قال العلامة الأصولي النظار صاحب أضواء البيان محمد الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه-
(.. ومن المعلوم أنّ المقدمــات التي تتركب منها الأدلة التي يحتج بها كل واحدٍ من المتناظرين إنما توجه الحجة بها منتظمة على صورة ( القياس المنطقي) .
ومن أجل ذلك كان فن (آداب البحث والمناظرة ) يتوقف فهمه كما ينبغي على فهم ما لابد منه من فن ( المنطق ) ، لأنّ توجيه السائل المنع على المقدمة الصغرى أو الكبرى مثلاً أو القدح في الدليل بعدم تكرار الحد الأوسط أو باختلال شرط من شروط الإنتاج ونحو ذلك لا يفهمه من لا إلمام له بفن ( المـنطق ) .
وكانت الجامعة قد أسندت إلينا تدريس فن آداب البحث والمناظرة ، وكان لا بد من وضع مذكرة تمكن طلاّب الفن من مقصودهم فوضعنا هذه المذكرة وبدأناها بإيضاح القواعد التي لا بد منها من فن ( المنطق ) لآداب البحث والمناظرة واقتصرنا فيها على المهم الذي لا بد منه للمناظرة ، وجئنا بتلك (الأصول المنطقية ) خالصة من شوائب الشبه الفلسفية ؛ فيها النفع الذي لا يخالطه ضرر البتة لأنها من الذي خلّصه علماء الإسلام من شوائب الفلسفة كما قال العلاّمة شيخ مشايخنا وابن عمنا المختار بن بونة شارح الألفية والجامع معها ألفية أُخرى من نظمه تكميلاً للفائدة في نظمه في فن ( المنطق ) :
{ فإن تقـل حرّمه النـواوى وابن الصلاح والسـيوطي الراوي
قلتُ نرى الأقوال ذي المخالفة محلّـها ما صنف الفلاسـفـة
أمّـا الذي خلّصه من أسلما لا بد أن يُعلم عــند العلمـاء }
وأ مّـا قول الأخضري في (سلّمه) :
( فابن الصلاح والنواوي حرما وقال قوم ينبغي أن يعلما
والقولة المشهورة الصحيحة جوازه لكـامل القريحة
ممارس السنة و الكتــاب ليهتدي به إلى الصواب )
فمحلّـه : المنطق المشوب بكلام الفلاسفة الباطل ..
ومن المعلوم أنّ فن المنطق منذ ترجم من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية في أيام المأمون كانت جميع المؤلفات توجد فيها عبارات واصطلاحات منطقية لا يفهمها إلاّ من له إلمام به ، ولا يفهم الرد على المنطقيين في ما جاؤا به من الباطل إلاّ من له إلمام بفن المنطق .
وقد يعين على رد الشبه آلتي جاء بها المتكلمون في أقيسة منطقية فزعموا أنّ العقل يمنع بسببها كثير من صفات الله الثابتة في الكتاب والسنة ؛ لأنّ أكبر سبب لإفحام المبطل أن تكون الحجة عليه من جنس ما يحتج به وأن تكون مركبة من مقدمات على الهيئة التي يعترف الخصم المبطل بصحة إنتاجها .
ولا شك أنّ ( المنطق ) لو لم يُترجم إلى العربية ولم يتعلمه المسلمون لكان دينهم وعقيدتهم في غنى عنه كما استغنى عنه سلفهم الصالح ؛ ولكنه لمّا تُرجم وتُعلم وصارت أقيسته هي الطريقة الوحيدة لنفي بعض صفات الله الثابتة في الوحيين ، كان ينبغي لعلماء المسلمين أن يتعلموه وينظروا فيه ليردوا حجج المبطلين بجنس ما استدلوا به على نفيهم لبعض الصفات ؛ لأنّ إفحامهم بنفس أدلتهم أدعى لانقطاعهم وإلزامهم الحق .
واعلم أنّ نفس ( القياس المنطقي) في حد ذاته صحيح النتائج إنْ ركبت مقدماته على الوجه الصحيح صورة ومادة ، مع شروط إنتاجه فهو قطعي الصحة وإنما يعتريه الخلل من جهة الناظر فيه ، فيغلط ، فيظن هذا الأمر لازماً لهذا مثلاً ، فيستدل بنفي ذلك اللازم في زعمه على نفي ذلك الملزوم مع أنه لا ملازمة بينهما في نفس الأمر البتة .
ومن أجل غلطه في ذلك تخرج النتيجة مخالفة للوحي الصحيح لغلط المستدل . ولو كان استعماله للقياس المنطقي على الوجه الصحيح لكانت نتيجته مطابقة للوحي بلا شك ، لأنّ العقل الصحيح لا يخالف النقل الصريح …)أ.هـ
[ من مذكرته لآداب البحث والمناظرة القسم الأول: ( مقدمات منطقية ) ]
(.. ومن المعلوم أنّ المقدمــات التي تتركب منها الأدلة التي يحتج بها كل واحدٍ من المتناظرين إنما توجه الحجة بها منتظمة على صورة ( القياس المنطقي) .
ومن أجل ذلك كان فن (آداب البحث والمناظرة ) يتوقف فهمه كما ينبغي على فهم ما لابد منه من فن ( المنطق ) ، لأنّ توجيه السائل المنع على المقدمة الصغرى أو الكبرى مثلاً أو القدح في الدليل بعدم تكرار الحد الأوسط أو باختلال شرط من شروط الإنتاج ونحو ذلك لا يفهمه من لا إلمام له بفن ( المـنطق ) .
وكانت الجامعة قد أسندت إلينا تدريس فن آداب البحث والمناظرة ، وكان لا بد من وضع مذكرة تمكن طلاّب الفن من مقصودهم فوضعنا هذه المذكرة وبدأناها بإيضاح القواعد التي لا بد منها من فن ( المنطق ) لآداب البحث والمناظرة واقتصرنا فيها على المهم الذي لا بد منه للمناظرة ، وجئنا بتلك (الأصول المنطقية ) خالصة من شوائب الشبه الفلسفية ؛ فيها النفع الذي لا يخالطه ضرر البتة لأنها من الذي خلّصه علماء الإسلام من شوائب الفلسفة كما قال العلاّمة شيخ مشايخنا وابن عمنا المختار بن بونة شارح الألفية والجامع معها ألفية أُخرى من نظمه تكميلاً للفائدة في نظمه في فن ( المنطق ) :
{ فإن تقـل حرّمه النـواوى وابن الصلاح والسـيوطي الراوي
قلتُ نرى الأقوال ذي المخالفة محلّـها ما صنف الفلاسـفـة
أمّـا الذي خلّصه من أسلما لا بد أن يُعلم عــند العلمـاء }
وأ مّـا قول الأخضري في (سلّمه) :
( فابن الصلاح والنواوي حرما وقال قوم ينبغي أن يعلما
والقولة المشهورة الصحيحة جوازه لكـامل القريحة
ممارس السنة و الكتــاب ليهتدي به إلى الصواب )
فمحلّـه : المنطق المشوب بكلام الفلاسفة الباطل ..
ومن المعلوم أنّ فن المنطق منذ ترجم من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية في أيام المأمون كانت جميع المؤلفات توجد فيها عبارات واصطلاحات منطقية لا يفهمها إلاّ من له إلمام به ، ولا يفهم الرد على المنطقيين في ما جاؤا به من الباطل إلاّ من له إلمام بفن المنطق .
وقد يعين على رد الشبه آلتي جاء بها المتكلمون في أقيسة منطقية فزعموا أنّ العقل يمنع بسببها كثير من صفات الله الثابتة في الكتاب والسنة ؛ لأنّ أكبر سبب لإفحام المبطل أن تكون الحجة عليه من جنس ما يحتج به وأن تكون مركبة من مقدمات على الهيئة التي يعترف الخصم المبطل بصحة إنتاجها .
ولا شك أنّ ( المنطق ) لو لم يُترجم إلى العربية ولم يتعلمه المسلمون لكان دينهم وعقيدتهم في غنى عنه كما استغنى عنه سلفهم الصالح ؛ ولكنه لمّا تُرجم وتُعلم وصارت أقيسته هي الطريقة الوحيدة لنفي بعض صفات الله الثابتة في الوحيين ، كان ينبغي لعلماء المسلمين أن يتعلموه وينظروا فيه ليردوا حجج المبطلين بجنس ما استدلوا به على نفيهم لبعض الصفات ؛ لأنّ إفحامهم بنفس أدلتهم أدعى لانقطاعهم وإلزامهم الحق .
واعلم أنّ نفس ( القياس المنطقي) في حد ذاته صحيح النتائج إنْ ركبت مقدماته على الوجه الصحيح صورة ومادة ، مع شروط إنتاجه فهو قطعي الصحة وإنما يعتريه الخلل من جهة الناظر فيه ، فيغلط ، فيظن هذا الأمر لازماً لهذا مثلاً ، فيستدل بنفي ذلك اللازم في زعمه على نفي ذلك الملزوم مع أنه لا ملازمة بينهما في نفس الأمر البتة .
ومن أجل غلطه في ذلك تخرج النتيجة مخالفة للوحي الصحيح لغلط المستدل . ولو كان استعماله للقياس المنطقي على الوجه الصحيح لكانت نتيجته مطابقة للوحي بلا شك ، لأنّ العقل الصحيح لا يخالف النقل الصريح …)أ.هـ
[ من مذكرته لآداب البحث والمناظرة القسم الأول: ( مقدمات منطقية ) ]
تعليق