فوائدُ عقدية و تأصيلاتٌ سلفيةٌ منتقاةٌ منْ شرحِ الشيخِ بنِ عثيمين للعقيدةِ الواسطيةِ
الحمدُ لله ربِّ العالمين و صلّى اللهُ على نبينا الأمينِ و على آله و صحبِه أجمعين و منْ تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ.
و بعدُ، فإنَّ منْ أنفسِ ما أُلّف في العقيدةِ، العقيدةُ الواسطية لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله، قالَ الشيخ بن عثيمين رحمه الله : " فكتبَ هذهِ العقيدةَ التي تعدُّ زبدةً لعقيدةِ أهلِ السنةِ و الجماعة فيما يتعلقُ بالأمور التي خاضَ الناس فيها بالبدعِ و كثرَ الكلامُ فيها و القيلُ و القال ".
و إنّ منْ أنفسِ الشروح على هذا المتنِ الطيب، شرحُ فضيلةِ الشيخِ العلامة محمدُ بن صالحٍ العثيمين رحمه الله تعالى، فقدْ أفادَ و أجاد رحمه الله تعالى، و إنه قد أصَّلَ المسائلَ العقدية و قررَ مذهبَ السلفِ فيها و دحضَ شبه أهلِ الأهواءِ و بدعهم.
لذا ينبغي لطالبِ العلم الاعتناءُ بهذا الكتابِ الماتعِ النافع، فأحببتُ أن أنقلَ بعضًا منَ الفوائدِ التي تضمنها هذا الكتابُ بغيةَ الانتفاعِ بها، و حتىَ يعمَ النفعُ لإخواني، أسألُ الله التوفيقَ و السدادَ.
الإيمان بالله
الإيمانُ باللهِ يتضمنُ أربعةَ أمورٍ :
1 ـ الإيمانُ بوجودِه سبحانه و تعالى.
2 ـ الإيمانُ بربوبيتهِ، أي الانفراد بالربوبية.
3 ـ و الإيمانُ بانفرادِه بالإلوهية.
4 ـ و الإيمانُ بأسمائِه و صفاتِه.
و لا يتحققُ الإيمانُ إلا بذلك.
لكلِّ رسُولٍ كتابٌ
قالَ الله تعالى { لقدْ أرسلنَا رسُلنا بالبيناتِ و أنزلنا معهم الكتابَ و الميزانَ } ، و هذَا يدلُّ أن كلَّ رسولٍ معه كتابٌ، لكنْ لا نعرفُ كلَّ الكتبِ، بلْ نعرفُ منها صحفَ إبراهيمَ و موسى، و التوراةَ، و الإنجيلَ، و الزبور، و القرآن.
الإيمانُ بالقدرِ خيره و شره
أولًا : الشرُّ الذي وُصفَ به القدر هو الشرُّ بالنسبةِ لمقدور الله، أما تقديرُ الله، فكله خيرٌ، و الدليلُ قول النبي صلى الله عليه و سلم : "و الشرُّ ليسَ إليك ".
ثانيًا : أنَّ الشرَّ الذي في المقدورِ ليسَ شرًا محضًا، بل هذا الشرُّ قد ينتجُ عنه أمورٌ هي خير، فتكونُ الشرِّيةُ بالنسبةِ إليه أمرًا إضافيا.
صفاتُ اللهِ الفعليةِ
الصفاتُ الفعليةُ هي الصفاتُ المتعلقة بمشيئته، و هي نوعان :
1 ـ صفاتٌ لها سببٌ معلومٌ، مثلُ : الرضَى، فالله عز و جل إذا وجد سبب الرضى رضي، كما قال {و إن تشكروا يرضه لكم}.
2 ـ صفات ليس لها سبب معلوم، مثلُ : النزول إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث اليل الآخر.
التحريفُ
التحريفُ : هو التغييرُ، و يكونُ لفظيًا أو معنويًا.
و الغالبُ أن التحريفَ اللفظي لا يقعُ، فهو يقعُ منَ الجاهلِ، لكنَّ التحريفَ المعنويَّ هو الذي وقعَ فيه أهلُ البدعِ.
التعبيرُ بالتحريفِ أولَى منَ التعبيرِ بالتأويلِ
التعبيرُ بالتحريفِ أولَى من التعبيرِ بالتأويلِ في بابِ الأسماءِ و الصفاتِ، هذَا لأربعةِ وجوهٍ :
1 ـ أنهُ اللفظُ الذي جاءَ به القرآنُ، و التعبيرُ الذِّي عبرَ به القرآنُ أولى منْ غيرِه، لأنهُ أدلُّ على المعنَى، فإنّ اللهَ تعالى قال {يُحَرفُونَ الكلمَ عنْ مَواضِعِه}.
2 ـ أنه أدلُّ على الحالِ، و أقربُ إلى العدلِ، فليسَ منَ العدلِ أنْ نسمي التأويلَ بغير دليلٍ تأويلًا، بلْ حقُّه أن يسمى تحريفا.
3 ـ أنَّ التأويلَ بغيرِ دليلٍ باطلٌ، يجبُ البعدُ عنهُ و التنفيرُ منهُ، و لفظُ التحريفِ أبلغُ في التنفيرِ إذْ لا يقبله أحدٌ، و استعماله أليقُ في حقِّ المخالفينَ للسلفِ، كما أنَ لفظَ التأويلِ ألينُ و يحتاجُ إلى تفصيلٍ.
4 ـ التأويلُ ليس مذمومًا كلَّه، قالَ اللهُ تعالى {و مَا يعلمُ تأويلهُ إلا اللهُ و الراسخونَ في العلمِ} فامتدحهُم اللهُ بأنهمْ يعلمونَ التأويلَ، و قالَ صلى الله عليه و سلم "اللهمَّ فقههُ في الدين، و علمهُ التأويلَ".
التعطيلُ
التعطيلُ لغةً : التخليةُ و التركُ.
اصطلاحًا : إنكارُ ما أثبتهُ الله لنفسِه منَ الأسماءِ و الصفاتِ، سواءٌ كانَ كليًّا أو جزئيا.
الفرقُ بينَ التحريفِ و التعطيلِ
1 ـ التحريفُ يكونُ في الدليلِ، مثلا يقولُ رجلٌ في قولِ الله تعالى {بلْ يداهُ مبسوطتانِ}
"بلْ قوتاهُ"،فهذا محرفٌ للدليلِ و معطلٌ للمعنى الصحيحِ.
"بلْ قوتاهُ"،فهذا محرفٌ للدليلِ و معطلٌ للمعنى الصحيحِ.
2 ـ التعطيلُ يكون في المدلولِ، مثلا يقولُ رجل في قولِ الله تعالى {بلْ يداهُ مبسوطتانِ} لا أثبتُ اليدَ الحقيقيةَ و لا اليدَ المحرفِ إليها اللفظُ أفوضُ الأمرَ للهِ، فهذا معطلٌ و ليس بمحرفٍ.
و منْ هنا نعلمُ أنَّ كل محرفٍ معطلٌ و ليس كل معطلٍ محرف.
التكييفُ
التكييفُ هو : أنْ تذكرَ صفةَ الكيفيةِ منْ غيرِ تقييدِهَا بمماثِلٍ، و يُسألُ عنه بكيفَ.
التمثيلُ
التمثيلُ هو : ذكرُ الشيءِ بمماثلٍ.
الفرقُ بينَ التكييفِ و التمثيلِ
الفرقُ بينَ الكييفِ و التمثيلِ :
1 ـ التمثيلُ هو ذكرُ الصفةِ مقيدةً بمماثلٍ، و التكييفُ هو ذكر الصفةِ غيرَ مقيدةٍ بماثل، فالتكييفُ أعم، إذ كلُّ ممثلٍ مكيفٌ و لا عكسَ.
2 ـ التكييفُ لا يكونُ إلا في الصفةِ و الهيئةِ، و التمثيلُ يكون فيهما و يكونُ في العددِ كقوله تعالى {اللهُ الذِّي خلقَ سبعَ سمواتٍ و منَ الأرضِ مثلهنَّ}، فالتمثيلُ هنا أعم.
فيتضحُ لنا أنَّ بينهما عمومٌ و خصوصٌ وجهي.
أهل السنة لا يكيفون الصفات
أهل السنة و الجماعة لا يكيفون صفات الله تعالى لأدلة سمعية و عقلية :
1 ـ الأدلة السمعية : مثل قوله تعالى {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الإثم و البغي بغير الحق و أن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا و أن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، وقال { و لا يحيطون به علما}.
2 ـ الأدلة العقلية : كيفية الشيئ لا تدرك إلا بإحدى أمور ثلاثة :
أ ـ مشاهدته.
ب ـ مشاهدة نظيره.
جـ ـ خبر الصادق عنه.
أهلُ السنةِ لا يمثلونَ الصفاتِ
أهلُ السنةِ يثبتونَ صفاتِ اللهِ تعالى منْ غيرِ تمثيلٍ، و هذَا لأدلةٍ سمعيةٍ و عقلية و فطرية.
1 ـ السمعيةُ : و هي قسمانِ :
أ ـ خبريةٌ : كقولِ الله تعالى {ليس كمثله شيء}، و قال {هل تعلم له سميا}.
ب ـ طلبيةٌ : كقوله تعالى {فلا تجعلوا للهِ أندادًا}، و قال {فلا تضربُوا للهِ الأمثالَ}.
2 ـ العقليةُ :
أ ـ لا يمكنُ التماثلُ بينَ الخالقِ و المخلوق، و لو لم يكنْ بينهما منَ التباين إلا أصلُ الوجودِ لكانَ كافيًا، فوجودُ الله أزليٌّ أبدي، و وجودِ المخلوق سُبقَ بعدمٍ و يلحقه فناء.
ب ـ التباينُ العظيمُ بين صفاتِ الخالقِ و المخلوقِ، فمثلا اللهُ تعالى يسمعُ كل صوتٍ مهما خفي، و المخلوقُ لا يقدرُ على هذا.
ج ـ الله تعالى مباينٌ للخلقِ بذاتِه، فصفاتُه تابعةٌ لذاتِه، فيكونُ مباينا للخلقِ بصفاته أيضا.
د ـ تتفقُ بعضُ المخلوقاتِ في الأسماءِ و تختلفُ في المسمياتِ،و هذا يكونُ في المخلوقاتِ من الجنسِ الواحدِ فيكونُ سمعُ واحد منهم أقوى من سمعِ الآخر، و يكونُ هذا في المخلوقاتِ المختلفة الأجناسِ من بابِ أولى فيَدُ الجمل ليست كيدِ الإنسان، فإذا جازَ هذا التفاوتُ في حق المخلوقاتِ فمن بابِ أولى في حق الخالقِ عز و جل.
3 ـ الفطرةُ : فالإنسانُ بفطرتِه يعرفُ الفرقَ بين الخالقِ و المخلوق، و لولا هذه الفطرةُ ما ذهبَ يدعوا الخالق.
التعبيرُ بالتمثيلِ أولى منَ التعبيرِ بالتشبيهِ
التعبيرُ بالتمثيلِ أولى لأمور :
1 ـ أنَّ القرآنَ عبرَ به قالَ تعالى {ليسَ كمثلهِ شيءٌ}، و ما عبرَ به القرآنُ أولى منْ غيره.
2 ـ بعضُ الناسِ يصفُ أهلَ السنة مشبهةٌ لأنهم يثبتونَ الصفاتِ، و هناك من لا يفهمُ من التشبيهِ إلا الإثباتُ، فإنْ قلتَ من غير تشبيهٍ فهم منْ غير إثباتٍ.
3 ـ أنَّ نفي التشبيهِ على الإطلاقِ غير صحيحٍ، فما من شيءٍ من الأعيانِ أو الصفات إلا و بينهما اشتراكٌ في بعضِ الوجوه، و هذا الاشتراكُ نوعُ تشابهٍ، فلو نفيتَ التشبيه على الإطلاق لكنتَ نفيتَ كل ما يشتركُ فيه الخالقُ و المخلوقُ.
مثاله : الوجودُ يشتركُ في أصله الخالقُ و المخلوقُ، و هذا الاشتراكُ نوعُ تشابهٍ، لكن هناكَ فرقٌ بينَ الوجودَين، فوجودُ الله واجبٌ و وجودُ المخلوقِ ممكنٌ.
الإلحادُ في أسماءِ الله تعالى
الإلحادُ في أسماءِ الله تعالى هو الميلُ فيها عمّا يجبُ، و هو أنواعٌ :
1 ـ أن يسمي الله بما لم يسمّ به نفسه.
2 ـ أن ينكرَ شيئا من أسمائه.
3 ـ أن ينكرَ ما دلتْ عليه منَ الصفات.
3 ـ أن ينكرَ ما دلتْ عليه منَ الصفات.
4 ـ أن يثبتَ الأسماءَ لله و الصفاتِ، لكن يجعلها دالةً على التمثيلِ.
5 ـأن ينقلها إلى المعبوداتِ الباطلةِ، أو يشتقَ أسماءَ منها لهذه المعبوداتِ.
أوصافٌ إذا اجتمعتْ في الخبرِ وجب قبوله
يجبُ قبولُ ما دل عليه الخبرُ إذا اجتمعت فيه أوصافٌ أربعة :
1 ـ أن يكونَ صادرًا عن علم.
2 ـ الصدقُ.
3 ـ البيانُ و الفصاحة.
4 ـ سلامةُ القصدِ و الإرادة.
تعليق