وقوله (وكلم الله موسى تكليما) الشاهد واضح إثبات صفة الكلام ، فصفة الكلام لها اعتباران :
- باعتبار أصل الكلام ونوع الكلام فهي صفة ذاتية أي : بأن الله سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال أن يتصف بالكلام لأن الكلام من صفات الكمال ولا يجوز أن يَعدم صفة الكمال إذن فالله سبحانه وتعالى موصوف بصفة الكلام دائما وأبدا ولا يجوز أن يُعتقد أن الكلام كان ممتنعا عليه يوما ما ثم تكلم ، ولم يكن عاجزا عن الكلام ثم تكلم ، بل صفة الكلام باعتبار أصل الصفة ونوع الصفة صفة ذاتية .
- وباعتبار أفراد الكلام صفة فعلية لأن أفراد الكلام يحصل في وقت دون وقت : خاطب الله نوحا فذلك كلامه ، وكلم موسى في وقت غير ذلك الوقت وكلم رسوله وخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج فأسمعه كلامه فذلك فرد من أفراد كلامه والقرآن من كلام الله والتوراة والإنجيل والزبور .
فالله سبحانه وتعالى يتكلم عندما يقول في آخر كل ليلة إذا بقي الثلث الأخير : هل من مستغفر فأغفر له . ويكلم أهل الجنة يوم القيامة ، هذا معنى أن أفراد الكلام حادث وليس بقديم بل صفة فعليه ، إلا أن الحدوث لا يلزم منه الخلق ، أي : كل مخلوق حادث وليس كل حادث مخلوقا ، لأن الله سبحانه وتعالى يُحْدِث ما يُحْدِث إما بالخلق والاختراع والإيجاد وقد يحدث ما يحدث بالتكلم والخطاب والإنزال هذا هو إحداث القرآن ، لا يقال إن القرآن قديم كما زعم بعضهم ذلك ربما نسب ذلك إلى الإمام احمد ولم يقل ذلك أبدا ، بل القرآن حدث حدوث إنزال وخطاب وتكلم به ولا يلزم من القول بأنه حادث أنه مخلوق فليُفَرّق بين الأمرين .
وقوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما) تأكيد الفعل بالمصدر ينفي احتمال المجاز ، لو قال ( وكلم الله موسى ) واكتفى لا يكون الكلام حقيقة بل فيه احتمال ، لكن قوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما) أي كلاما حقيقيا لا يحتمل إلا الكلام الحقيقي لا يحتمل المجاز ، بالاختصار : تأكيد الفعل بالمصدر ينفي المعنى المجازي ، فمثلا : لو قال الإنسان ( ضربت زيدا ضربا ) لا يحتمل إلا الضرب الحقيقي ، لكن لو قال ( ضربت زيدا ) فسكت يحتمل أنه آلمه بالسب والإساءة إليه ألما كألم الضرب ، ( قتلت زيدا ) يحتمل القتل الحقيقي ويحتمل الضرب ، ( قتلت زيدا قتلا ) لا يحتمل إلا إزهاق الروح وهكذا قوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما ) تأكيد بأن الله كلمه حقيقة .
فصفة الكلام أدلتها كثيرة جدا في القرآن ومع ذلك فهي محل المعركة بين السلف والخلف ، صفة الكلام وصفة العلو وصفة الاستواء من الصفات التي خالفت الأشاعرة فيها السلف خلافا ظاهرا ، حتى إن كلامهم يؤدي إلى نفي الصفات لا إلى مجرد التأويل ، والعجب تشددهم في نفي الكلام الحقيقي مع كثرة الأدلة المتنوعة أحيانا بالقول وأحيانا بالنداء وأحيانا بالتكلم وأحيانا بالإيحاء ، ما أكثر الأدلة في القرآن التي تثبت بأن الله يتكلم فينادي فيقول .
قال تعالى (وناديناه من جانب الطور الأيمن) " ناديناه " نادى موسى ، نداء والنداء لا يكون إلا بصوت عال ، يستفاد من الآية بأن كلام الله له صوت يُسمع وأن المخاطَب يسمع صوت الرب سبحانه ، فرسول الله عليه الصلاة والسلام عندما خاطبه الله ليلة الإسراء والمعراج سمع كلام الله بصوت الله ، وموسى سمع كلام الله بصوت الله وإنما نصصنا على ذكر الصوت لأن الأشاعرة وهم جيرانكم يقولون كلام الله ليس بحرف ولا صوت ، أعني بالجوار بأن زملاؤكم من شباب المسلمين الذين يدرسون في جامعة الأزهر وفروع الأزهر من جميع الجامعات التي تدرس الإسلام يدرسون فيقولون في دروسهم أو تقول الكتب المقررة : الله يتكلم بكلام ليس له حرف ولا صوت أي إن كلام الله معنى واحد قائم بالذات ليس له حرف ولا صوت وإذا كانوا هم يكررون هذا الكلام من هناك فنحن نكرر من هنا بأن الله يتكلم بكلام يُسمع له حرف وصوت ، القرآن حروف فهو من كلام الله والذين سمعوا هذا القرآن من الله : جبرائيل سمع صوت الله ومحمد صلى الله عليه وسلم سمع صوت الله وكل من خاطبهم الرب من الأنبياء سمعوا كلام الله تعالى بصوت الله ، فلنكن صرحاء في تقرير عقيدتنا ، إذا كان القوم صرحاء في تحريف العقيدة فلنكن نحن صرحاء في إثبات العقدة وتقريرها .
(ويوم يناديهم فيقول) في الآية الأولى " ناديناه " بالفعل الماضي ، وفي الآية الثانية (ويوم يناديهم ) بالمضارع ثم قال (فيقول) إذن كلام ونداء وقول كل ذلك تأكيد لإثبات صفة الكلام ، وليس في إثبات صفة الكلام الحقيقي بحرف ولا صوت تشبيه للرب سبحانه وتعالى بالمخلوق لأن شبهتهم قالوا : لو أثبتنا له صوتا وحرفا شبهناه بالمخلوق لأن ذلك يستلزم إثبات مخارج الحروف وذلك غير وارد وغير ثابت ، يؤدي إلى هذا المحال والذي يؤدي إلى المحال محال ، إذن الكلام اللفظي محال ، هكذا قرروا ، فنحن نقول : في واقعنا وفي واقع الدنيا أشياء تكلمت وستتكلم وهي من الجمادات ليس لها مخارج الحروف ، الحصى سبحت والطعام سبح والحجر سلم على النبي عليه الصلاة والسلام هذه جمادات تكلمت حقيقة وليس لها مخارج الحروف إذن لا يلزم من الكلام الحقيقي الذي بحرف وصوت لا يلزم من ذلك إثبات مخارج الحروف ، إذا أمكن في المخلوق أن يتكلم مخلوق ما بدون إثبات مخارج الحروف له فكيف يُستصعَب ويُستبعَد ذلك على رب العالمين الذي هو فعال لما يريد سبحانه .
شرح التدمرية شريط 2
صوتي من المرفقات
- باعتبار أصل الكلام ونوع الكلام فهي صفة ذاتية أي : بأن الله سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال أن يتصف بالكلام لأن الكلام من صفات الكمال ولا يجوز أن يَعدم صفة الكمال إذن فالله سبحانه وتعالى موصوف بصفة الكلام دائما وأبدا ولا يجوز أن يُعتقد أن الكلام كان ممتنعا عليه يوما ما ثم تكلم ، ولم يكن عاجزا عن الكلام ثم تكلم ، بل صفة الكلام باعتبار أصل الصفة ونوع الصفة صفة ذاتية .
- وباعتبار أفراد الكلام صفة فعلية لأن أفراد الكلام يحصل في وقت دون وقت : خاطب الله نوحا فذلك كلامه ، وكلم موسى في وقت غير ذلك الوقت وكلم رسوله وخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج فأسمعه كلامه فذلك فرد من أفراد كلامه والقرآن من كلام الله والتوراة والإنجيل والزبور .
فالله سبحانه وتعالى يتكلم عندما يقول في آخر كل ليلة إذا بقي الثلث الأخير : هل من مستغفر فأغفر له . ويكلم أهل الجنة يوم القيامة ، هذا معنى أن أفراد الكلام حادث وليس بقديم بل صفة فعليه ، إلا أن الحدوث لا يلزم منه الخلق ، أي : كل مخلوق حادث وليس كل حادث مخلوقا ، لأن الله سبحانه وتعالى يُحْدِث ما يُحْدِث إما بالخلق والاختراع والإيجاد وقد يحدث ما يحدث بالتكلم والخطاب والإنزال هذا هو إحداث القرآن ، لا يقال إن القرآن قديم كما زعم بعضهم ذلك ربما نسب ذلك إلى الإمام احمد ولم يقل ذلك أبدا ، بل القرآن حدث حدوث إنزال وخطاب وتكلم به ولا يلزم من القول بأنه حادث أنه مخلوق فليُفَرّق بين الأمرين .
وقوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما) تأكيد الفعل بالمصدر ينفي احتمال المجاز ، لو قال ( وكلم الله موسى ) واكتفى لا يكون الكلام حقيقة بل فيه احتمال ، لكن قوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما) أي كلاما حقيقيا لا يحتمل إلا الكلام الحقيقي لا يحتمل المجاز ، بالاختصار : تأكيد الفعل بالمصدر ينفي المعنى المجازي ، فمثلا : لو قال الإنسان ( ضربت زيدا ضربا ) لا يحتمل إلا الضرب الحقيقي ، لكن لو قال ( ضربت زيدا ) فسكت يحتمل أنه آلمه بالسب والإساءة إليه ألما كألم الضرب ، ( قتلت زيدا ) يحتمل القتل الحقيقي ويحتمل الضرب ، ( قتلت زيدا قتلا ) لا يحتمل إلا إزهاق الروح وهكذا قوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما ) تأكيد بأن الله كلمه حقيقة .
فصفة الكلام أدلتها كثيرة جدا في القرآن ومع ذلك فهي محل المعركة بين السلف والخلف ، صفة الكلام وصفة العلو وصفة الاستواء من الصفات التي خالفت الأشاعرة فيها السلف خلافا ظاهرا ، حتى إن كلامهم يؤدي إلى نفي الصفات لا إلى مجرد التأويل ، والعجب تشددهم في نفي الكلام الحقيقي مع كثرة الأدلة المتنوعة أحيانا بالقول وأحيانا بالنداء وأحيانا بالتكلم وأحيانا بالإيحاء ، ما أكثر الأدلة في القرآن التي تثبت بأن الله يتكلم فينادي فيقول .
قال تعالى (وناديناه من جانب الطور الأيمن) " ناديناه " نادى موسى ، نداء والنداء لا يكون إلا بصوت عال ، يستفاد من الآية بأن كلام الله له صوت يُسمع وأن المخاطَب يسمع صوت الرب سبحانه ، فرسول الله عليه الصلاة والسلام عندما خاطبه الله ليلة الإسراء والمعراج سمع كلام الله بصوت الله ، وموسى سمع كلام الله بصوت الله وإنما نصصنا على ذكر الصوت لأن الأشاعرة وهم جيرانكم يقولون كلام الله ليس بحرف ولا صوت ، أعني بالجوار بأن زملاؤكم من شباب المسلمين الذين يدرسون في جامعة الأزهر وفروع الأزهر من جميع الجامعات التي تدرس الإسلام يدرسون فيقولون في دروسهم أو تقول الكتب المقررة : الله يتكلم بكلام ليس له حرف ولا صوت أي إن كلام الله معنى واحد قائم بالذات ليس له حرف ولا صوت وإذا كانوا هم يكررون هذا الكلام من هناك فنحن نكرر من هنا بأن الله يتكلم بكلام يُسمع له حرف وصوت ، القرآن حروف فهو من كلام الله والذين سمعوا هذا القرآن من الله : جبرائيل سمع صوت الله ومحمد صلى الله عليه وسلم سمع صوت الله وكل من خاطبهم الرب من الأنبياء سمعوا كلام الله تعالى بصوت الله ، فلنكن صرحاء في تقرير عقيدتنا ، إذا كان القوم صرحاء في تحريف العقيدة فلنكن نحن صرحاء في إثبات العقدة وتقريرها .
(ويوم يناديهم فيقول) في الآية الأولى " ناديناه " بالفعل الماضي ، وفي الآية الثانية (ويوم يناديهم ) بالمضارع ثم قال (فيقول) إذن كلام ونداء وقول كل ذلك تأكيد لإثبات صفة الكلام ، وليس في إثبات صفة الكلام الحقيقي بحرف ولا صوت تشبيه للرب سبحانه وتعالى بالمخلوق لأن شبهتهم قالوا : لو أثبتنا له صوتا وحرفا شبهناه بالمخلوق لأن ذلك يستلزم إثبات مخارج الحروف وذلك غير وارد وغير ثابت ، يؤدي إلى هذا المحال والذي يؤدي إلى المحال محال ، إذن الكلام اللفظي محال ، هكذا قرروا ، فنحن نقول : في واقعنا وفي واقع الدنيا أشياء تكلمت وستتكلم وهي من الجمادات ليس لها مخارج الحروف ، الحصى سبحت والطعام سبح والحجر سلم على النبي عليه الصلاة والسلام هذه جمادات تكلمت حقيقة وليس لها مخارج الحروف إذن لا يلزم من الكلام الحقيقي الذي بحرف وصوت لا يلزم من ذلك إثبات مخارج الحروف ، إذا أمكن في المخلوق أن يتكلم مخلوق ما بدون إثبات مخارج الحروف له فكيف يُستصعَب ويُستبعَد ذلك على رب العالمين الذي هو فعال لما يريد سبحانه .
شرح التدمرية شريط 2
صوتي من المرفقات