السلام عليكم و رحمة الله...
عندما يبحث طالب العلم أو من هو دونه مسألة علمية و يريد أن يحققها كما يفعل أهل العلم و يخطو على خطاهم يعرف حينها مكانة العلماء و يعرف كما ضحوا من أوقاتهم و جهدهم في بحث المسائل و ما ذلك إلى لرفع الجهل عن أنفسهم ثم عن الأمة الإسلامية فكم من مسائل في الفقه, بل كما مسائل في باب الصلاة كل ما يظن الإنسان أنه قد خرج من ذلك الباب يجد أنه ما زال في نصف الطريق إن لم يكن في أوله, فرحم الله علمائنا و حفظ الأحياء منهم و أسأل الله أن ييسر لنا إكرامهم و شكرهم على ما قدموا لنا من العلم و أخص منهم بالدعاء مشايخ القرن الشيخ الألباني و الشيخ ابن باز و الشيخ العثيمين و الشيخ مقبل رحمهم الله و أسكنهم فسيح جناته, و أدعو نفسي و طلبة العلم و غيرهم أن يتأنوا إذا وجدوا رأي لأحد المشايخ غريب أن لا يتسرعوا بالإنكار فما كان هذا إلا نتيجة جهد و بحث و والله إنهم لأشد حرصاً على البحث على الحق و جمع الأقوال منا فلا يحسن أحدنا الظن بنفسه و يسيء الظن بالعلماء بل يقول اجتهدوا و لعلك يوم تعود لاجتهادهم و تدع ما اتبعته....و الآن مع بداية البحث و أعتذر عن الإطالة و لكن كلمة كانت في صدري فأحببت مشاركتكم فيها....
عندما يبحث طالب العلم أو من هو دونه مسألة علمية و يريد أن يحققها كما يفعل أهل العلم و يخطو على خطاهم يعرف حينها مكانة العلماء و يعرف كما ضحوا من أوقاتهم و جهدهم في بحث المسائل و ما ذلك إلى لرفع الجهل عن أنفسهم ثم عن الأمة الإسلامية فكم من مسائل في الفقه, بل كما مسائل في باب الصلاة كل ما يظن الإنسان أنه قد خرج من ذلك الباب يجد أنه ما زال في نصف الطريق إن لم يكن في أوله, فرحم الله علمائنا و حفظ الأحياء منهم و أسأل الله أن ييسر لنا إكرامهم و شكرهم على ما قدموا لنا من العلم و أخص منهم بالدعاء مشايخ القرن الشيخ الألباني و الشيخ ابن باز و الشيخ العثيمين و الشيخ مقبل رحمهم الله و أسكنهم فسيح جناته, و أدعو نفسي و طلبة العلم و غيرهم أن يتأنوا إذا وجدوا رأي لأحد المشايخ غريب أن لا يتسرعوا بالإنكار فما كان هذا إلا نتيجة جهد و بحث و والله إنهم لأشد حرصاً على البحث على الحق و جمع الأقوال منا فلا يحسن أحدنا الظن بنفسه و يسيء الظن بالعلماء بل يقول اجتهدوا و لعلك يوم تعود لاجتهادهم و تدع ما اتبعته....و الآن مع بداية البحث و أعتذر عن الإطالة و لكن كلمة كانت في صدري فأحببت مشاركتكم فيها....
هل يجوز لعن الكافر المعين الحي أو لا؟ ...
هذا بحث صغير نشط له بعد أن كانت لدي بعض نقولات لأهل العلم لكن لم أبحثها بحثاً جيداً و ذكرت المسألة أمامي و دار حولها كلام فأحببت أن أكتب هذا البحث إن جاز أن يسمى بحثاً لأرفع الجهل عن نفسي, و أرجو ممن عنده إضافة يلحقها أو من عنده استدراك فليضعه فإن كان حقاً قبلته أنا و من يقرأه و إن كان مرجوحاً أو باطلاً رددناه.
و الآن أبدأ بتوضيح خطة البحث:
أولاً : أذكر الأدلة الشرعية لكل طرف.
ثانياً: أناقش كل دليل و قد بدأت بمناقشة أضعفها سواء من حيث الصحة أو من حيث الإستدلال و أنقل خلال النقاش مقتطفات من كلام أهل العلم لتقوي المحتوى.
ثالثاً: الخلاصة: أذكر فيها الراجح و من قال به من أهل العلم و تذكير بأقوى الأدلة عليه.
رابعاً: أذكر الإعتراضات العقلية على الرأي الراجح و ردها بحسب ما يلهمنا الله.
أولاً: الأدلة الشرعية لك طرف:
أ- أدلة القائلين بجواز لعن المعين:
1- الحديث الذي احتج به أبوبكر بن العربي و ذكره القرطبي فقال ((روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : اللهم إن عمرو بن العاص هجاني وقد علم أني لست بشاعر فالعنه واهجه عدد ما هجاني)) و هذا الحديث ذكره القرطبي في معرض نقله كلام ابن العربي ذكر أنه ذكره بصيغة التمريض فما أدري هيا من القرطبي أو من أبوبكر بن العربي و كذلك قال الحافظ بن كثير في تفسيره : و احتج بحديث فيه ضعف.
ب- أدلة القائلين بمنع اللعن:
1- قوله تعالى ((إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)).
2- قوله تعالى ((ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون))
1- أما الحديث ((....فالعنه و اهجه عدد ما هجاني)) فلا يصح الإستدلال له حتى يعلم حاله و قد قال فيه الحافظ بن كثير رحمه الله فيه ضعف.
2- حديث ((ليس المؤمن بالطعان و اللعان و لا الفاحش و لا البذيء)) قلت هذه صيغة مبالغة في قوله صلى الله عليه و سلم ((اللعان)) فقد أصبحت صفة له فدلت على الإكثار و إنما نبحث هنا الجواز و إلا الإكثار من اللعن مكروه مطلقاً حسب علمي و على هذا يحمل رد النبي صلى الله عليه و سلم على عائشة كما يذكر الحافظ عند شرح الحديث حيث قال ((والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يتعود لسانها بالفحش أو أنكر عليها الإفراط في السب ))
3- قوله تعالى ((إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) ذكر القرطبي عن ابن العربي أن مشايخه قالوا له: ((شرط الله تعالى في هذه الآية في إطلاق اللعنة : الموافاة على الكفر)) و هذا وجه صحيح فلا يصح الإستدلال بالآية على الكافر المعين الحي و في نفس الوقت لا يصح الإستدلال بها من قبل من يمنع اللعن لأن غاية ما يستدلون به أنها فيمن مات على الكفر و لا تنفي جواز اللعن على المعين الحي.
4- قالوا قوله تعالى ((ليس لك من الأمر شيء)) فيه نسخ لجواز اللعن, لكن الذي يظهر و الله أعلم إذا نظرنا لأسباب نزول الآية نجد أنه قد ورد سببين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه و سلم كسرت رباعيته يوم أحد. وشج في رأسه. فجعل يسلت الدم عنه ويقول (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وشجوا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟) فأنزل الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء}
و هو معلق في البخاري ووصله الإمام مسلم في صحيحه من طريق ثابت ووصله غيره من طريق حميد كما ذكر هذا الحافظ في الفتح عند الحديث.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يلعن فلان و فلان في القنوت لما لقى منهم الإسلام و المسلمون فأنزل الله ((ليس لك من الأمر شيء)) كما في البخاري.
و كما ذكر الشيخ مقبل رحمه الله – في الصحيح المسند من أسباب النزول- عن الحافظ أن الجمع بين هذين السببين أن النبي صلى الله عليه و سلم بعد تلك الحادثة في غزوة أحد دعا عليهم في القنوت .
و الذي يظهر و الله أعلم أن قوله تعالى (( ليس لك من الأمر شيء)) هو إنما لقوله عليه الصلاة و السلام ((كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ...)) و أن الذي عليه صلى الله عليه و سلم إنما هو التبليغ و الهداية على الله عز و جل و بهذا فسره الطبري في تفسيره أو هذا معناه على الأصح.
و إن قلنا أن الله سبحانه و تعالى إنما قال (( ليس لك من الأمر شيء)) بسبب دعاء النبي صلى الله عليه و سلم بالعنة على من ذكرهم من المشركين في ذلك الحين قبل أن يسلموا فذلك لعلم الله أن من كان يذكرهم النبي صلى الله عليه و سلم في دعائه قد كتب لهم الإسلام بل و حسن إسلامهم بعد ذلك.
5- قنوت النبي صلى الله عليه و سلم و الذي كان فيه يلعن بعض الكفار و تعيينهم .
هذا على قولنا أن سبب نزول الآية هو قوله عليه الصلاة و السلام ((كيف يفلح قوم...)) و إنما كان القنوت نتيجة لقوله هذا عليه الصلاة و السلام أو حتى لو كان سبب النزول هو قنوته فيكون هذا لعلمه بأنهم سيدخلون الإسلام كما سبق بيانه و نبقى على الأصل و جواز اللعن لعدم علمنا بأن فلان من الكفار سيدخل الإسلام.
6- أثر عائشة رضي الله عنها بل و إقرار النبي صلى الله عليه و سلم على كلامها و إنما وجهها النبي صلى الله عليه و سلم إلى ما هو أولى في تلك الحالة فقال عليه الصلاة و السلام ((مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله)) و لم ينكر عليها أصل الفعل و هو تعيينهم باللعن و قول الحافظ رحمه الله ((إما لأنها كانت ترى جواز لعن الكافر المعين باعتبار الحالة الراهنة لا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب وإما لأنها تقدم لها علم بأن المذكورين يموتون على الكفر فأطلقت اللعن ولم تقيده بالموت)) .
قلت: كلام الحافظ الثاني أو الإحتمال الثاني مردود من وجهين قويين.
أ- أن الأولى أن نحمله على ظاهره أما أن نقول أنها تعلم أنهم يموتون على الكفر فهذا بعيد و مخالف للأصل أنها لا تعلم.
ب- أن آخر الحديث يظهر فيه العكس تماماً حيث أن النبي صلى الله عليه و سلم دلها على أن الأولى في هذه الحالة الرفق و الرفق يكون مع من يرجى إسلامهم لا مع من علم و تأكد أنه سيموت على الكفر-حسب الإحتمال الثاني- بل إضافة على ذلك يصدر منه السب و الشتم و الأذى للنبي عليه الصلاة و السلام.
كما يظهر أن الرأي الذي يترجح هو جواز لعن الكافر المعين للحاجة لما دلت عليه الأدلة مثل حديث عائشة و إقرار النبي صلى الله عليه و سلم لها و كذلك لعن النبي صلى الله عليه و سلم على أشخاص معينين من المشركين فكفى بهؤلاء سلفاً لنا و كذلك رجحه الإمام المالكي الفقيه أبوبكر بن العربي رحمه الله و هو قول طائفة من أهل العلم كما قال ابن كثير في تفسيره و إن كان الجمهور على خلاف هذا و رجحه من المتأخرين الشيخ العلامة صالح آل الشيخ كما في شرحه على الواسطية و على الحموية و أنقل كلامه بالنص إن شاء الله حيث قال في شرحه للواسطية :و الآن أبدأ بتوضيح خطة البحث:
أولاً : أذكر الأدلة الشرعية لكل طرف.
ثانياً: أناقش كل دليل و قد بدأت بمناقشة أضعفها سواء من حيث الصحة أو من حيث الإستدلال و أنقل خلال النقاش مقتطفات من كلام أهل العلم لتقوي المحتوى.
ثالثاً: الخلاصة: أذكر فيها الراجح و من قال به من أهل العلم و تذكير بأقوى الأدلة عليه.
رابعاً: أذكر الإعتراضات العقلية على الرأي الراجح و ردها بحسب ما يلهمنا الله.
أولاً: الأدلة الشرعية لك طرف:
أ- أدلة القائلين بجواز لعن المعين:
1- الحديث الذي احتج به أبوبكر بن العربي و ذكره القرطبي فقال ((روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : اللهم إن عمرو بن العاص هجاني وقد علم أني لست بشاعر فالعنه واهجه عدد ما هجاني)) و هذا الحديث ذكره القرطبي في معرض نقله كلام ابن العربي ذكر أنه ذكره بصيغة التمريض فما أدري هيا من القرطبي أو من أبوبكر بن العربي و كذلك قال الحافظ بن كثير في تفسيره : و احتج بحديث فيه ضعف.
2- قال البخاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت
: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم قالت عائشة ففهمتها فقلت وعليكم السام واللعنة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله).
فقلت يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قد قلت وعليكم).
3- دعاء النبي صلى الله عليه و سلم باللعنة على بعض الكفار و تعيينهم كما في الصحيح.
: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم قالت عائشة ففهمتها فقلت وعليكم السام واللعنة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله).
فقلت يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قد قلت وعليكم).
3- دعاء النبي صلى الله عليه و سلم باللعنة على بعض الكفار و تعيينهم كما في الصحيح.
ب- أدلة القائلين بمنع اللعن:
1- قوله تعالى ((إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)).
2- قوله تعالى ((ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون))
3- قد يستدل بعضهم بقوله صلى الله عليه و سلم ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء )).
ثانياً: مناقشة الأدلة الشرعية:
ثانياً: مناقشة الأدلة الشرعية:
1- أما الحديث ((....فالعنه و اهجه عدد ما هجاني)) فلا يصح الإستدلال له حتى يعلم حاله و قد قال فيه الحافظ بن كثير رحمه الله فيه ضعف.
2- حديث ((ليس المؤمن بالطعان و اللعان و لا الفاحش و لا البذيء)) قلت هذه صيغة مبالغة في قوله صلى الله عليه و سلم ((اللعان)) فقد أصبحت صفة له فدلت على الإكثار و إنما نبحث هنا الجواز و إلا الإكثار من اللعن مكروه مطلقاً حسب علمي و على هذا يحمل رد النبي صلى الله عليه و سلم على عائشة كما يذكر الحافظ عند شرح الحديث حيث قال ((والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يتعود لسانها بالفحش أو أنكر عليها الإفراط في السب ))
3- قوله تعالى ((إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) ذكر القرطبي عن ابن العربي أن مشايخه قالوا له: ((شرط الله تعالى في هذه الآية في إطلاق اللعنة : الموافاة على الكفر)) و هذا وجه صحيح فلا يصح الإستدلال بالآية على الكافر المعين الحي و في نفس الوقت لا يصح الإستدلال بها من قبل من يمنع اللعن لأن غاية ما يستدلون به أنها فيمن مات على الكفر و لا تنفي جواز اللعن على المعين الحي.
4- قالوا قوله تعالى ((ليس لك من الأمر شيء)) فيه نسخ لجواز اللعن, لكن الذي يظهر و الله أعلم إذا نظرنا لأسباب نزول الآية نجد أنه قد ورد سببين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه و سلم كسرت رباعيته يوم أحد. وشج في رأسه. فجعل يسلت الدم عنه ويقول (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وشجوا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟) فأنزل الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء}
و هو معلق في البخاري ووصله الإمام مسلم في صحيحه من طريق ثابت ووصله غيره من طريق حميد كما ذكر هذا الحافظ في الفتح عند الحديث.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يلعن فلان و فلان في القنوت لما لقى منهم الإسلام و المسلمون فأنزل الله ((ليس لك من الأمر شيء)) كما في البخاري.
و كما ذكر الشيخ مقبل رحمه الله – في الصحيح المسند من أسباب النزول- عن الحافظ أن الجمع بين هذين السببين أن النبي صلى الله عليه و سلم بعد تلك الحادثة في غزوة أحد دعا عليهم في القنوت .
و الذي يظهر و الله أعلم أن قوله تعالى (( ليس لك من الأمر شيء)) هو إنما لقوله عليه الصلاة و السلام ((كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ...)) و أن الذي عليه صلى الله عليه و سلم إنما هو التبليغ و الهداية على الله عز و جل و بهذا فسره الطبري في تفسيره أو هذا معناه على الأصح.
و إن قلنا أن الله سبحانه و تعالى إنما قال (( ليس لك من الأمر شيء)) بسبب دعاء النبي صلى الله عليه و سلم بالعنة على من ذكرهم من المشركين في ذلك الحين قبل أن يسلموا فذلك لعلم الله أن من كان يذكرهم النبي صلى الله عليه و سلم في دعائه قد كتب لهم الإسلام بل و حسن إسلامهم بعد ذلك.
5- قنوت النبي صلى الله عليه و سلم و الذي كان فيه يلعن بعض الكفار و تعيينهم .
هذا على قولنا أن سبب نزول الآية هو قوله عليه الصلاة و السلام ((كيف يفلح قوم...)) و إنما كان القنوت نتيجة لقوله هذا عليه الصلاة و السلام أو حتى لو كان سبب النزول هو قنوته فيكون هذا لعلمه بأنهم سيدخلون الإسلام كما سبق بيانه و نبقى على الأصل و جواز اللعن لعدم علمنا بأن فلان من الكفار سيدخل الإسلام.
6- أثر عائشة رضي الله عنها بل و إقرار النبي صلى الله عليه و سلم على كلامها و إنما وجهها النبي صلى الله عليه و سلم إلى ما هو أولى في تلك الحالة فقال عليه الصلاة و السلام ((مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله)) و لم ينكر عليها أصل الفعل و هو تعيينهم باللعن و قول الحافظ رحمه الله ((إما لأنها كانت ترى جواز لعن الكافر المعين باعتبار الحالة الراهنة لا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب وإما لأنها تقدم لها علم بأن المذكورين يموتون على الكفر فأطلقت اللعن ولم تقيده بالموت)) .
قلت: كلام الحافظ الثاني أو الإحتمال الثاني مردود من وجهين قويين.
أ- أن الأولى أن نحمله على ظاهره أما أن نقول أنها تعلم أنهم يموتون على الكفر فهذا بعيد و مخالف للأصل أنها لا تعلم.
ب- أن آخر الحديث يظهر فيه العكس تماماً حيث أن النبي صلى الله عليه و سلم دلها على أن الأولى في هذه الحالة الرفق و الرفق يكون مع من يرجى إسلامهم لا مع من علم و تأكد أنه سيموت على الكفر-حسب الإحتمال الثاني- بل إضافة على ذلك يصدر منه السب و الشتم و الأذى للنبي عليه الصلاة و السلام.
ثالثاً: الرأي الراجح و من قال به من أهل العلم و تذكير بأقوى الأدلة:
((هل يصح لعن الكافر المعين ؟ وهل ورد ذلك عن السلف الصالح ؟
لعن الكافر المعين من جهة الجواز جائز ، الكافر المعين بعينه جائز ، والأفضل تركه هذا هو التحقيق في هذه المسألة والعلماء لهم كلام طويل في لعن المعين ،.....)) إلى أن قال (( والكافر كذلك فيه خلاف ، والخلاف أيضا جاري بين أهل السنة هل يلعن الكافر المعين أم يترك لعنه ؟
لكن ترك لعنه لا لأجل عدم استحقاقه ولكن لأجل تنزيه اللسان عن اللعن ، وإلا فإن الكافر يستحق اللعن ولكن تنزيه اللسان عن اللعن لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما لعن كفرة بأعيانهم هذا لما حصل لهم من إيذائهم للمسلمين وقتلهم ما حصل كما هو معروف أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن أقواما ثم عند كثير من أهل العلم أن هذا منسوخ نسخه قول الله عز وجل ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَالأَمْرِشَيْءٌأَوْيَتُوبَعَلَيْهِمْأَوْيُعَذَّبَهُمْفَإِنَّهُمْظَالِمُونَ﴾ فاللعن للكافر من حيث الجواز جائز لكن المسلم ليس بلعان ولا طعان وليس بفاحش ولا بذيء .))
و قال في شرح الحموية:
((هذا وعيد (فعليه لعنة الله) لعنة لغير معين، أما لعن المعين فلا يجوز؛ لأن «لعن المؤمن كقتله».
ولعن الكافر فيه قولان لأهل العلم، أصحهما أنه لا يلعن إلا لحاجة)).
تنبيه: الشيخ صالح حفظه الله هو الوحيد الذي أعرف أنه نصر هذا الرأي من المتأخرين فكل من تيسر لي القراءة لهم يرجحون المنع مثل الشيخ الفوزان و الشيخ العثيمين و الشيخ يحي الحجوري و غيرهم من العلماء و المشايخ و طلبة العلم مما كان يجعلني أتبعهم في هذا حتى ظهرت لي الأدلة فحينها لم يجز لي متابعتهم و مخالفة ما أظن أن النبي صلى الله عليه و سلم فعله و لم ينسخ و أقره و فعلته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
رابعاً: ذكر الإعتراضات العقلية و ردها بما ييسر الله:
إنما ذكرت هذا القسم بعد ذكر الراجح لأني صراحةً أرى أنه هذه الإعتراضات العقلية يجب أن تنحى أمام الأدلة مما سبق و لا تعارض تلك الأدلة بالعقل, و لكن حتى لا يذهب بعضكم بعيداً فأنا لا أعني أن من ذكر هذا الإعتراضات أنه قصد بها معارضة الأدلة لكن كان هذا ضمن اجتهادهم للوصول إلى الحق و تأييد ما ترجح عندهم بعد ما بينوا ضعف استدلال الطرف الآخر و لم يوردوها دون ردهم على من استدل بخلاف رأيهم فكانت هذه كما قلت تدعيماً و تقويةً لما ترجح عندهم و الله المستعان:
الأدلة العقلية:
1- من الاعتراضات العقلية قول كثير من أهل العلم ((كيف نلعنهم و نحن لا نعلم بما يختم له بالإسلام أو بالكفر)).
2- ذكر الآلوسي في تفسيره القيم ((وأما لعن كافر معين حي فالمشهور أنه حرام ومقتضى كلام حجة الإسلام الغزالي أنه كفر لما فيه من سؤال تثبيته على الكفر الذي هو سبب اللعنة وسؤال ذلك كفر ونص الزركشي على ارتضائه حيث قال عقبه : فتفطن لهذه المسألة فإنها غريبة وحكمها متجه وقد زل فيه جماعة وقال العلامة ابن حجر في ذلك : ينبغي أن يقال إن أراد بلعنه الدعاء عليه بتشديد الأمر أو أطاق لم يكفر وإن أراد سؤال بقائه على الكفر أو الرضا ببقائه عليه كفر : ثم قال : فتدبر ذلك حق التدبر فإنه تفصيل متجه قضت به كلماتهم))..
الرد عليها
1- فأما رد الاعتراض الأول: إذا تغاضينا مؤقتاً عن الأدلة أعلاه فأقول:
إنما اللعن يكون باعتبار الحالة الراهنة و هم بلا شك و هم كفار في حالتهم هذه مستحقون العن و إنما يتغير الحال إن أسلموا و هذا ما ذكره الحافظ حيث قال كما ذكرت سابقاً في معرض كلامه حول حديث عائشة ((إما لأنها كانت ترى جواز لعن الكافر المعين باعتبار الحالة الراهنة لا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب))ا.هـ كلامه.
2- أما كلام الآلوسي بأنه لعن الكافر المعين الحي كفر فهذا مردود بلا شك و لا كرامة لهذا القول بهذا الإطلاق و قد أخطأ من استحسنه كيف و قد لعن النبي صلى الله عليه و سلم بعض الكفار بعينهم, بل حتى لو قلنا بنسخ هذا الحكم فإنه بهذا يقرر أن النبي صلى الله عليه و سلم قد يقع منه الكفر و لو خطأً و حاشاه عليه الصلاة و السلام بل الإجماع منعقد على أن الأنبياء مبرؤون من الكبائر حاشاهم الكفر.
أما إن قلنا بتفصيل و تقييد الحافظ ابن حجر رحمه الله فلا إشكال فيه حيث قيده ((وإن أراد سؤال بقائه على الكفر أو الرضا ببقائه عليه كفر))ا.هــ أما الحالة الثانية فأدلتها واضحة فالرضى بالكفر كفر مخرج من الملة بالاتفاق أما الحالة الأولى ((وإن أراد سؤال بقائه على الكفر)) فصراحة أنا الآن لم أستطع تخيل المسألة أو أتذكر كلام أهل العلم فيها و لعلها معروفة لكن ذهل القلب و قلة العلم فما أدري لعل أحد الأخوة يعينني و يعين من هو مثلي .
و بهذا يتم البحث الصغير الذي أسأل الله أن يكون خالصاً لوجهه الكريم و أن ينفعني به و ينفع من يقرأه من المسلمين فما كان في من حق فمن الله و ما كان فيه من خطأ و نقص فمني و من الشيطان و الحمدلله رب العالمين..
كتبه: أبوصهيب عاصم بن علي الأغبري...1- من الاعتراضات العقلية قول كثير من أهل العلم ((كيف نلعنهم و نحن لا نعلم بما يختم له بالإسلام أو بالكفر)).
2- ذكر الآلوسي في تفسيره القيم ((وأما لعن كافر معين حي فالمشهور أنه حرام ومقتضى كلام حجة الإسلام الغزالي أنه كفر لما فيه من سؤال تثبيته على الكفر الذي هو سبب اللعنة وسؤال ذلك كفر ونص الزركشي على ارتضائه حيث قال عقبه : فتفطن لهذه المسألة فإنها غريبة وحكمها متجه وقد زل فيه جماعة وقال العلامة ابن حجر في ذلك : ينبغي أن يقال إن أراد بلعنه الدعاء عليه بتشديد الأمر أو أطاق لم يكفر وإن أراد سؤال بقائه على الكفر أو الرضا ببقائه عليه كفر : ثم قال : فتدبر ذلك حق التدبر فإنه تفصيل متجه قضت به كلماتهم))..
الرد عليها
1- فأما رد الاعتراض الأول: إذا تغاضينا مؤقتاً عن الأدلة أعلاه فأقول:
إنما اللعن يكون باعتبار الحالة الراهنة و هم بلا شك و هم كفار في حالتهم هذه مستحقون العن و إنما يتغير الحال إن أسلموا و هذا ما ذكره الحافظ حيث قال كما ذكرت سابقاً في معرض كلامه حول حديث عائشة ((إما لأنها كانت ترى جواز لعن الكافر المعين باعتبار الحالة الراهنة لا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب))ا.هـ كلامه.
2- أما كلام الآلوسي بأنه لعن الكافر المعين الحي كفر فهذا مردود بلا شك و لا كرامة لهذا القول بهذا الإطلاق و قد أخطأ من استحسنه كيف و قد لعن النبي صلى الله عليه و سلم بعض الكفار بعينهم, بل حتى لو قلنا بنسخ هذا الحكم فإنه بهذا يقرر أن النبي صلى الله عليه و سلم قد يقع منه الكفر و لو خطأً و حاشاه عليه الصلاة و السلام بل الإجماع منعقد على أن الأنبياء مبرؤون من الكبائر حاشاهم الكفر.
أما إن قلنا بتفصيل و تقييد الحافظ ابن حجر رحمه الله فلا إشكال فيه حيث قيده ((وإن أراد سؤال بقائه على الكفر أو الرضا ببقائه عليه كفر))ا.هــ أما الحالة الثانية فأدلتها واضحة فالرضى بالكفر كفر مخرج من الملة بالاتفاق أما الحالة الأولى ((وإن أراد سؤال بقائه على الكفر)) فصراحة أنا الآن لم أستطع تخيل المسألة أو أتذكر كلام أهل العلم فيها و لعلها معروفة لكن ذهل القلب و قلة العلم فما أدري لعل أحد الأخوة يعينني و يعين من هو مثلي .
و بهذا يتم البحث الصغير الذي أسأل الله أن يكون خالصاً لوجهه الكريم و أن ينفعني به و ينفع من يقرأه من المسلمين فما كان في من حق فمن الله و ما كان فيه من خطأ و نقص فمني و من الشيطان و الحمدلله رب العالمين..
تعليق