الحمد عند أهل السنة والمعتزلة
و"المعتزلة" لا يقرون بأنه جعل الحامد حامدا، والمصلي مصليا والمسلم مسلما، بل يثبتون وجود الأعمال الصالحة من العبد لا من الله فلا يستحق الحمد على تلك الأعمال على أصلهم، إذ كان ما أعطاهم من القدرة والتمكين وإزاحة العلل قد أعطى الكفار مثله، لكن المؤمنون استقلوا بفعل الحسنات كالأب الذي يعطي ابنه مالا، فهذا ينفقه فيس الطاعة وهذا ينفقه في المعصية.
فهو عندهم لا يمدح على إنفاق على هذا الابن كما لا يذم على إنفاق الآخر.
وأما "أهل السنة" فيقولون كما أخبر الله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} (الحجرات: 7) .
وقال أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (لأعراف: من الآية43).
وقال الخليل: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ} (ابراهيم: من الآية40) . وقال هو وابنه إسماعيل: { وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} (البقرة: من الآية12).
ويحمدون الله – حمد النعمة وحمد العبادة – كما قد بسط هذا في الكلام في الشكر.
وهو سبحانه جعل من شاء من عباده محمودا، ومحمدا سيد المحمودين، ومحمد تكون صفته المحمودة أكثر وأحمد يكون أحمد من غيره. فهذا أفضل وذاك أكثر، وهو سبحانه جعل محمدا وأحمد، فهو المحمود على ذلك.
وحمد أهل السماوات والأرض جزء من حمده، فإن حمد المصنوع حمد صانعه، كما أن كل ملك هو جزء من ملكه فله الملك وله الحمد.
********************************
"قاعدة حسنة في الباقيات الصالحات" لشيخ الإسلام ابن تيمية