تنبيه الوسنان أن اسم الله أعظم اسماء الله الحسان عند جماعة من أهل العلم فضلا على أن يكون اسما من اسمائه عز وجل
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فلفظ الجلالة (الله): علم على الذات، وهو اسم الله الأعظم عند الجمهور كما ذكره البعض.
وفي هذا البحث أن ما وقفت عليه من أقوال أهل العلم والفضل ممن وقفت في هذا الباب.
قال السيوطي في ((الدر المنثور)) (14/397): ((أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: اسم الله الأعظم هو: الله)).
هذا ذكره السيوطي بلا سند.
وجاء عن جابر بن زيد رحمه الله، أخرجه الدارمي رحمه الله في كتابه ((نقض على المريسي)) (ص 169) وغيره.
قال الدارمي رحمه الله في نقض على المريسي (ص 169): ((حدثنا هدبة بن خالد أخبرنا أبو هلال الراسبي عن حيان الأعرج عن جابر ابن زيد قال: اسـم الله الأعظم هو ((الله)). ألم تروا أنه يبدأ به [في القرآن] قبل الأسماء، ورواية (الأشياء) كلها)) اهـ.
أخرجه ابن الضريس في ((فضائل القرآن)) رقم (150) والزيادة له وبنفس هذا السند، ومن طريقه مع الزيادة عبد الغني المقدسي في ((الترغيب في الدعاء)) رقم (55)، ومن طريق عبد الغني ورواية (الأشياء) الضياء المقدسي في ((العدة للكروب والشدة)) رقم (47)، وأخرجه بلفظ الدارمي الخطيب البغدادي في ((الموضح لأوهام الجمع والتفريق)) رقم (150) غير أنه جاء زيادة في السند عن حيان الأعرج وصالح الدهان.
ومن طريق أبي هلال الراسبي أخرجه مختصَرًا ابن أبي شيبة رحمه الله في ((المصنف)) (2/173) قال: حدثنا وكيع عن أبي هلال عن حيان [1] الأعرج عن جابر بن زيد قال: اسم الله الأعظم ((الله)).
كذلك أخرجه ابن أبي حاتم رحمه الله في ((تفسيره)) رقم (10883) قال: ((ثَنَا عِصَامُ ابْنُ رَوَّادٍ، ثنا آدَمُ، ثنا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبيُّ، ثنا حَيَّانُ الأعَرْجُ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَوْلُهُ: {بِسْمِ اللَّهِ} [هود: 41] قَالَ: اسْمُ اللَّهِ الأعظم هُوَ ((اللَّهِ))، أَلا تَرَى أَنَّهُ فِي جَمِيعِ القرآن يَبْدَأُ قَبْلَ كُلِّ اسْمٍ)).
ذكر هذا الأثر السيوطي غير أنه جاء في المطبوع جابر بن عبد الله بن زيد.
قال صاحب كتاب ((الإتحافات)) (ص 96): ((ذكر السيوطي من طريق عند ابن أبي حاتم في ((التفسير)) فيها رجل مُبهم، عن جابر بن عبد الله بن زيد هكذا (ولعل فيه تصحيفًا)) اهـ.
هذا الأثر جاء من رواية أبي هلال الراسبي وهو: محمد بن سليم البصري، صدوق فيه لين، كما في ((تقريب التهذيب))، ولعله يصل إلى درجة الحسن وخاصة أنه جاء من طريقين آخرين.
الطريق الأول: في ((التاريخ الكبير)) رقم (65 للإمام البخاري رحمه الله قال: محمد بن فكهة سمع حيان الأعرج أو عبد الملك الأشج عن جابر بن زيد قال: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب [كذا].
فيه محمد بن فكهة، ذكره البخاري في ((التاريخ الكبير)) وابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً.
الطريق الثاني: عند ابن جرير الطبري رحمه الله في ((تفسيره)) (22/555) قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، قال: ثني رجل، عن جابر بن زيد، قال: إن اسم الله الأعظم هو الله، ألم تَسْمَعْ يقولُ: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبارئ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الحشر: 22-24].
وهذا الأثر مداره على ابن علية وهو: إسماعيل بن إبراهيم، أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) رقم (2569) وإسناده ضعيف، لأن فيه رجلًا مبهمًا، وجاء بيانه عند ابن البناء في ((فضل التهليل وثوابه الجزيل)) رقم (12) وهو: الحسن؛ وفي هذا الإسناد موسي بن سهل بن كثير الوشاء ضعيف كما في ((تقريب التهذيب))، والله أعلم.
ورُوِيَ بإسناد فيه ضعف عن الشعبي، أخرجه الدارمي في ((النقض على المريسي)) (ص 16 قال: ((حدثناه موسى ابن إسماعيل ثنا أبو يوسف عن مجالد عن الشعبي قال: اسم الله الأعظم هو: الله)) اهـ.
قال محقق ((النقض على المريسي)) حاشية (ص 168-169): ((هذا الأثر موقوف على الشعبي وفي إسناده مجالد بن سعيد، روى عن الشعبي إلا أنه ليس بالقوي، وقد تغير آخر عمره.
ثم قال:
ولم أجده عن الشعبي فيما بين يدي من المصادر)) اهـ.
الأثر موجود، رواه عن الشعبي أيضًا بسند آخر ابن أبي الدنيا في كتاب ((الدعاء))، نقلا من ((الدر المنظم)) للسيوطي رحمه الله كما في ((الحاوي للفتاوى)) (1/395)، ومن طريقه التيمي الأصبهاني في ((الترغيب والترهيب)) رقم (1326)، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل عن سفيان بن عيينة عن مسعر قال: قال الشعبي: اسم الله الأعظم هو: الله.
هذا الأثر إسناده منقطع لأن مداره على مسعر، وهـو: ابن كدام لم يسمع من الشعبي، وجاء مصرحًا به عند ابن أبي شيبة في ((المصنف)) رقم (2935 قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عمن سمع الشعبي يقول: اسم الله الأعظم، ثم قرأ، أو قرأت عليه: {هُوَ اللهُ الخَالِقُ}[الحشر: 24] إلى آخرها، وإذا دعا الرجل فليكثر.
وبها يبقي هذا الأثر على ضعفه، والله أعلم.
وهو اختيار ابن المبارك رحمه الله.
قال كما في الدعاء المأثور وآدابه للطرطوشي (ص 51): (اسم الله الأعظم هو: الله، لأنه يضاف إليه جميع الأسماء) اهـ.
وجاء في كشف الظنون (2 / 1694-1695) ((ذكر بعض المصنفين أن أبا جعفر الطحاوي قال في كتابه المسمى بالمشكاة أن الاسم الأعظم هو الله)) اهـ.
قال الطحاوي رحمه الله في مشكل الآثار (1/161): ((فهذه الآثار قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم متفقة في اسم الله الأعظم أنه الله - عز وجل -.
وقد روي عن أبي حنيفة في هذا شيء نحن ذاكروه في هذا الباب)) اهـ.
ثم ساق قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله؛ وقال في مشكل الآثار (1/162): ((هو ما أجاز لنا محمد بن أحمد ابن العباس الرازي وأعلمنا أنه سمعه من موسى بن نصر الرازي وأن موسى بن نصر، حدثنا به عن هشام بن عبيد الله الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة قال: اسم الله - جل وعز - الأكبر هو (الله)) اهـ.
ونقل أنه مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله يوسف بن موسى الحنفي في كتابه ((المعتصر من المختصر من مشكل الآثار)) (2/24 قال: ((فهذه الآثار توافقت على أن اسم الله الأعظم هو الله وهو مذهب أبي حنيفة)) اهـ.
ممن قال إن ((الله)) الاسم الأعظم، الحافظ ابن منده رحمه الله في كتابه ((التوحيد)) (2/21) تحت عنوان (ذكر معرفة اسم الله الأكبر الذي تسمى به وشرفه على الأذكار كلها).
قال في كتاب التوحيد (2/21): ((فقال - عز وجل -: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45] وقال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ} [محمد: 19] وقال: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] وقال: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: 41] فاسمه الله معرفة ذاته، منع - عز وجل - خلقه أن يتسمى به أحد من خلقه، أو يدعى باسمه إله من دونه، جعله أول الإيمان وعمود الإسلام وكلمة الحق والإخلاص، ومخالفة الأضداد، والإشراك فيه، ويحتجز القاتل من القتل، وبه يفتتح الفرائض وتنعقد الأيمان ويستعاذ من الشيطان وباسمه يفتتح ويختم الأشياء تبارك اسـمه ولا إله غيره)) اهـ.
وقال العلامة علي الفقيهي حفظه الله في تعليق له على كلام لابن منده في كتاب التوحيد حاشية (2/24): ((حيث إن هذا الاسم دال على إلهيته سبحانه وتعالى المتضمنة لثبوت صفات الإلهية مع نفي أضدادها كما قال المصنف، فإنه قد تبعه بتسعة فصول وهي تشمل أمرين.
الأمر الأول: شرح لما جاء في ديباجة هذا الفصل حيث اشتمل على عدة معان تضمنها هذه الفصول، ثم لتأكيد أن الاسم الأكبر هو ((الله)).
الأمر الثاني: تأكـيد وبيان لمعنى توحيد الألوهية الذي تضمنه هذا الاسم الأعظم(الله)) اهـ.
وجاء في تعليق العلامة الفقيهي على كتاب التوحيد لابن منده حاشية (2/24) ((قال الزجاج في شرح الأسماء الحسنى: نقلا عن غيره: إن اسم الله الأعظم قولنا (الله) وإنه من جملة الأسماء الحسنى.
قال: واحتج من يقول: إن اسم الله الأعظم إما (الله) وإما (الرحمن) بقوله - عز وجل -: {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} [الإسراء: 110])) اهـ.
وقال الخطابي رحمه الله في شأن الدعاء (25): ((في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((إن لله تسعة وتسعين اسما)) دليل على أن أشهر الأسماء، وأعلاها في الذكر - الله- ولذلك أضيفت سائر الأسماء إليه. وقد جاء في بعض الروايات: ان اسم الله الأعظم ((الله)) اهـ.
وقال الحليمي رحمه الله: ((فِي مَعْنَى (اللهِ): إِنَّهُ الإِلَهُ، وَهَذَا أَكْبَرُ الأسماء وَأَجْمَعُهَا لِلْمَعَانِي)) اهـ.
وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله في المقصد الأسنى (60): ((اعلم أن هذا الاسم أعظم الأسماء التسعة والتسعين؛ لأنه دال على الذات الجامعة لصفات الإلهية كلها حتى لا يشذ منها شيء.
وسائر الأسماء لا تدل آحادها إلا على آحاد المعاني .. من علم أو قدرة أو فعل أو غيره.
ولأنه أخص الأسماء؛ إذ لا يطلقه أحد غيره لا حقيقه ولا مجازًا، وسائر الأسماء قد تسمى بها غيره .. كالقادر والعليم والرحيم وغيره.
فلهذين الوجهين يشبه أن يكون هذا الاسم أعظم هذه الأسماء)) اهـ.
وقال قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في ((الحجة في بيان المحجة)) (1/135): ((قيل: هو أكبر الأسماء لا يجوز أن يسمى بهذا الاسم أحد سواه)) اهـ.
وقال أبو حيان الأندلسي رحمه الله في البحر المحيط (7/416-417): ((إضافة الرحمة إلى الله التفات من ضمير المتكلم إلى الاسم الغائب، لأن في إضافتها إليه سعة للرحمة إذا أضيفت إلى الله الذي هو أعظم الأسماء، لأنه العلم المحتوي على معاني جميع الأسماء. ثم أعاد الاسم الأعظم وأكد الجملة بأن مبالغة في الوعد بالغفران)) اهـ.
وذكره القرطبي رحمه الله في ((الجامع لأحكام القرآن))، عند تفسيره لبسم الله الرحمن الرحيم، قال رحمه الله: ((البسملة وفيها سبع وعشرون مسألة:
ثم قال: الموفية عشرين: قوله: (الله)، هذا الاسم أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها، حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسمّ به غيره؛ ولذلك لم يُثَنّ ولم يجمع؛ وهو أحد تأويلي قوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّؤا} [مريم: 56] أي من تسمّى باسمه الذي هو (الله).
فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهيّة، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو سبحانه)) اهـ.
وبصيغة التمريض، قال العلامة النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (9/: ((قد روي أن الله هو اسـمه الأعظم)) اهـ.
وقال فخر الرازي رحمه الله في مفاتيح الغيب (1/123): ((إن الاسم الأعظم هو قولنا الله وهذا هو الأقرب)) اهـ.
وقال العلامة ابن الجزي رحمه الله في القوانين الفقهية (ص 61): ((الله، وقد قيل: فيه أنه اسم الله الأعظم)) اهـ.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير القرآن العظيم (1/122) عند تفسيره لبسم الله الرحمن الرحيم: ((الله، علم على الرب تبارك وتعالى، يقال: إنه الاسم الأعظم؛ لأنه يوصـف بجمـيع الصــفات، كما قـال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبارئ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 22-24]، فأجـرى الأسماء الباقية كلها صفات له، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف: 180] وقــال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى}[الإسراء: 110]، وفي الصحيحـين، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قـال: إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة)) اهـ.
وقال العلامة ابن ناصر الدين رحمه الله في التنقيح في حديث التسبيح (ص 133): ((قد قال أكثر العلماء: إنه الاسم أعظم)).
وقال العلامة ابن الملقن رحمه الله في المعين على تفهم الأربعين (ص 36): ((قال البندنيجي: وأكثر أهل العلم على أن الاسم الأعظم هو: الله)).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (11/227): ((لأنه اسـم لم يطلق على غيره، ولأنه الأصل في الأسماء الحسـنى ومن ثم أضيفت إليه)) اهـ.
نقل كلام الحافظ هذا العلامة الجامي في كتابه الصفات الإلهية.
وذكره السيوطي ونقل عبارة الحافظ في ((الدر المنظم في الاسم الأعظم)) كما في الحاوي للفتاوى (1/395).
وقال أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي كما في شرح الأسماء الحسنى (ص 27): ((لهذا كان هذا الاسم الأعظم)) اهـ.
وقال العلامة أبو البقاء محمد الفتوحي الحنبلي ابن النجار رحمه الله في شرح الكوكب المنير (1/24-25): ((في قَرْنِ الحمدِ بالجلالةِ الكريمةِ. دون سائر أسمائه تعالى، فائدتان:
الأولى: أن اسم الله علم للذات، ومختص به، فيعم جميع أسمائه الحسنى.
الثانية: أنه اسم الله الأعظم عند أكثر أهل العلم، الذي هو متصف بجميع المحامد)) اهـ.
وقال الشربيني الشافعي رحمه الله في مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (1/23): ((عند المحققين أنه اسم الله الأعظم وقد ذكر في القرآن العزيز في ألفين وثلاثمائة وستين موضعًا)) اهـ.
وقال ابن أمير حاج حنفي رحمه الله في التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام (1/5): ((ثم روى عن هشام عن محمد بن حسن قال: سمعت أبا حنيفة رحمه الله يقول: اسم الله الأعظم هو الله وبه قال الطحاوي وكثير من العلماء)) اهـ.
و ((قال الطيبي: وقد ذكر في أحاديث آخر مثل ذلك: وفيها أسماء ليست في هذا الحديث إلا أن لفظ الله مذكور في الكل فيستدل بذلك على أنه الاسم الأعظم - انتهى)) كما في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعبيد الله المباركفوري (ص 437).
وقال العلامة السفاريني رحمه الله في لوامع الأنوار البهية (1/35): ((عند أكثر أهل العلم أنه لفظ الجلالة)) اهـ.
قال العلامة البقاعي رحمه الله في نظم الدرر (5/176) في تفسيره لقول الله سبحانه تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ}[النساء: 1]: ((لما بان من هذا تعظيمه لصلة الرحم بجعلها في سياق ذكره سبحانه وتعالى المعبر عنه باسمه الأعظم)) اهـ.
وقال السندي رحمه الله في حاشية على ابن ماجه (7/279): ((والجمهور: على أنه اسم الله الأعظم. قال ... الشيخ عبد القادر الجيلاني: الاسم الأعظم هو الله، ولا يكون في قلبك سواه)) اهـ.
وقال المناوي رحمه الله كما في الفتوحات السبحانية (ص 80-81): ((واعلم أن الإتيان بالبسملة حمد تام كامل، وذكر مرفوع شامل، لاشتمالها على اسم الله الأعظم الجامع المتضمن لجميع الأسماء الحسنى، فإنه الدال على الذات المقدسة المتصفة بالإلهية، التي من اتصف بها وجب له الكمال الحقيقي المطلق)) اهـ.
وقال عزالدين عبد السلام بن أحمد بن غانم المقدسي رحمه الله في حل الرموز ومفتاح الكنوز نقلا من تفسير سورة الإخلاص لمحمد الحجوي (ص 124): ((جوهرة هذه الصَّدَفة يعني كلمة الإخلاص وكعْبَة حَرَمِهَا، ومصلى قبلتها، وروضة حضرتها، وزهرة فَنَنِها، وثمرة زهرتها، وبيت قصيدتها، ومعنى صورتها التي تشير سويداء القلوب إليه، وتنطبق السرائر بصفاتها عليه، هو اسم الجلالة من قولك: ((الله))، لأنه هو الاسم الأعظم)) اهـ.
وقال عبد المجيد الشرنوبي رحمه الله في شرح مختصر صحيح البخاري (ص 7): ((الله علم على الذات الواجب الوجود، الواسع الكرم والجود، وهو اسم الله الأعظم)) اهـ.
وقال سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله في تيسير العزيز الحميد (1/112-113): ((اللّه: عَلَمٌ على الرب تبارك وتعالى. ذكر سيبويه أنه أعرف المعارف.
ويقال: إنه الاسم الأعظم، لأنه يوصف بجميع الصفات)) اهـ.
وقال محمود محمد خطاب السبكي رحمه الله في المنهل العذب المورود (8/15: ((في هذا دلالة على أن الاسم الأعظم هو لفظ الجلالة)) اهـ.
وقال العلامة حافظ بن أحمد حكمي رحمه الله في معارج القبول بشرح سلم الوصول (1/7: ((معناه ذو الألوهية التي لا تنبغي إلا له، ومعني أله يأله إلهة: عبدَ يعبُد عبادةً فالله المألوه أي المعبود. ولهذا الاسم خصائص لا يُحصيها إلا الله عز وجل. وقيل إنه هو الاسم الأعظم)) اهـ.
وقال العلامة السعدي رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام (ص 19-20): ((الله هذا الاسم الجليل الجميل هو أعظم الأسماء الحسنى، بل قيل: إنَّه الاسم الأعظم.
ثم قال: فالألوهية تتضمن جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا، وبهذا احتج من قال: إنَّ الله هو الاسم الأعظم)) اهـ.
وقال العلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله في حاشية الروض المربع (1/2: ((وهي الإلهية. وأصله (الإله). حذفت همزته وأدغمت اللام في اللام فقيل الله. ومعناه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين. وأكثر العلماء على أنه اسم الله الأعظم. وقد ذكر في ألفين وثلاثمائة وستين موضعًا من القرآن)) اهـ.
وقال الشيخ الرافعي رحمه الله في تيسير العلي القدير (1/12): ((الله علم على الرب أي اسم للرب تبارك وتعالى، ويقال إنه الاسم الأعظم، لأنه يوصف بجميع الصفات)) اهـ.
وقال العلامة عبد العزيز الرشيد رحمه الله في التنبيهات السنية (ص 9): ((لله: لفظ الجلالة علم على ذاته سبحانه وهو أعرف المعارف على الإطلاق.
وقال بعض العلماء: إنه الاسم الأعظم وذكر في القرآن في (2360) ألفان وثلاثمائة وستين موضعًا، وهو يتناول معانى سائر الأسماء بطريق التضمن)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في تفسير القرآن الكريم [البقرة] (3/426): ((قوله تعالى: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة: 283]؛ ((يتق)) مجزومة بحذف حرف العلة - وهو الياء؛ والكسرة دليل عليها - وهنا أردف الاسم الأعظم: {الله} بقوله تعالى: {ربه}تحذيرًا من المخالفة؛ لأن ((الرب» هو الخالق المالك المدبر؛ فاخشَ هذا الرب الذي هو إلهك أن تخالف تقواه)) اهـ.
وقال الشيخ الفاضل محمد بن جميل زينو رحمه الله في تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن (ص 21-22): ((الله: علم على الرب تبارك وتعالى، ويقال، إنه الاسم الأعظم، لأنه يوصف بجميع الصفات، كما قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبارئ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 22-24].
فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات له)) اهـ.
وقال العلامة علي الفقيهي حفظه الله في في تعليقه على كتاب التوحيد لابن منده (2/24): ((أما كون ((الله)) اسم الله الأعظم فقد وردت فيه أحاديث مرفوعة صحيحة منها ما رواه أبو داود في الصلاة باب الدعاء 2/166 ح 1493 من حديث عبد الله ابن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا فقال: قد سأل الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطي، وإذا دعي به أجاب. اهـ ورواه الإمـام أحمد في المسند 5/360.
والترمذي، الدعوات، باب جامع الدعوات ح 3475.
وابن ماجه، الدعاء، باب اسـم الله الأعظم، 2/1267 ح 3857.
والحاكم 1/504 وقـال: صحـيح على شــرط الشيخــين ولم يخـرجاه ووافقـه الذهبي)) اهـ.
ثم استدل العلامة الفقيهي حفظه الله بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وقال الشيخ الفاضل عبد الرزاق البدر حفظه الله في فقه الأسماء الحسنى (ص 86-87): ((إن من أشهر الأقوال في تعيين الاسم الأعظم وأولاها بالصواب وأقربها للأدلة هو أن الاسم الأعظم هو (الله)، وإلى هذا القول ذهب جمع من أهل العلم)) اهـ.
وقال في موضع آخر (ص 90): ((أول ما نبدأ به من أسماء الله الحسنى اسمه تبارك وتعالى ((الله))، وهو اسم ذكر جماعة من أهل العلم أنه اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطي، ولهذا الاسم خصائص وميزات اختصّ بها)) اهـ.
وقال الشيخ محمد بن سعيد رسلان حفظه الله في الترهيب من الربا (ص 104)؛ في معرض كلامه على الربا سبب لحرب الله ورسولهِ واستدل بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (27 فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278-279] ((انظر إلى التنكير في قوله تعالى: {بحرب}، فقد نكرها للتفخيم، وقد زادها فخامة وهولًا، نسبتها إلى اسم الله الأعظم)) اهـ.
وفي هذا القدر كفاية في بيان أن من أعلام الإسلام من ذهب إلى أن لفظ الجلالة الله الاسم الأعظم فضلا أن يكون اسما من اسماء الله عز وجل.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأثنين 4 رجب سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 11 مارس سنة 2019 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأثنين 4 رجب سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 11 مارس سنة 2019 ف
[1] في المطبوع حبان وكذلك سيأتي عند ابن أبي حاتم في تفسيره، والصحيح حيان كما مر عند الدارمي، قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/246) رقم (1095): حيان الأعرج الجوفى بصري روى عن جابر بن زيد.
تعليق