من نطق بكلمة الكفر عن جهل وهو لا يدري .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه كشف الشبهات :
فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل
وقد يقولها وهو يظن أنها تقربه إلى الله تعالى كما كان يظن المشركون
خصوصاً إن ألهمك الله ما قص عن قوم موسى مع صلاحهم وعلمهم أنهم أتوه قائلين :
{ اجعل لنا إلهاً كما لهم ءالهة } .
فحينئذ يعظم حرصك وخوفك على ما يخلصك من هذا وأمثاله .
ثم بين رحمه الله ذلك فقال :
ولكن هذه القصة تفيد أن المسلم ـ بل العالم ـ قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري بها
فتفيد التعلم والتحرز ومعرفة أن قول الجهال :
التوحيد فهمناه أن هذا من أكبر الجهل ومكايد الشيطان
وتفيد أيضاً أن المسلم المجتهد إذا تكلم بكلام كفر وهو لايدري فنبه إلى ذلك وتاب من ساعته فإنه لا يكفر
كما فعل بنو إسرائيل [ { اجعل لنا إلهاً كما لهم ءالهة } ] والذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم [ " اجعل لنا ذات أنواط "
فحلف النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا مثل قول بني إسرائيل لموسى : { اجعل لنا إلهاً } ] .
وتفيد أيضاً أن لو لم يكفر فإنه يغلظ عليه الكلام تغليظاً شديداً كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ الفوزان حفظه الله وبارك فيه وفي علمه في شرحه :
أن من نطق بكلمة الكفرعن جهل وهو لا يدري ثم نبه وتاب من ساعته فإنه لا يكفر بدليل قصة بني إسرائيل مع موسى عليه السلام
وبعض الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم فهو لا يكفر بذلك ولكن بشرطين :
الشرط الأول : أن يكون قال هذا الكلام عن جهل ولم يتعمد .
الشرط الثاني : أن يتوب من ساعته ويترك هذا الشيء إذا تبين له أنه كفر .
فهذا لا يضره الكلام الذي قاله وهذا جواب عن شبهتهم التي سبقت وهي أنهم يقولون :
إن بني إسرائيل لم يكفروا وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يكفروا بهذه الكلمة .
نقول لهم : إنهم لم يكفروا لأنهم قالوها عن جهل ونُبِّهوا وتركوها وتابوا إلى الله عز وجل
أما أنتم فتنبهون بالليل والنهار وتصرون على دعاء القبور والصالحين ولا تصغون أسماعكم لما يقال لكم تكبراً وعناداً .
وتفيد هذه القصة أن من لم يكفر بكلمة الكفر إذا قالها جهلاً فإنه لا يتساهل معه بل يغلظ عليه في الإنكار
كما غلظ موسى عليه الصلاة والسلام على قومه وكما غلظ محمد صلى الله عليه وسلم على أصحابه الذين قالوا هذه المقالة
من باب الزجر والتحذير لاجتناب ذلك والحذر منه . ص111
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
وتدل هذه القصة على أن المسلم إذا قال ما يقتضي الكفر جاهلاً بذلك ثم نبه فانتبه وتاب في الحال فإن ذلك لا يضره
لأنه معذور بجهله ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها أما لو استمر على ما علمه من الكفر فإنه يحكم بما يقتضيه حاله . 78