بسم الله الرّحمن الرّحيم
عقيدة المهدي
عقيدة المهدي
1529- " لتملأن الأرض جورا و ظلما ، فإذا ملئت جورا و ظلما ، بعث الله رجلا مني ،
اسمه اسمي ، فيملؤها قسطا و عدلا ، كما ملئت جورا و ظلما " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة "( 4 / 38) أخرجه البزار ( ص 236 - 237 - زوائد ابن حجر ) و ابن عدي في " الكامل " ( 129 /1 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 165 ) عن داود بن المحبر.....
( بعد ذكر تخريج الحديث و ذكر من صححه من أهل العلم ) قال رحمه الله :
" بعد هذا كله أليس من العجيب حقا قول الشيخ الغزالي في " مشكلاته " التي صدرت عنه حديثا ( ص 139 ) : " من محفوظاتي و أنا طالب أنه لم يرد في المهدي حديث صريح ، و ما ورد صريحا فليس بصحيح " ! *
فمن هم الذين لقنوك هذا النفي و حفظوك إياه و أنت طالب ؟ أليسوا هم علماء الكلام الذين لا علم عندهم بالحديث ، ورجاله ، و إلا فكيف يتفق ذلك مع شهادة علماء الحديث بإثبات ما نفوه ؟ ! أليس في ذلك ما يحملك على أن تعيد النظر فيما حفظته طالبا ، لاسيما فيما يتعلق بالسنة والحديث تصحيحا و تضعيفا ، و ما بني على ذلك من الأحكام و الآراء ، ذلك خير من أن تشكك المسلمين في الأحاديث التي صححها العلماء لمجرد كونك لقنته طالبا ، ومن غير أهل الاختصاص و العلم ؟ !
و اعلم يا أخي المسلم أن كثير من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع ، فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي !
و هذه خرافة و ضلالة ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة ، و بخاصة الصوفية منهم ، و ليس في شيء من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقا ، بل هي كلها لا تخرج عن أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين برجل من أهل بيته ، و وصفه بصفات بارزة أهمها أنه يحكم بالإسلام و ينشر العدل بين الأنام ، فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم و العمل به لتجديد الدين ، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه و ترك الاستعداد و العمل لإقامة حكم الله في الأرض ، بل على العكس هو الصواب ، فإن المهدي لن يكون أعظم سعيا من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ظل ثلاثة و عشرين عاما و هو يعمل لتوطيد دعائم الإسلام ، و إقامة دولته فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم فوجد المسلمين شيعا و أحزابا ، و علماءهم - إلا القليل منهم - اتخذهم الناس رؤسا ! لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم و يجمعهم في صف واحد ، و تحت راية واحدة ، و هذا بلا شك يحتاج إلى زمن مديد الله أعلم به ، فالشرع و العقل معا يقتضيان أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلمين ، حتى إذا خرج المهدي ، لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم إلى النصر ، و إن لم يخرج فقد قاموا هم بواجبهم ، و الله يقول : *( و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله )* .
و منهم - و فيهم بعض الخاصة - من علم أن ما حكيناه عن العامة أنه خرافة و لكنه توهم أنها لازمة لعقيدة خروج المهدي ، فبادر إلى إنكارها ، على حد قول من قال :" و داوني بالتي كانت هي دواء " ! و ما مثلهم إلا كمثل المعتزلة الذين أنكروا القدر لما رأوا أن طائفة من المسلمين استلزموا منه الجبر !! فهم بذلك أبطلوا ما يجب اعتقاده ، و ما استطاعوا أن يقضوا على الجبر ! و طائفة منهم رأوا أن عقيدة المهدي قد استغلت عبر التاريخ الإسلامي استغلالا سيئا ، فادعاها كثير من المغرضين ، أو المهبولين ، و جرت من جراء ذلك فتن مظلمة ، كان من آخرها فتنة مهدي ( جهيمان ) السعودي في الحرم المكي ، فرأوا أن قطع دابر هذه الفتن ، إنما يكون بإنكار هذه العقيدة الصحيحة ! و إلى ذلك يشير الشيخ الغزالي عقب كلامه السابق ! و ما مثل هؤلاء إلا كمثل من ينكر عقيدة نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان التي تواتر ذكرها في الأحاديث الصحيحة ، لأن بعض الدجاجلة ادعاها ، مثل ميرزا غلام أحمد القادياني ، و قد أنكرها بعضهم فعلا صراحة ، كالشيخ شلتوت ، و أكاد أقطع أن كل من أنكر عقيدة المهدي ينكرها أيضا ، و بعضهم يظهر ذلك من فلتات لسانه ، و إن كان لا يبين . و ما مثل هؤلاء المنكرين جميعا عندي إلا كما لو أنكر رجل ألوهية الله عز وجل بدعوى أنه ادعاها بعض الفراعنة ! ( فهل من مدكر) " .انتهى
تعليق