المعتقد الصحيح الواجب على المسلم اعتقاده والعمل به عند البحث والتقدم على الأعمال
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،
فقد أخطأ في زماننا الكثير من الناس في المعتقد الصحيح عند التقدم للعمل بأسباب الرزق، المسماة في زماننا (الوظائف).
وإني رأيت الكثير من الإخوة المتقدمين على الوظائف والأعمال قد ضلوا في الكثير من الأقوال والأمور ، لا سيما في فترة انتظارهم للقبول من الجهة التي تقدموا عليها، فقررت وبفضل الله أن أكتب كلمات قليلات مما أعلمه من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم لتكون نصيحة لهؤلاء ولجميع الإخوة ، نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق، آمين.
قال الله عز وجل: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}، أي: إن كنتم مؤمنين فلا تتوكلوا إلا على الله.
وقال تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}، أي: نعبدك وحدك ونستعينك وحدك.
وقال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}، أي: فهو كافيه -عز وجل-.
أولاً: لا يجوز الاعتقاد بأن المال يأتي من الوظيفة أو الشهادة، ويجب الاعتقاد بأن المال يأتي من عند الله وحده لا شريك له وأن الوظيفة أو الشهادة هي سبب -فقط- يعمل به المسلم.
وهنا لابد من طرح مفهوم التوكل الصحيح الذي أخطأ فيه الكثير من الإخوة -هداهم الله-: فقد عرف علماء أهل السنة والجماعة التوكل بأنه: "الاعتماد على الله وحده مع العمل بالأسباب، من غير التعلق بهذه الأسباب ومع قطع النظر في هذه الأسباب من بعد العمل بها". كيف يكون ذلك؟ مثلاً أنت درست وتحصلت على شهادة وقدمت على عمل، هذه كلها أسباب تعمل بها ولا تركن وتعتمد عليها أبداً بحيث تصبح تعتقد بأن هذه الأسباب هي التي ستأتي لك بالمال، إنما بعدما تعمل بهذه الأسباب تقطع النظر فيها، ويكون رجاءك وتعلق قلبك وحسن ظنك ويقينك وثقتك وإيمانك بالله وحده بأنه هو الرزاق لا بهذه الأسباب.
أما الآن في زماننا، فالله المستعان، الكثير من الناس، اعتمدت على الأسباب وتركت الاعتماد على الله، وإن اعتمدت على الله، فيكون -والعياذ بالله- اعتمادها على الأسباب أكبر من الاعتماد على الله، وهذا خطأ عظيم وقد أنكره علماء أهل السنة والجماعة في بلاد الحرمين.
ثانياً: الوظيفة سبب واحد في الرزق من أسباب كثيرة ، ولا يعني أن الرزق محشور في الوظائف فقط.
فإنه من يظن ويعتقد بأن المال لا يكون بأي طريقة أخرى سوى الوظيفة، فهو قد جعل الوظيفة أكبر من سبب، وجعلها فوق السبب والعياذ بالله. وقد أقر نحو هذا الكلام الشيخ الفقيه ابن عثيمين -رحمه الله- في كتاب (القول المفيد).
وإنه من جعل السبب في الرزق فوق منزلته التي هي (سبب) فإنه يعتقد فيه أن هذا السبب هو الذي يرزق لا الله، والعياذ بالله.
مثلاً: كم من جاهل لا شهادة له ولا وظيفة، وعنده الألوف يرزقه الله إياها من غير هذه الوظائف، مثلاً بسبب التجارة، أو بسبب العطايا والهبات أو حتى بسبب الصدقات، أو بأي سبب كان يسخره الله له غير الوظيفة.
فلا يجوز الاعتقاد بأن المال لا يأتي إلا عن طريق الوظيفة، بل إن الله عز وجل هو الرزاق يرزق من يشاء بغير حساب.
ومع ذلك نقول بأن الإنسان مأمور بالعمل بأسباب التكسب ، لا الجلوس في البيت والادعاء بأن الرزق يأتيه في بيته، إنما الكلام على المعتقد الذي يجب تصحيحه عند الكثير من الناس في أن الوظيفة هي المصدر الوحيد للرزق، وهذا أمر باطل ومنكر بلا شك، وقد يصل بالعبد إلى مرحلة الشرك، فقد قال الشيخ الفقيه ابن عثيمين رحمه الله في كتاب (القول المفيد) بأن التوكل ينقسم إلى ثلاثة أقسام وذكر منها ما يلي، حيث قال: "الثاني: الاعتماد على الشخص في رزقه ومعاشه وغير ذلك وهذا من الشرك الأصغر وقال بعضهم: من الشرك الخفي، مثل اعتماد كثير من الناس على وظيفته في حصول رزقه، ولهذا تجد الإنسان يشعر في نفسه أنه معتمد على هذا اعتماد افتقار، فتجد في نفسه من المحاباة لمن يكون هذا الرزق عنده ما هو ظاهر، فهو لم يعتقد أنه مجرد سبب، بل جعله فوق السبب". أهـــ.
ثالثا: لا يجوز إساءة الظن بالله عز وجل في أي حال من الأحوال، وأن هذا يأثم عليه العبد. قال الله عز وجل ف الحديث القدسي : ((أنا عند ظن عبدي بي)).
ومثال ذلك ما نراه كثيراً من المتقدمين على الوظائف ، بأنه إذا تأخر قبولهم ، فإنهم يبدؤون بإساءة الظن بالله بأن الله لن ييسر لهم هذا السبب والعمل في الرزق، فقد يكون الله تعالى أخر القبول لأسباب كثيرة، منها : ليمتحن العبد إن كان صابراً أم لا. ومنها : ليميز الله الصادقين عن الكاذبين في الصبر والإيمان والتوكل. ومنها: يمهل الله تعالى العبد حتى يكثر الدعاء ويلجئ إلى ربه في هذه الفترة فإن الله تعالى يحب أن يسمع صوت عبده المؤمن يدعوه ويتضرع إليه ويفتقر إليه.
قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}، أي: ولقد اختبرنا وامتحنا.
رابعاً: حسد بعض الإخوة وتمني زوال النعمة عمن تم قبولهم من قبل من لم يتم قبولهم ، واتهام هؤلاء للدولة بأنها غاشة وأنها تتعامل بالواسطات وأن المسؤولين لا يخافون الله في العدل بين المتقدمين.
وهذا كله من إساءة الظن ، والله عز وجل نهانا عن إساءة الظن فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثم}.
خامساً: يأس العبد إن لم ييسر له الله سبباً معيناً في الرزق.
فتجد ذلك العبد قد فقد الأمل، ولا يستمر بالدعاء والتوكل على الله والاستمرار في العمل بأسباب الرزق، وهذا كله خطا، فقد قال تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.
سادساً: قول البعض بأن "واسطتي هو الله" أمر منكر ولا يجوز.
فالله -عز وجل- ليس بشفيع يستشفع به على أحد من خلقه أو وسيلة يتوسل به على أحد من عباده والعياذ بالله، فلا يتوسل العبد (بالله) إنما يتوسل (إلى الله)، فيسأل العبد الله عز وجل، فالواجب الاعتقاد الصحيح: بأن الله سييسر للعبد هذا االسبب وهذا العمل، وسيرزقه من عنده. وما نحو ذلك من الاعتقاد.
سابعاً: الاعتقاد بأن العبد إذا أذنب فإن الله يضيق عليه في الرزق بسبب ذنوبه.
وهذا صحيح وقد أقر هذا الأمر علماؤنا الكبار رحمهم الله ومنهم الإمام ابن باز رحمه الله.
فقد قال الله تعالى: { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون }. فيستدل من هذه الآية بأن العبد إذا أذنب فإن الله تعالى يعاقبه بالتضييق عليه في الرزق حتى يعود ويرجع وينيب ويتوب إلى ربه توبة نصوح.
هذه نصيحة مختصرة أبتغي بها وجه الله في الآخرة، أرجو أن بنفع الله بها الإخوة في هذا المنتدى، والذين يرون هذا الموضوع.
والله الهادي والموفق إلى سواء السبيل.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه أخوكم محمد بن صالح الدهيمان
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،
فقد أخطأ في زماننا الكثير من الناس في المعتقد الصحيح عند التقدم للعمل بأسباب الرزق، المسماة في زماننا (الوظائف).
وإني رأيت الكثير من الإخوة المتقدمين على الوظائف والأعمال قد ضلوا في الكثير من الأقوال والأمور ، لا سيما في فترة انتظارهم للقبول من الجهة التي تقدموا عليها، فقررت وبفضل الله أن أكتب كلمات قليلات مما أعلمه من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم لتكون نصيحة لهؤلاء ولجميع الإخوة ، نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق، آمين.
قال الله عز وجل: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}، أي: إن كنتم مؤمنين فلا تتوكلوا إلا على الله.
وقال تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}، أي: نعبدك وحدك ونستعينك وحدك.
وقال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}، أي: فهو كافيه -عز وجل-.
أولاً: لا يجوز الاعتقاد بأن المال يأتي من الوظيفة أو الشهادة، ويجب الاعتقاد بأن المال يأتي من عند الله وحده لا شريك له وأن الوظيفة أو الشهادة هي سبب -فقط- يعمل به المسلم.
وهنا لابد من طرح مفهوم التوكل الصحيح الذي أخطأ فيه الكثير من الإخوة -هداهم الله-: فقد عرف علماء أهل السنة والجماعة التوكل بأنه: "الاعتماد على الله وحده مع العمل بالأسباب، من غير التعلق بهذه الأسباب ومع قطع النظر في هذه الأسباب من بعد العمل بها". كيف يكون ذلك؟ مثلاً أنت درست وتحصلت على شهادة وقدمت على عمل، هذه كلها أسباب تعمل بها ولا تركن وتعتمد عليها أبداً بحيث تصبح تعتقد بأن هذه الأسباب هي التي ستأتي لك بالمال، إنما بعدما تعمل بهذه الأسباب تقطع النظر فيها، ويكون رجاءك وتعلق قلبك وحسن ظنك ويقينك وثقتك وإيمانك بالله وحده بأنه هو الرزاق لا بهذه الأسباب.
أما الآن في زماننا، فالله المستعان، الكثير من الناس، اعتمدت على الأسباب وتركت الاعتماد على الله، وإن اعتمدت على الله، فيكون -والعياذ بالله- اعتمادها على الأسباب أكبر من الاعتماد على الله، وهذا خطأ عظيم وقد أنكره علماء أهل السنة والجماعة في بلاد الحرمين.
ثانياً: الوظيفة سبب واحد في الرزق من أسباب كثيرة ، ولا يعني أن الرزق محشور في الوظائف فقط.
فإنه من يظن ويعتقد بأن المال لا يكون بأي طريقة أخرى سوى الوظيفة، فهو قد جعل الوظيفة أكبر من سبب، وجعلها فوق السبب والعياذ بالله. وقد أقر نحو هذا الكلام الشيخ الفقيه ابن عثيمين -رحمه الله- في كتاب (القول المفيد).
وإنه من جعل السبب في الرزق فوق منزلته التي هي (سبب) فإنه يعتقد فيه أن هذا السبب هو الذي يرزق لا الله، والعياذ بالله.
مثلاً: كم من جاهل لا شهادة له ولا وظيفة، وعنده الألوف يرزقه الله إياها من غير هذه الوظائف، مثلاً بسبب التجارة، أو بسبب العطايا والهبات أو حتى بسبب الصدقات، أو بأي سبب كان يسخره الله له غير الوظيفة.
فلا يجوز الاعتقاد بأن المال لا يأتي إلا عن طريق الوظيفة، بل إن الله عز وجل هو الرزاق يرزق من يشاء بغير حساب.
ومع ذلك نقول بأن الإنسان مأمور بالعمل بأسباب التكسب ، لا الجلوس في البيت والادعاء بأن الرزق يأتيه في بيته، إنما الكلام على المعتقد الذي يجب تصحيحه عند الكثير من الناس في أن الوظيفة هي المصدر الوحيد للرزق، وهذا أمر باطل ومنكر بلا شك، وقد يصل بالعبد إلى مرحلة الشرك، فقد قال الشيخ الفقيه ابن عثيمين رحمه الله في كتاب (القول المفيد) بأن التوكل ينقسم إلى ثلاثة أقسام وذكر منها ما يلي، حيث قال: "الثاني: الاعتماد على الشخص في رزقه ومعاشه وغير ذلك وهذا من الشرك الأصغر وقال بعضهم: من الشرك الخفي، مثل اعتماد كثير من الناس على وظيفته في حصول رزقه، ولهذا تجد الإنسان يشعر في نفسه أنه معتمد على هذا اعتماد افتقار، فتجد في نفسه من المحاباة لمن يكون هذا الرزق عنده ما هو ظاهر، فهو لم يعتقد أنه مجرد سبب، بل جعله فوق السبب". أهـــ.
ثالثا: لا يجوز إساءة الظن بالله عز وجل في أي حال من الأحوال، وأن هذا يأثم عليه العبد. قال الله عز وجل ف الحديث القدسي : ((أنا عند ظن عبدي بي)).
ومثال ذلك ما نراه كثيراً من المتقدمين على الوظائف ، بأنه إذا تأخر قبولهم ، فإنهم يبدؤون بإساءة الظن بالله بأن الله لن ييسر لهم هذا السبب والعمل في الرزق، فقد يكون الله تعالى أخر القبول لأسباب كثيرة، منها : ليمتحن العبد إن كان صابراً أم لا. ومنها : ليميز الله الصادقين عن الكاذبين في الصبر والإيمان والتوكل. ومنها: يمهل الله تعالى العبد حتى يكثر الدعاء ويلجئ إلى ربه في هذه الفترة فإن الله تعالى يحب أن يسمع صوت عبده المؤمن يدعوه ويتضرع إليه ويفتقر إليه.
قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}، أي: ولقد اختبرنا وامتحنا.
رابعاً: حسد بعض الإخوة وتمني زوال النعمة عمن تم قبولهم من قبل من لم يتم قبولهم ، واتهام هؤلاء للدولة بأنها غاشة وأنها تتعامل بالواسطات وأن المسؤولين لا يخافون الله في العدل بين المتقدمين.
وهذا كله من إساءة الظن ، والله عز وجل نهانا عن إساءة الظن فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثم}.
خامساً: يأس العبد إن لم ييسر له الله سبباً معيناً في الرزق.
فتجد ذلك العبد قد فقد الأمل، ولا يستمر بالدعاء والتوكل على الله والاستمرار في العمل بأسباب الرزق، وهذا كله خطا، فقد قال تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.
سادساً: قول البعض بأن "واسطتي هو الله" أمر منكر ولا يجوز.
فالله -عز وجل- ليس بشفيع يستشفع به على أحد من خلقه أو وسيلة يتوسل به على أحد من عباده والعياذ بالله، فلا يتوسل العبد (بالله) إنما يتوسل (إلى الله)، فيسأل العبد الله عز وجل، فالواجب الاعتقاد الصحيح: بأن الله سييسر للعبد هذا االسبب وهذا العمل، وسيرزقه من عنده. وما نحو ذلك من الاعتقاد.
سابعاً: الاعتقاد بأن العبد إذا أذنب فإن الله يضيق عليه في الرزق بسبب ذنوبه.
وهذا صحيح وقد أقر هذا الأمر علماؤنا الكبار رحمهم الله ومنهم الإمام ابن باز رحمه الله.
فقد قال الله تعالى: { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون }. فيستدل من هذه الآية بأن العبد إذا أذنب فإن الله تعالى يعاقبه بالتضييق عليه في الرزق حتى يعود ويرجع وينيب ويتوب إلى ربه توبة نصوح.
هذه نصيحة مختصرة أبتغي بها وجه الله في الآخرة، أرجو أن بنفع الله بها الإخوة في هذا المنتدى، والذين يرون هذا الموضوع.
والله الهادي والموفق إلى سواء السبيل.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه أخوكم محمد بن صالح الدهيمان
تعليق