المشاركة الأصلية بواسطة أبو حفص السلفي الليبي
مشاهدة المشاركة
الأصل، وهو ما يبنى عليه غيره، ومن ذلك أصل
الجدار وهو أساسه، وأصل الشجرة الذي يتفرغ منه الأغصان، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً
كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [سورة إبراهيم، الآية: 24].ابن العثيمين (شرح
الاصول الثلاثة) لابن العثيمين ص(42) الناشر دار الثريا
الأصول الثلاثة يشير بها المصنف رحمه إلى الأصول
التي يسأل عنها الإنسان في قبره: من ربك ؟ وما
دينك ؟ ومن نبيك ؟
أورد المؤلف رحمه الله تعالى هذه المسألة ب
صيغة السؤال وذلك من أجل أن ينتبه الإنسان لها ؛
لأنها مسألة عظيمة وأصول كبيرة ؛ وإنما قال: إن هذه هي
الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها لأنها هي
الأصول التي يسال عنها المرء في قبره إذا دفن وتولى عنه
أصحابه أتاه ملكان فأقعداه فسألاه من ربك؟ وما دينك؟ ومن
نبيك؟ فأما المؤمن فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي
محمد، وأما المرتاب أو المنافق فيقول هاها لا أدري،
سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته. نفس المصدر (ص43)
الرب مأخوذ من التربية لأنه قال: "الذي رباني وربى
جميع العالمين بنعمه" فكل العالمين قد رباهم الله
بنعمه وأعدهم لما خلقوا له، وأمدهم برزقه قال الله
تبارك وتعالى في محاورة موسى وفرعون: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا
يَا مُوسَى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [سورة طه، الآيتين: 49-50]. فكل
أحد من العالمين قد رباه الله عز وجل بنعمه.
ونعم الله عز وجل على عباده كثيرة لا يمكن حصرها قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا
تُحْصُوهَا} [سورة النحل، الآية: 18] فالله هو الذي خلقك وأعدك، وأمدك ورزقك فهو وحده المستحق للعبادة.
أستدل المؤلف رحمه الله لكون الله سبحانه وتعالى
مربياً لجميع الخلق بقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة
الفاتحة، الآية: 2] يعني الوصف بالكمال والجلال والعظمة لله تعالى وحده.
{رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي مربيهم بالنعم وخالقهم ومالكهم، والمدبر لهم كما شاء عز وجل.
نفس المصدر (46) ابن العثيمين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ـ
التربية تدريج المربى في مصاعد الكمال، كل
كمال بحسبه، وأعظم أنواع التربية التي ربى بها
الله جل وعلا الناس أن بعث لهم الرسل
يعلمونهم، ويرشدونهم ما يقربهم إلى الله جل
وعلا، وهذه هي أعظم نعمة، قال جل وعلا ﴿قُلْ
بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا
يَجْمَعُونَ﴾[يونس:48 ) شرح الاصول الثلاثة للشيخ صالح ال الشيخ
ـــــــــــــــــــت
والشيخ رحمه الله ها هنا فرق بين الآيات والمخلوقات، مع أنه في القرآن ما يثبت أن السماوات والأرض من الآيات. فلما فرَّق؟
الجواب أن تفريق الشيخ رحمه الله تعالى بينهما دقيق جدا، وذلك أن الآيات جمع آية، والآية هي البينة الواضحة الدالة على المراد، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[الشعراء:190]يعني دلالة بينة واضحة على المراد منها، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾[الحجر:75]يعني لدلالات واضحات بينات على المراد منها، وهنا ننظر إلى أنه بالنسبة لمن سئل هذا السؤال، كون الليل والنهار والشمس والقمر آية أظهر منه عند هذا المسؤول أو المجيب من السموات والأرض، لما؟ لأن تلكمُ الأشياء التي وصفت بأنها آيات متغيرة متقلبة، تذهب وتجيء، أما السماء فهو يصبح ويرى السماء، ويصبح ويرى الأرض، فإِلفُه للسماء وللأرض يحجب عنه كون هذه آيات، لكن الأشياء المتغيرة التي تذهب وتجيء، هذه أظهر في كونها آية، ولهذا إبراهيم الخليل عليه السلام طلب الاستدلال بالمتغيرات، قال جل وعلا ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ(75)فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾[الأنعام:75-76]، لما؟ لأنه استدل بهذه الحركة على الحدوث، استدل بهذا التنقل على أنه آية لغيره، فلما رأى القمر بازغا -استدل بالقمر-، فلما رأى الشمس بازغة -استدل بالشمس- لأنها متغيرات، أما السماوات والأرض فهي آيات، لكنها في الواقع عند الناظر ليست مما يدل دلالة ظاهرة واضحة على المراد عند مثل المسؤول هذا السؤال، مع كونها عند ذوي الفهم وذوي الألباب العالية أنها آيات، كما وصفها الله جل وعلا في كتابه، الشمس والقمر والليل والنهار متغيرات تقبل وتذهب، فهي آيات ودلالات على الربوبية، وأن هذه الأشياء لا يمكن أن تأتي بنفسها، لكن السماء ثابتة، الأرض ثابتة ينظر إلى هذه وهذه، وتلك متغيرات والتغير يثير السؤال، لما ذهب؟ ولما جاء؟ لما أتى الليل؟ ولما أتى النهار؟ لما زاد الليل؟ ولما نقص النهار؟ وهكذا فهي في الدلالة أكثر من دلالة المخلوقات مع أن في الجميع دليلا ودلالة، لهذا قال (فإذا قيل لك بما عرفت ربك ؟ قل بآياته ومخلوقاته) فالآيات تدل على معرفة الله والعلم بالله، وكذلك المخلوقات تدل على العلم بالله والمعرفة بالله، لكن ما سمّاه آيات أخص مما سمّاه مخلوقات، وهذا جواب اعتراض قد اعترض به بعضهم على الشيخ رحمه الله تعالى، في تفريقه بين الآيات والمخلوقات. وتفريقه رعاية لحال من يُعَلَّم هذه الأصول، تفريق دقيق مناسب رحمه الله تعالى.
(الدليل قوله تعالى وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) يعني مما يدل عليه دلالة واضحة ظاهرة بينة جلية الليل والنهار والشمس والقمر، فإن المتأمل إذا تأمل الليل والنهار، وجد هذا يدخل في هذا، وذاك يدخل في ذاك، وهذا يطول وذاك يقصر، علم أن الليل من حيث كونه ليلا، والنهار من حيث كونه نهارا، أنها أشياء لا يمكن أن تأتي بنفسها، بل هي مفعول بها، ظاهر الليل ما هو؟ ذهاب الضوء. والنهار ما هو؟ مجيء الضوء. الشمس أتت بضيائها فصار نهارا، لما ذهبت الشمس أتى القمر فصار ليل، هذا لا شك يدلّ على أن هذه الأشياء مفعول بها، وإذا كانت مفعولا بها، فمن الذي فعلها؟ هذا السؤال، الجواب عليه سهل ميسور لأكثر الناظرين، بل لكل ناظر، ألا أن هذه تدل على أنها محدثة، ولابد لها من محدث، وأن محدثها هو الذي خلقها وسيرها على هذا النحو الدقيق العجيب، وهو رب العالمين، لهذا قال في الآية الأخرى آية الأعراف ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾[الأعراف:54]، يغشي الليل يجعل الليل غشاء للنهار، يطلبه؛ هذا يذهب وهذا يطلب الآخر، يجيء مرة يأخذ الليل من النهار، ويجذبه جذبا ويطلبه طلبا حاثا، ومرة النهار يأخذ ويطلب من الليل طلبا حاثا، قال يُغشي من المُغشِي والمُغشِّي؟ هو الله جل وعلا؛ ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف:54]، شرح الأصول الثلاة للشيخ صالح ال الشيخ
ــــــ
الرب هوالمعبود
قوله : (( وهو معبودي ليس لي معبود سواه ، والدليل قوله تعالى:( الحمد لله رب العالمين ([ الفاتحة : 2 [ ))
الشرح : وهو معبودي ليس لي معبود سواه : الأنسب هنا أن تكون فاء الفصيحة فهو إذاً معبودي ، إذا كان هو الذي خلقني ورباني وربى جميع العالمين بنعمه فهو معبودي ليس لي معبود سواه ، فهو وحده معبودي ، تعريف جزئي الإسناد يدل على الحصر فهو المبتدأ معرفة ، معبودي الخبر معرفة لأنه أضيف إلى ياء المتكلم فهو معبودي ، فهو وحده معبودي ، لا أعبد إلا إياه ، ولذلك فسر الجملة الثانية ، تعتبر جملة تفسيرية ليس لي معبودٌ سواه ، ومن عبد غير الرب الخالق المربي للعالمين بنعمه فقد ظلم لأنه وضع العبادة في غير موضعها ، والظلم وضع الشئ في غير موضعه ، ما الدليل على كل ذلك قوله تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ( خالق العالمين مربي العالمين .
شرح الأصول الثلاثةللشيخ / محمد أمان الجامي
الله المو فق للجميع
تعليق