بـــسم الله الرّحمن الرّحــيم
ردّ العلّامة محمّد تقيّ الدّين الهلاليّ ـ رحمه اللّه ـ على مَن يزعم أنّ الأرض مسطّحة وليست كروية [يرفع على الشّبكة لأوّل مرة]
الحمد للّه وكفى وصلّى اللّه وسلّم على عبده ونبيّه المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى، أمّا بعد:
فهذه فائدة طيّبة ذكرها الشيخ العلّامة محمّد تقيّ الدّين الهلالي المغربي ـ رحمه الله ـ في مجلة «لسان الدّين» التي كان يشرف عليها ـ رحمه الله ـ بنفسه، نشرَتها ـ مصوّرة ـ صفحةٌ على تويتر باسم "د.محمد تقي الدين الهلالي"، فسارعتُ إلى نسخها ونشرها حتى تضاف إلى فتاوى كبار أهل العلم في هذه المسألة، وأُراها ـ فيما أعلم ـ تُرفع لأوّل مرّة على الشبكة منسوخة مصورة، فقد كانت حبيسة المجلة، فجزى الله خيرا من قام بتصويرها ونشرها بين النّاس لبيان عقيدة المسلمين في كروية الأرض، هذا واللّه من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
قال ـ رحمه الله ـ وأدخله فسيح جناته في «لسان الدين» (ص17-18-19):
مدّرس يقول:
الأرض ليست كــرة، بل هي سطح كـــسطح المسجد
للدّكــتور تقيّ الدّين الهلاليّ
هذا ما قرّره أستاذٌ يدرّس في مدرسةٍ عاليّةٍ يتخرّج فيها أساتذة الغد. ولا يجوز لك أن تنتقده أو تنشد فيه قول الشاعر:
تصـدّر للتدريس كل مُهوّسٍ ** بليد يسمّى بالفقيه المدرّس
فحقّ لأهل العلم أن يتمثّلوا ** ببيت قديم شاع في كلّ مجلس
لقد هزُلت حتى بدا من هُـزالها ** كُلاها وحتى سامها كلّ مفلس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولِمَ لا يجوز أن يُنتقد؟ لأنه مدرّس وكفى، نعم يقع هذا كلّه في مدارس بغداد العاليّة، أي في إحداها وكيف حالُ الطلبةِ الذين يتغرّبون ويُفارقون أهاليهم وأوطانِهم وعشيرتِهم، ويُكابِدون عناء السكنى في المدرسة وخشونة عيشها، ومع ذلك يكون نصيبهم من العلم ومكافاتهم على تغرّبهم أن يأتيهم شيخ يقرّر لهم أنّ الأرض ليست كرة. ومن قال هي كرة فهو جاهل وكافر لأنّ الله تعالى بقول {إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ومعنى {سُطِحَتْ} عند هذا المدرّس أنّها صارت كسطح المسجد أو كالسجادة.
ولعمري إنّها جناية متنوعة: جناية على القرآن وكذبٌ عليه، وجناية على العلم، وجناية على المدرسة، وجناية على الطلبة، وجناية على الأمة.
وقد قرّر علماء الإسلام منهم الغزالي وابن حزم والشيرازي وابن تيميّة وابن القيم أنّ الأرض كرة، وقال بعضهم: أنّ من نسب إلى القرآن أنّه نفى كون الأرض كرة فقد جنى على الإسلام أعظم جناية وصدّ النّاس عنه، لأن علماء الفلك من المسلمين وغيرهم قد تحقّقوا أنها كرة. فإذا سمع أهل الملل الأخرى أنّ القرآن يقول: أنّ الأرض ليست كرة يفطرون إلى تكذيبه ويكون الإثم على الفقيه الجاهل الذي يخوض فيما لا يعنيه بل يعنيه ـ بضم الياء ـ ويقفو ما ليس له به علم ويُضل النّـاس.
وكونها مسطوحة لا ينافي كونها كرة؛ إذ معنى سطحها أنّ الله جعلها مهادا وفراشا وقرارا وبساطا أي صالحة للسكنى.
والقرآن الكريم قد اشتمل على علوم كثيرة منها علم الفلك، فلا يجوز للجاهل أن يفسّره برأيه، فقد ذكر اللّه سبحانه وتعالى إيلاج اللّيل في النّهار، وإيلاج النّهار في اللّيل، وتكوير كلّ منهما على الآخر، وأنّ النّهار يُسلخ من الليل.
ولا يمكن فهم شيء من ذلك إلا بمعرفة أنّ الأرض كرة، إذْ لو لم تكن كرة لما اختلفت الأقطار، فكان في أحدهما ليل وفي غيره نهار في وقت واحد.
واختلاف البلدان في اللّيل والنّهار معلوم حتى في القطر الواحد، فإنّ غروبَ الشمسِ وشروقِها لا يكون في بلدان القطر كلّها في وقت واحد.
وقد بلغتْ هذه الحقيقة اليوم من الظّهور إلى أن صارت من البدهيات التي لا يجهلها أحد بسبب التلفون والتلغراف أولا؛ ثم جاء الراديو فصرنا نسمع قوما نعرفهم ويعرفوننا يُذيعون ويُعلنون أنّهم في النّهار ونحن في اللّيل. وفي بعض الإذاعات نسمع المذيع يخبرنا أن الوقت عندهم صباحٌ ويكون عندنا أوّل الليل.
وإنّ من المخجل أن تحتاج مثل هذه الحقيقة إلى بيان.
وكيف يصحّ في الأذهان شيء * إذا احتاج النّهار إلى دليل
ثم إنّ هذا الشيخ يرى الشمس والقمر والنجوم تطلع وتغيب في نصف دائرة أينما كان من الأرض، ولو كانت الأرض كالسجادة لظهرت الشمس في كبد السماء، وبقيت عاليّة كما هي ولم تشكّل قوسا ولا كان ليل ولا نهار.
بل كان يكون النهار أبدا أو الليل سرمدا. لأنّ الشّمس لا يحجبها عنا الأجانب من الأرض فيقع علينا ظل ذلك الجانب، وهو الذي نسميه ليلا فإذا بدت الشّمس من الجانب الآخر نسخت ذلك الظل وجاء ما نسميه نهارا.
إنّ أمثال هؤلاء الجّهال وبالٌ على الدّين والعقل والعلم، وبسببهم وصل الإسلام إلى هذه الغربة العظيمة.
ومن المعلوم أنّ الطالب الذي أتم التعليم الثانوي ودخل في التعليم العالي، قد حصّل نصيبا من العلوم الكونية وصارت عنده كرويّة الأرض من الضّروريّات، فتكليفُه أنْ يعتقد خلاف ذلك، من التّكليف بما لا يُطاق، ورجوعٌ به من العلم إلى الجهل.
فمثل هؤلاء إن صلحوا للقصص ووعظ العجائز فإنّهم لا يَصلحون للتّدريس أبدا؛ لأن التّدريس يحتاج إلى علم بما يدرّسه المدرّس، ثم يحتاج إلى معرفة بصناعة التّعليم، فليس كلّ من علم شيئا يحسن أن يعلمه.
ولعلّنا نبسط هذا المعنى في كلمة أخرى.
[انظر صورة الفائدة ـ من الكتاب ـ في المرفقات]
نقله أخوكم: أبو عائشة محمّد قدّور عوّاد
ردّ العلّامة محمّد تقيّ الدّين الهلاليّ ـ رحمه اللّه ـ على مَن يزعم أنّ الأرض مسطّحة وليست كروية [يرفع على الشّبكة لأوّل مرة]
الحمد للّه وكفى وصلّى اللّه وسلّم على عبده ونبيّه المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى، أمّا بعد:
فهذه فائدة طيّبة ذكرها الشيخ العلّامة محمّد تقيّ الدّين الهلالي المغربي ـ رحمه الله ـ في مجلة «لسان الدّين» التي كان يشرف عليها ـ رحمه الله ـ بنفسه، نشرَتها ـ مصوّرة ـ صفحةٌ على تويتر باسم "د.محمد تقي الدين الهلالي"، فسارعتُ إلى نسخها ونشرها حتى تضاف إلى فتاوى كبار أهل العلم في هذه المسألة، وأُراها ـ فيما أعلم ـ تُرفع لأوّل مرّة على الشبكة منسوخة مصورة، فقد كانت حبيسة المجلة، فجزى الله خيرا من قام بتصويرها ونشرها بين النّاس لبيان عقيدة المسلمين في كروية الأرض، هذا واللّه من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
قال ـ رحمه الله ـ وأدخله فسيح جناته في «لسان الدين» (ص17-18-19):
مدّرس يقول:
الأرض ليست كــرة، بل هي سطح كـــسطح المسجد
للدّكــتور تقيّ الدّين الهلاليّ
هذا ما قرّره أستاذٌ يدرّس في مدرسةٍ عاليّةٍ يتخرّج فيها أساتذة الغد. ولا يجوز لك أن تنتقده أو تنشد فيه قول الشاعر:
تصـدّر للتدريس كل مُهوّسٍ ** بليد يسمّى بالفقيه المدرّس
فحقّ لأهل العلم أن يتمثّلوا ** ببيت قديم شاع في كلّ مجلس
لقد هزُلت حتى بدا من هُـزالها ** كُلاها وحتى سامها كلّ مفلس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولِمَ لا يجوز أن يُنتقد؟ لأنه مدرّس وكفى، نعم يقع هذا كلّه في مدارس بغداد العاليّة، أي في إحداها وكيف حالُ الطلبةِ الذين يتغرّبون ويُفارقون أهاليهم وأوطانِهم وعشيرتِهم، ويُكابِدون عناء السكنى في المدرسة وخشونة عيشها، ومع ذلك يكون نصيبهم من العلم ومكافاتهم على تغرّبهم أن يأتيهم شيخ يقرّر لهم أنّ الأرض ليست كرة. ومن قال هي كرة فهو جاهل وكافر لأنّ الله تعالى بقول {إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ومعنى {سُطِحَتْ} عند هذا المدرّس أنّها صارت كسطح المسجد أو كالسجادة.
ولعمري إنّها جناية متنوعة: جناية على القرآن وكذبٌ عليه، وجناية على العلم، وجناية على المدرسة، وجناية على الطلبة، وجناية على الأمة.
وقد قرّر علماء الإسلام منهم الغزالي وابن حزم والشيرازي وابن تيميّة وابن القيم أنّ الأرض كرة، وقال بعضهم: أنّ من نسب إلى القرآن أنّه نفى كون الأرض كرة فقد جنى على الإسلام أعظم جناية وصدّ النّاس عنه، لأن علماء الفلك من المسلمين وغيرهم قد تحقّقوا أنها كرة. فإذا سمع أهل الملل الأخرى أنّ القرآن يقول: أنّ الأرض ليست كرة يفطرون إلى تكذيبه ويكون الإثم على الفقيه الجاهل الذي يخوض فيما لا يعنيه بل يعنيه ـ بضم الياء ـ ويقفو ما ليس له به علم ويُضل النّـاس.
وكونها مسطوحة لا ينافي كونها كرة؛ إذ معنى سطحها أنّ الله جعلها مهادا وفراشا وقرارا وبساطا أي صالحة للسكنى.
والقرآن الكريم قد اشتمل على علوم كثيرة منها علم الفلك، فلا يجوز للجاهل أن يفسّره برأيه، فقد ذكر اللّه سبحانه وتعالى إيلاج اللّيل في النّهار، وإيلاج النّهار في اللّيل، وتكوير كلّ منهما على الآخر، وأنّ النّهار يُسلخ من الليل.
ولا يمكن فهم شيء من ذلك إلا بمعرفة أنّ الأرض كرة، إذْ لو لم تكن كرة لما اختلفت الأقطار، فكان في أحدهما ليل وفي غيره نهار في وقت واحد.
واختلاف البلدان في اللّيل والنّهار معلوم حتى في القطر الواحد، فإنّ غروبَ الشمسِ وشروقِها لا يكون في بلدان القطر كلّها في وقت واحد.
وقد بلغتْ هذه الحقيقة اليوم من الظّهور إلى أن صارت من البدهيات التي لا يجهلها أحد بسبب التلفون والتلغراف أولا؛ ثم جاء الراديو فصرنا نسمع قوما نعرفهم ويعرفوننا يُذيعون ويُعلنون أنّهم في النّهار ونحن في اللّيل. وفي بعض الإذاعات نسمع المذيع يخبرنا أن الوقت عندهم صباحٌ ويكون عندنا أوّل الليل.
وإنّ من المخجل أن تحتاج مثل هذه الحقيقة إلى بيان.
وكيف يصحّ في الأذهان شيء * إذا احتاج النّهار إلى دليل
ثم إنّ هذا الشيخ يرى الشمس والقمر والنجوم تطلع وتغيب في نصف دائرة أينما كان من الأرض، ولو كانت الأرض كالسجادة لظهرت الشمس في كبد السماء، وبقيت عاليّة كما هي ولم تشكّل قوسا ولا كان ليل ولا نهار.
بل كان يكون النهار أبدا أو الليل سرمدا. لأنّ الشّمس لا يحجبها عنا الأجانب من الأرض فيقع علينا ظل ذلك الجانب، وهو الذي نسميه ليلا فإذا بدت الشّمس من الجانب الآخر نسخت ذلك الظل وجاء ما نسميه نهارا.
إنّ أمثال هؤلاء الجّهال وبالٌ على الدّين والعقل والعلم، وبسببهم وصل الإسلام إلى هذه الغربة العظيمة.
ومن المعلوم أنّ الطالب الذي أتم التعليم الثانوي ودخل في التعليم العالي، قد حصّل نصيبا من العلوم الكونية وصارت عنده كرويّة الأرض من الضّروريّات، فتكليفُه أنْ يعتقد خلاف ذلك، من التّكليف بما لا يُطاق، ورجوعٌ به من العلم إلى الجهل.
فمثل هؤلاء إن صلحوا للقصص ووعظ العجائز فإنّهم لا يَصلحون للتّدريس أبدا؛ لأن التّدريس يحتاج إلى علم بما يدرّسه المدرّس، ثم يحتاج إلى معرفة بصناعة التّعليم، فليس كلّ من علم شيئا يحسن أن يعلمه.
ولعلّنا نبسط هذا المعنى في كلمة أخرى.
[انظر صورة الفائدة ـ من الكتاب ـ في المرفقات]
نقله أخوكم: أبو عائشة محمّد قدّور عوّاد