*****
مطوية / التصوف من صور الجاهلية
فضيلة الشيخ محمد امان الجامي رحمه الله
----------------------
نسخة للطبع المنزلي بالابيض والاسود
سهلة للطبع العادي او النسخ -فوتوكوبي-
*****
نص المطوية :
التصوف من صور الجاهلية :
.. وأنا أدعو شبابنا إلى قراءة هذين الكتابين – يقصد كتاب " تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد " وكتاب" هذه هي الصوفية "لعبد الرحمن الوكيل رحمه الله - ليدركوا بأنفسهم حقيقة دين الصوفية وأنه غير الدين الإسلامي في حقيقته والله المستعان
وإن كان القارئ يلاحظ أن في هذا الحكم نوعاً من القسوة أو المبالغة وإنما يرجع ذلك لأنه حكم جاء مخالفاً للمألوف الموروث وأما القارئ المتجرد من مألوفات قومه بعقله الحر وله اطلاع واسع على نصوص الشريعة في باب الردة خاصة فلا شك أن ما تدعو إليه الصوفية من وحدة الوجود ومن دعوى حلول الرب تعالى في فرد من مخلوقاته أو من دعوى الاستغناء عن الشريعة المحمدية بدعوى الأخذ عن الله مباشرة أو نقل الأحكام من اللوح المحفوظ بالنسبة لخواصهم فلا يترددون في تكفيرهم وبالتالي لا يتهمنا بالمبالغة أبداً .....
مفهوم الذكر عند الصوفية :
ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى ذكر الله بقلبه ولسانه والمواظبة عليه مطلقاً كان أو مقيداً ، حسب ما نظمته السنة المطهرة من تهليل وتسبيح واستغفار ودعاء ولقد تمكنت بدعة الصوفية من هذه العبادة العظيمة فعبثت فيها عبثاً ، وأحدثت باسم الذكر ألفاظاً ما أنزل الله بها من سلطان كما عبثت بالأذكار المأثورة فزعمت أنها تنقسم - في زعمهم - إلى ثلاثة أنواع :
نوع للعوام
ونوع آخر للخواص
ونوع ثالث لخاصة الخاصة
وتقسيم الذاكرين إلى هذه الأقسام يعد من مبتكرات مشايخ الصوفية ومبتدعتهم بل قد ألحدت الصوفية في أسماء الله تعالى حيث تكلمت فيها بغير علم فزعمت أن من الأسماء مالا يصلح إلا للعوام ، وأما الواصلون إلى الله فلهم أسماء خاصة لا يذكر الله بها العوام ، وإليكم تفصيل ما أجملت :
أما العوام في زعم الصوفية هم من عدا الواصلين في اصطلاحهم من طبقات المسلمين من العلماء وطلاب العلم وغيرهم ، والواصلون هم أولئك الذين تمردوا على الشريعة واستخفوا بها ومرقوا عن حقيقة الإسلام والتقيد به ، فسموا الأذكار التي جاءت بها نصوص الشريعة أذكار العوام مثل :" لا إله إلا الله وحده لا شريك له " الخ . الذي قال فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام :" أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي :" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير " . (حديث حسن ،بدون (بيده الخير) - السلسة الصحيحة (1503))
هذا الذكر العظيم والتوحيد الخالص يعد عند المتصوفة من أذكار العوام .
أما الخاصة ، وخاصة الخاصة من كبار الزنادقة الذين سبق أن تحدثنا عنهم مثل ابن عربي وابن سبعين فلا يتنازلون لمثل هذا الذكر وهذه الصيغة ، أما ذكر الخاصة - في زعمهم - فهو تكرار لفظ الجلالة مفرداً ( الله ) ، ( الله )
وأما ذكر خاصة الخاصة فهو ضمير الغيبة ( هو ) (هو ) وربما اقتصر بعضهم على الآهات ( آه ، آه ) بكيفية خاصة بأن يتمايل الذاكر - العابث - يمنة ويسرة ، وأما العامي منهم عندما يذكر الله بالتهليل مثلاً يكون على هيئة معينة كأن يتمايل يميناً ويساراً يبدأ بـ (لا ) يميناً ويرجع بـ (إله) فيتوسط ثم يختم بـ ( إلا الله ) على اليسار ، يبدأ التمايل في هدوء بعد الاستئذان من الشيخ أولاً ويستمد منه المدد قائلاً ( دستور ) يا أستاذ ، مددك يا سيدي ، ثم يستأذن سلسلة الطريقة التي ينتسب إليها من قادرية أو تيجانية أو رفاعية أو مرغنية فيقول : دستور يا أصحاب الطريقة والقدم .
وبعد أن يجأر بأسماءهم هكذا معتقداً أنهم يسمعونه ويأذنون له بقلوبهم وبعد أن يتلطخ هكذا يهذه الوثنية ليتقبل ذكره يبدأ في الذكر .
ومما ينبغي أن يعلمه طالب العلم من هذه الجاهلية الصوفية أن ذكر الله لا ينفع به الذاكر ولا يقبل منه ولا يقرب إلى الله في دين الصوفية إلا بإذن من شيخ الطريقة وللشيخ أن يحرم على دراويش طريقته أن يذكروا بالذكر الذي تذكر به الطريقة الأخرى وترقص به وعلى الدراويش أو المريد الصغير أن يلتزم ذلك التحريم ولا يعصي الشيخ أدنى عصيان وإلا فهو مهدد بسوء الخاتمة ، بل عليه أن يعتقد أن الشيخ جاسوس قلبه فعليه أن يراقب خطرات قلبه بدقة ومن الأمثال السائرة عند الصوفية ( إن حضرت عند نحوي احفظ لسانك وإن حضرت عند العارفين احفظ قلبك )
وأما أسماء الله الحسنى فمنها ما هو صالح للعوام فقط ولا يناسب الواصلين كالعفو والغفار ولهم كلام طويل هنا يعرف بالرجوع إلى كتبهم .
ولا أحسب الدرويش أنه يؤمن بالله تعالى ويخشاه ويراقبه إيمانه بالشيخ وخشيته له ومراقبته إياه ؛ لأنه يرى حياته الاجتماعية والمادية والدينية - إن كان له دين - يرى أن ذلك كله مرتبط بالشيخ وإذا لم يظهر للشيخ -ولو تصنعاً - أنه من المخلصين له ولطريقته فسوف يبقى دائماً في ذل الدروشة ولا تحصل له الترقية إلى درجة ( مريد ) حيث يصبح إنساناً له نوع من الاعتبار ثم لا يتخرج خليفة له شأنه ليعين في مكان معروف بكثرة الزراعة أو بالثروة الحيوانية أو في مدينة معروفة بالتجارة والصناعة ليصبح بعد فترة قصيرة من أثرياء تلك البلدة وتزداد بذلك ثروة الشيخ الكبيرة وتتضخم وبالتالي تستفيد الطريقة من وراء ذلك مادة وصيتا طويلاً وتقدم الطريقة بسخاء الهدايا الثمينة والذبائح السمينة لمشيخة الصوفية إذ يتقدم الشيخ أمام تلك الهدايا في تيه وكبرياء ليعلن أنها هدايا من الطريقة التيجانية مثلاً فيرمي الشيخ من وراء ذلك أن يرشح لرياسة مشيخة الصوفية وهذا بيت القصيد من جميع تلك الحركات .
مشائخ الصوفية يفترون الكذب في سبيل الدعوة إلى طرقهم :
تحل الصوفية في اقتراف جريمة الكذب على الله عز وجل وعلى رسوله عليه الصلاة والسلام في المرتبة الثانية تقريباً بعد أن تشغل الشيعة المرتبة الأولى .
ومن أكثر مشايخ الصوفية كذباً وافتراء على الله ذلك التيجاني الجاني فاسمعوا وهو يفتري على الله " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله " النحل: 105.
يقول التيجاني الجاني :" وما أكرم الله به قطب الأقطاب أن يعلمه علم ما قبل وجود الكون وما وراءه وما لا نهاية له وأن يعلمه جميع الأسماء القائم بها نظام كل ذرة من جميع الموجودات وأن يخصصه بأسرار دائرة الإحاطة ..." إلى آخر الفرية الطويلة ولعل القارئ لا يغفل أنه يريد أن يدعي هذا المقام لنفسه لا لغيره بأسلوب صوفي معروف لدى كل العارفين بأسلوب القوم إذاً هي فرية ودعاية في آن واحد وهذا ديدنهم .
وهناك فرية أخرى يطلقها التيجاني أيضاً إذ يقول : " إن حقيقة القطبانية هي الخلافة العظمى عن الحق ( الله ) مطلقاً في جميع الوجود جملة وتفصيلاً حيثما كان الرب إلهاً كان هو خليفة "1" في تصريف الحكم وتنفيذه في كل من له عليه ألوهية الله تعالى فلا يصل إلى الخلق شيء كائناً ما كان من ( الحق ) إلا بحكم القطب ثم قيامه في الوجود بروحانيته في كل ذرة من ذرات الوجود ) إلى آخر تلك الفرية الطويلة التي تنبيء عن خلو قلب هذا الفاجر من الإيمان بالله سبحانه وتقديره حق قدره .
وهذه الفرية كالتي قبلها دعوة صريحة للربوبية لأن له التصرف المطلق في الكون جملة وتفصيلاً وهو كفر لم يتورط فيه أبو جهل وأمثاله من كبار صناديد قريش الذين قاتلهم رسول الإسلام واستباح دماءهم وأموالهم وسبى ذراريهم .
"1" ولعل ما يشاع في الآونة الأخيرة بين الكتاب المعاصرين من أن ( الإنسان خليفة الله في الأرض ) لعل هذا الخطأ الفادح مأخوذ من كلام هذا الكاهن وأمثاله من مشايخ الصوفية الذين يزعمون أنهم مفوضون للنظر في شئون الخلق والحكم فيها وأرجو أن أتمكن من تحقيق هذه المسألة قريباً .
ولكنه كفر يتورط فيه أكثر كبار مشايخ الصوفية كما سيأتي تفصيل ذلك عند الحديث عن ديوانهم الباطني .
وللشيخ التيجاني فرية أخرى في نفس المعنى ولكنها تمتاز بما تتضمنه من دعاية صريحة لطريقته ( التيجانية ) وفيها من أساليب تضليل الناس ما ليس في غيرها من أكاذيبه المتنوعة إذ يعد أتباعه بالجنة التي لا يملكها بل هي حرام عليه إن مات على ما كان عليه في كفره وزندقته ومع ذلك يقدم لأتباعه ضمانات كاذبة بدخول الجنة طالما تفانوا في طاعته وخدمته وقدموا له طعاماً شهياً في حياته فإنهم يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب وذلك حيث يقول :" أخبرني سيد الوجود ( يقظة ) لا مناماً كل من أحسن إليك بخدمة أو غيرها وكل من أطعمك يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب فسألته لكل من أحبني ولكل من أحسن إلي بشيء من مثقال ذرة ومن أطعمني طعامه كلهم يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب وسألته لكل من أخذ مني ذكراً أن تغفر لهم جميع ذنوبهم ما تقدم منها وما تأخر وأن يرفع الله عنهم محاسبته وأن يكونوا آمنين من عذاب الله من الموت إلى دخول الجنة وأن يكونوا كلهم معي في عليين في جوار النبي عليه الصلاة والسلام فقال لي عليه الصلاة والسلام ضمنت له ضمانة لا تنقطع حتى يجاورني أنت وهم في عليين " "جواهر المعاني في فيض التيجاني ص 97".
وكتابه المعروف بـ( جواهر المعاني ) كله أو جله مؤلف من مثل هذا الكلام العاري عن أي حقيقة ولكن عامة الناس تصدق وتؤمن بهذا الكتاب أكثر من إيمانهم بالأحاديث الصحاح في الصحيحين وغيرهما .
وبهذه الدعاية انتشرة الطريقة التيجانية في القارة الأفريقية وما جاورها أكثر من غيرها لأن من علم مثل هذه الوعود والضمانات المروية عن رسول الله وهو لا يفرق بين الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله وبين الأحاديث الصحيحة بل يصدق كل ما قيل فيه ( قال رسول الله ) من علم مثل هذه الضمانات وهو بهذه المثابة لا يتردد في الانخراط في الطريقة التيجانية ويتلوث بوثنيتها ويتلطخ بدم شركها وتشبيهها حيث يشبه الله بملك له أعوان يدبرون أمر مملكته وليس عليه إلا الموافقة والتصديق على تدبيرهم لأنه لا يعلم من أمر الرعية الشيء الكثير إلا بواسطة هؤلاء الأعوان .
هكذا تشبه الصوفية رب العالمين الذي لا تخفى عليه خافية بمخلوق ضعيف لا يعلم الكثير والكثير من أمور رعيته إلا بواسطة غيره .
وبهذا التشبيه والتضليل يوهمون العوام بأن الجنة بأيديهم وأنهم يستطيعون إعطاء الوعد لأتباعهم بالجنة والرسول يضمن لهم أن يكون مشايخ الصوفية في جواره مع أتباعهم .
وأتباع التيجاني في الغالب جهال كسائر الدراوشة ولو كانوا يعلمون ما جاء في السنة من موقف رسول الله من أقاربه وما قال لهم عندما أنزل عليه قوله تعالى :" وأنذر عشيرتك الأقربين " الشعراء: 214 . حيث جمع عشيرته فخص وعم وقال فيما قال :" يا فاطمة بنت محمد إعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً " (رواه البخاري(2753)-ومسلم (206)).
وما جاء في هذا المعنى من نصوص الكتاب والسنة التي تقضي بأن الأمر كله لله وحده ، وأما الأنبياء والصالحين فليس لهم من الأمر من شيء فإنهم لا يملكون أن يعدوا أحداً بدخول الجنة وقد سأل صحابي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة فقال له : " أعني على نفسك بكثرة السجود "(رواه مسلم(489)) أي أكثر من الصلاة حتى يكون ذلك سبباً لدخولك الجنة ومرافقتي ولم يقل له أبشر أنت معي في الجنة وإنما وجهه وأرشده إلى الأسباب علماً بأنه قد بشر بعض الصحابة بالجنة بوحي من الله مثل العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم من بعض الصحابة ودعا لبعضهم أن يجعله الله من الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب ثم أخبره بأنه منهم كما في قصة ( عكاشة ) لأنه عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى .
ولو علم أتباع التجاني الجاني مثل هذا الموقف وهذه النصوص ما مكثوا على مواعيد التجاني الكاذبة ساعة بل لكفروا به ولعنوه لعناً كبيراً ولكن الجهل والببغائية وحسن الظن المبالغ فيه والطيبة الزائدة ضيعت جماهير المسلمين وجعلتهم يقادون فينقادون دون أدنى تردد في كل ما يصدر من هؤلاء الأفاكين .
وقد يستغرب بعض الناس مثل هذا الإيمان من أتباع التيجاني وأمثاله من مشايخ الصوفية المضللين كيف يصدق ويؤمن الإنسان بوعدهم بالجنة وهم لا يملكون الجنة ؟!
حقاً إن القصة أو الحكاية لغريبة فتعال لأحدثك عن بعض الثقات وهم شهود عيان ما هو أغرب من هذا وذلك حين يعبث بعض مشايخ الصوفية بالأعراض والدروشة المستضعفون يطيعون المشايخ حتى في هتك الأعراض
حدثني ثقة أن من خصوصية بعض مشايخ الطرق في بعض الجهات أن أي درويش إذا تزوج وتم الزفاف يترك " غرفة النوم " في الليلة الأولى ليزور الشيخ " الغرفة " فيباركها له ثم يأمره في الليلة الثانية ليذهب إلى بيته وقد حلت البركة وربما تتطلب الحال أن يكرر الشيخ الزيارة في الليلة الثانية فإذا " قضى منها وطراً " أمر الدرويش الغبي أن يذهب إلى البيت المبارك " الملوث " وهكذا يعبث مشايخ الصوفية بجميع القيم فيفسدون العقيدة ويفسدون الأخلاق ويعبثون في الأعراض ويسلبون الأموال ويأكلونها بالباطل ويستعبدون الجهال من الناس ويصدون عن سبيل الله ويعادون الدعاة إلى الله تعالى لأنهم يبصرون الناس حتى يدركوا أن مشايخ الصوفية ضللوهم وأبعدوهم عن الدين الحق الذي جاء به رسول الهدى محمد عليه الصلاة والسلام .
مكر وعربدة ومجون .. وهذه الصفات في لغتهم كرامات وبركات وزهد وعبادة ودعوة ااناس إلى الإسلام .
إنه التناقض .. إنها المغالطة .. فمن لها ؟!! .. إنها فتنة .. بل ردة ، ولا أبا بكر لها .. والله المستعان..
(ص 13 -22)
كتاب: التصوف من صور الجاهلية
فضيلة الشيخ محمد أمان بن على الجامي رحمه الله
مجلة البحوث الإسلامية-العدد (12) ربيع الأول والثاني، جمادى أول والثاني
عام 1405هـ