درجات علماء السوء
الدرجة الأولى:
إذا دخلوا على الملوك الظلمة والفسقة وأهل الجور يُصدقهم بكذبهم, يقول هذا الحاكم الجائر الباطل ينصح طال عمرك، صحيح طول الله عمرك، أطال الله بقاءك، هو كما تقولون وهو ليس كذلك، هذا خلاف المنقول والمعقول، فهذا مجرم زين لمجرم، ولا يجوز له ذلك بل هو أشدُ قبحًا في هذا الإجرام من الحاكم؛ لأن الحاكم ربما جهل هذه الأشياء لكن إذا كان العالم يُزين له الكذب ويصدقه بكذبه أويعينه على باطله أوربما يُحسن له بعض أفعاله القبيحة لأجل أن ينال الحظوة عنده فهذا هو عالم السوء نعوذ بالله من ذلك، فهذا أقبح وأخبث ما يكون أن يُصدقه بكذبه أو يعينه على ظلمه أو يبرر ويحسن له سوء فعله، هذا أقبح ما يكون من علماء السوء، يصدق المجرم، يصدق الظالم، يصدقه بكذبه، أو يعينه على ظلمه، أو يُحسن له فعله ويبرره، لمّ؟ ليرضى عنه، يقول هذا هو العالم، هذا هو الذي يفهم، ما هو هؤلاء متحجرين متشددين متذمتين متخلفين هؤلاء الذين يريدون يرجعون إلى الوراء ألف سنة لا، هذا هو العالم، فهذا هو عالمُ السوء.
·والدرجة الثانية في القبح وهي أخف من الأولى:
أن يسكت عن الإنكار يرى الباطل ويسكت فهذه أقل الأحوال فيها أن يقال محتجًا بعالم السوء هذا ، لو كان عملنا هذا غلطًا كان أنكرعلينا الشيخ فلان والعالم الفلاني فيكفي أنه يحتجُ بسكوته على إجرامه من باطله ، فهذا ومثله هذه الأحاديث منزلة عليهم ويدل عليه الحديث الآخر الصحيح الصريح((سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءٌ ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ)) لم يدخل عليهم طلبًا للسلامة ، أو دخل لكن نهاهم وأمرهم ، لم يعينهم علي ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم ((فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ)).
هذا الحديث صريح في كيف يكون عالم السوء وكيف يكون عالم الحق، فالشاهد أن علماء السوء وهم الذين يجتنون الدنيا بسنارة الدين، بثوب الدين، بمظهر الدين، بمظهر العلم يجتنون الدنيا بسكوتهم على باطل هؤلاء، هذا مُنكر عظيم وينبغي لصاحب العلم أن يتقي الله - جل وعلا - في نفسه، ويعلم أن هذا العلم له عليه حق وأعظم حق أن يهدي به الخلق إلى الحق، هذا أعظم ما يجب عليه ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُالرَّبَّانِيُّونَوَالأَحْبَارُعَنقَوْلِهِمُالإِثْمَوَأَكْلِهِمُالسُّحْتَ﴾فلابد العالم والحبر الرباني ينهى عن الباطل، أما أنه يُزين الباطل فهذه مصيبة عظيمة، وما يحمله على هذا إلا طلب الدنيا، فطلبه للرياسة أفسد دينه وأهلكه وأوبقه عياذًا بالله من ذلك. ونحن نرى هذا الآن فيما هو أقل من الدخول على الحُكَّام، في الرياسات، في المراكز العلمية والجمعيات الدعوية تُفسد الدين، فكيف بالدخول عل أرباب الدنيا؟ نسأل الله العافية والسلامة.
جزء من الدرس الرابع من شرح حديث ما ذئبان جائعان- للشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى-
موقع ميراث الأنبياء