«التَّوحيدَيْن اللَّذَيْن عليهما مدار كتاب اللّه تعالىٰ»
قالَ الإمام ابن قيِّم الجوزيَّة (ت: 751هـ) -رَحِمَهُ اللَّـهُ تَعَالَىٰ-: "«فَصْلٌ»: وملاك السَّعادة والنَّجاة
والفوز بتحقيق التَّوحيدَيْن اللَّذَيْن عليهما مدار كتاب اللَّـه تعالىٰ، وبتحقيقهما بعث اللَّـه سُبحانه وتعالى رسُوله صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وإليهما دعت الرُّسلُ صلوات اللَّه وسَلامه عليهم من أوَّلهم إلىٰ آخرهم.
• أحدهما: التَّوحيد العلمي الخبري الاعتقادي، المتضمن إثبات صفات الكمال للَّه تعالىٰ،
وتنزيهه فيها عن التَّشبيه والتَّمثيل، وتنزيهه عن صفات النَّقص.
• والتَّوحيد الثَّاني: عبادته وحده لا شريِك له وتجرِيد محبته والإخلاصِ له، وخوفه ورجاؤه والتَّوكل عليه
والرِّضىٰ به ربًّا وإلهًا ووليًّا، وأن لا يجعل له عدلاً في شيء من الأشياء.
وقد جمع سُبحانه وتعالىٰ هذينِ النَّوعين من التَّوحيد في سُورتَي الِإخلاص، وهما سُورة: ﴿قُلْ يَاْ أُيُّهَا الْكَاْفِرُون﴾،
المتضمنة للتَّوحيد العملي الإرادي، وسُورة: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، المتضمنة للتَّوحيد العلمي الخبري.
فسُورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ﴾ فيها بيان ما يجب للَّه تعالىٰ من صفات الكمال، وبيان ما يجب تنزيهه من النَّقائص والأمثال،
وسُورة ﴿قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُون﴾ فيها إيجاب عبادته وحده لا شريك له، والتَّبرىء من عبادة كل ما سواه.
ولا يتمّ أحد التَّوحيدَيْن إلَّا بالآخر، ولهذا كان النَّبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بهاتين السُّورتين في سُنَّةِ الفجر والمغرب والوتر،
اللتَيْنِ هُما فاتحة العمل وخاتمته ليكون مبدأ النَّهار توحيدًا وخاتمته توحيدًا.
فالتَّوحيد العلمي الخبري له ضدّان: التَّعطيل والتَّشبيه والتَّمثيل، فَمَنْ نَفَى صفاتِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَعَطَّلهَا
كذَّبَ تعْطِيْلهُ توْحِيدَهُ، ومن شَبَّهَهُ بخلقه وَمَثلهُ بِهِم كَذَّبَ تَشْبِيْهُهُ وتَمْثِيْلُهُ تَوْحِيْدَهُ.
والتَّوحيد الإرادي العملي له ضدّان: الإعراض عن محبته والإنابة إليه والتَّوكل عليه، والإشراك به في ذلك، واتِّخاذ أوليائه شُفعاء من دونه، وقد جمع سُبحانه وتَعَالَىٰ بين التَّوحيدين في غير موضع من القرآن.
فمنها: قوله تعالىٰ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿21﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّـهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿22﴾﴾.
ومنها: قوله تعالىٰ: ﴿اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَىٰ النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴿61﴾ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ ﴿62﴾ كَذَٰلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ يَجْحَدُونَ ﴿63﴾ اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿64﴾ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿65﴾﴾.
ومنها: قوله تعالىٰ: ﴿اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم
مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿4﴾ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ
مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴿5﴾ ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿6﴾﴾".اهـ.
(["اجتماع الجيوش الإسلاميَّة" / ص: (35،37)])
قالَ الإمام ابن قيِّم الجوزيَّة (ت: 751هـ) -رَحِمَهُ اللَّـهُ تَعَالَىٰ-: "«فَصْلٌ»: وملاك السَّعادة والنَّجاة
والفوز بتحقيق التَّوحيدَيْن اللَّذَيْن عليهما مدار كتاب اللَّـه تعالىٰ، وبتحقيقهما بعث اللَّـه سُبحانه وتعالى رسُوله صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وإليهما دعت الرُّسلُ صلوات اللَّه وسَلامه عليهم من أوَّلهم إلىٰ آخرهم.
• أحدهما: التَّوحيد العلمي الخبري الاعتقادي، المتضمن إثبات صفات الكمال للَّه تعالىٰ،
وتنزيهه فيها عن التَّشبيه والتَّمثيل، وتنزيهه عن صفات النَّقص.
• والتَّوحيد الثَّاني: عبادته وحده لا شريِك له وتجرِيد محبته والإخلاصِ له، وخوفه ورجاؤه والتَّوكل عليه
والرِّضىٰ به ربًّا وإلهًا ووليًّا، وأن لا يجعل له عدلاً في شيء من الأشياء.
وقد جمع سُبحانه وتعالىٰ هذينِ النَّوعين من التَّوحيد في سُورتَي الِإخلاص، وهما سُورة: ﴿قُلْ يَاْ أُيُّهَا الْكَاْفِرُون﴾،
المتضمنة للتَّوحيد العملي الإرادي، وسُورة: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، المتضمنة للتَّوحيد العلمي الخبري.
فسُورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ﴾ فيها بيان ما يجب للَّه تعالىٰ من صفات الكمال، وبيان ما يجب تنزيهه من النَّقائص والأمثال،
وسُورة ﴿قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُون﴾ فيها إيجاب عبادته وحده لا شريك له، والتَّبرىء من عبادة كل ما سواه.
ولا يتمّ أحد التَّوحيدَيْن إلَّا بالآخر، ولهذا كان النَّبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بهاتين السُّورتين في سُنَّةِ الفجر والمغرب والوتر،
اللتَيْنِ هُما فاتحة العمل وخاتمته ليكون مبدأ النَّهار توحيدًا وخاتمته توحيدًا.
فالتَّوحيد العلمي الخبري له ضدّان: التَّعطيل والتَّشبيه والتَّمثيل، فَمَنْ نَفَى صفاتِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَعَطَّلهَا
كذَّبَ تعْطِيْلهُ توْحِيدَهُ، ومن شَبَّهَهُ بخلقه وَمَثلهُ بِهِم كَذَّبَ تَشْبِيْهُهُ وتَمْثِيْلُهُ تَوْحِيْدَهُ.
والتَّوحيد الإرادي العملي له ضدّان: الإعراض عن محبته والإنابة إليه والتَّوكل عليه، والإشراك به في ذلك، واتِّخاذ أوليائه شُفعاء من دونه، وقد جمع سُبحانه وتَعَالَىٰ بين التَّوحيدين في غير موضع من القرآن.
فمنها: قوله تعالىٰ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿21﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّـهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿22﴾﴾.
ومنها: قوله تعالىٰ: ﴿اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَىٰ النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴿61﴾ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ ﴿62﴾ كَذَٰلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ يَجْحَدُونَ ﴿63﴾ اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿64﴾ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿65﴾﴾.
ومنها: قوله تعالىٰ: ﴿اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم
مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿4﴾ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ
مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴿5﴾ ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿6﴾﴾".اهـ.
(["اجتماع الجيوش الإسلاميَّة" / ص: (35،37)])