بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الناس بالنسبة لثمرة التوحيد ثلاث درجات
لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
ومن ذلك ما يجدونه من ثمرة التوحيد والإخلاص. والتوكل والدعاء لله وحده
فإن الناس في هذا الباب على ثلاث درجات:
" منهم " من علم ذلك سماعا واستدلالا.
" ومنهم " من شاهد وعاين ما يحصل لهم.
و " منهم " من وجد حقيقة الإخلاص والتوكل على الله الالتجاء إليه والاستعانة به، وقطع التعلق بما سواه وجرب من نفسه أنه إذا تعلق بالمخلوقين
ورجاهم وطمع فيهم أن يجلبوا له منفعة أو يدفعوا عنه مضرة فإنه يخذل من جهتهم؛ ولا يحصل مقصوده بل قد يبذل لهم من الخدمة والأموال
وغير ذلك ما يرجو أن ينفعوه وقت حاجته إليهم فلا ينفعونه: إما لعجزهم وإما لانصراف قلوبهم عنه
وإذا توجه إلى الله بصدق الافتقار إليه واستغاث به مخلصا له الدين؛ أجاب دعاءه؛ وأزال ضرره وفتح له أبواب الرحمة.
فمثل هذا قد ذاق من حقيقة التوكل والدعاء لله ما لم يذق غيره.
وكذلك من ذاق طعم إخلاص الدين لله وإرادة وجهه دون ما سواه؛ يجد من الأحوال والنتائج والفوائد ما لا يجده من لم يكن كذلك.
بل من اتبع هواه في مثل طلب الرئاسة والعلو؛ وتعلقه بالصور الجميلة أو جمعه للمال يجد في أثناء ذلك من الهموم والغموم والأحزان
والآلام وضيق الصدر ما لا يعبر عنه.
وربما لا يطاوعه قلبه على ترك الهوى ولا يحصل له ما يسره؛ بل هو في خوف وحزن دائما:
إن كان طالبا لما يهواه فهو قبل إدراكه حزين متألم حيث لم يحصل.
فإذا أدركه كان خائفا من زواله وفراقه.
وأولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ فإذا ذاق هذا أو غيره حلاوة الإخلاص لله. والعبادة له.
وحلاوة ذكره ومناجاته. وفهم كتابه. وأسلم وجهه لله وهو محسن بحيث يكون عمله صالحا.
ويكون لوجه الله خالصا؛ فإنه يجد من السرور واللذة والفرح ما هو أعظم مما يجده الداعي المتوكل
الذي نال بدعائه وتوكله ما ينفعه من الدنيا.
أو اندفع عنه ما يضره؛ فإن حلاوة ذلك هي بحسب ما حصل له من المنفعة أو اندفع عنه من المضرة
ولا أنفع للقلب من التوحيد وإخلاص الدين لله ولا أضر عليه من الإشراك.
فإذا وجد حقيقة الإخلاص التي هي حقيقة {إياك نعبد} مع حقيقة التوكل التي هي حقيقة {وإياك نستعين}
كان هذا فوق ما يجده كل أحد لم يجد مثل هذا. والله أعلم.
مجموع فتاوى ابن تيمية رحمه الله تعالى
( 10 / 650 - 652 )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الناس بالنسبة لثمرة التوحيد ثلاث درجات
لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
ومن ذلك ما يجدونه من ثمرة التوحيد والإخلاص. والتوكل والدعاء لله وحده
فإن الناس في هذا الباب على ثلاث درجات:
" منهم " من علم ذلك سماعا واستدلالا.
" ومنهم " من شاهد وعاين ما يحصل لهم.
و " منهم " من وجد حقيقة الإخلاص والتوكل على الله الالتجاء إليه والاستعانة به، وقطع التعلق بما سواه وجرب من نفسه أنه إذا تعلق بالمخلوقين
ورجاهم وطمع فيهم أن يجلبوا له منفعة أو يدفعوا عنه مضرة فإنه يخذل من جهتهم؛ ولا يحصل مقصوده بل قد يبذل لهم من الخدمة والأموال
وغير ذلك ما يرجو أن ينفعوه وقت حاجته إليهم فلا ينفعونه: إما لعجزهم وإما لانصراف قلوبهم عنه
وإذا توجه إلى الله بصدق الافتقار إليه واستغاث به مخلصا له الدين؛ أجاب دعاءه؛ وأزال ضرره وفتح له أبواب الرحمة.
فمثل هذا قد ذاق من حقيقة التوكل والدعاء لله ما لم يذق غيره.
وكذلك من ذاق طعم إخلاص الدين لله وإرادة وجهه دون ما سواه؛ يجد من الأحوال والنتائج والفوائد ما لا يجده من لم يكن كذلك.
بل من اتبع هواه في مثل طلب الرئاسة والعلو؛ وتعلقه بالصور الجميلة أو جمعه للمال يجد في أثناء ذلك من الهموم والغموم والأحزان
والآلام وضيق الصدر ما لا يعبر عنه.
وربما لا يطاوعه قلبه على ترك الهوى ولا يحصل له ما يسره؛ بل هو في خوف وحزن دائما:
إن كان طالبا لما يهواه فهو قبل إدراكه حزين متألم حيث لم يحصل.
فإذا أدركه كان خائفا من زواله وفراقه.
وأولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ فإذا ذاق هذا أو غيره حلاوة الإخلاص لله. والعبادة له.
وحلاوة ذكره ومناجاته. وفهم كتابه. وأسلم وجهه لله وهو محسن بحيث يكون عمله صالحا.
ويكون لوجه الله خالصا؛ فإنه يجد من السرور واللذة والفرح ما هو أعظم مما يجده الداعي المتوكل
الذي نال بدعائه وتوكله ما ينفعه من الدنيا.
أو اندفع عنه ما يضره؛ فإن حلاوة ذلك هي بحسب ما حصل له من المنفعة أو اندفع عنه من المضرة
ولا أنفع للقلب من التوحيد وإخلاص الدين لله ولا أضر عليه من الإشراك.
فإذا وجد حقيقة الإخلاص التي هي حقيقة {إياك نعبد} مع حقيقة التوكل التي هي حقيقة {وإياك نستعين}
كان هذا فوق ما يجده كل أحد لم يجد مثل هذا. والله أعلم.
مجموع فتاوى ابن تيمية رحمه الله تعالى
( 10 / 650 - 652 )