قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة - الحديث رقم (22): (توسلوا بجاهي ، فإن جاهي عند الله عظيم) (لا أصل له):
مما لا شك فيه أن جاهه صلى الله عليه وسلم ومقامه عند الله عظيم ، فقد وصف الله تعالى موسى بقوله: (وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً) [الأحزاب: 69] ، ومن المعلوم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل من موسى ، فهو بلا شك أوجه منه عند ربه سبحانه وتعالى ، ولكن هذا شيء ، والتوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم شيء آخر ، فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم ، إذ إن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه ، وهذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل ، إذ إنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها ، فلا بد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة ، وهذا مما لا سبيل إليه البتة ، فإن الأحاديث الواردة في التوسل به صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى قسمين : صحيح ، وضعيف .
أما الصحيح ، فلا دليل فيه البتة على المدعى ، مثل توسلهم به صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء ، وتوسل الأعمى به صلى الله عليه وسلم فإنه توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ، لا بجاهه ولا بذاته صلى الله عليه وسلم ، ولما كان التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن ، كان بالتالي التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير ممكن ، وغير جائز .
ومما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر ، توسلوا بعمه صلى الله عليه وسلم العباس ، ولم يتوسلوا به صلى الله عليه وسلم ، وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع ، وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ولذلك توسلوا بعده صلى الله عليه وسلم بدعاء عمه ، لأنه ممكن ومشروع ، وكذلك لم ينقل أن أحداً من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى ، وذلك لأن السر ليس في قول الأعمى : (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة....) ، وإنما السر الأكبر في دعائه صلى الله عليه وسلم له كما يقتضيه وعده صلى الله عليه وسلم إياه بالدعاء له ، ويشعر به قوله في دعائه : (اللهم فشفعه في) ، أي : أقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم ، أي : دعاءه في ، (وشفعني فيه) ، أي : اقبل شفاعتي ، أي : دعائي في قبول دعائه صلى الله عليه وسلم في .
فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء ، كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز ، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع ، ولهذا أنكره الإمام أبوحنيفة ، فقال : (أكره أن يسأل الله إلا بالله) كما في "الدر المختار" ، وغيره من كتب الحنفية .
وأما قول الكوثري في " مقالاته " : (وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكورة في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح) .
فمن مبالغاته ، بل مغالطاته ، فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال : نبأنا علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول : (إني لأتبرك بأني حنيفة ، وأجيء إلى قبره في كل يوم – يعني زائراً – فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين ، وجئت إلى قبره ، وسألت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عني حتى تقتضى) ، فهذه رواية ضعيفة ، بل باطلة.
وقد ذكر شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم" معنى هذه الرواية ، ثم أثبت بطلانه فقال : (هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل فإن الشافعي لما قدم ببغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة بل ولم يكن هذا على عهد االشافعي معروفا وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عند قبر أبي حنيفة ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن ابن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور الصالحين خشية الفتنة بها وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف).
وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل ، فهي أحاديث ضعيفة و تدل بظاهرها على التوسل المبتدع ، فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها ، والتنبيه عليها فمنها: (الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها،بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين) حديث ضعيف .
ومن الأحاديث الضعيفة في التوسل ، الحديث الآتي :(مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ) حديث ضعيف.
ومن الأحاديث الضعيفة ، بل الموضوعة في التوسل : (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) موضوع. انتهى كلام العلامة الالباني من سلسلة الأحاديث الضعيفة الحديث رقم 22.
الرابط
مما لا شك فيه أن جاهه صلى الله عليه وسلم ومقامه عند الله عظيم ، فقد وصف الله تعالى موسى بقوله: (وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً) [الأحزاب: 69] ، ومن المعلوم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل من موسى ، فهو بلا شك أوجه منه عند ربه سبحانه وتعالى ، ولكن هذا شيء ، والتوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم شيء آخر ، فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم ، إذ إن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه ، وهذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل ، إذ إنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها ، فلا بد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة ، وهذا مما لا سبيل إليه البتة ، فإن الأحاديث الواردة في التوسل به صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى قسمين : صحيح ، وضعيف .
أما الصحيح ، فلا دليل فيه البتة على المدعى ، مثل توسلهم به صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء ، وتوسل الأعمى به صلى الله عليه وسلم فإنه توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ، لا بجاهه ولا بذاته صلى الله عليه وسلم ، ولما كان التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن ، كان بالتالي التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير ممكن ، وغير جائز .
ومما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر ، توسلوا بعمه صلى الله عليه وسلم العباس ، ولم يتوسلوا به صلى الله عليه وسلم ، وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع ، وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم ولذلك توسلوا بعده صلى الله عليه وسلم بدعاء عمه ، لأنه ممكن ومشروع ، وكذلك لم ينقل أن أحداً من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى ، وذلك لأن السر ليس في قول الأعمى : (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة....) ، وإنما السر الأكبر في دعائه صلى الله عليه وسلم له كما يقتضيه وعده صلى الله عليه وسلم إياه بالدعاء له ، ويشعر به قوله في دعائه : (اللهم فشفعه في) ، أي : أقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم ، أي : دعاءه في ، (وشفعني فيه) ، أي : اقبل شفاعتي ، أي : دعائي في قبول دعائه صلى الله عليه وسلم في .
فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء ، كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز ، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع ، ولهذا أنكره الإمام أبوحنيفة ، فقال : (أكره أن يسأل الله إلا بالله) كما في "الدر المختار" ، وغيره من كتب الحنفية .
وأما قول الكوثري في " مقالاته " : (وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكورة في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح) .
فمن مبالغاته ، بل مغالطاته ، فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال : نبأنا علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول : (إني لأتبرك بأني حنيفة ، وأجيء إلى قبره في كل يوم – يعني زائراً – فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين ، وجئت إلى قبره ، وسألت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عني حتى تقتضى) ، فهذه رواية ضعيفة ، بل باطلة.
وقد ذكر شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم" معنى هذه الرواية ، ثم أثبت بطلانه فقال : (هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل فإن الشافعي لما قدم ببغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة بل ولم يكن هذا على عهد االشافعي معروفا وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عند قبر أبي حنيفة ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن ابن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور الصالحين خشية الفتنة بها وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف).
وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل ، فهي أحاديث ضعيفة و تدل بظاهرها على التوسل المبتدع ، فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها ، والتنبيه عليها فمنها: (الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها،بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين) حديث ضعيف .
ومن الأحاديث الضعيفة في التوسل ، الحديث الآتي :(مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ) حديث ضعيف.
ومن الأحاديث الضعيفة ، بل الموضوعة في التوسل : (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) موضوع. انتهى كلام العلامة الالباني من سلسلة الأحاديث الضعيفة الحديث رقم 22.
الرابط