل إلى معرفة الدين إلا باتباع ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فمن خالف ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقد خالف هذا الأصل ولذلك تجد السلفيين يحذرون من الوقوع في البدعة ويحذرون من أهلها ويهجرونهم ويبتعدون عنهم ويحذرون منهم ولذلك طريقة السلفية مبنية على هذا الأصل أن لا نعبد إلا الله وأن لا نعبد الله إلا بما شرع وشعارهم الإتباع لا الابتداع
وكل خير في اتباع من سلف .......وكل شر في ابتداع من خلف
وقد جاء رجل إلى الإمام مالك رحمه الله وقال يا إمام أريد أن أحرم للعمرة من المدينة فقال الإمام مالك أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة وأنت إذا أحرمت من المدينة أخشى عليك الفتنة ثم تلا قوله تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ هكذا هم السلفيون كلامهم آية وحديث واتباع لما كان عليه السلف الصالح
الأصل الثاني عندهم من أصول السلفية : تعظيم حق ولاة الأمر بالسمع والطاعة لهم بالحق وفي الحق فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق من شعار السلفية السمع والطاعة لولاة الأمر فهم يعلنونها صريحة أن ولاة الأمر الذين يقيمون شرع الله وما أقاموا الصلاة لهم علينا السمع والطاعة نسمع لهم ونطيع ونطيعهم في معصية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إنما نطيعهم فيما يأمرونا به مما لا يخالف كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن طاعة ولاة الأمر من أهم وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث السابق عن العرباض ابن سارية لما أوصاهم وصية مودع قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي وقال صلى الله عليه وسلم معظما أمر السمع والطاعة لولاة الأمور ومحذرا من مخالفتها وبمخالفة الجماعة قال من خرج من الطاعة و فارق الجماعة ، فمات مات ميتة جاهلية وقال صلى الله عليه وسلم أيضا في هذا المعنى من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني وقال صلى الله عليه وسلم كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى . قالوا : ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى
فمن الحديثين يصير المعنى من أطاع الأمير أطاع الرسول دخل الجنة ومن عصى الأمير عصى الرسول أبى دخول الجنة فشعارهم أهل الحديث تعظيم طاعة ولاة الأمور والسمع والطاعة لهم والتحذير من مفارقة الجماعة وأي صورة من صور الافتراق والاختلاف عن الجماعة وعن السمع والطاعة هذا شعارهم يخالفون به الخوارج ويخالفون به المرجئة ويخالفون به أهل الابتداع فإن كل أهل البدع مآل أمرهم إلى الخروج عن ولاة الأمر وميزة أهل السنة والجماعة ميزة السلفية أن يسيروا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ومنها في باب السمع والطاعة لولاة الأمور والتحذير من مخالفتهم أو الخروج عن الجماعة وهم في ذلك يمتثلون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاء عن الحذيفة ابن اليمان قال أتيت إلى رسول صلى الله عليه وسلم والحديث أخرجه مسلم في صحيحه قال أتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كنا في جاهلية وشر فأتى الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر فقال الرسول صلى الله عليه وسلم نعم فقال حذيفة فهل يا رسول الله فهل بعد هذا الشر خير فقال الرسول صلى الله عليه وسلم نعم على دخن قال وما دخنه يا رسول الله قال أقوام يهتدون بغير هدي ويستنون بغير سنتي قال يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر فقال صلى الله عليه وسلم نعم
أي أن بعد هذا الخير الذي على دخن شر ما هو قال رسول الله ما هو هذا الشر قال أقوام يلبسون للناس جلود الضأن وقلوبهم قلوب الذئاب وفي رواية قال دعاة على أبواب جهنم من تبعهم قذفوه فيها قال يا رسول الله صفهم لنا قال هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قال يا رسول الله وما توصني يومئذ قال إلزم جماعة المسلمين وإمامهم قال يا رسول الله فإن لم يكن للمسلمين جماعة ولا إمام قال اعتزل الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة أقول هذا الحديث العظيم بين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عظم وخطورة السمع والطاعة وخطورة الجماعة فحثنا على السمع والطاعة وحذرنا من مفارقة الجماعة وبين أنها سبيل الهداية وسبيل العصمة من أئمة الضلال الذين من تبعهم يقذفونه في جهنم
الأصل الثالث من أصول السلفية
أنهم لا يتكلمون في مسألة إلا أن يكون لهم سلف فيها قد يقول قائل يا شيخ من أين جئت بهذا الأصل أقول هذا الأصل هو مقتضى النصوص السابقة ومنها قوله تعالى " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
فسبيل المؤمنين أن الإنسان عليه دائما أن يحذر أن يأت بقول ليس له سلف وقد جاء عن الثوري أنه قال إذا استطعت أن لا تحك رأسك إلا بدليل فافعل وجاء عن الميمون وهو تلميذ الإمام أحمد أن الإمام أحمد قال له لا تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام وهنا قد يأتي سؤال كيف نحرص على اتباع السلف والمسائل الحادثة كثير فأقول يا أخي المسائل التي تقع على نوعين إما مسائل وقعت عند السلف ولهم فيها كلام وإما مسائل حادثة ليس للسلف فيها كلام فالنوع الأول من المسائل لا تتكلم إلا في مسألة لك فيها سلف والنوع الثاني من المسائل وهي المسائل الحادثة يلزمك أن تسير على طريقة السلف في التفقه والاستنباط..... وفي الحالين أنت لا تخرج عن طريق السلف إما أن تتابع السلف بأعيانهم وإما أن تتابع طريقتهم ومنهجهم في الاستنباط وفي التفقه وهكذا في المسائل الحادثة التي لم تكن عند السلف الصالح
أيضا من أصول السلفية أن الأخذ بالإصلاح عندهم يبدأ بالنفس الإصلاح طريقة الدعوة والإصلاح تبدأ بالنفس كما قال أبو الأسود الدؤلي
أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ... كيما يصح به وأنت سقم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
والله سبحانه وتعالى ذم الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ....الآية
فنقول بناء على ذلك من أصول السلفية أن الإنسان يبدأ بالدعوة وبالإصلاح في نفسه وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ بقسمة المال بالزائد بأن يبدأ الإنسان بنفسه فجاءه رجل فقال يا رسول الله لدي درهم زائد قال أنفقه على نفسك قال لدي آخر قال أنفقه على ولدك قال لدي آخر قال أنفقه على زوجك قال لدي آخر قال أنفقه على أبيك قال لدي آخر قال أنفقه على خادمك قال لدي آخر قال أنت أعرف على من تنفقه على الأدنى فالأدنى فإذا كان هذا الحال في قسمة المال فكيف الحال بأمر الدعوة والإصلاح يبدأ السلفي بإصلاح نفسه ثم أدناه فأدناه
لا يعمل كما يفعل بعض أهل الفرق يبدأ بالمجتمع ويترك نفسه ومن ومعه وأهله وعياله على جهل وضلال أو من يبدأ بالقمة فيدخل مع الحكام في معارضات ومخاطبات وحرب باسم الدعوة لا ، يبدأ مع نفسه وثم أناه فأدناه وهكذا الرسول عليه الصلاة والسلام كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ....الحديث
أيضا من قواعد وضوابط السلفية أن مدار الإصلاح بدايته ونهايته كلها لتحقيق توحيد الله والعبادة لله سبحانه وتعالى فهم في دعوتهم وإصلاحهم يدورون على تحقيق العبادة والعبودية لله سبحانه وتعالى كما قال تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "
فمناط الدعوة عندهم وحقيقتها ومدارها لتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى دائما ...وكلامهم دعوتهم مواعظهم نصائحهم في تحقيق العبودية والعبادة لله سبحانه وتعالى لأن هذه هي حقيقة دعوة الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى أقوامهم فكانت بداية دعوتهم للناس أن يعبدوا الله لا إله غيره كلها من أجل تحقيق العبادة لله سبحانه وتعالى
أيضا من ضوابط وأصول السلفية أنهم يهتمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ " فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الدعوة السلفية ومن ضوابطها لكن بالشروط والقواعد المتعلقة بها في هذا الباب مثل قاعدة الرضى بأخف الضررين ومثل قاعدة
ومثل قاعدة لا ينهى عن المنكر بمنكر أكبر منه فليكن أمرك بالمعروف معروفا ونهيك عن المنكر غير منكر ومثل قاعدة لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا فقيها بما يأمر به فقيها فيما ينهى عنه رفيقا بما يأمر به رفيقا فيما ينهى عنه صابرا فيما يأمر به صابرا فيما ينهى عنه ، هذه الضوابط وغيرها الواردة في هذا الباب هي الأصل عندهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم يخالفون في هذا طريقة المعتزلة الذين يجعلون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الخروج على الأئمة وهو شحن الناس على ولاة الأمور ، لا ليسوا هكذا إنما هم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على الطريقة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم وهم يتكلمون في هذا الباب على السنة وعلى هذه الطريقة
آخر قضية وآخر قاعدة عن السلفية أقول السلفية ليست حزب ، ليست حزبية تعريفها هي الإسلام فكل مسلم سار في الدنيا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو سلفي وإن لم يقل أنا سلفي كل من مشى على هذه الطريقة وعلى هذا الأسلوب فهو سلفي فهو من السلفية لأن السلفية ليست حزبية ليس لها جماعة ولها تنظيم كل المسلمين الذين يسيرون على هذا المنهج هم جماعة المسلمين وهم الجماعة وكل إمام .....على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو سلفي وهو من أئمة السلفية يطاع في المعروف ولا يطاع فيما يعصي الله عز وجل هذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذه هي السلفية التي هي ليست بحزبية فهي ليست جماعة خاصة وليست حزب خاص وليست تنظيم معين هي ليست حزبية وليست تنظيم وليست جماعة دعوة خاصة إنما كل مسلم في الدنيا بأي مكان سواء قال أنا سلفي أو لم يقل أنا سلفي إذا كان منهجه وطريقته اتباع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو سلفي وكل من كان على الإسلام الصحيح فهو سلفي وطريقته هي السلفية ، السلفية ليست تنظيم وليست حزب وليست لها جماعة الناس كلها في كل مكان من كان على الإسلام الصحيح فهو سلفي وهذه كلمة هي الأخيرة وأختم هذه المحاضرة بالدعاء لنا ولكم بأن يثبتنا الله وإياكم على السنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين وأن يوفقنا وإياكم إلى إزالة كل سبب من أسباب الاختلاف وكل سبب من أسباب الافتراق وأن يجعلنا وإياكم ممن يحي الله بهم معالم الدين ويعيد الناس ويكون سببا في إعادة الناس إلى الصراط المستقيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
الأسئلة
هل الولاء والبراء أصل من أصول السلفية ؟ وهل يخرج الرجل من أهل السنة بتركه لهذا الأصل وجزاكم الله خيرا ؟
الشيخ حفظه الله: من عقيدة أهل السنة والجماعة الولاء والبراء وهو على نوعين :
النوع الأول : الولاء والبراء مع المسلمين والنوع الثاني الولاء والبراء مع الكافرين
بالنسبة للنوع الأول وهو الولاء والبراء مع المسلمين فنحن نوالي كل مسلم يطيع الله ونتبرأ من معصية الله فنبغض المسلم إذا كان على معصية ونحبه لإسلامه وطاعته فهذا الولاء الذي يكون مع المسلم إذ يجتمع في قلب المسلم لأخيه المسلم ولاء محبة ونصرة من أجل الإسلام والطاعة وبغض وكره للمعصية والمخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى فنحب المسلم لإسلامه ونبغض العاصي لمعصيته ونقول تجتمع لأخيه المسلم محبة من جهة وبغض من جهة أخرى فهذا الولاء والبراء النوع ألأول الذي يكون بين المسلم والمسلم
النوع الثاني الولاء والبراء مع الكافر وهذا على درجتين درجة مخرجة من الملة وهي أن نوالي الكافر يعني يحبه وينصره من أجل دينه وعقيدته فهو يحب دين الكافر وعقيدته الكافر ويريد نصرة الكافر وعقيدة الكافر
لكفره وعقيدته ودينه فنقول هذه الدرجة من الولاء مع الكفار مخرجة من الدين
الدرجة الثانية من الولاء والبراء مع الكفار أن ينعقد فيها قلب المسلم على بغض الكافر وعلى دين الكافر ولكن يحبه لأمر من أمور الدنيا أو يتعامل معه بمعاملة صاحب كالمسلم يحب زوجته النصرانية أو اليهودية لأنها زوجته أو المسلم يحب تاجر كافر من أجل صدقه وحسن بضاعته وحسن بيعه وأمانته ونحو ذلك أو يبيع ويشتري مع الكافر فهذا النوع من الولاء لا يخرج من الملة وهو يدور على الأحكام الشرعية الخمسة تارة يكون واجبا ، تارة يكون مستحبا ، تارة يكون مباحا تارة يكون محرما ، تارة يكون مكروها يكون واجبا كالبر بالوالدين أو لتحقيق أمر فيه مصلحة عامة للمسلمين لا سبيل لها إلا ذلك ويكون مستحبا كأن يوالي الإنسان الكفار ولاء ظاهر مع انعقاد القلب على بغض الكافر وبغض ما عليه من دينه واعتقاده لكن يواليه ظاهرا رغبة في دعوته كما قال تعالى عن الرسول صلى الله عليه وسلم " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ " وكان الرسول يحب أن يسلم همه أبو طالب وقد يكون حراما كالتشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم مع انعقاد القلب على كرههم وبغضهم وقد يكون مكروها بأن تستعمل العامل الكافر مع وجود مسلم يغني عنه وقد يكون مباحا كما في التعامل معهم في الأمور الظاهرة
أقول هذا الولاء وهذه أنواعه وهذه أحكامه وهذه درجاته والولاء من عقيدة المسلم ومنصوص عليه في كتب المسلمين بل هو حقيقة الإسلام :هو الاستسلام لله الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والبراءة من الكفر وأهله هذه هي حقيقة الإسلام فلا يكون المرء مسلما إلا بذلك ومادام الحال كذلك فتحقيق الولاء والبراء على الترتيب السابق مع المسلم ومع الكافر على الصورة السابقة هذه من أصول السلفية .....
بارك الله فيكم شيخنا سؤال آخر :
ما هو العلم الذي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمه وجوبا عينيا ؟
الشيخ حفظه الله : العلم الذي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلمه عينيا الأول العلم بأمور التوحيد وما يخالفه حتى لا يقع الإنسان فيما يناقض التوحيد وهو لا يعلم
الثاني أن يتعلم من أحكام العبادات والمعاملات ما يحتاجه في يومه وليلته فيتعلم أحكام الطهارة والصلاة إذا بلغ سن الصلاة ويتعلم أحكام الزكاة إذا ملك المال الذي تجب فيه الزكاة وبلغ النصاب وحال عليه الحول يتعلم أحكام الحج إذا وجب عليه الحج يتعلم أحكام البيع والشراء إذا كان يشتري بالدرهم والدينار وهكذا فنقول إذا العلم الذي يجب على المسلم تعلمه
الأمر الأول: معرفة التوحيد وما يناقضه حتى لا يقع فيه من حيث لا يعلم
الأمر الثاني أن يتعلم من أحكام العبادات والمعاملات ما يحتاجه لعبادته لربه وفي تعامله مع إخوانه من سائر الخلق نعم وما زاد على ذلك فهو مستحب
سؤال آخر يقول : يقول بعض السلف من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر فهل هذا الميزان يجري في زماننا هذا بمعنى يا شيخ إذا رأينا أحدا يطعن في أحد علمائنا السلفيين فهل هذا علامة على أن هذا مبتدع ؟
الشيخ حفظه الله : الوقوع في أئمة السلف وأئمة الدين هذه من علامات أهل البدع ولكن لا نحكم على الشخص أنه بعينه مبتدع إلا بعد أن نقيم عليه الحجة تثبت في حقه الشروط وتنتفي الموانع لأن بعض الناس ........ولكان مثنيا عليهم مزكيا لهم ولذا نحن نقول مجرد الوقيعة ......وتكلم في عالم من علماء السلفية سواء من السابقين أو من المتأخرين أقول فإن وقيعته في هذا العلم بدعة وهذه الوقيعة علامة هذه البدعة ولكن لا نحكم على الشخص بأنه مبتدع إلا بعد إقامة الحجة وثبوت الشروط وانتفاء الموانع يعني إلا بعد أن نتأكد أن هذا الشخص يعلم أن هذا العالم على طريقة السلف الصالح وأنه يسير على هذا المنهج الصحيح وأنه يخالف أهل البدع ولا يوافقهم فإذا أصر هذا الرجل على الطعن والوقيعة في هذا العالم مع معرفته بأن هذه صفاته وهذه أحواله وكان وقيعته فيه طعن في منهجه وطريقته فإننا نصفه في هذه الحالة بأنه مبتدع أما قبل أن نقيم عليه الحجة بذلك وتثبت الشروط وتنتفي الموانع فإننا نصفه بأنه صاحب بدعة وذلك لأن بعض الناس تأتيهم دعاية سيئة عن بعض العلماء السلفيين فيتكلمون في العالم السلفي ويصفونه بأقبح الأوصاف فإذا ما تبين له منهج العالم وطريقته عادوا ومدحوه واستغفروا الله عما صدر منهم فما يصح أن نستعجل في الحكم على أمثال هؤلاء أنهم مبتدعين بأعيانهم ونخرجهم من طريقة السلفية إنما نقول ينبغي التثبت والتريث وثبوت الشروط وانتفاء الموانع في حالهم أن نحكم عليهم بأنهم مبتدعين أما قبل ذلك لا مع وصفنا لما يصدر منهم بأنه بدعة وأنهم أصحاب بدعة . نعم .
يقول سؤال آخر إذا كان الرجل يعمل في شركة تبعد عن المسجد لمسافة كبيرة بحيث أن وقت دخوله يتزامن مع صلاة العصر فإذا صلاها تأخر دخوله إلى عمله وإذا انتظر حتى وصوله إلى عمله ليصليها مع العمال مع تأخير بمقدار 30 دقيقة تقريبا من أول وقتها فهل يجوز له تأخيرها
الشيخ حفظه الله : نعم طالما هو لا يسمع الأذان في المسجد فلا يلزمه أن يصلي في المسجد جماعة وإذا تيسر له أن يصليها في جماعة فإن هذا ......سواء سمع الأذان أو لم يسمعه ولا إثم عليه إن آخرها عن أول الوقت بمقدار ما ذكرتموه مادام لم يدخل صلاة المغرب والله أعلم
لو تفضلتم يا شيخ عن معنى بعض الآثار السلفية يقول الأثر الأول هذا في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة يقول أخبرنا أحمد بن عبيد ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا هدبة ، قال : حدثنا حزم بن أبي حزم ، قال : حدثنا عاصم الأحول ، قال : قال قتادة : « يا أحول (1) إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر
الشيخ حفظه الله : هذا الأثر الوارد عن قتادة ينطلق من نفس الأصل الذي ذكرناه لكم الأصل الأول أنهم يرون أن الدين مبني وقائم على أصلين أن لا نعبد إلا الله وأن لا نعبد الله إلا بما شرع فيترتب على هذا التحذير من أهل البدع لأن طريقة أهل البدع خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقتادة هنا يعلم أصحابه هذا الأصل فيقول إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي أن تذكر حتى تحذر حتى يحذر الناس منها وحتى يحذر الناس من هذا الرجل فهذه طريقة السلف الصالح أنهم يذكرون أصحاب البدع إذا اشتهرت وعرفت فيذكرونها يحذرون الناس منها خاصة إذا خشي على الناس أن يتأثروا بها وأن يأخذوا بها .نعم .
بارك الله فيكم أثر آخر يقول عن عبد الله ابن المبارك قال : صاحب البدعة على وجهه الظلمة وإن أدهن كل يوم ثلاثين مرة
الشيخ حفظه الله : هذا الأثر الوارد عن عبد الله ابن المبارك فيه بيان أن أهل البدع ترى عليهم ذلة وخسة و....بسبب هذه المعصية التي هم عليها من البدع فلا يستطيعون أن يرفعوا رؤوسهم وأن يتكلموا أمام الناس وأن يظهروا أمورهم أمام الناس ليسوا كأهل السنة ، أهل السنة ليس عندهم تكسف وليس عندهم سرية وليس عندهم أي أمور مخفية كل أمورهم في الظاهر وفي العلانية بينما أهل البدعة ترى عندهم هذا التكسف وهذه السرية وهذا الخفاء وتراهم يظهرون ما لا يبطنون وهذا معنى الظلمة على وجوه أهل البدع وكذا ما يراهم من مخالفة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذه المخالفة تورد ظلمة في الشخص يشعر بها ويحس بها السني الذي يتبع الدليل إذا نظر إلى الشخص من أهل البدع فإنه يشعر بمثل هذه الظلمة في هؤلاء الناس وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قال تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة في الآخرة وهم في الدنيا في ظلمة وفي سواد بسبب هذه المخالفة يشعر به ويحس من حالهم وأحوالهم الرجل صاحب السنة فهو يختلف عنهم أن أمره ظاهر أن لا سرية عنده لا يكتم الأمور ، أموره معلنة ليست في الخفاء لا حزبية عنده لا أي مخالفة لديه فهو دائما أمره ظاهر شعاره العلانية لا الخفاء والسرية . نعم
بارك الله فيك سؤال آخر يقول : قرأنا عن بعض أهل العلم أو أن أهل العلم اختلفوا في مسألة وهي تتعلق بالماء منهم من يقول طاهر ومطهر ونجس ومنهم من يقتصر على قوله طهور ونجس فما هو وجه القول الحسن أو ما هو الذي يترجح عندكم
الشيخ حفظه الله : هذه التقسيمات كلها ـ يعني ـ تقسيمات فقهية تقبل أو ترد إذا عرف المراد منها ممكن أن تكون القسمة ثنائية ممكن أن تكون القسمة ثلاثية لمعرفة المعنى المراد فإذا قلنا إما طاهر وإما نجس فإن الطاهر يكون على نوعين طاهر في نفسه مطهر لغيره ، وطاهر في نفسه غير مطهر لغيره أو أن نقول القسمة ثناية الماء طاهر ونجس وهناك نوع آخر ليس ماء مطلقا إنما نقول عنه ماء الورد ماء الزهر ما كذا .....يقول الماء المطلق الذي باسم الماء المطلق لا ينقسم إلا على نوعين ماء طاهر وماء نجس أما الماء الطاهر الذي يشمل المطلق ويشمل المقيد فهو يكون على ثلاثة أنواع ماء طاهر وماء طهور ونجس فالنجس معروف والماء الطهور معروف الذي الطاهر في نفسه المطهر لغيره والطاهر هو الماء الطاهر في نفسه غير المطهر لغيره كماء الشاي وماء الورد وماء الزهر فالقضية كلها تتوقف على معرفة المعنى والاصطلاح فإذا اتضحت المعاني يكون في الأمر سعة لا مانع أن تقول القسمة ثلاثية .....أو أن تقول ثنائية وتريد كذا وكذا وتخرج الماء المقيد فيكون الماء على قسمين تقصد به الماء المطلق يكون طاهر ونجس أما ماء الشاي وماء الزهر فنقول هذا ليس ماء مطلق هذا ماء مقيد وهو نوع آخر غير هذا أنا أتكلم عن أقسام الماء المطلق أو تقول القسمة ثلاثية وتدخل هذا ويكون كلامك على الماء سواء كان مطلقا أو مقيدا فالقضية واسعة إن شاء الله إذا عرف المعني يزول الإشكال
أحسن الله إليكم فضلية الشيخ سؤال آخر لو سمحتم هل تمة فرق بين التصنيف والتزكية
الشيخ حفظه الله : التصنيف واسع كلمة التصنيف أوسع من كلمة التزكية أنت تصنف الناس تقول هذا مثلا سني وشيعي صح إلا لا ، وقد تصنف الناس فتقول هذا مدرس هذا عسكري هذا عامل هذا مهندس هذا علمي هذا جامعي هذا ابتدائي وهكذا هذا التصنيف ، التصنيف أعم من التزكية فهو قد يكون بحسب الفرقة أو الملل أو النحل أو الوظائف أو البلدان أما التبديع فهو خاص بوصف الشخص بما يخالف ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ......
فكل تزكية تصنيف وليس كتصنيف تزكية
سؤال آخر يقول وهو سؤال فقهي ورد في صحيح البخاري أ، النبي عليه الصلاة والسلام توضأ ثلاث مرات ومرتين وواحدة فهل يجوز للمرء أثناء وضوئه مثلا أن يغسل وجهه اثنين ورجله واحدة مثلا بارك الله فيكم
الشيخ حفظه الله : الإمام البخاري رحمه الله بوب في كتابه الجامع الصحيح في باب الوضوء باب من توضأ بعض أعضائه مثنى مثنى وبعض أعضائه مرة مرة وأورد حديث يدل على ذلك فالأمر في هذا واسع لكن أريد أن أنبه إلى قضية وهي أننا إنما نقول الوضوء مرة مرة نعني بالمرة هي التي يتم فيها غسل العضو فلو إن الإنسان أخذ غرفة وغسل يديه لم تستوعب كل العضو لا نقول أنه غسل اليد مرة حتى يستوعبها ولو بغرفتين أو ثلاثة فإذا بغرفتين أو ثلاثة استوعب اليد فنقول هذه مرة المقصود بالمرة هي التي يتم فيها استيعاب العضو فإذا استوعب العضو مرة ثانية واستوعب العضو مرة ثالثة فهذا غسل ثلاثا فإذا استوعب العضو مرتين نقول هذا غسل مرتين والأمر واسع أن يغسل بعض الأعضاء ثلاثا وبعض الأعضاء مرة الأمر في ذلك واسع إن شاء الله
بارك الله فيكم
وأخيرا نقول فضيلة الشيخ جزاكم الله خيرا على هذه الكلمة الطيبة وعلى أجوبتكم النافعة إن شاء الله عز وجل وكلمة أخيرة لأبنائكم في المغرب بارك الله فيكم
الشيخ حفظه الله : أقول جزاكم الله خيرا جميعا الذين كانوا السبب في هذا اللقاء وهذه المحاضرة والذين تكلفوا قيمة هذه المحاضرة وقيمة الدقائق في هذا الاتصال والذين سعوا في هذا الاتصال والكلام معي والتنسيق معي لهذه المحاضرة أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيهم عني خير الجزاء وأن يجعل جهدهم في موازين حسناتهم وأن يجزي الله عز وجل الإخوة الذين تجشموا مشقة الحضور والاستماع إلى هذه المحاضرة وإلى أخيهم طويلب العلم محمد بن عمر بازمول من مكة المكرمة سائلا الله سبحانه وتعالى أن يجعل جهدهم وتعبهم ومشقتهم في موازين حسناتهم وأن يرفع درجتنا ودرجتهم في عليين ووصيتي لهم ولجميع إخواننا أن نتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على منهج السلف الصالح وأن نحذر كل أسباب الخلاف وأسباب الافتراق وأن نسمع ونطيع لأئمتنا في غير معصية الله وأن لا نكون سببا في الخروج عن السمع والطاعة أو سببا في مفارقة الجماعة فإننا في هذا الزمن أحوج ما نكون أن نكون يدا واحدة مع أئمتنا أئمة الدين أئمة السنة أن نكون يدا واحدة معهم على طاعة الله في مواجهة أعداء الله ومخططاتهم على الإسلام والمسلمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد
فيسعدني في هذه الليلة ليلة الأربعاء في العشرين من شهر ذي الحجة من ألف وأربعمائة وسبعة وعشرين أن ألتقي بإخواني طلاب العلم من المغرب من بلدة أغادير لكي أتحدث في محاضرة سريعة إن شاء الله عن السلفية وأهم قواعدها وضوابطها وقد رأيت أن تكون هذه المحاضرة في أربعة عناصر
العنصر الأول في معنى السلفية
العنصر الثاني في فضل السلفية وحكم من أخذ بها
العنصر الثالث ذكر بعض أتباعها وأئمتها
العنصر الرابع قواعد عامة وضوابط تتعلق بالسلفية
فأقول مستعينا بالله معنى السلفية : السلفية مأخوذة من السلف الصالح والمراد بالسلف الصحابة عليهم رضوان الله والتابعين وأتباعهم ومعنى السلفية هي الأخذ بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهم الدين على طريقتهم إذن نقول معنى السلفية الأخذ لما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهم الدين على طريقتهم هذه هي السلفية وهذا التعريف مأخوذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل من هي يا رسول الله قال من كان على ما أنا عليه وأصحابي وجاء في الحديث الآخر من حديث العرباض ابن سارية لما قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور
فمن هذا الحديث ومن الحديث الذي قلبه جاء تعريف السلفية إذا معناها الأخذ بما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهم الدين على طريقتهم رضوان الله عليهم هذه هي السلفية ولذلك نستطيع أن نقول أن السلفية تمثل الإسلام الصحيح والإسلام المصفى والإسلام الذي هو طريقة أهل السنة والجماعة والذي هو طريقة السلف الصالح والذي هو لا اسم له إلا ذلك لما تسمع الرجل يقول أنا على طريقة أهل السنة والجماعة أو يقول أنا مسلم إسلام سالم من البدع أو حينما يقول أنا على طريقة أهل الحديث فهو يعني أن منهجه مبني على الأخذ بما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهم الدين على طريقتهم هذه هي السلفية وهذا معناها
أما العنصر الثاني وهو فضلها وحكم من الأخذ بها : أقول إذا تبين أن السلفية هي الإسلام الصحيح وهي ما عليه أهل السنة والجماعة وهي طريقة أهل الحديث إذا نقول من فضل السلفية أن من أخذها وسار عليها سار على الإسلام الصحيح وسلم من طرق أهل الابتداع ومن طرق أهل الافتراق وطرق أهل الاختلاف وكان إسلامه على طريقة صحيحة هي ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن فضل هذه الطريقة أنها تمتثل ما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم به فقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث السابق ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور
فمن فضلها أنها امتثال لأمر الرسول كما تقدم وفي الحديث الآخر كما قال تركت فيكم ما إن أخذتم فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض هذا الحديث الذي علقه الإمام مالك في الموطأ وأخرجه الحاكم وغيره وهو حديث حسن أقول هذا الحديث يفيد أن من فضل إتباع طريقة السلف الصالح السلامة من الضلال والغنيمة من الهداية على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ومن فضلها أن فيها السلامة من النار فقد جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن عن ابن مسعود رضي الله عنه خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم خط على جانب الخط خطوطا قصيرة وأشار إلى الخط الطويل المستقيم وقال « هذا سبيل الله وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل ، فتفرق بكم عن سبيله
فمن فضل السلفية أنها طريق النار من النار وأن من لم يسلكها داخل تحت قول الرسول صلى الله عليه وسلم كلها في النار إلا واحدة ومعلوم أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم كلها في النار أن هذا من نصوص الوعيد أي هذا عذاب هؤلاء الذين لم يسيروا في فهم الدين على كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ,أصحابه فهذا عذابهم وهم في مشيئة الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم ما لم يأتوا بالشرك كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
ومن فضل السلفية ما جاء في قوله سبحانه وتعالى وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا فإن من يشاقق الرسول يعني يمشي في الإسلام على غير طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى غير سبيل المؤمنين الذي يصدق أول ما يصدق على صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن من يشاقق الرسول ويخالف سبيل المؤمنين فإنه يكون معرضا لدخول جهنم وساءت مصيرا ومن النصوص السابقة تعلمون ما هو حكم الأخذ بالسلفية إذا حكمها هو الوجوب فلا يصح لمسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لا يصح منه إسلامه إسلاما صحيحا سالما من البدع إلا باتباع طريقة السلف الصالح فإذا خالف طريقة السلف الصالح فهو من أهل الابتداع ومن أهل التطرف وداخل في الوعيد السابق فالأخذ بالسلفية واجب على المسلم إذا أراد أن يكون على طريقة أهل السنة والجماعة على طريقة الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خالفها ومن حاربها حتى يأتي أمر الله كما جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ظاهرة لا يضرها من خالفها حتى يأتي أمر الله
ومن خالف طريقة السلفية فهو آثم ومبتدع بأسلوب أو بطريقة في الإسلام طريقة مبتدعة لا تمثل الإسلام الصحيح الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
أما بالنسبة لأتباع هذه السلفية وأئمتها فإنني أقول أتباع السلفية أول من يذكر فيهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التابعين لهم بإحسان من أئمة التابعين ثم أتباعهم كالأئمة الأربعة كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري وغيرهم من أئمة الدين الأئمة المشهود لهم بالفضل وهكذا من بعدهم ومن بعدهم ممن عرفوا بأنهم على طريقة أهل السنة والجماعة وعلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجميع أهل الحديث الذين شعارهم طريقة أهل الحديث هم أهل السنة وهم أتباع هذه الطريقة ، الطريقة السلفية التي تتميز بهذا الأمر وهو باتباعها منهج السلف الصالح وتمسكها به وأخذها به
أما العنصر الرابع فهو بذكر أصول عامة وضوابط تتعلق بالسلفية
فأقول أول هذه الأصول عند السلفية أنهم يعتقدون أن الدين يقوم على أصلين الأصل الأول أن لا نعبد إلا الله والأصل الثاني أن لا نعبد الله إلا بما شرع فهم يعتقدون أن الدين يقوم على هذين الأصلين وهما معنى لا إله إلا الله محمدا رسول الله معنى شهادة التوحيد لا إله إلا الله أي لا نعبد إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أي لا نتبع ولا سبيل لنا بأخذ الدين إلا بما جاءنا الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام ، هذا الأصل الأول عند السلفيين وهذا الأصل الأول ينبني فيه عندهم لا مصدر لهم للتلقي إلا عن طريق الوحي ، فهم ليسوا كالصوفية يقولون حدثني قلبي عن ربي فإن بعض الصوفية يعير أهل السنة والجماعة يقول علمكم ميت عن ميت أما علمنا فهو عن الحي الذي لا يموت حدثني قلبي عن ربي فنقول هكذا هم الصوفية وهم في ذلك مخالفون لأهل السنة والجماعة أما أهل السنة والجماعة السلفية فإن مصدر التلقي عندهم هو الوحي قال الله قال رسوله قال الصحابة
العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة ليس خلف فيه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين قول الرسول وبين قول فقيه
فالعلم قال الله قال رسوله وقال الصحابة كلام الصحابة ليس بوحي ولكن لما شاهدوا الوحي وفهموا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وشهدوا ملابسات الحوادث التي نزلت فيها الآيات وجاءت بها الأحاديث كان لأغلب كلامهم حكم الرفع فنقول قول الصحابة الذي له حكم الرفع يحتج به لأنه من باب الوحي وما كان منهم على سبيل الاجتهاد فاجتهاده مقدم على اجتهادنا كما قال أبو حنيفة رضي الله عنه : ما جاء عن الله فعلى الرأس والعين وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين وما جاء عن الصحابة فعلى الرأس والعين وما جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال
وهذا الذي قاله أبو حنيفة رضي الله عنه هو منهج السلف الصالح ومنهج الأئمة جميعا أئمة الدين الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد والإمام الثوري والإمام الأوزاعي والإمام ابن عيينة وغيرهم من أئمة السلفية وأئمة الدين أيضا يترتب على هذا الأصل أن البدعة مذمومة عندهم ومحاربة لأن لا سبيل إلى معرفة الدين إلا باتباع ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فمن خالف ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقد خالف هذا الأصل ولذلك تجد السلفيين يحذرون من الوقوع في البدعة ويحذرون من أهلها ويهجرونهم ويبتعدون عنهم ويحذرون منهم ولذلك طريقة السلفية مبنية على هذا الأصل أن لا نعبد إلا الله وأن لا نعبد الله إلا بما شرع وشعارهم الإتباع لا الابتداع
وكل خير في اتباع من سلف .......وكل شر في ابتداع من خلف
وقد جاء رجل إلى الإمام مالك رحمه الله وقال يا إمام أريد أن أحرم للعمرة من المدينة فقال الإمام مالك أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة وأنت إذا أحرمت من المدينة أخشى عليك الفتنة ثم تلا قوله تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ هكذا هم السلفيون كلامهم آية وحديث واتباع لما كان عليه السلف الصالح
الأصل الثاني عندهم من أصول السلفية : تعظيم حق ولاة الأمر بالسمع والطاعة لهم بالحق وفي الحق فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق من شعار السلفية السمع والطاعة لولاة الأمر فهم يعلنونها صريحة أن ولاة الأمر الذين يقيمون شرع الله وما أقاموا الصلاة لهم علينا السمع والطاعة نسمع لهم ونطيع ونطيعهم في معصية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إنما نطيعهم فيما يأمرونا به مما لا يخالف كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن طاعة ولاة الأمر من أهم وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث السابق عن العرباض ابن سارية لما أوصاهم وصية مودع قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي وقال صلى الله عليه وسلم معظما أمر السمع والطاعة لولاة الأمور ومحذرا من مخالفتها وبمخالفة الجماعة قال من خرج من الطاعة و فارق الجماعة ، فمات مات ميتة جاهلية وقال صلى الله عليه وسلم أيضا في هذا المعنى من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني وقال صلى الله عليه وسلم كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى . قالوا : ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى
فمن الحديثين يصير المعنى من أطاع الأمير أطاع الرسول دخل الجنة ومن عصى الأمير عصى الرسول أبى دخول الجنة فشعارهم أهل الحديث تعظيم طاعة ولاة الأمور والسمع والطاعة لهم والتحذير من مفارقة الجماعة وأي صورة من صور الافتراق والاختلاف عن الجماعة وعن السمع والطاعة هذا شعارهم يخالفون به الخوارج ويخالفون به المرجئة ويخالفون به أهل الابتداع فإن كل أهل البدع مآل أمرهم إلى الخروج عن ولاة الأمر وميزة أهل السنة والجماعة ميزة السلفية أن يسيروا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ومنها في باب السمع والطاعة لولاة الأمور والتحذير من مخالفتهم أو الخروج عن الجماعة وهم في ذلك يمتثلون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاء عن الحذيفة ابن اليمان قال أتيت إلى رسول صلى الله عليه وسلم والحديث أخرجه مسلم في صحيحه قال أتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كنا في جاهلية وشر فأتى الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر فقال الرسول صلى الله عليه وسلم نعم فقال حذيفة فهل يا رسول الله فهل بعد هذا الشر خير فقال الرسول صلى الله عليه وسلم نعم على دخن قال وما دخنه يا رسول الله قال أقوام يهتدون بغير هدي ويستنون بغير سنتي قال يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر فقال صلى الله عليه وسلم نعم
أي أن بعد هذا الخير الذي على دخن شر ما هو قال رسول الله ما هو هذا الشر قال أقوام يلبسون للناس جلود الضأن وقلوبهم قلوب الذئاب وفي رواية قال دعاة على أبواب جهنم من تبعهم قذفوه فيها قال يا رسول الله صفهم لنا قال هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قال يا رسول الله وما توصني يومئذ قال إلزم جماعة المسلمين وإمامهم قال يا رسول الله فإن لم يكن للمسلمين جماعة ولا إمام قال اعتزل الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة أقول هذا الحديث العظيم بين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عظم وخطورة السمع والطاعة وخطورة الجماعة فحثنا على السمع والطاعة وحذرنا من مفارقة الجماعة وبين أنها سبيل الهداية وسبيل العصمة من أئمة الضلال الذين من تبعهم يقذفونه في جهنم
الأصل الثالث من أصول السلفية
أنهم لا يتكلمون في مسألة إلا أن يكون لهم سلف فيها قد يقول قائل يا شيخ من أين جئت بهذا الأصل أقول هذا الأصل هو مقتضى النصوص السابقة ومنها قوله تعالى " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
فسبيل المؤمنين أن الإنسان عليه دائما أن يحذر أن يأت بقول ليس له سلف وقد جاء عن الثوري أنه قال إذا استطعت أن لا تحك رأسك إلا بدليل فافعل وجاء عن الميمون وهو تلميذ الإمام أحمد أن الإمام أحمد قال له لا تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام وهنا قد يأتي سؤال كيف نحرص على اتباع السلف والمسائل الحادثة كثير فأقول يا أخي المسائل التي تقع على نوعين إما مسائل وقعت عند السلف ولهم فيها كلام وإما مسائل حادثة ليس للسلف فيها كلام فالنوع الأول من المسائل لا تتكلم إلا في مسألة لك فيها سلف والنوع الثاني من المسائل وهي المسائل الحادثة يلزمك أن تسير على طريقة السلف في التفقه والاستنباط..... وفي الحالين أنت لا تخرج عن طريق السلف إما أن تتابع السلف بأعيانهم وإما أن تتابع طريقتهم ومنهجهم في الاستنباط وفي التفقه وهكذا في المسائل الحادثة التي لم تكن عند السلف الصالح
أيضا من أصول السلفية أن الأخذ بالإصلاح عندهم يبدأ بالنفس الإصلاح طريقة الدعوة والإصلاح تبدأ بالنفس كما قال أبو الأسود الدؤلي
أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ... كيما يصح به وأنت سقم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
والله سبحانه وتعالى ذم الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ....الآية
فنقول بناء على ذلك من أصول السلفية أن الإنسان يبدأ بالدعوة وبالإصلاح في نفسه وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ بقسمة المال بالزائد بأن يبدأ الإنسان بنفسه فجاءه رجل فقال يا رسول الله لدي درهم زائد قال أنفقه على نفسك قال لدي آخر قال أنفقه على ولدك قال لدي آخر قال أنفقه على زوجك قال لدي آخر قال أنفقه على أبيك قال لدي آخر قال أنفقه على خادمك قال لدي آخر قال أنت أعرف على من تنفقه على الأدنى فالأدنى فإذا كان هذا الحال في قسمة المال فكيف الحال بأمر الدعوة والإصلاح يبدأ السلفي بإصلاح نفسه ثم أدناه فأدناه
لا يعمل كما يفعل بعض أهل الفرق يبدأ بالمجتمع ويترك نفسه ومن ومعه وأهله وعياله على جهل وضلال أو من يبدأ بالقمة فيدخل مع الحكام في معارضات ومخاطبات وحرب باسم الدعوة لا ، يبدأ مع نفسه وثم أناه فأدناه وهكذا الرسول عليه الصلاة والسلام كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ....الحديث
أيضا من قواعد وضوابط السلفية أن مدار الإصلاح بدايته ونهايته كلها لتحقيق توحيد الله والعبادة لله سبحانه وتعالى فهم في دعوتهم وإصلاحهم يدورون على تحقيق العبادة والعبودية لله سبحانه وتعالى كما قال تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "
فمناط الدعوة عندهم وحقيقتها ومدارها لتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى دائما ...وكلامهم دعوتهم مواعظهم نصائحهم في تحقيق العبودية والعبادة لله سبحانه وتعالى لأن هذه هي حقيقة دعوة الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى أقوامهم فكانت بداية دعوتهم للناس أن يعبدوا الله لا إله غيره كلها من أجل تحقيق العبادة لله سبحانه وتعالى
أيضا من ضوابط وأصول السلفية أنهم يهتمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ " فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الدعوة السلفية ومن ضوابطها لكن بالشروط والقواعد المتعلقة بها في هذا الباب مثل قاعدة الرضى بأخف الضررين ومثل قاعدة
ومثل قاعدة لا ينهى عن المنكر بمنكر أكبر منه فليكن أمرك بالمعروف معروفا ونهيك عن المنكر غير منكر ومثل قاعدة لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا فقيها بما يأمر به فقيها فيما ينهى عنه رفيقا بما يأمر به رفيقا فيما ينهى عنه صابرا فيما يأمر به صابرا فيما ينهى عنه ، هذه الضوابط وغيرها الواردة في هذا الباب هي الأصل عندهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم يخالفون في هذا طريقة المعتزلة الذين يجعلون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الخروج على الأئمة وهو شحن الناس على ولاة الأمور ، لا ليسوا هكذا إنما هم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على الطريقة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم وهم يتكلمون في هذا الباب على السنة وعلى هذه الطريقة
آخر قضية وآخر قاعدة عن السلفية أقول السلفية ليست حزب ، ليست حزبية تعريفها هي الإسلام فكل مسلم سار في الدنيا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو سلفي وإن لم يقل أنا سلفي كل من مشى على هذه الطريقة وعلى هذا الأسلوب فهو سلفي فهو من السلفية لأن السلفية ليست حزبية ليس لها جماعة ولها تنظيم كل المسلمين الذين يسيرون على هذا المنهج هم جماعة المسلمين وهم الجماعة وكل إمام .....على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو سلفي وهو من أئمة السلفية يطاع في المعروف ولا يطاع فيما يعصي الله عز وجل هذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذه هي السلفية التي هي ليست بحزبية فهي ليست جماعة خاصة وليست حزب خاص وليست تنظيم معين هي ليست حزبية وليست تنظيم وليست جماعة دعوة خاصة إنما كل مسلم في الدنيا بأي مكان سواء قال أنا سلفي أو لم يقل أنا سلفي إذا كان منهجه وطريقته اتباع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو سلفي وكل من كان على الإسلام الصحيح فهو سلفي وطريقته هي السلفية ، السلفية ليست تنظيم وليست حزب وليست لها جماعة الناس كلها في كل مكان من كان على الإسلام الصحيح فهو سلفي وهذه كلمة هي الأخيرة وأختم هذه المحاضرة بالدعاء لنا ولكم بأن يثبتنا الله وإياكم على السنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين وأن يوفقنا وإياكم إلى إزالة كل سبب من أسباب الاختلاف وكل سبب من أسباب الافتراق وأن يجعلنا وإياكم ممن يحي الله بهم معالم الدين ويعيد الناس ويكون سببا في إعادة الناس إلى الصراط المستقيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
الأسئلة
هل الولاء والبراء أصل من أصول السلفية ؟ وهل يخرج الرجل من أهل السنة بتركه لهذا الأصل وجزاكم الله خيرا ؟
الشيخ حفظه الله: من عقيدة أهل السنة والجماعة الولاء والبراء وهو على نوعين :
النوع الأول : الولاء والبراء مع المسلمين والنوع الثاني الولاء والبراء مع الكافرين
بالنسبة للنوع الأول وهو الولاء والبراء مع المسلمين فنحن نوالي كل مسلم يطيع الله ونتبرأ من معصية الله فنبغض المسلم إذا كان على معصية ونحبه لإسلامه وطاعته فهذا الولاء الذي يكون مع المسلم إذ يجتمع في قلب المسلم لأخيه المسلم ولاء محبة ونصرة من أجل الإسلام والطاعة وبغض وكره للمعصية والمخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى فنحب المسلم لإسلامه ونبغض العاصي لمعصيته ونقول تجتمع لأخيه المسلم محبة من جهة وبغض من جهة أخرى فهذا الولاء والبراء النوع ألأول الذي يكون بين المسلم والمسلم
النوع الثاني الولاء والبراء مع الكافر وهذا على درجتين درجة مخرجة من الملة وهي أن نوالي الكافر يعني يحبه وينصره من أجل دينه وعقيدته فهو يحب دين الكافر وعقيدته الكافر ويريد نصرة الكافر وعقيدة الكافر
لكفره وعقيدته ودينه فنقول هذه الدرجة من الولاء مع الكفار مخرجة من الدين
الدرجة الثانية من الولاء والبراء مع الكفار أن ينعقد فيها قلب المسلم على بغض الكافر وعلى دين الكافر ولكن يحبه لأمر من أمور الدنيا أو يتعامل معه بمعاملة صاحب كالمسلم يحب زوجته النصرانية أو اليهودية لأنها زوجته أو المسلم يحب تاجر كافر من أجل صدقه وحسن بضاعته وحسن بيعه وأمانته ونحو ذلك أو يبيع ويشتري مع الكافر فهذا النوع من الولاء لا يخرج من الملة وهو يدور على الأحكام الشرعية الخمسة تارة يكون واجبا ، تارة يكون مستحبا ، تارة يكون مباحا تارة يكون محرما ، تارة يكون مكروها يكون واجبا كالبر بالوالدين أو لتحقيق أمر فيه مصلحة عامة للمسلمين لا سبيل لها إلا ذلك ويكون مستحبا كأن يوالي الإنسان الكفار ولاء ظاهر مع انعقاد القلب على بغض الكافر وبغض ما عليه من دينه واعتقاده لكن يواليه ظاهرا رغبة في دعوته كما قال تعالى عن الرسول صلى الله عليه وسلم " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ " وكان الرسول يحب أن يسلم همه أبو طالب وقد يكون حراما كالتشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم مع انعقاد القلب على كرههم وبغضهم وقد يكون مكروها بأن تستعمل العامل الكافر مع وجود مسلم يغني عنه وقد يكون مباحا كما في التعامل معهم في الأمور الظاهرة
أقول هذا الولاء وهذه أنواعه وهذه أحكامه وهذه درجاته والولاء من عقيدة المسلم ومنصوص عليه في كتب المسلمين بل هو حقيقة الإسلام :هو الاستسلام لله الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والبراءة من الكفر وأهله هذه هي حقيقة الإسلام فلا يكون المرء مسلما إلا بذلك ومادام الحال كذلك فتحقيق الولاء والبراء على الترتيب السابق مع المسلم ومع الكافر على الصورة السابقة هذه من أصول السلفية .....
بارك الله فيكم شيخنا سؤال آخر :
ما هو العلم الذي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمه وجوبا عينيا ؟
الشيخ حفظه الله : العلم الذي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلمه عينيا الأول العلم بأمور التوحيد وما يخالفه حتى لا يقع الإنسان فيما يناقض التوحيد وهو لا يعلم
الثاني أن يتعلم من أحكام العبادات والمعاملات ما يحتاجه في يومه وليلته فيتعلم أحكام الطهارة والصلاة إذا بلغ سن الصلاة ويتعلم أحكام الزكاة إذا ملك المال الذي تجب فيه الزكاة وبلغ النصاب وحال عليه الحول يتعلم أحكام الحج إذا وجب عليه الحج يتعلم أحكام البيع والشراء إذا كان يشتري بالدرهم والدينار وهكذا فنقول إذا العلم الذي يجب على المسلم تعلمه
الأمر الأول: معرفة التوحيد وما يناقضه حتى لا يقع فيه من حيث لا يعلم
الأمر الثاني أن يتعلم من أحكام العبادات والمعاملات ما يحتاجه لعبادته لربه وفي تعامله مع إخوانه من سائر الخلق نعم وما زاد على ذلك فهو مستحب
سؤال آخر يقول : يقول بعض السلف من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر فهل هذا الميزان يجري في زماننا هذا بمعنى يا شيخ إذا رأينا أحدا يطعن في أحد علمائنا السلفيين فهل هذا علامة على أن هذا مبتدع ؟
الشيخ حفظه الله : الوقوع في أئمة السلف وأئمة الدين هذه من علامات أهل البدع ولكن لا نحكم على الشخص أنه بعينه مبتدع إلا بعد أن نقيم عليه الحجة تثبت في حقه الشروط وتنتفي الموانع لأن بعض الناس ........ولكان مثنيا عليهم مزكيا لهم ولذا نحن نقول مجرد الوقيعة ......وتكلم في عالم من علماء السلفية سواء من السابقين أو من المتأخرين أقول فإن وقيعته في هذا العلم بدعة وهذه الوقيعة علامة هذه البدعة ولكن لا نحكم على الشخص بأنه مبتدع إلا بعد إقامة الحجة وثبوت الشروط وانتفاء الموانع يعني إلا بعد أن نتأكد أن هذا الشخص يعلم أن هذا العالم على طريقة السلف الصالح وأنه يسير على هذا المنهج الصحيح وأنه يخالف أهل البدع ولا يوافقهم فإذا أصر هذا الرجل على الطعن والوقيعة في هذا العالم مع معرفته بأن هذه صفاته وهذه أحواله وكان وقيعته فيه طعن في منهجه وطريقته فإننا نصفه في هذه الحالة بأنه مبتدع أما قبل أن نقيم عليه الحجة بذلك وتثبت الشروط وتنتفي الموانع فإننا نصفه بأنه صاحب بدعة وذلك لأن بعض الناس تأتيهم دعاية سيئة عن بعض العلماء السلفيين فيتكلمون في العالم السلفي ويصفونه بأقبح الأوصاف فإذا ما تبين له منهج العالم وطريقته عادوا ومدحوه واستغفروا الله عما صدر منهم فما يصح أن نستعجل في الحكم على أمثال هؤلاء أنهم مبتدعين بأعيانهم ونخرجهم من طريقة السلفية إنما نقول ينبغي التثبت والتريث وثبوت الشروط وانتفاء الموانع في حالهم أن نحكم عليهم بأنهم مبتدعين أما قبل ذلك لا مع وصفنا لما يصدر منهم بأنه بدعة وأنهم أصحاب بدعة . نعم .
يقول سؤال آخر إذا كان الرجل يعمل في شركة تبعد عن المسجد لمسافة كبيرة بحيث أن وقت دخوله يتزامن مع صلاة العصر فإذا صلاها تأخر دخوله إلى عمله وإذا انتظر حتى وصوله إلى عمله ليصليها مع العمال مع تأخير بمقدار 30 دقيقة تقريبا من أول وقتها فهل يجوز له تأخيرها
الشيخ حفظه الله : نعم طالما هو لا يسمع الأذان في المسجد فلا يلزمه أن يصلي في المسجد جماعة وإذا تيسر له أن يصليها في جماعة فإن هذا ......سواء سمع الأذان أو لم يسمعه ولا إثم عليه إن آخرها عن أول الوقت بمقدار ما ذكرتموه مادام لم يدخل صلاة المغرب والله أعلم
لو تفضلتم يا شيخ عن معنى بعض الآثار السلفية يقول الأثر الأول هذا في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة يقول أخبرنا أحمد بن عبيد ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا هدبة ، قال : حدثنا حزم بن أبي حزم ، قال : حدثنا عاصم الأحول ، قال : قال قتادة : « يا أحول (1) إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر
الشيخ حفظه الله : هذا الأثر الوارد عن قتادة ينطلق من نفس الأصل الذي ذكرناه لكم الأصل الأول أنهم يرون أن الدين مبني وقائم على أصلين أن لا نعبد إلا الله وأن لا نعبد الله إلا بما شرع فيترتب على هذا التحذير من أهل البدع لأن طريقة أهل البدع خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقتادة هنا يعلم أصحابه هذا الأصل فيقول إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي أن تذكر حتى تحذر حتى يحذر الناس منها وحتى يحذر الناس من هذا الرجل فهذه طريقة السلف الصالح أنهم يذكرون أصحاب البدع إذا اشتهرت وعرفت فيذكرونها يحذرون الناس منها خاصة إذا خشي على الناس أن يتأثروا بها وأن يأخذوا بها .نعم .
بارك الله فيكم أثر آخر يقول عن عبد الله ابن المبارك قال : صاحب البدعة على وجهه الظلمة وإن أدهن كل يوم ثلاثين مرة
الشيخ حفظه الله : هذا الأثر الوارد عن عبد الله ابن المبارك فيه بيان أن أهل البدع ترى عليهم ذلة وخسة و....بسبب هذه المعصية التي هم عليها من البدع فلا يستطيعون أن يرفعوا رؤوسهم وأن يتكلموا أمام الناس وأن يظهروا أمورهم أمام الناس ليسوا كأهل السنة ، أهل السنة ليس عندهم تكسف وليس عندهم سرية وليس عندهم أي أمور مخفية كل أمورهم في الظاهر وفي العلانية بينما أهل البدعة ترى عندهم هذا التكسف وهذه السرية وهذا الخفاء وتراهم يظهرون ما لا يبطنون وهذا معنى الظلمة على وجوه أهل البدع وكذا ما يراهم من مخالفة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذه المخالفة تورد ظلمة في الشخص يشعر بها ويحس بها السني الذي يتبع الدليل إذا نظر إلى الشخص من أهل البدع فإنه يشعر بمثل هذه الظلمة في هؤلاء الناس وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قال تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة في الآخرة وهم في الدنيا في ظلمة وفي سواد بسبب هذه المخالفة يشعر به ويحس من حالهم وأحوالهم الرجل صاحب السنة فهو يختلف عنهم أن أمره ظاهر أن لا سرية عنده لا يكتم الأمور ، أموره معلنة ليست في الخفاء لا حزبية عنده لا أي مخالفة لديه فهو دائما أمره ظاهر شعاره العلانية لا الخفاء والسرية . نعم
بارك الله فيك سؤال آخر يقول : قرأنا عن بعض أهل العلم أو أن أهل العلم اختلفوا في مسألة وهي تتعلق بالماء منهم من يقول طاهر ومطهر ونجس ومنهم من يقتصر على قوله طهور ونجس فما هو وجه القول الحسن أو ما هو الذي يترجح عندكم
الشيخ حفظه الله : هذه التقسيمات كلها ـ يعني ـ تقسيمات فقهية تقبل أو ترد إذا عرف المراد منها ممكن أن تكون القسمة ثنائية ممكن أن تكون القسمة ثلاثية لمعرفة المعنى المراد فإذا قلنا إما طاهر وإما نجس فإن الطاهر يكون على نوعين طاهر في نفسه مطهر لغيره ، وطاهر في نفسه غير مطهر لغيره أو أن نقول القسمة ثناية الماء طاهر ونجس وهناك نوع آخر ليس ماء مطلقا إنما نقول عنه ماء الورد ماء الزهر ما كذا .....يقول الماء المطلق الذي باسم الماء المطلق لا ينقسم إلا على نوعين ماء طاهر وماء نجس أما الماء الطاهر الذي يشمل المطلق ويشمل المقيد فهو يكون على ثلاثة أنواع ماء طاهر وماء طهور ونجس فالنجس معروف والماء الطهور معروف الذي الطاهر في نفسه المطهر لغيره والطاهر هو الماء الطاهر في نفسه غير المطهر لغيره كماء الشاي وماء الورد وماء الزهر فالقضية كلها تتوقف على معرفة المعنى والاصطلاح فإذا اتضحت المعاني يكون في الأمر سعة لا مانع أن تقول القسمة ثلاثية .....أو أن تقول ثنائية وتريد كذا وكذا وتخرج الماء المقيد فيكون الماء على قسمين تقصد به الماء المطلق يكون طاهر ونجس أما ماء الشاي وماء الزهر فنقول هذا ليس ماء مطلق هذا ماء مقيد وهو نوع آخر غير هذا أنا أتكلم عن أقسام الماء المطلق أو تقول القسمة ثلاثية وتدخل هذا ويكون كلامك على الماء سواء كان مطلقا أو مقيدا فالقضية واسعة إن شاء الله إذا عرف المعني يزول الإشكال
أحسن الله إليكم فضلية الشيخ سؤال آخر لو سمحتم هل تمة فرق بين التصنيف والتزكية
الشيخ حفظه الله : التصنيف واسع كلمة التصنيف أوسع من كلمة التزكية أنت تصنف الناس تقول هذا مثلا سني وشيعي صح إلا لا ، وقد تصنف الناس فتقول هذا مدرس هذا عسكري هذا عامل هذا مهندس هذا علمي هذا جامعي هذا ابتدائي وهكذا هذا التصنيف ، التصنيف أعم من التزكية فهو قد يكون بحسب الفرقة أو الملل أو النحل أو الوظائف أو البلدان أما التبديع فهو خاص بوصف الشخص بما يخالف ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ......
فكل تزكية تصنيف وليس كتصنيف تزكية
سؤال آخر يقول وهو سؤال فقهي ورد في صحيح البخاري أ، النبي عليه الصلاة والسلام توضأ ثلاث مرات ومرتين وواحدة فهل يجوز للمرء أثناء وضوئه مثلا أن يغسل وجهه اثنين ورجله واحدة مثلا بارك الله فيكم
الشيخ حفظه الله : الإمام البخاري رحمه الله بوب في كتابه الجامع الصحيح في باب الوضوء باب من توضأ بعض أعضائه مثنى مثنى وبعض أعضائه مرة مرة وأورد حديث يدل على ذلك فالأمر في هذا واسع لكن أريد أن أنبه إلى قضية وهي أننا إنما نقول الوضوء مرة مرة نعني بالمرة هي التي يتم فيها غسل العضو فلو إن الإنسان أخذ غرفة وغسل يديه لم تستوعب كل العضو لا نقول أنه غسل اليد مرة حتى يستوعبها ولو بغرفتين أو ثلاثة فإذا بغرفتين أو ثلاثة استوعب اليد فنقول هذه مرة المقصود بالمرة هي التي يتم فيها استيعاب العضو فإذا استوعب العضو مرة ثانية واستوعب العضو مرة ثالثة فهذا غسل ثلاثا فإذا استوعب العضو مرتين نقول هذا غسل مرتين والأمر واسع أن يغسل بعض الأعضاء ثلاثا وبعض الأعضاء مرة الأمر في ذلك واسع إن شاء الله
بارك الله فيكم
وأخيرا نقول فضيلة الشيخ جزاكم الله خيرا على هذه الكلمة الطيبة وعلى أجوبتكم النافعة إن شاء الله عز وجل وكلمة أخيرة لأبنائكم في المغرب بارك الله فيكم
الشيخ حفظه الله : أقول جزاكم الله خيرا جميعا الذين كانوا السبب في هذا اللقاء وهذه المحاضرة والذين تكلفوا قيمة هذه المحاضرة وقيمة الدقائق في هذا الاتصال والذين سعوا في هذا الاتصال والكلام معي والتنسيق معي لهذه المحاضرة أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيهم عني خير الجزاء وأن يجعل جهدهم في موازين حسناتهم وأن يجزي الله عز وجل الإخوة الذين تجشموا مشقة الحضور والاستماع إلى هذه المحاضرة وإلى أخيهم طويلب العلم محمد بن عمر بازمول من مكة المكرمة سائلا الله سبحانه وتعالى أن يجعل جهدهم وتعبهم ومشقتهم في موازين حسناتهم وأن يرفع درجتنا ودرجتهم في عليين ووصيتي لهم ولجميع إخواننا أن نتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على منهج السلف الصالح وأن نحذر كل أسباب الخلاف وأسباب الافتراق وأن نسمع ونطيع لأئمتنا في غير معصية الله وأن لا نكون سببا في الخروج عن السمع والطاعة أو سببا في مفارقة الجماعة فإننا في هذا الزمن أحوج ما نكون أن نكون يدا واحدة مع أئمتنا أئمة الدين أئمة السنة أن نكون يدا واحدة معهم على طاعة الله في مواجهة أعداء الله ومخططاتهم على الإسلام والمسلمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تعليق