عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا،فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ،قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السؤال، وإضاعة المال» رواه مسلم.
معاني المفردات :
الرضى والسخط : صفتان لله تليقان بجلاله لا تشبهان صفات المخلوقين.
العبـــادة : لغة الخضوع والذل مع المحبة وهي أمر جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فكل ما أمر الله به أمر إيجاب أو استحباب فهو عبادة وصرفه لغيره شرك.
الـشــرك: أن يتخذ لله نداً في شيء من العبادات بأن يصرف العبد نوعاً من أنواع العبادة لغير الله ، فكلُّ اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص وصرفه لغيره شرك.
الاعتصام بحبل الله : هو التمسك بما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم كتاباً وسنة.
قيـل وقــال : الخوض في الباطل وفيما لا يعني.
كثـرة السـؤال : الإكثار من سؤال الناس وفرض ما لم يقع من المسائل والمشاكل.
إضاعــة المال : إهماله والتفريط فيه وتعريضه للضياع.
المعنى الإجمالي: فيه إثبات الرضى لله، وذكر متعلقاته، وإثبات الكراهة منه، وذكر متعلقاتها ; فإن الله جل جلاله من كرمه على عباده، يرضى لهم ما فيه مصلحتهم، وسعادتهم في العاجل والآجل .
وذلك بالقيام بعبادة الله وحده لا شريك له، وإخلاص الدين له بأن يقوم الناس بعقائد الإيمان وأصوله، وشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة، وبالأعمال الصالحة، والأخلاق الزاكية، كل ذلك خالصا لله موافقا لمرضاته، على سنة نبيه، والحث على التوحيد الخالص والقيام بأعظم حقوق الله وأعظم واجبات الإسلام وهو إفراد الله وحده بالعبادة التي هي الغاية من خلق الجن والإنس. قال تعالى : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}[الذريات:56].
والابتعاد عن الشرك في عبادته فلا يشرك العبد بالله أحداً من خلقه فيجعله نداً لله في دعاء ولا استغاثة ولا ذبح ولا نذر ولا رجاء ولا خوف ولا توكل لأن هذه الأمور حق خاص لله لا يرضى أن يشاركه فيها ملَك مقرب ولا نبي مرسل.
ويعتصموا بحبل الله، وهو دينه الذي هو الوصلة بينه وبين عباده، فيقوموا به مجتمعين متعاونين على البر والتقوى «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره»، بل يكون محبا له مصافيا، وأخا معاونا وبهذا الأصل والذي قبله يكمل الدين، وتتم النعمة على المسلمين، ويعزهم الله بذلك وينصرهم، لقيامهم بجميع الوسائل التي أمرهم الله بها والتي تكفل لمن أقام بها بالنصر والتمكين، وبالفلاح والنجاح العاجل والآجل. والاعتصام بحبل الله وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم من كتاب وسنة وما حوته تعاليم الرسول من عقائد وعبادات وأخلاق ومعاملات ، فلا يسع مسلماً لا فرداً من أفراد المسلمين ولا طائفة من طوائف المسلمين ولا مجتمعاً من المجتمعات ا لإسلامية ولا حاكماً ولا محكوماً الخروج عن شيء من أصول الإسلام أو فروعه.
بل يجب على الجميع الإيمان والالتزام الكامل بكل ما جاء به خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وتقديمه على كل قول وهدي.
ومناصحة ولاة أمر المسلمين وذلك يتم بالتعاون معهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنهولم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم ، والصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات إليهم وترك الخروج عليه بالسيف إذا ظهر منهم حيف أو سوء العشرة والدعاء لهم بالصلاح وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم.
ثم ذكر ما كره الله لعباده، (القيل والقال) مما ينافي هذه الأمور التي يحبها وينقضها فمنها: كثرة القيل والقال، فإن ذلك من دواعي الكذب، وعدم التثبت، واعتقاد غيرا لحق. ومن أسباب وقوع الفتن ،وتنافر القلوب، ومن الاشتغال بالأمور الضارة عن الأمورا لنافعة. وقل أن يسلم أحد من شيء من ذلك، إذا كانت رغبته في القيل والقال .
وأما قوله: «وكثرة السؤال» فهذا هو السؤال المذموم، كسؤال الدنيا من غير حاجة وضرورة، والسؤال على وجه التعنت والإعنات، وعن الأمور التي يخشى من ضررها، أو عن الأمور التي لا نفع فيها، الداخلة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] وأما السؤال عن العلوم النافعة على وجه الاسترشاد أو الإرشاد، فهذا محمود مأمور به.
وقوله: «وإضاعة المال» وذلك إما بترك حفظه حتى يضيع، أو يكون عرضة للسراق والضياع، وإما باهمال عمارة عقاره، أو الإنفاق على حيوانه، وإما بإنفاق المال في الأمور الضارة، أو غير النافعة.
فكل هذا داخل في إضاعة المال. وإما بتولي ناقصي العقول لها،كالصغار والسفهاء والمجانين ونحوهم؛ لأن الله تعالى جعل الأموال قياما للناس، بها تقوم مصالحهم الدينية والدنيوية، فتمام النعمة فيها أن تصرف فيما خلقت له: من المنافع والأمور الشرعية، والمنافع الدنيوية .وما كرهه الله لعباده، فهو يحب منهم ضدها، يحب منهم أن يكونوا متثبتين في جميع ما يقولونه، وأن لا ينقلوا كل ما سمعوه ،وأن يكونوا متحرين للصدق، وأن لا يسألوا إلا عما ينفع، وأن يحفظوا أموالهم ويدبروها، ويتصرفوا فيها التصرفات النافعة، ويصرفوها في المصارف النافعة.
ولهذ اقال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] والحمد لله أولا وآخرا.
والله أعلم.
الفوائد:
1-. فيه إثبات صفة الرضا والكراهية لله -جل وعلا-، على ما يليق بالله -جل وعلا-بجلاله وعظمته من غير مشابهةٍ للمخلوق، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [(11) سورة الشورى]
2-لا بد من الاعتصام بحبل الله -جل وعلا-، بالكتاب والسنة،
3-أن القوة في الاعتصام والاجتماع، والضعف لا شك أنه في التفرق،
4-((ويكره لكم قيل وقال)) الكلام قيل وقال، قيل كذا وقيل كذا، الأخبار قالت كذا،القنوات قالت كذا، الصحف قالت كذا، وكلها إشاعات، لا تستند إلى حقائق، إشاعات ممرضة مقلقة، تبعث على اليأس، وعلى الخمول، قيل وقال.
5-ظهرهذا الإعجاز النبوي في هذه العصور، في أجلى صوره، الناس مجالسهم كلها قيل وقال،وهذا مكروه عند الله -جل وعلا-، فعلى الإنسان أن يحفظ نفسه من هذه الأمور، وهذهالتصرفات.
6-فعلى الإنسان أن يحفظ لسانه، ويحفظ سمعه، ويحفظ بصره، يحفظ جوارحه؛ لأن هذا القيل سُمع، ثم تٌكلم به، وقد يكون رٌؤي، وقد يكون القائل كافر، وقد يكون بغي من خلال هذه القنوات، كم من مصيبة، وكم من مشكلة أورثتها هذه القنوات، والإشاعات التي لا تستند إلى أصل لا تفيد العلم، ما تفيده شيئاً، إنما ضررها محقق، ونفعها مظنون إنوجد.
7-أن الشرع عظم من شأن المال، وحفظ الأموال من حفظ الضرورات التي جاءت الشرائع بها.
8-فلا يجوز للإنسان أن يضيع ماله فيما لا ينفع، بل عليه أن يحفظ ماله عن السفهاء{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ} [(5) سورة النساء] وهذا في المباحات ،يجب حفظه وتبليغه في المباحات فضلاً عن المحرمات، فإضاعة المال حرام، وإذا كانت فيأمورٍ محرمة زاد الأمر تحريماً
9- وجوب القيام بعبادة الله على الوجه المطلوب.
10- وجوب الابتعاد عن كل أصناف الشرك صغيره وكبيره.
11- تحريم التفرق ووجوب وحدة المسلمين على الحق.
12- وجوب مناصحة ولاة أمر المسلمين والتعاون معهم على الحق والبر.
13- تحريم القيل والقال. وهو الخوض في الباطل وإشاعة الفواحش ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة وكفى بالمرءِ كذباً أن يحدث بكل ما سمع.
14- تحريم سؤال المخلوقين إلا فيما يقدرون عليه في حال الضرورة والأفضل التوكل والصبر.
15- الاحتكام إلى ما جاء به الرسول في كل شأن وتجريد الطاعة والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم في صغير أمور الدين وكبيرها.
16- مجانبة كل بدعة ورأي ومعصية وبذلك لا بغيره يجتمع شمل المسلمين وتقوم وحدتهم المنشودة ويصدق عليهم جميعاً أنهم معتصمون بحبل الله وهذا الواقع هو الذي يريده الله وكلف بها الأمة الإسلامية لا الوحدات السياسية مع اختلاف العقائد والمشارب والاتجاهات فإن هذا اللون من التجميع لو تم – وهو بعيد – ينطبق عليه قول الله تعالى : {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى } (الحشر 14).
17- سؤال المخلوق بلا ضرورةٍ ثلاث مفاسد : إذا كان المسؤول حياً قادراً على تحقيق المطلوب بمنه
(1) مفسدة الافتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك.
(2) ومفسدة إيذاء المخلوق المسؤول وهي نوع ظلم الخلق.
(3) ومفسدة الذل لغير الله وهو ظلم للنفس.
18- المال نعمة من الله وفيه عون على طاعة الله والجهاد في سبيله وعلى مساعدة المستحقين منالمسلمين الفقراء والأقارب وغيرهم، فيجب أن يشكر المسلم ربه على هذه النعمة ويحافظ عليها من الضياع والإهمال ولا ينفق منه إلا في الطرق التي شرعها الله أو أباحها وليس له أن ينفق منه في سبيل الشيطان والمعاصي كما ليس له أن يهمل هذه النعمة ويعرضها للضياع. والله اعلم .صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه
(عزمي إبراهيم عزيز )
معاني المفردات :
الرضى والسخط : صفتان لله تليقان بجلاله لا تشبهان صفات المخلوقين.
العبـــادة : لغة الخضوع والذل مع المحبة وهي أمر جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فكل ما أمر الله به أمر إيجاب أو استحباب فهو عبادة وصرفه لغيره شرك.
الـشــرك: أن يتخذ لله نداً في شيء من العبادات بأن يصرف العبد نوعاً من أنواع العبادة لغير الله ، فكلُّ اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص وصرفه لغيره شرك.
الاعتصام بحبل الله : هو التمسك بما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم كتاباً وسنة.
قيـل وقــال : الخوض في الباطل وفيما لا يعني.
كثـرة السـؤال : الإكثار من سؤال الناس وفرض ما لم يقع من المسائل والمشاكل.
إضاعــة المال : إهماله والتفريط فيه وتعريضه للضياع.
المعنى الإجمالي: فيه إثبات الرضى لله، وذكر متعلقاته، وإثبات الكراهة منه، وذكر متعلقاتها ; فإن الله جل جلاله من كرمه على عباده، يرضى لهم ما فيه مصلحتهم، وسعادتهم في العاجل والآجل .
وذلك بالقيام بعبادة الله وحده لا شريك له، وإخلاص الدين له بأن يقوم الناس بعقائد الإيمان وأصوله، وشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة، وبالأعمال الصالحة، والأخلاق الزاكية، كل ذلك خالصا لله موافقا لمرضاته، على سنة نبيه، والحث على التوحيد الخالص والقيام بأعظم حقوق الله وأعظم واجبات الإسلام وهو إفراد الله وحده بالعبادة التي هي الغاية من خلق الجن والإنس. قال تعالى : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}[الذريات:56].
والابتعاد عن الشرك في عبادته فلا يشرك العبد بالله أحداً من خلقه فيجعله نداً لله في دعاء ولا استغاثة ولا ذبح ولا نذر ولا رجاء ولا خوف ولا توكل لأن هذه الأمور حق خاص لله لا يرضى أن يشاركه فيها ملَك مقرب ولا نبي مرسل.
ويعتصموا بحبل الله، وهو دينه الذي هو الوصلة بينه وبين عباده، فيقوموا به مجتمعين متعاونين على البر والتقوى «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره»، بل يكون محبا له مصافيا، وأخا معاونا وبهذا الأصل والذي قبله يكمل الدين، وتتم النعمة على المسلمين، ويعزهم الله بذلك وينصرهم، لقيامهم بجميع الوسائل التي أمرهم الله بها والتي تكفل لمن أقام بها بالنصر والتمكين، وبالفلاح والنجاح العاجل والآجل. والاعتصام بحبل الله وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم من كتاب وسنة وما حوته تعاليم الرسول من عقائد وعبادات وأخلاق ومعاملات ، فلا يسع مسلماً لا فرداً من أفراد المسلمين ولا طائفة من طوائف المسلمين ولا مجتمعاً من المجتمعات ا لإسلامية ولا حاكماً ولا محكوماً الخروج عن شيء من أصول الإسلام أو فروعه.
بل يجب على الجميع الإيمان والالتزام الكامل بكل ما جاء به خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وتقديمه على كل قول وهدي.
ومناصحة ولاة أمر المسلمين وذلك يتم بالتعاون معهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنهولم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم ، والصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات إليهم وترك الخروج عليه بالسيف إذا ظهر منهم حيف أو سوء العشرة والدعاء لهم بالصلاح وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم.
ثم ذكر ما كره الله لعباده، (القيل والقال) مما ينافي هذه الأمور التي يحبها وينقضها فمنها: كثرة القيل والقال، فإن ذلك من دواعي الكذب، وعدم التثبت، واعتقاد غيرا لحق. ومن أسباب وقوع الفتن ،وتنافر القلوب، ومن الاشتغال بالأمور الضارة عن الأمورا لنافعة. وقل أن يسلم أحد من شيء من ذلك، إذا كانت رغبته في القيل والقال .
وأما قوله: «وكثرة السؤال» فهذا هو السؤال المذموم، كسؤال الدنيا من غير حاجة وضرورة، والسؤال على وجه التعنت والإعنات، وعن الأمور التي يخشى من ضررها، أو عن الأمور التي لا نفع فيها، الداخلة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] وأما السؤال عن العلوم النافعة على وجه الاسترشاد أو الإرشاد، فهذا محمود مأمور به.
وقوله: «وإضاعة المال» وذلك إما بترك حفظه حتى يضيع، أو يكون عرضة للسراق والضياع، وإما باهمال عمارة عقاره، أو الإنفاق على حيوانه، وإما بإنفاق المال في الأمور الضارة، أو غير النافعة.
فكل هذا داخل في إضاعة المال. وإما بتولي ناقصي العقول لها،كالصغار والسفهاء والمجانين ونحوهم؛ لأن الله تعالى جعل الأموال قياما للناس، بها تقوم مصالحهم الدينية والدنيوية، فتمام النعمة فيها أن تصرف فيما خلقت له: من المنافع والأمور الشرعية، والمنافع الدنيوية .وما كرهه الله لعباده، فهو يحب منهم ضدها، يحب منهم أن يكونوا متثبتين في جميع ما يقولونه، وأن لا ينقلوا كل ما سمعوه ،وأن يكونوا متحرين للصدق، وأن لا يسألوا إلا عما ينفع، وأن يحفظوا أموالهم ويدبروها، ويتصرفوا فيها التصرفات النافعة، ويصرفوها في المصارف النافعة.
ولهذ اقال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] والحمد لله أولا وآخرا.
والله أعلم.
الفوائد:
1-. فيه إثبات صفة الرضا والكراهية لله -جل وعلا-، على ما يليق بالله -جل وعلا-بجلاله وعظمته من غير مشابهةٍ للمخلوق، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [(11) سورة الشورى]
2-لا بد من الاعتصام بحبل الله -جل وعلا-، بالكتاب والسنة،
3-أن القوة في الاعتصام والاجتماع، والضعف لا شك أنه في التفرق،
4-((ويكره لكم قيل وقال)) الكلام قيل وقال، قيل كذا وقيل كذا، الأخبار قالت كذا،القنوات قالت كذا، الصحف قالت كذا، وكلها إشاعات، لا تستند إلى حقائق، إشاعات ممرضة مقلقة، تبعث على اليأس، وعلى الخمول، قيل وقال.
5-ظهرهذا الإعجاز النبوي في هذه العصور، في أجلى صوره، الناس مجالسهم كلها قيل وقال،وهذا مكروه عند الله -جل وعلا-، فعلى الإنسان أن يحفظ نفسه من هذه الأمور، وهذهالتصرفات.
6-فعلى الإنسان أن يحفظ لسانه، ويحفظ سمعه، ويحفظ بصره، يحفظ جوارحه؛ لأن هذا القيل سُمع، ثم تٌكلم به، وقد يكون رٌؤي، وقد يكون القائل كافر، وقد يكون بغي من خلال هذه القنوات، كم من مصيبة، وكم من مشكلة أورثتها هذه القنوات، والإشاعات التي لا تستند إلى أصل لا تفيد العلم، ما تفيده شيئاً، إنما ضررها محقق، ونفعها مظنون إنوجد.
7-أن الشرع عظم من شأن المال، وحفظ الأموال من حفظ الضرورات التي جاءت الشرائع بها.
8-فلا يجوز للإنسان أن يضيع ماله فيما لا ينفع، بل عليه أن يحفظ ماله عن السفهاء{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ} [(5) سورة النساء] وهذا في المباحات ،يجب حفظه وتبليغه في المباحات فضلاً عن المحرمات، فإضاعة المال حرام، وإذا كانت فيأمورٍ محرمة زاد الأمر تحريماً
9- وجوب القيام بعبادة الله على الوجه المطلوب.
10- وجوب الابتعاد عن كل أصناف الشرك صغيره وكبيره.
11- تحريم التفرق ووجوب وحدة المسلمين على الحق.
12- وجوب مناصحة ولاة أمر المسلمين والتعاون معهم على الحق والبر.
13- تحريم القيل والقال. وهو الخوض في الباطل وإشاعة الفواحش ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة وكفى بالمرءِ كذباً أن يحدث بكل ما سمع.
14- تحريم سؤال المخلوقين إلا فيما يقدرون عليه في حال الضرورة والأفضل التوكل والصبر.
15- الاحتكام إلى ما جاء به الرسول في كل شأن وتجريد الطاعة والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم في صغير أمور الدين وكبيرها.
16- مجانبة كل بدعة ورأي ومعصية وبذلك لا بغيره يجتمع شمل المسلمين وتقوم وحدتهم المنشودة ويصدق عليهم جميعاً أنهم معتصمون بحبل الله وهذا الواقع هو الذي يريده الله وكلف بها الأمة الإسلامية لا الوحدات السياسية مع اختلاف العقائد والمشارب والاتجاهات فإن هذا اللون من التجميع لو تم – وهو بعيد – ينطبق عليه قول الله تعالى : {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى } (الحشر 14).
17- سؤال المخلوق بلا ضرورةٍ ثلاث مفاسد : إذا كان المسؤول حياً قادراً على تحقيق المطلوب بمنه
(1) مفسدة الافتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك.
(2) ومفسدة إيذاء المخلوق المسؤول وهي نوع ظلم الخلق.
(3) ومفسدة الذل لغير الله وهو ظلم للنفس.
18- المال نعمة من الله وفيه عون على طاعة الله والجهاد في سبيله وعلى مساعدة المستحقين منالمسلمين الفقراء والأقارب وغيرهم، فيجب أن يشكر المسلم ربه على هذه النعمة ويحافظ عليها من الضياع والإهمال ولا ينفق منه إلا في الطرق التي شرعها الله أو أباحها وليس له أن ينفق منه في سبيل الشيطان والمعاصي كما ليس له أن يهمل هذه النعمة ويعرضها للضياع. والله اعلم .صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه
(عزمي إبراهيم عزيز )