قال المؤلف رحمه الله تعالى (وهكذا وصف نفسه بالمكر والكيد كما وصف عبده بذلك) المكر والكيد والاستهزاء والسخرية هذه صفات من الصفات الفعلية تُمَرّ هذه الأفعال كما جاءت ، الله سبحانه وتعالى يمكر بالماكرين ، صفة المكر وصفة الكيد وصفة الاستهزاء والسخرية تأتي جزاءً مقابلا لما يحصل من الأعداء الذين يكيدون لدين الله ولأولياء الله اللهُ يكيد لهم ، الكيد إيصال الشر بطريقة خفية ، وعندما يكيد الكفار والمنافقون لهذا الدين وللدعاة إلى الدين بطرق خفية فيُلحقون بهم الضرر الله يجازيهم جزاءً وفاقا ، يُلحِق بهم الضرر بطرق لا يدركونها وقد يغدق عليهم النعم في هذه الدنيا استدراجا ، وذلك انتقام ومكر وكيد وهم لا يعلمون ، هذا معنى الكيد والمكر في حق الله تعالى ، وهذه الأفعال تُمَر كما جاءت والصفات الفعلية كغيرها تُمَر كما جاءت ، لا يؤخذ من هذه الأفعال لله اسم لأن أسماء الله تعالى توقيفية وهي الأسماء الحسنى ، لا يقال إنه كائد وإنما تذكر هذه الصفات كما قلنا بالمقابل ، مقابل ما يفعل أعداء الله بدين الله ، لذلك أوضح الرب سبحانه وتعالى في حق يوسف عندما قال " كذلك كِدْنا ليوسف " إخوته كادوا له وعملوا أسبابا للتخلص منه بإلقائه في البئر وبدعوى بأن الذئب أكله ، عملوا أشياء للتخلص منه وكاد الله ليوسف بطرق خفية ظهرت في النهاية بأن أظهره الله في مصر واعترفوا له الفضل فطلبوا منه السماح وعرفوا أنه أخوهم ذلك الذي ألقوه في البئر هذا معنى الكيد فليُفهَم جيدا ، لئلا يشوِّش عليكم بعض الناس يقولون لا يليق بالله أن نصف الله بالمكر والكيد ، وإذا تصورتم معنى الكيد ومعنى المكر ليس في ذلك غضاضة " أأنتم أعلم أم الله " إذا كان الله هو الذي وصف نفسه بذلك أنت تنزه الله عما وصف به نفسه ؟ التنزيه عن النقائص الله لا يصف نفسه بالنقص وإنما إذا أردت التنزيه الصحيح اقرأ قوله تعالى وقف عنده " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " لا تنزه الله بأبلغ من هذه الآية فاعلم ذلك .
شرح التدمرية شريط 9
شرح التدمرية شريط 9