قال أبو الحسن الأشعري -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى { وُجُوهٌ يَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ .22. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }-سورة القيامة-:
...و لا يجوز أن يكون عنى النظر الإنتظار ، لأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجه فمعناه نظر العينين ، اللتين في الوجه كما إذا ذكر أهل اللسان نظر القلب ، فقالوا : انظر إلى هذا الأمر بقلبك لم يكن معناه نظر العينين ، و لذلك إذا ذكر النظر مع الوجه لم يكن معناه نظر الإنتظار الذي بالقلب ، و أيضا فإن نظر الإنتظار لا يكون في الجنة ، لأن الإنتظار معناه نظر تنغيص و تكدير ، و أهل الجنة لهم في الجنة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت من العيش السليم و النعيم المقيم ، و إذا كان هذا هكذا لم يجز أن يكونوا منتظرين ، لأنهم كلما خطر ببالهم شيء أتوا به بمجرد خطوره ببالهم .
و أيضا مما يبطل القول بأن معنى {نَاظِرَةٌ} منتظرة ، أن الله تعالى قال { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } و نظر الإنتظار لا يكون مقرونا بقوله { إِلَى} لأنه لا يجوز عن العرب أن يقولوا في نظر الإنتظار (إلى) كما قال تعالى {مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ}-سورة يس- لم يقل ( إلى) إذ كان معناه الإنتظار ، و قال عن بلقيس { فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}-سورة النمل- فلما أراد الإنتظار لم يقل ( إلى) و قال امرؤ القيس :
فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر تنفعني عند أم جندب
فلما أراد الإنتظار لم يقل ( إلى ) فلما قال الله عز و جل {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} علمنا أنه لم يرد الإنتظار ، و إنما أراد نظر الرؤية ، فإن قال قائل : لم لا تقولون :إن قوله { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } إنما أراد إلى ثواب ربها ناظرة ، قيل له : ثواب الله عز و جل غيره تعالى ، والله تعالى قال { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } و لم يقل :إلى ثواب غيره ناظرة ، و القرآن على ظاهره ، و ليس لنا ان نزيله عن ظاهره إلا لحجة ، و إلا فهو على ظاهره .
...و لا يجوز أن يكون عنى النظر الإنتظار ، لأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجه فمعناه نظر العينين ، اللتين في الوجه كما إذا ذكر أهل اللسان نظر القلب ، فقالوا : انظر إلى هذا الأمر بقلبك لم يكن معناه نظر العينين ، و لذلك إذا ذكر النظر مع الوجه لم يكن معناه نظر الإنتظار الذي بالقلب ، و أيضا فإن نظر الإنتظار لا يكون في الجنة ، لأن الإنتظار معناه نظر تنغيص و تكدير ، و أهل الجنة لهم في الجنة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت من العيش السليم و النعيم المقيم ، و إذا كان هذا هكذا لم يجز أن يكونوا منتظرين ، لأنهم كلما خطر ببالهم شيء أتوا به بمجرد خطوره ببالهم .
و أيضا مما يبطل القول بأن معنى {نَاظِرَةٌ} منتظرة ، أن الله تعالى قال { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } و نظر الإنتظار لا يكون مقرونا بقوله { إِلَى} لأنه لا يجوز عن العرب أن يقولوا في نظر الإنتظار (إلى) كما قال تعالى {مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ}-سورة يس- لم يقل ( إلى) إذ كان معناه الإنتظار ، و قال عن بلقيس { فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}-سورة النمل- فلما أراد الإنتظار لم يقل ( إلى) و قال امرؤ القيس :
فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر تنفعني عند أم جندب
فلما أراد الإنتظار لم يقل ( إلى ) فلما قال الله عز و جل {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} علمنا أنه لم يرد الإنتظار ، و إنما أراد نظر الرؤية ، فإن قال قائل : لم لا تقولون :إن قوله { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } إنما أراد إلى ثواب ربها ناظرة ، قيل له : ثواب الله عز و جل غيره تعالى ، والله تعالى قال { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } و لم يقل :إلى ثواب غيره ناظرة ، و القرآن على ظاهره ، و ليس لنا ان نزيله عن ظاهره إلا لحجة ، و إلا فهو على ظاهره .
الإبانة -67-66